خواطر حول كتاب التكرار لا يعلم الشطار
الكاتب محمد مختار وقد ابتدأ الكلام بالحديث أن البحوث تدل على أن تكرار الشىء عدة مرات يعد عاملا مساعدا على تغيير السلوك وهو قوله حيث قال:
"أوضحت بحوث الاتصال المتعلقة بالرسائل التي تهدف إلى إقناع المتلقي بتبني اتجاهات جديدة، أو القيام بالسلوك الذي تحبذه عملية الاتصال الإقناعي .. أن تكرار مضمون الرسالة الاتصالية الإقناعية سيكون في الغالب عاملا مساعدا على تغيير السلوك؛ فخطيب الجمعة مثلا إذا كرر في كل صلاة جمعة الدعوة للمصلين باصطحاب أطفالهم للمساجد حتى يعتادوا الصلاة، مع التنبيه على ألا يسبب الصغار ما يزعج المصلين؛ فإن صحن المسجد سيمتلئ جمعة بعد أخرى بأطفال مهذبين يسكنون حتى تنتهي صلاة الجمعة، ثم يبدأ كل صغير منهم بالتعلق بوالده وهو يسجد، أو يقلده في سجوده ببراءة تزيد من الجو الروحاني الذي يشعر به المصلون."
والمثال الذى ضربه الكاتب على اصطحاب الطفال للمساجد هو مثال خاطىء يتعارض مع وجوب أن يكون من في المساجد هم الرجال كما قال سبحانه :
"لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين"
وقال :
"فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له بالغدو والأصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله"
وعلى الرجال تعليم الأطفال الصلاة في البيوت أولا حتى إذا شبوا وعقلوا ذهبوا للمساجد التى لها احترام وقدسية المسجد لا تتفق مع أفعال الأطفال من اللعب والشغب وضرب بعضهم بعضا
ومما لاشك فيه أن تعويد الطفل على شىء عن طريق التكرار يجعله بتعلمه ويواظب عليه
وتناول ما يحدث في الاعلانات التجارية من تكرار الاقناع الكثير الذى قد يدفع البعض إلى تجربة المنتج أو السلعة وهو ما يراد من نشر الإعلان وهو قوله حيث قال:
"ولعل استخدام التكرار في الإعلانات التجارية كان الغالب على الرسائل الإقناعية التي يتعرض لها كل منا؛ فحملات الإعلان التي تطلب من المستهلكين شراء نوع بعينه من مساحيق الغسيل أو مشاهدة فيلم سينمائي تلاحق المتلقي للرسالة الإقناعية، والذي يجدها تطرق أذنه وعينيه أيضا في وسائل الاتصال الجماهيري، كالإذاعة أو التلفزيون، أو حتى عند استخدامه للإنترنت، في كل مرة يستخدم إحدى هذه الوسائل للحصول على معلومة أو سماع نشرة الأخبار، أو حتى عند مشاهدته لمسلسل درامي."
وتساءل الكاتب عن كون التكرار ناجح في كل الأحوال أم لا ثم قام بالإجابة حيث قال:
"ولكن هل تكرار رسالة الاتصال الإقناعية تقنية ناجحة في كل الأحوال؟
بمعنى: هل إذا استمر خطيب الجمعة في الإلحاح على المصلين باصطحاب أطفالهم، فإن صحن المسجد سيمتلئ في كل مرة بالأطفال أكثر من المرات السابقة، حتى يصبح الصغار هم الأغلبية في المسجد، وتدريجيا لا يجد آباؤهم مكانا للصلاة؟ وهل إذا استمرت الشركة التي تنتج مسحوقا معينا للغسيل في الإلحاح على المشترين لشراء إنتاجها، فإن مبيعات الشركة ستزداد حتى تصبح غير قادرة على تلبية احتياجات الزبائن؟ هل المسألة بهذه البساطة؟ هل بمجرد التكرار تزيد فاعلية الاتصال وقدرته على الإقناع؟"
واستنتج الكاتب أن التكرار الكثير قد يدفع إلى الملل أو يدفع إلى الامتناع عن الذهاب للمكان أو عن شراء السلعة وهو قوله حيث قال :
"بالطبع فإن الداعية الماهر هو الذي لا يتورط في الإلحاح على أفراد حقل دعوته بنفس الرسالة الإقناعية الدعوية حتى يمل هؤلاء من الرسالة الاتصالية والقائم بالاتصال نفسه، وحتى فيما يتعلق بالحملات الإعلانية التجارية؛ فإن تحليل نتائج هذه الحملات يشير إلى أنه على الرغم من فوائد استخدام تقنية التكرار؛ فإن هذه التقنية قد تسبب ملل المتلقي وضجره، حتى إنه أحيانا قد يقف موقفا سلبيا من القائم بالاتصال والرسالة، فيتوقف المتلقي عن مشاهدة المسلسل مثلا، أو يتجنب على الأقل الفترة الإعلانية التي تسبقه، وربما يقرر من باب الانتقام الامتناع عن شراء مسحوق الغسيل الذي تنتجه هذه الشركة التي تلح عليه ليل نهار، وتحاصره، وتزعجه في كل وسائل الاتصال."
وتناول وجوب تنويع الاعلان أو الاقناع حسب بحوث الاتصال حيث قال :
"إن بحوث الاتصال تقترح على القائم بالرسالة الإقناعية أن يعمد في كل مرة يكرر فيها رسالته للمتلقي بأن ينوع في هذه الرسالة، ويغير قليلا في أشكال تقديمها، وحتى في القليل من محتواها؛ فالداعية الذي يحاول إقناع أفراد حقل دعوته بالمواظبة على الصلاة في المسجد يستخدم -كرسالة إقناعية- الأدلة الشرعية على وجوب الصلاة بالمسجد، وفي مرة أخرى الأحاديث الشريفة التي تبين فضل صلاة الجماعة، وفي مرة ثالثة يشير إلى أن الأطفال سيكونون أكثر سعادة وهم يصاحبون آباءهم إلى المسجد، وسيكون هذا مشجعا لهم على الصلاة بانتظام في المستقبل، واحترام آبائهم وطاعتهم."
ومما لا شك فيه أن التكرار الكثير حتى مع التنويع قد لا يفيد في أحوال كثيرة فمثلا حكاية الخطيب الذى يدعو لاصطحاب الأطفال للمسجد نتيجة التجارب وهى حدوث الشغب واللغط واللعب في مرات عديدة سيدفع الآباء إلى مع الأولاد من الذهاب للصلاة في المساجد العامة حرصا على على الهدوء وقدسية الصلاة التى لا تتفق مع القول المعروف " من قال لصاحبه أنصت والإمام يخطب فقد لغا"
وفى أحيان كثيرة تكرار الإعلانات لا يدفع الناس إلى شراء المنتج لأن المنتج قد يكون غاليا أو عرف الناس من خلال تجارب البعض أن هناك ما هو ارخص منه وأوفر في المال مع قيامه بنفس العمل أو عرف من خلال حملات المقاطعة أن أهل الشركة هم من ضمن من يسبون الإسلام او نبيه ومن ثم سيترك المنتج
وتناول مختار نجاح حملات تنظيم الأسرة نتيجة لإنتاج أفلام دعائية متنوعة تبين مخاطر كثرة الإنجاب حيث قال :
"وفي إحدى الدول العربية التي تتسم بكثافة السكان، حققت حملات تنظيم الأسرة نجاحا ملحوظا بعد أن قام جهاز التعليم والاتصال التابع لهيئة الاستعلامات هناك بإنتاج عشرات أفلام الدعاية القصيرة التي تحض المتلقين على اتباع وسائل تنظيم الأسرة، وكان مما زاد فاعلية هذه الأفلام هو التنوع الواضح الذي اتسمت به، وتنوع الشخصيات الدرامية التي وظفتها هذه الرسائل الإقناعية والقائمون بالاتصال، ومحتوى كل رسالة، حيث كانت تحض في النهاية على تحقيق هدف إقناعي واحد، هو الحد من الإنجاب."
بالطبع تنظيم الأسرة وهو التعبير الأخف لتحديد النسل لم ينجح من خلال الأفلام الدعائية ولكن نجح من خلال عوامل أخرى كقلة الرواتب والمعاشات والتقليل من الفلاحة وهى الزراعة التى كانت تحتاج لأيدى عاملة كثيرة ولكن مع التقدم التقنى قلت الحاجة لتلك الأيدى
ومما لا شك فيه أن عملية التنظيم نجاحها أو فشلها يتوقف على أمور متعددة ليس من بينها التكرار لاعلان مثل اعلان حسنين ومحمدين أو غيره لأن الإنسان في داخله شهوة اسمها شهوة البنين ومن ثم يضطر مشتهى البنين للانجاب الكثير حتى يحصل على العزوة في رأيه وإذا لم يجد العزوة من امرأة تزوج أخرى أو أخريات وفى هذا قال سبحانه:
" زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين"
وتناول أن تكرار الإعلانات جلب فائدة في ذلك الموضوع حيث قال:
"فتكرار نفس الرسالة هنا مع تنويهات من حيث المحتوى والشكل ساهم في زيادة فاعلية الاتصال الإقناعي، على الرغم من أن حملات تنظيم الأسرة في هذا البلد واجهت في بدايتها صعوبات حقيقية، تمثلت في أنها تهدف إلى تحقيق سلوك إقناعي متصل بأفكار تقوم على التقاليد والعادات الاجتماعية الراسخة .. بل والمرتبطة أحيانا بالدين نفسه، وهو أصعب أنواع الاتصال، والذي يهدف إلى تحقيق تغيير في السلوك من خلال إقناع المتلقي بتبني أنماط سلوكية جديدة."
بالطبع إذا عدنا إلى تعداد السكان في بلد كمصر لن نجد نجاحا لأى برامج للتنظيم لأن عدد السكان تضاعف ثلاث مرات في خلال قرن تقريبا أو أقل فالأرقام الشهيرة 34 و70و 105 تؤكد فشلا ذريعا ولكن الفشل في الغالب يعود بالأساس إلى ما يسمى وسائل التنظيم فالكثير منها فاسد ومن ثم تجد المرأة تحمل مرتين وثلاث رغم وجود تلك الوسائل
وتناول الكاتب وجوب وجود نوع من الغموض في الرسائل الإقناعية حيث قال :
"قليل من الغموض لا يضر
إن تنويع الاتصال مبدأ أساسي لتحقيق فاعلية للرسالة الإقناعية عند استخدام تقنية التكرار، ولذلك يتجنب شعور المتلقي بالملل والضجر؛ مما قد يسبب رد فعل عكسيا من جانبه، عند تحقيق سلوك الاتصال، مع الأخذ في الاعتبار أن قليلا من الغموض في الرسالة بدون الإسراف في تضمين أهدافها سيكون فعالا لتحقيق هدف الإقناع
وفيما يتعلق بتكرار الرسالة الإقناعية في عملية الاتصال فإن بحوث الاتصال أوضحت أن عرض أكثر من مبرر أو نتيجة لاتباع السلوك الذي تقترحه الرسالة الإقناعية، وتوزيع هذه المبررات والنتائج ضمن رسائل إقناعية واتصالية متكررة؛ فإن كل ذلك سيزيد من فاعلية الاتصال الإقناعي.
وعلى سبيل المثال فإن حملات تنظيم الأسرة التي تتوجه للمتلقين بأكثر من مبرر لاتباع وسائل الحد من الإنجاب أو تنظيمه على فترات، كانت فعالة بسبب استخدامها لأكثر من مبرر في تكرارها لنفس الرسالة الإقناعية، على سبيل المثال أن تنظيم الأسرة تبعا للرسائل الاتصالية التي حاصرت الجمهور سوف يؤدي إلى علاقة عاطفية أفضل بين الزوجين، وأيضا خلق الأجواء المناسبة لحياة أسرية سعيدة، وكان يتم التأكيد على هذا المعنى من خلال شعار أو عبارة إقناعية "أسرة صغيرة = حياة أفضل" أيضا، وفي مناسبات مختلفة قدم القائم بالاتصال الإقناعي شعارا أو عبارة إقناعية أخرى حول مبرر جديد لتنظيم الأسرة من خلال التأكيد على مساوئ الازدحام وتأثيره السلبي على الأعصاب، وحتى استخدام استمالات تتعلق بالانتماء للوطن لإقناع المتلقي، وفي مناسبات أخرى جرى بث أفلام للدعاية تبين أن صحة الأم تتدهور إذا لم تتبع وسائل تنظيم الأسرة، بل وفي حالات أخرى تم الإلحاح على أن ميزانية رب الأسرة ستتدهور إذا لم يقنع زوجته باستخدام وسائل تنظيم الأسرة."
وبناء على السابق نجد ان ما يقوله الكاتب من نجاح حملات تنظيم الأسرة مع التنويع نجد أن الحكومات ما زالت تعلن أن سبب فشلها ليس فسادها أو جهلها وإنما السبب هو الزياد السكانية وهو اقرار بفشل تلك الحملات
وبناء على السابق نجد أن عوامل نجاح إعلان ما أو عوامل فشله متنوعة
وتناول نجاح حملة المقاطعة للمنتجات الأمريكية والإسرائيلية حيث قال نتيجة العدوان على الفلسطينيين حيث قال :
"ومن الحملات الناجحة أيضا التي استخدم فيها القائم بالاتصال تقنية التكرار بنجاح لزيادة فعالية الرسالة الإقناعية: حملة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية والأمريكية، وذلك مع بداية الانتفاضة الفلسطينية، أو مع دخولها مرحلة حاسمة، على الرغم مما ظهر في البداية من عدم الارتباط بين القضيتين، ولكن مع التركيز في بداية الحملة على ضرورة مقاطعة الشركات التي تقدم دعما للكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة ظهر أن لتكرار الاتصال الإقناعي حول هذه القضية فعالية في إقناع المتلقين بالقضية، وحيث استخدم القائمون بالاتصال أكثر من سبب أو مبرر لإقناع المتلقين بنفس الفكرة عند تكرارها في مناسبات مختلفة.
فمقاطعة البضائع التي تنتجها شركات تساهم في ملكيتها شخصيات مؤيدة لإسرائيل سوف يمنع مزيدا من الدعم لها، وبما يساعدها على التنكيل بالعرب، أيضا استخدم القائم بالاتصال مبررا آخر، هو أن قيام المتلقين بالاتصال بشراء المنتجات الوطنية بديلا عن هذه المنتجات التي تنتجها مصانع وشركات موالية للكيان الصهيوني سيزيد من فرص شراء المنتجات الوطنية، بما سيخلق فرص عمل أكثر للمواطنين.
وفي مناسبات متعددة استخدم القائم بالاتصال مبررات وأسباب متنوعة عند تكرار نفس الرسالة الإقناعية في الاتصال لتحقيق نفس السلوك، وهو ما أدى إلى نجاح سريع وظاهر لعملية الاتصال الاجتماعي في هذه الحملة، حتى إن بعض الشركات المشتبه في تعاونها مع الكيان الصهيوني أصدرت بيانات تنفي ذلك، ثم اضطرت للانسحاب من بعض الأسواق العربية."
والحقيقة أن تلك الحملات لم تنجح بدليل أن الميزان التجارى يزداد سنة خلف سنة لأن التعاملات في الغالب ليست سلعا تنزل الأسواق إلا قليلا كما أن جودة بعض المنتجات ورخصها يدفع الفقراء إلى شراءها
وتناول وجوب تنويع طرق الاقناع في الرسائل الاعلانية حيث قال :
"التنويع شكلا ومضمونا
والنتيجة أن استخدام تقنية التكرار للوصول لسلوك إقناعي للرسالة يكون أكثر فعالية إذا تم هذا الإقناع من خلال التكرار بتنويع الرسالة الاتصالية من ناحيتي الشكل والمضمون معا، ولا يكفي مجرد التكرار لنفس الرسالة للاستفادة من التأثير الإيجابي لهذه التقنية، بل إن التنويع في الأسباب والمبررات، وحتى شكل تقديم الرسالة سيكون ضروريا لتحقيق أثر التكرار، وتجنب أن يصيب المتلقي الضجر أو الملل من نفس الرسالة التي يتعرض لها. ويمكن أن نلاحظ في هذا الصدد أن الحملات الإعلانية التجارية التي استخدمت نفس الرسالة، ولكن حتى مع مجرد التغيير والتعديل في توزيع النغمات الموسيقية المصاحبة مثلا لنفس الإعلان عن نفس السلعة، أو إذاعة جزء من نفس الإعلان .. كان أكثر فعالية فيما يتعلق باستخدام تقنية التكرار في تحقيق أهداف الرسالة الإقناعية."
وكما قيل في السابق نجاح وفشل الرسالة الاعلامية أو الاعلانية يتوقف على عوامل متعددة وما زلنا في بلادنا لا نملك احصاءات دقيقة تبين النجاح من الفشل فى أمر ما