خواطر حول كتاب الإلماع بجواز كتابة حديث رسول (ص) بالإجماع
ابتدأ الكاتب بذكر اختلاف الفقهاء في موضوع كتابة حديث النبى(ص) وبعد ذلك اتفقوا على كتابته حيث قال:
"اختلف السلف في جواز كتابة حديث رسول الله(ص)بعضهم أجازها، وبعضهم منعها.
ثم استقر الأمر وثبت الإجماع منهم على جوازها إجماعا قطعيا قد بني على أدلة ناصعة وثابتة على إباحة كتابته عنه(ص)."
ونقل الكاتب عن أئمة علم الحديث التالى :
"قال الإمام البخاري جبل الحفظ وإمام الدنيا في ثقة الحديث:
باب كتابة العلم، حدثنا ابن سلام، قال: أخبرنا وكيع، عن سفيان، عن مطرف، عن الشعبي، عن أبي جحيفة، قال: قلت لعلي: هل عندكم كتاب قال: لا إلا كتاب الله أو فهم أعطيه رجل مسلم أو ما في هذه الصحيفة.
قال: قلت: وما في هذه الصحيفة ؟ قال: العقل وفكاك الأسير، ولا يقتل مسلم بكافر.
حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين قال: حدثنا شيبان، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن خزاعة قتلوا رجلا من بني ليث عام فتح مكة بقتيل منهم قتلوه، فأخبر بذلك النبي(ص)، فركب راحلته، فخطب، فقال: إن الله حبس عن مكة القتل أو الفيل_شك أبو عبدالله_وسلط عليهم رسول الله(ص)والمؤمنون، ألا وإنها لم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي ألا وإنها أحلت لي ساعة من نهار، ألا وإنها ساعتي هذه حرام، لا يختلى شوكها، ولا يعضد شجرها، ولا تلتقط ساقطتها إلا لمنشد، فمن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يعقل، وإما أن يقاد أهل القتيل فجاء رجل من أهل اليمن، فقال: اكتب لي يا رسول الله، فقال: اكتبوا لأبي فلان، فقال رجل من قريش: إلا الأذخر"
حدثنا علي بن عبدالله، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا عمرو، قال: أخبرني وهب بن منبه، عن أخيه، قال: سمعت أبا هريرة يقول: ما من أصحاب رسول الله(ص)أحد أكثر حديثا عنه مني إلا ما كان من عبدالله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب، تابعه معمر، عن همام، عن أبي هريرة.
حدثنا يحيى بن سليمان، قال: حدثني ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبدالله، عن ابن عباس، قال: لما اشتد بالنبي(ص)وجعه قال: ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده قال عمر: إن النبي(ص)غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا.
فاختلفوا وكثر اللغط، قال: قوموا عني، ولا ينبغي عندي التنازع، فخرج ابن عباس، يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله(ص)وبين كتابه صحيح البخاري (1/36) كتاب العلم."
وككل ما استدل به البخارى من روايات هو روايات لا تصح لمعارضتها كتاب الله
الرواية الأولى الغلط فيها عدم قتل المسلم بالكافر وهو ما يخالف قوله سبحانه:
" وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس"
وقوله سبحانه أيضا:
" كتب عليكم القصاص في القتلى"
وكلها آيات لا ذكر للدين القاتل أو المقتول فيها والقصاص وهو قتل القاتل هو المأمور به
والرواية الثانية الغلط الثانى هو احلال مكة للرسول(ص) والله لم يحل مكة لأحد كما قال سبحانه :
"إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذى حرمها"
وقد بين الله أن السبب الوحيد لاحلال القتال فيها هو أن يستحل الفريق الأخر وهو الكفار القتال فيقتلوا من المسلمين وفى هذا قال سبحانه:
"ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم"
والنص أحل القتال لكل المسلمين وليس للنبى(ص) وحده
وأما الرواية الثالثة فالغلط فها القول" ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده" فهو قول يتهم الرسول(ص) إما بأنه لم يبلغ الرسالة كاملة والعياذ بالله وإما أنه كان يكذب على الناس طوال حياته الدعوية وأراد تصحيح الضلال الذى علمه لهم وبناء عليع فالقرآن وحتى كل الروايات الحالية حسب القول هى الضلال
ونقل الكاتب عن المعلمى اليمانى التالى:
"قال الإمام عبدالرحمن بن يحيى المعلمي اليماني:
في الأنوار الكاشفة ص63: وفي بعض روايات حديث أبي هريرة في شأن عبدالله بن عمرو استأذن رسول الله(ص)أن يكتب بيده ما سمع منه فأذن له رواه الإمام أحمد والبيهقي، قال في فتح الباري (1، 185): إسناده حسن، وله طرق أخرى. . .
