عطيه الدماطى
المساهمات : 2102 تاريخ التسجيل : 18/01/2023
| موضوع: خواطر حول بحث وقفات تربوية مع حديث تقسيم الغنائم في حنين الأحد فبراير 19, 2023 6:44 pm | |
| خواطر حول بحث وقفات تربوية مع حديث تقسيم الغنائم في حنين الكاتب هو طه بن حسين بافضل والبحث موضوعه حديث تقسيم الغنيمة فى غزوة حنيت وقد ابتدأ البحث بالكلام عن العلاقة بين القائد والأتباع حيث قال : "العلاقة بين القائد وأتباعه يشوبها بين الفينة والأخرى شيء من الوهن والضعف؛ فهي كالشجرة تحتاج إلى رعاية وعناية وحماية، أما إذا تُركت وأُهملت، وتعامل أهلها معها معاملة رتيبة، وساذجة، ومملة فإنها حينئذ يذهب عنها اخضرارها، ويظهر اصفرارها واسودادها، حتى تصبح هشيماً تذروه الرياح. والقائد الفطن هو من يبذل كل ما في وسعه وطاقته؛ بغية حماية هذه الشجرة من الآفات والأمراض؛ فهو كالمزارع اليقظ الذي كرّس حياته لأجل زراعته؛ فضحّى بوقته وراحته، حتى يجني ثمارها، ويسوِّق بضاعته، «وعند الصباح يحمد القوم السُّرى»" والكلام السابق هو عند اختلاف القائد وأتباعه والحديث الذى يتناوله الباحث سموه حديث تقسيم الغنائم فى حنين وهو حديث باطل لأن القوم لن يختلفوا بعد أن لثنهم الله درسا فى تلك العزوة وهو أن كثرتهم لا تجلب لهم النصر حيث هزمهم الكفار فى أول الغزوة ولكن بفضل الله عادوا للنصر وفى هذا قال سبحانه: "ولقد نصركم الله فى مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء والله غفور رحيم" ومن ثم لن يعود القوم إلى الخطا مباشرة بعد انتهاء الحرب لأنهم لقنوا درسا لن ينسوه الكاتب يقول أنه فكر فى الحديث والحقيقة أنه لم يفكر هو ولا غيره فى بطلان الحديث وهو ليس تفكير وإنما انشغال بأمور خارجة عن الشرع وهو قوله حيث قال : "وكنت قبل فترة ليست بالقصيرة أتأمل ما حدث بعد قسمة غنائم هوازن يوم انتصر المسلمون في معركة حنين؛ فتعجبت من شدة حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على علاقته بأنصاره وأصحابه. وإليكم سياق القصة: عن أبي سعيد الخدري قال: لما أصاب رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- الغنائمَ يوم حنين، وقسّم للمتأَلفين من قريش وسائر العرب ما قسم، ولم يكن في الأنصار منها شيء قليل ولا كثير، وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم، حتى قال قائلهم: لقي واللهِ رسول الله قومه. فمشى سعد بن عبادة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله! إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم. فقال: «فِيمَ؟» قال: فِيمَ كان من قسمك هذه الغنائم في قومك وفي سائر العرب، ولم يكن فيهم من ذلك شيء، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «فأين أنت من ذلك يا سعد؟» قال: ما أنا إلا أمرؤ من قومي، قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة، فإذا اجتمعوا فأعلمني!»، فخرج سعد فصرخ فيهم، فجمعهم في تلك الحظيرة، فجاء رجل من المهاجرين فأذن له، فدخلوا وجاء آخرون فردهم حتى إذا لم يبق من الأنصار أحد إلا اجتمع له أتاه، فقال: يا رسول الله! قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار، حيث أمرتني أن أجمعهم؛ فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقام فيهم خطيباً: فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: «يا معشر الأنصار! ألم آتكم ضُلاَّلاً فهداكم الله، وعالة فأغناكم الله، وأعداءً فألف الله بين قلوبكم؟»: قالوا: بلى! ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ألا تجيبون يا معشر الأنصار؟!» قالوا: وماذا نقول يا رسول الله، وبماذا نجيبك؟ المنّ لله ولرسوله. قال: «والله! لو شئتم لقلتم فصدقتم وصدّقتم: جئتنا طريداً فآويناك، وعائلاً فآسيناك، وخائفاً فأمَّنَّاك، ومخذولاً فنصرناك»، فقالوا: المنُّ لله ولرسوله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أوَجدتم في نفوسكم يا معشر الأنصار في لُعاعة من الدنيا تألَّفت بها قوماً أسلموا، ووكلتكم إلى ما قسم الله لكم من الإسلام، أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس إلى رحالهم بالشاء والبعير، وتذهبون برسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى رحالكم؟ فوالذي نفسي بيده لو أن الناس سلكوا شُعْباً، وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار! ولولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار، اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار!» قال: فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا بالله رباً وبرسوله قَسَماً، ثم انصرف وتفرقوا" هذا هو الحديث أى الرواية التى لم تحدث وهى باطلة وما بناه طه ين حسين عليها بافضل عليها باطل للأسباب التالية : السبب الأول تقسيم الرسول(ص) الغنائم للمتألفين من قريش وباقى العرب وهو قول الرواية: "وقسّم للمتأَلفين من قريش وسائر العرب ما قسم" وفى الإسلام المؤلفة قلوبهم ليسوا من اسلموا حديثا وإنما المجانين الذين ركيت قلوبهم تركيب مخالف لسائر الناس وتأليف القلوب محال بالمال وبهذا أخير الله رسوبه(ص) بأن المال لا يؤلف القلوب حيث قال: "لو أنفقت ما فى الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم" والرسول(ص) لم يكذب كلام الله السبب الثانى أنه لم يعط المجاهدين من الأنصار شىء من الغنيمة مع أنهم شاركوا فى القتال وهو قول الرواية: " ولم يكن في الأنصار منها شيء قليل ولا كثير " وهذه مخالفة صريحة لنص نعوذ بالله أن يكون الرسول(ص) فعله والنص يقول بقسمة أربع أخماس الغنيمة على المقاتلين بالعدل وهو التساوى والخمس على الأصناف المذكورة فى قوله سبحانه: "واعلموا إنما غنمتم من شىء فأن لله خمسه وللرسول ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم أمنتم بالله" ومن ثم لا يمكن أن يخالف الرسول(ص) نصا صريحا ولا يعطى بغض من قاتلوا ولا يعطى البعض الأخر بأى حجة مهما كانت لأنه لو فعل لكفر بتكذيبه الآية السبب الثالث المن وهو الافتخار على الأنصار بالقول : "يا معشر الأنصار! ألم آتكم ضُلاَّلاً فهداكم الله، وعالة فأغناكم الله، وأعداءً فألف الله بين قلوبكم" والرسول(ص) لن يخالف قوله سبحانه: " فلا تزكوا أنفسكم " ولن يخالف أن صاحب الفضل وهو المن هو الله كما قال سبحانه: "بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان" السبب الثالث أنه سيتبع ألأنصار لو سار الناس فى طريق غير طريقهم وهو قول الرواية: "فوالذي نفسي بيده لو أن الناس سلكوا شُعْباً، وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار" والمقولة كفر بدين الله فالرسول سيتبع طريف وهو دين الله وليس طريق الناس كما قال سبحانه: " واتبع ما يوحى إليك من ربك" الكاتب بنى عدة وقفات طويلة عبر صفحات طويلة باعتبار أن الحديث وقع وصحيح حيث قال: "الوقفة الأولى: كرم بلا حدود: إنه كرم النبي -صلى الله عليه وسلم- وجوده المنقطع النظير، بل السهل الممتنع، ذلك الكرم الذي يصل إلى حد أن يعطي الرسول -صلى الله عليه وسلم- الرحيم بأمته مئات من الإبل لأفراد لم يقاسوا بعدُ مشقات الطريق، ولم تُخْبَر بعدُ مواقفهم، بل إنّ منهم من سقط في أول اختبار له في حنين، ولكنها الحكمة النبوية الرائعة؛ ... القائد أياً كان وضعه عالماً، أو موجهاً، أو معلماً، أو قائداً عسكرياً لا يحبس شيئاً عن أتباعه، أو يبخل عنهم بشيء، كما أنّه يعطي رجالاً ويترك آخرين لحِكَم يراها مثل قوة إيمانهم، وإخلاصهم، ويقينهم، واستقامتهم، وثباتهم؛ فهو حكيم بنفوس الرجال، يقدّر قدرها، ويعرف كيف يمكن قيادها، وما هي الطريقة المثلى لعلاج ما اعوجَّ من سلوكها، فالقيادة والترؤس ليس تصدُّراً وظهوراً فحسب، فهذا يسير حتى على الأغمار وصغار الشباب، ولكن الأمر شيء آخر أبعد من ذلك. لقد كان كرم النبي -صلى الله عليه وسلم- لا لأجل استمالة قلوبهم إلى الباطل، وتزيينه في قلوبهم" وهذا الكلام يصح من الكاتب أن يقال لو لم تكن هناك نصوص هى التى تحكم العلاقة بين الحاكم ومن آمنوا برسالته فالقائد لن يرضى أحد بمخالفة أوامر ربه بل وتكذيب وحى ربه كما وضحنا من قبل وقال فى الوقفة التالية: "الوقفة الثانية: (المصلحة الشرعية ميزان العطاء والمنع): ينبغي للقائد في مسألة العطاء والمنع أن يقوم بأمر غاية في الأهمية، حتى لا يهتز مشوار تربيته لتلاميذه وأتباعه: وهو أن يعلمهم بميزان العطاء والمنع الذي يستند إليه، بل وفي كل مسائل تأليف النفوس من تقريب فلان على غيره، والاهتمام بمجموعة على أخرى وهكذا؛ لأن ذلك مدعاة إلى ترسيخ قواعد الثقة بينه وبين الأتباع، ودحض لكل الأقاويل والترهات التي تلوكها الألسن؛ بغية التفريق، وزعزعة الصف، وتوهين لُحمته وسَداه. فهذه السياسة البعيدة الأفق للنبي -صلى الله عليه وسلم- لم تُفهم أول الأمر، بل أطلقت ألسنة شتى الاعتراض؛ فهناك مؤمنون ظنوا هذا الحرمان ضرباً من الإعراض عنهم، والإهمال لأسرهم. روى البخاري عن عمرو بن تغلب قال: أعطى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قوماً ومنع آخرين؛ فكأنهم عتبوا عليه، فقال: «إني أعطي قوماً أخاف هلعهم وجزعهم، وأَكِلُ قوماً إلى ما جعل الله في قلوبهم من الخير والغنى، منهم عمرو بن تغلب» قال عمرو: فما أحب أن لي بكلمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حمر النعم؛ فكانت هذه التزكية تطييباً لخاطر الرجل، أرجح لديه من أثمن الأموال»" وهذه الرواية الأخرى كسابقتها كاذبة لم تقع ولم يقلها الرسول(ص) فميوان المنع والعطاء هو أحكام الله فى توزيع الأموال فالله لم يعطه حق التوزيع من نفسه على من يريد أيا كانت دوافعه وإنما أنزل آيات لتوزيع الزكاة والفىء والغنيمة وسائر الأموال وأعطاهم النص العام : " سواء للسائلين" فكل شىء يوزع بالعدل وتناول فى الوقفة الثالثة المسارعة لحل المشكلات حيث قال: الوقفة الثالثة: المبادرة إلى حل الإشكالات: عدم تأخر النبي -صلى الله عليه وسلم- في حل الإشكال الحادث؛ فما أن سمع بالخبر حتى ذهب مسرعاً إلى القوم، بعد أن استدعاهم، وأنهى بحكمته وحنكته هذا الأمر الطارئ؛ فلو أنه تأخر أو استهان به وتركه، مع أنه سيكون حينئذ معذوراً؛ فهو النبي، وهو القائد الأعلى الذي على عاتقه من المهمات والأعمال الشيء الكثير ـ فلو أنه تأخر ـ لكان هذا الموقف من الأنصار ـ رضي الله عنهم ـ قنبلة موقوتة، ربما ستنفجر يوماً من الأيام، وتعلق في أفئدة الرجال استفهامات وتقديرات خاطئة، تساعدها مواقف أخرى، والشيطان لا يترك مثل هذه الفرص، بل يؤججها ويجعلها فتيلاً قابلاً للاشتعال ... إن هذه الخلافات التي تبدو لأول وهلة صغيرة فإن فيها من مغذيات النمو ما هو كفيل بأن يجعلها مفاصَلات مع المربي نفسه، ودماراً وخراباً لكل ما بناه في سنيه التي خلت؛ فليس معه إلا أن يوجه أصابع الاتهام ليس إلى ذاته، وتفكيره، وعدم حنكته، وضعف بديهته، وإنما بالدرجة الأولى يوجهها إنها لمصيبة عظيمة أن نلقي التبعة على غيرنا، ونخرج نحن خارج الدائرة." وبالطبع واجب أى مسلم هو المسارعة لحل المشاكل اتباع لقوله سبحانه: "ويسارعون فى الخيرات" ومن ثم فليست هذه صفة القائد وإنما صفة المسلمين جميعا وفى الوقفة التالية تناول الحلم مع القدرة حيث قل: " الوقفة الرابعة: الحلم مع القدرة: سعة صدر النبي -صلى الله عليه وسلم- وتحمّله للنقد الموجّه له؛ «يغفر الله لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ يعطي قريشاً ويدعنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم؟» فلم يرتفع صوته أو يحمرَّ وجهه ويَسوَدَّ، ولم يرتب أحكاماً ومواقف على هؤلاء المتكلمين؛ فيتعامل معهم معاملة جديدة وفق هذه المعطيات، فيهجرهم ويقاطع العمل معهم؛ بحجة أنهم لا يحترمون القيادة، ولا يوقرون الكبار، ولا يقدرون فضائل من ضَحّى من أجلهم. كلا، لم يفعل -صلى الله عليه وسلم- شيئاً من ذلك؛ بل ذهب إليهم، وطرح عليهم أسئلة حكيمة، ثم مدحهم، وأثنى عليهم ثناءً ومدحاً فوق مستوى الحدث، لم يكن أحد منهم يتوقع هذا المدح والثناء؛ فلم يستطيعوا أن يوقفوا تدفق الدموع على خدودهم." وبالطبع لا أعرف عن أى حلم يتحدث الكاتب والحادثة التى رواها كلها تدين النبى(ص) وتتهمه بمخالفة الوحى أكثر من ثلاث أو أربعة أحكام فالحلم هنا حسب الرواية هو حلم الأنصار وليس حلم النبى(ص) لأن الرواية تجعله ظالما مكذبا لآيات الله والعياذ بالله وكما سبق الكلام فما بناه الكاتب باطل لأنه مبنى على رواية باطلة وتناول ما أسماه الصراحة فى الرواية حيث قال: " الوقفة الخامسة: الصراحة، والوضوح: لقد كان سعد بن عبادة ـ رضي الله عنه ـ: صريحاً وواضحاً في خطابه مع النبي -صلى الله عليه وسلم- قائده ومعلمه؛ فها هو يقول له: «يا رسول الله! إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت؛ قسمت في قومك وأعطيت عطايا في قبائل العرب، ولم يك في هذا الحي من الأنصار منها شيء». إن هذه الصفات والخصال الحميدة لا يجيدها إلا النادر من التلاميذ والأتباع، ولا يتقبلها إلا القليل من القادة أو الموجهين الذين لا يضعون على أنفسهم هالة من التبجيل، ولا تصيبهم غضاضة لو لم ينادَ بلقبه أو مركزه العلمي. الصراحة، والوضوح أسماء ومعانٍ قلّما تجد من يتمثلها فتصبح واقعاً وسلوكاً ومنهجاً في تعامله مع الآخرين صغاراً أم كباراً، ولذا فإنك ترى من يفعل ذلك قد أصبح لكلامه وقعٌ في النفوس، ولوعظه تأثيرٌ في القلوب، وأعماله منهجٌ يسير عليه ويقتدي به الآخرون، " بالطبع ما حدث فى الرواية ليس صراحة ولا وضوحا فالصراحة والوضوح تكون بإظهار آيات الله فى التوزيع وليس بكلام بشرى يتحدث عن المنفعة البشرية لطائفة دون طائفة بحجة تكذب كلام الله وهو أمر لم يفعله النبى(ص) ولم يقله وفى الوقفة التالية تناول وعظا حيث قال : " الوقفة السادسة: الموعظة وليس الغلظة والفظاظة: المتأمل لردة فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبما خاطب الأنصار في الحظيرة يجد أنه استخدم بذكائه العظيم، وحسن سياسته للأمور، أسلوب الموعظة. لقد عرف -صلى الله عليه وسلم- من هم الأنصار، وما هي نفسياتهم، وفيمَ يفكرون، وكيف يتعاملون؟! عرفهم في البأساء والضراء، عرف فيهم دماثة الأخلاق، والكرم الجم، والحب الكبير له -صلى الله عليه وسلم-؛ فلماذا إذاً يعنِّفهم ويقسو عليهم؟ وهو القائل: «ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه» وهو الذي قال عنه ـ المولى تبارك وتعالى ـ: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159]. وما أحوج قادة العمل الدعوي إلى استخدام هذا الأسلوب الدعوي العظيم إذا اعوجَّ سلوك النخبة من تلامذتهم وأتباعهم! ماذا يضيرهم لو سلكوا هذا المنحى؟ قد يظن بعضهم أنه ربما ينقص من قدره ومكانته، بل العكس إنما هو رفعة له في قلوبهم، وازدياد معدل المحبة فيها. لقد عاتب -صلى الله عليه وسلم- أنصار دعوته ومحبيه ليدلل على محبته لهم، واهتمامه بحالهم وأوضاعهم، يعيش آلامهم، ويحس بجراحهم لتبقى المودة على الدوام. أعاتب ذا المودة من صديق إذا ما رابني منه اجتنابُ إذا ذهب العتاب فليس ود ويبقى الود ما بقي العتابُ" وما حدث فى الرواية ليس وعظا وإنما عملية خداع وضحك على الذقون أنا أعطيتهم ولكن أنتم المفضلين عندة كلام لا يمكن أن يصدر من النبى(ص) وفعل ينافى العقل وهو مكافأة بعض المجاهدين دون بعض بلا سبب يوافق الوحى وإنما سبب يكذب الوحى ممثلا فى قوله سبحانه: " لو أنفقت ما فى الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم" وتناول فى الوقفة التالية تذكير القوم بالفضائل وهو أمر لا ينبغى للمسلم إثارته فى أى محفل لأنه مدح المسلمين أنفسهم محرم حيث قال : الوقفة السابعة: التذكير بالفضائل لأجل المتابعة: إن من الغُرم الكبير الذي يقع على القائد، والموجه، والمربي من تلامذته، وأتباعه نسيانهم لفضائله وأعماله ومناقبه؛ فكم بذل وضحى وقاسى! وكم سهر وتعب وآسى! وربما مرض لأجل تربيتهم والحفاظ عليهم من الأعداء والمتربصين بهم؛ فكم كان يخطط وينسق وينظم جداول الأعمال والآمال لأجل صنع مستقبل مشرق، وتاريخ مجيد لهم في خدمة أمة الإسلام، ورفع راية التوحيد! تُنسى الفضائل والأعمال والمناقب، بمجرد أن يصبح الطويلب طالب علم، أو شيخاً، أو عَلَماً دعوياً. وتُنسى عندما يصبح طالب حلقة التحفيظ حافظاً لكتاب الله وقارئاً للقرآن يحمل الإجازات والقراءات. وتُنسى أيضاً عندما يخطئ القائد خطأً ما، ويفحش في خطأ ما؛ بأن يصر عليه، ويتعنت فيه لرؤية رآها، واجتهاد وصل إليه والتلامذة والأتباع يرون خلاف ذلك، وأن قائدهم قد جانب الصواب. ولوازم هذا النسيان متنوعة؛ فإما أن يوصم القائد بالتشدد أو الحزبية أو ضعف الرؤية، ثم تأتي معاول الهدم لتضرب على جدار تاريخه: ماذا فعل؟ ... فالأنصار بشر يعرض لهم ما يعرض للبشر من النسيان، والسهو والغفلة، وهُمْ من المؤمنين الذين أمر الله نبيهم أن يذكرهم {وَذَكِّرْ فَإنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55]؛ فلما ذكَّرهم نفعتهم الذكرى، واعترفوا بصدق ما قال؛ لأنهم يحملون قلوباً أرقّ من النسيم، ما أن تسمع الحق حتى وتباشره بالخشوع والبكاء؛ فليت لنا قلوباً مثل قلوبهم أو حتى نصفها. أما الجانب الآخر من الاعتراف بالفضل: فهو اعتراف القائد بفضل أهل السبق ومكانتهم، وهذه قضية غفل عنها كثيرٌ من قيادات العمل الدعوي اليوم، فترى أحدهم تمر عليه السنون ولم يظهر ثناؤه لرجاله الذين ساندوه، ووقفوا إلى جانبه في الملمات والمهمات، وفي المصائب والنكبات..إن هذا التصرف من القائد له نتائج جميلة في نفوس النخبة الخُلَّص من الأتباع: فهو يبني بنيان الثقة في نفوسهم، ويكبر هو في عيونهم، ويرون أن كل ما قدموه لم يذهب هباءً منثوراً؛ فهو محفوظ في قلب قائدهم، ومرفوع ـ إن شاء الله ـ عند خالقهم وبارئهم. فلا يضرهم إن لم يحصّلوا ذهباً ولا فضة أو ديناراً أو درهماً؛ فكلمات القائد يخطّها الأتباع بماء الذهب؛ فتصبح أوسمة ونياشين تعلق في صدورهم، يتذكرونها في ذهابهم وإيابهم، وقبل منامهم، تشحذ فيهم همة الاستمرار على العمل، وتشعل في نفوسهم حماساً بالغاً لتحقيق الأمل" وكما سبق الكلام فلا ينبغى لأحد من المسلمين أن يعدد أفضاله أو أفضال غيره لأنه لا يدرى هل الله يثيبهم أم يعاقبهم على تلك ألأفعال كما قال سبحانه على اسانمحمد(ص): " وما أدرى ما يفعل بى ولا بكم" وفى الوقفة التالية تناول الوثوق ضد الاشاعات بسرعة جمع الناس وإخبارهم الحقيقة حيث قال : ?" الوقفة الثامنة: لا لإشاعة أخبار المشاكل: جاء في رواية أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ: «فخرج سعد، فصرخ فيهم، فجمعهم في تلك الحظيرة، فجاء رجل من المهاجرين فأذن له فدخلوا، وجاء آخرون فردهم، حتى لم يبق من الأنصار أحد إلا اجتمع له أتاه، فقال: يا رسول الله! قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار؛ حيث أمرتني أن أجمعهم، فخرج رسول الله فقام فيهم..». هذا المقطع من الرواية يبين لنا دلالات مهمة، ينبغي التفطن والاهتمام بها: منها: أنه إذا حدث إشكال معين في صفوف الأتباع؛ فمن الحكمة ضرورة محاصرة خبره؛ لكيلا يصل خبره بين الأتباع الآخرين الذين ليس لهم علاقة به، ولم يشاركوا فيه؛ إذ إن وصول الخبر إليهم مدعاة لتضييع الأوقات وهدر الأوقات؛ فيتفشى فيهم ما نهى عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من القيل والقال، وكثرة السؤال، وربما يعد عاملاً مساعداً في تفريق الجماعة، وبعث النعرات الخامدة في النفوس. ولقائل أن يسأل: ألم يدخل أحد من المهاجرين حظيرة الاجتماع؟ الجواب: نعم! ولكن قد بينت الرواية الأخرى عند الإمام أحمد من حديث أنس قال: «فجمعهم في قبة له، حتى فاضت فقال: فيكم أحد من غيركم؟ قالوا: لا، إلا ابن أختنا. قال: «ابن أخت القوم منهم» ومنها: على القائد أن لا يحمّل بقية الأتباع تبعة أخطاء مجموعة معينة من الأفراد؛ {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]، فما ذنب من لم يعلم، ولم يكن مشاركاً، أو مؤيداً أن يتحمل تبعات ونتائج أخطاء الآخرين؟ أليس الجهل بالأمر عذراً كافياً لاستثنائهم؟ بلى! ولذا فقد دلت الروايات أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد جمع حياً واحداً من الأنصار، ولم يجمع الأنصار كلهم. ومنها: أن مشاركة الآخرين مدعاة أيضاً إلى أن تأخذ نفوس المخطئين العزة بالإثم والإصرار على الخطأ، ومحاولة تسويغ أخطائهم؛ بذكر مثالب القائد، سواء كان في نفسه وإدارته، أو حتى في أسرته؛ فيسمع الصغير والكبير بذلك، فتحدث له فتنة جديدة ستكون عوناً على انحرافه وخروجه من دائرة الطيبين. ومنها: أن تصرف النبي -صلى الله عليه وسلم- كان غاية في الحكمة، وقمة في الذكاء والحنكة" ومما لاريب فيه أن القضاء على الإشاعات فى مهدها مطلوب ولكن الأفضل من ذلك هو العدل وتنفيذه والذى لا يدع هناك مجال للإشاعة لأن الكل يشعر به ويعرفه وفى الوقفة التالية تناول ما يسمونه التعميم وليس التخصيص حيث قال: " الوقفة التاسعة: التعميم لا التعيين: لقد استخدم -صلى الله عليه وسلم- لفظاً عاماً في مخاطبة الحضور، ولم يعين شخصاً بعينه، أو اثنين أو ثلاثة بأسمائهم مع أنه ـ والله أعلم ـ كان يعلم بالذين تكلموا؛ فالوحي لم يكن ليترك النبي -صلى الله عليه وسلم- دون أن يخبره بمثل ذلك. والمتأمل لسيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وخطابه عند حلول المشكلات، أو حدوث الأخطاء من الصحابة يرى استخدامه لكلمات عامة: «ما بال أقوام، وما بال رجال»، وإليك نماذج من ذلك: «ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه؟ فوالله! إني أعلمهم بالله وأشدهم له خشية» . «ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، ولكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني» «ما بال رجال يؤذونني في أهلي، ويقولون عليهم غير الحق؟ والله! ما علمت عليهم إلا خيراً. ويقولون ذلك لرجل والله ما علمت منه إلا خيراً، ولا يدخل بيتاً من بيوتي إلا وهو معي» «يا معشر الأنصار!» خطاب له مدلولاته ومعانيه وقوة حضوره، وهو نداء يشعل في قلوب السامعين ذكرى اللحظات الحاسمة في بيعة العقبة الثانية، يوم بايعوه على أن يضحوا بكل شيء؛ لأجل حمايته والذود عن دعوته. إن استخدام القائد لأسلوب التعميم عند حل المشكلات له فوائد مهمة، ونتائج طيبة: منها: أن الخطاب سيكون عاماً وليس معيناً ومحدداً، وهذا سيؤدي إلى جعل الحضور كلهم في محل المسؤولية؛ ومنها: أن أسلوب التعميم وعدم ذكر أسماء الأشخاص يحفظ للمذنب كرامته، ويصون عرضه وشخصيته، فلا تجرح، إن ما وقع من الأنصار بعد قسمة غنائم هوازن، وتصرف النبي -صلى الله عليه وسلم- تجاه ما قالوا يعدّ ـ في نظري ـ منهجاً ينبغي أن يتخذه القادة، والمربون، والموجهون، يسيرون وفق معطياته عندما تعترضهم المشاكل والخلافات في أوساط أتباعهم، وتلامذتهم. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه" وبالطبع هذا الكلام عن كون الأنصار هم المذنبين والرسول(ص) حسب الرواية هو غير المذنب يناقض أن الرواية ومن اخترعها من الكفار جعل الرسول(ص) هو الظالم والأنصار هم المظلومين وكما سبق الكلام تلك الوقفات بنيت على رواية باطلة لم تحدث وأظهرت الرسول(ص) فى صورة الجاهل بكلام الله وأظهرته فى صورة الظالم ومع هذا يصر أمثال الكاتب على تصديق الروايات واستنباط دروس أى وقفات تعليمية منها دون أن يفكروا هل وقعت فعلا أم لا ؟ | |
|