الانتقاء الطبيعى:
الانتقاء أو الارتقاء الطبيعى كلمات استخدمها داروين للتعبير عن نظريته وقد بناه عن طريق واحد هو حيازة النوع لميزة ما على الأنواع الحية الأخرى التى يدخل معها فى تنافس فقال:
"النظرية الخاصة بالارتقاء الطبيعى مؤسسة على الإيمان بأن كل ضرب جديد وفى النهاية كل نوع جديد يتم إنتاجه وتتم المحافظة عليه عن طريق حيازته لميزة ما على الأشكال الحية التى يدخل معها فى منافسة" ص546
وقد عارض داروين نفسه فجعل التمييز له وسائل مختلفة منها الانتقاء الطبيعى فقال:
"لأى نوع معين ما هى إلا سلائل لهذا النوع والأكثر من هذا فأنا مقتنع بأن الانتقاء الطبيعى قد كان الوسيلة الأكثر أهمية ولكنه ليس الوسيلة الوحيدة للتعديل" ص60
وذكر داروين أن البشر فهموا الانتقاء الطبيعى خطأ فقال :
"العديد من الكتاب قد أخطئوا الفهم أو اعترضوا على مصطلح الانتقاء الطبيعى " ص161
وذكر داروين أن الانتقاء مصطلح كاذب مزيف فقال :
"وحتى إن الجدال قد تطرق على أنه بما أن النباتات ليس لديها إرادة فإن الانتقاء الطبيعى غير قابل للتطبيق عليها ولا شك فى أن الانتقاء الطبيعى مصطلح زائف "ص161
كما ذكر داروين أن الانتقاء تعبير خيالى وليس حقيقى فقال:
"وقد سبق أن قيل إنى أتحدث عن الانتقاء الطبيعى وكأنه قوة فعالة أو إله ولكن من الذى يقوم بالاعتراض على مؤلف يتحدث عن التقارب بالجاذبية على أساس أنه المسيطر على حركات الكواكب كل إنسان يعلم ما الذى يعنيه أو ما الذى ينطوى عليه استخدام مثل هذه التعبيرات المجازية وهذه التعبيرات غالبا ما تكون ضرورية بغرض الإيجاز "ص161
ويؤكد داروين على استحالة العثور على حالة واحدة لتركيب واحد يثبت التعديل الذى أحدثه الانتقاء المفترى وذلك بقوله:
"وما لا يستطيع الانتقاء الطبيعى القيام به هو أن يقوم بتعديل التركيب الخاص بنوع واحد بدون منحه أى ميزة لصالح نوع أخر ومع أن التصريحات التى بهذا المعنى من الممكن العثور عليها فى أعمال التاريخ الطبيعى إلا أننا لا نستطيع أن نعثر على حالة واحدة قد تحتمل الاستقصاء "ص168
ويؤكد داروين على وجود اعتراضات كثيرة على الانتقاء وذلك بقوله:
"وأنا على يقين تام من أن هذا المبدأ الخاص بالانتقاء الطبيعى ممثلا فى الحالات المتخيلة السابقة يكون عرضة إلى الاعتراضات نفسها التى تم تقديمها فى أول الأمر ضد ألآراء القيمة التى تقدم بها السير تشارلز لايل عن التغيرات الحديثة للأرض ولكننا من النادر أن نسمع الآن عن العوامل التى نرى أنها ما زالت منكبة على العمل والتى يجرى الحديث عنها على أساس أنها تافهة وغير ذات أهمية عندما تستخدم فى تفسير الحفريات التى تجرى "ص181
ويذكر داروين قول جديد وهو أن الأنواع الحديثة تعمل على فناء الأنواع القديمة وذلك بقوله:
"ونتيجة لكل هذه الاعتبارات المختلفة فأنا اعتقد انه لا مفر من أن تكون نتيجة ذلك أنه ما دامت هناك أنواع جديدة يجرى تكوينها على مر الزمن من خلال الانتقاء الطبيعى فإن أنواعا أخرى سوف تصبح أندر فأندر وفى النهاية سوف تنقرض"ص 197
ومع هذا يرجع داروين للتأكيد على وقوع الانقراض مستقبلا كما وقع فى القديم وهو تعارض قالته الفقرة التالية:
"وبالنظر إلى المستقبل فإنه من الممكن لنا أن نتنبأ بأن المجموعات الخاصة بالكائنات العضوية التى هى الآن كبيرة ومنتصرة والتى هى الأقل فى التفكك وهذا يعنى تلك المجموعات التى قد عانت إلى الآن من أقل قدر من الانقراض سوف تستمر لمدة طويلة فى الزيادة ولكن فيما يتعلق بما المجموعات التى تسود فى النهاية فإن ذلك شىء لا يمكن أن يتنبأ به أحد وذلك لأننا نعلم أن الكثير من المجموعات التى كانت على درجة عالية من التكوين قد أصبحت منقرضة الآن وبالنظر على المستقبل بدرجة أكبر فإنه من المحتمل أن نتنبأ بأنه نتيجة للزيادة المستمرة والمنتظمة للمجموعات الكبرى فإن عددا كبيرا من المجموعات الصغرى سوف تصبح منقرضة تماما ولا تترك خلفها أى ذرارى معدلة "ص214
ويذكر داروين أن الأنواع تزداد فى الانتقاء فقال:
"والأنواع الجديدة فى رسمنا البيانى التى انحدرت من الأنواع الأحد عشر الأصلية سوف تصبح الآن خمسة عشر فى العدد "ص211
ووضح داروين أن الأنواع فيها صفات عرقية وصفات نوعية فقال:
"لتوضيح الحالة بشكل أخر النقاط التى تتماثل فيها جميع الأنواع التابعة لإحدى الطبقات والتى تختلف فيها عن الطبقات ذات القربى ببعضها البعض يطلق عليها صفات ص257 عرقية وهذه الصفات من الممكن أن تعزى إلى الوراثة من سلف أبوى مشترك وذلك لأنه من النادر أن يكون ما حدث أن الانتقاء الطبيعى سوف يكون قد قام بتعديل أنواع عديدة مختلفة متباعدة عن بعضها ومعدة تقريبا من أجل سلوكيات متباعدة الاختلاف بنفس الطريقة تماما وبما أن هذه الصفات التى يطلق عليها أنها صفات عرقية قد تمت وراثتها من وقت سابق للفترة التى تفرعت فيها الأنواع المختلفة لأول مرة من سلفها الأبوى المشترك وبالتالى فإنها لم تتمايز أو يحدث بينها اختلاف إلى أى درجة أو إلى درجة بسيطة فقط فإنه ليس من المحتمل أنها سوف تتمايز فى الوقت الحاضر وعلى الجانب الأخر فإن النقاط التى تختلف فيها الأنواع عن الأنواع الأخرى التابعة لنفس الطبقة تسمى صفات نوعية " ص258
داروين يؤكد فى الفقرة على وجود سلف أبوى مشترك لبعض الأنواع وهى مقولة بلا برهان باعترافات داروين بأن عملية التطور بطيئة جدا لا يشاهدها أحد وبأن العثور على حفريات تؤكد هذه النظرية مستحيل
ويفند داروين مقولة الطفرة التى تعنى التطور المفاجىء وذلك بقوله:
"نفهم بوضوح لماذا لا يجب على الطبيعة فعل ذلك وذلك لأن الانتقاء الطبيعى يعمل فقط عن طريق انتهاز الفرصة الموجودة فى التمايزات البسيطة المتتابعة فالطبيعة لا تستطيع على الإطلاق أن تأخذ قفزة هائلة مفاجئة ولكن يتحتم عليها ان تتقدم بواسطة خطوات قصيرة وثابتة ولو أنها بطيئة" ص316
ويؤكد داروين من خلال كلامه عن الغرائز على أن ما ذكره من حقائق فى الباب لا يقوى نظريته كما أن الاعتراضات والتساؤلات الصعبة لا تهدم النظرية رغم اقراراته بجهله وذلك بقوله:
"لقد حاولت فى هذا الباب أن أذكر باختصار أن الخواص العقلية الخاصة بحيواناتنا الداجنة تتمايز وأن هذه التمايزات يتم وراثتها وباختصار أكثر فقد حاولت أن أذكر أن الغرائز تختلف قليلا فى البيئة الطبيعية ولن ينكر أحد أن الغرائز شىء فى غاية الأهمية لكل حيوان وبالتالى فإنه لا توجد أى صعوبة حقيقية تحت تأثير ظروف الحياة المتغيرة فى أن يقوم الانتقاء الطبيعى بالتكديس على أى مدى للتغييرات البسيطة فى الغريزة التى قد تكون مفيدة بأى طريقة وفى الكثير من الحالات فإنه من المحتمل أن تكون للعادة أو الاستخدام وعدم الاستخدام أدوار تلعبها وأنا لا أدعى أن الحقائق التى وردت فى هذا الباب قد تعزز بأى درجة كبيرة نظريتى ولكن بناء على أقصى قدرتى على الحكم فلن تهدمها أى من الصعوبات التى واجهتها وعلى الجانب الآخر فإن حقيقة أن الغرائز ليست دائما تامة الكمال وأنها قابلة للأخطاء " ص444
ويوضح داروين أن أكبر اعتراض خطير على نظريته هو عدم العثور على الحلقات المتوسطة فى طبقات الأرض وذلك بقوله :
"ومع ذلك فإن السبب الأساسى لعدم وجود حلقات متوسطة لا حصر لها فى كل مكان فى جميع أنحاء الطبيعة يعتمد على عملية الانتقاء الطبيعى بذاتها والتى من خلالها تأخذ الضروب الجديدة بشكل مستمر الأماكن الخاصة وتحل محل أشكالها الحية الأبوية ... وربما كان هو أكثر اعتراض واضح وخطير من الممكن أن يوضع فى مجال المجادلة ضد النظرية وأنا أعتقد أن التفسير لذلك يقع فى النقص البالغ فى السجل الجيولوجى "ص494
ويعارض الرجل نفسه بكلامه عن الحلقات الوسيطة التى تعنى أنواع خلقت من أنواع أخرى فيأتى بقول جديد وهى وجود جد أعلى مشترك للأنواع وليس عدة جدود وذلك بقوله:
"والشىء غير القابل للتفسير بناء على النظرية الخاصة بالخلق هو لماذا يكون أحد الأجزاء الجسدية الذى قد تم تكوينه بطريقة غير عادية جدا فى نوع واحد فقط تابع لإحدى الطبقات وبهذا الشكل وكما قد نستنتجه بالطبع فإنه سوف يكون ذو أهمية عظيمة لهذا النوع هو عرضة بشكل بارز ص755للتمايز ولكن بناء على وجهة نظرنا فإن هذا الجزء قد كان خاضعا منذ أن تفرعت الأنواع العديدة عن الجد الأعلى المشترك لكمية غير عادية من القابلية للتمايز والتعديل " ص756