وله شاهد من حديث عبدالله بن عمرو نفسه جاء من طرق/ راجع فتح الباري، والمستدرك (1: 104) ومسند أحمد شرح أحمد محمد شاكر ، الحديث 6510، وتعليقه، وقد اشتهرت صحيفة عبدالله بن عمرو التي كتبها عن النبي(ص)، وكان يغتبط بها، ويسميها الصادقة، وبقيت عند ولده يروون منها
ونص الحديث عند أحمد ما يلي: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبيد الله بن الأخنس، أخبرنا الوليد بن عبدالله، عن يوسف ابن ماهك، عن عبدالله بن عمرو، قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله(ص)ورسول الله(ص)بشر، يتكلم في الغضب والرضا فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول(ص)؟ فقال: اكتب فوا الذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حق
إسناده صحيح رجاله ثقات."
ومما لا شك فيه أن المسلمون كانوا يكتبون الوحى الإلهى خلف رسول الله حتى يقرئون في بيوتهم في قيام الليل في مكة والمدينة بعدها كما قال سبحانه:
"إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثى الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن"
واما الروايات فالرسول(ص) لم يطلب منهم كتابتها لأنها كما هى الآن هى مصدر خلاف واسع لن ينتهى هذا لو صدقنا أن من كتبها بالفعل مسلمون وليسوا كفار منافقين أتوا بعد قرون وألفوا ونسبوها وكتبوا عليها أسماء مسلمين كمؤلفين أو جامعين
ما قاله الله هو " وما ينطق عن الهوى " وهو ما يعنى كتابة الوحى الإلهى فقط حيث النطق هو وحى كما قال سبحانه:
" علمه شديد القوى "
وعند العودة للرواية الأولى نجد أن عبد الله بن عمرو لم يحدد المكتوب عن النبى(ص) هل وحى أم لا وإنما اكتفت الرواية بالقول " ما سمع منه" والرواية الثانية عن المعلمى لم تحدد المكتوب إلا بانه " ما خرج مني إلا حق"
وما دان المنطوق حق فهو وحة كما قال تعالى " وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى"
وأما كلام الرسول (ص)العادى فليس كله حق لأنه مثلا دافع عن المجرمين بالكلام حتى نهاه الله عن ذلك حيث قال :
"ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم"
وتناول الكاتب اجماع الفقهاء على إباحة كتابة الحديث المروى عن الرسول (ص) حيث قال :
"وأما الإجماع على جواز كتابة الحديث عن النبي(ص)فمنها ما يلي:
قال ابن الصلاح في علوم الحديث ص162: ثم زال ذلك الخلاف، وأجمع المسلمون على تسويغ ذلك، وإباحته، ولولا تدوينه في الكتب لدرس في الأعصر الآخرة.
وقال العلامة القاضي عياض في إكمال المعلم (8/553) رقم 3004 بعد ذكره للخلاف في ذلك: ثم وقع بعد الاتفاق على جوازه؛ لما جاء منه من إذنه لعبدالله بن عمرو في الكتاب.
وقال الحافظ في فتح الباري (1/204): الأمر استقر، والإجماع انعقد على جواز كتابة العلم، بل على استحبابه، بل لا يبعد وجوبه على من خشي النسيان ممن يتعين عليه تبليغ العلم.
وقال العلامة أحمد محمد شاكر في الباعث الحثيث ص 132، 133:
وقد حكي إجماع العلماء في الأعصار المتأخرة على تسويغ كتابة الحديث، وهذا أمر مستفيض، شائع ذائع من غير نكير. . . ثم ذكر الخلاف في أول الأمر بين السلف ثم قال: ثم جاء إجماع الأمة القطعي بعد قرينة قاطعة على أن الإذن هو الأمر الأخير، وهو إجماع ثابت بالتواتر العملي عن كل طوائف الأمة بعد الصدر الأول
وقال الإمام ابن القيم في تهذيب السنن (5/246) رقم 3499، 3500 في المسألة نفسها: وقع الاتفاق على جواز الكتابة، وإبقائها، ولولا الكتابة ما كان بأيدينا اليوم من السنة إلا أقل القليل اهـ.
إذا تقر هذا، فأعلم أنه ورد عن الرسول(ص)النهي عن كتابة شيء عنه غير القرآن، وذلك مثل ما أخرجه الإمام أحمد في المسند (رقم 11085، 11087، 11158، 11344، 11536)، والإمام مسلم في الصحيح (4/2298) رقم 3004، والدارمي في سننه (1/126) رقم 456، وابن حبان في صحيحه (1/265) رقم 64، والحاكم في المستدرك (1/127)، وابن عبد البر في جامع يبان العلم وفضله (1/77) رقم 306.
من طريق همام بن يحيى، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول(ص): لا تكتبوا عني شيئا غير القرآن، فمن كتب عني شيئا غير القرآن، فليمحه.
تابع هماما سفيان بن عيينة، قال: حدثنا زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، أنهم استأذنوا النبي(ص)في أن يكتبوا عنه ؟ فلم يأذن لهم.
رواه الدارمي (1/126) رقم 457، والترمذي (5/38) رقم 2665 هذا لفظ الدارمي، ولفظ الترمذي: استأذنا النبي(ص)في الكتابة، فلم يأذن لنا.
