مراجعة لمقال حديث الحجل
الكاتب هو محمد أمجد البيطار وموضوع المقال هو إباحة الرقص بناء على رواية الحجل وقد ابتدأ الكاتب بذكر قول للبيهقى في إباحة الرقص في الذكر حيث قال:
"قال الهيتمي في كتابه "الفتاوى الحديثية" ـ بعد أن سئل عن رقص الصوفية أثناء الذكر ـ صفحة: (212) : ((نعم له أصل فقد رُوى في الحديث أن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه رقص بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له: "أشبهت خَلْقِي وخُلُقِي" وذلك من لذة الخطاب ولم ينكر عليه صلى الله عليه وسلم))."
وذكر الكاتب استدلال الغزالى والمقدسى بتلك الرواية حيث قال :
"وكذلك استدل لرقص الصوفية بهذا الحديث كل من الغزالي في كتابه "الإحياء" (2ـ331) ومحمد بن طاهر المقدسي في كتابه "صفة أهل التصوف" صفحة: (157)."
وقد رد البيطار على تلك الفتاوى فبين أن أسانيد الرواية المتعددة كلها معلولة مجروحة حيث قال:
"وهذه الاستدلال يرد من حيث الثبوت ، ومن حيث المعنى:
أولاً ـ من حيث الثبوت.
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده رقم: (1ـ108) قال حدثنا أسود بن عامر أنبأنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ عن علي رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وجعفر وزيد ، فقال لزيد: أنت مولاي فحجل وقال لجعفر: أنت أشبهت خلقي وخلقي فحجل وراء زيد. وقال لي: أنت مني وأنا منك فحجلت وراء جعفر.
ومن طريق إسرائيل ، رواه البزار في مسنده (2ـ316) والبيهقي في السنن (10ـ226) والآداب (2ـ356)
وهذا الإسناد ضعيف:
في السند هانئ بن هانئ.
قال عنه علي بن المديني: "مجهول".
وقال حرملة نقلاً عن الشافعي: "هانئ بن هانئ لا يُعرف وأهل العلم بالحديث لا يثبتون حديثه لجهالة حديثه" .
وقال الحافظ ابن حجر في التقريب: "مستور".
وقال البيهقي: هانئ بن هانئ ليس بالمعروف جداً ، وفي هذا إن صح دلالة على جواز الحجل ، وهو أن يرفع رجلاً ويقفز على الأخرى من الفرح ، فالرقص الذي يكون على مثاله يكون مثله في الجواز ، والله اعلم.
وفي السند أيضاً أبو إسحاق السبيعي "مدلّس مختلط" ، ولم يصرح بالسماع في هذا الطريق ، فحكم السند الانقطاع ، كما هو مقرر في علم الحديث. ورواه ابن سعد في "الطبقات" (4ـ35) من طريق أخرى فقال أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: إن ابنة حمزة لتطوف بين الرجال إذ أخذ علي بيدها فألقاها إلى فاطمة في هودجها ، قال: فاختصم فيها علي وجعفر وزيد بن حارثة حتى ارتفعت أصواتهم فأيقظوا النبي صلى الله عليه وسلم من نومه قال: هلموا أقض بينكم فيها وفي غيرها فقال علي: ابنة عمي وأنا أخرجتها ، وأنا أحق بها وقال جعفر: ابنة عمي وخالتها عندي. وقال زيد: ابنة أخي. فقال في كل واحد قولا رضيه ، فقضى بها لجعفر ، وقال: الخالة والدة فقام جعفر فحجل حول النبي صلى الله عليه وسلم دار عليه فقال النبي عليه السلام: ما هذا.؟ قال: شيء رأيت الحبشة يصنعونه بملوكهم.
وهذا إسناد ضعيف.
لأنه مرسل ، محمد الباقر ليست له رواية عن جده الحسين بن علي ، فضلاً عن أبي جده علي ، ومثله جعفر وزيد فقد استشهدا في غزوة مؤتة ، رضي الله عنهم.
ورواه ابن سعد في "الطبقات" (8ـ160) من كلام شيخه ، قال: قال محمد بن عمر: فقام جعفر فحجل حول رسول الله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما هذا يا جعفر؟ فقال: يا رسول الله كان النجاشي إذا أرضى أحدا قام فحجل حوله.
وهذا إسناد شديد الضعف مع ما فيه من انقطاع بيّن
محمد بن عمر هو الواقدي ، قال الحافظ في التقريب: متروك.
ورواه البيهقي في دلائل النبوة (4ـ246): حدثنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا الحسين بن أبي إسماعيل العلوي، ثنا أحمد بن محمد البيروتي، ثنا محمد بن أحمد بن أبي طيبة، حدثني مكي بن إبراهيم الرعيني ثنا سفيان الثوري عن أبي الزبير عن جابر، قال : لما قدم جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة تلقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما نظر جعفر إليه حجل - قال مكي : يعني مشى على رجل واحدة - إعظاماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عينيه. ورواه محمد بن جميع في كتابه "معجم الشيوخ" (1ـ171) من طريق مكي بن إبراهيم ، وكذلك الطبراني في الأوسط (6ـ335) ولكنهم قالوا: مكي بن عبد الله الرعيني نا سفيان بن عيينة عن أبي الزبير عن جابر قال: لما قدم جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة تلقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما نظر جعفر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حجل إعظاماً منه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عينيه.
وهذا إسناد ضعيف أيضاً.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد: (5ـ209) فيه مكي بن عبد الله الرعيني ، وهو ضعيف.
وأورد الحافظ ابن حجر ، مكي بن عبد الله ، في كتابه لسان الميزان (6ـ87) وضعفه ، وعد هذا الحديث من مناكيره.
وفي الإسناد أيضاً أبو الزبير المكي ، متهم بالتدليس ، ولم يصرح بالسماع."
وما سبق من نقد اعتمد البيطار فيه على النقل من كتب الحديث من خلال نقد الرجال وروايات الحديث
وأما المعنى وفهم النص فبين أن الرواية حتى لو حدث فيها رقص وهو الحجل فغلم يكن في موضوع الذكر وإنما كان فرحا بشىء أخر حسب كل رواية وفى هذا قال :
"ثانياً ـ من حيث المعنى وفهم النص.
على فرض ثبوت الحديث ، فهو يدل على جواز الرقص كما قال الفقهاء ومنهم الإمام البيهقي كما في السنن (10ـ226) حيث عنون على هذا الحديث: باب: من رخص في الرقص إذا لم يكن فيه تكسر وهذا مثاله ما يعرف بالرقص بالسيف والحربة ، وهذا لا إنكار عليه ، ولكن أن ينضم هذا الرقص إلى ذكر الله ، وهو العبادة المحضة ، فهذا من الباطل ، وأشد منه إذا ضمت له المعازف ، وأخذ الراقصون يلحنون بذكر الله ."
ذكر البيطار لحديث الحجل ثلاث روايات وهى :
الأولى :
"أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وجعفر وزيد ، فقال لزيد: أنت مولاي فحجل وقال لجعفر: أنت أشبهت خلقي وخلقي فحجل وراء زيد وقال لي: أنت مني وأنا منك فحجلت وراء جعفر"
الثانية:
"إن ابنة حمزة لتطوف بين الرجال إذ أخذ علي بيدها فألقاها إلى فاطمة في هودجها ، قال: فاختصم فيها علي وجعفر وزيد بن حارثة حتى ارتفعت أصواتهم فأيقظوا النبي صلى الله عليه وسلم من نومه قال: هلموا أقض بينكم فيها وفي غيرها فقال علي: ابنة عمي وأنا أخرجتها ، وأنا أحق بها وقال جعفر: ابنة عمي وخالتها عندي. وقال زيد: ابنة أخي. فقال في كل واحد قولا رضيه ، فقضى بها لجعفر ، وقال: الخالة والدة فقام جعفر فحجل حول النبي صلى الله عليه وسلم دار عليه فقال النبي عليه السلام: ما هذا.؟ قال: شيء رأيت الحبشة يصنعونه بملوكهم"
الثالثة :
"لما قدم جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة تلقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما نظر جعفر إليه حجل - قال مكي : يعني مشى على رجل واحدة - إعظاماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عينيه"
ونلاحظ أن الروايات الثلاثة متعارضة:
الأول عدد من أتوا النبى (ص):
في الأولى على وجعفر وزيد وأيضا فى الثانية ثلاثة وفى الثالثة واحد وهو جعفر
الثانى سبب الحجل ففى الأولى التشابه بين جعفر والنبى(ص) " أشبهت خلقى وخلقى" وهو ما يعارض أن السبب قضاء النبى(ص) لجعفر بابنة حمزة لأن خالتها زوجته "فقضى بها لجعفر" والسببان يعارضان السبب الثالث نظر جعفر للنبى(ص) " فلما نظر جعفر إليه حجل"
ومن ثم الروايات كلها لم يثبت منها شىء
الرواية الأولى الغلط فيها القول أنت منى وأنا منك فهو قول محال فلا يمكن ان يكون على ابن محمد(ص) ولا العكس وهو على والد محمد(ص)
والرواية الثانية وهو قضاء النبى(ص) لجعفر بابنة حمزة يخالف أن الأولى بها هو النبى(ص) نفسه لأنها حسب التاريخ ابنة عمه وابنة اخيه من الرضاعة كما أن زوجاته كثيرات وليس معهن ولد أو بنت إلا نادرا والغلط الثانى هو زواج جعفر من خالة ابنة حمزة وهو أمر لا يجوز لأنه تزوج أم من أمهاته لأن عمه حمزة إذا كان تزوج أختها فقد حرمت على جعفر واخوته كما حرمت زوجة حمزة عليه لكونها زوجة عمه أى أم من أمهاته وكذلك أختها
والغلط في الثالثة هو قدوم جعفر وحده من الحبشة وهو ما يخالف أن الروايات الأخرى تقول أنه قدم في جماعة منهم زوجته