عطيه الدماطى
المساهمات : 2112 تاريخ التسجيل : 18/01/2023
| موضوع: تفسير سورة البقرة 3 الثلاثاء يناير 24, 2023 6:36 pm | |
| ثم شبه المنافقين بمن استوقد نارا حيث قال: "مثلهم كمثل الذى استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم فى ظلمات لا يبصرون " المعنى العام للآية شبه المنافقين كشبه الفرد الذى أشعل وقودا فلما أنار ما أحاط به أظلم الله ضوء الوقود وجعلهم فى سوادات لا يرون شبه المثل الشخص الذى أشعل النار فى الوقود كالخشب بالمنافق الذى دخل نور الإيمان فى قلبه فأمن بوحى الله زمنا قصيرا وهو مثل الفرد الذى أنارت النار المكان المحيط به لزمن قصير فعرف الطريق السليم للمشى وبعد ذلك أذهب الله نورهم والمقصود أطفأه كما أن المنافقين أزالوا نور الإيمان فى قلوبهم بكفرهم حيث ختم الله عليها وبعد أن كان مشعل النار يرى طريق الصحيح جيدا أصبح لا يرى المكان وعليه أصبح يتحرك منحرفا عن الطريق الصحيح للسير وشبهه فى المنافق أن المنافق بعد إيمانه الصحيح بالإسلام كفر فأصبح يكره الإسلام منحرفا عنه إلى الأديان الضالة وتتضح المسألة وهى إيمان المنافق ثم كفره من خلال عبارة سبحانه : "ذلك بأنهم أمنوا ثم كفروا فطبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون" فالإيمان نور والكفر ظلمة تجعل المنافق لا يطيع الله طاعة صحيحة كالذى انطفأت النار أمامه فأصبح لا يرى طريقه جيدا وهو معرض إذا مشى لأضرار كثيرة بسبب عدم رؤيته لما أمامه وبين الله أن المنافقين مصابون بالصمم والبكم والعمى حيث قال : "صم بكم عمى فهم لا يرجعون" عبارة صم لا يعنى أنهم لا يسمعون وإنما معناه أنهم يسمعون كلام الله ولا يطيعونه فكأنهم لم يسمعوه وفى هذا قال سبحانه: "ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون " وعبارة بكم لا يعنى أنهم لا يتكلمون وإنما معناه أنهم لا يقرون بالحق عندما يسمعوه وإنما يعلنون أنهم يعصونه لكونه باطل عندهم فقالوا كما قال غيرهم من الكفار: " سمعنا وعصينا " وعبارة عمى لا يعنى أنهم لا يرون بأعينهم وإنما معناه أن عيونهم وهى قلوبهم تعرف دين الرشد ومع هذا ترفض اتخاذه دينه وتتخذ دين الغى وهو الباطل دين لهم كما قال سبحانه: " وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغى يتخذوه سبيلا" وعبارة "فهم لا يرجعون "فسره الله بأنهم لا يعقلون فى عبارة "صم بكم عمى فهم لا يعقلون " والمعنى العام للآية كافرون مكذبون جاحدون لله فهم لا يعودون لدين الله وضرب الله مثلا أخر فى القوم حيث قال : "أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم فى آذانهم حذر الموت والله محيط بالكافرين " عبارة سبحانه "أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق " يبين أن شبه المنافقين كشبه ماء نزل من السحاب به سوادات وصوت عظيم ونار وأساس التشبيه كون قلوب المنافقين فيها موانع تمنعها من الإيمان مثل أن الظلمات فى السحاب تمنع الرؤية الصحيحة وأن أفواه المنافقين تخرج منها كلمات فى الإيمان يعجب بها المسلم كما قال سبحانه" ومن الناس من يعجبك عبارة فى الحياة الدنيا "وهذا الكلام العظيم يذهب هباء كما يذهب صوت الرعد وإيمان المنافقين وقتا قصيرا ثم كفرهم يشبه نور البرق فى أنه يجعل الناس يرون طريق سيرهم الصحيح لفترة قليلة ثم يظلم فينحرفون عن طريق سيرهم الصحيح بسبب اختفاء نور البرق وعبارة "يجعلون أصابعهم فى آذانهم حذر الموت"يظهر لنا أن المنافقين يشبهون الناس الذين يتركون أنفسهم عرضة للخطر المصيب لهم من الصاعقة بإدخال أناملهم فى مسامعهم بدلا من أن يحتموا منه بالإختفاء خلف حيطان أو داخل بيوت تحميهم من الخطر ووجه الشبه هو أن المنافقين تركوا حماية