قال الترمذي: وقد روى هذا الحديث من غير هذا الوجه أيضا، عن زيد بن أسلم رواه همام عن زيد بن أسلم اهـ.
وعن زيد بن ثابت قال: إن رسول الله(ص)أمرنا أن لا نكتب شيئا من حديثه.
رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله ص77 رقم 307 وقد أجاب أهل العلم عن هذه الأدلة بنحو ما يلي:
الأول: قالوا: إن حديث أبي سعيد لم يصح مرفوعا.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (1/208): ومنهم من أعله، وقال: الصواب: وقفه على أبي سعيد، قاله البخاري وغيره.
وقال الحافظ المزي في تحفة الأشراف (3/408) رقم 4167: رواه أبو عوانة الإسفرائيني عن أبي داود السجستاني، عن هدبة بقصة الكتابة وقال أبو داود: وهو منكر، أخطأ فيه همام، هو من قول أبي سعيد الخدري مرفوعا: لا تكتبوا عني. . . الخ، والثاني زيد بن ثابت اهـ بتصرف.
الثاني: على فرض صحة هذه الأحاديث فقد أجاب عنها أهل العلم بأجوبة صحيحة، منها قول المعلمي في الأنوار الكاشفة ص36:
فهذه الأحاديث وغيرها. . . إن لم تدل على صحة قول البخاري وغيره: إن حديث أبي سعيد غير صحيح عن النبي(ص)، فإنها تقتضي بتأويله، وقد ذكر في فتح الباري أوجها للجمع، والأقرب ما يأتي:
قد ثبت في حديث زيد بن ثابت في جمعه القرآن: فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف، وفي بعض رواياته: ذكر القصب، وقطع الأديم. . وهذه كلها قطع صغيره، وقد كانت تنزل على النبي(ص)الآية والآيتان فكان بعض الصحابة يكتبون في تلك القطع، فتجتمع عند الواحد منهم عدة قطع في كل منها آية أو آيتان أو نحوهما، وكان هذا هو المتيسر لهم، فالغالب أنه لو كتب أحدهم حديثا لكتبه في قطعة من تلك القطع، فعسى أن يختلط عند بعضهم القطع المكتوب فيها الأحاديث بالقطع المكتوب فيها الآيات، فنهوا عن كتابة الحديث سدا للذريعة بتصرف يسير.
قلت: يعني المعلمي أن أحاديث النهي عن الكتابة منسوخة بالأحاديث المبيحة، وقد صرح بذلك غير واحد.
قال الإمام ابن القيم في تهذيب السنن (5/245) رقم 3497: قد صح عن النبي(ص)النهي عن الكتابة، والإذن فيها، والإذن متأخر فيكون ناسخا لحديث النهي؛ فإن النبي(ص)قال في غزاة الفتح: اكتبوا لأبي شاه يعني خطبته التي سأل أبو شاه كتابتها، وأذن لعبدالله بن عمرو في الكتابة، وحديثه متأخر عن النهي؛ لأنه لم يزل يكتب، ومات، وعنده كتابته، وهي الصحيفة التي كان يسميها الصادقة ولو كان النهي عن الكتابة متأخرا لمحاها عبدالله لأمر النبي(ص)بمحو ما كتب عنه غير القرآن، فلما لم يمحها، وأثبتها دل على أن الإذن في الكتابة متأخر عن النهي عنها، وهذا وضح والحمد لله.
وقد صح عن النبي (ص)أنه قال في مرض موته: ائتوني باللوح والدواة والكتف لأكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا وهذا إنما يكون كتابة كلامه بأمره وإذنه.
وكتب النبي(ص)لعمرو بن حزم كتابا فيه الديات وفرائض الزكاة وغيرها، وكتبه في الصدقات معروفة، مثل كتاب عمر بن الخطاب، وكتاب أبي بكر الصديق الذي دفعه إلى أنس
وقيل لعلي: هل خصكم رسول الله(ص)بشيء؟ فقال: لا، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لئلا يختلط القرآن بغيره، فلما علم القرآن وتميز وأفرد بالضبط والحفظ، وأمنت عليه مفسدة الاختلاط أذن في الكتابة
قلت: وهذا الجمع بين أدلة النهي عن الكتابة وبين الإذن بجوازها أولى وأقرب للصواب؛ لأنه لا يعدل عن الجمع إلا بعد تعذره، والجمع هنا أمكن بحمد الله كما ترى."
وما ذكره الكاتب عن وجود روايات تنهى عن الكتابة وروايات تبيح الكتابة يدل على أنه لا كتابة للروايات لأن الكتابة حسب ما عرفنا من اختلافات الرواة فرقت الأمة واحدثت الخلافات بينها وجعلتها شيع ومذاهب بحيث لا نكاد نجد مسألة واحدة لا خلاف فيها
ومن المحال أن ينطق الرسول(ص) كل هذه الأعداد الهائلة من الروايات في عمره فالرجل (ص) كما يقولون عاش بعد الدعوة 23 عاما فكيف ينطق ألوف مؤلفة من الروايات تتعدى المليون ؟