خواطر حول مقال تخريج حديث خضراء الدمن
الكاتب او بالأحرى المفتى المجيب هو سليمان بن ناصر العلوان والمقال عبارة عن سؤال عن صحة رواية من بطلانها وهو قول السائل حيث قال:
"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 0
وقفت على حديث يقول (إياكم وخضراء الدمن) فأريد من فضيلتكم بيان صحته "
وكانت الاجابة على السائل هى حيث قال المجيب :
"بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الكريم ... حفظه الله تعالى
هذا الخبر ليس له سند ثابت، وهو معدود عند أئمة الحديث من الأحاديث المنكرة، رواه الخطيب في تلخيص المتشابه (2/ 509) والقضاعي في مسند الشهاب (2/ 96) والرامهرمزي في أمثال الحديث (1/ 120) وغيرهم. من طريق محمد بن عمر المكي – المعروف بالواقدي - عن يحيى بن سعيد ابن دينار، عن أبي وجزة يزيد بن عبيد عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم وخضراء الدمن) فقيل وما ذاك يا رسول الله؟ قال: (المرأة الحسناء في منبت السوء) 0
وجاء الخبر من مسند عبد الملك بن محمد الأنصاري، ذكره ابن أبي حاتم رحمه الله تعالى في الجرح والتعديل (4/ 139) فقال: سليمان بن محمد التيمى روى عن عبد الملك بن محمد الأنصاري قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم (إياكم وخضراء الدمن) فذكره ولم يحكم عليه بشيء 0
ومحمد بن عمر - هو الواقدي -: وثقه جماعة، وضعفه الأكثرون وهو الصواب فلا يحتج بشيء من حديثه، قال عنه الإمام أحمد في رواية، كذاب، وقال يحيى بن معين ليس بشيء. الكامل لا بن عدي (6/ 241) 0
وقال مسلم: متروك الحديث، وقال الحاكم أبو أحمد: ذاهب الحديث، وقال أبو زرعة ترك الناس حديثه
وقال الدارقطني غريب من حديث أبي وجزة يزيد بن عبيد، عن عطاء، تفرد به الواقدي، عن يحيى بن سعيد بن دينار عنه. أطراف الغرائب والأفراد لابن طاهر (5/ 78)
ونقل الحافظ ابن حجر في التلخيص (3/ 145) عن ابن طاهر وابن الصلاح أنهما قالا: يعد في أفراد الواقدي، وقال الدارقطني: لا يصح من وجه 0
وقال ابن الملقن في خلاصة البدر المنير (2/ 179) رواه الواقدي من رواية أبي سعيد الخدري، وهو معدود من أفراده، وقد علم ضعفه 0
وذكره العراقي في المغني عن حمل الأسفار (1/ 387) وعزاه للدارقطني في الأفراد والرامهرمزي في الأمثال 0
قال الرامهرمزي: وقد جاء هذا مفسرا، ومعنى ذلك أن الريح تجمع الدمن وهي البعر - في المكان من الأرض، ثم يركبه الساقي فينبت ذلك المكان نبتا ناعما غضا فيروق بحسنه وغضارته، فتجيء الإبل إلى الموضع وقد أعيت فربما أكلته الإبل فتمرض، يقول لا تنكحوا المرأة لجمالها وهي خبيثة الأصل، لأن عرق السوء لا ينجب معه الولد، وقال الشاعر
وقد ينبت المرعى على دمن الثرى ... وتبقى حزازات النفوس كما هيا"
وإجابة المفتى هى على حسب أهل الحديث لا علاقة لها بالنص وإنما كل علاقتها برجال الإسناد وعلى حسب السابق فالرواية اسانيدها معلولة بها المجروحين
وأما معنى الرواية فهو :
النهى عن الزواج من امرأة تعيش في بيئة فاسدة وهو كلام يعارض كتاب الله فالمرأة الصالحة قد تتواجد في المجتمع الكافر مثل:
زوجة فرعون التى أسلمت
ملكة سبأ التى أسلمت
المهاجرات المؤمنات إلى الله ورسوله(ص) وفيهن قال سبحانه :
يا أيها النبى إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك فى معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم"
ومن ثم ليس شرطا أن تتواجد المرأة الفاسدة في بيئة فاسدة وليس شرطا أن تتواجد المرأة الصالحة في مجتمع صالح فقد تكون نساء فاسدات في مجتمع مسلم مثل المرتدات اللاتى تركن أزواجهن وعيالهن المؤمنين وانتقلن للمجتمع الكافر وتزوجن من كافرين كما قال سبحانه:
"وإن فاتكم شىء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فأتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا واتقوا الله الذى أنتم به مؤمنون"