أنفسهم من عقاب الله بتركهم الجدار الحامى الوحيد وهو طاعة حكم الله وعبارة "والله محيط بالكافرين"فسره الله بعبارة "والله عليم بالظالمين"فالله المحيط هو العليم والمقصود العارف بأعمال الكافرين وهم الظالمين والمعنى العام للآية هو : أو شبههم كمطر من السحاب به سوادات وفرقعة ونار يضعون أناملهم فى مسامعهم خشية الموت والرب خبير بالظالمين وبين الله المسألة مرة أخرى فقال: "يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شىء قدير" عبارة "يكاد البرق يخطف أبصارهم "فسره الله بعبارة "يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار" والمقصود أن السنا هو ضوء البرق وهو النار يهم أن يقضى على قوة الإبصار فى العيون ولكنه لا يقضى عليها والمستفاد أن البرق يصدر أشعة قوية تمحو قوة بصر العيون لو زادت عن وقتها القصير وقتا أطول وعبارة "كلما أضاء لهم مشوا وإذا أظلم عليهم قاموا"يبين أن الناس كلما أنار ضوء البرق المكان ساروا فى طريق السير السليم وإذا انتهى الضوء من أمامهم تخبطوا فانحرفوا إلى طرق خاطئة والتشبيه هو أن ضوء البرق يشبه إيمان المنافقين زمنا قصيرا حيث أن البرق يعرف الناس طريق السير السليم زمنا قصيرا كما أن إيمان المنافقين عرفهم طريق الحق زمنا قصيرا وأما انتهاء البرق فيشبهه كفر المنافقين حيث أنهم ساروا فى طرق بعيدة عن طريق الله وعبارة "ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم"فسره الله بعبارة "أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم " فالذهاب هو الأخذ والمعنى ولو أراد الله لأخذ عقلهم وهو بصائرهم وعبارة "إن الله على كل شىء قدير "فسره الله بعبارة "فعال لما يريد"فقدرة الله على خلق كل شىء معناها خلقه لأى شىء يريده . والمعنى العام للآية: يهم اللهيب يعمى عيونهم كلما أنار لهم ساروا فى استقامة وإذا انتهى انحرفوا ولو أراد الله لأخذ ععبارة م وهى قلوبهم إن الرب لكل شىء يريده خالق وخاطب الله الناس وهم الجن والإنس معا طالبا منهم عبادته حيث قال: "يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذى خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون" عبارة "يا أيها الناس اعبدوا ربكم"فسره الله بعبارة "يا أيها الناس اتقوا ربكم "فعبادة الله هى إتقاء الله وعبارة "الذى خلقكم والذين من قبلكم "فسره الله بعبارة "الذى خلقكم والجبلة الأولين " فمن قبل المعاصرين للنبى (ص)هم الجبلة وهم الآباء الأولين كما قال سبحانه"ربكم ورب أبائكم الأولين" وفسر الله خلقكم بأنشأكم فى عبارة "الذى أنشأكم" وأما عبارة "لعلكم تتقون"ففسره الله بعبارة "لعلكم ترحمون"والمقصود لعلكم تفوزون برحمة الله والمعنى العام للآية: يا أيها الخلق اتبعوا حكم خالقكم الذى أنشأكم والذين عاشوا قبلكم لعلكم تفوزون بجنة الله . وبين الله للناس أسباب وجوب عبادته حيث قال : "الذى جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون " عبارة "الذى جعل لكم الأرض فراشا "فسره الله بعبارة "الذى جعل لكم الأرض قرارا"والمقصود مكان للحياة وعبارة "والسماء بناء"فسره الله بعبارة "وبنينا فوقكم سبعا شدادا"وفسر الله البناء بكونه الخلق فقال "ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق" فالسماء مخلوق مكون من سبع طوابق وعبارة " وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم "فسره الله بعبارة "وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم" فإخراج الثمار هو إنباتها والرزق هو الأزواج الكريمة وعبارة "فلا تجعلوا لله أندادا "فسره الله بعبارة "ولا تجعلوا مع الله إلها أخر" فسره أيضا بعبارة " ولا تشركوا به شيئا" فمعنى عدم عبادة