مراجعة لمقال تخريج حديث (خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء)
الكاتب هو نايف بن أحمد الحمد وموضوع المقال هو الكتب التى أوردت الرواية والحكم عليها بالصحة أو البطلان وقد ابتدأ الكلام بالتعليق على مطالبة البعض بوجود مفتيات اعتمادا على الرواية مع أن كتاب الله خص الرجال بالدراسة والافتاء حيث قال :
" فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"
وقوله عن المفتيات هو قوله حيث قال:
"فقد كثر الكلام هذه الأيام عن حقوق المرأة في الإسلام ومطالبة بعض الكتاب بوجود مفتيات وحيث إن هذا الموضوع من المواضيع المهمة ولكن ما يعنيني هنا هو أن جملة من الكتاب يستدل ببعض الأحاديث المنسوبة للنبي -صلى الله عليه وسلم- مما لا يصح نسبته له نصرة لقوله وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-"
(من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين) رواه مسلم في مقدمة الصحيح 1/ 8 من حديث المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه-.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
(من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) رواه مسلم "
وتناول رواية الحميراء حيث قال:
"ومن هذه الأحاديث التي يكثر تداولها حديث (خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء) فأحببت أن أذكر أقوال أئمة الحديث في هذا الأثر:
قال المزي -رحمه الله تعالى-: " وكل حديث فيه يا حميراء فهو موضوع إلا حديثا عند النسائي " المصنوع /212
وقال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: (وكل حديث فيه " يا حميراء " أو ذكر الحميراء فهو كذب مختلق مثل: يا حميراء لا تأكلي الطين فإنه يورث كذا وكذا وحديث: خذوا شطر دينكم عن الحميراء) ا. هـ المنار المنيف /60 ونقله العجلوني في كشف الخفاء 1/ 450
قال الذهبي -رحمه الله تعالى-: (وقد قيل: إن كل حديث فيه يا حميراء لم يصح) ا. هـ سير أعلام النبلاء 2/ 167
وقال ابن كثير -رحمه الله تعالى-: (وأما الحديث الثاني وهو (خذوا شطر دينكم عن الحميراء) فهو حديث غريب جدا بل هو منكر سألت عنه شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي وقال: لم أقف له على سند إلى الآن. وقال شيخنا أبو عبد الله الذهبي: هو من الأحاديث الواهية التي لا يعرف لها إسناد) ا. هـ تحفة الطالب /170
وقال الحافظ ابن حجر " لا أعرف له إسنادا ولا رأيته في شيء من كتب الحديث إلا في النهاية لابن الأثير ذكره في مادة ح م ر ولم يذكر من خرجه ورأيته في الفردوس بغير لفظه وذكره عن أنس بغير إسناد بلفظ خذوا ثلث دينكم من بيت الحميراء " ا. هـ كشف الخفاء 1/ 450
وقال :
" وفي رواية النسائي من طريق أبي سلمة عنها دخل الحبشة يلعبون فقال لي النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يا حميراء أتحبين أن تنظري إليهم) فقلت: نعم. إسناده صحيح ولم أر في حديث صحيح ذكر الحميراء إلا في هذا " ا. هـ فتح الباري 2/ 444
قال المباركفوري :
" وأما حديث خذوا شطر دينكم عن الحميراء يعني عائشة فقال الحافظ ابن الحجر العسقلاني: لا أعرف له إسنادا ولا رواية في شيء من كتب الحديث إلا في النهاية لابن الأثير ولم يذكر من خرجه. وذكر الحافظ عماد الدين بن كثير: أنه سأل المزي والذهبي عنه فلم يعرفاه. وقال السخاوي: ذكره في الفردوس بغير إسناد وبغير هذا اللفظ ولفظه خذوا ثلث دينكم من بيت الحميراء وبيض له صاحب مسند الفردوس ولم يخرج له إسنادا) ا. هـ تحفة الأحوذي 10/ 259 كشف الخفاء 1/ 449
قال علي بن سلطان القاري -:
"حديث خذوا شطر دينكم على الحميراء لا يعرف له أصل) ا. هـ المصنوع 1/ 98 وأنظر آثارا أخرى في: السنن الصغرى للبيهقي 1/ 157 والسنن الكبرى 1/ 7 مصباح الزجاجة 3/ 81 الكامل 2/ 59 المجروحين 2/ 29 الفتاوى الكبرى 1/ 91 منهاج السنة النبوية 7/ 430 سير أعلام النبلاء 2/ 161 ميزان الاعتدال 2/ 15 4/ 432 و 7/ 329 لسان الميزان 2/ 11 و7/ 10"
ومما قاله الكاتب لا يوجد إسناد في الكتب للرواية وهو ما يعنى أنها عند أهل الحديث لا تنسب للنبى(ص) يقينا
ومع نفى الكاتب للرواية فإنه اكد مكانة أم المؤمنين العلمية حيث قال :
"ولا يفهم من ذلك انتقاص منزلة أم المؤمنين عائشة ---رضي الله عنها-- فلا شك أنها من علماء الصحابة -رضي الله عنهم ومن مفتيهم وهي أفقه نساء الأمة على الإطلاق وقد نقلت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- علما كثيرا طيبا مباركا فيه قال مسروق: رأيت مشيخة أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأكابر يسألونها عن الفرائض. وقال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأيا في العامة. وقال هشام بن عروة عن أبيه: ما رأيت أحدا أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة وقال أبو بردة بن أبي موسى عن أبيه: ما أشكل علينا أمر فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها فيه علما وقال الزهري لو جمع علم عائشة إلى علم جميع العالمين المؤمنين وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل " ا. هـ الإصابة 8/ 18"
والحقيقة أن النساء حتى ولو كن من أمهات المؤمنات ليست من أهل العلم الأصلاء لأن العلم علمه النبى(ص) لعدة رجال من كل قبيلة أو شعب ولم يعلمه للنساء لأن كل رجل يقوم بتعليم زوجته(ص) في البيت ما يلزمها في حياتها من احكام وفى هذا قال سبحانه:
"وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون"
ونصح الكاتب من يتكلمون بروايات أن يعرفوا صحيحها من باطلها قبل الكلام بها حيث قال:
"وأختم بأن الواجب على كل من يستدل بحديث منسوب للنبي -صلى الله عليه وسلم- أن يتحقق من صحته قبل بناء أي حكم عليه أو بيان درجته صحة أو ضعفا لأن الرواية عنه عليه الصلاة والسلام ليست كالرواية عن غيره من البشر لما يترتب على ذلك من أحكام وعبادات والله تعالى أعلم "