عطيه الدماطى
المساهمات : 2114 تاريخ التسجيل : 18/01/2023
| موضوع: خواطر حول كتاب الآثار المترتبة على تعلم القرآن وتعليمه الجمعة مارس 10, 2023 8:41 pm | |
| خواطر حول كتاب الآثار المترتبة على تعلم القرآن وتعليمه الكاتب هو ماجد بن ماشع مزيد العمري الحربي وقد ابتدأ الكاتب بتعريف القرآن حيث قال : "تمهيد : أولا : تعريف القرآن لغة واصطلاحا : أ - تعريف القرآن لغة : القرآن: التنزيل العزيز، وانما قدم على ما هو أبسط منه لشرفه. قرأه يقرؤه ويقرؤه، الأخيرة عن الزجاج، قرءا وقراءة وقرآنا، الأولى عن اللحياني، فهو مقروء. أبو إسحق النحوي: يسمى كلام الله تعالى الذي أنزله على نبيه، - صلى الله عليه وسلم -، كتابا وقرآنا وفرقانا، ومعنى القرآن معنى الجمع، وسمي قرآنا لأنه يجمع السور، فيضمها. وقوله تعالى: إن علينا جمعه وقرآنه، أي جمعه وقراءته، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه، أي قراءته. قال ابن عباس رضي الله عنهما: فإذا بيناه لك بالقراءة، فاعمل بما بيناه لك . ب - تعريف القرآن في الاصطلاح : هو (( كلام الله المنزل على نبيه محمد (ص)، المعجز بلفظه ، المتعبد بتلاوته ، المنقول بالتواتر ، المكتوب في المصاحف ، من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الناس )) " وتناول فضائل تعليم القرآن وتعليمه حيث قال : "ثانيا : فضائل تعلم القرآن وتعليمه : لقد رغب الإسلام في تعلم العلم وتعليمه عامة ، وجعل ذلك من أفضل العبادات ، ولا شك أن أفضل العلوم وأشرفها وأجلها هو كتاب الله تعالى . وقد حرص السلف الصالح على تعلم القرآن وتعليمه ، وعرف هذا الحرص في سلوك خيارهم وأصفيائهم ؛ وذلك لأنهم استشعروا فضائل القرآن والأجر المترتب على تعليمه وتعلمه في الدنيا والآخرة ، وقدوتهم في ذلك هو نبينا محمد (ص)، الذي أنزل عليه القرآن ، فهو أعرف الناس بمنزلته وفضله . وفضائل القرآن تنقسم إلى قسمين : فضائل عامة لجميع آيات وسور القرآن ، وفضائل خاصة ، في بعض سور وآيات من القرآن الكريم ؛ مثل قراءة آية الكرسي ، والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة ، والفاتحة ، والمعوذتين ، وغيرها ، كما دلت السنة على ذلك ، وسأقتصر على الفضائل العامة ، بذكر أمثلة فقط : 1- قال تعالى : " إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور * ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور) أخبر الله تعالى في هذه الآية عن عباده المؤمنين ؛ أنهم يتلون كتاب ربهم ، ويداومون على تلاوته ، ويعملون بما فيه من إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والإنفاق سرا وعلانية ، راجين من الله ثوابا عظيما ، وأعظمه رضا ربهم ، والفوز بجزيل ثوابه ، والنجاة من سخطه وعقابه . 2- قال تعالى : " إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) يخبر تعالى عن شرف القرآن ، وأنه يهدي ويرشد إلى أحسن وأعدل الأمور في كل شيء في هذه الحياة . 3- قال تعالى : " وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) يخبر تعالى أن القرآن شفاء ورحمة كله - وليس بعضه - للمؤمنين العاملين الصادقين ، أما غيرهم فإنه لا يزيدهم إلا خسارا ، وهذا الشفاء عام لكل مرض من أمراض القلوب ؛ من الشبه ، والجهالة ، والآراء الفاسدة ، والانحراف السيء ، وشفاء للأبدان من آلامها وأسقامها ؛ لما فيه من الوسائل والأسباب المؤدية إلى الرحمة والفوز والسعادة الأبدية ، والثواب العاجل والآجل ." والغلط فى الكلام هو هو كون القرآن شفاء للأبدان من آلامها وأسقامها فقد حدد الله كونه شفاء لنا فى الصدور وهى النفوس ولو فسرنا الصدور على ظاهرا فالمفترض أنه لا يشفى امراض الجسم كلها وإنما أمراض القفص الصدرى فقط نزولا على ظاهرا الآية وهو : " وشفاء لما فى الصدور" وقال أيضا : 4- عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله (ص): (( من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول ( آلم ) حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف )) ودل هذا الحديث العظيم على عظيم فضل الله تعالى ، وأنه جعل بكل حرف عشر حسنات ، فكلما أكثر المسلم من قرآة القرآن ازدادت حسناته ، فلا يفوت المسلم على نفسه هذا الأجر العظيم والخير الكثير ." والرواية بم يقلها النبى(ص) لأن الله لا يحاسب على أجزاء الشىء وإنما علم عمله كله وهو القراءة وهى كلها بعشر حسنات كما قال سبحانه: " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها" 5 - عن عثمان بن عفان ، عن النبي (ص)قال : (( خيركم من تعلم القرآن وعلمه )) . فهذه شهادة حق لأهل القرآن بأنهم خير الناس وأفضلهم ، لأن تعلم القرآن والقيام بتعليمه من أفضل الأعمال ، وأجل القرب ، ويحظى متعلمه ومعلمه بالخير والفضل في الدنيا والآخرة ." والرواية لم يقلها نبى الله(ص) لأن خير المسلمين وهو أفضلهم المجاهدين فى سبيل الله كما قال سبحانه: " فضل الله المجاهدون بأنفسهم وأموالهم على القاعدين درجة" 6 - عن عقبة بن نافع قال : خرج رسول الله (ص)ونحن في الصفة ، فقال : (( أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق ، فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم ولا قطع رحم ؟ )) ، فقلنا : يا رسول الله ؛ نحب ذلك . قال : (( أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله - عز وجل - خير له من ناقتين ، وثلاث خير له من ثلاث ، وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل )) . فدل هذا الحديث الجليل على الحث على قصد بيوت الله ؛ لتعلم القرآن ؛ لما فيها من السكينة والطمأنينة ، وقطع علائق القلب عن شواغل الدنيا ، وبين أن آية واحدة يتعلمها المسلم خير له الدنيا وما فيها ." الرواية لم يقلها النبى(ص) لأن ثواب انفاق ثمن الناقتين هو سبعمائة حسنة أو الضعف كما قال سبحانه: "مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء" وأما ثواب القراءة فهو عشر حسنات لكونها عمل غير مالى كما قال سبحانه : " من جاء بالحسنة فله عشر لأمثالها" وتناول نتائج الإيمان بالقرآن حيث قال : "المبحث الأول أثر الإيمان الصادق بدلالة آيات القرآن إن الإيمان بالله تعالى وآياته وما أنزله في كتابه عقيدة راسخة في قلب كل مؤمن ومؤمنة ، فلا يكون العبد مؤمنا إلا إذا آمن بهذا القرآن العظيم وعمل بما فيه ، والإيمان بالكتب السماوية التي أنزلها الله على أنبيائه ورسله ركن من أركان الإيمان ، وأعظم هذه الكتب وأفضلها القرآن الكريم ؛ لأنه شامل لكل ما في هذه الكتب وزيادة . والمتأمل في قوة تأثير القرآن ؛ يجد أنه قد بلغ مبلغا عظيما ؛ فهو جامع بين قوة الإيمان ، وتدفق البلاغة ، وروعة البيان ، وقوة الخطاب ، وعذب الكلام ، وهو النور المبين ، والسراج المنير ، لما سمعته الجن قالوا : (إنا سمعنا قرآنا عجبا * يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا) فجمعوا بين الإيمان والتقوى ، المتضمن لجميع أعمال الخير ، وترك أعمال الشر ، وجعلوا السبب الداعي لهم إلى الإيمان وتوابعه ؛ ما علموه من إرشادات القرآن ، وما اشتمل عليه من المصالح والفوائد ، واجتناب المضار ؛ فإن ذلك آية عظيمة ، وحجة قاطعة لمن استنار به ، واهتدى بهديه . وقد أقر بعظمة هذا القرآن وتأثيره فصحاء العرب وبلغاؤهم ، فأثر في بعضهم وغير في حالهم من جهل إلى علم ، ومن شرك إلى توحيد ، ومن فرقة وفوضى ، إلى اجتماع وائتلاف ، فدخل الناس في دين الله أفواجا ، وازداد المؤمنون إيمانا ، واطمأنت نفوسهم ، واستبشرت قلوبهم، قال تعالى: (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون) وهكذا ؛ فإن قوة تأثير القرآن تعتبر وجها من أوجه الإعجاز في الكتاب العزيز ، قال تعالى : " الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد) ولقد أيد الله رسوله (ص)بالقرآن ، وأمره أن يدعو به ، ويعتمد عليه ؛ لأن له تأثيرا عظيما في النفوس ، ومن تلكم الآيات التي تبين الآثار الدنيوية والأخروية لمن تأمل وتدبر هذه الآيات : 1 - قال تعالى : " كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين) ،فهو خطاب من الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ لينذر الكافرين بالقرآن ، ويذكر به المؤمنين ؛ لأنهم هم المنتفعون بهديه ، والمتأثرون به ، ولأنه حوى كل ما يحتاج إليه العباد في الدنيا والآخرة ، فعلى من دعا الناس بالقرآن أن لا يكون في صدره حرج وضيق ، وشك واشتباه ؛ لأنه كتاب الله ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فلينشرح به صدره ، ولتطمئن به نفسه ، وليصدع بأوامره ونواهيه ، ولا يخشى لائما أو معارضا . 2 - وقوله تعالى : " وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا) أنزل الله - عز وجل - القرآن الكريم على رسوله (ص)مفرقا على حسب الوقائع والأحداث ؛ ليقرأه على الناس ويبلغهم إياه على مهل ؛ ليدبروا آياته ، ويؤمنوا به ، وكذلك ينبغي على كل من يبلغ الاقتداء برسول الله (ص)، ويدعوهم إليه على مهل ؛ ليتأثروا بما فيه من حكم ومنافع . 3 - وقوله تعالى : " وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون) فقوله : " حتى يسمع كلام الله " أي : القرآن تقرؤه عليه ، وتذكر له شيئا من أمر الدين تقيم عليه حجة الله " ثم أبلغه مأمنه " أي وهو آمن مستمر الأمان حتى يرجع إلى بلاده ومأمنه ، فلو لم يكن القرآن له تأثير بالغ في قلوب سامعيه ؛ لم يكن هو الحد الفاصل لنهاية إجارة المشركين . 4 - وقوله تعالى : "فذكر بالقرآن من يخاف وعيد) ، أي : فذكر بهذا القرآن وما فيه من حكم ومواعظ كل مؤمن يخاف من عذاب الله ووعيده ؛ لأنه يهز القلوب ويجعلها تخاف من شدة الوعيد إن لم تؤمن بالقرآن وتعمل بما فيه ، فهو أعظم سلاح في تذكير الناس ورجوعهم إلى الله تعالى . 5 - وقوله تعالى : " إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا * وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما) يخبر تعالى عن شرف القرآن ، وأنه يهدي للتي هي أقوم ؛ أي أعدل وأعلى ، من العقائد والأعمال والأخلاق ، فمن اهتدى به كان أقوم الناس في جميع أموره ، ويبشر كل مؤمن عمل الصالحات من الواجبات والسنن أن له أجرا كبيرا أعده الله لهم في دار كرامته ، لا يعلم وصفه إلا هو ، وأن من أعرض عنه ولم يؤمن باليوم الآخر استحق العذاب الأليم فالقرآن الكريم اشتمل على بشارة ونذارة ، وأن الأسباب التي ينال بها العبد البشارة هي الإيمان والعمل الصالح ، والتي يستحق بها النذارة هي غير ذلك . ما سبق من الآيات يكفي للدلالة على أثر الإيمان الصادق المتبع للإخلاص والعمل الصالح والحياة الطيبة في الدنيا ، والأجر العظيم في الآخرة ؛ لأن القرآن لا يخبر إلا بأجل وأعظم الإخبارات التي تملأ القلوب معرفة وإيمانا وعقلا ، كالإخبار بأسماء الله وصفاته وأفعاله ، والغيوب المتقدمة والمتأخرة ، وأوامره ونواهيه التي تزكي النفوس وتطهرها وتنميها وتكملها ؛ لاشتمالها على كمال العدل والقسط والإخلاص والعبودية لله رب العالمين ، وحده لا شريك له " وتناول دعوة النبى(ص) بالقرآن وأثرها حيث قال : "المبحث الثاني دعوة الرسول (ص)بالقرآن وأثر ذلك كان الرسول (ص)يدعو إلى الله بالقرآن العظيم بقوله وعمله وهديه ، ولما سئلت عائشة عن خلقه قالت : كان خلقه القرآن. أي أنه يتمثل القرآن في أموره جميعا ، وفي أحواله وأقواله وأفعاله ؛ فيقف عند حدوده ، ويتأدب بآدابه ، ويعتبر بأمثاله وقصصه، وهذه بعض النماذج للدعوة بالقرآن العظيم وتأثيره في نفوص المدعوين : 1 - شأن دعوة الرسول (ص)للملوك والرؤساء بالقرآن ، ومن ذلك الكتاب الذي أرسله الرسول عليه الصلاة والسلام إلى ملك الروم هرقل : (( بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ... فإني أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم ، يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن أبيت فإن عليك إثم الأريسيين . " قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون " والرواية لم يكتبها النبى(ص) ولا قالها لأن تحميل واحد ذنوب الكل يتعارض معه أن الجريمة فردية يتحمل وزرها صاحبها كما قال سبحانه : "ولا تزر وزارة وزر أخرى" وقال أيضا: "إن دعوة الناس بالقرآن ؛ سواء أكانوا مسلمين أو غير مسلمين ، وسواء أكانوا من عامة الناس أو من ملوكهم ليؤثر في نفوسهم أشد التأثير ؛ فهذا النجاشي لم يملك نفسه عند سماع آيات القرآن حتى بكى وخضع من تأثره به . 2 - وللقرآن الكريم أثر بالغ في قلوب أعدائه وخصومه ، فانظروا إلى تلكم الآيات التي قرأها الرسول (ص)على عتبة بن ربيعة من أوائل سورة فصلت إلى قوله : " فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) ، فأوقفه عتبة من شدة ما تأثر به ، حتى قال لأصحابه : خلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه واعتزلوه ؛ فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت نبأ . فقالوا له : سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه . وهكذا من يسمع الآيات من القرآن يخلع قلبه ويقلق ، وما منع هؤلاء من الاستجابة إلا الكبر والعناد ، ولأنهم يعلمون ما يصيبهم عند سماع القرآن من تأثير وإحساس بالغ ، لهذا قال الله تعالى عنهم : " وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون) 3- كما كان عليه الصلاة والسلام يذكر أصحابه بالقرآن من خلال الخطب والصلوات ، فعن أم هشام بنت حارثة بن النعمان قالت : لقد كان تنورنا وتنور رسول الله (ص)واحدا سنتين أو سنة وبعض سنة ، وما أخذت سورة " ق والقرآن المجيد) إلا عن لسان رسول الله (ص)؛ يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس . وعن جبير بن مطعم قال : سمعت رسول الله (ص)يقرأ في المغرب بالطور ، فلما بلغ : " أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون * أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون * أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون) كاد قلبي أن يطير . ولا عجب في ذلك ؛ لأن تأثيره كبير وعظيم ، وكثرة الصلاة مما يعين العبد على تدبر الآيات والتأمل فيها إذا استحضرها ، وخلا قلبه من الوساوس والملهيات ." وتناول أثر القرآن على النفس فقال : "المبحث الثالث أثر القرآن الكريم على النفس البشرية إن للقرآن العظيم أثرا عظيما في حياة المسلم ؛ فهو غذاء للروح والقلب والعقل ، فلا وجود للإنسان بغير الروح والقلب والعقل ، ولا حياة له ولا منزلة بغير القرآن ؛ فهو حياة وشفاء ؛ لأن فيه كل ما يحتاجه المسلم في حياته العامة والخاصة ، والدين والدنيا ؛ فهو شامل للعقائد والعبادات والمعاملات والتكاليف والأحوال والأحكام ، وغيرها ، وكذلك بما يتصل ببناء المجتمع في نواح شتى ، وهو يهدي الناس جميعا للتي هي أقوم ؛ في دينهم ودنياهم وأخراهم ، وذلك لمن قرأه قراءة متأمل متدبر ، فلا شك أنه سيكون له تأثير عظيم في حياة المسلم كلها ، وسببا رئيسا لنجاته وفوزه ، قال تعالى : " قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى * ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى) ومما يدعو إلى هذا التأثر بالقرآن تدبره، والعمل به المؤدي إلى رضوان الله تعالى ، وهذا لا يحصل إلا إذا كانت قراءة القرآن بالتدبر والتأمل في الآيات ، والتفكر فيها وما دلت عليه هذه الآيات ؛ لكي يحصل التأثر والتغيير السوي ، ومما يعين على تدبر القرآن ما يلي : 1 - حب القرآن ؛ لأن القلب هو آلة الفهم والعقل ، وهو بيد الله وحده ، يفتح متى شاء ، ويغلقه متى شاء بحكمته وعلمه ، قال تعالى: "واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه) وإذا أحب القلب شيئا تعلق به ، واشتاق إليه ، والقلب إذا أحب القرآن تلذذ بقراءته ، واجتمع على فهمه ووعيه ، فيتحصل بذلك التدبر والفهم ، وبالعكس إذا لم يوجد الحب ، فيكون إقبال القلب على القرآن صعبا ، ولا يحصل الانقياد إليه إلا بالمجاهدة والمغالبة . فتحصيل حب القرآن من أنفع الأسباب لحصول أقوى وأعلى مستويات التدبر . ومن علامات حب القلب للقرآن : - الفرح بلقائه . - الجلوس معه وقتا طويلا . - الشوق إليه متى بعد العهد عنه . - طاعته في الأوامر واجتنابه في النواهي . - استعانة العبد بربه ، وسؤاله أن يرزقه حب القرآن . 2 - ومن الأسباب المعينة على التدبر أيضا : استحضار أهداف قراءة القرآن من ثواب ومناجاة وشفاء ومسألة وعلم وعمل ، فمتى ما كان المسلم مستحضرا عند قراءته للقرآن هذه المقاصد ، حصل الانتفاع بالقرآن ، ووصل إلى بر الأمان في كل ما يتعلق من أمور الدنيا والآخرة ، فتلاوته من أفضل الأعمال ، وكل حرف منه بعشر حسنات ، والحسنة بعشر أمثالها 3 - ومن الأسباب أيضا : القيام بالقرآن وخلوه به في صلاته ، ووقوفه بين يديه ، لقوله تعالى : " ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) وقوله : " أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه) فاجتماع القرآن مع الصلاة ينتج عنه حياة القلب ، وصحته ، وقوته ، وخاصة إذا فرغ قلبه عن كل الشواغل والصوارف التي تصرفه عن تدبر الآيات ؛ فإنه سيحصل له بإذن الله التأثر الواضح ، والانتفاع البين . فهذه بعض الأسباب المعينة على تدبر القرآن ، إذا أخذ بها القارئ ، واستمر عليها دائما عند قراءته ؛ فإنه سيستقيم بإذن الله ، ويداوم على الأعمال التي يحبها الله ويرضاها ، ويجتنب كل ما يبغضه الله من الأعمال ويكرهه . قال تعالى : " الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته) وحق تلاوته هو الفهم للقرآن وتدبره ، والتأثر به ، واتباعه ، وإقامته ، والاعتصام به ، والثبات عليه ، وأخذه بقوة ، وتبليغه للناس ، وتبيينه لهم ، والتأدب معه ، والعمل به " | |
|