أنداد لله هو عدم عبادة إله أخر غير الله هو عدم إشراك أخرين معه فى العبادة وعبارة " وأنتم تعلمون"فسره الله بعبارة "ويعلمون أن الله هو الحق المبين" فالمخلوقات يعلمون أن الله هو الإله وحده دون غيره الذى تجب عبادته والمعنى العام للآية: الله الذى جعل لكم الأرض مقرا للحياة والسماء بيتا وأسقط من السحاب مطرا فأنبت به من الأزواج وهى الأنواع فوائد للناس فلا تتبعوا مع الله شركاء وأنتم تعرفون أن الله المستحق لاتباع حكمه . والمستفاد أن الكون عبارة عن أساس هو الأرض وبيت فوقه هو السماء وتناول الله شك الناس فى الوحى المنزل حيث قال : "وإن كنتم فى ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين " عبارة " وإن كنتم فى ريب مما نزلنا على عبدنا "فسره الله بعبارة "إن كنتم فى شك من دينى " إذا الريب معناه الشك والمنزل على العبد محمد(ص)هو الدين وعبارة "فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم إن كنتم صادقين "فسره الله بعبارة "قل فأتوا بسورة من مثله وادعوا من استطعتم من دون الله" وشهداء الكفار هم من استطاع الكافرين دعوتهم وفسر صادقين بعبارة "إن كنتم مؤمنين"فالصادقين هم المؤمنين بحكم الله هم العادل والمعنى العام للآية وإن كنتم فى إنكار لما أوحينا إلى محمد(ص)فهاتوا حديث من منزل القرآن ونادوا آلهتكم المخترعة من غير الله لتعينكم إن كنتم عادلين فى كفركم بالقرآن والمستفاد من الآية أن الله يدعو الكفار إن كانوا على الحق فى شكهم وهو عبارة م أن القرآن مفترى ليس من عند الله أن يستعينوا بالأرباب المزعومين ليتوسلوا إلى الله كى ينزل سورة من عنده عليهم لتثبت أنه ليس من الله والدليل على أن طلب الكفار هو من الله أنهم لا يستجيبون للطلب لأن الله لن يكذب نفسه لأنه من أنزل القرآن وهو عبارة سبحانه: "أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين فإلم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله" وبين الله نتيجة طلبه وهى : "وإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التى وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين " عبارة "وإن لم تفعلوا ولن تفعلوا "فسره الله عبارة "قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا" فعدم الفعل معناه عدم الإتيان بالسورة وهى جزء من القرآن والسبب فى عدم استطاعة الناس الإتيان بالسورة هو أن منزل القرآن هو الله لن يكذب نفسه بأن ينزل عليهم سورة أو أكثر والمعنى وإن لم تجيئوا بسورة ولن تجيئوا بسورة وعبارة "فاتقوا النار التى وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين "فسره الله بعبارة "إنا أعتدنا للظالمين نارا"وعبارة "واتقوا الله " فإتقاء النار معناه اتقاء الله وهو طاعته خوفا من عذابه المعد للكفار وفسر النار بأنها الحجارة و المقصود أن الحجارة هى السجن لعبارة سبحانه "لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا" فالحجر المحجور هو السجن وهو السرادق المحيط كما قال " إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها "والسبب فى تفسير النار بالحجارة أن الحجارة لا يمكن أن تكون وقود للنار لأنها لم تكفر حتى تعذب وإنما من كفر هم الكافرون ولذا قال "أعدت للكافرين"وهم عدد كبير الجن والإنس فى جهنم كما قال سبحانه "ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس" وفسر الله الناس بكونهم الجن والإنس فقال"الذى يوسوس فى صدور الناس من الجنة والناس" والمعنى العام للآية وإن لم تجيئوا بسورة من منزل القرآن ولن تأتوا بها فاحتموا من العذاب الذى مشغله الجن والإنس أى فابتعدوا عن الحبس باتباع وحى الله الذى جهز للعاصين لوحى الله . | |
|