خواطر حول كتاب جماليات الفيلسوف كانت الفن الجميل والعبقرية
الكاتب هو دوغلاس بنهام وكمعظم ما يأتى من المقالات من الغرب يبدأ الكاتب كتابه بعبارات غامضة عما يجعل الفن جميل ويعرف العبقرية حيث قال :
"الفنون الجميلة والعبقرية:
يمكن القول ان العامل الذي يجعل الفن الجميل ممكنا، هو ان هذا العامل بحد ذاته ليس منتجا، لا بالعبقرية الفردية ولا (ما لابد من إضافته) من خلال ثقافة الفنان، او تاريخه او تربته،وما الى ذلك. ومن التعريف المقدم للعبقرية بوصفها تلك الموهبة التي تستطيع بها الطبيعة اضفاء القواعد على الفن بالامكان ان تتولد (بالاخذ والرد!) "
الكلام السابق هراء فكيف يكون المنتج الفنى وهو العمل ليس منتجا من خلال أى شىء من العبقرية أو الثقافة أو التاريخ ...؟
وافترض الكاتب افتراضات عدة للوصول للاجابة حيث قال:
"الافتراضات الرئيسة التالية:
أولا، يعد الفن الجميل نتاجا يقوم به أفراد من البشر ولكنهم ليسوا” افرادا عارضين “ cantingent individuals وأعني بذلك ليس من قبل الطبيعة البشرية بمعناها” التجريبي المعروف “
ثانيا، ليس بامكان الفن الجميل بوصفه جماليا (مثلما الطبيعة هي ذاتها جمالية aesthetic بهذا المفهوم) ان يخلو من قواعد محددة او مفاهيم معينة، عند انتاجه او الحكم عليه. ومع ذلك فالعبقرية تمدنا بقاعدة، تصلح للتطبيق في مثال ملموس، عن طريق التكوينات الدقيقة التي تصوغها القابليات (والتي هي مرة اخرى” طبيعية “ بالمعنى الاول السالفة الذكر) العقلية للعباقرة.
ثالثا، وبذا تعد القاعدة، التي تمدنا بها العبقرية، قاعدة تتحكم بدرجة اكبر من السابق بماهية ما ينتج وليس بكيفية انتاجه."
ووصل الكاتب إلى كل الفن كله مجرد عرض لموضوع يجعل الموضوع غامض حيث قال :
"لذا فبينما يعد الفن الجميل كله” عرضا “ presentation يمثل شيئا جميلا لموضوع ما نجد ان هذا يضفي بعضا من غموض على الحقيقة القائلة بان إنشغال العبقري ينصب على الخلق الاصيل للموضوع الذي هو بصدد تقديمه ان” الكيفية “ عادة ما يبلغ عنها، على نحو عميق، بواسطة التدريب والتقنية، وبذا، تكون محكومة بالذائقة. "
وهو كلام متناقض فالعرض هو توضيح فى كل الأحوال وليس غموض
وتناول أن الذائقة عند ايمانويل كانت قدرة قيمية وليست إنتاجية حيث قال :
"ويزعم كانت ان الذائقة ماهي الا قدرة قيمية evaluative faculty وليست انتاجية ( secretary 48 ) وهكذا سيحاول ان يفرق في نهاية القسم 47 بين” مادة “ material تسد الحاجة و” شكل “ يطمح الى الاتقان."
وهو كلام فارغ فكل عمل له قدرة قيمية فعلية بغض النظر عن النصابين الذين يبيعون الأعمال على أنها قدرة قيمية للمغفلين فالعملية فى الأساس هى عملية نصب مالية فلا قيمة للشىؤ إلا تكلفته وهامش ربح لا يتعدى قيمة التكلفة الفعلية كما قال سبحانه :
" لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفا"
والمعنى لا تأخذوا الربح أكثر من الضعف وإلا فهو مال حرام وهو ما يحدث فى عمليات بيع تلك العمال التى يسمونها فنية
والافتراض الرابع عبر عنه حيث قال :
"رابعا، وبسبب هذا تعد الاصالة originality احد مميزات النبوغ.
وهذا يعني ايضا ان الفن الجميل لا يعد، بالمعنى الضيق للكلمة،” تقليدا “ imitation لفن سابق، على الرغم من أنه قد” يحذو “ حذو فن سابق او يكون” متأثرا “ inspired ( sec47 )
خامسا لابد للفن الجميل، ومثلما ذكرنا سابقا، ان يكون له” شكل الطبيعة “ ( sec46). ذلك لان قواعد انتاجه (وتعني بذلك اي مفهوم او مجموعة مفاهيم تتعلق بالموضوع وبـ” كيفية “ إنتاجه التي تتيح للعبقري ان ينتج من الناحية العملية شيئا محددا) تحدد” اصالة جذرية “. لذلك، فالفن يعد” طبيعيا “ natural بالمعنى الثاني للكلمة، المذكور سابقا، لكونه يقع خارج دائرة الانتاج او اعادة الانتاج التي تدرك بها انواع الفنون الاخرى جميعها على وجه العموم (وبذا فهي مرة اخرى غير متاحة للتقليد) "
والكلام السابق هو وهم ونصب يبيعه النقاد والفنانين للمغفلين وهو ما أسفر عن عملية تضخم مالى لا أساس لها فى المجتمعات التى تعتمد بيع الأعمال مسمية إياها فنا
وذكر الكاتب ان كانت تكلمك فى نقاط فى الموضوع حيث قال مبينا بعضها:
"ولقد ادى هذا بكانت الى الادلاء ببعض التعليقات الموحية، وان لم يجر قط لحد الان الاخذ بها جميعا، عن بعض التأثيرات والمدارس الفنية، وعن دور الثقافة، وعن التقنية والتربية وما الى ذلك (أنظر sec50 و Sec49)
وبوضعه للفروق المميزة المتنوعة بين مادة matter وشكل form التعبير في عمل العبقرية، او لمرة ثانية، بين الموضوع وطريقة تقديمه، يحاول كانت ان يستعمل هذه الفروق في دراسة موجزة مقارنة، وان كانت غير متراكزة لتشكيلات الفنون الجميلة (من 51 sec الى 53 sec). فهو يقسم كل الفنون الجميلة، وبموجب طريقة تقديمها، الى فنون كلامية arts of speech ( وبخاصة الشعر، الذي يضعه كانت في مصاف ارقى الفنون جميعا) والفنون ذات الشكل البصري arts of usal form ( النحت والعمارة والرسم)، والفنون التي تشتمل على تمثيل لثغرات حسية (الموسيقى) وتجري المعالجة في الصفحات الاخيرة من هذا الجزء من كتاب كانت بمجموعة من التعليقات المثيرة للفضول عن” الباعث على السرور “ the gratifying ( مع انه ليس جماليا، الا انه ما يزال من الناحية النسبية يعد نشاطا حرا) مثال ذلك حسن الدعابة hummar."
بالطبع كانت هنا يستخدم الوسائل فى غير مسارها الطبيعى فالفنون الجميلة ليست سوى وسائل المفروض أنها تستعمل فى بيان الحق من الباطل وليس لبيع أعمال فنية فتلك الأشكال صوتية أو ملموسة او مرئية هى منتجات إنسانية
وتناول الكاتب أنه حتى ألآن لم يفهم طبيعة الموهبة التى تنتج الفن الجميل حيث قال :
"ونحن لم نقم لحد الآن، من ناحية ثانية بتوضيح نوعية الشيء الذي تمدنا به القاعدة التي تمدنا بها العبقرية. لذلك فنحن لم نتوصل بعد لفهم طبيعة” الموهبة “ التي يتطلبها انتاج الفن الجميل لكي يسمى عملا عبقريا. فالعبقرية تمدنا بالمادة الخام للفن الجميل. بينما تمدنا الذائقة بالشكل. والجميل هو دائما ذو شكل farmalK ، ومثلما اكتشفنا ذلك للتو. إذن، ما الذي يميز” مادة “ عن اخرى، بقدر ما يحتاج العبقري لذلك؟ يقول كانت، أن ما يفعله العبقري هو نفخ” الروح “ saul او” الحياة “ spirt في الشيء الذي من نواح اخرى، لم تنفخ فيه الروح بعد. ولكي يبدو على هذه الفكرة ذات الخصوصية، انها تستعمل بمعنى يناظر قولنا أن أحدا ما” ذو روح “ has saul ، والتي تعني بأنه ذو نبل او انه ذو شخصية اخلاقية تصلح مثالا، وعلى قدر مقارنتها بأخرى سطحية اي بهيمية الطابع، فان كانت يعني أيضا، وهو يسير في هذا على خطى التقاليد الارسطية، بأنها تلك الروح التي تجعل الشيء نابضا بالحياة بدلا من كونه مجرد مادة. وهذا يعني احتمال وجود فن جميل خال من الحياة ولكنه سيكون حينئذ غير مثير للاهتمام الكبير (ولربما يكون الجمال المجرد المذكور انفا احد الامثلة) ويحذر كانت ايضا من احتمال وجود هراء nonsense فيه حياة، الذي هو بدوره لربما يكون غير مثير للاهتمام الكثير."
