دين الله الإسلام
دين الله الإسلام
دين الله الإسلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
دين الله الإسلام

منتدى اسلامى
 
الرئيسيةالرئيسية  اليوميةاليومية  أحدث الصورأحدث الصور  س .و .جس .و .ج  بحـثبحـث  الأعضاءالأعضاء  المجموعاتالمجموعات  التسجيلالتسجيل  دخول  

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

  رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عطيه الدماطى




المساهمات : 2104
تاريخ التسجيل : 18/01/2023

    رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Empty
مُساهمةموضوع: رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون        رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Emptyالسبت فبراير 04, 2023 6:08 pm

     
              رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون
قالت فراديس :
جاء سيدى القاضى ميمون بن يوسف إلى الدار يوما وهو حزين مغموم فلما رأته سيدتى أم موسى هكذا حزينا مكتئبا ربتت على ظهره وقالت: ما بك يا أبا موسى ؟فأجاب اشتكى معلمو موسى منه كما سبق أن اشتكوا منه عدة مرات فقال :ت: هل ما يزال متأخرا متعسرا فى دراسته؟ فرد :بلى فقال :ت: ماذا نفعل لهذا الولد الشقى ؟ فقال : :لقد خاب أملى فى موسى ولا أدرى ماذا أفعل له حتى ينجح فى دراسته بالكنيس وخارجه ؟فقال :ت لابد أن نجد حلا لمشكلته حتى ينفعنا فى كبرنا وينفع نفسه فى الأخرة
فقال : لقد واتتنى فكرة أن أرسله إلى معلمى الحاخام يوسف بن مجاشن حتى يتعلم منه كما تعلمت أنا
فابتسمت المرأة وقالت: إنه رجل عجوز وابنك شقى يحب اللعب والخروج إلى الحقول والبساتين
فقال : إن معلمى يوسف رجل صبور وهو من أعظم علماء عصره وسيجد طريقة لتعليم هذا الولد وجعله عالما كبيرا
فقالت: إذا أرسله إليه ولكن لا تنسى أن تبعث معه مالا للأكل والشرب ونفقات السكن وغير ذلك فقال : أتريننى أنسى ذلك كلا فالمعلم الكبير رجل بسيط ليس لديه مال كثير ولا نريد أن نزيد من أعباءه
                         *************************
قال : آموص بن حزقيا :
لما ذهب ميمون بن يوسف بولده موسى إلى الحاخام يوسف بن مجاشن ودخلا داره طلب ميمون من ولده أن يتفرج على الدار وما حولها ولا يبتعد كثيرا عنها ولما جلس ميمون والحاخام بعد أن قبل ميمون يد الحاخام قال : له :
يا معلمى إن ولدى موسى ولد لعبى لا يحب الدراسة وقد أرسلته إلى معلمى الكنيس فى قرطبة وأحضرت له فى الدار معلمين خصوصيين ليتعلم منهم ففشلوا جميعا فى تعليمه أو هو لم يرد أن يتعلم منهم وقد جربت معه طرق كثيرة لتعليمه فلم أفلح ومن اشتركوا معى وعندما ضاق بى الحال لم أجد سواك منقذا لى وله
فقال : الحاخام وماذا تريد منى أن أفعل معه ؟
فأجاب ميمون :علمه بأى طريقة فأنا أريده عالما فالعالم بدينه أفضل من الجاهل سأتركه عندك فعلمه كما تريد وقد أتيتك بنفقته وسوف آتى كل شهر للإطمئنان عليه ومعى نفقته أو لاصطحابه عدة أيام ليقعد مع أمه  
فقال : الحاخام ليس المال مهما وسوف أبذل قصارى جهدى معه كى أعلمه كما علمتك .
                                 *********************
قال : داود بن سوف :
كان الحاخام يوسف يريد أن يدخل فى نفس موسى حب الدرس وقد وجده ولدا عنيدا لا يسمع صوتا فى نفسه سوى هوى نفسه لذا قرر الرجل أن يتبع معه أسلوب الإشباع حتى الملل من الشىء فعندما يصحو من النوم فى الصباح وبعد الصلاة والإفطار يسأله الحاخام: هل تريد اللعب والخروج أم الدرس ؟فيقول: اللعب والخروج فيقول له افعل ما تريد فكان يخرج ويلعب وكان الحاخام يوصينا أن نلعب معه لعبا مجهدا يجعله يتعب ونجعله يخرج إلى بساتين وحقول بعيدة نسير إليها مسافات طويلة
وبعد حوالى الشهر بدأ الولد من كثرة التعب من اللعب والخروج يقول أدرس اليوم ساعة وقد حرص الحاخام على أن يخرج معه إلى الحقول والرياض وكان يسير معه ويشرح له فقرات من الكتاب المقدس مستغلا ما يراه من المناظر فمثلا فى يوم وجد ناس يحصدون الزرع فشرح الرجل لنا عيد الأسابيع وعيد الجمع وفى يوم رأينا ثورا هائجا فى أحد الحقول يهاجم صاحبه لأنه ضربه ضربا مؤلما فشرح الحاخام لموسى ولنا حكم الشريعة حسب ما جاء فى سفر الخروج :
وإذا نطح ثور رجلا أو إمراة فمات يرجم الثور و لا يؤكل لحمه و أما صاحب الثور فيكون بريئا و لكن إن كان ثورا نطاحا من قبل و قد أشهد على صاحبه و لم يضبطه فقتل رجلا أو إمراة فالثور يرجم و صاحبه أيضا يقتل إن وضعت عليه فدية يدفع فداء نفسه كل ما يوضع عليه أو إذا نطح ابنا أو نطح ابنة فبحسب هذا الحكم يفعل به إن نطح الثور عبدا أو أمة يعطي سيده ثلاثين شاقل فضة و الثور يرجم"
وكان الحاخام يستغل المواقف والمناظر المختلفة فى شرح التوراة لموسى فكان الولد يفهم أكثر لأنه يتعلم عمليا  وهو يتعلم بلا منهج ومن ثم كان يحفظ الأحكام بالمعنى وبالتدريج بدأ يطلب من الحاخام أن يشاركه قراءة التوراة والتلمود وبعد أن كان يقرأ ساعة فى بداية الأمر تطور الأمر بعد عدة شهور إلى أنه أصبح يقرأ عدة ساعات كل يوم وازداد حب موسى للمعارف فكان يقرأ كل ما يجده عند الحاخام من كتب فى الطب والفلسفة والفلك وغير ذلك ويطلب من الحاخام أن يشرح له .
                              **********************
قال : نحميا قال :  الحبر موسى :
كنت فى إحدى الليالى على سطح دار الحبر العظيم يوسف بن مجاشن وكان هو معى فكان يتطلع إلى النجوم بشغف ويشير إلى نواحى السماء ويقول:
انظر هذه مجموعة ذات الكرسى وهذه مجموعة العذراء
فقلت: يا معلم وما الفائدة من النظر لتلك النجوم إنها تظهر كما هى كل ليلة لا يتغير شىء
فقال : يا بنى الفائدة هى أنها تعرفنا طريقنا فى الليل تعرفنا الاتجاهات
فتساءلت: كيف ؟
فقال : كل بلد تظهر فيه النجوم فى أوقات غير البلد الأخر وكل بلد له مجموعات نجمية تظهر فيه وحده مع عدة بلاد قريبة منه غير النجوم التى تظهر فى البلاد الأخرى البعيدة ومن ثم فمن يتتبع حركة النجوم فى سيره يعرف الإتجاه وكذلك الأمر عند السير فى البحر
فقلت :يا معلم هل هناك دراسة للنجوم ؟
فقال : وهو يربت على ظهرى برفق يا موسى هناك علم يسمى علم الهيئة يجب عليك أن تدرسه
فسألته: ولماذا يجب على دراسته ؟
فقال : لأننا نحن اليهود أعيادنا لا تعرف إلا من خلال علم الهيئة فهو الذى يعرفنا وقت الصيام ووقت الأعياد
                             ***************************
-  بلغنا أن هادى بن بطليوس قال : :
أن المعلم موسى حكى لهم :
أنه حضر ذات يوم مجلس قضاء أبيه وكان طفل صغير وكان الجالسون فى المجلس يتحدثون قبل أن يخرج والده فجلس معهم فسمع أحدهم يقول :
أليس عجيبا أن يكون قاضى المسلمين يهوديا ؟
فقال : الجالس بجواره :
لو كانت دولة اليهود أو النصارى ما سمحوا أن يكون القاضى مسلما أبدا
فقال : الأول :
هذا من خروج حكامنا على الوحى فقد قال : الله تعالى مخاطبا المسلمين "وإذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل "فالمسلمون هم من يحكموا بين الناس وليس الناس هم من يحكموا بين المسلمين
فرد : هذا من عجائب  الدهر
فقمت فدخلت على أبى فحكيت له ما قاله  الرجال فى الخارج  فربت أبى على ظهرى وقال :
يا موسى كلامهم صحيح فى دينهم ولكن لا تنقل كلام أحد من المتقاضين للقاضى وهو غائب حتى لا تتغير نفسه فيحيف عن الحق بسبب هذا الكلام فابق هنا ولا تخرج حتى لا  تعرفنى من تكلم عنى
فبقيت مكانى ولم أخرج لمجلس القضاء
                                 *************************
-قص بطليموس بن  فاتك علينا قال :بلغنى أن إبراهيم بن موسى قال :
أن أباه موسى بن ميمون قال  له :
:لقد أحببت فتاة  فى أول عهدى بالبلوغ رأيتها أول مرة وهى تسير وسط الحدائق تسير حاملة بين يديها طعاما ،فتاة بيضاء البشرة متوردة الوجه، وقد كانت سافرة الوجه وساعتها لم أستطع التحكم فى نفسى ففغر فاهى ، وبعد ذلك أصبحت أذهب لذلك الطريق يوميا من أجل مشاهدة الجمال الطاهر.
لم يكن فى عقلى أى شىء سوى أن تكون هذه الفتاة حبيبتى وسلوتى وزوجتى فى قادم الأيام ولم يخطر فى بالى ساعتها أن الحب له حدود وقوانين  ،لم يدر بخلدى فى تلك الأيام السؤال الذى يجب أن يسأله كل إنسان يعيش فى بلدة بها خليط من أهل الأديان وهو : هل الفتاة على دينى ؟
منذ أن أحببت وفاء أصبحت أحرص على الاختباء وراء أشجار الطريق كى أراها ولا ترانى  والسبب هو شوقى لرؤية وفاء الذى كان يلح على باستمرار
كنت فى تلك الأيام أحاول أن أخفى حبى للفتاة وكنت كثيرا ما أدخل حجرتى وبدلا من النظر فى الكتب كنت أستلقى بالساعات على السرير لا أرى فى مخيلتى سوى صورتها وكنت أخرج ليلا على السطح وأظل مستلقيا عليه  أنظر لصفحة السماء المليئة بالنجوم والكواكب ولا أرى نجما ولا كوكبا سوى وجهها الصبوح
كنت أفكر كيف أكلمها كيف يكون صوتها كيف يكون خلقها وفى كل مرة كنت أتخيل طريقة مختلفة لبدء الحديث معها ففى  مرة تخيلت أنى  كتبت رقعة وناولتها لها كتبت فيها :
الأذن تنتظر فى شغف صوتك ،والعين ترنو إلى رؤياك ،والقلب يهوى لو أننا تلاقينا فكلمت بالهوى عيناى عيناك ،وذاقت آذاننا حلو الأقوال وجمع الله بيننا تحت الأفلاك يوم أن نأخذ الميثاق على دوام هوانا و نسهو عن كل الآخرين فليس إلا أنا وإياك ومرة تخيلت أنى أوقفتها على قارعة الطريق ولا يوجد أحد سوانا  فقلت لها :
لما هواك يلح على فى الخطاب إذا قعدت أو تمددت أو وقفت بالباب ،أشوقا يلح على بالذهاب والإياب ،انتظرت لرؤياك تسعين بالحجاب ،شوقا لعينيك وليس للذى فى الجلباب فما اشتهيت جسمك ولا وسوس لى بالالتهاب ولا اشتهيت حمرة شفتيك بالإقتراب ولا احمرار خديك ولا فكرت بالرضاب إنما هو الوجه ذكرت فذكرنى بالغياب
وفى مرة ثالثة تخيلت نفسى أنا وإياها قد وقفنا تحت شجرة فقلت لها :
مررت أمامى كمرور الطيف وكان هذا منك سعى الشريف ،وددت ساعتها أن تقفين  وأن أنظر فى عينيك اللطيف ،وأن أحدثك غير ضعيف فأعرفك سر هذا التخريف من حب وإعراض فأجدك لى نعم الحليف
فقلت يا أبى وماذا بعد ؟
فقال أبى: صحوت فى النهاية بعد حب قصير تلاقت فيها الأعين عدة مرات وألقيت عليها السلام عدة مرات فردت على
فابتسمت وقلت : على ماذا صحوت ؟
فضحكك وقال : : صحوت على السؤال الذى  لا يدور فى عقول الأطفال والبالغين : على أى دين هى ؟
فسألته : ومن الذى أيقظك من حلمك الجميل ؟
فأجاب : كان معلمى يوسف بن مجاشن  يراقبنى عندما بدأت أفتر عن الدرس وبدأت على وجهى ملامح المحب الوامق  ومن ثم كان يسألنى فى البداية عما يشغلنى فكنت أتعلل له كل مرة بعلة مختلفة ولكنه راقبنى وسار خلفى عدة مرات فوجدنى أنتظر الفتاة وأظل أنظر لها بعد أن تفارق المكان الذى أقف فيه وفى ذات ليلة كنت على السطح وأنا سارح بخيالى وجدت يد تربت على كتفى فالتفت فوجدت المعلم قد جلس بجانبى وقال :
أتحب الفتاة يا موسى ؟
لم أجد ساعتها سوى الاجابة بصدق فقلت نعم يا معلمى أحب فتاة  فقال : يا بنى هل سألت نفسك أولا ما دين تلك الفتاة ؟ فقلت : ماذا تريد أن تقول يا معلم؟ فرد على قائلا : عندما نعيش فى بلدة بها أديان مختلفة يجب أن يسأل المحب عن دين حبيبته حتى يعلم هل حبه هذا سينتهى بالزواج  أم يتوقف عن هذا الحب لاستحالة الزواج
فنظرت لوجهه وقلت :أتقصد أن اختلاف الأديان يحرم المحبين من بعضهن ؟
فأجاب : يا موسى هذا واقع الحال فاليهودى مثلى ومثلك لا يجب أن يتزوج من امرأة وثنية والمسلم لا يتزوج سوى مسلمة أو يهودية أو نصرانية والمسلمة لا تتزوج إلا مسلم  وهكذا
فأجبت بعقل صبى : ولكن أليس هذا يخالف نقاء القلب ؟
فربت على وقال : : نقاء قلب الأطفال يتغير عندما يكبرون فالوثنية بدلا من أن تدخلك جنة الله تدخلك ناره لأنها ستجرك معها لعبادة غير الله
ثم قال لى وهو يحتضننى : فى الغد يا موسى اسأل عن دين الفتاة فإن كانت مسلمة أو وثنية فابتعد عن حبها فلا سبيل لك إليها وسوف تشغلك عن مستقبلك .
ظللت أفكر فى قول معلمى طوال الليل وبت بأسوأ ليلة وعندما طلع النهار ذهبت على الفور لطريق الفتاة وتتبعتها حتى البيت ثم سألت الأطفال عن اسم والديها فتبين لى أنها مسلمة
حاولت أن أعمل بنصيحة معلمى فأتوقف عن حبها ولكن ظللت مدة طويلة  أتذكرها عندما أخلو بنفسى


عدل سابقا من قبل عطيه الدماطى في الإثنين فبراير 20, 2023 7:32 pm عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عطيه الدماطى




المساهمات : 2104
تاريخ التسجيل : 18/01/2023

    رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون        رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Emptyالأحد فبراير 05, 2023 9:08 pm

-
قال : أمصيا بن يشوع حدثنا بختيشوع قال : :
لما بلغت السابعة عشر وأقمت مع أبى وأمى لم يكن لى شغل فى الحياة سوى طلب العلم فكنت أتنقل فى فرطبة أو خارجها بين حلقات العلم وبيوت العلماء من شتى الطوائف ولم يكن يخطر فى بالى أبدا أن يكون لى عمل غير طلب العلم وفى ذات ليلة بعد أن صلينا جلست أنا وأبى وأمى فقال ت أمى :
حان الوقت يا ميمون لكى تجد وظيفة لموسى
فى الحقيقة استغربت قول أمى وبهت فقال أبى :
يا موسى يجب أن تختار عمل ما تعمل به فى المستقبل حتى تدرسه جيدا
فقلت : وطلب العلم يا أبى أليس عملا ؟
فابتسم أبى وقال : : مع طلب العلم لابد أن يكون لكل رجل مهنة يرتزق منها يتعلمها حتى يستطيع الانفاق على نفسه وأهله منها
فقلت: ولكن يا أبى المال لدينا وفير فلماذا أبحث عن عمل ؟
فضحك أبى وقال : يا بنى المال لا يدوم وقد نصبح فلا نجد فى الصباح أى مال فهل نقعد ونقول الرزق سيأتينا أم لابد أن نعمل حتى يكون أجر العمل وسيلة الانفاق على المأكل والمشرب ؟
فقلت : العمل واجب على الرجال مع العلم
فقال : أبى: العلم واجب فى كل وقت خاصة بالدين وعلم المهنة واجب على الرجال حتى ينفقوا على أسرهم
فقالت: أمى اختر يا موسى هل تكون قاضيا كأبيك أو طبيبا أو تاجرا أو مهندسا أو فلاحا أو صباغا ؟
فقلت :كفاك يا أم
فقال أبى: اختر لك مهنة حتى تذهب لمعلم المهنة فتدرسها وتتعلمها منه كما يجب
فقلت : إن شاء الله أفكر وأقول لكم
ثم تركت المجلس وذهبت لمخدعى وظللت أفكر فى المهنة التى يجب أن أتعلمها وأعجبتنى مهنة الطبيب فقررت أن أتعلمها من الكتب وعلى يد بعض الأطباء فى البلدة
************************
-حدثتنى هاجر بنت بتوئيل :
بعد أن اخترت تعلم مهنة الطب كنت أدرسها من الكتب وعلى يد بعض الأطباء فى المدينة فى أحيان متقطعة لأننى كنت أذهب لحلقات العلم هنا وهناك أتعلم العلوم المختلفة وذات يوم أجلستنى أمى وقالت:
ألا تريد الزواج يا موسى ؟
وقع السؤال على وقعا شديدا فعلى الفور تذكرت وفاء ولم أجب على أمى بأى كلام سوى هز الرأس الذى لا أعرف هل كان موافقة أم رفض
فقالت والدتى : يا موسى بلغت سن الزواج وحان أن يكون لك زوجة تسعدك وتقيم على راحتك
وأثناء هذا الكلام أتى والدى ويبدو أنه كان قد اتفق مع أمى على زواجى فجلس وقال : يا أم موسى اتركينى
فتركت أمى المكان فقال والدى مبتسما :
يا موسى الزواج حصن لك من الوقوع فى الخطيئة ويجب أن تحصن نفسك فالزوجة سكن ومودة ترتب لك حياتك التى أرى أنك قد شتتها فى اتجاهات مختلفة فى العلم
فقلت وكأن ما يقولون كابوس وليس فرح : يا والدى ماذا ترى ؟
فقال : يا بنى هل نختار لك واحدة من بنات اليهود هنا أم تختار أنت ؟
فضحكت وقلت : هل أنتم من ستتزوجون ؟
فقال : إذا ما رأيك لو أقمنا وليمة تدعو أمك إليها كل عائلات اليهود التى لها بنات غير متزوجات فيأتين هنا فترى الوجوه وتسمع الكلام
فقلت : وهل مجرد الرؤية وسماع الكلام يعنى أن الفتاة تصلح للزواج ؟
فقال : يا ولدى إن الرؤية وسماع الكلام هو نصف الطريق وبعد هذا حدد لك عدد منهن تدعوهن أمك لولائم أخرى فيما بعد فتتحدث معهن فتعرف أخلاقهن و تبحث خلفهن عندما تحدد واحدة للزواج حتى ترى أنها هى الزوجة المناسبة
فقلت : إذا افعلوا الوليمة
وبعد عدة ولائم ومقابلات وذهاب خلف البنات هنا وهناك اخترت احداهن وهى زوجتى أم عمران .
***********************
- قال : ابراهيم بن عمران:
حدثنى جدى الحبر موسى بن ميمون قال ::
كنت شغوفا بعلوم الأوائل أيام كنت فى قرطبة وكنت أحضر دروس الفيلسوف أبو بكر بن الصائغ المعروف بابن باجة ودروس بن الأفلح وكان المسلمون فى المدينة ومن حولها يتهمون ابن باجة بالمروق من الدين ويتهمونه بالكفر وقد شنع عليه جماعة واتفق عدة مرات أن طوائف من الناس اجتمعوا على قتله ولكن الله أنقذه فى كل مرة وكان من بين ما يتهمونه به أنه يكفر بالمعاد كفرا رغم أن من أقواله الشهيرة التى كتبها تلاميذه عنه فى كتبهم "حسن عملك تفز بخير من اللّه سبحانه" فالفوز بخير الله الأخروى هو نتيجة حسن العمل فى الدنيا ولكن الرجل كان لا ينكر المعاد وإنما ينكر المعاد الجسمانى وعنه أخذت الفكرة أن المعاد هو معاد روحانى وأن النعيم نعيم روحانى
وكان ابن باجة يتنقل من مدينة إلى أخرى وكنت خلفه أتتبعه فقد كان رجلا ثاقب الذهن فاق كل أبناء عصره فى فهم كتب الأوائل وكان لديه معرفة بعلوم كثيرة كالطب والموسيقى
************************
- قال : محمد بن أحمد السرقسطى:
لما كنت بفاس اجتمعت مع موسى بن ميمون تلميذ ابن باجة فسألته وكان معى نسخة من كتاب قلائد العقيان للفتح بن خاقان :
يا موسى ما تقول فى ذم ابن خاقان معلمك ثم قرأت ما قاله فى قلائد القيان "الأديب أبو بكر ابن الصائغ، هو رمد عين الدين، وكمد نفوس المهتدين، اشتهر سخفاً وجنوناً، وهجر مفروضاً ومسنوناً، فما يتشرّع، ولا يأخذ في غير الأضاليل ولا يشرع، ناهيك من رجل ما تطهّر من جنابة، ولا أظهر مخيلة إنابة، ولا استنجى من حدث، ولا أشجى فؤاده بتوارٍ في جدث، ولا أقر بباريه ومصوّره، ولا قرّ عن تباريه في ميدان تهوّره، الإساءة إليه أجدى من الإحسان، والبهيمة عنده أهدى من الإنسان، نظر في تلك التعاليم، وفكر في أجرام الأفلاك وحدود الأقال :يم، ورفض كتاب الله الحكيم العليم، ونبذه وراء ظهره ثاني عطفه، وأراد إبطال ما لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، واقتصر على الهيئة، وأنكر أن تكون له إلى الله تعالى فيئة، وحكم للكواكب بالتدبير، واجترم على الله اللطيف الخبير، واجترأ عند سماع النهي والإيعاد، واستهزأ بقوله تعالى {إنّ الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد} (القصص: 85) فهو يعتقد أن الزمان دور، وأن الإنسان نبات أو نور، حمامه تمامه، واختطافه قطافه، قد محي الإيمان من قلبه فما له فيه رسم، ونسي الرحمن لسانه فما يمرّ له عليه اسم، وانتمت نفسه إلى الضلال وانتسبت، ونفت {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت} (غافر: 17)، فقصر عمره على طرب ولهو، واستشعر كلّ كبر وزهو، وأقام سوق الموسيقى، وهام بحادي القطار وسقا، فهو يعكف على سماع التلاحين، ويقف عليه كل حين، ويعلن بذلك الاعتقاد، ولا يؤمن بشيء قادنا إلى الله تعالى في أسلس مقاد، مع منشأ وخيم، ولؤم أصل وخيم ، وصورة شوّهها الله تعالى وقبحها، وطلعة إذا أبصرها الكلب نبحها، وقذارة يؤذي البلاد نفسها، ووضاعة يحكي الحداد دنسها، وفند لا يعمر إلا كنفه، ولدد لا يقوّم إلا الصّعاد جنفه، وله نظم أجاد فيه بعض إجادة، وشارف الإحسان أو كاده"
فقال : لى موسى مبتسما : هكذا الناس عندما تسخط على أحد فإنها تهجوه وتذمه بكل منقصة ومع هذا فقد قال : الفتح بن خاقان فى ابن باجة فى أحد كتبه على ما أتذكر :
"نور فهم ساطع، وبرهان علم لكل حجة قاطع، تتوّجت بعصره الأعصار، وتأرّجت من طيب ذكره الأمصار، وقام أوان المعارف واعتدل، ومال للأفهام فنناً وتهدّل، وعطّل بالبرهان التقليد، وحقّق بعد عدمه الاختراع والتوليد، إذا قدح زند فهمه أورى بشرر للجهل محرق، وإن طما بحر خاطره فهو لكل شيء مغرق، مع نزاهة النفس وصونها، وبعد الفساد من كونها، والتحقيق، الذي هو للإيمان شقيق، والجد، الذي يخلق العمر وهو مستجد، وله أدب يودّ عطارد أن يلتحفه، ومذهب يتمنى المشتري أن يعرفه، ونظم تعشقه اللبّات والنحور، وتدّعيه مع نفاسة جوهرها البحور، وقد أثبت منه ما تهوى الأعين النّجل أن يكون إثمدها، ويزيل من النفوس حزنها وكمدها"
فقلت : أتتكلم بصدق ؟
فتجهم فى وجهى : وقال : متى عهدتنى كاذبا ؟
فربت على ظهره وقلت له : لا تؤاخذنى ولكن يمدحه فى كتاب ويذمه فى أخر هذا أمر عجيب غريب
فقال لى موسى :عندما مدحه كانت القلوب صافية ولم يحدث بينهما ما يعكر الصفو ولكن لما كذبه ابن باجة فى مجلس الاقراء عندما مدح نفسه بكثرة عطايا الأمير فلان والأمير علان وابن باجة يعلم أن الأمير فلان والأمير علان لم يعطياه ثم سخر معلمى منه عندما وصف الحلى التى حصل عليها من الأمراء وكان يبدو من منخاره فضلة خضراء اللون فقال : فمن تلك الجواهر إذن الزمردة التي على شاربك فذمه في كتابه بما هو معروف
*********************
حدثنا المستوغر بن تميم قال : حدثنى المعلم المتفلسف ابن سمية قال :
كنا ندرس على يد ابن الأفلح ذات يوم أنا وموسى بن ميمون ومالك بن الصائغ وعلى بن زيد البلنسى وجرجس بن مرقس الليونى فجاء فى كلامنا كلمة برص فاستغل ذكرها المعلم ابن الأفلح فقال :
البرص فى الأديان أحد المشاكل التى تجعل إنسان ما نجس بلا ذنب
فقلت: يا معلم البرص فى الاسلام هو مجرد مرض لا ينجس فالنجاسة ليست سوى الكفر بالله كما جاء فى قوله صلى الله عليه وسلم " المسلم لا ينجس "
فقال جرجس : الأبرص عندنا هو نجس يجب تطهيره فقد جاء فى انجيل متى 1وَلَمَّا نَزَلَ مِنَ الْجَبَلِ تَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ. 2وَإِذَا أَبْرَصُ قَدْ جَاءَ وَسَجَدَ لَهُ قَائِلاً:«يَا سَيِّدُ، إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي». 3فَمَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلاً:«أُرِيدُ، فَاطْهُرْ!». وَلِلْوَقْتِ طَهُرَ بَرَصُهُ. 4فَقال : لَهُ يَسُوعُ:«انْظُرْ أَنْ لاَ تَقُولَ لأَحَدٍ. بَلِ اذْهَبْ أَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ، وَقَدِّمِ الْقُرْبَانَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ مُوسَى شَهَادَةً لَهُمْ». وقال : " والبرص يتطهرون "
فاتجه المعلم ناحية موسى بن ميمون فقال : وماذا فى دينكم يا موسى ؟
فأجاب موسى : فى ظاهر كلامهم هو نجاسة فقد جاء فى سفر اللاويين "1وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى وَهَارُونَ قَائِلاً: 2«إِذَا كَانَ إِنْسَانٌ فِي جِلْدِ جَسَدِهِ نَاتِئٌ أَوْ قُوبَاءُ أَوْ لُمْعَةٌ تَصِيرُ فِي جِلْدِ جَسَدِهِ ضَرْبَةَ بَرَصٍ، يُؤْتَى بِهِ إِلَى هَارُونَ الْكَاهِنِ أَوْ إِلَى أَحَدِ بَنِيهِ الْكَهَنَةِ. 3فَإِنْ رَأَى الْكَاهِنُ الضَّرْبَةَ فِي جِلْدِ الْجَسَدِ، وَفِي الضَّرْبَةِ شَعَرٌ قَدِ ابْيَضَّ، وَمَنْظَرُ الضَّرْبَةِ أَعْمَقُ مِنْ جِلْدِ جَسَدِهِ، فَهِيَ ضَرْبَةُ بَرَصٍ. فَمَتَى رَآهُ الْكَاهِنُ يَحْكُمُ بِنَجَاسَتِهِ. 4لكِنْ إِنْ كَانَتِ الضَّرْبَةُ لُمْعَةً بَيْضَاءَ فِي جِلْدِ جَسَدِهِ، وَلَمْ يَكُنْ مَنْظَرُهَا أَعْمَقَ مِنَ الْجِلْدِ، وَلَمْ يَبْيَضَّ شَعْرُهَا، يَحْجُزُ الْكَاهِنُ الْمَضْرُوبَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ. 5فَإِنْ رَآهُ الْكَاهِنُ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ وَإِذَا فِي عَيْنِهِ الضَّرْبَةُ قَدْ وَقَفَتْ، وَلَمْ تَمْتَدَّ الضَّرْبَةُ فِي الْجِلْدِ، يَحْجُزُهُ الْكَاهِنُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثَانِيَةً. 6فَإِنْ رَآهُ الْكَاهِنُ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ ثَانِيَةً وَإِذَا الضَّرْبَةُ كَامِدَةُ اللَّوْنِ، وَلَمْ تَمْتَدَّ الضَّرْبَةُ فِي الْجِلْدِ، يَحْكُمُ الْكَاهِنُ بِطَهَارَتِهِ. إِنَّهَا حِزَازٌ. فَيَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَكُونُ طَاهِرًا. 7لكِنْ إِنْ كَانَتِ الْقُوبَاءُ تَمْتَدُّ فِي الْجِلْدِ بَعْدَ عَرْضِهِ عَلَى الْكَاهِنِ لِتَطْهِيرِهِ، يُعْرَضُ عَلَى الْكَاهِنِ ثَانِيَةً. 8فَإِنْ رَأَى الْكَاهِنُ وَإِذَا الْقُوبَاءُ قَدِ امْتَدَّتْ فِي الْجِلْدِ، يَحْكُمُ الْكَاهِنُ بِنَجَاسَتِهِ. إِنَّهَا بَرَصٌ.
9«إِنْ كَانَتْ فِي إِنْسَانٍ ضَرْبَةُ بَرَصٍ فَيُؤْتَى بِهِ إِلَى الْكَاهِنِ. 10فَإِنْ رَأَى الْكَاهِنُ وَإِذَا فِي الْجِلْدِ نَاتِئٌ أَبْيَضُ، قَدْ صَيَّرَ الشَّعْرَ أَبْيَضَ، وَفِي النَّاتِئِ وَضَحٌ مِنْ لَحْمٍ حَيٍّ، 11فَهُوَ بَرَصٌ مُزْمِنٌ فِي جِلْدِ جَسَدِهِ. فَيَحْكُمُ الْكَاهِنُ بِنَجَاسَتِهِ. لاَ يَحْجُزُهُ لأَنَّهُ نَجِسٌ. 12لكِنْ إِنْ كَانَ الْبَرَصُ قَدْ أَفْرَخَ فِي الْجِلْدِ، وَغَطَّى الْبَرَصُ كُلَّ جِلْدِ الْمَضْرُوبِ مِنْ رَأْسِهِ إِلَى قَدَمَيْهِ حَسَبَ كُلِّ مَا تَرَاهُ عَيْنَا الْكَاهِنِ، 13وَرَأَى الْكَاهِنُ وَإِذَا الْبَرَصُ قَدْ غَطَّى كُلَّ جِسْمِهِ، يَحْكُمُ بِطَهَارَةِ الْمَضْرُوبِ. كُلُّهُ قَدِ ابْيَضَّ. إِنَّهُ طَاهِرٌ. 14لكِنْ يَوْمَ يُرَى فِيهِ لَحْمٌ حَيٌّ يَكُونُ نَجِسًا. 15فَمَتَى رَأَى الْكَاهِنُ اللَّحْمَ الْحَيَّ يَحْكُمُ بِنَجَاسَتِهِ. اللَّحْمُ الْحَيُّ نَجِسٌ. إِنَّهُ بَرَصٌ. 16ثُمَّ إِنْ عَادَ اللَّحْمُ الْحَيُّ وَابْيَضَّ يَأْتِي إِلَى الْكَاهِنِ. 17فَإِنْ رَآهُ الْكَاهِنُ وَإِذَا الضَّرْبَةُ قَدْ صَارَتْ بَيْضَاءَ، يَحْكُمُ الْكَاهِنُ بِطَهَارَةِ الْمَضْرُوبِ. إِنَّهُ طَاهِرٌ."
فقال ابن الأفلح : إذا البرص هو نجاسة تحتاج لطهارة ؟
فقال موسى : هذا هو التفسير الظاهر ولكن لو جئنا لما جاء فى سفر الخروج "6ثُمَّ قال : لَهُ الرَّبُّ أَيْضًا: «أَدْخِلْ يَدَكَ فِي عُبِّكَ». فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي عُبِّهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا، وَإِذَا يَدُهُ بَرْصَاءُ مِثْلَ الثَّلْجِ. 7ثُمَّ قال : لَهُ: «رُدَّ يَدَكَ إِلَى عُبِّكَ». فَرَدَّ يَدَهُ إِلَى عُبِّهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا مِنْ عُبِّهِ، وَإِذَا هِيَ قَدْ عَادَتْ مِثْلَ جَسَدِهِ" لوجدنا البرص هنا معجزة والمعجزة لا يمكن أن تكون نجاسة
فقال ابن الأفلح : إذا أنت توافق المسلمين فى كونه مرض لا يسبب النجاسة التى توجب الطهارة
فأجاب موسى : يا معلم النجاسة فى البرص يقصد بها أذى المرض للمريض أو من حوله ولكنها لا توجب الطهارة بالماء أو بغيره كالصعيد الطيب عند المسلمين.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عطيه الدماطى




المساهمات : 2104
تاريخ التسجيل : 18/01/2023

    رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون        رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Emptyالإثنين فبراير 06, 2023 7:25 pm

قالت رفقة بنت عاموص :
لما ولدت سيدتى زوجة حبرنا الأعظم موسى بن ميمون ولدها البكر عمران وبه كنى الحبر الأعظم أبو عمران قال لها :
إن تربية الأولاد يجب أن تكون على نظام بحيث ينشىء الولد يهوديا خالصا ومن ثم لا يجب أن يترك يفعل ما يريد وإنما يؤخذ باللين والرفق وأن عليها وعليه بعد أن يتعلم الولد الكلام أن يجعلوا كلام التوراة دوما على لسانه وأن يعلموه الأحكام رويدا رويدا بحيث يبدئوا بأحكام الطهارة بحيث يتعود النظافة وأحكام الطعام وأحكام الصلاة
وكان سيدى وسيدتى لما كبر الولد وعرف الكلام وبدأ المشى يعلمونه من الأحكام ويقرئونه التوراة ولما ولدت سيدتى ابراهيم أيضا أخذوا الولد بنفس الطريقة ولما كثرت مشاغل سيدى الحبر بدأ يرسل الأولاد للمعلمين فى الكنيس ليتعلموا وكان فى الليالى التى لا يكون عنده عمل فيها يجالسهم ويحتضنهم ويعلمهم على قدر ما يستطيع علوم التوراة والطب وغيره ذلك .
*********************
قال ابراهيم بن موسى :
كان أبى يخرج بنا إلى الحقول والبساتين أنا وإخوتى وأخواتى فنلعب ثم نجتمع للطعام تحت ظل شجرة من الأشجار الكبيرة وفى ذات مرة كان خروجنا يوم عيد ووجدنا أبى وأمى واليهود الكبار يحملون مظال من فروع الشجر فسألت أبى وكنت صغيرا :
ماهذا يا أبى ؟
فأجاب : يا ولدى اليوم عيد المظال حيث نصنع مظلة أى غطاء من فروع الشجر يكون لنا مسكنا فى العيد
ثم جمع الأولاد حوله وقال : :
يا أولاد عيد المظال نصنع فيه من فروع الأشجار ما يشبه الخيام ونسميه مظلة فقد ذكر سفر نحميا فى التوراة هذا العيد حيث قال نحميا :
13وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي اجْتَمَعَ رُؤُوسُ آبَاءِ جَمِيعِ الشَّعْبِ وَالْكَهَنَةِ وَاللاََّوِيُّونَ إِلَى عَزْرَا الْكَاتِبِ لِيُفْهِمَهُمْ كَلاَمَ الشَّرِيعَةِ. 14فَوَجَدُوا مَكْتُوبًا فِي الشَّرِيعَةِ الَّتِي أَمَرَ بِهَا الرَّبُّ عَنْ يَدِ مُوسَى أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَسْكُنُونَ فِي مَظَالَّ فِي الْعِيدِ فِي الشَّهْرِ السَّابعِ، 15وَأَنْ يُسْمِعُوا وَيُنَادُوا فِي كُلِّ مُدُنِهِمْ وَفِي أُورُشَلِيمَ قَائِلِينَ: «اخْرُجُوا إِلَى الْجَبَلِ وَأْتُوا بِأَغْصَانِ زَيْتُونٍ وَأَغْصَانِ زَيْتُونٍ بَرِّيٍّ وَأَغْصَانِ آسٍ وَأَغْصَانِ نَخْل وَأَغْصَانِ أَشْجَارٍ غَبْيَاءَ لِعَمَلِ مَظَالَّ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ».
فسأله صاحبى مناحم : متى يكون عيد المظال ؟
فأجاب أبى : يكون فى الشهر السابع من السنة
فسألته البنت سارة : يا عم موسى ما هو العيد ؟
فرد قائلا : العيد يا سارة يوم يأتى كل عام فى موعد ثابت والأعياد كلها لابد فيها من أكل الطعام والشرب واللعب فقد ذكرت التوراة فى سفر الخروج "فَلَمَّا نَظَرَ هَارُونُ بَنَى مَذْبَحًا أَمَامَهُ، وَنَادَى هَارُونُ وَقال :: «غَدًا عِيدٌ لِلرَّبِّ». 6فَبَكَّرُوا فِي الْغَدِ وَأَصْعَدُوا مُحْرَقَاتٍ وَقَدَّمُوا ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ. وَجَلَسَ الشَّعْبُ لِلأَكْلِ وَالشُّرْبِ ثُمَّ قَامُوا لِلَّعِبِ
فقال : أخى عمران :هل لنا أعياد كثيرة ؟
فضحك أبى وقال : : نعم يا أولاد بنا ثلاثة أعياد كبرى عيد الفطير فى شهر أبيب وهو ذكرى خروج الآباء من مصر وعيد الجمع فى أخر السنة عند جمع المحاصيل من الأرض وعيد الحصاد أو الأسابيع فهكذا قال : الله فى سفر الخروج «ثَلاَثَ مَرَّاتٍ تُعَيِّدُ لِي فِي السَّنَةِ. 15تَحْفَظُ عِيدَ الْفَطِيرِ. تَأْكُلُ فَطِيرًا سَبْعَةَ أَيَّامٍ كَمَا أَمَرْتُكَ فِي وَقْتِ شَهْرِ أَبِيبَ، لأَنَّهُ فِيهِ خَرَجْتَ مِنْ مِصْرَ. وَلاَ يَظْهَرُوا أَمَامِي فَارِغِينَ. 16وَعِيدَ الْحَصَادِ أَبْكَارِ غَلاَّتِكَ الَّتِي تَزْرَعُ فِي الْحَقْلِ. وَعِيدَ الْجَمْعِ فِي نِهَايَةِ السَّنَةِ عِنْدَمَا تَجْمَعُ غَلاَّتِكَ مِنَ الْحَقْلِ. 17ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فِي السَّنَةِ يَظْهَرُ جَمِيعُ ذُكُورِكَ أَمَامَ السَّيِّدِ الرَّبِّ. 18لاَ تَذْبَحْ عَلَى خَمِيرٍ دَمَ ذَبِيحَتِي، وَلاَ يَبِتْ شَحْمُ عِيدِي إِلَى الْغَدِ. 19أَوَّلَ أَبْكَارِ أَرْضِكَ تُحْضِرُهُ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ إِلهِكَ. لاَ تَطْبُخْ جَدْيًا بِلَبَنِ أُمِّهِ.
فقال : مناحم :أرانا فى كل عيد نأكل شيئا معينا فطير أو لحم مشوى
فاحتضنه أبى ثم تركه وقال :
نعم يا مناحم عيد الفصح أو الفطير نأكل فيه الشياه مشوية مع الفطير فقد حكت التوراة "وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى وَهَارُونَ فِي أَرْضِ مِصْرَ قَائِلاً: 2«هذَا الشَّهْرُ يَكُونُ لَكُمْ رَأْسَ الشُّهُورِ. هُوَ لَكُمْ أَوَّلُ شُهُورِ السَّنَةِ. 3كَلِّمَا كُلَّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ قَائِلَيْنِ: فِي الْعَاشِرِ مِنْ هذَا الشَّهْرِ يَأْخُذُونَ لَهُمْ كُلُّ وَاحِدٍ شَاةً بِحَسَبِ بُيُوتِ الآبَاءِ، شَاةً لِلْبَيْتِ. 4وَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ صَغِيرًا عَنْ أَنْ يَكُونَ كُفْوًا لِشَاةٍ، يَأْخُذُ هُوَ وَجَارُهُ الْقَرِيبُ مِنْ بَيْتِهِ بِحَسَبِ عَدَدِ النُّفُوسِ. كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حَسَبِ أُكْلِهِ تَحْسِبُونَ لِلشَّاةِ. 5تَكُونُ لَكُمْ شَاةً صَحِيحَةً ذَكَرًا ابْنَ سَنَةٍ، تَأْخُذُونَهُ مِنَ الْخِرْفَانِ أَوْ مِنَ الْمَوَاعِزِ. 6وَيَكُونُ عِنْدَكُمْ تَحْتَ الْحِفْظِ إِلَى الْيَوْمِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ هذَا الشَّهْرِ. ثُمَّ يَذْبَحُهُ كُلُّ جُمْهُورِ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ فِي الْعَشِيَّةِ. 7وَيَأْخُذُونَ مِنَ الدَّمِ وَيَجْعَلُونَهُ عَلَى الْقَائِمَتَيْنِ وَالْعَتَبَةِ الْعُلْيَا فِي الْبُيُوتِ الَّتِي يَأْكُلُونَهُ فِيهَا. 8وَيَأْكُلُونَ اللَّحْمَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَشْوِيًّا بِالنَّارِ مَعَ فَطِيرٍ. عَلَى أَعْشَابٍ مُرَّةٍ يَأْكُلُونَهُ. 9لاَ تَأْكُلُوا مِنْهُ نِيئًا أَوْ طَبِيخًا مَطْبُوخًا بِالْمَاءِ، بَلْ مَشْوِيًّا بِالنَّارِ. رَأْسَهُ مَعَ أَكَارِعِهِ وَجَوْفِهِ. 10وَلاَ تُبْقُوا مِنْهُ إِلَى الصَّبَاحِ. وَالْبَاقِي مِنْهُ إِلَى الصَّبَاحِ، تُحْرِقُونَهُ بِالنَّارِ. 11وَهكَذَا تَأْكُلُونَهُ: أَحْقَاؤُكُمْ مَشْدُودَةٌ، وَأَحْذِيَتُكُمْ فِي أَرْجُلِكُمْ، وَعِصِيُّكُمْ فِي أَيْدِيكُمْ. وَتَأْكُلُونَهُ بِعَجَلَةٍ. هُوَ فِصْحٌ لِلرَّبِّ. 12فَإِنِّي أَجْتَازُ فِي أَرْضِ مِصْرَ هذِهِ اللَّيْلَةَ، وَأَضْرِبُ كُلَّ بِكْرٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ مِنَ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ. وَأَصْنَعُ أَحْكَامًا بِكُلِّ آلِهَةِ الْمِصْرِيِّينَ. أَنَا الرَّبُّ. 13وَيَكُونُ لَكُمُ الدَّمُ عَلاَمَةً عَلَى الْبُيُوتِ الَّتِي أَنْتُمْ فِيهَا، فَأَرَى الدَّمَ وَأَعْبُرُ عَنْكُمْ، فَلاَ يَكُونُ عَلَيْكُمْ ضَرْبَةٌ لِلْهَلاَكِ حِينَ أَضْرِبُ أَرْضَ مِصْرَ. 14وَيَكُونُ لَكُمْ هذَا الْيَوْمُ تَذْكَارًا فَتُعَيِّدُونَهُ عِيدًا لِلرَّبِّ. فِي أَجْيَالِكُمْ تُعَيِّدُونَهُ فَرِيضَةً أَبَدِيَّةً."
وهذا العيد يستمر سبعة أيام كما قصت علينا التوراة فى سفر الخروج " 18تَحْفَظُ عِيدَ الْفَطِيرِ. سَبْعَةَ أَيَّامٍ تَأْكُلُ فَطِيرًا كَمَا أَمَرْتُكَ فِي وَقْتِ شَهْرِ أَبِيبَ، لأَنَّكَ فِي شَهْرِ أَبِيبَ خَرَجْتَ مِنْ مِصْرَ. 19لِي كُلُّ فَاتِحِ رَحِمٍ، وَكُلُّ مَا يُولَدُ ذَكَرًا مِنْ مَوَاشِيكَ بِكْرًا مِنْ ثَوْرٍ وَشَاةٍ. 20وَأَمَّا بِكْرُ الْحِمَارِ فَتَفْدِيهِ بِشَاةٍ، وَإِنْ لَمْ تَفْدِهِ تَكْسِرُ عُنُقَهُ. كُلُّ بِكْرٍ مِنْ بَنِيكَ تَفْدِيهِ، وَلاَ يَظْهَرُوا أَمَامِي فَارِغِينَ.
فقال أخى عمران :وما حكاية منع الخمير فى العيد ؟
فأجاب والدى : حرم الله أكل الخمير وطالب بقتل كل من يأكل الخمير فى سبعة أيام وإنما يؤكل الفطير كما حكت التوراة لنا فى سفر الخروج :
15«سَبْعَةَ أَيَّامٍ تَأْكُلُونَ فَطِيرًا. الْيَوْمَ الأَوَّلَ تَعْزِلُونَ الْخَمِيرَ مِنْ بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ كُلَّ مَنْ أَكَلَ خَمِيرًا مِنَ الْيَوْمِ الأَوَّلِ إِلَى الْيَوْمِ السَّابعِ تُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ إِسْرَائِيلَ. 16وَيَكُونُ لَكُمْ فِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ، وَفِي الْيَوْمِ السَّابعِ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ. لاَ يُعْمَلُ فِيهِمَا عَمَلٌ مَا إِلاَّ مَا تَأْكُلُهُ كُلُّ نَفْسٍ، فَذلِكَ وَحْدَهُ يُعْمَلُ مِنْكُمْ. 17وَتَحْفَظُونَ الْفَطِيرَ لأَنِّي فِي هذَا الْيَوْمِ عَيْنِهِ أَخْرَجْتُ أَجْنَادَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، فَتَحْفَظُونَ هذَا الْيَوْمَ فِي أَجْيَالِكُمْ فَرِيضَةً أَبَدِيَّةً. 18فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ، فِي الْيَوْمِ الرَّابعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ، مَسَاءً، تَأْكُلُونَ فَطِيرًا إِلَى الْيَوْمِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ مَسَاءً. 19سَبْعَةَ أَيَّامٍ لاَ يُوجَدْ خَمِيرٌ فِي بُيُوتِكُمْ. فَإِنَّ كُلَّ مَنْ أَكَلَ مُخْتَمِرًا تُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ، الْغَرِيبُ مَعَ مَوْلُودِ الأرض. 20لاَ تَأْكُلُوا شَيْئًا مُخْتَمِرًا. فِي جَمِيعِ مَسَاكِنِكُمْ تَأْكُلُونَ فَطِيرًا».
فقلت :يا أبى لماذا كلما سألناك عن العيد تقول حكت التوراة قال : الله فى التوراة ؟
فقال أبى ضاحكا : لأن التوراة حكت لنا أنه واجب على كل يهودى أن يقص على أولاده هذا ويعلمهم فقد ذكرت التوراة ":3وَقال : مُوسَى لِلشَّعْبِ: «اذْكُرُوا هذَا الْيَوْمَ الَّذِي فِيهِ خَرَجْتُمْ مِنْ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ، فَإِنَّهُ بِيَدٍ قَوِيَّةٍ أَخْرَجَكُمُ الرَّبُّ مِنْ هُنَا. وَلاَ يُؤْكَلُ خَمِيرٌ. 4اَلْيَوْمَ أَنْتُمْ خَارِجُونَ فِي شَهْرِ أَبِيبَ. 5وَيَكُونُ مَتَى أَدْخَلَكَ الرَّبُّ أَرْضَ الْكَنْعَانِيِّينَ وَالْحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ الَّتِي حَلَفَ لآبَائِكَ أَنْ يُعْطِيَكَ، أَرْضًا تَفِيضُ لَبَنًا وَعَسَلاً، أَنَّكَ تَصْنَعُ هذِهِ الْخِدْمَةَ فِي هذَا الشَّهْرِ. 6سَبْعَةَ أَيَّامٍ تَأْكُلُ فَطِيرًا، وَفِي الْيَوْمِ السَّابعِ عِيدٌ لِلرَّبِّ. 7فَطِيرٌ يُؤْكَلُ السَّبْعَةَ الأَيَّامِ، وَلاَ يُرَى عِنْدَكَ مُخْتَمِرٌ، وَلاَ يُرَى عِنْدَكَ خَمِيرٌ فِي جَمِيعِ تُخُومِكَ.8«وَتُخْبِرُ ابْنَكَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ قَائِلاً: مِنْ أَجْلِ مَا صَنَعَ إِلَيَّ الرَّبُّ حِينَ أَخْرَجَنِي مِنْ مِصْرَ. 9وَيَكُونُ لَكَ عَلاَمَةً عَلَى يَدِكَ، وَتَذْكَارًا بَيْنَ عَيْنَيْكَ، لِكَيْ تَكُونَ شَرِيعَةُ الرَّبِّ فِي فَمِكَ. لأَنَّهُ بِيَدٍ قَوِيَّةٍ أَخْرَجَكَ الرَّبُّ مِنْ مِصْرَ. 10فَتَحْفَظُ هذِهِ الْفَرِيضَةَ فِي وَقْتِهَا مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ."
فقالت سارة : يجب على كل واحد وواحدة أن يحفظ ما حدث حتى يتخذ العبرة والعظة
ابتسم أبى وقال : : هذا واجب اليهود فى كل مكان حتى لا ينسوا شريعة الله
فقلت : يا أبى هل يوم السبت عيد هو الأخر ؟
فقام أبى من مجلسه وقال وهو يحملنى : لا ولكنه يوم راحة حتى يستعيد الإنسان والحيوان والنبات والأرض قواها فالعمل باستمرار منهك ولذلك قال : الله لنا فى التوراة فى سفر الخروج"12سِتَّةَ أَيَّامٍ تَعْمَلُ عَمَلَكَ. وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابعُ فَفِيهِ تَسْتَرِيحُ، لِكَيْ يَسْتَرِيحَ ثَوْرُكَ وَحِمَارُكَ، وَيَتَنَفَّسَ ابْنُ أَمَتِكَ وَالْغَرِيب وقال : "21سِتَّةَ أَيَّامٍ تَعْمَلُ، وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابِعُ فَتَسْتَرِيحُ فِيهِ. فِي الْفَلاَحَةِ وَفِي الْحَصَادِ تَسْتَرِيحُ. "
****************************
قال مخمخوخ :
بعد استيلاء الموحدين على قرطبة أرسلوا فى الشوارع منادين ينادون :
على كل علج نصرانى أو يهودى أو وثنى أن يسلم وإلا كان مصيره القتل
وبعد أن جاب المنادون البلد من أولها إلى أخرها عدة أيام بدأ الموحدون فى خطة جديدة هى :
هدم ما فى المدينة من كنائس نصرانية ومعابد يهودية ولم يقدر أحد على معارضتهم لأنهم كانوا أشد بأسا وتنكيلا ، صحيح أن البعض اعترض كلاميا فى أحيان ولكن الكل خاف من المصير السيىء وهو أن يكون القتل جزاء من يعارض وبعد ذلك جمعوا اليهود والنصارى فى أحد الميادين والتف الجنود حول الجمع شاهرين أسلحتهم ثم خطب زعيمهم فى الجمع فقال : :
اعلموا أيها الناس إنكم لن تبرحوا هذا المكان إما مسلمين وإما قتلى
فتساءل البعض قائلا كيف تجبرنا على الإسلام ؟
فقال : أنتم مخيرون الآن بين أن تسلموا فتشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وبين أن يقتل منكم من لا يسلم
ثم تركنا الرجل حوالى ساعة ثم عاد من جديد وفى تلك الساعة خاف الكل من القتل البعض منهم قال : نعلن الإسلام ثم نهرب من البلد ونعود لديننا والبعض رضا بالأمر ومن ثم كان هناك شبه اتفاق على الإسلام
وعندما قال : الرجل ماذا قلتم صاح الجميع فى صوت واحد نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
فقال : الرجل اذهبوا فأنتم الطلقاء آمنون على أنفسكم وأموالكم وأعراضكم
"*****************
-عن بامية عن موسى بن ميمون :
ذهبت إلى عبد الله البلنسى الفقيه المسلم فى داره فاستقبلنى الرجل استقبالا حسنا فلما استقر بنا المقام قلت له : ما قولك فيما فعله الموحدون من إكراهنا على الإسلام ؟
فقال الرجل: لا يوجد إكراه على الإسلام فى الإسلام فالله تعالى يقول فى كتابه الكريم "لا اكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى "
فقلت :إذا فحكمهم ليس من الإسلام فى شىء
فقال :يا ولدى الإسلام شىء ومن يحكمون باسم الإسلام شىء أخر عندما يخالفون أحكام الإسلام فيبدلون حكم الله
فقلت: يا شيخى ولكنهم يقولون أنهم يعملون بقول الرسول أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإن قالوها فقد عصموا منى دماءهم وأموالهم
فقال :يا ولدى قتال الناس ليس إجبارهم على الإسلام وإنما هو مقيد بقوله تعالى " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " فلا يجوز لنا قتال أى ناس إنما قتال المعتدين بأنفسهم أو ساعدوا المعتدين علينا وغير هذا يكون محرم وفاعله كافر
فقلت يا شيخى نحن اليهود نشهد أن لا إله إلا الله وكان من المفروض حسب الحديث أن يتركونا وشأننا وليس أن يجبرونا على الإسلام
فضحك الشيخ وقال : يا ولدى القوة هى التى تحكم ومن معه القوة ينفذ ما يريد وهم لديهم القوة ولا تقدر على معارضتهم وكذلك أنا ولو عارضناهم لكان هلاكنا دون فائدة ومن ثم عندما تكون معنا القوة قوة السلاح ومعها قوة الحجة سننفذ الحق وأما الآن فالحجة لا تفيد مع من لا يفكر فى الحق والباطل وهو معتقد فى أنه على الحق دون تفكير
*************************
قالت استير حكى لنا الحبر موسى فقال :
كنت أسير فى شوارع قرطبة عندما سمعت الآذان على المآذن وجدت الرجال فى الشوارع يسرعون للمسجد للصلاة ووجدت المحتسب فى يده السوط فخفت إن لم أدخل المسجد أن يصيبنى الرجل بسوطه فدخلت وفعلت كما يفعل المصلون توضأت وفعلت فعلهم فى الصلاة
وكنت قد قرأت فى كتب الفقه عند القوم أن الصلاة فى المساجد ليست فرض وإنما كل واحد يصلى إما فى المسجد وإما فى البيت وقد كان محمد يفعل هذا وذاك ولكن القوم اختاروا من الأحاديث ما يوافق هواهم مثل قال : رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إِنِّي لأَهُمُّ أَنْ آمُرَ فِتْيَانِي فَيَجْمَعُونَ حُزَمًا مِنْ حَطَبٍ، ثُمَّ آتِي قَوْمًا يُصَلُّونَ فِي بُيُوتِهِمْ، لَيْسَتْ بِهِمْ عِلَّةٌ، فَأُحَرِّقُهَا عَلَيْهِمْ" وهكذا أصبحت الصلاة فى المدينة جبرا وكرها وأصبحنا نسوق أنفسنا للمساجد سوقا ننافق القوم والحق يقال : إنهم لم يكونوا يدخلون البيوت ليروا ما نفعله فيها ومن ثم كنا نقرأ التوراة ونصلى صلاتنا ونحتفل بأعيادنا سرا فى البيوت وأما فى الظاهر خارج البيوت فكنا نصلى فى المساجد ونقرأ المصحف ونحتفل بعيد الفطر وعيد الأضحى ولم يكن مطلوب منا أى شىء سوى هذه المظاهر وكانت سلوتى هى فى قراءة الكتب والدراسة على يد الفقهاء فى الظاهر وسرا على يد الأحبار والمتفلسفة حيث كانوا يحرمون دراسة كتب الفلسفة والعلوم اليونانية بدعوى أنها تفسد نفوس الناس وتجعلهم يكفرون بدين الله ومن كان يضبط يدرسها لأحد كان يجلد وينفى إن لم يقتل ومن ثم تعاهدنا على الدراسة السرية فى مكان لا يعلمه سوى المعلم والدارسون فقط وكان أحدنا يقف خارج البيت ليراقب الموقف خارج البيت فإن أحس بشىء نادى بصوت عالى على أحدنا وعند ذاك نقوم بحرق الكتب فى النار التى كنا نتركها موقدة طوال ساعات الدرس حتى نتخلص من الكتب إذا داهمنا أحد
************************
قالت سالومى :
قال سيدى موسى لأم الأولاد :
احزمى متاعك ومتاع الأولاد والخدم
فقالت لماذا ؟
فقال : لأننا إن شاء الله مسافرون إلى فاس
فقالت لماذا ؟
قال : علنا نجد الأحوال هناك أحسن من هنا فنعود إلى ديننا فنكون على حريتنا
فقالت: ألم تقل لى أنهم يحكمون هنا كما يحكمون هناك ؟
فقال : لقد سمعت أن من يعيش فى فاس من اليهود بخير
فقالت: السمع ليس كافيا
فقال : إذا وجدنا الحال كهنا سافرنا لبلد أخر
فقالت: ولما لا نسافر للشمال ؟
فقال : عند النصارى إنهم أسوأ من المسلمين فى معاملة اليهود فهم يعذبون اليهود ويحرقون كتبهم ويقتلونهم بل ويراقبونهم ويأخذون أموالهم
فقال : إذا سأحزم الأمتعة
فقال : وأنا سأبيع ما لنا فى البلد من دور وحدائق هذا الأسبوع فقد اتفقت مع بعض المسلمين على ذلك
فقالت: افعل ما هو خير لنا
قال : إن شاء الله نسافر أخر الأسبوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Admin
Admin



المساهمات : 95
تاريخ التسجيل : 05/01/2023

    رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون        رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Emptyالثلاثاء فبراير 07, 2023 6:25 pm

[b]
عن عزرا :
قابلت المعلم موسى فى أحد الشوارع فقلت أهلا بالمعلم موسى بن ميمون
فقال : مرحبا بك عزرا
قلت: شاهدتك تدخل مساجد المسلمين
فقال : وأنت لماذا تدخلها ؟
فقلت: إنك واحد من علمائنا المشهود لهم فكيف تفعل ما نفعله نحن الصغار الذين لا يعلمون ؟.
فقال : يا عزرا القوم لا يطلبون منا سوى أداء شعائر دينهم ولا يبحثون خلفنا فى البيوت إننا نرضى أولئك المتعصبين حتى لا يقتلوننا
فقلت :متى ينتهى هذا ؟
قال : النهاية قريبة
قلت :ولكن المسلمون يشكون فينا ؟
قال : هم يعرفون أننا غير مخلصين فيما ننطق به من أن محمد رسول الله وأن القرآن هو كلام الله
قلت :ولكن الشك قد ينقلب ليقين ومن ثم يتطور الأمر إلى قتلنا باعتبارنا منافقين
قال : يا عزرا معظم القوم غير راضين عما أجبرنا المتعصبون على فعله من الإسلام وهم يعلمون أننا نخدع المتعصبين بما نقوم به من أفعال وأقوال الإسلام الظاهرية والمهم أنهم لم يمسوا أموالنا أو نساءنا وأولادنا بسوء رغم معرفة الكثير منهم أننا نؤدى شعائر ديننا فى الخفاء فى بيوتنا
قلت :ولكن المدة طالت يا معلم وهم لا يسمحون لنا بالسفر لبلاد أخرى
فقال : من قال أنهم لا يسمحون بذلك ؟
فقلت: قل لى أنت لماذا لم تسافر إلى فلسطين أو غيرها من البلاد لتعيش فيها
فقال : لم تخطر ببالى فكرة السفر فقد غابت عنى وإن شاء الله سوف أترك هذه البلدة
*******************************
-قال : عباس بن الفضل الموحدى
حضرت مجلس علم فى مسجد فاس الكبير وكان شيخنا عبد الله الطنجى هو الذى يدرس الفقه المالكى ذاك اليوم فطلب شيخنا من أحد الطلبة ويدعى موسى بن ميمون القرطبى أن يقرأ فى المدونة ما جاء فى الملامسة والقبلة فقرأ موسى وكان حسن الصوت :
مَا جَاءَ فِي الْمُلَامَسَةِ وَالْقُبْلَةِ قال : وَقال : مَالِكٌ فِي الْمَرْأَةِ تَمَسُّ ذَكَرَ الرَّجُلِ ، قال : إنْ كَانَتْ مَسَّتْهُ لِشَهْوَةٍ فَعَلَيْهَا الْوُضُوءُ وَإِنْ كَانَتْ مَسَّتْهُ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ لِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهَا ، قال : : فَإِذَا مَسَّتْ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ لِلَّذَّةِ فَعَلَيْهَا الْوُضُوءُ ، قال : وَكَذَلِكَ إذَا مَسَّ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ بِيَدِهِ لِلَّذَّةِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ مِنْ فَوْقِ ثَوْبٍ كَانَ أَوْ مِنْ تَحْتِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ ، قال : وَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ قال : وَالْمَرْأَةُ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ فِي هَذَا ، قال : وَإِنْ جَسَّهَا لِلَّذَّةِ فَلَمْ يُنْعِظْ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ .
فطلب شيخنا منه التوقف وقال : هل لدى أحد منكم سؤال فى هذا الكلام ؟
فسألته : هل هذا يعنى أن الوضوء من عدمه بالمس متوقف على النية ؟
فقال : الشيخ ما تقول يا موسى فى هذا ؟
فأجاب موسى : قال : الرسول صلى الله عليه وسلم "إنما الأعمال بالنيات " ومن ثم فالنية هى التى تحسم الحكم فمن أراد أو أرادت الشهوة فقد وجب الوضوء ومن لم يرد الشهوة فلا وضوء عليه
فابتسم الشيخ وقال : :أحسنت يا موسى
فقال موسى : يا شيخنا ولكن القول " وَكَذَلِكَ إذَا مَسَّ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ بِيَدِهِ لِلَّذَّةِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ مِنْ فَوْقِ ثَوْبٍ كَانَ أَوْ مِنْ تَحْتِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ ، قال : وَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ" غير مفهوم فالمس عند الناس هو تلامس الجلد بالجلد وهنا تلامس والثوب حائل
فقال الشيخ : كما قلت المهم النية فنية الشهوة بتلامس جلود أو بلمس الملابس تجعل الحكم تابع للنية وليس للتلامس الحقيقى لأن الشهوة فى الظاهر لنا تفرز مواد فى الجسم تنقض الوضوء
فقال : موسى هذا للشيخ :هذا يعنى أن ما يخرج من الجسم هو ما ينقض الوضوء ؟
فقال الشيخ :الوضوء هو من قاذورات الجسم بول وبراز ومنى وودى ومذى وروائح نتنة
فسأله موسى: وما حكم العرق فإنه يخرج من الجسم ؟
فقال الشيخ مجيبا : العرق ليس ناقضا للوضوء لأن الله حدد النواقض بكونها المجىء من الغائط حيث إخراج البول والبراز والروائح النتنة ولمس النساء والاثنين قد يكون بهما عرق وقد لا يكون ومن ثم فحكمه ليس تابعا للقاذورات واقرأ الآن بقية الباب
فقرأ موسى :
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ : فَإِنْ قَبَّلَتْهُ الْمَرْأَةُ عَلَى غَيْرِ فِيهِ عَلَى جَبْهَتِهِ أَوْ ظَهْرِهِ أَوْ يَدِهِ أَتَكُونُ هِيَ الْمُلَامَسَةَ دُونَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ ؟ قال : نَعَمْ إلَّا أَنْ يَلْتَذَّ لِذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ يُنْعِظْ فَإِنْ الْتَذَّ لِذَلِكَ أَوْ أَنْعَظَ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ ، قال : فَإِنْ هُوَ لَامَسَهَا أَيْضًا أَوْ قَبَّلَهَا عَلَى غَيْرِ الْفَمِ وَالْتَذَّتْ هِيَ لِذَلِكَ فَعَلَيْهَا أَيْضًا الْوُضُوءُ وَإِنْ لَمْ تَلْتَذَّ لِذَلِكَ أَوْ تَشْتَهِي فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهَا
قال : مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : الْوُضُوءُ مِنْ قُبْلَةِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَمِنْ جَسِّهَا بِيَدِهِ ، قال : مَالِكٌ : وَبَلَغَنِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : مِنْ قُبْلَةِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ الْوُضُوءُ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَائِشَةَ وَابْنِ شِهَابٍ وَرَبِيعَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ .
قال : عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ سُفْيَانَ أَنَّ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ ، كَانَ يَرَى فِي الْقُبْلَةِ الْوُضُوءَ .
فقلت معنى هذا أن نقض الوضوء متوقف على كون النية الشهوة أو اللذة
فرد الشيخ : هذا هو ما قاله الامام مالك رضى الله عنه وأرضاه.
***************************
عن زعبلوى عن الحبر موسى:
ذهبت إلى دار كبير الأحبار فى فاس وكنت قد علمت أن الرجل بسبب مكانته بين اليهود وعلمه يجاهر بأنه يهودى ويحاول أن يفعل أفعال اليهود فى الظاهر وكان القوم يغضون الطرف عنه مع علمهم بما يقول ولما استقر بنا المقام قلت له :
يا كبيرنا لا تعرض نفسك للقتل بالجهر بيهوديتك
فقال : لى يا موسى تتظاهر بالإسلام وتترك دينك
قلت :يا كبيرنا حياتك أهم لنا وهم لا يطالبوننا بشىء سوى الشهادتين والصلاة فى الظاهر
فقال : إن ديننا هو أعظم دين فى الوجود ولابد من إعلام الناس بذلك ولا ينبغى لنا أن نكتم كلام الله
فقلت :إنى أخاف عليك من القوم
فقال لى : أنا لا أوافقك على التظاهر بالإسلام لأن هذا سيجر العامة منا للإسلام وبمرور السنوات يتأصل الإسلام فى نفوسهم لأننا لن نقدر على تعليمهم ووعظهم وهم من خلال كدحهم للحصول على لقمة العيش سينسون اليهودية والتوراة وعندما نموت نحن العلماء لن تكون هناك يهودية ولن يكون هناك يهود
قلت: هون عليك إن اليهود ليسوا فى الأندلس والمغرب فقط ومن ثم لو انتهينا هاهنا فهناك يهود يعلمون اليهودية ويعملون بها فى بلاد أخرى وستظل اليهودية موجودة فى الأرض لن يقدر أحد على محوها لأن الله أراد أن تكون اليهودية هى دينه المنتصر إن آجلا أو عاجلا فى الأرض .
***************************
-قالت أستير بنت موردخاى :
كنت فى بيت الحبر موسى بن ميمون أيام فتنة الموحدين فى فاس وكان الحبر يجمعنا فى إحدى قاعات الدار فى وسطها ويكلف بعض الإخوة بالوقوف خارج الدار وذلك ليقيم لنا الصلوات ويلقى علينا المواعظ والدروس وفى أحد الدروس قال : :
إن بنى إسرائيل كالجسد الواحد يحمى بعضهم بعضهم كما تدافع أعضاء الجسم عن الجسم كله إذا أصاب أحدها مكروها ومن ثم إذا قال الكفرة لبني إسرائيل:
أسلمونا أحدكم لنقتله وجب عليهم أن يتحملوا جميعاً آلام القتل ولا يسلموا إليهم واحداً من أبناء إسرائيل
فقلت يا حبرنا :ولكن هذا يجعل ديننا ينتهى لو سلمنا أنفسنا كلنا للقتل بسبب واحد
فقال الحبر : هذا لو كان بنو اسرائيل كلهم فى مكان واحد ولكنهم متفرقون فى بلاد الأرض
فقال داود الغرناطى : هذه وجهة نظر مضادة للنصارى الذين يرون أن قتل واحد أفضل للجماعة فهذا الواحد يمنع عنها الضرر
فقال الحبر موسى : هذه عقيدة الكفار فى المسيح الدجال أنه يفديهم ويمنع عنهم الأذى وهى مقولة تنفى مسئولية كل واحد فى الدنيا عن عمله حيث أن هذا الدجال يتحمل عن كل الناس آلامهم وعقابهم فيجعلهم يدخلون الجنة حتى ولو كانوا كفرة فسقة يفعلون كل المنكرات والشائنات فالمهم هو إيمانهم بأنه مخلصهم ،؟
********************
-قال سليم بن محمود السرقسطى:
سافرت من المغرب فى مركب إلى مصر وكان معنا أثناء السفر الحكيم موسى بن ميمون وأسرته وكان رجلا فاضلا مسلما لا يتكلم إلا بالقرآن ويحدثنا فى الفقه ويبين لنا أحكام السفر والصلاة وطعام البحر وكان سفرنا فى رمضان فكان الحكيم موسى يؤمنا للصلاة خاصة صلاة التروايح
تحدثت معه فقلت :
يا فقيه ما حكم طعام البحر ؟
فقال : لى يا سليم طعام البحر هو اللحم الطرى كما قال تعالى بسورة النحل" وهو الذى سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا " وهذا هو الحلال
فقلت :يقولون أن كل صيد البحر حلال وليس اللحم وحده واستدلوا بقوله تعالى فى سورة المائدة "أحل لكم صيد البحر "
فقال : لى ألا تكمل بقية الجملة " أحل لكم صيد البحر وطعامه " فالطعام غير الصيد لأن الناس يصيدون ياقوت ومرجانا ولؤلؤا من البحار وغير ذلك
فقلت :وما حكم الوضوء بماء البحر ؟
فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الطهور ماؤه الحل ميتته ومن فالوضوء والاغتسال بماء البحر حلال لأن ماء الشرب فى البحار المالحة عزيز أو لا يوجد ولو استعملناه فى الوضوء والاغتسال فسنموت من العطش لأن ماء البحر مالح لا يروى ظمأ ولا عطشا
وقد صاحبت العالم الفقيه طوال الرحلة فما بخل علينا بعلمه .
***************************
- قال كامل بن خليل الغرناطى:
لما سافرنا للحج فى مركب من المغرب على مصر كان معنا فى الرحلة فقيه يسمى موسى بن ميمون رجل من علماء الإسلام وكان يعلمنا فى الرحلة أحكام الإسلام ولما علم أننى ذاهب للحج أنا والكثير ممن على ظهر المركب خطبنا فقال : :
الحمد لله حمدا كثيرا مباركا فيه والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله النبى الكريم صلى عليه وعلى آله وسلم وبعد :
يا أحباب الله
على الحاج أن يخاف ربه ويحرص قدر استطاعته أن لا يقع فيما حرم الله عليه لقوله الرب عز وجل: ( الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) وقول النبى صلى الله عليه وسلم :
" من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه " فإنه إن صنع ذلك كان حجه مبرورا مقبولا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
" الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة "
ومن ثم على الحجاج والعمار لبيت الله عدم الإشراك بالله تعالى فقد رأينا الكثيرين منهم يقعون في الشرك كالاستغاثة بغير الله والاستعانة بالأموات من الأنبياء أو الصالحين ودعائهم من دون الله والقسم بهم تعظيما وتبجيلا لهم فيجعلون بذلك حجهم مذموما مرفوضا كما قال : المولى عز وجل ( لئن أشركت ليحبطن عملك )
وعلى الحجاج والعمار لبيت الله الحرام فى الحج أن يسألوا أهل العلم والذكر حيثما التقوا بهم عن مناسك الحج وأحكامه وفق الكتاب والسنة وأن لا يشغلهم ذلك عن الدعوة إلى التوحيد الذي هو عمود الإسلام ومن أجله أرسل الله الرسل عليهم السلام وأوحى كتب الوحى فإن أكثر من لقيناهم حتى بعض من يقول عن نفسه أنه عالم أو طالب للعلم في جهل عظيم بحقيقة توحيد الله وصفاته كما أنهم في غفوة كبيرة عن ضرورة عودة المسلمين على اختلاف مذاهبهم إلى توحيد كلمتهم ولم صفوفهم على أساس الكتاب والسنة في العقائد والأحكام والمعاملات والأخلاق وغير ذلك من جوانب الحياة وأن يعرفوا أن أي صوت يرتفع وأي إصلاح يقوم على غير هذا الأساس العادل والصراط المستقيم فسوف لا يجني المسلمون منه إلا فرقة وضعفا وهوانا وذلا
فسأله أحدنا :وما شروط الحج والعمرة؟
فأجاب الفقيه :
إن الحج والعمرة لا يجبان إلا بالشروط التالية: الإسلام، والبلوغ، والعقل، والحرية، والاستطاعة، خمسة شروط لا يجب حج ولا عمرة إلا باستكمال هذه الشروط. الإسلام والعقل شرطان للوجوب وللصحة، ولهذا لا يصح الحج ولا العمرة من كافر على أى دين أخر، ولا يصح الحج ولا العمرة من مجنون لعدم معرفته بما يفعله ، والبلوغ شرط للوجوب والإجزاء وليس شرطاً للصحة
فسألته :ما هو الدليل أن البلوغ ليس شرطاً للصحة؟
فقال : الرجل :حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أن امرأة رفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صبياً، فقالت: ألهذا حج؟ قال : نعم ولك أجر)، والحرية شرط للوجوب والإجزاء وليست شرطاً للصحة
فسأله أحدهم هل حج الرقيق واجب ؟
فرد الرجل قائلا :
هذه المسألة فيها خلاف فالرقيق عاقل مسلم فيكون حجه وعمرته صحيحاً وعندى أن حجه صحيح لأنه واجب عليه لكونه شريك فى مال الله الذى أتاه السيد كما قال : تعالى "وأتوهم من مال الله الذى أتاكم " فإذا كان هو شريك فى المال يرد عليه لأن الله اعتبر السيد الذى لا يتقاسم المال مع ملك يمينه جاحد بنعمة الله فقال : ""والله فضل بعضكم على بعض فى الرزق فما الذين فضلوا برادى رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون" فالمفروض أن عائد أعمال السيد يقسم عليه هو ومن عنده بالتساوى وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم يقول "اخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ فِتْيَةً تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فَلْيُطْعِمْهُ من طَعَامِهِ وَلْيُلْبِسْهُ من لِبَاسِهِ ولا يُكَلِّفْهُ مَا يَغْلِبُهُ فَإِنْ كَلَّفَهُ مَا يَغْلِبُهُ فَلْيُعِنْهُ" فطعام الرقيق هو نفسه طعام السيد ولبسه هو نفس لبسه ومن ثم أى فعل واجب على السيد يكون مثله على رقيقه فى المال والاستطاعة وضدها العجز تكون بالمال وبالبدن، فالاستطاعة بالمال والبدن شرط للوجوب والأداء، والاستطاعة بالمال دون البدن شرط للوجوب دون الأداء، ولهذا من كان عاجزاً عن الحج والعمرة عجزاً لا يرجى زواله وعنده مال فإنه يلزمه أن يقيم من يحج عنه وأن يعتمر
فقلنا : يا فقيه ألا يستأجر من يحمله للحج والعمرة ؟
فأجاب : العاجز إذا وجد سبيلا أى طريقة يقدر بها على الوصول لمكة وأن يقوم أحد بحمله لأداء المناسك فحجه واجب عليه لا يحج عنه غيره لقوله تعالى "من استطاع إليه سبيلا "ولكن إذا كان السفر يضره ضررا بليغا أكثر مما هو فيه فليس عليه حج لأن الله لم يجعل هناك حرج والمراد أذى فى الاسلام فقال : " وما جعل عليكم فى الدين من حرج "

[b]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://denallhakeslam.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 95
تاريخ التسجيل : 05/01/2023

    رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون        رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Emptyالأربعاء فبراير 08, 2023 6:36 pm

قالت أم عمران زوجة موسى بن ميمون:
لما ركبنا المركب من المغرب كنا أنا وزوجى موسى نتحاور يوميا عن وجهتنا أين ننزل وفى كل ليلة كنا نتكلم عن الموضوع فنتفق مرة على أن نسكن مصر وفى الليلة التالية نغير رأينا ونقول فلسطين ومرة نقول قبرص ومرة نقول لبنان ومرة سوريا
كان الخوف من المستقبل الذى ينتظرنا هو السبب فى اختلاف وتبدل الآراء فقد اتفقنا على سكنى فلسطين باعتبارها أرض الآباء والأجداد وأرض التوراة والأنبياء والرسل ثم اتفقنا على سكنى مصر لأنها واسعة وبها تسامح ولأن بها يهودا كثيرين ثم اتفقنا على قبرص لكونها فى يد النصارى بعيدا عن أيدى الموحدين الذين أجبرونا على الاسلام ثم اتفقنا واتفقنا حتى قال : لى ذات ليلة ونحن فى عرض البحر :
احترت يا أم عمران كيف نصل لقرار فى أمرنا ؟
فقلت له :أنت زوجى سيدى خذ القرار وأنا معك
فقال : وهو يحتضننى ويربت على ظهرى : فى كل الأحوال يا أم عمران المسألة ستكون تجربة فإن فشلنا فى مكان نجرب مكان أخر
فقلت :وماذا قررت ؟
فقال : انتظرت أنا أرى رؤيا خير فى مكان ولكن لا تواجهنى سوى الكوابيس فى نومى
فربت على ظهره وقلت : وأنا لم أحلم بشىء منذ مدة
هز رأسه وقال : إذا لا حل أمامنا سوى أن نجرى قرعة على أسماء البلاد وما يختاره عمران يكون هو البلد الذى ننزل فيه
وافقته على رأيه وجلب عدة صحاف من صحاف الأكل وكتب فى داخل كل واحد منها اسم بلد ثم جعل باطنها على أرض المركب وظهرها فوق ثم دعا عمران وقال : له اختر يا عمران صحفة
فوضع الولد يده على صحفة فلما عدل موسى وضعها وجد اسم فلسطين فيها فقال : وقد تهلل وجهه :
الحمد لله الذى اختار لنا أرض الميعاد
لم أشأ أن أعكر فرحته أو أعود للكلام عن وجود الصليبيين فيها وأنهم يقتلون المسلمين واليهود وأن الحرب مستعرة بين الجانبين
وعندما وصلت المركب لسواحل فلسطين سألته :
أين ننزل يا سيدى؟
فرد قائلا : يا أم عمران المركب أصحابها على الاسلام وسيدخلون ميناء أصحابه مسلمون ومن ثم سنقيم فى أرض المسلمين
فقلت نهرب من المسلمين فى الأندلس والمغرب ثم نأتى لهم فى فلسطين
فابتسم وربت على ظهرى وقال : : المسلمون هنا غير المسلمون هناك
ونزلنا أرض المسلمين واستأجرنا بيتا أقمنا فيه ولكن الأحوال لم تستقر فمصدر الرزق لم يكن وفيرا وكنا نسمع يوميا عن غارات ومعارك واشتباكات تحدث هنا أو هناك بين المسلمين والصليبيين.
وأقمنا عدة شهور فى فلسطين ولما ضاقت بنا السبل قلت له :
حياتنا هنا معرضة للخطر فى كل لحظة
فقال سيدى موسى :أتريدين أن تسافرى لبلد أخرى
فقلت: نعم بلد ننعم فيها بالهدوء والسكينة
فقال : هناك قافلة مسافرة لدمشق بعد أيام ما رأيك فى الذهاب لهناك؟
فقلت أنت زوجى وتاج رأسى وما تقوله هو الذى يجب أن يكون
فقال : على بركة الله نسافر إلى دمشق
وبالفعل سافرنا مع القافلة إلى دمشق وكان طريق السفر طويلا رغم قصر المسافة فقائد القافلة كان يذهب بعيدا عن تجمعات الصليبيين خوفا من أن يهجموا على القافلة ومن ثم توغل بنا فى البادية الأردنية ووصلنا عبر طريق ملتف وطويل لدمشق .
***************************
قال : أحمد بن على الكايمى:
فى يوم من الأيام مرض سيدى القاضى محى الدين بن الزكى مرضا شديدا فأمرنى باحضار طبيب البلدة فذهبت وأحضرته وجاء الرجاء وفحص سيدى محى الدين ابن الزكى ووصف الدواء وركبه وبدأنا نعطيه لسيدى ولكن الدواء لم يفلح فى شفاء المرض فأحضرت الطبيب مرة أخرى ولكنه لم يفلح هذه المرة أيضا فى شفاء سيدى القاضى فطلب منى سيدى القاضى الذهاب للبلاد المجاورة لاحضار طبيب أخر فذهبت وأحضرت طبيبا فعالجه ثم عاوده مرة بعد مرة ولكن المرض تمكن منه وذات يوم عاد سيدى بعض التجار فحدثوه عن حكيم يدعى موسى بن ميمون رجل يهودى وأنه رجل ماهر فطلب منى سيدى ابن الزكى السفر لمكان موسى هذا ولما ذهبت أحضرت موسى فعالج سيدى ابن الزكى علاجا ناجعا ونجح فيما فشل فيه غيره وأمرنى سيدى أن أعطيه مالا وفيرا فرفض الرجل أمام سيدى أخذ المال رغم معرفتنا بأن اليهود يحبون المال حبهم لعيونهم وقال : لسيدى أنه يشرفه مصاحبة القاضى وأقسم بالله عدة مرات أنه لا يريد مالا من سيدى .
*************************
- قال على بن محمد الركيمى:
كان الحكيم موسى بن ميمون بعدما عالج سيدنا القاضى محى الدين بن الزكى يأتى لزيارته كل فترة ويجلس معه يتحدثون فى شتى المواضيع وتمكن هذا الرجل من قلب سيدنا محى الدين حتى أصبح واحدا من أعز أصحابه
ولم يكن الحكيم موسى يريد من وراء تلك الصداقة سوى أن يحقق هدف لم يظهر لأحد منا إلا بعد سنوات طويلة ومات سيدنا ولم يعرف ماذا كان هدف الحكيم من مصاحبته ؟
جاء الحكيم لسيدنا محى الدين بن الزكى وقال : له أنه اشترى دارا فى دمشق التى كان سيدنا هو قاضيها ولكنه طلب طلبا غريبا هو :
أن يكتب القاضى تاريخ البيع قبل خمس سنوات وادعى أن الرجل البائع بينه وبين بعض أهله منازعات حول ملكية الدار وحتى يخرج من هذه المنازعات طلب تسبيق التاريخ ولما كان سيدنا القاضى يثق به ثقة عمياء فقد صدقه وكتب التاريخ السابق بعد أن أحضر الرجل البائع صك ملكيته
وقال الحكيم لسيدنا :
أنه دفع المال للرجل ومن ثم فهو لا يريد أن يدفع ثمن الدار مرتين أو أن يضيع ماله
فقال القاضى له: الاسلام يطالبنا بعدم أكل أموال الناس بالباطل وباعتبارك ذميا فإنك فى حمايتنا ويجب أن نحافظ على مالك .
***************************
أخبرنا بطليموس بن مرقص قال : :
قابلت فى دمشق موسى بن ميمون القرطبى اليهودى وكان رجلا فاضلا فى الطب والرياضيات والفلسفة ولما كنت مهتما بالهندسة قررت أن أحاوره فى بعض المسائل التى تهمنى فى الهندسة فذهبت إلى داره فى دمشق فاستقبلنى استقبالا حسنا قائلا :
ما حاجتك يا بطليموس؟
فعجبت من معرفته بى رغم أنه لم يشاركنى المجالس إلا مرتين فقلت :أتيتك لنتحدث فى بعض الأمور الهندسية التى عسر على فهمها
فابتسم وقال : : هات ما عندك
فقلت يا معلم ألا ترى أن المهندسون عندما تكلموا فى الهندسة تكلموا كلاما خياليا فى كثير من الأحيان؟
فقال : : يا بنى إن الهندسة علم مبنى على التصور والتخيل
فقلت :يقولون النقطة شىء له وضع فقط وليس له طول ولا عرض وعمق وفى الواقع لا يمكن لشىء موجود فى السموات والأرض ألا يكون دون طول أو عرض أو عمق
فضحك وقال : ومع هذا يقولون أن النقطة بداية الخط والنقطة نهاية الخط الذى له طول مكانى
فضحكت وقلت: إذا أنت معى
فابتسم وقال : ليس كل ما قاله السابقون هو صحيح ولكننا درجنا على التسليم بما قالوه خاصة فى الهندسة
فقلت : البرهان النظرى هو المستعمل لاثبات المقولات ومع هذا يثبت بالقياس العملى أن بعض المقولات خاطئة
فقال : الرجل متسائلا : مثل على قولك
فرددت :النظرية المعروفة بقاعدة فيثاغورس مربع طول ضلعى المثلث القائم الزاوية يساوى مربع طول وتر المثلث
فتساءل :وكيف تثبت أنها خطأ؟
فقلت : ارسم عشرة أو عشرين مثلثا قائم الزاوية دون أن تستعمل أداة القياس ولا تستعمل سوى المنقلة لعمل الزاوية القائمة وبعد أن تنتهى قس الأضلاع وهات مربعات أطول الأضلاع وستجد أن العديد من تلك المثلثات لا تنطبق نظرية فيثاغورس عليها
فقال : :إذا ما هو المفروض فى رأيك ؟
قلت : أن نتبع القياس العملى لأن البرهان النظرى هو بمثابة من يبنى بيتا بلا أساس أو بيتا بأساس ناقص
***********************
- قال : رابين بن مناحم :
حدثنى الحبر موسى بن ميمون قال : لما كنت بأرض الشام وحزت هناك على شهرة فى دمشق فى الطب وتدريس الفلسفة والمنطق وعلم الهيئة والرياضيات كان الناس يأتوننى فى دارى للسؤال والتعلم والعلاج ولما حزت على القبول من يهود دمشق وما جاورها من البلاد وأصبحوا يعتبروننى زعيما لهم فإن الصليبين فى الشام أرسلوا لى جواسيسهم مرة يسألوننى فى الفلسفة ومرة للعلاج ومرة للسؤال فى الدين ...وكان الغرض من إرسال الجواسيس هو أن يطمئن الجيران لتلك الوجوه فلا يحسبونهم جواسيس يريدون عملا شريرا بهم ولما اطمأنوا أن لا أحد يعرفهم أتونى ليلا فى إحدى الليالى وقالوا لى :
أنهم يريدون أن يتفقوا معى اتفاقا فسألتهم فى أى شىء ؟ فأجابوا :
نريد أن نغزو دمشق وأجوارها
فقلت وماذا أستفيد أنا من ذلك ؟
فقالوا :أنت زعيم اليهود ولك أصدقاء كثيرين من المسلمين يعرفون مداخل وخارج المدينة والحراسة وكيفية عملها ومعسكرات المسلمين فى أجوار دمشق ومن ثم نريد أن تحضر لنا هذه المعلومات
فسألت :وما المقابل ؟
فأجابوا :سنجعلك زعيم يهود بلاد الشام ونغرف لك من المال غرفا
فقلت لهم :وإذا فشلتم فى الاستيلاء على دمشق وأجوارها أقتل أنا واليهود بسببكم
فقالوا: هل ترفض التعاون معنا ؟
فأجبت : لو ضمنتم لى نجاحكم فسأساعدكم
فانصرفوا وأتونى بعدها بعدة ليالى كنت فيها قد فكرت فى العرض فوجدت أن أبلغ المسلمين بما قالوه لى لأن المسلمين لا يقتلون اليهود كما فعل الصليبيون الغشم فى أورشليم عندما قتلوا اليهود والمسلمين رجالا ونساء وأطفالا وجعلوا المدينة تمتلىء بالدماء كما أنهم يخونون العهد وأما المسلمين فمصيبتهم الكبرى هى تمسكهم بالعهود إلى حد إضرار أنفسهم لأقصى درجة ومن ثم فالمسلمون أفضل لليهود من النصارى الصليبيين ومن ثم فى المرة الثانية قلت لهم :
سأتعاون معكم فانصرفوا فرحين
ثم قمت بالذهاب لوالى دمشق فأخبرته بخبر القوم فأمرنى أن أبيع دارى ومالى فى المدينة له بالثمن الذى أريد حتى أسافر إلى مصر لأقيم بها حتى لا يصل الصليبيين إلى لقتلى ثم أمر جنوده أن يراقبوا منزلى ويقبضوا على الجواسيس متى أتوا للمنزل ومكث معى جندى من المسلمين فى المنزل كعبد من الرقيق فلما أتوا وجلسوا فى الدار ليلا ناديت على العبد فأتانى فقلت له هات الشراب لهم وأشرت له إشارة على أنهم هم فنظر فى وجوههم ثم خرج فأحضر شرابا أنامهم وتم القبض عليهم فأمر الملك جنوده بحمل متاعى وأهلى على الخيول حتى أوصلونى لمركب ذاهبة لمصر فركبتها مع أهلى وأتيت لمصر .
**********************
- قال ابراهيم بن عاموص :
حدثنا الحبر موسى أنه لقى فى الشام أثناء اقامته بها أحد الملحدين فى دمشق وكان رجلا عليما بأمور دنياه من خمر ونساء ولواط ودار بينهما حوارا قصه على الحبر الذى قال للملحد :
عليك أن تعود لرشدك
فرد الملحد :عبثا تحاول أن تقتنعنى بالعودة إلى اعتناق دين يحلل ويحرم ؟
فسأله الحبر: إذا كيف تعيش حياتك ؟
فأجاب :بلا دين
فضحك الحبر وقال : :لا يمكن أن توجد حياة بلا دين فأنت مثلا لو أكلت أطعمة ولم تأكل أطعمة أخرى فقد أنشأت حكما فى الطعام لك وأنت مثلا لو شربت أشربة ولم تشرب أخرى فقد أنشأت حكما لنفسك فى الشراب وأنت مثلا لو جامعت أيا كان فقد أنشأت حكما وهذا الحكم بالتحليل والتحريم هو الدين سواء سمى دين أو لا
فضحك الملحد وقال : :إذا من الخير لى أن يكون لى دينى الخاص الذى أصنعه بنفسى ولا أكون على دين صنعه غيرى من البشر فليسوا هم أفضل منى
فقال الحبر:إذا كل واحد يتبع هوى نفسه فى التحليل والتحريم ومن ثم سيقودنا هذا فى النهاية لقتل بعضنا البعض وجرح بعضنا البعض لأنه لا شىء يحرم القتل أو الجرح أو السرقة أو غير ذلك لعدم وجود تحليل أو تحريم
فقال الملحد مبتسما :عبثا تحاول أن تقنعنى بوجود دين وإله فلو كان هناك إله ما تركنا هكذا دون أن يبين لنا الحق من الباطل بيانا شافيا لا يحتاج أى واحد فينا لتفسيره وإنما هو يفسر نفسه بنفسه ولا تقل لى إن توراتك فيها البيان الشافى
فقال : الحبر هذا هو الحق
إذا أين البيان الشافى فى توراتك فى تنظيم الدولة أين طرق إدارة الدولة .......
فقال الحبر :لابد أن هذا موجود ولكنه يحتاج للتفكير
فضحك الملحد وقال : ما دمت قلت يحتاج للتفكير فهو غير مبين بيانا شافيا فهو يحتاج لتفسيره ومن هنا فليس الأمر واضح بين
فقال الحبر: إذا فكل حياتنا فى رأيك عبث وباطل ولا فائدة منها
هز الملحد رأسه وقال : :هذا هو الظاهر لنا
فقال الحبر الجليل :معنى كلامك هذا أننا جئنا للحياة من غير خالق وجئنا لنذهب دون هدف من المجىء ولا الذهاب
رد الملحد قائلا:هذا هو الواضح
فضحك الحبر وقال :إننى لو قلت لك إن مجموعة الحروف فى اللغة ألقيت فى الهواء فلما نزلت على الأرض ألفت كتاب فيه فصول وأبواب ومقالات متراصة مرتبة فما تقول عنى
فأجاب الملحد: مجنون
فابتسم الحبر وقال : :إذا أنت مجنون فهل تظن أن مجموعة الذرات تناثرت فى الكون فأنتجت الحيوانات والنباتات والناس والسموات والأرض على هذا الوجه المتناسق البديع هذا جنون لابد لها من خالق أوجدها تسير على قوانين
فأجاب الملحد :لا لا الطبيعة ليست هى ما تزعمون أنه الإله
فسأله الحبر العظيم :وما هى الطبيعة؟
فرد قائلا :هى القوانين التى يسير عليها الكون بحيث يظل سائرا هكذا فى ثبات لا يتغير كليا وإنما تغير جزئى كل لحظة ويظل فى مجموعه موجودا كأشكال
فابتسم الحبر وهز رأسه وقال : :هل لى أن أسألك سؤالا ؟
فقال : الملحد: تفضل
سأله الحبر الجليل :القوانين التى تتبعها أنت وأمثالك هل لها منشىء؟
فأجاب :نعم
فقال الحبر العليم :إذا كيف تكون قوانين الطبيعة بلا منشىء إذا كانت القوانين التى يسير عليها الناس ومنها الإلحاد لها منشئين فإذا كنت تقر بوجود منشىء للقوانين البشرية فلابد أن تقر بوجود منشىء لقوانين الكون العامة وإلا فما معنى لإنكارك الله
فقال الرجل الملحد :هذه نقرة وهذه نقرة أخرى
فقال : المعلم العظيم :بل الكل واحد
فسأله الكافر :كيف؟
فسأله الحبر :قل هل الحيوانات تسير على قوانين ؟
فرد الملحد :بالقطع لها قوانين تسير عليها فهناك ما يدل على وجود قوانين كطرق السير على أربع واثنين وعلى البطن وكطعام كل نوع فمنهم من يأكل نباتات ومنهم من يأكل نباتات وحيوانات ومنهم من يأكل حيوانات وغير هذا
فسأله الحبر الجليل :هل الحيوانات هى التى اخترعت قوانينها ؟
فرد الملحد :لا بل الطبيعة
فقال العالم العليم :فقال : أنت تقول أن الطبيعة هى القوانين وهنا ناقضت نفسك بجعلها المخترعة للقوانين فإما هى المخترعة أو هى القوانين نفسها لأن الإنشاء وهو الاختراع غير القوانين
فقال الملحد :هذه شنشنة نعرفها من أخزم
فابتسم الحبر العظيم وقال :يا أخى دعك مما تقول فإنك لن تجد ردا سليما على
وكان الحبر قد قال : لنا فى أحد الدروس :
القتل هو جزاء للإلحاد لأن القسوة على من يضلون الناس سعياً وراء الزهو والخيلاء إنما هي رحمة بالعالم فهؤلاء يفسدون الحياة فلو أن كل واحد اتبع ما يسمى الالحاد فالبشرية ستفنى عاجلا وحتى لا تفنى البشرية لابد من قتل الملحدين .
***********************

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://denallhakeslam.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 95
تاريخ التسجيل : 05/01/2023

    رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون        رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Emptyالخميس فبراير 09, 2023 6:18 pm

-
قال فارص بن عمودا:
كنت مع الحكيم موسى بن ميمون فى دار القس عمانويل فى انطاكية وبعد أن تناولنا طعام الغداء أحضروا لنا الفاكهة وبعد هذا قال : القس عمانويل لنا :
نحن نؤمن بالكتابين وأنتم تؤمنون بكتاب واحد
فقال الحبر موسى :نحن موحدون وأنتم مشركون تشركون يسوع وأمه أو يسوع والروح القدس مع الله فى الألوهية
فقال : القس الثلاثة واحد يا موسى
فقال : الحبر عهدكم الجديد يقول أن الله واحد أحد ومع هذا أنتم جعلتموه شركة مكونة من ثلاثة والواحد الأحد لا يتكون من أجزاء
فقال القس : الوحى واحد إذا كما تقول فما قاله الكتاب الأول قاله الكتاب الثانى
فقال : الحبر موسى :لو فتحنا الكتابين سنجد بينهما اختلاف يجعل كل منهما يكذب الأخر
فقال : القس عمانويل : مثل ماذا ؟
فقال : الحبر موسى : قال : سفر الملوك الثانى التوراتى "وكان عند إصعاد الرب إيليا فى العاصفة إلى السماء"(2-1)و"فصعد إيليا فى العاصفة للسماء "(2-11)وصعود إيليا فى كتابنا يناقض أن الوحيد الذى صعد للسماء هو يسوع ابن الإنسان كما بإنجيل يوحنا "وما صعد أحد إلى السماء إلا الذى نزل من السماء وهو ابن الإنسان الذى هو فى السماء "(3-13)
فقال : القس متعجبا وماذا أيضا ؟
فقال : الحبر موسى :
قال : سفر التكوين عندنا "وعاش أرفكشاد بعدما ولد شالح 403 سنين وولد بنين وبنات وعاش شالح ثلاثين سنة وولد عابر "(11: 13-14 )ومثله أخبار الأيام الأول (1-18)فهنا شالح بن أرفكشاد وهو ما يناقض أن كتابكم قال : شالح هو ابن قينان وجده أرفكشاد فى قول إنجيل لوقا"بن عابر بن شالح بن قينان بن أرفكشاد "(3: 35-36)
فقال : القس هل توجد أمور أخرى نخالف فيها التوراة الانجيل ؟
فأجاب الحبر موسى :
قال : سفر التكوين "جميع نفوس بيت يعقوب التى جاءت إلى مصر سبعون "(46-27وهو ما يناقض أنهم خمسة وسبعين فى كتابكم فى قول سفر أعمال الرسل فى الإنجيل "واستدعى يوسف والده يعقوب ولإخوته وعائلاتهم إلى مصر وكانوا خمسة وسبعون "(7-14)
وقال : سفر الخروج "لا يكن لك آلهة أخرى أمامى "(20-3 ) فهنا الله وحده الرب وهو ما يناقض كون المسيح ربا أخر كما قال : سفر الرؤيا الإنجيلى "ولكن الحمل يهزمهم لأنه رب الأرباب وملك الملوك"(17-14)
وقال : سفر الخروج "فجاء موسى ...فأخذ موسى نصف الدم ووضعه فى الطسوس ونصف الدم رشه على المذبح ....وأخذ موسى الدم ورش على الشعب "(24: 3-Coolفهنا من رش عليهم المذبح والشعب وهو ما يناقض رشه على كتاب الشريعة وخيمة العبادة وأدواتها فى قول رسالة إلى العبرانيين "فمعلوم أن موسى بعد تلاوة وصايا الشريعة كلها على الشعب أخذ دم العجول والتيوس مع بعض الماء ورشه على كتاب الشريعة وعلى أفراد الشعب ...وقد رش موسى الدم أيضا على خيمة العبادة وعلى أدوات الخدمة التى فيها "(9:19-21)فالمشترك هو الرش على الشعب فقط
وقال : سفر هوشع "أول ما كلم الرب هوشع قال : الرب لهوشع اذهب خذ لنفسك امرأة زنى وأولاد زنى "(1-2)فهنا الأمر بزواج الزانيات وهو ما يناقض النهى عن زواج الزانيات بقول إنجيل متى "وسمعتم أنه قيل لا تزن أما أنا فأقول لكم كل من ينظر إلى امرأة بقصد أن يشتهيها فقد زنى بها فى قلبه "(5 :27-28)
وقال : سفر العدد "وكان الذين ماتوا بالوباء 24 ألفا "(25-9)وهو ما يناقض أنهم ثلاثة وعشرين ألفا فى قول الرسالة إلى مؤمنى كورنثوس الأولى"فسقط فى يوم واحد 23 ألفا"(10-Cool
وقال : سفر صموئيل الأول "فجاء داود إلى نوب إلى أخيمالك الكاهن فاضطرب أخيمالك عند لقاء داود وقال : له لماذا أنت وحدك وليس معك أحد ... فأعطاه الكاهن المقدس لأنه لم يكن هناك خبز إلا خبز الوجوه المرفوع من أمام الرب لكى يوضع خبز سخن فى يوم أخذه "(21-1 : 7) وهذا يناقض كون اسم الكاهن أبيأثار ووجود مرافقين لداود (ص)فى قول إنجيل مرقس"أما قرأتم ما فعله داود ومرافقوه عندما احتاجوا وجاعوا كيف دخل بيت الله فى زمان أبيأثار رئيس الكهنة وأكل خبز التقدمة "(2: 25-26)
وقال : سفر أخبار الأيام الثانى "لأنه ليس إنسان لا يخطىء"(6-36)وهو ما يناقض أنه هناك ناس لا يخطئون فى رسالة يوحنا الأولى"فكل مولود من الله لا يمارس الخطيئة "(3-9)والمراد يسوع ابن الإنسان
وقال : سفر أخبار الأيام الثانى "ولبس روح الله زكريا بن يهوداع الكاهن "(24-20 )فهنا والد زكريا(ص)يهوداع وهو ما يناقض كونه برخيا فى إنجيل متى "إلى دم زكريا بن برخيا "(23-35 ) وأيضا زكريا بن برخيا فى سفر زكريا "زكريا بن برخيا "(1-1)
فقال : القس عمانوئيل : لأول مرة أسمع هذا الكلام وسوف أعرضه على رؤسائى للتدارس
****************************
- قال أحمد بن محمد السوقى:
حضرت فى دمشق بالشام مجلسا ضم العديد ممن يشتغلون بالفلسفة وكان منهم القس عمانوئيل والحبر موسى بن ميمون وجماعة من المسلمين واليهود والصابئة والنصارى وغيرهم وكان السؤال المطروح :
هل هناك نعيم جسدى فى الآخرى ؟
فبدأ عمانوئيل قائلا :
إن العذاب جسدى لسماع صرير الأسنان والبكاء فى جهنم ومن ثم فالنعيم فى الجنة يكون جسدى أيضا
فقال موسى : إن النعيم الجسدى هو أمر غير مفيد للناس
فقال المتفلسف المسلم احمد بن عبده : لو افترضنا أنه غير مفيد فقولك بالنعيم الروحى يعنى أنه لا خلود فى الجنة أو فى النار
فقال موسى : النعيم الروحى لا ينتهى
فقال أحمد :النعيم الروحى ينتهى لأنه هو المعرفة والمعرفة عند الله شاملة يعطيها للإنسان مرة وساعتها ينتهى كل شىء بالمعرفة فلا يطلبها الانسان مرة أخرى وأما النعيم الجسدى فيتطلب التكرار فالأكل والشرب والجماع واللبس أفعال لا تنتهى بينما المعرفة الواضحة التى لا لبس فيها كمعارفنا فى الدنيا وهى علم الله تجعل القلب يسكن ويطمئن فلا يطلب شىء
فبدأ موسى فى السخرية قائلا :
كلام نبيكم فى المتع يثير الضحك فكيف يرى مخ السيقان من وراء العظام واللحم وما الفائدة من رؤيته إن الانسان يتمتع بمنظر الجسم وليس بما فى داخله من دماء وجلد وغيره مما يثير القرف وهو قولهم عند البخارى حدََّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ هِلاَلٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى عَمْرَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - « أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ، وَالَّذِينَ عَلَى آثَارِهِمْ كَأَحْسَنِ كَوْكَبٍ دُرِّىٍّ فِى السَّمَاءِ إِضَاءَةً ، قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، لاَ تَبَاغُضَ بَيْنَهُمْ وَلاَ تَحَاسُدَ ، لِكُلِّ امْرِئٍ زَوْجَتَانِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِنَّ مِنْ وَرَاءِ الْعَظْمِ وَاللَّحْمِ » .
والأهم والمثير للشفقة أن المخ يرى مرة أخرى ليس من وراء العظم واللحم وإنما وراء الثياب وهو قولهم الذى رواه مسند أحمد:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قال : « لِلرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ زَوْجَتَانِ مِنَ حُورِ الْعِينِ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ سَبْعُونَ حُلَّةً يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ الثِّيَابِ »
سبعون حلة ومع هذا تتم الرؤية فلو وضعنا سبعون ثوبا شفافا فوق بعضهم فإن الشفافية تختفى من سمكهن؟
فقال أحمد: ولكن كتابكم يقول فى سفر التكوين " 15وَأَخَذَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ وَوَضَعَهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَهَا وَيَحْفَظَهَا. 16وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ قَائِلاً: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً، 17وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ».فهنا فى الجنة شجر يتم الأكل منه فكيف تنكر وجود نعيم جسدى ؟
كما يقول فى سفر اشعيا لأَنِّي هأَنَذَا خَالِقٌ سَمَاوَاتٍ جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً، فَلاَ تُذْكَرُ الأُولَى وَلاَ تَخْطُرُ عَلَى بَال. 18بَلِ افْرَحُوا وَابْتَهِجُوا إِلَى الأَبَدِ فِي مَا أَنَا خَالِقٌ، لأَنِّي هأَنَذَا خَالِقٌ أُورُشَلِيمَ بَهْجَةً وَشَعْبَهَا فَرَحًا. 19فَأَبْتَهِجُ بِأُورُشَلِيمَ وَأَفْرَحُ بِشَعْبِي، وَلاَ يُسْمَعُ بَعْدُ فِيهَا صَوْتُ بُكَاءٍ وَلاَ صَوْتُ صُرَاخٍ. 20لاَ يَكُونُ بَعْدُ هُنَاكَ طِفْلُ أَيَّامٍ، وَلاَ شَيْخٌ لَمْ يُكْمِلْ أَيَّامَهُ. لأَنَّ الصَّبِيَّ يَمُوتُ ابْنَ مِئَةِ سَنَةٍ، وَالْخَاطِئُ يُلْعَنُ ابْنَ مِئَةِ سَنَةٍ. 21وَيَبْنُونَ بُيُوتًا وَيَسْكُنُونَ فِيهَا، وَيَغْرِسُونَ كُرُومًا وَيَأْكُلُونَ أَثْمَارَهَا. 22لاَ يَبْنُونَ وَآخَرُ يَسْكُنُ، وَلاَ يَغْرِسُونَ وَآخَرُ يَأْكُلُ. لأَنَّهُ كَأَيَّامِ شَجَرَةٍ أَيَّامُ شَعْبِي، وَيَسْتَعْمِلُ مُخْتَارِيَّ عَمَلَ أَيْدِيهِمْ. 23لاَ يَتْعَبُونَ بَاطِلاً وَلاَ يَلِدُونَ لِلرُّعْبِ، لأَنَّهُمْ نَسْلُ مُبَارَكِي الرَّبِّ، وَذُرِّيَّتُهُمْ مَعَهُمْ. 24وَيَكُونُ أَنِّي قَبْلَمَا يَدْعُونَ أَنَا أُجِيبُ، وَفِيمَا هُمْ يَتَكَلَّمُونَ بَعْدُ أَنَا أَسْمَعُ. 25الذِّئْبُ وَالْحَمَلُ يَرْعَيَانِ مَعًا، وَالأَسَدُ يَأْكُلُ التِّبْنَ كَالْبَقَرِ. أَمَّا الْحَيَّةُ فَالتُّرَابُ طَعَامُهَا. لاَ يُؤْذُونَ وَلاَ يُهْلِكُونَ فِي كُلِّ جَبَلِ قُدْسِي، قال : الرَّبُّ» فهنا القوم فى الجنة يأكلون الثمار
فقال موسى :
من المضحك أيضا فى أحاديث نبيكم اعطاء المسلم قوة جماع مائة امرأة وهى لذة جسمية فعند الترمذى فى السنن عن أنس
قال : رسول الله يعطى المؤمن فى الجنة قوة كذا وكذا من الجماع قيل يا رسول الله أويطيق ذلك قال : يعطى قوة مائة
فلماذا لا يعطى المسلمة قوة المائة هى الأخرى باعتبارها مثل الرجل أم أنه حلال للرجل حرام على المرأة ؟
فقال أحمد :ما زلت تتهرب من نصوص كتابك المقدس وتبتعد عن الموضوع بذكر حديث محمد صلى الله عليه وسلم ؟
فأشاح موسى بوجهه وقال : متجاهلا حجة أحمد :
وأيضا توجد فى جنتكم مناديل فى قول رواية البخارى:
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ قال : حَدَّثَنِى أَبُو إِسْحَاقَ قال : سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قال : أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِثَوْبٍ مِنْ حَرِيرٍ ، فَجَعَلُوا يَعْجَبُونَ مِنْ حُسْنِهِ وَلِينِهِ ، فَقال : رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِى الْجَنَّةِ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا " فلماذا توجد مناديل إذا كان أهل الجنة كما يقول نبيكم لا يعرقون عرقا كريه الرائحة ولا يتغوطون كما فى الحديث الأخر عند البخارى :
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال : « أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ، وَالَّذِينَ عَلَى إِثْرِهِمْ كَأَشَدِّ كَوْكَبٍ إِضَاءَةً ، قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ وَلاَ تَبَاغُضَ ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ لَحْمِهَا مِنَ الْحُسْنِ ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا ، لاَ يَسْقَمُونَ وَلاَ يَمْتَخِطُونَ ، وَلاَ يَبْصُقُونَ ، آنِيَتُهُمُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ ، وَأَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ ، وَقُودُ مَجَامِرِهِمُ الأُلُوَّةُ - قال : أَبُو الْيَمَانِ يَعْنِى الْعُودَ - وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ »
ضحك أحمد وقال :
ما زلت تتهرب من الاجابة على السؤال هل تؤمن ببعث الأجسام؟ إنك خائف من الجالسين هنا أن يبلغوا اليهود بإنك كافر بركن من أركان دينهم ؟
انقبض وجه موسى وقال :
أنا أومن بتلك المقولة بعث الأجسام
ضحك الجالسون من قوله حيث أنكر ثم أعلن ايمانه بالمقولة
ثم قال موسى :أنتم تضحكون على أفلا تضحكون على حديث محمد الذى جعل الشجر مصدر لشرب الماء بينما أساسا الشجر مصدر للأكل وليس للشرب كما فى رواية مسلم :
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قال : « آخِرُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ رَجُلٌ فَهُوَ يَمْشِى مَرَّةً وَيَكْبُو مَرَّةً وَتَسْفَعُهُ النَّارُ مَرَّةً فَإِذَا مَا جَاوَزَهَا الْتَفَتَ إِلَيْهَا فَقال : تَبَارَكَ الَّذِى نَجَّانِى مِنْكِ لَقَدْ أَعْطَانِىَ اللَّهُ شَيْئًا مَا أَعْطَاهُ أَحَدًا مِنَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ. فَتُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ فَيَقُولُ أَىْ رَبِّ أَدْنِنِى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا وَأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا. فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَا ابْنَ آدَمَ لَعَلِّى إِنْ أَعْطَيْتُكَهَا سَأَلْتَنِى غَيْرَهَا.
فَيَقُولُ لاَ يَا رَبِّ. وَيُعَاهِدُهُ أَنْ لاَ يَسْأَلَهُ غَيْرَهَا وَرَبُّهُ يَعْذِرُهُ لأَنَّهُ يَرَى مَا لاَ صَبْرَ لَهُ عَلَيْهِ فَيُدْنِيهِ مِنْهَا فَيَسْتَظِلُّ بِظِلِّهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا ثُمَّ تُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ هِىَ أَحْسَنُ مِنَ الأُولَى فَيَقُولُ أَىْ رَبِّ أَدْنِنِى مِنْ هَذِهِ لأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا وَأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا. فَيَقُولُ يَا ابْنَ آدَمَ أَلَمْ تُعَاهِدْنِى أَنْ لاَ تَسْأَلَنِى غَيْرَهَا فَيَقُولُ لَعَلِّى إِنْ أَدْنَيْتُكَ مِنْهَا تَسْأَلُنِى غَيْرَهَا . فَيُعَاهِدُهُ أَنْ لاَ يَسْأَلَهُ غَيْرَهَا وَرَبُّهُ يَعْذِرُهُ لأَنَّهُ يَرَى مَا لاَ صَبْرَ لَهُ عَلَيْهِ فَيُدْنِيهِ مِنْهَا فَيَسْتَظِلُّ بِظِلِّهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا. ثُمَّ تُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ هِىَ أَحْسَنُ مِنَ الأُولَيَيْنِ. فَيَقُولُ أَىْ رَبِّ أَدْنِنِى مِنْ هَذِهِ لأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا وَأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا. فَيَقُولُ يَا ابْنَ آدَمَ أَلَمْ تُعَاهِدْنِى أَنْ لاَ تَسْأَلَنِى غَيْرَهَا قال : بَلَى يَا رَبِّ هَذِهِ لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا. وَرَبُّهُ يَعْذِرُهُ لأَنَّهُ يَرَى مَا لاَ صَبْرَ لَهُ عَلَيْهَا فَيُدْنِيهِ مِنْهَا فَإِذَا أَدْنَاهُ مِنْهَا فَيَسْمَعُ أَصْوَاتَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَقُولُ أَىْ رَبِّ أَدْخِلْنِيهَا.
فَيَقُولُ يَا ابْنَ آدَمَ مَا يَصْرِينِى مِنْكَ أَيُرْضِيكَ أَنْ أُعْطِيَكَ الدُّنْيَا وَمِثْلَهَا مَعَهَا قال : يَا رَبِّ أَتَسْتَهْزِئُ مِنِّى وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ». فَضَحِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَقال : أَلاَ تَسْأَلُونِّى مِمَّ أَضْحَكُ فَقال :وا مِمَّ تَضْحَكُ قال : هَكَذَا ضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. فَقال :وا مِمَّ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال : « مِنْ ضِحْكِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حِينَ قال : أَتَسْتَهْزِئُ مِنِّى وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ فَيَقُولُ إِنِّى لاَ أَسْتَهْزِئُ مِنْكَ وَلَكِنِّى عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ ».
فقال له أحمد :أنت تثبت جهلك فبعض الشجر ثماره مصدر لماء يشرب كما فى ثمار جوز الهند وبعض النباتات يوجد لداخلها ماء من الممكن شربه مثل الشمام

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://denallhakeslam.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 95
تاريخ التسجيل : 05/01/2023

    رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون        رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Emptyالجمعة فبراير 10, 2023 6:48 pm

-
حدثنا ابراهيم بن موسى :
لما وصلنا إلى الاسكندرية من فلسطين حمدنا الله وقام أبى باستئجار بيت لنا فيها مدة قصيرة وكان فى تلك المدة كما حكى لنا يبحث عن يهود الاسكندرية حتى عثر على بعضهم وحادثهم فى أمر عمل له يسترزق منه وينفق علينا وحكى لهم عما حدث من اكراه الموحدين اليهود والنصارى والوثنيين فى الأندلس على والمغرب على الاسلام فنصحوه ألا يسكن الاسكندرية أو غيرها من بلاد البحر فى مصر حتى لا يكون عرضة للمشاكل ممن رأوه قد أسلم فى المغرب أو الأندلس لكثرة مجيئهم للمدينة وغيرها من الموانىء المصرية وطالبوه أن يتعمق فى الأراضى المصرية قدر ما يستطيع لأن المغاربة يحبون سكنى الشواطىء وأجوارها
أخذ أبى بنصيحة يهود الاسكندرية وركبنا مركبا فى نهر النيل حتى وصلت بنا إلى القاهرة وهناك حططنا الرحال وبحث أبى عن اليهود فيها فوجد طائفة منهم فوفروا لنا مسكنا بالقرب منهم
ولما كان مع أبى كثير من الجواهر التى ورثها عن أبيه فقد قرر أن يجعل رزقه من تجارة الجواهر وما شاكلها
*******************************
- حدثنا أبو العشائر الاسرائيلى حدثنا يوسف بن عقنين :
فى الاسكندرية جلسنا وأنا والحبر يوسف على شاطىء البحر فسألته :
ما مدى صحة العبارة أن الله تعالى هو العقل والعاقل والمعقول ؟
فأجابنى :قد علمت شهرة هذه القولة التى قالتها الفلاسفة فى الله تعالى وهو قولهم إنه العقل والعاقل والمعقول وإن هذه الثلاثة معان فيه تعالى هى معنى واحد لا تكثير فيه وقد ذكرت هذا فى كتاب أسس التوراة فالقاعدة فى شريعتنا كونه واحدا فقط ولا يضاف له شىء اخر أعنى أن يكون ثم شىء قديم غيره ولذلك يقال : الله الحى ولا يقال : حياة الله لأن ليس حياته شيئا غير ذاته كما وضحنا فى نفى الصفات ولا ريب أن كل من لم ينظر فى الكتب المؤلفة فى العقل ولا عرف ذات العقل ولا عرف ماهيته ولا يفهم منه الأمثل ما يفهم من معنى البياض والسواد فإنه يصعب عليه فهم هذا المعنى جدا ويكون قولنا إنه العقل والعاقل والمعقول عنده مثل لو قلنا البياض والمتبيض والمبيض شىء واحد فكم من غافل يسارع بمخالفتنا بسبب هذا المثل وغيره وكم من يدعى المعرفة يصعب عليه ذلك ويرى أن معرفة صحة لزوم هذا أمر يفوق العقول وهذا المعنى هو معنى برهانى ظاهر حسبما وضحه الفلاسفة الالهيون
فقلت يا معلم أحد متكلمى المسلمين لا أذكر اسمه الآن قال : أن الله لا يمكن أن يكون معقولا لأن المعقول مفعول به أو فيه والله لا يفعل فيه أو به
فرد على قائلا :
اعرف أن الإنسان قبل أن يعقل أمرا هو عاقل بالقوة إذا عقل أمرا ما كأنك قلت إذا عقل صورة هذه الخشبة المشار لها وأخذ صورتها من مادتها وتخيل الصورة مجردة إذ هذا هو فعل العقل فعند هذا يصير عاقلا بالفعل والعقل الذى حدث بالفعل هو صورة الخشبة المجردة الموجودة فى ذهنه لأنه ليس العقل شيئا غير المعنى المعقول
فقلت : يا معلم ما يزال هناك لبث فى المسألة
فقال : :لقد تبين لك أن الشىء المعقول هو صورة الخشبة المجردة وهى العقل الحادث بالفعل وليس هو شيئين عقلا وصورة الخشبة المعقولة لأن ليس العقل بالفعل شىء غير ما عقل والشىء الذى به فهمت صورة الخشبة وجردت الذى هو العاقل هو العقل الحادث بالفعل وفعله شيئا اخر لأن حقيقة العقل وماهيته هى الإدراك فلا تظن أن العقل بالفعل شىء ما موجود على حياله منفصل عن الإدراك والإدراك معنى أخر فيه بل نفس العقل وحقيقته إدراك فمتى فرضت عقلا موجودا بالفعل هو الإدراك لما عقل وهذا واضح وضوح الشمس لمن أراد امثال هذا الفكر
فقد بان أن العقل فعله الذى هو ادراكه هى حقيقته وذاته فالشىء الذى جردت به صورة الخشبة وأدركت الذى هو العقل هو العاقل لأن ذلك العقل بعينه هو الذى جرد الصورة وأدركها وهذا هو فعله الذى من اجله قيل إنه عاقل وفعله هو ذاته وليس بهذا الذى فرض عقلا بالفعل إلا صورة هذه الخشبة فقد بان أنه متى كان العقل موجودا بالفعل فإن العقل هو الشىء المعقول وتبين أن كل عقل فعله الذى هو كونه عاقلا هو ذاته فإذن العقل والعاقل والمعقول شىء واحد بعينه أبدا فى كل ما يعقل بالفعل
قلت يا معلم ما يزال الأمر ملتبثا على فأنا أعتقد أن العقل شىء موجود فينا وإرادتنا هى التى تقرر استعماله أو عدم استعماله ومن ثم إذا أدركنا فقد استعملنا العقل وإن لم ندرك نكون قد ألغينا العقل وحكمنا الشهوات وأما الله فهو مخالف لكون العقل فى النفس فهو كما قلت واحد لا يتجزأ .
*************************************
- حدثنا يوسف بن عقنين :
لما كنت فى ثغر الاسكندرية اجتمعت بالحبر موسى بن ميمون اجتماعات كثيرة كنت فيها أطرح عليه الأسئلة فى مختلف العلوم وكان الرجل يجيبنى بكل سلاسة ونتيجة حبى للعلم وكثرة الأخذ عنه أحبنى الرجل وكان يسمينى العزيز الربى يوسف فلما افترقت بنا السبل وذهب هو للإقامة بالقاهرة كان يراسلنى فأعرض عليه بعض المسائل التى أتحير فى الوصول للحقيقة فيها فما كان منه أن أرسل لى رسالة قال : فيها :
بسم الله رب العالم
كنت أيها العزيز الربى يوسف صانك الصخرة ابن الربى يهودا سكنت نفسه جنة عدن لما مثلت عندى وقصدت إلى من أقاصى البلاد للقراءة على عظم شأنك عندى لشدة حرصك على الطلب ولما رأيت فى أشعارك ومقاماتك التى وصلتنى وأنت مقيم بالاسكندرية من شدة الاشتياق للأمور النظرية وقبل أن امتحن تصورك قلت لعل شوقه أقوى من إدراكه فلما قرأت على ما قد قرأت من علم الهيئة وما تقدم لك مما لابد منه توطئة لها من التعاليم زدت بك غبطة لجودة ذهنك وسرعة تصورك ورأيت شوقك للتعاليم عظيما فتركتك للارتياض فيها لعلمى بمآلك فلما قرأت على ما قد قرأته من صناعة المنطق تعلقت آمالى بك ورأيتك أهلا لتكشف لك أسرار الكتب النبوية حتى تطلع منها على ما ينبغى أن يطلع عليه الكاملون فأخذت ألوح لم تلويحات وأشير لك اشارات فرأيتك تطلب منى الازدياد وتسومنى أن أبين لك أشياء من الأمورالالهية وأن أخبرك بهذه مقاصد المتكلمين وطرائقهم وهل تلك الطرق براهانية وإن لم تكن فمن أى صناعة هى ورأيتك قد شدوت شيئا من ذلك على غيرى وأنت حائر قد بذتك الدهشة ونفسك الشريفة تطالبك فى طلب أقوال تعجب فلم أزل أدفعك عن ذلك وآمرك أن تأخذ الأشياء على ترتيب قصدا منى أن يصح لك الحق بطرقه لا أن يقع لك اليقين بالعرض ولم أمتنع طال اجتماعك بى إذا ما ذكر قول أو نص من نصوص الحكماء عليهم السلام فيه تنبيه على معنى غريب من تبيين ذلك لكم
فلما قدر الله بالافتراق وتوجهت إلى حيث توجهت أثارت فى تلك الاجتماعات عزيمة كانت قد فترت وحركتنى غيبتك لوضع هذه المقالة التى وضعتها لك ولأمثالك وقليل ما هم فصولا منثورة وكل ما كتب منها فهو يصلك أولا فأول حيث كنت وأنت سالم.
***************************
- حدثنا مروان بن عمير :
استأجر موسى بن ميمون دكانا صغيرا يبيع فيه الجواهر ولما كان بيع الجواهر يحتاج إلى علم وخبرة فقد بدأ الرجل يذهب إلى دكاكين الجوهريين ليتعلم منهم ومن العاملين معهم وابتاع كتبا عن الجواهر كنت أراه يقرأ فيها ويستخلص خبرات الجوهريين أمثال عون العبادي وأيوب الأسود البصري وبشر بن شاذان وصباح ويعقوب المندي وأبي عبد الرحمن بن الجصاص وابن خباب ورأس الدنيا وابن بهلول
وكان الرجل يعرف أن تجارة الجواهر غير رائجة إلا مع الأغنياء ومن ثم لكى يروج تجارته بدأ يذهب لكبار الأعيان والعلماء للزيارة والتعارف والتحدث معهم لكى يعلن عن جواهره
وكان موسى نتيجة قلة حركة البيع والشراء يقرأ فى كتب الجواهر كثيرا وحدثنى أن تلك الكتب دفعته لتعلم الطب لأن الجوهريين كثيرا ما يكتبون عن منافع الجواهر فى العلاج ومن ثم فقد أخبرنى أنه جرب كثيرا مما قاله الجوهريين فوجده كلاما فارغا لا أساس له إلا قليلا
حكى لى فقال :
من العجائب التى قرأتها فى كتب الجواهر والأحجار عن الياقوت:
قال : الحمزة بن الحسن الأصفهاني أن اسمه بالفارسية ياكند والياقوت معربة فان الفرس كانوا يلقبونه بسبج أسمور أي دافع الطاعون وهو سبج بالفارسية"
فسألته وما العجيب ؟
قال : لو كان لبس الياقوت دافعا للطاعون ما مات أحد من الطاعون فالمرض لا يبعده لبس حجر من الأحجار على الملابس أو حتى على الجلد وهذه المعرفة لو كانت صحيحة فهى مكتوبة فى الكتب والمفروض أن الناس تعرف علاج الطواعين ومن ثم فهى ستعالج نفسها به ولكن هذا لا يحدث لعدم نفع الحجر فى العلاج
فقلت يا معلم موسى وما فائدة الياقوت فى رأيك ؟
فأجاب : حلية يتزين بها الناس خاصة النساء والحمقى وقال : لى ومن الغرائب أنه قيل في كتاب الأحجار - ان له بالصين معدنا لا يقربونه تطيرا منهم وإنما يستخرجه قوم مضطرون ويحمأونه إلى غير أرضهم لأنهم زعم يعتقدون في لبسه أنه يكثر الهموم وفى تعليقه على الصبيان أنه يسيل لعابهم وفى الشارب بآنية منه أنه يسهر - وكذلك ملوك اليمن كانوا يتحامونه بسبب اسمه فأما هدا فإلى أصحاب اللغة وأما ذاك فإلى الخاصيات "
وهذا عجب من الأعاجيب وغريبة من الغرائب التى لا يعقلها إلا المجانين فالحجر جالب للأحزان يسيل لعاب الأطفال عندما يعلق فى رقابهم ويجعل من يشرب فى آنية منه يسهر فما أعرفه أن الأحزان تأتى من المصائب والأوجاع
فقلت: يا معلم ولكن هناك مواد كما تعرف تجعل الانسان يضحك ولا يعقل الخمور
فقال : الخمور سوائل تشرب تغيب العقل
فقلت :يا معلم موسى هل من مزيد عندك ؟فرد قائلا :
فى كتاب النخب أن اليشم هو حجر الغلبة وقد تستعمله الترك ليغلبوا إلاقرن وأن لا توجعهم المعدة بتناولهم ما يعسر انهضامه إلا من طرية والفطير والشوى المهضب اللكيك"
فاليشم وهو حجر يهضم الأكل وهو خارج الجسم خاصة الطعام العسر الهضم ومن دراستى فالمعدة هى التى تهضم الأكل أولا وبعدها الكبد وغير ذلك من الأعضاء
فقلت يا معلم إذا أنت ترى هناك قاعدة أن العلاج إذا كان خارج الجسم فهو ليس بعلاج وإنما خرافات
فقال : كلام صحيح ومن أمثلة تلك الخرافات حجر الترياق وهاهو كتاب الجماهر وتناول كتابا بجانبه وقلب بعض صفحاته وقرأ :
وهو حجر الترياق الفارسي - وهذا شيء صورته كالبلوطة والبسرة متطاول الشكل مبنى على طبقات كقشور البصل ملتف بعضها فوق بعض يفضى فى وسطه إلى حشيشة خضراء تقوم لها مقام اللب للفواكه وهى قاعدة الطبقات ويدل على كونها واحدة فوق أخرى ويضرب لونها من السواد إلى الخضرة - وحكاك خالصه مع اللبن يميل إلى الحمرة وحكاك غير الخالص المعمول للتمويه باق على الخضرة ويستخرج من بطون الأوعال الجبلية ووجوده بالاتفاق فى الندرة ويسمى حجر التيس نسبة إلى العنز - ومنهم من يصحفه بما هو أصدق وأحق وأشرف فيقول حجر البيش إذ كان دافعا لمضرته - وربما قال :وا باذ زهر الكباش دفعا إياه عن مذمة التيس إلى مدحة الكبش - والأصوب فيه الترياق الفارسي لأنه يجلب من نواحي دارا بجرد - وقد قيل ان الوعل يأكل الحيات كما تأكلها إلايايل ثم ترعى حشائش الجبال فينعقد ذلك فى مصارينه ويستدير ذلك بالتدحرج فيها إذا ترياق فاروق بأقراص إلافاعي طبيعي غير صناعي ويطلى بماء الرازيانج على اللسعات فيزول الوجع من ساعته ويعود لون البشرة إلى حالته - قال : أبو الحسن الترنجى - أن حية قتالة لسعت جنديا فى بعض المعارك ولم يحضر رئيسه غير باذ زهر الكباش فسقاه منه في الشراب أقل من قيراط وأطعمه ثوما فما لبث أن تنقط بدنه وبال الدم وتخلص"
فهنا حجر الترياق يعالج وهو حجر وفى الطب لا يمكن أن نعالج بحجر وإنما بفتات من المواد نسحقها ونحيلها إلى شراب أو مرهم أو غير هذا ولكن القوم يصرون على أن الحجر هو من يعالج الأمراض
فضحكت وقلت: يا معلم موسى وما رأيك فى حجر المطر فقد قال : الرازي في كتاب الخواص أن بأرض الترك بين خرلخ والبجناك عقبة إذا مر عليها جيش أو قطيع عند شد على الاظلاف والحوافر منها صوف ويرفق بها في السير لئلا تصطك أحجارها فيثور ضباب مظلم ويسيل مطر جود وبهذه الأحجار يجلبون المطر إذا أرادوه - بأن يدخل الرجل الماء ويأخذ من أحجار تلك العقبة حجرا في فمه ويحرك يده فيجيء المطر - وليس ابن زكريا يختص بهذه الحكاية إنما هي كالشيء الذي لا يختلف فيه"
فضحك وقال :
إذا لم يكن الناس فى الصحراء أو فى غيرها من أماكن قلة الماء ليعجزوا عن انزال المطر بأنفسهم .
************************
قال : يسى بن فارص :
دخلنا مجموعة من الشباب اليهود على الحبر موسى فى دكانه الذى كان يبيع فيه الجواهر فسلمنا عليه وقعدنا فقال : مناحم بن اليعازر:
يا معلم ألا تحدثنا عن المسيح ؟
فقال : الحبر موسى ونحن متحلقون حوله داخل الدكان:
اليهودى الحق لا يخدعه أحد بأنه المسيح، واليهودى الحق لا يفقد إيمانه بأن المسيح الحق سيأتي ويعيد إسرائيل إلى صهيون، ويقود العالم كله إلى الدين الحق، وإلى الوفرة، والأخوة، والسلام: "تفنى جميع الأمم أما اليهود فباقون إلى أبد الدهر"
فقلت : يا معلم هل هو مسيح واحد أم هناك عدة مسحاء ؟
فأجاب المعلم : كلمة المسيح تطلق على العديد من الأنبياء والرسل والملوك فقد ورد فى سفر صموئيل الأول أن شاول مسيح الرب حيث قال : :
فَقَامَ دَاوُدُ وَقَطَعَ طَرَفَ جُبَّةِ شَاوُلَ سِرًّا. 5وَكَانَ بَعْدَ ذلِكَ أَنَّ قَلْبَ دَاوُدَ ضَرَبَهُ عَلَى قَطْعِهِ طَرَفَ جُبَّةِ شَاوُلَ، 6فَقال : لِرِجَالِهِ: «حَاشَا لِي مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ أَنْ أَعْمَلَ هذَا الأَمْرَ بِسَيِّدِي، بِمَسِيحِ الرَّبِّ، فَأَمُدَّ يَدِي إِلَيْهِ، لأَنَّهُ مَسِيحُ الرَّبِّ هُوَ». 7فَوَبَّخَ دَاوُدُ رِجَالَهُ بِالْكَلاَمِ، وَلَمْ يَدَعْهُمْ يَقُومُونَ عَلَى شَاوُلَ" وفى نفس السفر "فَقال : أَبِيشَايُ: «أَنَا أَنْزِلُ مَعَكَ». 7فَجَاءَ دَاوُدُ وَأَبِيشَايُ إِلَى الشَّعْبِ لَيْلاً وَإِذَا بِشَاوُلَ مُضْطَجعٌ نَائِمٌ عِنْدَ الْمِتْرَاسِ، وَرُمْحُهُ مَرْكُوزٌ فِي الأرض عِنْدَ رَأْسِهِ، وَأَبْنَيْرُ وَالشَّعْبُ مُضْطَجِعُونَ حَوَالَيْهِ. 8فَقال : أَبِيشَايُ لِدَاوُدَ: «قَدْ حَبَسَ اللهُ الْيَوْمَ عَدُوَّكَ فِي يَدِكَ. فَدَعْنِيَ الآنَ أَضْرِبْهُ بِالرُّمْحِ إِلَى الأرض دَفْعَةً وَاحِدَةً وَلاَ أُثَنِّي عَلَيْهِ». 9فَقال : دَاوُدُ لأَبِيشَايَ: «لاَ تُهْلِكْهُ، فَمَنِ الَّذِي يَمُدُّ يَدَهُ إِلَى مَسِيحِ الرَّبِّ وَيَتَبَرَّأُ؟» 10وَقال : دَاوُدُ: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، إِنَّ الرَّبَّ سَوْفَ يَضْرِبُهُ، أَوْ يَأْتِي يَوْمُهُ فَيَمُوتُ، أَوْ يَنْزِلُ إِلَى الْحَرْبِ وَيَهْلِكُ. 11حَاشَا لِي مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ أَنْ أَمُدَّ يَدِي إِلَى مَسِيحِ الرَّبِّ! وَالآنَ فَخُذِ الرُّمْحَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِهِ وَكُوزَ الْمَاءِ وَهَلُمَّ». 12فَأَخَذَ دَاوُدُ الرُّمْحَ وَكُوزَ الْمَاءِ مِنْ عِنْدِ رَأْسِ شَاوُلَ وَذَهَبَا، وَلَمْ يَرَ وَلاَ عَلِمَ وَلاَ انْتَبَهَ أَحَدٌ لأَنَّهُمْ جَمِيعًا كَانُوا نِيَامًا، لأَنَّ سُبَاتَ الرَّبِّ وَقَعَ عَلَيْهِمْ" وفى نفس السفر "فَأَجَابَ دَاوُدُ وَقال :: «هُوَذَا رُمْحُ الْمَلِكِ، فَلْيَعْبُرْ وَاحِدٌ مِنَ الْغِلْمَانِ وَيَأْخُذْهُ. 23وَالرَّبُّ يَرُدُّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِرَّهُ وَأَمَانَتَهُ، لأَنَّهُ قَدْ دَفَعَكَ الرَّبُّ الْيَوْمَ لِيَدِي وَلَمْ أَشَأْ أَنْ أَمُدَّ يَدِي إِلَى مَسِيحِ الرَّبِّ. 24وَهُوَذَا كَمَا كَانَتْ نَفْسُكَ عَظِيمَةً الْيَوْمَ فِي عَيْنَيَّ، كَذلِكَ لِتَعْظُمْ نَفْسِي فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ فَيَنْقُذْنِي مِنْ كُلِّ ضِيق». 25فَقال : شَاوُلُ لِدَاوُدَ: «مُبَارَكٌ أَنْتَ يَا ابْنِي دَاوُدُ، فَإِنَّكَ تَفْعَلُ وَتَقْدِرُ». ثُمَّ ذَهَبَ دَاوُدُ فِي طَرِيقِهِ وَرَجَعَ شَاوُلُ إِلَى مَكَانِهِ."وفى نفس السفر قال : "15ثُمَّ دَعَا دَاوُدُ وَاحِدًا مِنَ الْغِلْمَانِ وَقال :: «تَقَدَّمْ. أَوْقِعْ بِهِ». فَضَرَبَهُ فَمَاتَ. 16فَقال : لَهُ دَاوُدُ: «دَمُكَ عَلَى رَأْسِكَ لأَنَّ فَمَكَ شَهِدَ عَلَيْكَ قَائِلاً: أَنَا قَتَلْتُ مَسِيحَ الرَّبِّ». وقال : فى سفر صموئيل الثانى "وَقال : لِلْمَلِكِ: «لاَ يَحْسِبْ لِي سَيِّدِي إِثْمًا، وَلاَ تَذْكُرْ مَا افْتَرَى بِهِ عَبْدُكَ يَوْمَ خُرُوجِ سَيِّدِي الْمَلِكِ مِنْ أُورُشَلِيمَ، حَتَّى يَضَعَ الْمَلِكُ ذلِكَ فِي قَلْبِهِ، 20لأَنَّ عَبْدَكَ يَعْلَمُ أَنِّي قَدْ أَخْطَأْتُ، وَهأَنَذَا قَدْ جِئْتُ الْيَوْمَ أَوَّلَ كُلِّ بَيْتِ يُوسُفَ، وَنَزَلْتُ لِلِقَاءِ سَيِّدِي الْمَلِكِ». 21فَأَجَابَ أَبِيشَايُ ابْنُ صَرُويَةَ وَقال :: «أَلاَ يُقْتَلُ شِمْعِي لأَجْلِ هَذَا، لأَنَّهُ سَبَّ مَسِيحَ الرَّبِّ؟»
فقال حصرون بن جبيرول :كل هذا النصوص فى كون شاول مسيح الرب
فقال : المعلم نعم والمسيح الثانى هو داود عليه السلام كما ورد فى سفر صموئيل الثانى :" 50لِذلِكَ أَحْمَدُكَ يَا رَبُّ فِي الأُمَمِ، وَلاسْمِكَ أُرَنِّمُ. 51بُرْجُ خَلاَصٍ لِمَلِكِهِ، وَالصَّانِعُ رَحْمَةً لِمَسِيحِهِ، لِدَاوُدَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ». صموئيل الثانى وذكر أيضا فى نفس السفر"فَهذِهِ هِيَ كَلِمَاتُ دَاوُدَ الأَخِيرَةُ: «وَحْيُ دَاوُدَ بْنِ يَسَّى، وَوَحْيُ الرَّجُلِ الْقَائِمِ فِي الْعُلاَ، مَسِيحِ إِلهِ يَعْقُوبَ، وَمُرَنِّمِ إِسْرَائِيلَ الْحُلْوِ" وذكره فى سفر أخبار الأيام الثانى فقال :
42أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ، لاَ تَرُدَّ وَجْهَ مَسِيحِكَ. اذْكُرْ مَرَاحِمَ دَاوُدَ عَبْدِكَ" وفى المزمور الثانى "إِنِّي أُخْبِرُ مِنْ جِهَةِ قَضَاءِ الرَّبِّ: قال : لِي: «أَنْتَ ابْنِي، أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ. 8اسْأَلْنِي فَأُعْطِيَكَ الأُمَمَ مِيرَاثًا لَكَ، وَأَقَاصِيَ الأرض مُلْكًا لَكَ. 9تُحَطِّمُهُمْ بِقَضِيبٍ مِنْ حَدِيدٍ. مِثْلَ إِنَاءِ خَزَّافٍ تُكَسِّرُهُمْ» والمسيح الثالث هو كورش الفارسى فقد أتى فى سفر أشعيا "1هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ لِمَسِيحِهِ، لِكُورَشَ الَّذِي أَمْسَكْتُ بِيَمِينِهِ لأَدُوسَ أَمَامَهُ أُمَمًا" والمسيح الرابع هو المسيح فى عهد الكاهن الآتى بعد عالى فقد ورد فى قصة عالى بعد خيانة وعصيان أولاده وعقابهم من قبل الله فى سفر صموئيل الأول27وَجَاءَ رَجُلُ اللهِ إِلَى عَالِي وَقال : لَهُ: «هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ: هَلْ تَجَلَّيْتُ لِبَيْتِ أَبِيكَ وَهُمْ فِي مِصْرَ فِي بَيْتِ فِرْعَوْنَ، 28وَانْتَخَبْتُهُ مِنْ جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ لِي كَاهِنًا لِيَصْعَدَ عَلَى مَذْبَحِي وَيُوقِدَ بَخُورًا وَيَلْبَسَ أَفُودًا أَمَامِي، وَدَفَعْتُ لِبَيْتِ أَبِيكَ جَمِيعَ وَقَائِدِ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ 29فَلِمَاذَا تَدُوسُونَ ذَبِيحَتِي وَتَقْدِمَتِي الَّتِي أَمَرْتُ بِهَا فِي الْمَسْكَنِ، وَتُكْرِمُ بَنِيكَ عَلَيَّ لِكَيْ تُسَمِّنُوا أَنْفُسَكُمْ بِأَوَائِلِ كُلِّ تَقْدِمَاتِ إِسْرَائِيلَ شَعْبِي؟ 30لِذلِكَ يَقُولُ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: إِنِّي قُلْتُ إِنَّ بَيْتَكَ وَبَيْتَ أَبِيكَ يَسِيرُونَ أَمَامِي إِلَى الأَبَدِ. وَالآنَ يَقُولُ الرَّبُّ: حَاشَا لِي! فَإِنِّي أُكْرِمُ الَّذِينَ يُكْرِمُونَنِي، وَالَّذِينَ يَحْتَقِرُونَنِي يَصْغُرُونَ. 31هُوَذَا تَأْتِي أَيَّامٌ أَقْطَعُ فِيهَا ذِرَاعَكَ وَذِرَاعَ بَيْتِ أَبِيكَ حَتَّى لاَ يَكُونَ شَيْخٌ فِي بَيْتِكَ. 32وَتَرَى ضِيقَ الْمَسْكَنِ فِي كُلِّ مَا يُحْسَنُ بِهِ إِلَى إِسْرَائِيلَ، وَلاَ يَكُونُ شَيْخٌ فِي بَيْتِكَ كُلَّ الأَيَّامِ. 33وَرَجُلٌ لَكَ لاَ أَقْطَعُهُ مِنْ أَمَامِ مَذْبَحِي يَكُونُ لإِكْلاَلِ عَيْنَيْكَ وَتَذْوِيبِ نَفْسِكَ. وَجَمِيعُ ذُرِّيَّةِ بَيْتِكَ يَمُوتُونَ شُبَّانًا. 34وَهذِهِ لَكَ عَلاَمَةٌ تَأْتِي عَلَى ابْنَيْكَ حُفْنِي وَفِينَحَاسَ: فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ يَمُوتَانِ كِلاَهُمَا. 35وَأُقِيمُ لِنَفْسِي كَاهِنًا أَمِينًا يَعْمَلُ حَسَبَ مَا بِقَلْبِي وَنَفْسِي، وَأَبْنِي لَهُ بَيْتًا أَمِينًا فَيَسِيرُ أَمَامَ مَسِيحِي كُلَّ الأَيَّامِ. 36وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَبْقَى فِي بَيْتِكَ يَأْتِي لِيَسْجُدَ لَهُ لأَجْلِ قِطْعَةِ فِضَّةٍ وَرَغِيفِ خُبْزٍ، وَيَقُولُ: ضُمَّنِي إِلَى إِحْدَى وَظَائِفِ الْكَهَنُوتِ لآكُلَ كِسْرَةَ خُبْزٍ»
فقال عميناداب بن سليمان : يا معلم يقولون أن المسيح يخلصنا من كل الآلام والمواجع والمصائب ويرد الملك لنا
فقال : المعلم : المسحاء هم الأخرون يحتاجون لله لكى يخلصهم من تلك العذابات والغضب عليهم فقد ذكر داود عليه السلام أن الله يخلص مسيحه بالمركبات والخيل حيث قال : فى المزمور العشرين "6اَلآنَ عَرَفْتُ أَنَّ الرَّبَّ مُخَلِّصُ مَسِيحِهِ، يَسْتَجِيبُهُ مِنْ سَمَاءِ قُدْسِهِ، بِجَبَرُوتِ خَلاَصِ يَمِينِهِ. 7هؤُلاَءِ بِالْمَرْكَبَاتِ وَهؤُلاَءِ بِالْخَيْلِ،" وفى سفر حبقوق يخلص الله الشعب والمسيح معا فى قوله "12بِغَضَبٍ خَطَرْتَ فِي الأرض، بِسَخَطٍ دُسْتَ الأُمَمَ. 13خَرَجْتَ لِخَلاَصِ شَعْبِكَ، لِخَلاَصِ مَسِيحِكَ. سَحَقْتَ رَأْسَ بَيْتِ الشِّرِّيرِ مُعَرِّيًا الأَسَاسَ حَتَّى الْعُنُقِ. سِلاَهْ" وذكر داود عليه السلام فى المزمور التاسع والثمانين أن الله غضب على مسيحه فقال : "38لكِنَّكَ رَفَضْتَ وَرَذَلْتَ غَضِبْتَ عَلَى مَسِيحِكَ. 39نَقَضْتَ عَهْدَ عَبْدِكَ نَجَّسْتَ تَاجَهُ فِي التُّرَابِ. 40هَدَمْتَ كُلَّ جُدْرَانِهِ جَعَلْتَ حُصُونَهُ خَرَابًا." ونعلم من مراثى أرميا أن مسيح الرب قبض عليه ووضع فى حفرة من قوله "صَارَ طَارِدُونَا أَخَفَّ مِنْ نُسُورِ السَّمَاءِ. عَلَى الْجِبَالِ جَدُّوا فِي أَثَرِنَا. فِي الْبَرِّيَّةِ كَمَنُوا لَنَا. 20نَفَسُ أُنُوفِنَا، مَسِيحُ الرَّبِّ، أُخِذَ فِي حُفَرِهِمِ. الَّذِي قُلْنَا عَنْهُ: « فِي ظِلِّهِ نَعِيشُ بَيْنَ الأُمَمِ»
فقلت : يا معلم إذا فالكلام على المسيح الحق غير صحيح ؟
فرد قائلا : المسيح الذى نقصده سماه دانيال المسيح الرئيس حيث قال : "
25فَاعْلَمْ وَافْهَمْ أَنَّهُ مِنْ خُرُوجِ الأَمْرِ لِتَجْدِيدِ أُورُشَلِيمَ وَبِنَائِهَا إِلَى الْمَسِيحِ الرَّئِيسِ سَبْعَةُ أَسَابِيعَ وَاثْنَانِ وَسِتُّونَ أُسْبُوعًا، يَعُودُ وَيُبْنَى سُوقٌ وَخَلِيجٌ فِي ضِيقِ الأَزْمِنَةِ. 26وَبَعْدَ اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ أُسْبُوعًا يُقْطَعُ الْمَسِيحُ وَلَيْسَ لَهُ، وَشَعْبُ رَئِيسٍ آتٍ يُخْرِبُ الْمَدِينَةَ وَالْقُدْسَ، وَانْتِهَاؤُهُ بِغَمَارَةٍ، وَإِلَى النِّهَايَةِ حَرْبٌ وَخِرَبٌ قُضِيَ بِهَا. 27وَيُثَبِّتُ عَهْدًا مَعَ كَثِيرِينَ فِي أُسْبُوعٍ وَاحِدٍ، وَفِي وَسَطِ الأُسْبُوعِ يُبَطِّلُ الذَّبِيحَةَ وَالتَّقْدِمَةَ، وَعَلَى جَنَاحِ الأَرْجَاسِ مُخَرَّبٌ حَتَّى يَتِمَّ وَيُصَبَّ الْمَقْضِيُّ عَلَى الْمُخَرِّبِ»

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://denallhakeslam.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 95
تاريخ التسجيل : 05/01/2023

    رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون        رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Emptyالسبت فبراير 11, 2023 7:31 pm

قال محمود الفيلسوف :
فى أحد مجالس الفلسفة كنا نتحاور فى أى موضوع وذات يوم سبقنى موسى بن ميمون للمجلس فجئت ولم يحضر سوانا أنا وهو وليون القشتالى فقال ليون القشتالى بادئا الحديث موجها كلامه لموسى : إن يسوع هو المسيح كما جاء فى انجيل متى
"كِتَابُ مِيلاَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ دَاوُدَ ابْنِ إِبْراهِيمَ2إِبْراهِيمُ وَلَدَ إِسْحاقَ. وَإِسْحاقُ وَلَدَ يَعْقُوبَ. وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يَهُوذَا وَإِخْوَتَهُ. 3وَيَهُوذَا وَلَدَ فَارِصَ وَزَارَحَ مِنْ ثَامَارَ. وَفَارِصُ وَلَدَ حَصْرُونَ. وَحَصْرُونُ وَلَدَ أَرَامَ. 4وَأَرَامُ وَلَدَ عَمِّينَادَابَ. وَعَمِّينَادَابُ وَلَدَ نَحْشُونَ. وَنَحْشُونُ وَلَدَ سَلْمُونَ. 5وَسَلْمُونُ وَلَدَ بُوعَزَ مِنْ رَاحَابَ. وَبُوعَزُ وَلَدَ عُوبِيدَ مِنْ رَاعُوثَ. وَعُوبِيدُ وَلَدَ يَسَّى. 6وَيَسَّى وَلَدَ دَاوُدَ الْمَلِكَ. وَدَاوُدُ الْمَلِكُ وَلَدَ سُلَيْمَانَ مِنَ الَّتِي لأُورِيَّا. 7وَسُلَيْمَانُ وَلَدَ رَحَبْعَامَ. وَرَحَبْعَامُ وَلَدَ أَبِيَّا. وَأَبِيَّا وَلَدَ آسَا. 8وَآسَا وَلَدَ يَهُوشَافَاطَ. وَيَهُوشَافَاطُ وَلَدَ يُورَامَ. وَيُورَامُ وَلَدَ عُزِّيَّا. 9وَعُزِّيَّا وَلَدَ يُوثَامَ. وَيُوثَامُ وَلَدَ أَحَازَ. وَأَحَازُ وَلَدَ حِزْقِيَّا. 10وَحِزْقِيَّا وَلَدَ مَنَسَّى. وَمَنَسَّى وَلَدَ آمُونَ. وَآمُونُ وَلَدَ يُوشِيَّا. 11وَيُوشِيَّا وَلَدَ يَكُنْيَا وَإِخْوَتَهُ عِنْدَ سَبْيِ بَابِلَ. 12وَبَعْدَ سَبْيِ بَابِلَ يَكُنْيَا وَلَدَ شَأَلْتِئِيلَ. وَشَأَلْتِئِيلُ وَلَدَ زَرُبَّابِلَ. 13وَزَرُبَّابِلُ وَلَدَ أَبِيهُودَ. وَأَبِيهُودُ وَلَدَ أَلِيَاقِيمَ. وَأَلِيَاقِيمُ وَلَدَ عَازُورَ. 14وَعَازُورُ وَلَدَ صَادُوقَ. وَصَادُوقُ وَلَدَ أَخِيمَ. وَأَخِيمُ وَلَدَ أَلِيُودَ. 15وَأَلِيُودُ وَلَدَ أَلِيعَازَرَ. وَأَلِيعَازَرُ وَلَدَ مَتَّانَ. وَمَتَّانُ وَلَدَ يَعْقُوبَ. 16وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يُوسُفَ رَجُلَ مَرْيَمَ الَّتِي وُلِدَ مِنْهَا يَسُوعُ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ. 17فَجَمِيعُ الأَجْيَالِ مِنْ إِبْراهِيمَ إِلَى دَاوُدَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً، وَمِنْ دَاوُدَ إِلَى سَبْيِ بَابِلَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً، وَمِنْ سَبْيِ بَابِلَ إِلَى الْمَسِيحِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً."
فضحك الحبر موسى وقال : :
لو أخذ تعبير كل جيل بمعنى أسبوع يكون مجموع أربعة عشر وأربعة عشر وأربعة عشر هو اثنان وأربعون جيلا أو أسبوعا كما جاء سفر دانيال أن بين بناء أورشليم ووجود المسيح الرئيسى تسعة وستين أسبوعا سبعة أسابيع واثنان وستون اسبوعا فى قوله:
24سَبْعُونَ أُسْبُوعًا قُضِيَتْ عَلَى شَعْبِكَ وَعَلَى مَدِينَتِكَ الْمُقَدَّسَةِ لِتَكْمِيلِ الْمَعْصِيَةِ وَتَتْمِيمِ الْخَطَايَا، وَلِكَفَّارَةِ الإِثْمِ، وَلِيُؤْتَى بِالْبِرِّ الأَبَدِيِّ، وَلِخَتْمِ الرُّؤْيَا وَالنُّبُوَّةِ، وَلِمَسْحِ قُدُّوسِ الْقُدُّوسِينَ. 25فَاعْلَمْ وَافْهَمْ أَنَّهُ مِنْ خُرُوجِ الأَمْرِ لِتَجْدِيدِ أُورُشَلِيمَ وَبِنَائِهَا إِلَى الْمَسِيحِ الرَّئِيسِ سَبْعَةُ أَسَابِيعَ وَاثْنَانِ وَسِتُّونَ أُسْبُوعًا، يَعُودُ وَيُبْنَى سُوقٌ وَخَلِيجٌ فِي ضِيقِ الأَزْمِنَةِ. 26وَبَعْدَ اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ أُسْبُوعًا يُقْطَعُ الْمَسِيحُ وَلَيْسَ لَهُ، وَشَعْبُ رَئِيسٍ آتٍ يُخْرِبُ الْمَدِينَةَ وَالْقُدْسَ، وَانْتِهَاؤُهُ بِغَمَارَةٍ، وَإِلَى النِّهَايَةِ حَرْبٌ وَخِرَبٌ قُضِيَ بِهَا. 27وَيُثَبِّتُ عَهْدًا مَعَ كَثِيرِينَ فِي أُسْبُوعٍ وَاحِدٍ، وَفِي وَسَطِ الأُسْبُوعِ يُبَطِّلُ الذَّبِيحَةَ وَالتَّقْدِمَةَ، وَعَلَى جَنَاحِ الأَرْجَاسِ مُخَرَّبٌ حَتَّى يَتِمَّ وَيُصَبَّ الْمَقْضِيُّ عَلَى الْمُخَرِّبِ» وعليه لا يتفق هذا فى العدد وحتى كتابكم الأخر اختلف فى أسماء آباء يسوع فقال : لوقا:
23وَلَمَّا ابْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلاَثِينَ سَنَةً، وَهُوَ عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ ابْنَ يُوسُفَ، بْنِ هَالِي، 24بْنِ مَتْثَاتَ، بْنِ لاَوِي، بْنِ مَلْكِي، بْنِ يَنَّا، بْنِ يُوسُفَ، 25بْنِ مَتَّاثِيَا، بْنِ عَامُوصَ، بْنِ نَاحُومَ، بْنِ حَسْلِي، بْنِ نَجَّايِ، 26بْنِ مَآثَ، بْنِ مَتَّاثِيَا، بْنِ شِمْعِي، بْنِ يُوسُفَ، بْنِ يَهُوذَا، 27بْنِ يُوحَنَّا، بْنِ رِيسَا، بْنِ زَرُبَّابِلَ، بْنِ شَأَلْتِيئِيلَ، بْنِ نِيرِي، 28بْنِ مَلْكِي، بْنِ أَدِّي، بْنِ قُصَمَ، بْنِ أَلْمُودَامَ، بْنِ عِيرِ، 29بْنِ يُوسِي، بْنِ أَلِيعَازَرَ، بْنِ يُورِيمَ، بْنِ مَتْثَاتَ، بْنِ لاَوِي، 30بْنِ شِمْعُونَ، بْنِ يَهُوذَا، بْنِ يُوسُفَ، بْنِ يُونَانَ، بْنِ أَلِيَاقِيمَ، 31بْنِ مَلَيَا، بْنِ مَيْنَانَ، بْنِ مَتَّاثَا، بْنِ نَاثَانَ، بْنِ دَاوُدَ، 32بْنِ يَسَّى، بْنِ عُوبِيدَ، بْنِ بُوعَزَ، بْنِ سَلْمُونَ، بْنِ نَحْشُونَ، 33بْنِ عَمِّينَادَابَ، بْنِ أَرَامَ، بْنِ حَصْرُونَ، بْنِ فَارِصَ، بْنِ يَهُوذَا، 34بْنِ يَعْقُوبَ، بْنِ إِسْحَاقَ، بْنِ إِبْرَاهِيمَ، بْنِ تَارَحَ، بْنِ نَاحُورَ، 35بْنِ سَرُوجَ، بْنِ رَعُو، بْنِ فَالَجَ، بْنِ عَابِرَ، بْنِ شَالَحَ، 36بْنِ قِينَانَ، بْنِ أَرْفَكْشَادَ، بْنِ سَامِ، بْنِ نُوحِ، بْنِ لاَمَكَ، 37بْنِ مَتُوشَالَحَ، بْنِ أَخْنُوخَ، بْنِ يَارِدَ، بْنِ مَهْلَلْئِيلَ، بْنِ قِينَانَ، 38بْنِ أَنُوشَ، بْنِ شِيتِ، بْنِ آدَمَ، ابْنِ اللهِ."
فيا رجل راجع آباء يسوع عند متى وعند لوقا ولن تجد سوى اتفاق فى اسمين
فقال ليون وهو متجهم الوجه للحبر موسى :إن يسوع ولد فى بيت لحم كما قال الكتاب المقدس فى انجيل متى "فَلَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ اضْطَرَبَ وَجَمِيعُ أُورُشَلِيمَ مَعَهُ. 4فَجَمَعَ كُلَّ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَكَتَبَةِ الشَّعْب، وَسَأَلَهُمْ:«أَيْنَ يُولَدُ الْمَسِيحُ؟» 5فَقالوا لَهُ:«فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ. لأَنَّهُ هكَذَا مَكْتُوبٌ بِالنَّبِيِّ: 6وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ، أَرْضَ يَهُوذَا لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ» وهو نفسه ما جاء عند فى سفر ميخا
1اَلآنَ تَتَجَيَّشِينَ يَا بِنْتَ الْجُيُوشِ. قَدْ أَقَامَ عَلَيْنَا مِتْرَسَةً. يَضْرِبُونَ قَاضِيَ إِسْرَائِيلَ بِقَضِيبٍ عَلَى خَدِّهِ. 2«أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمَِ أَفْرَاتَةَ، وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ، مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ».
فضحك الحبر موسى وقال : له يا ليون هل قرأت باقى قول ميخا :
3لِذلِكَ يُسَلِّمُهُمْ إِلَى حِينَمَا تَكُونُ قَدْ وَلَدَتْ وَالِدَةٌ، ثُمَّ تَرْجعُ بَقِيَّةُ إِخْوَتِهِ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ. 4وَيَقِفُ وَيَرْعَى بِقُدْرَةِ الرَّبِّ، بِعَظَمَةِ اسْمِ الرَّبِّ إِلهِهِ، وَيَثْبُتُونَ. لأَنَّهُ الآنَ يَتَعَظَّمُ إِلَى أَقَاصِي الأرض. 5وَيَكُونُ هذَا سَلاَمًا. إِذَا دَخَلَ أَشُّورُ فِي أَرْضِنَا، وَإِذَا دَاسَ فِي قُصُورِنَا، نُقِيمُ عَلَيْهِ سَبْعَةَ رُعَاةٍ وَثَمَانِيَةً مِنْ أُمَرَاءِ النَّاسِ، 6فَيَرْعَوْنَ أَرْضَ أَشُّورَ بِالسَّيْفِ، وَأَرْضَ نِمْرُودَ فِي أَبْوَابِهَا، فَيَنْفُذُ مِنْ أَشُّورَ إِذَا دَخَلَ أَرْضَنَا وَإِذَا دَاسَ تُخُومَنَا." ففى عهد المسيح المذكور عند ميخا سوف يغزو بنو اسرائيل أرض آشور وأرض نمرود فهل مسيحكم قد دخل تلك الأراضى ؟ بالقطع لا ، زد على هذا أن فى انجيل متى أن يسوع من الناصرة فى الجليل وليس من بيت لحم :
10وَلَمَّا دَخَلَ أُورُشَلِيمَ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا قَائِلَةً:«مَنْ هذَا؟» 11فَقالتِ الْجُمُوعُ:«هذَا يَسُوعُ النَّبِيُّ الَّذِي مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ».
فقال ليون وهو يضع رأسه فى الأرض :لقد دعاه داود ربا كما جاء فى انجيل متى : وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ 42قَائلاً:«مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟» قال :وا لَهُ:«ابْنُ دَاوُدَ». 43قال : لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبًّا؟ قَائِلاً: 44قال : الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِيني حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ. 45فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبًّا، فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟» 46فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً."
فقال المعلم موسى: لو كان الرب هو المسيح المزعوم ما قال : لداود عليه السلام أنه يرسل قضيب عزه من صهيون لأن المسيح المزعوم لم يكن موجودا من الأساس ولأن المتكلم وهو الله حطم الملوك عن يمين داود وملأ الأرض بالجثث فى بقية النص فى المزمور المائة وعشر قال : الرَّبُّ لِرَبِّي: «اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ». 2يُرْسِلُ الرَّبُّ قَضِيبَ عِزِّكَ مِنْ صِهْيَوْنَ. تَسَلَّطْ فِي وَسَطِ أَعْدَائِكَ. 3شَعْبُكَ مُنْتَدَبٌ فِي يَوْمِ قُوَّتِكَ، فِي زِينَةٍ مُقَدَّسَةٍ مِنْ رَحِمِ الْفَجْرِ، لَكَ طَلُّ حَدَاثَتِكَ.
4أَقْسَمَ الرَّبُّ وَلَنْ يَنْدَمَ: «أَنْتَ كَاهِنٌ إِلَى الأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادَقَ». 5الرَّبُّ عَنْ يَمِينِكَ يُحَطِّمُ فِي يَوْمِ رِجْزِهِ مُلُوكًا. 6يَدِينُ بَيْنَ الأُمَمِ. مَلأَ جُثَثًا أَرْضًا وَاسِعَةً. سَحَقَ رُؤُوسَهَا. 7مِنَ النَّهْرِ يَشْرَبُ فِي الطَّرِيقِ،"
فهل مسيحكم حطم ملوكا وملأ الأرض جثثا ؟
بهت ليون فأكمل الحبر موسى قائلا :إن المسيح المذكور فى تلك النصوص من ثمرة بطن داود عليه السلام فيكون هو ابنه من صلبه وليس حفيدا بينه وبينه أجيال كثيرة وهذا هو قول المزمور الثانى والثلاثين بعد المائة :
مِنْ أَجْلِ دَاوُدَ عَبْدِكَ لاَ تَرُدَّ وَجْهَ مَسِيحِكَ. 11أَقْسَمَ الرَّبُّ لِدَاوُدَ بِالْحَقِّ لاَ يَرْجعُ عَنْهُ: «مِنْ ثَمَرَةِ بَطْنِكَ أَجْعَلُ عَلَى كُرْسِيِّكَ. 12إِنْ حَفِظَ بَنُوكَ عَهْدِي وَشَهَادَاتِي الَّتِي أُعَلِّمُهُمْ إِيَّاهَا، فَبَنُوهُمْ أَيْضًا إِلَى الأَبَدِ يَجْلِسُونَ عَلَى كُرْسِيِّكَ». 13لأَنَّ الرَّبَّ قَدِ اخْتَارَ صِهْيَوْنَ. اشْتَهَاهَا مَسْكَنًا لَهُ: 14«هذِهِ هِيَ رَاحَتِي إِلَى الأَبَدِ. ههُنَا أَسْكُنُ لأَنِّي اشْتَهَيْتُهَا. 15طَعَامَهَا أُبَارِكُ بَرَكَةً. مَسَاكِينَهَا أُشْبعُ خُبْزًا. 16كَهَنَتَهَا أُلْبِسُ خَلاَصًا، وَأَتْقِيَاؤُهَا يَهْتِفُونَ هُتَافًا. 17هُنَاكَ أُنْبِتُ قَرْنًا لِدَاوُدَ. رَتَّبْتُ سِرَاجًا لِمَسِيحِي. 18أَعْدَاءَهُ أُلْبِسُ خِزْيًا، وَعَلَيْهِ يُزْهِرُ إِكْلِيلُهُ».
***************************
-حدثنا اشعيا بن صمويل :
بلغنى أن الحبر موسى لما وجد أن تجارة الجوهر فى القاهرة لا تؤتى أكلها فى ظل الإعداد لحرب الصليبيين حيث أن الكبار فعلوا كما فعل سلطانهم صلاح الدين حيث باعوا معظم ما يملكون لتجهيز الجيش وعمل استحكامات عسكرية من قلاع وحصون وتجهيز الأسطول قرر أن يجرب حظه فى السفر إلى الشام والعراق عله يجد رزقا وفيرا ومن ثم أخذ كثيرا مما يملك فى القاهرة وسافر للشام وكانت الطريق مليئة بالمخاطر حيث كان الصليبيون يسيطرون على كثير من المدن ومن ثم كان قائد الرحلة يحاول الابتعاد عن الساحل فركبوا مركب من دمياط فوصلت لميناء تحت سيطرة السلطان صلاح الدين ومن هناك اتجه الحبر إلى إمارة دمشق وهناك اشترى دارا وفتح دكانا وبدأ يتردد على يهود المدينة وطلب منهم نشر خبر رجوعه لدمشق فبدأ بعض المرضى يتوافدون إليه من يهود ومسلمين كما أن تجارة الجوهر بدأت تروج بعض الشىء هناك ولما وجد أن اسمه بدأ يتردد فى دمشق قرر أن يتردد على مجالس المتفلسفة والأطباء والقضاة وعلماء الهيئة والرياضيات ويصادق هذا وذاك من هؤلاء حتى أصبح علما من أعلام دمشق فى الطب بسبب علاجه القديم للقاضى محى الدين بن الزكى .
- قال بركة بن حماية :
كنت عند القاضى الفاضل عبد الرحيم ذات يوم جالسا نتحدث فى أمور العلم والأدب فجاء رجل يدعى أبو العرب بن أبى معيشة فسلم ثم جلس فسأل القاضى :
ما حكم الاسلام فى رجل أسلم ثم ارتد عن الاسلام ؟
فقال : القاضى قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم " من بدل دينه فاقتلوه "
فقال أبو العرب : حكم الله إذا قتل الرجل
فسأله القاضى : هل السؤال سؤال فى العلم أم فى أمر واقع ؟
فقال أبو العرب: فى أمر وقع يا سيدى من موسى بن ميمون طبيب السلطان صلاح الدين
فقال القاضى : هل من شهود على ذلك ؟
فأجاب أبو العرب : نعم معى شهود من المغرب وأنا أحدهم فقد كان هذا الرجل مسلما يصلى معنا فى المساجد ويحفظ القرآن ويحضر دروس الفقه فى فاس ولما جئت لمصر لقيته فتهرب منى فذهبت خلفه فعلمت من الناس أنه طبيب السلطان أعزه الله وأنه يهودى بل رئيس اليهود فى مصر
فسأله القاضى الفاضل : هل شهودك فى القاهرة أم تحتاج لسفر لاحضارهم فنحدد لم موعدا بعد أسبوع أو اثنين كما يستغرق سفرك
فقال : أبو العرب : معى الشهود هنا فى القاهرة أحضرهم فى الغد لو شئت
فقال القاضى : يا محمود فحضر أحد العسكر فكتب القاضى استدعاء لموسى بن ميمون كتب فيه :
إلى الحكيم موسى سلام أما بعد ادعى بعض الناس أنك أسلمت ثم ارتددت عن دينك فاحضر غدا لنظر القضية
وفى الغد حضر أبو العرب ومعه شهوده وحضر موسى بن ميمون وجلس القاضى فى مجلس القضاء فسلم على الجميع بسلام الله ثم قال : :
يا أبا العرب هل حضر شهودك
فأجاب أبو العرب نعم
فقال : القاضى هل توضأت وصليت الظهر أنت والشهود كما قال تعالى فى سورة المائدة"تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله "
فأجابوا صلينا الظهر وكلنا على طهر
فقال القاضى : احلفوا بالله على قولكم
فتقدم أبو العرب وشهوده واحدا تلو الأخر وأقسموا بالله أن الرجل كان مسلما فى المغرب وزاد أحدهم أنه جاء معه إلى مصر فى مركب من المغرب وكان موسى بن ميمون يؤمهم فى صلاة التراويح فى رمضان سنة خمسمائة وسبعين
فقال القاضى : يا موسى بن ميمون ما ردك على هذا الاتهام ؟
فأجاب موسى : أما صلاتى التراويح بهم فى رمضان سنة خمسمائة وسبعين فكذب فإنى فى هذا التاريخ كنت فى دمشق واشتريت دارا وهذا صك ملكيتى لها مكتوب بيد القاضى محى الدين بن الزكى قاضى دمشق
فتناول القاضى الفاضل الصك من يد موسى ونظر فيه فوجد خط بن الزكى وتوقيعه فى تاريخ يسبق تاريخ رحلة المركب فقال :
انصرف يا موسى بن ميمون من المجلس حيث شئت
ولما انصرف موسى بن ميمون من المجلس قال : القاضى الفاضل :
قدم دليلا موثقا على كذبكم والمفروض أن احكم فيكم بحكم شهادة الزور فتجلدوا
فقال أبو العرب :
يا سيدنا القاضى والله ما شهدنا إلا بما علمنا ولو شئت أحضرت لك عشرات الشهود على أن هذا الرجل كان مسلما فى المغرب
فقال القاضى : ولكن شهادة بن الزكى المكتوبة موثقة وعليها شهود فى دمشق
فقال أبو العرب: أنت أعلم منا بأصول القضاء ولكن هناك مسألة عندما يكون الدليلان متعارضان فكيف يحكم القاضى فها أنا أحضرت لك عشرة رجال شاهدوه بعيونهم وفى نفس الوقت القاضى والبائع والشاهدان على العقد مجموعهم أربعة رجال فهل تقضى بالكثرة أم بالعقد الموثق ؟
فقال القاضى الفاضل : القاضى يحكم حسبما يمليه عليه عقله ومنعا لعقابكم وحتى لا أكون متجنيا عليكم فاذكر لى اسم شاهد أو أكثر تعرفه يقيم فى القاهرة أو غيرها وسآمر الحرس باحضاره فيكون هذا دليل صدقكم
فقال أبو العرب : أبو المحاسن الاشبيلى يقطن فى حارة البربر ومحمد بن السيد الفاسى يقيم فى حارة الخيامية
فقال القاضى لبعض جنوده أن يذهبوا لاحضار الشهود وقال : لأبى العرب:
لقد تعمدت ألا أرسلك أنت ومن معك لهم حتى لا تملى الشهادة عليهم
فقال أبو العرب : وإذا شهدوا معنا
فقال القاضى: يكون الحكم بألا تجلدوا
فقال أبو العرب :وموسى ماذا يكون الحكم فيه ؟
فقال القاضى الفاضل: لا أقدر على قتله بسبب الشهادة الموثقة من قاضى دمشق فأنا أعرفه رجلا فاضلا عالما فقيها حسن الخلق لا يشهد على زور
وأبقى القاضى أبو العرب ومن معه حتى المغرب فى مجلس القضاء وأمر باطعامهم وبعد أن أحضر الجنود الشهود الأخرين صلوا مع القاضى ثم حلفوا فوافقت شهادتهم شهادة أبو العرب وصحبه فأطلق القاضى سراحهم
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://denallhakeslam.ahlamontada.com
Admin
Admin



المساهمات : 95
تاريخ التسجيل : 05/01/2023

    رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون        رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Emptyالأحد فبراير 12, 2023 7:46 pm

-
قال : الفضل بن على :
بعد حكم القاضى الفاضل بعدم قتل موسى بن ميمون انطلق أبو العرب بن أبى معيشة وليس فى نفسه إلا حاجة واحدة أراد أن يقضيها وهى قتل موسى بحكم القضاء فذهب إلى الوزراء والأعيان وغيره من رجال الدولة وفى كل مجلس من المجالس يثير الموضوع ووصل الخبر إلى السلطان صلاح الدين الأيوبى فطلب القاضى الفاضل فسأله : ما حكاية الحكيم موسى بن ميمون ؟
فأجاب القاضى : قوم ادعوا أنه كان مسلما فى المغرب وارتد عن اسلامه لما جاء إلى مصر ووجدت معه دليلا موثقا على أنه لم يكن مسلما فى التاريخ الذى حدده القوم
فقال : السلطان : لا أريد أن تكون هناك اشاعات عن أنى أحمى رجلا مرتدا فالبلاد لا تتحمل مثل هذا ونحن نجهز لحرب الصليبيين
فقال : القاضى : ماذا تريدنى أن أفعل ؟
فقال : السلطان : أليس موسى الآن فى القصر ؟
فقال : القاضى : بلى
فقال : السلطان : استدعه الآن وعلى مشهد من القادة والجند وغيرهم اسأله
فطلب القاضى من أحد القادة احضار الطبيب موسى وبعد فترة حضر القائد ومعه الطبيب موسى فقال : القاضى وسط الحضور :
يا موسى بن ميمون هل أسلمت ثم ارتددت عن الاسلام
نظر موسى للسلطان ثم للحاضرين وقال : :
أسلمت مكرها فى الأندلس وظللت على اسلامى بالاكراه فى المغرب خوفا من القتل فقد خيرنا القوم بين الاسلام وبين القتل
فقال القاضى : لقد أسلم مكرها والقرآن يقول " لا اكراه فى الدين " ومن ثم فالرجل لا عقاب عليه
فقال السلطان : إذا يا قاضى القضاة خذ الرجل واستدعى من اتهموه وأحضر الناس فى مجلس القضاء حتى تخرس كل الألسنة وتعرف الحقيقة فلا ننشغل بالتفاهات فى هذا الوقت العصيب الذى نجمع فيه قوانا ضد الأعداء .
*************************************
- بلغنا أن عاموس نقل عن يوئيل القيروانى قوله :
اجتمعنا بالحبر موسى يوما فسألناه ما مكانة عالم الشريعة ؟
قال : اللقيط العالم (بالشريعة) يسبق الكوهن الأكبر الجاهل".
فسألناه بما تنصحنا فى دراسة التوراة ؟
فقال : : أنصح طالب العلم بأن يخصص من وقته ثلاث ساعات في كل يوم لكسب العيش وتسعاً لدراسة التوراة
فسألته :كل هذا الوقت للدراسة ؟
فأجاب: إن العلم لا يدخل القلب إلا بالتكرار والصبر عليه وهذه الدراسة تمنع الإنسان من أن يفكر فى الإثم فيكون مشغولا عن الباطل بالحق
فقال : مناحيم وبما تشير علينا أيضا ؟
فقال : على طالب العلم أن يسعى إلى صحبة الصالحين العقلاء من الناس فهم خير معين لكم على الصلاح وهم يفيدونك بكلامهم فى العلم ومصاحبة الكثرة خير من صاحب واحد فما عند الكثرة قد لا يكون عند هذا الواحد
فقلت :وما رأيك فى زواج طالب العلم؟
فقال : أنصح طالب العلم بألا يتزوج حتى يكتمل علمه، ويتخذ له حرفة، ويشتري له منزلاً وعندئذ يصح له أن يتزوج أربع نساء، ولكن لا يصح له أن يباشرهن إلا مرة واحدة في كل شهر.
فضحكت وقلت: كيف والشريعة تبيح للمرء أن يجامع امرأته ما لم تكن حائضا أو نفساء؟
فقال : نعم إن مباشرة الإنسان لزوجته مسموح به على الدوام، ولكن من واجب العالم أن يصطنع القداسة في هذه العلاقة أيضاً، فعليه ألا يكون على الدوام مع زوجته كما يفعل الديك، بل يجب عليه أن يؤدي الواجب الزوجي في ليلة الجمعة... ويجب على الزوج والزوجة وقت المضاجعة ألا يكونا في حالة سكر، أو فتور، أو حزن، وألا تكون الزوجة نائمة في ذلك الوقت
فقلت: وبم يتصف طالب العلم ؟
قال : يتصف بالتواضع الجم، ولا يكشف رأسه أو جسمه ولا يرفع صوته فوق الحد الواجب إذا تكلم، حديثه مع الناس جميعاً ظروف بتجنب المبالغة والتصنع في الحديث، يعدل في حكمه على الناس، يؤكد فضائل غيره، ولا يتحدث عن أحد بسوء ولا يذهب إلى المطاعم إلا عند الضرورة القصوى: "فالرجل الحكيم لا يأكل في بيته ومن مائدته "
***************************
عن إسرائيل :
جالست الحبر موسى يوم سبت بعد صلاة الصبح وكنت قد قرأت من كتابه مشنا التوراة ولاحظت أنه قد أغفل كل ما ورد فى التلمود من كلام عن الفأل والطيرة والتمائم والتنجيم فسألته :
يا حبرنا العظيم قرأت مشنا التوراة فلم أجد قواعد التلمود عن الفأل والطيرة والتمائم والتنجيم فما السر أنسيتهم أم أغفلتهم عمدا ؟
فقال : اسمع يا إسرائيل لقد أغفلتهم عمدا
فسألت: لماذا؟
فقال وهو يبتسم :إنها مجموعة من الخرافات جمعها الشراح عبر العصور المختلفة وجعلوها من الدين رغم أن الدين حرمها
فقلت: كيف ؟
فقال : إن الفأل والطيرة والتمائم والتنجيم أمور لا تضر ولا تنفع ومن قال :وا أنها أمور صحيحة إما إنهم يريدون الاسترزاق من خلالها وإما حدثت لهم مصادفة فصدقوا بنفعها أو ضررها
قلت :وماذا أيضا ؟
قال : لو كانت تنفع أو تضر لذكرها موسى فى التوراة ولكنها غير موجودة وقواعد الشريعة تنفيها وهى تعطيل لقوى البشر عن العمل فمثلا من يرى غرابا يتشاءم من يومه ولا يخرج من بيته حتى لا يحدث شىء يضره فيكون بذلك عصى أمر الله بالعمل فى النهار ومن يلبس تميمة لتشفيه هل التمائم تشفيه إذا لماذا خلق الله الطب والدواء ؟ لو كانت التمائم تنفع ما وردت قواعد الصحة العامة من غسل وغيره فى الشريعة لأنها فى تلك الحالة سنلبسها جميعا ولا نتبع قواعد الصحة لأن معنا مصدر حماية ولكنك تجد من يلبس تميمة يمرض ومن لا يلبس يمرض ومن ثم فهى لا تنفع ولا تضر دنيويا
قلت هل هى حرام ؟
قال : ضاحكا اسأل نفسك ولماذا يمرض من يصنعون التمائم إذا كانت التمائم تنفع ؟
****************************
- عن كابوس بن معين قال :
خطبنا الحبر موسى يوم سبت فقال :
يجب على جميع بني إسرائيل أن يتبعوا كل ما ورد في التلمود البابلي، وعلينا أن نرغم اليهود في جميع أنحاء الأرض على أن يستمسكوا بالعادات والأساليب التي قررها حكماء التلمود
فتساءلت: ومن يخالف التلمود ما الحكم فيه ؟
فقال : من رأيي أن جميع أفراد العشيرة اليهودية التي بلغت من القحة والجرأة ما جعلها تخالف أمراً من أوامر الله يجب أن يعدموا"
فقال : أحدنا لماذا نخلط بين أوامر الله وأوامر التلمود؟
فقال الحبر: ماذا تقصد ؟
فقال : أقصد أن أوامر الله ليست هى أوامر التلمود
فقال الحبر: التلمود هو شرح أوامر الله فعندما نطيع التلمود فإننا نطيع أوامر الله
فقال الرجل: ولكن الشراح فى التلمود اختلفوا فى مراد الله فى بعض المسائل وهذا الاختلاف يعنى وجود خطأ
فقال الحبر: استفت قلبك عند الخلاف
فقال الرجل: لابد أن الله عندما يقول أمرا فإنه يقصد شيئا واحدا وليس عدة أمور
فقال الحبر: هذا صحيح
فقال الرجل: من ثم فلابد من وجود شىء يحسم الخلاف
فقال الحبر: نعم العقل
فقال الرجل: عقولنا تختلف ومن ثم فليست هى الحاسمة
فقال الحبر: أنت تقول بقول البعض فى وجود كتاب الله المفسر من قبل الله
فقال : أليس هذا محتملا وهو الاحتمال الوحيد الصحيح
فقال الحبر: هذا يعنى أن حياتنا وحياة الآباء كلها قائمة على الباطل .
**************************
عن نحمان قال :
كنا نذهب إلى الحبر العالم الكبير موسى بن ميمون يوم السبت فى داره بعد صلاة الصبح فكنا نتدراس معه التوراة ونتكلم فى ديننا العظيم ولما ألف كتابه السراج كان كتابا ضخما لا يستطيع قراءته سوى أهل العزم فقد كان مؤلفا من أربعة عشرا جزءا كل واحد منهم عبارة عن مجلد ضخم يحتاج لشهر لقراءته ويحتاج لشهور من الدراسة فحاولت أن أقصر على نفسى عناء قراءة الكتاب فسألته :
يا معلم ما هو غرضك من كتاب السراج أو مشنا التوراة ؟
فأجاب: يا نحمان لقد سميته مشنا التوراة أى تكرار الشريعة لأن من يقرأ الشريعة المسطورة أقصد الأسفار الخمسة لأول مرة ثم يقرأ هذه المجموعة يعرف الشريعة الشفوية جميعها من غير أن يحتاج إلى الرجوع إلى أى كتاب أخر
فقلت :وكيف قسمته يا معلم ؟
فقال : إن أوامر الشريعة عددها ستمائة وثلاثة عشر قسمتها إلى أربعة عشر قسما وكل قسم خصصت له كتاب بذاته مثل كتاب الطعام وكتاب النظافة وشرحت فى كل كتاب القانون وبينت فيه ضرورته المنطقية والتاريخية
قلت :يا معلم لماذا غضب كثير من الأحبار على مشنا التوراة ؟.
فقال : لا أدرى سوى أنهم لا يريدون لكم أن تفهموا الشريعة دون اللجوء إليهم
قلت :لكنهم يقولون أنك تريد بكتابك هذا أن تحله محل التلمود
فقال : وما التلمود ؟إنه أقوال أحبارنا وشروحهم فما الضير فى أن أكون شارحا مثلهم إن لم يكن أفضلهم ؟فأنا أبغى بذلك الكتاب أن يعرف العامة الشريعة دون واسطة ودون اللجوء إلى الأحبار
قلت :هل تظن يا معلم أن قراءة الكتاب تغنى عن شرح الحبر وتعليمه لنا ؟
فقال : عندما نزلت الشريعة من عند الله كان موسى يشرحها للآباء وقد كتبت الشريعة فى الألواح ولكن القوم لم يكتبوا شروح موسى وهارون فلما ماتوا نسى القوم بعض الشروح ومن تذكر شىء كان يعيده على مسامع الناس وبموت الآباء بدأت كثير من الشروح الأساسية فى الضياع وقد انتدبت نفسى لجمع الشروح وتصحيحها فجاء هذا الكتاب
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://denallhakeslam.ahlamontada.com
عطيه الدماطى




المساهمات : 2104
تاريخ التسجيل : 18/01/2023

    رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون        رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Emptyالإثنين فبراير 13, 2023 7:05 pm

-
قال : نون بن شمويل :
لما عرض أبى شمويل ابن يهوذا بن تبون على الحبر موسى رغبته فى زيارته والاجتماع به للتدارس وكان وقتئذ يترجم دلالة الحائرين إلى اللغة العبرية، قال : له الحبر موسى :لا تظن أنى قادر على التدارس معك فى موضوع من موضوعات العلم لمدة ساعة بالليل أو فى النهار لأن عملى كل يوم يجري على النحو الآتي " أسكن في الفسطاط بينما يسكن السلطان في القاهرة على بعد مسيرة يومي سبت وهى ميل واحد ونصف ميل وواجباتي تجاه نائب السلطان جد عظيمة؛ فعليَّ أن أزوره في كل يوم في الصباح الباكر، وإذا ما كان هو، أو أحد أولاده، أو أي امرأة في داخل نسوته، منحرف المزاج، فلن أجرؤ على ترك القاهرة بل عليَّ أن أمضى غالب النهار في القصر... ولا أرجع إلى الفسطاط إلى ما بعد الظهر... وأكون عند هذا قد أوشكت أن أسقط من الجوع. ولكني ألقى حجرة الاستقبال مكتظة بالناس، من رجال الدين، وموظفي الدولة، والأصحاب، والأعداء... فأنزل عن ركوبتى، وأغسل يدي، وأطلب من مرضاي أن يحتملوا قليلا من الوقت حتى أتناول بعض المرطبات-وتلك هي الوجبة الوحيدة التي أكلها كل أربع وعشرين ساعة. ثم أبدأ فى فحص مرضاي... وأستمر كذلك إلى أن يدخل الليل،وقد أظل على هذا في بعض الأحيان حتى يمضى من الليل ساعتان أو أكثر من ساعتين، فأقول لكل واحد منهم الدواء المناسب له ومقاديره وأنا راقد على ظهري من فرط الألم فى جسمى، حتى إذا دخل الليل تكون قواي قد انهارت حتى لا أقدر على الكلام. ولهذا لن يقدر إسرائيلى أن يجلس معى على انفراد إلا في يوم السبت ففي ذلك اليوم يأتى إليَّ جميع المصلين، أو الكثرة الغالبة منهم على أقل تقدير، بعد صلاة الصبح، ليتعلموا منى بعض العلم... ونستمر ندرس معاً حتى الظهر ثم ينصرف كل واحد .
فكان أبى شمويل يذهب للتدارس معه فى يوم السبت فقط من كل أسبوع حتى أتم ترجمة الكتاب فعرضه على الحبر موسى فطلب منه أن يعدل مواضع قليلة فى الترجمة ففعل أبى ما أشار به الحبر الجليل .
*******************************
-قال : يهوذا بن يوسف الحجى :
كنا كل يوم سبت نجتمع فى دار الحبر الجليل موسى بن ميمون بعد صلاة الصبح لندرس على يديه بعض العلم التوراتى وكان للرجل طريقة تشبه طريقة الحلقات فى جوامع المسلمين فكنا نجتمع حوله ولكننا لا نقرأ من كتب الفقهاء كما يفعل المسلمون وإنما نقرأ من التوراة فقرة فيقوم الحبر موسى بتعليمنا الأحكام فيها فمثلا قرأنا ذات يوم قول الرب :
«لاَ تَصْنَعُوا لَكُمْ أَوْثَانًا، وَلاَ تُقِيمُوا لَكُمْ تِمْثَالاً مَنْحُوتًا أَوْ نَصَبًا، وَلاَ تَجْعَلُوا فِي أَرْضِكُمْ حَجَرًا مُصَوَّرًا لِتَسْجُدُوا لَهُ. لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ. 2سُبُوتِي تَحْفَظُونَ وَمَقْدِسِي تَهَابُونَ. أَنَا الرَّبُّ."
فقال الحبر العليم : الله يحذرنا من عبادة غيره فله وحده نسجد ومن ثم لا يجب صناعة صنم أو تمثال أو نصب أو حجر وغير ذلك من وسائل الوثنية والسجود له فالحكم الأول عبادة الله وحده والثانى حفظ السبت وهو عدم العمل يوم السبت إلا ما قررته الشريعة فقط والثالث هيبة مقدسات الله والمراد الحفاظ على الأمور التى قدسها وطهرها الله من أماكن وأشياء ثم قرأنا :
3«إِذَا سَلَكْتُمْ فِي فَرَائِضِي وَحَفِظْتُمْ وَصَايَايَ وَعَمِلْتُمْ بِهَا، 4أُعْطِي مَطَرَكُمْ فِي حِينِهِ، وَتُعْطِي الأرض غَلَّتَهَا، وَتُعْطِي أَشْجَارُ الْحَقْلِ أَثْمَارَهَا، 5وَيَلْحَقُ دِرَاسُكُمْ بِالْقِطَافِ، وَيَلْحَقُ الْقِطَافُ بِالزَّرْعِ، فَتَأْكُلُونَ خُبْزَكُمْ لِلشِّبَعِ وَتَسْكُنُونَ فِي أَرْضِكُمْ آمِنِينَ. 6وَأَجْعَلُ سَلاَمًا فِي الأرض، فَتَنَامُونَ وَلَيْسَ مَنْ يُزْعِجُكُمْ. وَأُبِيدُ الْوُحُوشَ الرَّدِيئَةَ مِنَ الأرض، وَلاَ يَعْبُرُ سَيْفٌ فِي أَرْضِكُمْ. 7وَتَطْرُدُونَ أَعْدَاءَكُمْ فَيَسْقُطُونَ أَمَامَكُمْ بِالسَّيْفِ. 8يَطْرُدُ خَمْسَةٌ مِنْكُمْ مِئَةً، وَمِئَةٌ مِنْكُمْ يَطْرُدُونَ رَبْوَةً، وَيَسْقُطُ أَعْدَاؤُكُمْ أَمَامَكُمْ بِالسَّيْفِ. 9وَأَلْتَفِتُ إِلَيْكُمْ وَأُثْمِرُكُمْ وَأُكَثِّرُكُمْ وَأَفِي مِيثَاقِي مَعَكُمْ، 10فَتَأْكُلُونَ الْعَتِيقَ الْمُعَتَّقَ، وَتُخْرِجُونَ الْعَتِيقَ مِنْ وَجْهِ الْجَدِيدِ. 11وَأَجْعَلُ مَسْكَنِي فِي وَسَطِكُمْ، وَلاَ تَرْذُلُكُمْ نَفْسِي. 12وَأَسِيرُ بَيْنَكُمْ وَأَكُونُ لَكُمْ إِلهًا وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ لِي شَعْبًا. 13أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمُ الَّذِي أَخْرَجَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ كَوْنِكُمْ لَهُمْ عَبِيدًا، وَقَطَّعَ قُيُودَ نِيرِكُمْ وَسَيَّرَكُمْ قِيَامًا."
فقال الحبر الخبير :الله يعطى شعبه كل الأمور الحسنة طعام وشراب ومسكن وظلال ونصر على الأعداء فى حالة قيامهم بطاعته فى كل وصاياه ثم قرأنا :
14«لكِنْ إِنْ لَمْ تَسْمَعُوا لِي وَلَمْ تَعْمَلُوا كُلَّ هذِهِ الْوَصَايَا، 15وَإِنْ رَفَضْتُمْ فَرَائِضِي وَكَرِهَتْ أَنْفُسُكُمْ أَحْكَامِي، فَمَا عَمِلْتُمْ كُلَّ وَصَايَايَ، بَلْ نَكَثْتُمْ مِيثَاقِي، 16فَإِنِّي أَعْمَلُ هذِهِ بِكُمْ: أُسَلِّطُ عَلَيْكُمْ رُعْبًا وَسِلُا وَحُمَّى تُفْنِي الْعَيْنَيْنِ وَتُتْلِفُ النَّفْسَ. وَتَزْرَعُونَ بَاطِلاً زَرْعَكُمْ فَيَأْكُلُهُ أَعْدَاؤُكُمْ. 17وَأَجْعَلُ وَجْهِي ضِدَّكُمْ فَتَنْهَزِمُونَ أَمَامَ أَعْدَائِكُمْ، وَيَتَسَلَّطُ عَلَيْكُمْ مُبْغِضُوكُمْ، وَتَهْرُبُونَ وَلَيْسَ مَنْ يَطْرُدُكُمْ.
18«وَإِنْ كُنْتُمْ مَعَ ذلِكَ لاَ تَسْمَعُونَ لِي، أَزِيدُ عَلَى تَأْدِيبِكُمْ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ حَسَبَ خَطَايَاكُمْ، 19فَأُحَطِّمُ فَخَارَ عِزِّكُمْ، وَأُصَيِّرُ سَمَاءَكُمْ كَالْحَدِيدِ، وَأَرْضَكُمْ كَالنُّحَاسِ، 20فَتُفْرَغُ بَاطِلاً قُوَّتُكُمْ، وَأَرْضُكُمْ لاَ تُعْطِي غَلَّتَهَا، وَأَشْجَارُ الأرض لاَ تُعْطِي أَثْمَارَهَا.
21«وَإِنْ سَلَكْتُمْ مَعِي بِالْخِلاَفِ، وَلَمْ تَشَاءُوا أَنْ تَسْمَعُوا لِي، أَزِيدُ عَلَيْكُمْ ضَرْبَاتٍ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ حَسَبَ خَطَايَاكُمْ. 22أُطْلِقُ عَلَيْكُمْ وُحُوشَ الْبَرِّيَّةِ فَتُعْدِمُكُمُ الأَوْلاَدَ، وَتَقْرِضُ بَهَائِمَكُمْ، وَتُقَلِّلُكُمْ فَتُوحَشُ طُرُقُكُمْ."
فقال الحبر العليم موسى : الله يريد أن يبين لكم أن عصيان وصاياه نتيجته عقاب هين فى أول الأمر وذلك فرصة للتراجع عن العصيان ثم يزيد العذاب فى حالة عدم التوبة فإذا زدتم واستمررتم فى العصيان زادكم الله عذابا وهكذا
وبعد أن انتهى الدرس عند الظهر وانصرف المصلون قلت يا حبرى الجليل :
لماذا لا تفسر الفقرة من التوراة جملة جملة ؟
فقال الحبر العليم : عامة الناس لا يصلح لهم تفسير كل الشريعة لأن تفسيرها لهم كلها يدخلهم فى متاهات ذهنية تجعلهم يضلون عن الحق
فقلت مستغربا: أليست الشريعة للكل ؟
فأجابنى :نعم هى للكل واعلم أن الأمور الطبيعية لا يمكن التصريح بتعليم بعض أسسها على ما هى عليه وقد عرفت قولهم عليهم السلام ولا تفسر قصة الخلق لفردين معا لأن التفسير قد يأتى بنتيجة عكسية عندما تفكر العامة فيها بينما تعليمها الأحكام افعل ولا تفعل هو المفيد لهم
فقلت: يا معلم ولكن نزول الشريعة للكل يتناقض مع عدم تعليمها للكل كلها
فقال حبرنا الجليل :هناك أمور يحار فيها العقل حتى عقل الحبر موسى والأحبار والعلماء جميعا فإذا كنا نعجز عن تحديد الحق فيها أو البرهنة عليها فالأولى ألا نعلمها للعامة حتى لا يخرجوا من الشريعة لكونها أكبر من عقولهم التى لا تفكر سوى فى الضروريات اليومية
*****************************
- حدثنا فادى بن صمويل قال :
حدثنى الحبر موسى فقال :
كان السلطان المعظم صلاح الدين يوسف يصطحبنى فى حربه ضد الصليبين أنا وكل الأطباء الذين يعملون فى القصر بالاضافة لأطباء العسكر الذين يقيمون معهم فى الجيش وكانت فرقة المتطببين لا تعلم شيئا عن تحركات الجيش فنحن نسير مع السلطان والجند حيث ساروا ونقيم حيث أقاموا.
وكنا لا نتحرك من مكاننا إلا عند مرض أو ألم طرأ على جندى من الجند أو قائد من القواد وأما ساعة الحرب فلم نكن ندخل حومة الميدان وإنما كان بعض الجند ينقلون لنا لنا الجرحى فى جانب بعيد عن القتال وقت القتال وأما عند هروب جيش الصليبيين أو هزيمته فكنا نحمل أدواتنا ونتوجه للميدان حيث القتلى والجرحى لاسعافهم دون تفرقة بين مسلم أو صليبى وكان الجند فيما بعد اسعافنا للجرحى يقومون بنقلهم لجانب الميدان حيث مكان الجرحى وكان أكثر ما نقوم به هو عمليات الكى والبتر وتخييط الجروح .
وأسوأ شىء فى الحروب هو ذلك المنظر الذى ترى فيه الأعضاء البشرية مقطعة ومتناثرة فى ميدان القتال والدماء تغطى الأجساد والأرض وهو منظر كريه بغيض للنفس ولكن هذه هى طبيعة الحرب التى لابد أن يتعود عليها الجند والأطباء .
فسألت الحبر :أكان صلاح الدين يبقى على الجرحى والأسرى الصليبيين بعد القتال ؟
فأجاب: نعم كان رجلا رحيما وفى نفس الوقت لم تكن رحمته سوى درس للهمج من الصليبيين الذين كان يقتلون الكل محاربين وغير محاربين فى المدن والقرى حتى أنهم رووا أرض أورشليم بدماء سبعين ألفا من المسلمين واليهود نساء ورجال وأطفال دون رحمة
فضحكت وقلت : يا معلم كانوا ينفذون شريعتنا كما جاء فى سفر التثنية " 33فَدَفَعَهُ الرَّبُّ إِلهُنَا أَمَامَنَا، فَضَرَبْنَاهُ وَبَنِيهِ وَجَمِيعَ قَوْمِهِ. 34وَأَخَذْنَا كُلَّ مُدُنِهِ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ، وَحَرَّمْنَا مِنْ كُلِّ مَدِينَةٍ: الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ وَالأَطْفَالَ. لَمْ نُبْقِ شَارِدًا. 35لكِنَّ الْبَهَائِمَ نَهَبْنَاهَا لأَنْفُسِنَا، وَغَنِيمَةَ الْمُدُنِ الَّتِي أَخَذْنَا" وأيضا "إِنْ سَمِعْتَ عَنْ إِحْدَى مُدُنِكَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ لِتَسْكُنَ فِيهَا قَوْلاً: 13قَدْ خَرَجَ أُنَاسٌ بَنُو لَئِيمٍ مِنْ وَسَطِكَ وَطَوَّحُوا سُكَّانَ مَدِينَتِهِمْ قَائِلِينَ: نَذْهَبُ وَنَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى لَمْ تَعْرِفُوهَا. 14وَفَحَصْتَ وَفَتَّشْتَ وَسَأَلْتَ جَيِّدًا وَإِذَا الأَمْرُ صَحِيحٌ وَأَكِيدٌ، قَدْ عُمِلَ ذلِكَ الرِّجْسُ فِي وَسَطِكَ، 15فَضَرْبًا تَضْرِبُ سُكَّانَ تِلْكَ الْمَدِينَةِ بِحَدِّ السَّيْفِ، وَتُحَرِّمُهَا بِكُلِّ مَا فِيهَا مَعَ بَهَائِمِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 16تَجْمَعُ كُلَّ أَمْتِعَتِهَا إِلَى وَسَطِ سَاحَتِهَا، وَتُحْرِقُ بِالنَّارِ الْمَدِينَةَ وَكُلَّ أَمْتِعَتِهَا كَامِلَةً لِلرَّبِّ إِلهِكَ، فَتَكُونُ تَلاُ إِلَى الأَبَدِ لاَ تُبْنَى بَعْدُ"
فابتسم الحبر وقال : الحالة هى حالة عقابية بأمر الله وهى ما يسمى عند المسلمين حد الردة
فاتجهت بوجهى لناحية مخالفة لوجهه وضحكت فسألنى :ماذا يضحكك ؟
فقهقهت ثم قلت :البشر أذنبوا بالردة فهل أذنبت البهائم وهل أذنبت البيوت حتى يتم قتلها وحرقها ؟
فابتسم وقال : يا لئيم أتتهم شريعتنا ؟
سكت فقال : لهذا حقيقة باطنة لا ينبغى تعليمها للعامة وهى أن الله ضرب ذلك مثلا لتطهير النفوس من كل شر وليس الشر الكبير فقط
فقلت : يا معلم ألا تضحك أنت على بحكاية الحقيقة الباطنة فليس كل شىء فى الشريعة يمكن تأويله عن طريق الباطن وإنما هناك أشياء لا تقبل تأويلا ولا تعليلا كقتل البهائم وحرق البيوت
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عطيه الدماطى




المساهمات : 2104
تاريخ التسجيل : 18/01/2023

    رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون        رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Emptyالثلاثاء فبراير 14, 2023 7:47 pm

-
بلغنى أن محمد بن شاذى قال :
أن القاضى عبد الرحيم لما بلغه مقالة موسى بن ميمون عن تكذيبه بعث الأجسام فى الأخرة وكان السلطان المظفر صلاح الدين فى عقيدته الراسخة الايمان ببعث الأجسام ومن ثم طلب من ولده فى الشام قتل السهروردى الذى كان حسب كلام بعض الناس زنديقا وحسب كلام أخرين وليا من أولياء الله الصالحين لأنه بكلامه يثبط همم المسلمين ويثير الفتن فى وقت هم فى أمس الحاجة للوحدة فيه أرسلنى القاضى لموسى بن ميمون وطلب منى احضاره معى فركبت إلى داره بالفسطاط ليلا وأحضرته فلما استقر المجلس طلب منى القاضى النظر هل هناك خدم أو بعض أهله متيقظون فذهبت فنظرت حول المجلس فلم أجد أحدا فقلت: لا أحد
فقال القاضى: يا موسى أنصحك نصيحة حتى لا تطير رقبتك
فقال موسى: تفضل يا قاضى القضاة
فقال القاضى : لولا مقامك عندى ما تكلفت هذا
فقال موسى :أعرف هذا ماذا حدث ؟
فقال القاضى : إن السلطان المظفر صلاح الدين أمر بقتل السهرودرى الزنديق وأنت تنكر بعث الأجسام فى الأخرة
فقال موسى غير منكر : نعم
فقال القاضى : لا تحدث أحدا بهذا فى هذه الأيام
فقال موسى : ولكن يهودى ولست مسلما حتى أعاقب بهذا
فقال القاضى: أنت تعرف أن قومك يؤمنون ببعث الأجسام ولو تسرب خبر للسلطان أنك تقول بتلك القولة فسيعتبرك عدو للدين كله فاليهودية والنصرانية والاسلام كلهم يؤمنون ببعث الأجسام ويقتلك
فقال موسى : إذا النصيحة بالسكوت
فقال القاضى :انتبه فإذا حدثت أحدا فلا تحدثه إلا منفردا لا يشهد عليك أحد وأن تكون واثقا من أنه لن يخبر السلطان عنك اللهم قد بلغت اللهم فاشهد
فقال موسى : بلغت يا قاضى القضاة
ثم انصرف موسى مسلما على القاضى فأركبته على الدابة وأوصلته إلى منزله .
*************************
- قال عبد الرحيم بن عبد الموجود :
بلغنى أن الحبر موسى قال : وهو يحكى عن صبر السلطان المعظم صلاح الدين فى أمراضه فى الحرب :
شاهدته فى برج عكا وهو فى غاية من الألم الذى عرض له بسبب كثرة الدماميل فى جلده وكانت قد انتشرت من وسطه إلى ركبتيه بحيث كان لا يقدر على القعود وإنما يكون راقدا على جانبه إذا كان بالخيمة وكان يرفض وضع الطعام أمامه لعجزه عن القعود وكان يعطى الأمر بأن يوزع على الناس ومع مرضه ذلك كان قد أقام بخيمة الحرب قريباً من العدو وقد وزع الجند ميمنة وميسرة وقلباً تعبية القتال وكان مع آلامه المبرحة يركب الحصان من طلعة النهار إلى صلاة المغرب يدور على الأطلاب صابراً على شدة الألم وقوة ألم الدمامل وأنا فى تعجب من ذلك فيقول إذا ركبت الحصان يزول عني وجعها حتى أنزل وهذا يبين لنا مدة قوة تحمل هذا الرجل
ولقد مرض ونحن فى مكان يدعى الخرنوبة وكان قد تأخر عن تل الحجل بسبب مرضه فوصل الخبر الإفرنج فخرجوا رغبة في أن ينتصروا على المسلمين وهي نوبة النهر فوصلوا إلى مرحلة الآبار التي تحت التل فأمر السلطان بالثقل حتى يتجهز بالرحيل والتأخر عن جهة الناصرة .
وكان عماد الدين صاحب سنجار مريضاً أيضاً فطلب الإذن منه بالتأخر فأذن له أن يتأخر مع الثقل وأقام هو ثم قام العدو الصليبى في اليوم الثاني بطلبنا فركب على مضض ووزع العسكر للقاء القوم تعبية الحرب وجعل على رئاسة الميمنة أخاه العادل وعلى رئاسة الميسرة تقي الدين وجعل ابنه الظاهر وابنه الأفضل في القلب ونزل هو خلف القوم يطلبهم وأول ما هبط من التل أتى أمامه بإفرنجي قد أسر من الصليبيين فأمر بقطع رقبته بين يديه بعد أن خير بين الإسلام والقتل فأبى أن يسلم الصليبى فقتل وكلما مشى العدو يطلب رأس النهر مشى هو مستديراً إلى خلفهم حتى يقطع خط الرجعة بينهم وبين خيامهم وهو يتحرك ساعة ثم يهبط ساعة يستريح ويتظلل بمنديل على رأسه من شدة حرارة الشمس ولا تقام له خيمة حتى لا يشاهد العدو ضعفاً ولم يزل على حاله تلك حتى هبط العدو برأس النهر وأقام هو قبالتهم على تل مطل عليهم إلى أن أظلم الليل ثم أمر الجند المنصور إن رجعوا إلى محل المصابرة وأن يقيموا تحت السلاح وتأخر هو ونحن في خدمته إلى رأس الجبل فأقيمت له خيمة لطيفة وبتنا تلك الليلة أجمع أمرضه ونشاغله أنا والوزير وهو ينام تارة ويصحو أخرى حتى بان نور الصباح ثم نفخ فى البوق وركب هو وركب الجند وأحاطوا بالعدو وهرب العدو راجعاً إلى خيامه من الجانب الغربي من النهر وأذاهم المسلمون في ذلك اليوم أذى كبير وفي ذلك اليوم أرسل أولاده من بين يديه للميدان وجميع من حضر منهم ولم يزل يرسل من لديه حتى لم يبق عنده إلا الوزير وأنا وعارض الجند والغلمان بأيديهم الأعلام والرايات لا غير فيعتقد المشاهد لها عن بعد أن تحتها عددا كبيرا عظيماً ولم يزل العدو متحركا والقتل يعمل فيهم وكلما قتل منهم شخص دفنوه وكلما أصيب منهم رجل حملوه حتى لا يبقى بعدهم من يعرف قتله وجرحه وهم سائرون ونحن نراهم حتى اشتد بهم الأمر وأقاموا عند الجسر وكان الإفرنج متى هبطوا إلى الأرض آيس المسلمون من وصول هدف منهم لأنهم يجتمعون في حالة النزول جماعة عظيمة وظل السلطان في مكانه والجند على ظهور الخيل فى مقابل العدو إلى نهاية النهار ثم أمرهم أن يقيموا على مثل ما أقاموا عليه بالأمس ورجعنا إلى مكانا في الليلة السالفة ورجع الجند في الصباح إلى ما كانوا عليه بالأمس من ايذاء العدو وترك العدو مكانه ومشى على ما مضى من القتل والقتال حتى قرب من خيامه وخرج إليه منها من أنقذه حتى بلغوا إلى خيامهم .
ففكروا فى صلابة هذا الرجل وقوة تحمله ودفعه نفسه للقتال فى أشد أوقات مرضه .
****************************
- قال روبن بن الكسندر :
لما كنا فى مجلس الملك ريتشادر قلب الأسد بالقرب من المدينة المقدسة أورشليم عرض له مرضا عارض فأحضروا له طبيبا ولكن علاج الرجل لم ينفع معه فقال له أحد الزائرين :
إن عند صلاح الدين حكيما ماهرا يدعى موسى بن ميمون طبقت شهرته الآفاق فاكتب له رسالة يأتيك لعلاجك ويقيم معك كطبيب خاص
فقال الملك ريتشارد قلب الأسد :
احضروا رقعة واكتبوا له من الملك المعظم ريتشارد قلب الأسد إلى موسى بن ميمون الطبيب اليهودى الحاذق سلام أما بعد :
بلغنى كثرة علمك ومهارتك فى الطب وأنا أريد أن تعمل فى بلاطى طبيبا خاصا وسوف أعطيك أضعاف ما يعطيك صلاح الدين فأقدم إلينا بأهلك وولدك وسوف تجد منى كل رعاية
ثم طلب ريتشارد قلب الأسد الرسالة ونظر فيها وطلب منهم ختمها بخاتمه فختموها وأعطوها لأحد الرسل الذى انطلق إلى حيث مكان وجود موسى فى مصر ولما وصل سلمه الرسالة فى داره فلما قرأها موسى ابتسم وقال : للرسول :
امكث فى البلدة يوما وسوف أكتب ردى
ولما ذهب الرسول فكر موسى مليا وضحك وقال : :
هذا النصرانى يريد الضحك على فقد قتلوا اليهود والمسلمين فى أورشليم ولم يخرجوا منها حيا واحدا فلو أنى أخطأت فى علاجه أو علاج أى من أصحابه وأقاربه فسوف يقطع رقبتى أو رقاب أهلى وأولادى لو ذهبنا معه فى بلده
هنا عند صلاح الدين نحن فى بحبوحة من العيش لا يكرهنا أحد ولا يؤذينا ونذهب ونروح كما نريد وأما هناك فالمصير ليس مجهولا خاصة لو تكلمت فى الفلسفة فالكنيسة والحمقى سوف يقتلوننى هناك بسبب كلامى
لا إنها فكرة حمقاء غبية أن أترك هنا وأذهب إلى حتفى بيدى والسؤال ماذا أقول فى ردى على هذا الملك ؟
رد على نفسه وقال : :أتعلل بكبر السن وكثرة الأوجاع فهذه حجة مفيدة ثم تناول رقعة وكتب فيها :
إلى الملك الجليل ريتشارد قلب الأسد سلام وبعد:
وصلنى خطابك العظيم ففرحت نفسى به كثيرا ولكنه جاء فى وقت متأخر فقد كبرت فى السن وزادت أوجاعى وآلامى فأصبحت لا أحتمل السفر الطويل فأعذرنى عافاك الله وإيانا من كل شر خادمك موسى بن ميمون القرطبى.
******************************
- حدثنا عبد الحميد بن عبد الموجود قال :
كنت فى مجلس القاضى الفاضل عبد الرحيم وكان فى المجلس بعض العلماء والطبيب موسى بن ميمون فسألهم القاضى عبد الرحيم :
هل يدخل الجنة المسلم فقط أم يدخلها كل من يتخلق بالأخلاق الحسنة ويفعل الأعمال الصالحة؟
فقال : عبد اللطيف البغدادى :
يا قاضى القضاة لا يدخلها إلا مسلم مؤمن
فسأله القاضى :وما الأدلة ؟
فأجاب عبد اللطيف :الايمان والعمل الصالح مرتبطان فالمنافقون فى الدرك الأسفل من النار مع أنهم كانوا يعملون الأعمال الصالحة من صلاة ونفقة وغير ذلك ولكنها كانت صادرة عن عدم ايمان فقال تعالى فيهم "وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله ورسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون " وقال فيهم أيضا " ولما يدخل الإيمان فى قلوبكم"
فقال عبد القوى الفوى : يا مولانا على هذا يدخل المشرك الجنة إذا كان رجلا طيب القلب يفعل الخيرات فكل مثلا من يقول أن عيسى هو الله أو أن الصنم هو إله يدخل الجنة وهو ما يخالف قوله تعالى "إن الله لا يغفر أن يشرك به ولكن يغفر ما دون ذلك"
فاتجه القاضى بوجهه نحو الطبيب موسى بن ميمون وقال : :
ما رأيك يا موسى أيدخل الجنة غير اليهود ؟
فأجاب موسى :
غير اليهودي المتمسك بأهداب الفضيلة، المؤمن بوحدانية الله، يدخل الجنة
فضحك القاضى وقال : :
إذا فقد ضمنا الجنة على دينيين
فقال عبد اللطيف :هذا الطبيب يقول هذا من عنده فالقرآن حكى على لسان اليهود والنصارى فقال "وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى " والتوراة المحرفة التى يؤمن بها ليس بها دليل على هذا
فقال موسى له :أنت قلت أن الشرطين هما الايمان بالله والعمل الصالح وهما ينطبقان على ما قلت فالمتمسك بالفضيلة لا يفعل منكرا .
***************************
-بلغنا أن عساف بن يوئيل قال واصفا الحبر موسى :
"كان يتصف بالتواضع الجم، ولا يكشف رأسه أو جسمه، ولا يرفع صوته فوق الحد الواجب إذا تكلم، حديثه مع الناس جميعاً ظروف ،يتجنب المبالغة والتصنع في الحديث، يعدل في حكمه على الناس، يؤكد فضائل غيره، ولا يتحدث عن أحد بسوء
ولا يذهب إلى المطاعم إلا عند الضرورة القصوى: "فالرجل الحكيم لا يأكل إلا في بيته ومن مائدته". وهو يدرس التوراة في كل يوم تسع ساعات، ويحذر ألا يخدعه أحد بأنه المسيح، وهو لا يفقد إيمانه بأن المسيح الحق سيأتي ويعيد إسرائيل إلى صهيون، ويقود العالم كله إلى الدين الحق، وإلى الوفرة، والأخوة، والسلام: "تفنى جميع الأمم أما اليهود فباقون إلى أبد الدهر.
وكان رجلا أبيض اللون يميل للحمرة طويل القامة نحيفا لا يتناول من الطعام إلا القليل لا يتناول مسكرا ولا ينام إلا قليلا ، يركب دابته بتواضع ولا يطيل النظر فى محدثه "
*************************
- حدثنا فريد بن أيوب قال ::
كنت ألازم الحبر العليم موسى بن ميمون فى بيته للدراسة والتعلم منه وكان تأتيه من سائر بلاد العالم التى بها يهود رسائل بها أسئلة يطلبون منه الاجابة عليها لطاعة الله أو لحل الخلاف فى بعض القضايا بين اليهود فى هذا المكان أو ذلك وقد أوكل لى أنا وبعض التلاميذ قراءة تلك الرسائل وتصنيفها إلى أقسام حتى يسهل عليه الاجابة على كل الرسائل المتشابهة بجواب واحد بدلا من قراءة كل رسالة والاجابة عليها بمفردها لأن وقته كان لا يتسع للتدريس وقراءة التوراة وتطبيب الناس والاجابة على أسئلتهم
ومن تلك الأسئلة التى كانت تأتى من كل حدب وصوب نسخت بعض منها وكتبت اجابات الحبر عليها ومن تلك الرسائل :
من عبدول بن بنيامين المقيم بأنطاكية فى الشام إلى الحبر الأعظم حامى ملة اليهود ومعلمهم وكبيرهم فى عصرنا موسى بن ميمون السلام والرحمة لكم وبعد :
كيف تسمى يوم الرب العظيم الهائل يوم هلاك سنحاريب وليس يوم البعث والقيام ؟
وكان جواب الحبر الأعظم :
فلتعلم أن كل يوم تكون فيه نصرة عظيمة أو فادحة عظيمة فإنه يدعى يوم الرب العظيم الهائل فقد قال يوئيل ذاك عن يوم إتيان الجراد عليهم "لأن يوم الرب عظيم وهائل جدا من يطيقه "
ومن تلك الأسئلة ما هو الفرق بين الأول والمبدء ؟ وكان جواب سيدنا وتاج رأسنا :
اعرف أن المبدء هو موجود فى ما هو مبدء أو معه وإن لم يتقدمه بالزمان كما يقال : أن القلب مبدء الحيوان والاسطقس مبدأ ما هوله اسطقس وقد يطلق أيضا على هذا المعنى أنه أول وأما الأول فقد يقال على المتقدم بالزمان فقط من غير أن يكون ذلك المتقدم بالزمان سببا للمتأخر كما يقال أول من سكن هذه الدار فلان وبعده فلان ولا يقال أن فلانا مبدء فلان واللفظ الذى يدل على الأول فى لغتنا هو بداية بداءة كلام الرب بلسان هوشع والذى يدل على المبدأ راشيت "(رئيس) لأنه مشتق من راش "(رأس) الذى هو مبدء الحيوان بحسب وضعه والعالم لم يخلق فى مبدأ زمانى كما وضحنا إذ الزمان من جملة المخلوقات فلذا قال : براشيت (فى البدء ) والباء بمعنى فى فترجمة هذا النص الحقيقية هكذا فى بداءة خلق الله العلو والسفل هذا هو التفسير الذى يطابق الحدوث "

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عطيه الدماطى




المساهمات : 2104
تاريخ التسجيل : 18/01/2023

    رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون        رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Emptyالأربعاء فبراير 15, 2023 7:52 pm

-
قال فرحون بن صيدون :
بلغنى أن السلطان صلاح الدين أصدرا أمرا بأن يكون الحبر العليم موسى بن ميمون زعيما ليهود مصر والشام فبعد المكانة التى حازها الحبر العليم عند السلطان وبعدما طبقت شهرته الآفاق وبعد أن شهد له القاصى والدانى من يهود مصر بأنه حبرهم وعالمهم الأكبر ما كان من السلطان صلاح الدين الأيوبى إلا أن أصدر أمرا بأن يكون الحبر الجليل نجيدا أو زعيما لليهود يكون مسئولا عن حل مشاكلهم والقضاء فيما بينهم فى قضاياهم الدينية وحتى يكون مسئولا أمام السلطان عن اليهود فى الأوامر التى يصدرها السلطان ومن معه لهم كدفع الجزية من قبل أغنياء اليهود ثم ردها بعد هذا على المحتاجين والعجزة والفقراء والغارمين من اليهود .
************************
- قالت سارة بنت سليمان :
كنت مع سيدتى زوجة الحبر موسى فى حجرة الطبيخ نعد الطعام للحبر فسألتها :
ماذا يفعل معك سيدى الحبر موسى ؟
فردت قائلة : حددى ماذا تقصدين بالضبط ؟
فضحكت وقلت: ما يفعله الرجل مع زوجته فى المخدع
فابتسمت وهى تضربنى على ظهرى وقالت : لا يأتينى سوى ليلة الجمعة
فقلت: ولكن زوجى يونان قال لى أن الحبر موسى قال له أن العالم لا يفعل هذا إلا مرة كل شهر
فقالت المرأة : لقد فهم زوجك قول الحبر سيدى موسى فهما خاطئا فقد قال : لطالب العلم لا تتزوج حتى يكتمل علمك، وتتخذ لك حرفة، وتشتري لك منزلاً ساعتها يصح لك أن تتزوج أربع نساء، ولكن لا يصح لك أن تباشرهن إلا مرة واحدة في كل شهر ،ولو قسمنا أربع مرات على الأربع زوجات فى الشهر سيكون الجماع مرة كل أسبوع
فسألتها :ألا تشتاقين إلى الجماع أكثر من مرة فى الأسبوع ؟
فضحكت وقالت : كلنا نتوق إلى الجماع اليومى ولكن مشاغل الحياة وتربية الأولاد تنسينا فى الغالب
فسألتها :ألا يخالف سيدى موسى كلامه فى الجماع ؟
فضربتنى على ظهرى وقالت :أحيانا فالرجل الذى يرى نساء فى طريقه وعمله بعضهن أكثر جمالا يدفعه هذا إلى مضاجعة زوجه فى الحلال
فقلت :هذا مخالف لقوله عندما سئل عن الجماع أهو مباح فى كل وقت فقال : نعم إن مباشرة الإنسان لزوجته مسموح به على الدوام، ولكن من واجب العالم أن يصطنع القداسة في هذه العلاقة أيضاً، فعليه ألا يكون على الدوام مع زوجته كما يفعل الديك، بل يجب عليه أن يؤدي الواجب الزوجي في ليلة الجمعة ويجب على الزوج والزوجة وقت المضاجعة ألا يكونا في حالة سكر، أو فتور، أو حزن، وألا تكون الزوجة نائمة في ذلك الوقت.
فقالت زوجة سيدى موسى : إن العمل بدراسة التوراة والعلم والطب يجعل الرجل مجهدا متعبا ومن ثم فهو لا يجد وقتا للمتعة لأن الوقت الباقى له فى اليوم ينام فيه حتى يستعيد قواه والجماع ينهك قوى الرجل والمرأة
فسألتها :أيجامعك مرة فى تلك الليلة ؟
فأجابت وهى تبتسم : مرة أو مرتان أو ثلاث حسب مزاجه فى تلك الليلة
ثم أمسكتنى من شعرى وقالت : هيا للعمل فهو على وصول ويجب أن يجد ما يسره فى انتظاره .
**************************
- قال : يهوذا بن عمورا :
كنت فى أنطاكية فى سفر للتجارة فلقيت جماعة من اليهود الافرنج يقيمون بها فصاحبتهم مدة سفرى ولما حدثتهم عن كونى أقيم فى مصر فى القاهرة فسألونى عن الكافر موسى بن ميمون فلما ذكروا كلمة الكافر خفت أن أقول فيه رأيى فأخبرتهم أنه رجل معظم عند السلطان صلاح الدين وأنه طبيب مشهور فقال : لى اسحق الليونى :
لعنة الله عليه وعلى أمثاله
فقلت : لماذا تلعنونه وتنعتونه بالكافر؟
فقال لى موسى البنيامينى: رجل ينكر البعث
فقلت : أتقصد البعث الأخروى؟
فأجاب : إنه ينكر البعث الجسمانى مع أن كل علماءنا وأحبارنا فى العالم وعلى مر العصور أقروا بأن البعث بالجسم أمر يقينى فالسعادة فى الأخرة لا تتم إلا بوجود النفس فى الجسم تتمتع بملذات الطعام والشراب والجماع وغير ذلك
فقلت : هل تلعنونه بسبب انكاره للبعث الجسمانى فقط ؟
فرد إسحق : ونلعنه ونكفره لأنه أراد بكتابه مشنا التوراة أن يزيل تعاليم التلمود كلها ويزيل من الوجود كل أقوال الأحبار والربانيين والعلماء اليهود
فسألت :هل هناك أمور أخرى ؟
فأجاب إسحق: قوله بأن من يدرس الشريعة أعلى مقاماً ممن يعمل بها وهو قول يعنى أن الكافر اسرائيليا كان أو غير اسرائيلى فى الجنة لدراسته التوراة بينما من يطيع التوراة هو يهودى ثوابه أقل فى الجنة
فقلت : لو قصد هذا فقد كفر فهناك علماء كفرة بما يدرسونه ويدرسونه للغير فهل يستوى مطيع الله بمن يعصاه أى كلام هذا ؟
فقال موسى : نريد منك باعتبارك يهودى أن تخبر يهود مصر بآراء هذا الكافر اللعين حتى يحذروا منه ومن أقواله .
سكت برهة ثم قلت : اكتبوا لى كتابا بما تريدون فأعرضه على رؤساء اليهود وعامتهم فى مصر
فكتبوا لى كتابا بما يريدون فى الحبر موسى فلما كنت فى المركب بالبحر عائدا لمصر ألقيته فى البحر .
*************************
- قال : موفق الدين عبد اللطيف البغدادى :
أردت الحصول على المزيد من العلم ولما سمعت من الشيوخ والعلماء والفلاسفة أن فى مصر الكثير منهم وأهمهم فى ذلك الوقت ياسين السيميائى والرئيس موسى بن ميمون وأبو القاسم الشارعى فقررت التوكل على الله والذهاب إلى مصر لأخذ علم الكيمياء والطب والفلسفة عنهم " وكان قصدي في مصر الثلاثة أنفس ياسين السيميائي والرئيس موسى بن ميمون اليهودي وأبو القاسم الشارعي، وكلهم جاؤوني، أما ياسين فوجدته محالياً كذاباً، مشعبذاً، يشهد للشاقاني بالكيمياء، ويشهد له الشاقاني بالكيمياء، وأما موسى بن ميمون فكان فاضلا لا فى الغاية ولكنه يقول أنه يعمل أعمالاً يعجز موسى بن عمران عنها، وأنه يحضر الذهب المضروب متى شاء، وبأي مقدار شاء، وبأي سكة شاء، وأنه في الغاية قد غلب عليه عجب الرياسة، وخدمة أرباب الدنيا، وعمل كتاباً في الطب جمعه من الستة عشر لجالينوس، ومن خمسة كتب أخرى، وشرط أن لا يغير فيه حرفاً إلا أن يكون واو عطف أو فاء وصل، وإنما ينقل فصولاً لا يختارها، وعمل كتاباً لليهود سماه كتاب الدلالة، ولعن من يكتبه بغير القلم العبراني، ووقفت عليه فوجدته كتاب سوء يفسد أصول الشرائع والعقائد بما يظن أنه يصلحها".
***********************
-قال محمود بن على السفيانى :
كان موسى بن ميمون اليهودى بمصر كثيرا ما يأتى القاضى السعيد بن سناء الملك ويجلس معه وقت طويل وكانوا يجلسون ومعهم أحيانا بعض الفقهاء والمتفلسفة وغيرهم من طلاب العلوم وكان موسى هذا كثيرا ما يتكلم مع القاضى فى أمور شتى وكان يرفض أن يأخذ أجرا على علاج القاضى وأهله وأولاده قائلا: أنه لا يجوز أن يأخذا أجرا من صاحبه كما كان يبيع للقاضى وأهله الجواهر بثمنها دون مكسب وكان موسى هذا يهدى للقاضى نسخ من كتبه فى الطب والرياضيات والفلسفة ولذا فإن القاضى السعيد كان لا يرضى بأن يقوم أحد من جلسائه أو ممن يتكلم معهم بقول كلمة ذم فى هذا الرجل موسى بن ميمون لأنه استولى على قلبه حتى قال فيه القاضى السعيد شعرا يمدحه فيه منه قوله :
أرى طب جالينوس للجسم وحده ... وطب أبي عمران للعقل والجسم
فلو أنه طب الزمان بعلمه ... لأبراه من داء الجهالة بالعلم
ولو كان بدر التم من يستطبه ... لتم له ما يدعيه من التم
وداواه يوم التم من كلف به ... وأبرأه يوم السرار من السقم.
**********************
-حدثنا ابراهيم بن رضا الحلفاوى:
كنت فى معية القاضى الفاضل عبد الرحيم البيسانى وكان جلساء القاضى معروفين ولكن فجأة دخل علينا وافد جديد يدعى موسى بن ميمون كان صاحب معرفة فى الكثير من العلوم ومن ثم كان فى بداية دخوله معية القاضى يطلب الإذن بالكلام من القاضى إذا عرضت مسألة له فيها رأي يخالف الجلساء فاستحسن القاضى معرفته وأدبه ثم فجأة وجدنا القاضى بعد هذا يقربه إليه فسألت خدم الدار عن هذه الصداقة الجديدة فقالوا أن المسمى موسى بن ميمون يأتى القاضى ويعرض عليه الجواهر الثمينة ويبيعها له بأقل من ثمنها فى السوق كما أنه يعالج القاضى وأهله دون أن يأخذ أجرا على العلاج ومن ثم أصدر القاضى أمرا بأن يكون لموسى رزقا رسميا من السلطان صلاح الدين وأصدر أمرا بأن يكون موسى من ضمن أطباء القصر
وفى البداية كان موسى يشارك الأطباء الرأى فى علاج المرضى من أسرة السلطان والقادة والجنود وكانت سياسته فى البداية مشاورة الأطباء الأخرين فلا يعالج أحدا إلا بعد أن يشاور طبيبا أخر أو أكثر حتى تمكن من قلوب الأطباء والسلطان والقادة فقدمه الأطباء عليهم ولكن عادته فى استشارة الأطباء الأخرين لم تتغير إلا نادرا وكان سبب استشارته هو خوفه من أن يموت أحد من القادة والكبار بسبب علاجه فيتهم بأنه قتله لكونه على غير دين المسلمين .
******************************
-أبلغنا محمد بن سعيد القوصى قال : :
حكى لى أحمد بن فريد الزنطى أنه حضر مجلسا للقاضى الفاضل عبد الرحيم وكان معه الطبيب موسى بن ميمون اليهودى وكان الطبيب المذكور قد دخل قلب القاضى وتربع فيه من كثرة جلوسهم معا ونفاق الطبيب له وهداياه وعلاجه للقاضى وأهله دون مقابل
لما استقر المجلس قال القاضى الفاضل عبد الرحيم البيسانى :
أهمنى أمر الحدبة فماذا عندك من علاج ؟
فقال الطبيب : يا قاضى القضاة أطال الله بقاءك الحدبة على نوعين فى الطب
فسأله القاضى : وما هما ؟
فأجاب الطبيب قائلا : الحدبة الأولى تعنى الندبة وهو ما يتركه الجرح أو المرض الجلدى من أثر بعد الشفاء فى الجلد
فقال : القاضى والثانية ؟
فأجاب فقال : نتوء الظهور ودخول الصدور
فسأله القاضى : وما العلاج؟
فقال الطبيب مجيبا : الندوب علاجها المراهم والزيوت حتى ينعم الجلد ويستوى وأما نتوء الظهر ودخول الصدر فبعضه وهو ما ولد الإنسان به لا علاج له عندنا وأما الثانى وهو ما يحدث غالبا فى الكبر من انحناء الظهر ومشى الإنسان كأنه راكع فهذا قد يوجد له علاج
فقال القاضى : إذا ألف لى مقالة فى الحدبة يسير المريض عليها فى العلاج إذا لم يجد الطبيب
فقال : الطبيب سمعا وطاعة
فقال القاضى متسائلا: كم يستغرق الأمر منك ؟
فأجاب الطبيب : أعطنى مهلة شهر أنظر فى كتب المتقدمين كجالينوس وابقراط وغيرهم من الأطباء وأجمع المعلومات من هنا وهناك لتكون مقالة شاملة
******************************
-بلغنا أن عدنان بن أبى نصر عدنان قص على جمع غفير من الناس فى الفسطاط الحكاية التالية :
أن موسى بن ميمون الطبيب اليهودى اجتمع بالطبيب الموفق بن شوعة فذكرا أن هبة الله بن زَين بن حسن بن إفرائيم أبو العشائر الإسرائيلي الطبيب قد حظى بمنزلة ليس بعدها منزلة عند الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب الذى يعتمد عليه في الطبّ، خاصة بعد الحكاية التى قصتها الحاشية على الملك أنه كان يوماً جالساً في دكّانه بالفسطاط فمرت أمامه جنازة،فنظر للجثة وقال : : يا أهل الميت صاحبكم لم يتوفى، وإن دفنتموه دفنتموه حياً ثم أمرهم أن يسيروا به إلى البيت وخلع عنه الأكفان وحمله إلى الحمام وصب عليه الماء الساخن ودهنه بدهون حتى تيقظ وأتم علاجه حتى شفى فقال الموفق بن شوعة : يا حبر موسى ألا ترى لهذا الآفاق يدعى أنك سرقت المقالة فى الحدبة وقدمتها للقاضى الفاضل على أنها من توليفك ؟
فقال موسى :أنا لم أسرق شيئا وربما ألف هو الأخر مقالة فى الحدبة ولما كان المرض واحدا تشابه الكلام خاصة أن السابقين الذين تم النقل عنهم من الأقدمين كلامهم واحد ومن ثم لابد أن يكون هناك تشابه خاصة فى النقول
فقال الموفق :يا رجل هذا الرجل يسرق عملك ويدعى أنه له وأنت لا تريد أن تدافع عن نفسك أمام الناس
فقال موسى : يا قيثارة ألا ترى أننا نشغل الملك وحاشيته بأمور هو فى غنى عنها فى ظل إعداده لحرب الصليبيين كما أن مكانة ابن جميع عند الملك لا تفوقها مكانة أخرى من الأطباء ولو قلت شيئا فسيقولون أنه حسد أو تنافس غير شريف
فقال الموفق :إن سكت أنت فأنا لن أسكت
فقال موسى : ربما يكون بينكما خلاف على أمر وأنت تريد النيل منه بسبب هذا فأبعدنى عن المشاكل بينكم
فقال : الموفق بن شُوعَة : لقد ألفت فى ذمه قصيدة فاسمع :
يا أيها المدّعِي طبّاً وهندسةً ... أوضحتَ يا ابن جُمَيع واضحَ الزُّورٍ
إن كنت بالطبّ ذا علم فَلِم عجزَت . قُواك عن طبّ داءٍ فيك مستُور
تحتاج فيه طبيباً ذا معالجةٍ ... بمبضع طولُهُ شِبران مطرور
هذا ولا تشتفي منه فقل وأجِبْ ... عن ذي سؤالٍ بتمييزٍ مَنشور
يا هندَسياً له شكلٌ يَهيم به ... وليس يَرغَبُ فيه غير مَنشور
مُجَسَّم أسطواني على أُكَرٍ ... تألفَت بين مَخروطٍ وتدوير
. . . إلا نصف زاوية ... يكون فيه كمثل الحبل في البير
فقال موسى : لا يعيب الطبيب عجزه عن علاج نفسه فقد يكون كل الأطباء عجزوا عن علاج نفس الداء فلا تدخلنى فى خلافكما ولو كنت مكانك لسكت
فقال الموفق المشهور باسم القيثارة : لماذا ؟
فقال موسى : ألا ترى عينك التى أعماها نجم الدين الخوبشانى قد عجزت عن علاجها وقلت أنت فيها :
لا تعجبوا من شعاع الشمس إذ حسرت .. منه العيون وهذا الشأن مشهور
بل اعجبوا كيف أعمى مقلتي نظري . للنجم وهو ضئيل الشخص مستور

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عطيه الدماطى




المساهمات : 2104
تاريخ التسجيل : 18/01/2023

    رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون        رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Emptyالخميس فبراير 16, 2023 7:30 pm

-
حدثنا ابراهيم بن على قال :
كنت فى مجلس الملك الأفضل على بن الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب وكان فى المجلس مجموعة من أفاضل العلماء فى الفقه والحديث والطب والرياضيات وعلم الهيئة وكان الحديث يدور فى شتى المواضيع وكان من ضمن المواضيع التى طرحت للنقاش تدبير الصحة فقال القاضى السعيد :
يا مولانا فى الطب النبوى الفوائد الكثيرة
فقال الملك الأفضل على : هذا لا يخفى على من لديه نظر ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن طبيبا وإنما كان رسولا جاء لهداية الناس
فقال عبد اللطيف البغدادى : لقد جاءت الشريعة بالقواعد العامة للصحة مثل الطهارة والاغتسال ومثل عدم زيارة المريض بمرض معدى حتى لا ينتشر المرض ومثل بقاء أهل البلدة المصابة بطاعون أو مرضى معدى داخلها لا يخرجون منها ولا يدخل لهم أحد إلا الحكماء
فقال القاضى السعيد معترضا :
ولكن هناك وصفات فى الطب النبوى لعلاج العديد من الأمراض
فقال الملك الأفضل على : لعلاج بعض الأمراض وليس كل الأمراض ولو كان الأمر قاصرا على مجرد تلك الوصفات ما طالب الرسول صلى الله عليه وسلم بالذهاب للأطباء
فقال عبد اللطيف البغدادى : صدقت يا مولاى إن الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ الوصفات من تجاربه وتجارب من عاش معهم وهى ليست وصفات من الوحى حتى نسلم بها
فقال الملك الأفضل على وهو يتجه بوجهه ناحية موسى بن ميمون: أراك ساكتا يا حكيم موسى
فقال الحكيم موسى وهو يرفع رأسه ناحية الملك : يا مولاى أدخلتم الطب فى الدين فآثرت السكوت لأنكم على الاسلام وأنا على اليهودية
فسأله الملك الأفضل على :كيف ترى الأمر كطبيب وكيهودى وكدارس للأديان ؟
فأجاب الحكيم موسى قائلا : إن الأمر كما قال البغدادى الأديان تأتى بالقواعد العامة للحفاظ على الصحة العامة ولكن الأمراض فردية ومختلفة ومن ثم لا يمكن أن ينطبق عليها علاج واحد ومن ثم فالطب يعالج كل فرد حسب أمور عديدة فسن الفرد ووزنه يجعلان كمية مواد العلاج تختلف فما يعالج السمين قد يقتل النحيف
فقال الملك الأفضل على : باعتبارك طبيبا حكيما ألا تضع لنا مقالة فى تدبير الصحة
فرد الحكيم موسى :أفعل بأمر الله يا مولاى واعلم أيها الملك أن الصحة تتداخل فيها أمور كثيرة كنوع المياه ونوع هواء المنطقة و أنواع الطعام وحتى دخول الحمام ووزن الإنسان وسنه وحتى نوعه ذكر أو أنثى
فقال الملك الأفضل على : خذ وقتك أيها الحكيم وائتنا بمقالة شاملة فى تدبير الصحة تكون دستورا فى الطب للملوك والعامة
************************
- قال : ابراهيم بن موسى الطبيب :
اجتمعت بأبى ومعى عدد من تلاميذه وكان أبى قد انتهى من تأليف كتاب السموم والتحرز من الأدوية القتالة وقد جمع الكتاب خلاصة علم السموم والتحرز منها عند السابقين وأضاف له بعض الاضافات من تجاربه فسألته :
يا حبر موسى أليس عجيبا أن تكون المادة الواحدة داء ودواء ؟
فقال والدى :إن الله جعل فى كثير من الأشياء خاصية النفع والضرر فالأدوية تعالج بعض الأمراض إذا أعطيت بمقدار وإذا أعطيت بمقدار أخر كانت سما يضر الأعضاء أو يميت المريض ومن ثم من لا يعرف الأزمنة والأدوية ولا تتميز له السموم عليه أن يتقن معرفتها بعلاماتها حتى لا يصيب الناس بالضرر والموت وهناك كلمة حكيمة قالها أبو بكر البحريّ: ما من شيء يضرّ إلا يحمل منفعة وحكوا أنه قيل لبعض الأطباء: إن قائلاً قال :: أنا مثلُ العقرب أضُر ولا أنفعُ. فقال :: ما أقلّ علمه بها، " إنها لتنفع إذا شُقّ بطنُها ثم شُئت على موضع اللّسعة؛ وقد تجعل في جوف فخار مشدود الرأس مُطيّن الجوانب ثم يُوضع الفخار في تَنُور فإذا صارت العقربُ رَماداً سُقِيَ من الرمادِ مقدارَ نصف دانق أو أكثر قليلاً مَنْ به الحصاةُ ففتّها من غير أن يضر بشيء من سائر الأعضاء والأخلاط. وقد تَلسعُ العقربُ مَن به الحمَى العتيقةُ فتُقلِعُ عنه. ولَسعتِ العقرب رجلاً مفلوجاً فذهب
فقال عبد اللطيف البغدادى : ألا تحدثنا عن من ألفوا فى السموم والتحرز من الأدوية القتالة ؟
فقال أبى الحبر موسى :
كثيرون ألفوا الكتب منهم هرمس الثالث الذى سكن مدينة مصر بعد الطوفان، وألف كتاب الحيوانات ذوات السموم وكان طبيباً فيلسوفاً وعالماً بطبائع الأدوية القتالة والحيوانات المؤذية، وكان جوالاً في البلاد طوافاً بها، عالماً بنُصبة المدائن وطبائعها وطبائع أهلها ومنهم ديسقوريدس من أهل عين زربة فى كتابه عن النبات حيث تحدث فى المقالة الرابعة فى كتابه عن أدوية أكثرها حشائش باردة، وعلى حشائش حارة مسهلة ومقيئة، وعلى حشائش نافعة من السموم وهو ختام المقالة
فقلت :وماذا أيضا؟
فأكمل كلامه قائلا :ومنهم روفس حيث ألف كتاب في التريقات والسموم، وعلاج السموم وتركيب الأدوية بحسب العلة والزمان، وقد بلغ من عزة هذا الكتاب عند جالينوس أن كتبه في ديباج أبيض بقز أسود وأنفق عليه جملة كثيرة و قد كتب يوحنا بن ماسويه كتاب السموم وعلاجه ولعيسى بن علي من الكتب كتاب السموم مقالتان ولشاناق من الكتب كتاب السموم، خمس مقالات، فسره من اللسان الهندي إلى اللسان الفارسي منكه الهندي، وكان المتولي لنقله بالخط الفارسي رجل يعرف بأبي حاتم البلخي فسره ليحيى بن خالد بن برمك؛ ثم نقل للمأمون على يد العباس بن سعيد الجوهري مولاه،
فقال ابراهيم العشائرى : وماذا عن كتب الصاحب أمين الدولة فى الطب؟
فقال أبى :للصاحب أمين الدولة من الكتب كتاب النهج الواضح في الطب، وهو من أجل كتاب صنف في الصناعة الطبية، وأجمع لقوانينها الكلية والجزئية، وهو ينقسم إلى كتب خمسة الكتاب الأول في ذكر الأمور الطبيعية والحالات الثلاث للأبدان وأجناس الأمراض، وعلائم الأمزجة المعتدلة والطبيعية والصحية للأعضاء الرئيسة وما يقرب منها، ولأمور غيرها شديدة النفع يصلح أن تذكر في هذا الموضع، ويتبعها بالنبض والبول والبراز والبحران الكتاب الثاني في الأدوية المفردة وقواها الكتاب الثالث في الأدوية المركبة ومنافعها الكتاب الرابع في تدبير الأصحاء وعلاج الأمراض الظاهرة وأسبابها وعلائمها، وما يحتاج إليه من عمل اليد فيها وفي أكثر المواضع ويذكر فيه أيضاً تدبير الزينة وتدبير السموم
فقال أبو الحجاج يوسف الاسرائيلى : يا حبر موسى إن السموم والمواد التى توقفها أو تمنع أثرها متنوعة أفلا يكون هناك ترياق شامل للسموم ؟
فقال الحبر موسى : حاول الحكماء فعل الترياق الشامل ففشلوا لأن الله جعل فى النبات والحيوان والمعدن والحشرات وغيرهم شفاء فمثلا يقول أصحاب الطبائع أن العسل إذا ديف بالماء وخلط معه زيتٌ أو دهن سمسمٍ نافعٌ لمن شرب السّموم والأدوية القاتلة يتقيأ به وتقول الأطباء في الفجل إنه مهيجّ للجماع زائد في المني، وبزره نافعٌ من السموم قالوا والفّجل هاضمٌ للطعام فإن أكل بزره بعسل كان دواء من السّعال والفواق وإذا شدخت قطعة فجل فطرحت على عقرب ماتت؛ وماؤه وبزره للسموم بمنزلة التّرياق. وإذا طلى أحدٌ يده بمائه ثم قبض على حيّةٍ و غيرها من الهوام لم يضارّ ذلك الموضع قالوا: وإن دقّ بزره مع الكندر وطلي به البهق الأسود في الحّمام أذهبه، وإن شرب ماء ورقه نفع من الأرقان الحادث من الطحال وقالوا فى حمّاض الأترج إن لطخ به الكلف والقوب أذهبه. وحبّ الأترج نافعٌ من السّموم التفاح وورق التفّاح الغضّ إن دقّ بالرّفق خمسةً أو ستةً ثم ضمد به الوشم قلعه من غير أن يقرح موضعه.
فقلت :من غرائب علاجات السموم أن العلاج الواحد قد ينفع مسموم وقد يقتل مسموم أخر بنفس المادة
فقال الحبر موسى : قيل لماسرجويه: نَجدُ ملسوعَ العقرب يُعالجَ بالاسفيوش فينفعه، وآخر يُعالج بالبندق فينفعه، وآخر يَشربُ الأنقاس فتنفعه، وآخر يأكلُ التفاحَ الحامضَ فينفعًه، وآخر يَطليه بالقِلْي والخل فيحمَدُه، وآخر يَعْصِبُ عليه الثومَ الحارَّ المطبوخَ، وآخر يُدخِلُ يده في مِرْجَلٍ حار لا ماء يه فيحَمدُه، وآخر يعالج بالنُّخَالة الحارّة فيحمدَها، وآخر يَحجِمُ ذلك الموضعَ فيحمَده، ثم رأيناه يتعالج بعدُ بذلك الشيءِ للسعة أخرى فلا يحمده! فقال :: لما اختلفت السّمومُ في أنفسها بالجنس والقدر والزمان، وباختلاف ما لاقاه اختلفَ الذي يوافقه على حسب اختلافه.
فقال عبد اللطيف البغدادى: احكى لنا يا معلم حكايات عن غرائب السموم وعلاجها
فقص أبى القصة التالية :
كان بعض الملوك يستعمل القرود فى معرفة السموم ومنهم ملوك السنلأ والهند في القرثة فتلك القرود كما يقال : يقرب المذابِّ لها على موائد الملوك لما في القرود من الخاصة بمعرفة السموم من المأكل والمشرب ويلقي الملك له من طعامه: فإن أكله أكل الملك منه، وإذ اجتنبه علم أنه مسموم فحفر منه، وقد حكى أبو الحسن علي الديلمي: سمعت الشيخ - يعني - ابن خفيف يقول: كنت في البادية، فأصابني السموم، ولم يكن معي ماء ولا زاد، فطرحت نفسي، ونمت كالسكران قال :: فانتبهت، وإذا عند رأسي قطعة تمر، وركوتي ملأى ماء، ففرحت، وتوهمت أنها آية ظهرت لي، فكنت أستقل بها حتى دخلت المدينة. ففي بعض الأيام كنت جالساً عند القبر، فإذا ببدويين دخلا المسجد، فقصدا القبر، فقال : أحدهما للآخر: هذا صاحبنا، فجاءا وسلما علي، وقال :ا: رأيناك في موضع كذا وكذا، وقد ضربك السموم، فحركناك فلم تنتبه، فتركنا عندك الماء والتمر. قال :: فقلت في نفسي: ما اصطدنا شيئاً، وخاب ظننا. فكان يمزح إذا حكى هذه الحكاية
فقال عبد اللطيف متسائلا: وما حكاية العظاءة ؟
فأجاب والدى: اعتقدوا أن السموم لما فرقت على الحيوانات، احتبست العظاية "العظاءة" عند التفرقة حتى نفذ السم، وأخذ كل حيوان قسطاً منه على قدر السبق إليه، فلم تنل العظاية نصيباً منه، فخسرته. لذلك صارت تمشي مشياً سريعاً ثم تقف، لما يعرض لها من التذكر والأسف على ما فاتها من السم.
فقال أبو الحجاج وما حكاية سجرة الغار ؟
فقال أبى الحبر موسى :
صوروا أسقليبيوس وجعلوا على رأسه إكليل متخذ من شجر الغار، لأن هذه الشجرة تذهب بالحزن، ولهذا نجد هرمس إذ سمي المهيب كلل بمثل هذا الإكليل، فإن الأطباء ينبغي لهم أن يصرفوا عنهم الأحزان كذلك كلل اسقليبوس بأكليل يذهب بالحزن، أو لأن الأكليل كان يعم صناعة الطب والكهانة، رأوا أنه ينبغي أن يكون الإكليل الذي يتكلل به الأطباء والمتكهنون إكليلاً واحداً بعينه؛ أو لأن هذه الشجرة أيضاً فيها قوة تشفي الأمراض، من ذلك أنك تجدها إذا ألقيت في بعض المواضع هربت من ذلك الموضع الهوام ذوات السموم وكذلك أيضاً النبت المسمى قونورا، وثمرة هذه الشجرة أيضاً وهي التي تسمى حب الغار، إذا مرخ بها البدن فعلت فيه شبيهاً بفعل الجند بيدستر
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عطيه الدماطى




المساهمات : 2104
تاريخ التسجيل : 18/01/2023

    رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون        رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Emptyالجمعة فبراير 17, 2023 7:13 pm

-
قال أحمد بن سيف الدين التمبكتى:
كنا نجلس على البسط تحت الأشجار الوارفة فى حديقة دار ابن سناء الملك مجموعة من الشعراء والفقهاء والطبيب موسى بن ميمون وأناس أخرين وكان أحدهم قد رقد وتمدد على الأرض ورجليه قد فتحهما متأوها فسأله ابن سناء الملك :
ألم تشف بعد من البواسير ؟
فقال الرجل وقد ظهرت على وجهه مظاهر الوجع :ألم شديد فى الصباح والمساء
فنظر القاضى ابن سناء الملك باتجاه الطبيب موسى وقال :
ألا تعالج لنا هذا المريض فتخلصه من آلامه ؟
فقام موسى من مكانه وجلس بالقرب من الرجل وقال :
سأفعل عندما يدخل الدار أو يأتينى فى دارى فأعد له ما شاء الله من علاج
فقال القاضى: حدثنا يا موسى عن البواسير ؟
فرد موسى : البواسير مرض يحدث فيه تمدد لعضلات الشرج بحيث ترتخى فلا تنقبض إلا بالمراهم والمياه والأبخرة وقد لا تنقبض فى الحالات السيئة ولا علاج لها ساعتها سوى القطع والكى
فقال القاضى : وبم تنصح المبسورين كهذا الرجل ؟
فقال موسى :أول شىء ألا يأكل شىء من المواد الحريفة الحارقة وثانى شىء أن يأكل خضار بكثرة لتسهيل عملية اخراج البراز وثالث شىء أن يرقد أو يجلس الرقدة أو الجلسة التى تريحه
فقال الفقيه أبو رمضان الأسوانى :
هل ذكرت لنا بعض العلاجات ؟
فأجاب موسى :
الأَمْلَجُ : " دَواءٌ " فارِسيٌّ " مُعرَّب" أَجْودُه الأَسودُ بارِدٌ في الدَّرَجة الثَّانية وهو يابِسٌ بلا خِلافِ وهو قابِضٌ لأَنّه يَشُدُّ تمدد العضلات : وقد ذكره ابن الجوزى في طيب الأَشباح ويقال : أن بلدة بصطام بها ماء مر ينفع إذا شرب منه على الريق من البخر وإذا احتقن به أبرأ البواسير الباطنة
فقاطعه الرجل المريض يكفيكم كلاما أريد علاجا سريعا
فقال موسى له :إن شاء الله أعد الدواء لك فى البيت ولكن لا تركب الدابة كما تعودت فإن ركوبها بالطريقة العادية يؤلم المبسور لأن عظم ظهر الدابة يجعل الشرج يحتك بما برز منه
فسأله الرجل : كيف أركبها إذا ؟
فرد موسى :اجعل مقعدتك فى جانب ورجليك معا فى الجانب الأخر
فسأل القاضى ما حكم صلاة المبسور؟
فقال أبو رمضان الأسوانى :
عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - قال : : « كانت بي بَواسيرُ ، فسألت النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة ؟ فقال : : صلِّ قائما ، فإن لم تستطع فقاعدا ، فإن لم تستطع فعلى جنْب » وفى رواية
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قال : أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ أَخْبَرَنَا حُسَيْنٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَأَلَ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - . أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ قال : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قال : سَمِعْتُ أَبِى قال : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ قال : حَدَّثَنِى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ - وَكَانَ مَبْسُورًا - قال : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَلاَةِ الرَّجُلِ قَاعِدًا فَقال : « إِنْ صَلَّى قَائِمًا فَهْوَ أَفْضَلُ ، وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ ، وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ » وفى رواية َحدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قال : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قال : حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ - وَكَانَ رَجُلاً مَبْسُورًا - وَقال : أَبُو مَعْمَرٍ مَرَّةً عَنْ عِمْرَانَ قال : سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَلاَةِ الرَّجُلِ وَهْوَ قَاعِدٌ فَقال : « مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهْوَ أَفْضَلُ ، وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ ، وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ » . قال : أَبُو عَبْدِ اللَّهِ نَائِمًا عِنْدِى مُضْطَجِعًا هَا هُنَا
فقال المريض : ولماذا ينقص أجرى فى شىء لم أفعله فى نفسى ؟
فقال أبو رمضان الأسوانى : الراوية الأولى لم تذكر شيئا عن نقصان الأجر وأما الروايات الأخرى فذكرت النقصان
فقال القاضى ابن سناء الملك : قال تعالى " ليس على المريض حرج " ومن ثم فالمريض أجره لا ينقص حسب الرواية الأولى وحسب قول الله تعالى لأن المريض غير مسئول عن إمراض نفسه وحكاية نقص أجره تناقض قوله تعالى " ألا تزر وزارة وزر أخرى " فهنا نعاقب المريض على شىء فعله الله به والله عدل لا يعاقب مريضا وإنما جعل نفقة المريض من طعام وشراب وعلاج وغير ذلك على أهله طوال فترة مرضه .
************************
- حكى ابراهيم بن موسى :
كان أبى يسهر الليل لتأليف بعض الكتب وكنت أعاونه فى ترتيب الكتب والموضوعات ولما كنت شغوفا بالطب فقد كنت أقرأ ما يكتبه منها وأحضر له الفصول والمقالات التى يطلبها من كتب الطب الأخرى وكان كتاب تنقيح الفصول من أعظم كتبه الطبية فقد مكث عدة سنوات يقرأ فى كتب القدماء جالينوس وأبقراط وكتب المسلمين كابن سينا حتى يتم الكتاب وكان قد أعد أولا رءوس الموضوعات التى سيكتب فيها وتحت كل رأس موضوع كان المطلوب منه هو تعريف الداء وفى أى أعضاء الجسم يحدث وأعراض المرض وأسباب المرض والعلاجات المكتوبة عند السابقين وفى النهاية كان يكتب الاضافات التى تعلمها من ممارساته الطبية وعلاجه للناس
وفى كل ليلة كان يتناول بالكتابة مرضا أو اثنين فيفتح كتب الأطباء على صفحة المرض ويطلب منى فتحها حتى يسرع فى الكتابة وكان ينقل من هنا وهناك وكان لا يكتب الكل وإنما المتشابهات لا يذكرها فإن انفرد أحدهم بذكر شىء ذكر المنفرد به واسمه
وفى النهاية كان كتاب تنقيح الفصول كتابا كبيرا كنت أتخذه إماما لى عند عملى فى الطب
*********************
- قال أحمد بن حسن الجولانى :
كنت فى درس من دروس الطب فى دكان الطبيب موسى بن ميمون ولما انتهى الدرس جالست الرجل وكان يدور فى عقلى سؤالا لا أجد له جواب حول أطباء الملك المظفر صلاح الدين فقلت :
يا معلم موسى ألا ترى شيئا عجيبا أن السلطان المظفر صلاح الدين معظم الأطباء فى ديوانه يهودا أو يهودا أعلنوا اسلامهم؟
فقال المعلم موسى : ليس هذا عجيبا فمعظم الأطباء فى العالم وعند الملوك أغلبهم من اليهود
فقلت : ائتمان السلطان المظفر صلاح الدين إياكم على حياته وحياة حاشيته يتناقض مع علمه أن القرآن ذمكم كيهود فأنتم فى القرآن لا تقيمون للمواثيق والعهود وزنا وتغدرون متى سنحت لكم الفرصة
فقال الرجل مبتسما : هل ذم القرآن كل اليهود ؟
فقلت : على حد علمى لم يذم اليهود الذين يعدلون لكونهم أسلموا
فقال المعلم موسى : ربما لم يجد أحد غيرنا يستعين به فاضطر لذلك
فقلت :إن هذا الأمر لعجيب .
***************************
- حدثنا على بن عطارد الحاسب قال : :
فى إحدى الليالى تجمعنا على تلة المقطم مجموعة من تلاميذ المعلم موسى بن ميمون وكانت ليلة القمر فيها بدر والنجوم تزين صفحة السماء وهى صافية فقال لنا المعلم :
اعلموا أن أمور الهيئة إذا قرأها وفهمها رجل تعليمى فقط فهو سيظن أنها برهان قاطع على أن صورة الافلاك وعددها هكذا وليس الأمر كذلك
فقال عبده بن بنيامين : هل هذا هدف علم الهيئة ؟
فأجاب :ليس هذا غرض علم الهيئة بل منها أمور برهانية أن كذلك كما تبرهن أن طريق الشمس طريق مائل عن معدل النهار وهذا لا ريب فيه وأما هل لها فلك خارج المركز أم لا فلك تدوير فلم يتبرهن وهذا مما لا يبالى به صاحب الهيئة لأن قصد هذا العلم فرض هيئة يمكن معها أن تكون حركة الكوكب واحدة دورية لا سرعة فيها ولا ابطاء ولا تغير ويكون اللازم من تلك الحركة موافقا لما يرى ويتوخى مع ذلك أن يقلل الحركات وعدد الأفلاك ما أمكن لأنه مثلا إذا استطعنا أن نفرض هيئة يصح معها المشاهد من حركات هذا الكوكب بثلاثة أفلاك وهيئة أخرى يصح معها ذلك بعينه بأربعة أفلاك فإن الأولى أن نعتمد على الهيئة القليلة عدد الحركات ولذا اخترنا فى الشمس خروج المركز على فلك التدوير كما ذكر بطليموس
فقال عيدروس التطيلى :يا معلم أو لابد أن نصدق قول بطليموس ؟
فقال المعلم :لكى نكذبه لابد أن نأتى بمقولة أخرى تفسر لنا الأمر تفسيرا يقنع العقل
فبحسب هذا الغرض لما أدركنا أن حركات الكواكب كلها الثابتة حركة واحدة لا تختلف ولا تتغير أوضاعها بعضها من بعض علمنا على أنها كلها فى فلك واحد ولا يمتنع أن يكون كل كوكب منها فى فلك وتكون حركاتها كلها واحدة وتلك الأفلاك كلها على أقطاب واحدة فتكون حينئذ العقول على عدد الكواكب كما قيل هل من عدد لجنوده يعنى لكثرتها لأن العقول والأجرام السماوية القوى كلها الجميع جنوده ولابد أن يحصر أنواعها عدد فحتى لو كان الأمر هكذا لما اختل علينا ترتيبنا فى كوننا عددنا فلك الكواكب الثابتة كرة واحدة كما أنا عددنا خمسة أفلاك الكواكب المتحيرة مع كثرة أفلاكها كرة واحدة اذ القصد قد فهمته انه انما نعد جملة القوة التى أدركناها فى الوجود إدراكا مجملا من غير مراعاة لتحرير حقيقة العقول والأفلاك
فقال عيدروس التطيلى : ها أنت أدخلت توراتك فى علم الهيئة بقولك " كما قيل هل من عدد لجنوده "
فقال بختيشوع بن حنين : هل قصدت أن علم الهيئة يدلنا على وجود الخالق ؟
فأجاب الحبر موسى :
المقصود كله أن الموجودات من دون البارى تعالى تنقسم لثلاثة أقسام
احدها العقول المفارقة والثانى الاجرام الفلكية التى هى موضوعات لصور ثابتة لا تنتقل الصورة فيها من موضوع لموضوع ولا يتغير ذلك الموضوع فى ذاته والثالث هذه الأجسام الكائنة الفاسدة التى تعمها مادة واحدة وان التدبير يفيض من الله تعالى على العقول على ترتيبها ومن العقول يفيض منها مما استفادته خيرات وأنوارا على أجسام الأفلاك ويفيض من الأفلاك قوى وخيرات على هذا الجسم الكائن الفاسد بعظيم ما استفادته من مبادئها
************************
- قالت عزوبة بنت رأوبين :
ذهبت أنا وسيدتى أم عمران إلى بيت استير بنت فاغالى وذلك للحديث والتسلية وقضاء بعض حاجات البيت فوجدنا بعض النسوة يجلسن فى الفناء أمامهن بعض الأوعية والصوانى عليها بعض أنواع الأطعمة التى تعد للطبخ ومعهن رجل يدعى ما شاء الله الهندى فسلمنا على الجالسات فسألت سيدتى أم عمران السيدة استير :
من هذا الرجل ؟
فقالت: إنه رجل يدعى ما شاء الله من الهند منجم يعرف ما يحدث فى المستقبل
وأخذنا المجلس وكلام الرجل عما يحدث لكل واحدة من الجالسات من زواج وطلاق وغنى ومرض وموت وطال المجلس حتى نسينا أمر عودة سيدى موسى للبيت فلما عاد لم يجد زوجته فسأل من فى البيت أين ذهبت فقالوا أنها ذهبت لبيت استير بنت فاغالى فأوجس فى نفسه خيفة أن يكون قد حدث حادث لسيدتى أو لغيرها من اليهود فعمد إلى دابته فركبها وأتى البيت فقرع الباب ففتحت له فتاة البيت فسألها:
عن أم عمران فقالت هى بالداخل فسألها أهى بخير ؟
فأجابت الفتاة إنها بالداخل مع النساء ومعهن منجم يحكى لهن ما يحدث فى المستقبل
ولما سمع كلمة منجم غضب ودخل ملقيا السلام ثم اتجه إلى الرجل حتى ظننت أنه سيمسك بتلابيبه ويضربه وقال للجالسات :
كذب المنجمون ولو صدقوا ألم تسمعوا قول النبى صموئيل" هَلْ مَسَرَّةُ الرَّبِّ بِالْمُحْرَقَاتِ وَالذَّبَائِحِ كَمَا بِاسْتِمَاعِ صَوْتِ الرَّبِّ؟ هُوَذَا الاسْتِمَاعُ أَفْضَلُ مِنَ الذَّبِيحَةِ، وَالإِصْغَاءُ أَفْضَلُ مِنْ شَحْمِ الْكِبَاشِ. 23لأَنَّ التَّمَرُّدَ كَخَطِيَّةِ الْعِرَافَةِ، وَالْعِنَادُ كَالْوَثَنِ وَالتَّرَافِيمِ. لأَنَّكَ رَفَضْتَ كَلاَمَ الرَّبِّ رَفَضَكَ مِنَ الْمُلْكِ».
إن النجامة وهى العرافة خطيئة كبرى يجب أن تتبن منها ثم اتجه بحديثه للرجل يقول الله فى كتابنا المقدس :
7لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِكَ بَاطِلاً، لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلاً." وأنت تقول الباطل ما دينك أيها الرجل ؟
فأجاب ما شاء الله : يهودى
فقال الحبر موسى : المفروض أنك تعرف أن العرافة والتنجيم خطية ومع هذا تفعلها
فقال ما شاء الله : إنها حرفتى التى أرتزق منها أنا وعيالى
فقال الحبر موسى : وتطعم أولادك وأهلك من حرام
فقال ما شاء الله : ما علمت لى حرفة أخرى أعمل بها
فقال الحبر موسى : إذا فاعلم أن خطيتك عقابها فى ديننا هى أن تعدم لأنك تكذب وتفترى على الرب ولو أن عندنا دولة يطبق فيه حكم الله لقتلناك ولكنك لما كنت جاهلا بحكم الخطية فإنك معذور
فسأله ما شاء الله : وماذا يجب على أن أفعل ؟
فأجاب الحبر موسى : تتعلم حرفة أخرى تأكل منها أنت وأهلك وعيالك
ثم اتجه الحبر موسى بحديثه للنسوة فقال : :
وأنتن تصدقن الكلام الكاذب وتضيعن المال على من يضحك عليكن وحتى تعلموا أن هذا الرجل الذى قال لكن عن ما يحدث لكن من الأحزان والسعادات لا يعرف شىء عما يحدث له نفسه بعد قليل فأنا أسأله عما سأفعل به بعد قليل فإن أجاب إجابة صحيحة سأقول لكن صدقنه ولكن إن لم يجب الاجابة الصحيحة فعلى كل واحدة أن تتعلم ألا تصدق عرافا ولا منجما
ثم قال لهن ادخلن للحجرة الكبرى فقمن ودخلن الحجرة وهو معهن فقال : بصوت خفيض : سأعطيه مالا يتاجر به فانظرن بعد قليل هل يعرف ذلك أم لا
ثم خرج وخرجن خلفه ثم اتجه إلى ماشاء الله بوجهه الذى كان جالسا فى مكانه لم يبرحه وقال :
ماذا سأفعل بك ؟
فقال ما شاء الله وهو متجهم : تضربنى أو تسلمنى للشرطة
فصاحت النساء :أيها الكاذب تحكى لنا عما يحدث لنا وأنت لم تعرف ما سيحدث لك
فقال الحبر موسى :لقد علمتن كذبه فتبن إلى الله وأنت أيها الرجل سأعطيك مالا تتاجر به فى أى سلعة من أقوات الناس وتنفق على نفسك وعلى عيالك ولكن إذا رزقك الله رزقا كثيرا فعليك أن تعيد المال لى
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عطيه الدماطى




المساهمات : 2104
تاريخ التسجيل : 18/01/2023

    رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون        رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Emptyالسبت فبراير 18, 2023 7:32 pm

قال محمود بن السيد القسطلانى :
لما استولى السلطان صلاح الدين على الكثير من مدن فلسطين وفى نهاية المطاف فتح بيت المقدس كان الطبيب موسى بن ميمون معه هو والأطباء الأخرين فى معسكرات حربه لمداواة الجنود وإسعاف الجرحى وبعد الانتصارات المتتالية لصلاح الدين فى فلسطين أصدر أمرا بمنع سكن النصارى واليهود فى الأراضى المحررة وعندما علم موسى بن ميمون بهذا الخبر حزن لأن السلطان المظفر صلاح الدين ساوى بين اليهود والنصارى رغم أن النصارى هم من احتلوا البلاد وقتلوا الناس مسلمين ويهود وأما اليهود فلم يفعلوا شيئا وقرر موسى ألا يفاتح السلطان على الفور كما قال لى ولكنه انتظر عدة شهور حتى بدأت الأمور تهدأ ثم دخل السلطان المظفر وهو فى حالة من الراحة فقال له وأنا حاضر معهم :
يا ملكنا الجليل وسلطاننا المظفر أريد أن أحدثك فى موضوع فهل تسمح لى ؟
فرد السلطان صلاح الدين : تكلم يا موسى
فقال موسى : أصدرت أمرا بمنع سكن اليهود لفلسطين
فقال السلطان صلاح الدين : هل تريد أن أسمح لكم بسكناها ؟
فقال موسى : أعرف أنه فى زمن الحرب تصدر قرارات تحرم الحلال أو تحلل الحرام للحفاظ على النصر والسؤال لك يا مولانا فى قرار منع السكن لماذا اليهود مع أنهم ضعفاء مساكين متفرقون لم يقتلوا مسلما وإنما قتلوا هنا مع المسلمين ؟
تنهد السلطان وقال : وماذا بعد يا موسى ؟
فرد موسى وهو يمسك بلحيته : ليس لليهودى غرض من التواجد فى فلسطين سوى أنه يريد أن يكون بجوار أو يزور مرقد الآباء والأجداد وأن يتذكر ما جرى على أرضها من قصص التوراة
فهز السلطان رأسه فأكمل موسى قائلا : كما أن وجود اليهود فى أرض فلسطين نافع للمسلمين فمهنة كمهنة الطب عدد اليهود بها كبير وسكان فلسطين لابد أنهم يحتاجون أطباء يقيمون بينهم فليس معقولا أن يسافر المرضى لمصر أو بقية الشام لطلب العلاج فيهلكوا قبل أن يجدوا الأطباء .
فقال السلطان صلاح الدين : صدقت فى هذه الكلمة ولكن أتعلم أنه رغم قتل اليهود مع المسلمين من قبل الصليبيين فى الشام هنا فإن الكثير من اليهود ساعدوا الصليبيين على احتلال الكثير من المدن والقرى من خلال الخيانة
فرد موسى : يا مولانا أعرف أن المسلمين يعتقدون أن كثير من اليهود إن لم يكن كل اليهود خونة وأعرف أن هذا الاعتقاد ورثه المسلمون من قصص اليهود مع النبى محمد فى المدينة وغيرها حيث كانوا يخونونه ويريدون قتله
فضحك السلطان وهز رأسه سعيدا : صلى الله عليه وسلم
فقال موسى :
ومع هذا فالنبى محمد ظل يعامل اليهود بالحسنى هو والمسلمين فصالح يهود خيبر على أن يعملوا فى الأرض ولم يطردهم فقط طردهم عندما قاموا بالخيانة من أرادوا قتله أو ساعدوا الكفار على حربه وأنا أريدك أن تقتدى بالنبى محمد فى هذا
فقال السلطان صلاح الدين : نعم هو قدوتى وقدوة المسلمين
فقال موسى :إذا افعل مثله واليهود الذين سيسكنون فلسطين لن يكونوا بالآلاف وإنما عشرات فقط ولا يمكن أن يجتمعوا على فعل خيانة لأنهم سيكونون متفرقين كل أسرة فى بلدة بعيدة عن الأخرى
فابتسم السلطان وقال :أتضمن عدم خيانتهم؟
فضحك موسى وقال :لا أضمن أحدا ولكن فرقتهم تضمن هذا ومع هذا اسمح لى أن أسألك ولا تؤاخذنى
فابتسم السلطان وقال : لا تخف تكلم ؟
فقال موسى : أقاربك وغير أقاربك من ملوك وأمراء المسلمين ألم تحدث منهم تحالفات مع الصليبيين ضد المسلمين طمعا فى توسيع الملك أو انتقاما من أخرين ؟
فهز السلطان رأسه وقال : صدقت
فقال موسى : أعرف أن النبى محمد فقاطعه السلطان عليه الصلاة والسلام فأكمل موسى قائلا: كما تحكى كتب الحديث عندكم قال : "لا يجتمع دينان فى جزيرة العرب "ولهذا تم اخراج اليهود والنصارى من الجزيرة ولكنها الجزيرة وليس الشام
فحك السلطان رأسه وقال :أصبحت فقيها فى ديننا يا موسى حقا لقد قال : جزيرة العرب ولم يقل هذا عن غيرها ومن ثم قرارى مخالف لوصية النبى صلى الله عليه وسلم ولكنه ليس مخالفا لقوله الحرب خدعة فمن ضمن الخدع منعى إياكم والنصارى من سكنى بلاد المسلمين التى لا يتواجد فيها حاليا سواهم
فتساءل موسى : يا مولانا هل هذا يعنى تمسكك بالقرار؟
فأجاب السلطان صلاح الدين :لا ولكن كما قلت أنت للضرورة حكم خاص كوجود الأطباء وسوف أصدر قرارا اليوم بإباحة سكن فلسطين لكم شرط ألا تتجمعوا للسكنى فى مكان واحد.
************************
-حدثنا عياش بن ياسر الحلبى :
قال لنا الحكيم موسى بن ميمون ونحن فى دكانه بالفسطاط أنه ينوى أن يؤلف كتابا يسمى الأمثال الطبية فسألناه وكنا جمعا من التلاميذ الذين يتعلمون الطب :
عن ماذا يتحدث هذا الكتاب ؟
فقال لنا الحكيم : إن الكتاب هو اختصار لكتب جالينوس الطبيب الحكيم اليونانى وهو اختصار جامع
فقلت: يا حكيم كيف يكون اختصارا ويكون جامعا لكل ما قاله الحكيم جالينوس ؟
فأجاب الحكيم : إن كثير من المؤلفين يظل يتكلم بكلام كثير عن شىء لا يتطلب أكثر من جملة واحدة أو عبارة واحدة
فقال ابراهيم ابن الحكيم موسى: ولكن يا معلم هذه طريقة تتطلب إحاطة ليس بكتب جالينوس وحدها ولكن بكتب كل الأطباء القدامى حتى تكون العبارات سليمة
فابتسم الحكيم وقال : : سيتم الاختصار فى ألف وخمسمائة جملة مفيدة كل منها لا يحتاج الواحد منكم معها إلى قراءة أصول كتب جالينوس ومن الجائز أن أضم لها مقالات من كتب أخرى
فقال عبد اللطيف البغدادى : سيكون هذا أفضل وأحسن لنا فبدلا من قراءة الكتب كلها ستجتمع كلها فى كتاب واحد لطيف
فقال الحكيم موسى : وبعد أن أتمه عليكم أن تراجعوه فإن رأى أحدكم غموضا فى كلمة أو شىء لا يفهمه أبلغنى حتى أعدل تلك الكلمات حتى تستغنوا بهذا الكتاب عن كل كتب جالينوس الستة عشر الَّتِي يقرأها المتطببون متوالية. كتاب الفرق كتاب الصناعة كتاب إِلَى طوثرن فِي النبض كتاب إِلَى اغلوقن فِي التأني لشفاء الأمراض كتاب المقالات الخمس فِي التشريح كتاب الاسطقصات كتاب المزاج كتاب القوى الطبيعية كتاب العلل والإعراض كتاب تعرف علل الأعضاء الباطنة كتاب النبض الكبير كتاب الحميات كتاب أيام البحران كتاب حيلة البرء كتاب التشريح الكبير كتاب اختلاف التشريح كتاب تشريح الحيوان الميت كتاب تشريح الحيوان الحي
فقلت يا حكيم :هل تنقل من اليونانية أم ستعتمد على ترجمات حنين وحبيش واصطفن وغيرهم ؟
فرد قائلا : المفترض أن أنقل من اليونانية مباشرة ولكن عدم إجادتى لها يجعلنى أعتمد على الترجمات
فتحرك عبد اللطيف البغدادى وقال : لا تؤاخذنى يا معلم فإن النصارى واليهود الذين ترجموا الكتب عن اليونانية كانوا يضيفون لها ما ليس فيها وينسبونها لليونان وهكذا حدثت اضافات عديدة تحمل الخرافات وخبرات بعض المترجمين الطبية
فهز الحكيم رأسه وقال : إن الترجمة أمانة ولكن كما حكى التاريخ كان غرض بعضهم جمع المال من الخلفاء والحكام الذين كانوا يزنون الكتب بالذهب والجوهر والدنانير والدراهم ومن ثم كانوا يضيفون الكثير من الكلام حتى يزيد وزن الكتاب.
*********************
- قال عمران بن موسى :
كنت مع أبى فى الليل نجلس على سطح البيت فى ضوء القمر فقلت له : يا والدى أراك فى كتبك الطبية تقول الخمر مفيدة للصحة إذا شربت باعتدال
فسألنى أبى: وماذا فى هذا ؟
فقلت : لم أرك مرة واحدة تشرب الخمر ولا رأيتك سكرانا فهل هذا تأثير الفترة التى كنت تظهر فيها الإسلام فى الأندلس والمغرب ؟
فقهقه بصوت خفيض وقال :
لا علاقة بفترة الاكراه على الإسلام بحكاية الخمر
فسألته مجددا : إذا لماذا تنصح الناس بشربها فى اعتدال ؟
فأجاب : يا بنى فى أسرتنا لم يكن أحد يشرب الخمر أو يذوقها فهذه عادة تعودت عليها مع جدك وجدتك
فسألته: وماذا عن حكم التوراة فى هذا ؟
فسكت برهة ثم قال لى : أنت ولدى وما دمت تريد الحقيقة فسأقولها لك
فتسرعت واستفهمته قائلا وما هى حقيقة الخمر فى الكتاب ؟
فقال : يا بنى نجد فى الكتاب نهى عن شرب الخمر ففى سفر الأمثال "لاَ تَكُنْ بَيْنَ شِرِّيبِي الْخَمْرِ، بَيْنَ الْمُتْلِفِينَ أَجْسَادَهُمْ، 21لأَنَّ السِّكِّيرَ وَالْمُسْرِفَ يَفْتَقِرَانِ، وَالنَّوْمُ يَكْسُو الْخِرَقَ" فهنا الخمر تتلف الجسد ومن ذلك اسوداد العيون كما ورد فى سفر التكوين "12مُسْوَدُّ الْعَيْنَيْنِ مِنَ الْخَمْرِ " كما أنها تجعل شاربها يأتى أفعال منكرة ككشف عورته أمام أولاده كما حدث مع نوح عليه السلام وقد حكت التوراة فى سفر التكوين هذا حيث قالت "21وَشَرِبَ مِنَ الْخَمْرِ فَسَكِرَ وَتَعَرَّى دَاخِلَ خِبَائِهِ. 22فَأَبْصَرَ حَامٌ أَبُو كَنْعَانَ عَوْرَةَ أَبِيهِ، وَأَخْبَرَ أَخَوَيْهِ خَارِجًا. 23فَأَخَذَ سَامٌ وَيَافَثُ الرِّدَاءَ وَوَضَعَاهُ عَلَى أَكْتَافِهِمَا وَمَشَيَا إِلَى الْوَرَاءِ، وَسَتَرَا عَوْرَةَ أَبِيهِمَا وَوَجْهَاهُمَا إِلَى الْوَرَاءِ. فَلَمْ يُبْصِرَا عَوْرَةَ أَبِيهِمَا. 24"
فقلت : بناء على هذا الخمر محرمة لأنها متلفة للجسم تغيب العقل فتجعل الانسان يرتكب المنكرات ولكن ألا ترى أن شرب الرسل للخمر شىء لا يقبله العقل فرجل الله لا يمكن أن يرتكب ما يرتكبه عامة البشر خاصة شرب الخمر والزنى لأنتك وأنت واحدمثلا من الناس لا تشربها فلا يمكن أن تكون أنت أعقل من رجل الله
فرد وقال : رجال الله ليسوا معصومين من الخطأ ولكن كلامك صادق فى الخمر والزنى ونجد فى التوراة بعدم شربها نصح ملاك الرب منوح وامرأته كما قص علينا سفر القضاة "13فَقال : مَلاَكُ الرَّبِّ لِمَنُوحَ: «مِنْ كُلِّ مَا قُلْتُ لِلْمَرْأَةِ فَلْتَحْتَفِظْ. 14مِنْ كُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ جَفْنَةِ الْخَمْرِ لاَ تَأْكُلْ، وَخَمْرًا وَمُسْكِرًا لاَ تَشْرَبْ، وَكُلَّ نَجِسٍ لاَ تَأْكُلْ. لِتَحْذَرْ مِنْ كُلِّ مَا أَوْصَيْتُهَا». 15
فسألته :هذا عن التحريم فما هو الجانب الأخر للحقيقة ؟
قال : الخمر مباحة بلا أى قيد فاليهودى عليها أن يشترى الخمر والمسكر بفضته فقد ورد فى سفر التثنية "26وَأَنْفِقِ الْفِضَّةَ فِي كُلِّ مَا تَشْتَهِي نَفْسُكَ فِي الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالْخَمْرِ وَالْمُسْكِرِ وَكُلِّ مَا تَطْلُبُ مِنْكَ نَفْسُكَ، وَكُلْ هُنَاكَ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ وَافْرَحْ أَنْتَ وَبَيْتُكَ. 27وَاللاَّوِيُّ الَّذِي فِي أَبْوَابِكَ لاَ تَتْرُكْهُ، لأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قِسْمٌ وَلاَ نَصِيبٌ مَعَكَ."
فضحكت وقلت أهذه الحقيقة كاملة؟
فرد قائلا : يا بنى لا هناك جانب أخر فالخمر محرمة فى مكان معين هو خيمة الاجتماع كما قص علينا سفر التكوين "وَكَلَّمَ الرَّبُّ هَارُونَ قَائِلاً: 9«خَمْرًا وَمُسْكِرًا لاَ تَشْرَبْ أَنْتَ وَبَنُوكَ مَعَكَ عِنْدَ دُخُولِكُمْ إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ لِكَيْ لاَ تَمُوتُوا. فَرْضًا دَهْرِيًّا فِي أَجْيَالِكُمْ 10وَلِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْمُقَدَّسِ وَالْمُحَلَّلِ وَبَيْنَ النَّجِسِ وَالطَّاهِرِ، 11وَلِتَعْلِيمِ بَنِي إِسْرَائِيلَ جَمِيعَ الْفَرَائِضِ الَّتِي كَلَّمَهُمُ الرَّبُّ بِهَا بِيَدِ مُوسَى». والموت عقاب من يشربها كما سمعت وهى محرمة فى حالة النذر كما ورد فى نفس السفر " وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً: 2«كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمْ: إِذَا انْفَرَزَ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ لِيَنْذُرَ نَذْرَ النَّذِيرِ، لِيَنْتَذِرَ لِلرَّبِّ، 3فَعَنِ الْخَمْرِ وَالْمُسْكِرِ يَفْتَرِزُ، وَلاَ يَشْرَبْ خَلَّ الْخَمْرِ وَلاَ خَلَّ الْمُسْكِرِ، وَلاَ يَشْرَبْ مِنْ نَقِيعِ الْعِنَبِ، وَلاَ يَأْكُلْ عِنَبًا رَطْبًا وَلاَ يَابِسًا. 4كُلَّ أَيَّامِ نَذْرِهِ لاَ يَأْكُلْ مِنْ كُلِّ مَا يُعْمَلُ مِنْ جَفْنَةِ الْخَمْرِ مِنَ الْعَجَمِ حَتَّى الْقِشْرِ"
نظر للقمر والنجوم وسكت بعدهن فقلت له يا والدى أهذه الحقيقة كلها ؟
فقال : من يدرس الموضوع يجد أن وضع الخمر فى خرفان التقدمة واجب بمقدار معين كما ذكر الكتاب «وَهذَا مَا تُقَدِّمُهُ عَلَى الْمَذْبَحِ: خَرُوفَانِ حَوْلِيَّانِ كُلَّ يَوْمٍ دَائِمًا. 39الْخَرُوفُ الْوَاحِدُ تُقَدِّمُهُ صَبَاحًا، وَالْخَرُوفُ الثَّانِي تُقَدِّمُهُ فِي الْعَشِيَّةِ. 40وَعُشْرٌ مِنْ دَقِيق مَلْتُوتٍ بِرُبْعِ الْهِينِ مِنْ زَيْتِ الرَّضِّ، وَسَكِيبٌ رُبْعُ الْهِينِ مِنَ الْخَمْرِ لِلْخَرُوفِ الْوَاحِدِ. 41وَالْخَرُوفُ الثَّانِي تُقَدِّمُهُ فِي الْعَشِيَّةِ. مِثْلَ تَقْدِمَةِ الصَّبَاحِ وَسَكِيبِهِ تَصْنَعُ لَهُ "
فقلت هذا يعنى أنك تتهم الكتاب بالتناقض
فابتسم وقال : نحاول ترقيع الأخطاء بالتفسير والتأويل المجازى لبعض الاختلافات والتناقضات ولكن لا يوجد تحت السماء ما هو أفضل لنا منه
فضحكت وقلت : زعيم اليهود يشكك فى كتاب اليهود
فأمسكنى من الخلف وقال : يا بنى نحن نبحث عن الحق والحقيقة ومع هذا لا نجد الحقيقة كاملة

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عطيه الدماطى




المساهمات : 2104
تاريخ التسجيل : 18/01/2023

    رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون        رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون  Emptyالأحد فبراير 19, 2023 7:26 pm

حدثنا الفيلسوف المجهول :
بلغنى أن مجموعة من دارسى الفلسفة من أديان متعددة اجتمعوا فى دار ابن ميمون بالشام منهم اليهودى والمسلم والمجوسى والنصرانى والصابىء والوثنى والملحد ذات ليلة وكان غرض الاجتماع فى تلك الليلة الاجابة على سؤال هل يمكن أن يوجد شىء يرجع له البشر فلا يختلفوا فقال الملحد عيسى بن على :
تعرفون أننى اعتنقت أديانكم أو بحثت فى أديانكم كلها ومع هذا وجدت فى كل دين أو فى معظم الأديان شىء غريب
فتساءل موسى بن ميمون: ما هذا الشىء الغريب ؟
فقال الملحد عيسى بن على : قبل أن أجيب هناك الشىء المتفق عليه بيننا وهو أن الكل يتفق أن الحمار حمار والكلب كلب والأحمر أحمر والأسود اسود والدينار دينار والأسد أسد فنحن نتفق على الأمور الظاهرة لحواسنا ولكن عندما نأتى لأى شىء غائب عن الحواس نبدأ فى الاختلاف مثل الله والملائكة والجن
فقال أحمد بن السيد الماوردى : هذا هو العلم بظاهر الحياة الدنيا
فقال بختيشوع بن لوقا : لكن بما أننا ندرس الفلسفة فحتى تلك الأمور الظاهرة التى نتفق عليها من الممكن أن نختلف فيها
فقال الملحد عيسى بن على : دعك من الجدال العقيم فنحن لا نتحدث عن الفلاسفة وانما عن العامة فهم لا يختلفون فى ذلك
فقال موسى بن ميمون : حدثنا إذا عن الغريب فى الأديان
فرد الملحد : إن كتاب الدين الحق موجود فى مكان ما لا يمكن تحريفه
فقال : بختيشوع بن لوقا: هذا قول انجيل متى " 17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأرض لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ" فالناموس وهو الكتاب لا يمكن أن تزال منه نقطة أو حرف
فقال الملحد : ولكنه ليس كتابكم المحرف المتناقض إنه كتاب الوحى الحقيقى
فقال موسى بن ميمون: وهو أيضا فى سفر التثنية "1وَأَوْصَى مُوسَى وَشُيُوخُ إِسْرَائِيلَ الشَّعْبَ قَائِلاً: «احْفَظُوا جَمِيعَ الْوَصَايَا الَّتِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا الْيَوْمَ. 2فَيَوْمَ تَعْبُرُونَ الأُرْدُنَّ إِلَى الأرض الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، تُقِيمُ لِنَفْسِكَ حِجَارَةً كَبِيرَةً وَتَشِيدُهَا بِالشِّيدِ، 3وَتَكْتُبُ عَلَيْهَا جَمِيعَ كَلِمَاتِ هذَا النَّامُوسِ، حِينَ تَعْبُرُ لِكَيْ تَدْخُلَ الأرض الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، أَرْضًا تَفِيضُ لَبَنًا وَعَسَلاً، كَمَا قال : لَكَ الرَّبُّ إِلهُ آبَائِكَ. 4حِينَ تَعْبُرُونَ الأُرْدُنَّ، تُقِيمُونَ هذِهِ الْحِجَارَةَ الَّتِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا الْيَوْمَ فِي جَبَلِ عِيبَالَ، وَتُكَلِّسُهَا بِالْكِلْسِ. 5وَتَبْنِي هُنَاكَ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ إِلهِكَ، مَذْبَحًا مِنْ حِجَارَةٍ لاَ تَرْفَعْ عَلَيْهَا حَدِيدًا. 6مِنْ حِجَارَةٍ صَحِيحَةٍ تَبْنِي مَذْبَحَ الرَّبِّ إِلهِكَ، وَتُصْعِدُ عَلَيْهِ مُحْرَقَاتٍ لِلرَّبِّ إِلهِكَ. 7وَتَذْبَحُ ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ، وَتَأْكُلُ هُنَاكَ وَتَفْرَحُ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ. 8وَتَكْتُبُ عَلَى الْحِجَارَةِ جَمِيعَ كَلِمَاتِ هذَا النَّامُوسِ نَقْشًا جَيِّدًا» فالتوراة كتبت فى مكان المذبح ونسخت من المذبح نسخ وهو قول سفر يشوع "وَكَتَبَ مُوسَى هذِهِ التَّوْرَاةَ وَسَلَّمَهَا لِلْكَهَنَةِ بَنِي لاَوِي حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ، وَلِجَمِيعِ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ. 1"
فقال : الماوردى : وهو قول الله فى القرآن فى سورة فصلت "وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه "وقوله فى سورة الواقعة "أنه لقرآن كريم فى كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون " فالكتاب لا يمكن تحريفه
فقال بهتر فال : فى كتاب البها غافاد غيتا أو أنشودة المولى عند الهندوس كلمات مماثلة " ليس لغيرالحقيقى كيان والحقيقى موجود أبدا بلا انقطاع هذه الحقيقة الساطعة التى يدركها الذين رأوا الحقيقة المطلقة " وعندهم أيضا "وإنسان دون فكر ثابت لن يجد الراحة والسلام ومن دون الراحة والسلام هل من الممكن أن ننعم بالسعادة ؟" فالحقيقة الساطعة أى الفكر الثابت يجد معه الناس السعادة وبالقطع هم فى مكان ما من الأرض
فقال الملحد عيسى : وعند البوذيين شجرة الحقيقة المقدسة التى تخبر الانسان بالحقيقة
فقال المجوسى وفى كتاب الافستا نجد نفس فكرة الكتاب أو الأرض التى بها الحقيقة التى لا خلاف عليها
فقال جورجيوس بن حنين : وهيكل اسقلبيوس الذى كان فيه صورة تكلمهم الناس وتجيبهم على كل سؤال
فقال الملحد عيسى بن على وهو يتنهد : كل من يصنع شيئا يضع كتابا يبين فيه تركيب المصنوع وكيفية اصلاحه إذا فسد
فقال موسى ضاحكا :أليس غريبا أنك لا تؤمن بالله ومع هذا تبحث عن الحق الذى أنزله ؟
فقال الملحد : تهت فى بحار الأديان والإنكار والإيمان فالله لو كان موجودا لا يمكن أن يخلقنا ويتركنا بلا كتاب شامل لكل مناحى حياتنا مفصل فيه الأحكام كلها تفصيلا بحيث لا نختلف أبدا هذا الكتاب لابد أن يكون محفوظا مصانا من أيدى كل الخلق
فقال أبو عبد الله الشيعى : أخبرنا أبوجعفر محمد بن يعقوب قال :: حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الحسن بن إبراهيم، عن يونس بن عبدالرحمن، عن علي بن منصور قال : قال : لي هشام بن الحكم: كان بمصر زنديق تبلغه عن أبي عبدالله عليه السلام أشياء فخرج إلى المدينة ليناظره فلم يصادفه بها وقيل له إنه خارج بمكة فخرج إلى مكة ونحن مع أبي عبد الله فصادفنا ونحن مع أبي عبد الله عليه السلام في الطواف وكان اسمه عبد الملك وكنيته أبو عبد الله فضرب كتفه كتف أبي عبدالله عليه السلام، فقال : له أبو عبد الله عليه السلام: ما اسمك؟ فقال :: اسمي عبد الملك، قال :: فما كنيتك؟ قال :: كنيتي أبو عبد الله، فقال : له أبو عبد الله عليه السلام: فمن هذا الملك الذي أنت عبده؟ أمن ملوك الأرض أم من ملوك السماء؟ وأخبرني عن ابنك عبد إله السماء أم عبد إله الأرض؟ قل: ما شئت تخصم قال : هشام بن الحكم: فقلت للزنديق أما ترد عليه، قال :: فقبح قولي فقال : أبو عبد الله: إذا فرغت من الطواف فأتنا فلما فرغ أبو عبد الله أتاه الزنديق فقعد بين يدي أبي عبد الله ونحن مجتمعون عنده، فقال : أبو عبد الله عليه السلام للزنديق: أتعلم أن للارض تحتا وفوقا؟ قال :: نعم، قال : فدخلت تحتها؟ قال :: لا، قال :: فما يدريك ما تحتها؟ قال :: لا أدري إلا أني أظن أن ليس تحتها شئ، فقال :: أبو عبد الله عليه السلام فالظن عجز، لما لا تستيقن؟ ثم قال : أبو عبد الله: أفصعدت السماء؟ قال :: لا، قال :: أفتدري ما فيها؟ قال :: لا، قال :: عجبا لك لم تبلغ المشرق ولم تبلغ المغرب ولم تنزل الأرض ولم تصعد السماء ولم تجز هناك فتعرف ما خلفهن وأنت جاحد بما فيهن وهل يجحد العاقل ما لا يعرف؟ ! قال : الزنديق: ما كلمني بهذا أحد غيرك، فقال : أبو عبد الله عليه السلام: فأنت من ذلك في شك فلعله هو ولعله ليس هو؟ فقال : الزنديق: ولعل ذلك، فقال : أبو عبد الله عليه السلام: أيها الرجل ! ليس لمن لا يعلم حجة على من يعلم ولا حجة للجاهل يا أخا أهل مصر ! تفهم عني فإنا لا نشك في الله أبدا أما ترى الشمس والقمر والليل والنهار يلجان فلا يشتبهان و يرجعان، قد اضطرا ليس لهما مكان إلا مكانهما، فإن كانا يقدران على أن يذهبا فلم يرجعان؟ وإن كانا غير مضطرين فلم لا يصير الليل نهارا والنهار ليلا؟ اضطرا والله يا أخا أهل مصر إلى دوامهما والذي اضطرهما أحكم منهما وأكبر، فقال : الزنديق: صدقت، ثم قال :: أبو عبد الله عليه السلام يا أخا أهل مصر إن الذي تذهبون إليه وتظنون أنه الدهر إن كان الدهر يذهب بهم لم لا يردهم وإن كان يردهم لم لا يذهب بهم؟ القوم مضطرون يا أخا أهل مصر لم السماء مرفوعة والأرض موضوعة لم لا يسقط السماء على الأرض، لم لا تنحدر الأرض فوق طباقها ولا يتماسكان ولا يتماسك من عليها؟ قال : الزنديق: أمسكهما الله ربهما وسيدهما، قال :: فآمن الزنديق على يدي أبي عبد الله عليه السلام
فقال الملحد : مشكلتنا كباحثين عن الحق أننا نبحث فى الكتب ونبحث فى عقولنا عن الحقيقة بينما الحقيقة لا يمكن أن نصل لها بكتب الناس ولا حتى بعقولهم الحقيقة موجودة فى مكان ما من هذه الأرض مكتوبة لا يمكن تحريفها ومن ثم فنحن جميعا نبحث فى الجانب الخطأ
فقال موسى : وماذا تقترح أن يكون هذا المكان ؟
فأجاب الملحد المؤمن: هو مكان مقدس لا يمكن أن ترتكب فيه أى جريمة
فقال : محمد بن محمود السكندرى : البيت الحرام كما قال : تعالى " ومن يرد فيه بظلم بإلحاد نذقه من عذاب أليم "
فضحك موسى وقال : لو كانت كعبتكم فليس فيها هذا النص فكم من معارك أسفرت عن قتلى وجرحى جرت فيها وتم هدمها فلو كانت هى لكان فيها الكتاب الذى يزعم عيسى هذا وجوده وكعبتكم ليس فيها هذا الكتاب
فقال محمد السكندرى : خسئت يا موسى
فقال الملحد المؤمن : تعبت ولن أكمل حياتى فى هذا العبث فى دراسة الكتب والعلوم فسأسافر فى نواحى المسكونة لعلى أجد هذا المكان المقدس الذى ترتاح فيه النفس وتخلد للسكينة والسلام
***********************
قال : هارون بن رابى اليعازر :
بسبب عمله اليومى فى القيام بواجباته نحو السلطان صلاح الدين الأيوبى وعمله فى علاج المرضى يوميا حتى ساعات متأخرة من الليل فقد حل التعب بالحبر موسى نتيجة العمل المستمر ليلا ونهارا ومن ثم بدأت تظهر عليه مظاهر التعب وهو ما أدركه وزير صلاح الدين الأيوبى القاضى الفاضل ومن ثم طلبا منه أن يرفق بنفسه ولكنه تعود على ذلك العمل فحدث الوزير سلطانه صلاح الدين فى وجوب اراحة الرجل من العمل ومن ثم أمره السلطان أن يفعل فيه ما يريد لكى يريحه من تعبه فافترض الوزير له معاشا يتعيش منه وأعفاه من مهمة طبيب السلطان التى كان يضيع فيها أكثر من نصف نهاره فيه ذاهبا وآيبا ما بين القاهرة والفسطاط ومع هذا فإن الرجل ظل طبيبا للسلطان ولابنه عليا من بعده ولكن فى الحالات التى كان غيره من الأطباء فى القصر يعجزون عن علاجها
وقد طلب منه الوزير أن يطلب ما يريد فى أى وقت منه أو من السلطان بسبب خدماته التى أسداها للكل فى البلاط الأيوبى .
*******************************
- قال ابراهيم بن موسى :
لما بلغ الحبر الجليل التاسعة والستين من عمره بدأ يشعر باقتراب أجله وكان فى نهاية عمره يكثر من قراءة التوراة فكان أن جمع أهله ذات يوم وأوصاهم قائلا :
إذا مت فأنا أوصيكم أن تدفنونى فى طبرية بأرض فلسطين
فابتسمت فى وجهه وقلت بعد عمر طويل
فقال : يا ابراهيم ما فات من العمر لن يأتى مثله فنفذ وصيتى
فسألته ولماذا طبرية ؟
فأجاب وهو ينظر لى باسما :
هناك حيث الآباء والأجداد الصالحون يرقدون
فقلت : أليست أورشليم المدينة المقدسة حيث دفن الكثير من رسلنا وصالحينا أيضا وهى مدينة الله
فضحك وقال : أنت تذكرنى بقول المسيح الكاذب :أورشليم يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين
فضحكت وقلت : ولماذا تصدقه فى هذه المقولة ؟
فظل يضحك وعاش بعدها شهورا ونقلت رفاته من مصر ودفنته بجوار بحيرة طبرية وقبره هناك ما زال
.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
رواية حكايات المجنون فى سيرة موسى بن ميمون
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» رواية محاكى الأرض رقم واحد
» مناقشة لبحث اللغز المنقوش وثنائية موسى/الدجال
» خواطر حول رواية نعاس لهارواكى مورا كامى
» نقد رواية ميرامار
» رواية مدرستى أو مدرستنا

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
دين الله الإسلام :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول :: منتدى القرآن :: المنتدى الأدبى-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: