إضاءات حول كتاب حديث ليس من البر الصيام في السفر رواية
الكاتب هو عبد الله زقيل والكتاب موضوعه نقاش حول رواية ليس من البر الصيام في السفر حيث قال :
"كنت مع أحد الأحبة في نقاش وسألني عن حديث كتبه لي بطريقة لم أتمكن من قراءته إلا بعد أن كتب لي الحديث بلفظه الآخر
وفي هذا البحث سنقف مع اللفظ الذي سئلت عنه ، وهي فائدة جميلة أحببت أن أفيد بها إخواني هنا ، إلى جانب أني وعدت أخي السائل عن الحديث بتخريجه وكلال أهل العلم عليه "
وتناول نص الحديث حيث قال :
"نص الحديث :
روى أحمد في المسند (5/434) بسنده فقال :
حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن صفوان بن عبد الله ، عن ال الدرداء ، عن كعب بن عاصم الأشعري - وكان من أصحاب السقيفة - قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ليس من البر الصيام فى السفر .
- أخرجه الطبراني في الكبير (19/172 ح 387) من طريق عبد الله بن أحمد ، عن أبيه به ، ولفظه :
ليس من البر الصيام في السفر .
- وأخرجه البيهقي في " السنن " (4/242) من طريق عبد الرزاق به "
وتناول شرح الرواية لغويا حيث قال:
"كلام العلماء على لفظ الحديث :
تكلم العلماء على لفظ حديث : " ليس من البر الصيام فى السفر " سواء أهل اللغة ، أو الحديث ، أو القراءات ، وهذه بعض أقوالهم :
1 - قال الزيلعي في " نصب الراية " (2/461) :
وروى : " ليس من البر الصيام فى السفر " وهي لغة بعض العرب ، رواها عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن صفوان بن عبد الله بن صفوان بن الية الجمحي ، عن ال الدرداء ، عن كعب بن عاصم الأشعري ، عن النبي عليه السلال ، فذكره ، وعن عبد الرزاق رواه أحمد في "مسنده" ، ومن طريق أحمد رواه الطبراني في " معجمه "
2 - وقال الخطيب البغدادي في " الكفاية " ( ص 281) :
أخبرنا : الحسن ابن أبي بكر بن شاذان قال : أنا أحمد بن إسحاق بن منجاب الطيبي قال : ثنا أحمد بن محمد بن شاكر الزنجاني قال : ثنا الحسن بن علي الحلواني قال : ثنا عبد الرزاق قال : أنا معمر ، عن الزهري ، عن صفوان بن عبد الله بن صفوان ، عن ال الدرداء ، عن كعب بن عاصم الأشعري قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول : ليس من البر الصيام فى السفر .
قلت : أراد ليس من البر الصيام في السفر ، وهذا لغة الأشعريين يقلبون اللام ميما فيقولون :
رأينا أولئك الرجال ( يريدون الرجال ) ومررنا بالقوم أي : ( بالقوم ) وهي لغة مستفيضة إلى الآن باليمن .
وفي الحديث أن أبا هريرة قال : يوم الدار طلب الضرب. ( يريد طاب الضرب ) .
أخبرنا بذلك : حسن ابن أبي بكر قال : أنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم البغوي قال : ثنا إسماعيل بن إسحاق قال : ثنا سليمان بن حرب قال : ثنا جرير بن حازم ، عن سليمان الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قلت لعثمان وهو محصور في الدار : طاب الضرب يا الير المؤمنين
3 - وقال الحافظ ابن حجر في " التلخيص الحبير " (2/205) :
( فائدة ) : رواه أحمد من حديث كعب بن عاصم الأشعري بلفظ : " ليس من البر الصيام فى السفر " .
وهذه لغة لبعض أهل اليمن , يجعلون لام التعريف ميما , ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خاطب بها بهذا الأشعري كذلك لأنها لغته , ويحتمل أن يكون الأشعري هذا نطق بها على ما ألف من لغته , فحملها عنه الراوي عنه , وأداها باللفظ الذي سمعها به , وهذا الثاني أوجه عندي , والله أعلم "
وتناول الكاتب عن تواتر الرواية حيث قال:
"4 - وقال الكتاني في " نظم المتناثر من الحديث المتواتر " :
( ليس من البر الصيام في السفر ) .
أورده في الأزهار من حديث :
(1) جابر بن عبد الله
(2) وكعب بن عاصم الأشعري
(3) وأبي برزة الأسلمي
(4) وابن عباس
(5) وابن عمر
(6) وعمار بن ياسر
(7) وأبي الدرداء سبعة أنفس
قلت : نص على تواتره أيضا عبد الرءوف المناوي في التيسير نقلا عن السيوطي وفي رواية لأحمد من حديث كعب بن عاصم المتقدم : " ليس من البر الصيام في السفر " ، وهذه لغة لبعض أهل اليمن يجعلون لام التعريف ميما ؛ فيحتمل أنه عليه السلال خاطب بها هذا الأشعري لأنها لغته ، ويحتمل أن يكون الأشعري نطق بها على ما ألف من لغته فحملت عنه علي ما نطق به ، قال ابن حجر في تخريج أحاديث الرافعي : وهذا الثاني أوجه عندي والله أعلم
5 - وقال العلالة الألباني في الضعيفة (1130) :
شاذ بهذا اللفظ ... قلت : وهذا إسناد ظاهره الصحة ، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم ، وعلته الشذوذ ومخالفة الجماعة . فقد قال أحمد أيضا : ثنا سفيان ، عن الزهري به بلفظ :
" ليس من البر الصيام في السفر " .
وتابعه عليه ابن جريج ويونس ومحمد بن أبي حفصة والزبيدي كلهم رووه عن الزهري بلفظ سفيان .
وتابعهم معمر نفسه عند البيهقي وقال :
" وهو المحفوظ عنه صلى الله عليه وسلم " .
وليس يشك عالم بأن اللفظ الذي وافق معمر الثقات عليه ، هو الصحيح الذي ينبغي الأخذ به ، والركون إليه ، بخلاف اللفظ الآخر الذي خالفهم فيه ، فإنه ضعيف لا يعتمد عليه ، لا سيما ومعمر ؛ وإن كان من الثقات الأعلال فقد قال الذهبي في ترجمته :
" له أوهام معروفة ، احتملت له في سعة ما أتقن ، قال أبو حاتم : صالح الحديث ، وما حدث به بالبصرة فيه أغاليط " .
وإن مما يؤكد وهم معمر في هذا اللفظ الذي شذ به عن الجماعة أن الحديث قد ورد عن جماعة آخرين من الصحابة ، مثل جابر بن عبد الله ، وعبد الله بن أبي برزة الأسلمي ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمرو ، وعمار بن ياسر ، وأبي الدرداء ، جاء ذلك عنهم من طرق كثيرة ، وكلها أجمعت على روايته باللفظ الثاني الذي رواه الجماعة ، وقد خرجت أحاديثهم جميعا في " إرواء الغليل " (925) فمن شاء الوقوف غليه فليرجع إليه إن شاء الله تعالى .
وإنما عنيت هنا عناية خاصة لبيان ضعف الحديث بهذا اللفظ لشهرته عند علماء اللغة والأدب ، ولقول الحافظ ابن حجر في " التلخيص " :
" هذه لغة لبعض أهل اليمن , يجعلون لام التعريف ميما , ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خاطب بها بهذا الأشعري كذلك لأنها لغته , ويحتمل أن يكون الأشعري ( يعني : كعب بن عاصم ) هذا نطق بها على ما ألف من لغته , فحملها عنه الراوي عنه , وأداها باللفظ الذي سمعها به , وهذا الثاني أوجه عندي , والله أعلم " .
فأقول : إن إيراد الحافظ هذين الاحتمالين قد يشعر القارىء لكلامه أن الرواية ثبتت بهذا اللفظ عن الأشعري ، وإنما تردد في كونه من النبي صلى الله عليه وسلم نفسه ، أو من الأشعري ، ورجح الثاني . وهذا الترجيح لا داعي إليه ، بعد أن أثبتنا أنه وهم من معمر ، فلم يتكلم به النبي صلى الله عليه وسلم ولا الأشعري ، بل ولا صفوان بن عبد الله ولا الزهري [[ فليعلم هذا فإنه عزيز نفيس إن شاء الله تعالى ]] "
وتناول أسانيد الروايات حيث قال :
" وقال في " إرواء الغليل " (4/58 - 59 ح 925) :
" ليس من البر الصيام في السفر " ... وزاد الطحاوي :
" قال سفيان : فذكر لي أن الزهري كان يقول - ولم أسمع أنا منه - ليس من البر الصيام في السفر "
قلت : وهذه الزيادة عن سفيان شاذة ، بل منكرة ، تفرد بها شيخ الطحاوي محمد بن النعمان السقطي ، وهو شيخ مجهول كما قال أبو حاتم ، وتبعه الذهبي في " الميزان " ثم الحافظ في " اللسان " وقال الحاكم :
صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي .
ثم أخرجه أحمد والطحاوي عهن ابن جريج ، والدارمي عن يونس ، والطحاوي عن محمد بن أبي حفصة ، والفريابي ، والبيهقي عن معمر ، والفريابي عن الزبيدي كلهم عن الزهري به .
وقال أحمد : ثنا عبد الرزاق ، أنا معمر به . إلا أن لفظة مثل لفظ الطحاوي الشاذ :
" ليس من البر الصيام فى السفر " .
وهكذا رواه البيهقي من طريق محمد بن يحيى الذهلي ثنا عبد الرزاق به
وقال محمد بن يحيى : وسمعت عبد الرزاق مرة يقول : أخبرنا معمر ... قلت : فذكره بإسناد اللفظ الأول : وهو الذي رواه عن يزيد بن زريع عن معمر عند الفريابي ، وهو المحفوظ عنه صلى الله عليه وسلم .
قال الحافظ في " التلخيص " ( ص 195) بعد أن ذكره باللفظ الثاني من رواية أحمد :
وهذه لغة لبعض أهل اليمن , يجعلون لام التعريف ميما , ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خاطب بها بهذا الأشعري كذلك لأنها لغته , ويحتمل أن يكون الأشعري هذا نطق بها على ما ألف من لغته , فحملها عنه الراوي عنه , وأداها باللفظ الذي سمعها به , وهذا الثاني أوجه عندي
قلت : الأمر كما قال الحافظ لو كان هذا اللفظ ثابتا عن الأشعري ، وليس كذلك لاتفاق جميع الرواة عن الزهري على روايته عنه باللفظ الأول ، وكذلك رواه جابر وغيره كما يأتي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في جميع الطرق عنهم رضي الله عنهم ، وأيضا فإن الراوي عن الأشعري إذا أدى الحديث باللفظ الذي سمعه منه ، فأحرى بهذا اللفظ - أعني الأشعري - أن يؤديه باللفظ الذي سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم .
تنبيه : وقع الحديث في مسند الشافعي بهذا اللفظ الشاذ كما نبه عليه مرتبه الشيخ البنا الساعاتي رحمه الله في " بادائع المنن "
6 - وقال شعيب الأرنؤوط في تخريجه لمسند أحمد (39/84 - 85 ح 23679) إسناده صحيح
7 - وقال أحمد البنا في " بلوغ الالاني من أسرار الفتح الرباني " (10/107) :
أي ليس من البر الصيام في السفر ، أبدلت اللام ميما في الثلاثة على لغة بعض أهل اليمن حيث خاطبهم النبي صلى الله عليه وسلم بلغتهم ، وكان هذا الأشعري منهم ، ويحتمل أن الأشعري بلغ الحديث بلغته فأداه الراوي عنه كما سمعه
8 - وقال الشيخ مقبل الوادعي في " الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين " (2/179) ، وهذا المرتب على حسب الصحابة :
" ليس البر الصيام في السفر " .
هذا حديث صحيح على شرط مسلم وهو من الأحاديث التي ألزم الدارقطني البخاري ومسلما أن يخرجاها .
الحديث رواه ابن ماجة ، وعبد الرزاق ، و أحمد ، وعند أحمد : ليس من البر الصيام فى السفر .
ومن طريقين آخرين ليس البر الصيام في السفر . ومدار الحديث على الزهري رحمه الله .
ورواية : ليس من البر تصحيف كما في الكفاية للخطيب ، والتلخيص الحبير لابن حجر ، بل قال الزهري : لم أسمعه أنا : ليس من البر الصيام فى السفر كما عند الحميدي في مسنده فعل من هذا أن الحديث لم يثبت
- وقال الشيخ مقبل أيضا في تحقيقه لكتاب " الإلزامات والتتبع " ( ص145) بعد كلال الدارقطني وهو :
كعب بن عاصم الأشعري حديث ال الدرداء رواه عن الزهري جماعة ثقات منهم ابن جريج وابن أبي ذئب ومالك ومعمر .
علق الشيخ مقبل في الحاشية بقوله بعد ذكره لرواية أحمد :
الحديث أخرجه النسائي وابن ماجة والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق ، وعندهم وعند أحمد في بعض الطرق ليس من البر الصيام في السفر ، وذكر الحميدي في مسنده (2/381) : أن سفيان بن عيينة قال : وذكر لي أن الزهري كان يقول : ولم أسمعه أنا : ليس من البر الصيام فى السفر ، وذكر الخطيب في الكفاية أن الصحابي صحفه على لغته ، قال الحافظ في التلخيص : وهو الأوجه عندي .ا.هـ.
- ونقل نفس الكلام في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيح (2/427) وهو المرتب حسب الأبواب الفقهية .
هذه أقوال أهل العلم في الحديث بهذا اللفظ ، وهناك أقوال أخرى كثيرة لأهل اللغة لم أوردها خشية الإطالة "
وعيب البحث هو :
تركيزة على اللغة من هلال ابدال اللام ميم بينما لا يوجد شرح والا استفادة من معانى الجملة التى تعنى :
أن كل من يصوم فى السفر عاصى لحكم الله مكذب عليه وعليه أن يتوب من ذنبه