ومن الكلام الفائت نجد أن الكاتب يركز على أن الموهبة تنتج شكلا مختلفا ومع هذا يناقض كلاك كانت عن الروح والتى يعتبرها الأخلاق الحميدة أو النبالة فى الخلق
وتناول أن العبقرية هى من تحيا العمل الفنى بنفخ الروح فيه حيث قال :
" أن العبقرية تنفخ الحياة في الاعمال الفنية، بمنحها الحياة، وهي تفعل ذلك بربطها العمل الفني بما سيسميه كانت بعدئذ ب ”الفكرات الجمالية “ aesthetic ideas . ولقد جرى تعريف هذه سابقا. ان الفكرة الجمالية هي التي يقوم التخيل imagintion بعرضها استنادا الى فكرة مناسبة. وتعد هذه” نظيرا “ للافكار العقلانية” (التي صادفتنا سابقا عند الحديث عن الجليل)، وهي تلك الافكار التي لا يمكن ان تكون ملائمة لاي شيء محسوس او متخيل.
ويعد كل منها متجاوزا، ان جاز القول، ولكن في جوانب مختلفة من عدتنا الادراكية. وغالبا ما تتجلى الافكار الجمالية بكونها” راشحة “ straining لظهور الافكار العقلانية، وهذا هو ما يمنحها صفة التجاوز على اية مفاهيم محددة.
لقد ظهر لدينا، في الحكم على الجميل، توافق بيت التخيل imagintion والفهم understanding ، لدرجة ان كلا منهما زاد من سعة الاخر."
ومن الكلام الفائت نجد الكاتب يربط بين التخيل والفهم
وتناول كيفية التفرقة بين الطبيعى والمصطنع حيث قال :
"وكان كانت هنا بصدد القول: بان هذا يصح بالتأكيد على احكام الذائقة، سواء أكانت عن أشياء طبيعية او مصطنعة. وبات الان بمقدورنا نحن التمييز بين نوع من التوافق يحصل عند تجربة شكل جميل ليس غير، او توافق يحصل عند تجربة شيء جميل هو بذاته يعد تعبيرا عن شيء ما مع انه ارفع منزلة منه ولكنه” لا يتيح فرصة للتعبير عنه بأية طريقة اخرى “ (ان الاشارة الى كلمة” تعبير “ expression مهمة، ذلك لأنه، انما يحاول كانت ان يصفه هو عملية تخص الجمالي، وليست عملية تخص فهم شيء ما بوساطة المفاهيم، ومن ثم سريان ذلك الفهم).
ويعد الفن الجميل الذي تلقى نفخة الحياة جميلا، ولكنه فضلا عن ذلك يعد تعبيرا عن حالة عقلية تتولد من فكرة جمالية."
وبالطبع الكاتب لا يقصد بث الحياة الحقيقة فى العمل من خلال اكتماله فهو معنى معنوى فاللوحة مثلا ليست حية تتكلم وتتنفس وتأكل وتشرب وإنما يتحدث عن تأثير العمل فى الغير
وتناول أن المقاطع التى تكلم فيها كانت الموضوع مختزلة وهى تعتبر العمل الفنى عرض لما فى العقل حيث قال:
"وتعد المقاطع ذات الصلة بالموضوع في ( sec49) مشوشة ومضغوطة على حد سواء، اذ يبدو ان لدى كانت طريقتين مختلفتين بمقدور الافكار الجمالية بهما بث الحياة في الفن الجميل. اولاهما هي اعتبار الفكرة الجمالية” عرضا “ للفكرة العقلانية ((وواحدة من الامثلة التي يسوقها كانت هنا هي الفكرة الاخلاقية التي تكمن خلف نزعة الخير العالمية casmopolitan benenvolence ( الكوزموبوليتاني cosmopoitan هو الشخص الذي يعد نفسه مواطنا في هذا العالم، ويعتقد ايضا بان الحدود بين الدول والقوميات والاديان هي سبب الشرور كلها ـ المترجم) ونحن نعلم بالطبع بأن لا وجود لمثل هذا العرض.
واوضح مثال على ذلك لربما يكون أحد الروائيين أو كاتب مسرحي يحاول تصوير شخصية ذات رفعة اخلاقية، وبما أن جانبا مهما من منظومتنا الاخلاقية” يتعالى “ Teansends عند كانت فوق عالم الظواهر phenanan ، ينبغي اذن ودائما، وجود نوع من مزاوجة غير ملائمة بين الفكرة وتصوير الشخصية فتبدو الفكرة الجمالية هنا، وكأنها تقوم بوظيفتها بحض فضلة ملحقة، او ذات علاقة منطقية، من تفكير يعد” مناظرا “ analogical على نحو مباشر لفضلة من عروض خيالية ذات علاقة منطقية تتطلب الافكار العقلانية وجود هذه الفضلة.
(وقد لاحظنا وجود علاقة مشابهة بين ما تتطلبه الافكار العقلانية والنشاط التخيلي في تحليل كانت للجليل the Sublime ) وثمة هنا، وبالتأكيد من وجهة نظر جدلية، ما يعد مناظرا لمفهوم” الصورة السالبة “ negatiue exhibition . وسيشتمل هذا غالبا عند الممارسة على ما يسميه كانت بـ” الصفات الجمالية aesthetic attributes وهي صور فورية اكثر اعتيادية، وبذا، يعد نسر جوبيتر بالوميض الذي ينبعث من مخالبه صفة تلك السماء الكلي القدرة “"
ومن السابق نجد أن كانت يريد من الروائى أو المسرحى أن يبين فى رواياته أو مسرحياته ان يبين الحق والباطل أى الحرام والحلال للبعد عن الحرام والاقبال على عمل الحلال
وتناول الكاتب استحالة أن يكون العرض مثاليا أى كاملا حيث قال :
طثانيا استحالة ان تكون الفكرة الجمالية عرضا كاملا او مثاليا لخبرة تجريبية ممكنة او لمفهوم (الموت، الحسد، الحب، الشهرة، هي الامثلة التي يسوقها كانت) الذي يعبر عنها، فهنا لا تقوم الفكرة الجمالية بعرض فكرة عقلانية معينة كما لو انها وظيفة عامة للعقل، ومثال ذلك النضال لبلوغ ضخامة قصوى، او شمولية، او نهاية سلسلة (مثلما ورد في تفسير كانت للجليل الرياضي). والنتيجة هنا، مرة اخرى، هي”اتساع“ expension ذو علاقة منطقية للمفهوم بما هو وراء الحدود المقررة. وفي اي من الحالتين، لا تعد الفكرة الجمالية عرضا فحسب، وانما تعد من تلك التي ستضع التخيل والفهم على طريق التوافق، وذلك بخلقها النوع ذاته من شعور السرور المستقل والمكتفي ذاتيا كما هو الحال مع الجميل."
وتناول أن نظرية كانت عن العبقرية غامضة وتفتقد للدقة حيث قال :
"لقد احدثت نظرية كانت عن العبقرية، وعلى الرغم من غموضها وافتقادها الى الدقة الفلسفية البالغة، تأثيرا هائلا، بخاصة في موضوع الفصل الجذري بين العبقرية الجمالية والعقل العلمي، وذلك بالتأكيد على اسلوب التعبير الاقرب للاعجاز (من خلال الافكار الجمالية والصفات) للحالة العقلية المثارة على نحو يفوق الوصف، والتي تمثل حلقة الوصل بين الفن الجميل ومحتواه الماورائي metaphysical وهو ما تتطلبه الاصالة الفطرية، وهي ما يجعل الشعر يتبوأ مكانته في اعلى سارية الفنون جميعا، وهذه الدعوات (وان لم تكن جميعها قد استقت فرادة كلية عند كانت) كانت معروفة وشائعة الى حد بعيد لأكثر من قرن بعد كانت، حين احتج الحداثويون madernists ( وعلى نحو يناقضون به أنفسهم غالبا) ضد مفهوم الفنان باستعمالهم” الكتابة الآلية “ acctomatc writing او” المواضيع المبتدعة “ found ebjects وان هذا المفهوم عن الفنان العبقري هو الذي كانت تتركز ضده ردود افعالهم اغلب الاحيان"
وما نقلناه عن القوم من نظريات عن العبقرية موجود فى كتب التراث عندنا باسم الفراسة أو الذكاء وهى أقوال وهمية لنها نظرية تفترض مالا وجود له وهو أن الله اعطى البعض قدرة خارقة فى شىء أى معجزة وهو ما منعه الله بتسميته الحقيقية وهى الآية وهى المعجزة حيث قال :
" وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
فكل الناس لديهم نفس النفس كما قال سبحانه :
" ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة"