قال فارص بن عمودا:
كنت مع الحكيم موسى بن ميمون فى دار القس عمانويل فى انطاكية وبعد أن تناولنا طعام الغداء أحضروا لنا الفاكهة وبعد هذا قال : القس عمانويل لنا :
نحن نؤمن بالكتابين وأنتم تؤمنون بكتاب واحد
فقال الحبر موسى :نحن موحدون وأنتم مشركون تشركون يسوع وأمه أو يسوع والروح القدس مع الله فى الألوهية
فقال : القس الثلاثة واحد يا موسى
فقال : الحبر عهدكم الجديد يقول أن الله واحد أحد ومع هذا أنتم جعلتموه شركة مكونة من ثلاثة والواحد الأحد لا يتكون من أجزاء
فقال القس : الوحى واحد إذا كما تقول فما قاله الكتاب الأول قاله الكتاب الثانى
فقال : الحبر موسى :لو فتحنا الكتابين سنجد بينهما اختلاف يجعل كل منهما يكذب الأخر
فقال : القس عمانويل : مثل ماذا ؟
فقال : الحبر موسى : قال : سفر الملوك الثانى التوراتى "وكان عند إصعاد الرب إيليا فى العاصفة إلى السماء"(2-1)و"فصعد إيليا فى العاصفة للسماء "(2-11)وصعود إيليا فى كتابنا يناقض أن الوحيد الذى صعد للسماء هو يسوع ابن الإنسان كما بإنجيل يوحنا "وما صعد أحد إلى السماء إلا الذى نزل من السماء وهو ابن الإنسان الذى هو فى السماء "(3-13)
فقال : القس متعجبا وماذا أيضا ؟
فقال : الحبر موسى :
قال : سفر التكوين عندنا "وعاش أرفكشاد بعدما ولد شالح 403 سنين وولد بنين وبنات وعاش شالح ثلاثين سنة وولد عابر "(11: 13-14 )ومثله أخبار الأيام الأول (1-18)فهنا شالح بن أرفكشاد وهو ما يناقض أن كتابكم قال : شالح هو ابن قينان وجده أرفكشاد فى قول إنجيل لوقا"بن عابر بن شالح بن قينان بن أرفكشاد "(3: 35-36)
فقال : القس هل توجد أمور أخرى نخالف فيها التوراة الانجيل ؟
فأجاب الحبر موسى :
قال : سفر التكوين "جميع نفوس بيت يعقوب التى جاءت إلى مصر سبعون "(46-27وهو ما يناقض أنهم خمسة وسبعين فى كتابكم فى قول سفر أعمال الرسل فى الإنجيل "واستدعى يوسف والده يعقوب ولإخوته وعائلاتهم إلى مصر وكانوا خمسة وسبعون "(7-14)
وقال : سفر الخروج "لا يكن لك آلهة أخرى أمامى "(20-3 ) فهنا الله وحده الرب وهو ما يناقض كون المسيح ربا أخر كما قال : سفر الرؤيا الإنجيلى "ولكن الحمل يهزمهم لأنه رب الأرباب وملك الملوك"(17-14)
وقال : سفر الخروج "فجاء موسى ...فأخذ موسى نصف الدم ووضعه فى الطسوس ونصف الدم رشه على المذبح ....وأخذ موسى الدم ورش على الشعب "(24: 3-
فهنا من رش عليهم المذبح والشعب وهو ما يناقض رشه على كتاب الشريعة وخيمة العبادة وأدواتها فى قول رسالة إلى العبرانيين "فمعلوم أن موسى بعد تلاوة وصايا الشريعة كلها على الشعب أخذ دم العجول والتيوس مع بعض الماء ورشه على كتاب الشريعة وعلى أفراد الشعب ...وقد رش موسى الدم أيضا على خيمة العبادة وعلى أدوات الخدمة التى فيها "(9:19-21)فالمشترك هو الرش على الشعب فقط
وقال : سفر هوشع "أول ما كلم الرب هوشع قال : الرب لهوشع اذهب خذ لنفسك امرأة زنى وأولاد زنى "(1-2)فهنا الأمر بزواج الزانيات وهو ما يناقض النهى عن زواج الزانيات بقول إنجيل متى "وسمعتم أنه قيل لا تزن أما أنا فأقول لكم كل من ينظر إلى امرأة بقصد أن يشتهيها فقد زنى بها فى قلبه "(5 :27-28)
وقال : سفر العدد "وكان الذين ماتوا بالوباء 24 ألفا "(25-9)وهو ما يناقض أنهم ثلاثة وعشرين ألفا فى قول الرسالة إلى مؤمنى كورنثوس الأولى"فسقط فى يوم واحد 23 ألفا"(10-
وقال : سفر صموئيل الأول "فجاء داود إلى نوب إلى أخيمالك الكاهن فاضطرب أخيمالك عند لقاء داود وقال : له لماذا أنت وحدك وليس معك أحد ... فأعطاه الكاهن المقدس لأنه لم يكن هناك خبز إلا خبز الوجوه المرفوع من أمام الرب لكى يوضع خبز سخن فى يوم أخذه "(21-1 : 7) وهذا يناقض كون اسم الكاهن أبيأثار ووجود مرافقين لداود (ص)فى قول إنجيل مرقس"أما قرأتم ما فعله داود ومرافقوه عندما احتاجوا وجاعوا كيف دخل بيت الله فى زمان أبيأثار رئيس الكهنة وأكل خبز التقدمة "(2: 25-26)
وقال : سفر أخبار الأيام الثانى "لأنه ليس إنسان لا يخطىء"(6-36)وهو ما يناقض أنه هناك ناس لا يخطئون فى رسالة يوحنا الأولى"فكل مولود من الله لا يمارس الخطيئة "(3-9)والمراد يسوع ابن الإنسان
وقال : سفر أخبار الأيام الثانى "ولبس روح الله زكريا بن يهوداع الكاهن "(24-20 )فهنا والد زكريا(ص)يهوداع وهو ما يناقض كونه برخيا فى إنجيل متى "إلى دم زكريا بن برخيا "(23-35 ) وأيضا زكريا بن برخيا فى سفر زكريا "زكريا بن برخيا "(1-1)
فقال : القس عمانوئيل : لأول مرة أسمع هذا الكلام وسوف أعرضه على رؤسائى للتدارس
****************************
- قال أحمد بن محمد السوقى:
حضرت فى دمشق بالشام مجلسا ضم العديد ممن يشتغلون بالفلسفة وكان منهم القس عمانوئيل والحبر موسى بن ميمون وجماعة من المسلمين واليهود والصابئة والنصارى وغيرهم وكان السؤال المطروح :
هل هناك نعيم جسدى فى الآخرى ؟
فبدأ عمانوئيل قائلا :
إن العذاب جسدى لسماع صرير الأسنان والبكاء فى جهنم ومن ثم فالنعيم فى الجنة يكون جسدى أيضا
فقال موسى : إن النعيم الجسدى هو أمر غير مفيد للناس
فقال المتفلسف المسلم احمد بن عبده : لو افترضنا أنه غير مفيد فقولك بالنعيم الروحى يعنى أنه لا خلود فى الجنة أو فى النار
فقال موسى : النعيم الروحى لا ينتهى
فقال أحمد :النعيم الروحى ينتهى لأنه هو المعرفة والمعرفة عند الله شاملة يعطيها للإنسان مرة وساعتها ينتهى كل شىء بالمعرفة فلا يطلبها الانسان مرة أخرى وأما النعيم الجسدى فيتطلب التكرار فالأكل والشرب والجماع واللبس أفعال لا تنتهى بينما المعرفة الواضحة التى لا لبس فيها كمعارفنا فى الدنيا وهى علم الله تجعل القلب يسكن ويطمئن فلا يطلب شىء
فبدأ موسى فى السخرية قائلا :
كلام نبيكم فى المتع يثير الضحك فكيف يرى مخ السيقان من وراء العظام واللحم وما الفائدة من رؤيته إن الانسان يتمتع بمنظر الجسم وليس بما فى داخله من دماء وجلد وغيره مما يثير القرف وهو قولهم عند البخارى حدََّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ هِلاَلٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى عَمْرَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - « أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ، وَالَّذِينَ عَلَى آثَارِهِمْ كَأَحْسَنِ كَوْكَبٍ دُرِّىٍّ فِى السَّمَاءِ إِضَاءَةً ، قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، لاَ تَبَاغُضَ بَيْنَهُمْ وَلاَ تَحَاسُدَ ، لِكُلِّ امْرِئٍ زَوْجَتَانِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِنَّ مِنْ وَرَاءِ الْعَظْمِ وَاللَّحْمِ » .
والأهم والمثير للشفقة أن المخ يرى مرة أخرى ليس من وراء العظم واللحم وإنما وراء الثياب وهو قولهم الذى رواه مسند أحمد:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قال : « لِلرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ زَوْجَتَانِ مِنَ حُورِ الْعِينِ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ سَبْعُونَ حُلَّةً يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ الثِّيَابِ »
سبعون حلة ومع هذا تتم الرؤية فلو وضعنا سبعون ثوبا شفافا فوق بعضهم فإن الشفافية تختفى من سمكهن؟
فقال أحمد: ولكن كتابكم يقول فى سفر التكوين " 15وَأَخَذَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ وَوَضَعَهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَهَا وَيَحْفَظَهَا. 16وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ قَائِلاً: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً، 17وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ».فهنا فى الجنة شجر يتم الأكل منه فكيف تنكر وجود نعيم جسدى ؟
كما يقول فى سفر اشعيا لأَنِّي هأَنَذَا خَالِقٌ سَمَاوَاتٍ جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً، فَلاَ تُذْكَرُ الأُولَى وَلاَ تَخْطُرُ عَلَى بَال. 18بَلِ افْرَحُوا وَابْتَهِجُوا إِلَى الأَبَدِ فِي مَا أَنَا خَالِقٌ، لأَنِّي هأَنَذَا خَالِقٌ أُورُشَلِيمَ بَهْجَةً وَشَعْبَهَا فَرَحًا. 19فَأَبْتَهِجُ بِأُورُشَلِيمَ وَأَفْرَحُ بِشَعْبِي، وَلاَ يُسْمَعُ بَعْدُ فِيهَا صَوْتُ بُكَاءٍ وَلاَ صَوْتُ صُرَاخٍ. 20لاَ يَكُونُ بَعْدُ هُنَاكَ طِفْلُ أَيَّامٍ، وَلاَ شَيْخٌ لَمْ يُكْمِلْ أَيَّامَهُ. لأَنَّ الصَّبِيَّ يَمُوتُ ابْنَ مِئَةِ سَنَةٍ، وَالْخَاطِئُ يُلْعَنُ ابْنَ مِئَةِ سَنَةٍ. 21وَيَبْنُونَ بُيُوتًا وَيَسْكُنُونَ فِيهَا، وَيَغْرِسُونَ كُرُومًا وَيَأْكُلُونَ أَثْمَارَهَا. 22لاَ يَبْنُونَ وَآخَرُ يَسْكُنُ، وَلاَ يَغْرِسُونَ وَآخَرُ يَأْكُلُ. لأَنَّهُ كَأَيَّامِ شَجَرَةٍ أَيَّامُ شَعْبِي، وَيَسْتَعْمِلُ مُخْتَارِيَّ عَمَلَ أَيْدِيهِمْ. 23لاَ يَتْعَبُونَ بَاطِلاً وَلاَ يَلِدُونَ لِلرُّعْبِ، لأَنَّهُمْ نَسْلُ مُبَارَكِي الرَّبِّ، وَذُرِّيَّتُهُمْ مَعَهُمْ. 24وَيَكُونُ أَنِّي قَبْلَمَا يَدْعُونَ أَنَا أُجِيبُ، وَفِيمَا هُمْ يَتَكَلَّمُونَ بَعْدُ أَنَا أَسْمَعُ. 25الذِّئْبُ وَالْحَمَلُ يَرْعَيَانِ مَعًا، وَالأَسَدُ يَأْكُلُ التِّبْنَ كَالْبَقَرِ. أَمَّا الْحَيَّةُ فَالتُّرَابُ طَعَامُهَا. لاَ يُؤْذُونَ وَلاَ يُهْلِكُونَ فِي كُلِّ جَبَلِ قُدْسِي، قال : الرَّبُّ» فهنا القوم فى الجنة يأكلون الثمار
فقال موسى :
من المضحك أيضا فى أحاديث نبيكم اعطاء المسلم قوة جماع مائة امرأة وهى لذة جسمية فعند الترمذى فى السنن عن أنس
قال : رسول الله يعطى المؤمن فى الجنة قوة كذا وكذا من الجماع قيل يا رسول الله أويطيق ذلك قال : يعطى قوة مائة
فلماذا لا يعطى المسلمة قوة المائة هى الأخرى باعتبارها مثل الرجل أم أنه حلال للرجل حرام على المرأة ؟
فقال أحمد :ما زلت تتهرب من نصوص كتابك المقدس وتبتعد عن الموضوع بذكر حديث محمد صلى الله عليه وسلم ؟
فأشاح موسى بوجهه وقال : متجاهلا حجة أحمد :
وأيضا توجد فى جنتكم مناديل فى قول رواية البخارى:
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ قال : حَدَّثَنِى أَبُو إِسْحَاقَ قال : سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قال : أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِثَوْبٍ مِنْ حَرِيرٍ ، فَجَعَلُوا يَعْجَبُونَ مِنْ حُسْنِهِ وَلِينِهِ ، فَقال : رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِى الْجَنَّةِ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا " فلماذا توجد مناديل إذا كان أهل الجنة كما يقول نبيكم لا يعرقون عرقا كريه الرائحة ولا يتغوطون كما فى الحديث الأخر عند البخارى :
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال : « أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ، وَالَّذِينَ عَلَى إِثْرِهِمْ كَأَشَدِّ كَوْكَبٍ إِضَاءَةً ، قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ وَلاَ تَبَاغُضَ ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ لَحْمِهَا مِنَ الْحُسْنِ ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا ، لاَ يَسْقَمُونَ وَلاَ يَمْتَخِطُونَ ، وَلاَ يَبْصُقُونَ ، آنِيَتُهُمُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ ، وَأَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ ، وَقُودُ مَجَامِرِهِمُ الأُلُوَّةُ - قال : أَبُو الْيَمَانِ يَعْنِى الْعُودَ - وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ »
ضحك أحمد وقال :
ما زلت تتهرب من الاجابة على السؤال هل تؤمن ببعث الأجسام؟ إنك خائف من الجالسين هنا أن يبلغوا اليهود بإنك كافر بركن من أركان دينهم ؟
انقبض وجه موسى وقال :
أنا أومن بتلك المقولة بعث الأجسام
ضحك الجالسون من قوله حيث أنكر ثم أعلن ايمانه بالمقولة
ثم قال موسى :أنتم تضحكون على أفلا تضحكون على حديث محمد الذى جعل الشجر مصدر لشرب الماء بينما أساسا الشجر مصدر للأكل وليس للشرب كما فى رواية مسلم :
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قال : « آخِرُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ رَجُلٌ فَهُوَ يَمْشِى مَرَّةً وَيَكْبُو مَرَّةً وَتَسْفَعُهُ النَّارُ مَرَّةً فَإِذَا مَا جَاوَزَهَا الْتَفَتَ إِلَيْهَا فَقال : تَبَارَكَ الَّذِى نَجَّانِى مِنْكِ لَقَدْ أَعْطَانِىَ اللَّهُ شَيْئًا مَا أَعْطَاهُ أَحَدًا مِنَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ. فَتُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ فَيَقُولُ أَىْ رَبِّ أَدْنِنِى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا وَأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا. فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَا ابْنَ آدَمَ لَعَلِّى إِنْ أَعْطَيْتُكَهَا سَأَلْتَنِى غَيْرَهَا.
فَيَقُولُ لاَ يَا رَبِّ. وَيُعَاهِدُهُ أَنْ لاَ يَسْأَلَهُ غَيْرَهَا وَرَبُّهُ يَعْذِرُهُ لأَنَّهُ يَرَى مَا لاَ صَبْرَ لَهُ عَلَيْهِ فَيُدْنِيهِ مِنْهَا فَيَسْتَظِلُّ بِظِلِّهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا ثُمَّ تُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ هِىَ أَحْسَنُ مِنَ الأُولَى فَيَقُولُ أَىْ رَبِّ أَدْنِنِى مِنْ هَذِهِ لأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا وَأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا. فَيَقُولُ يَا ابْنَ آدَمَ أَلَمْ تُعَاهِدْنِى أَنْ لاَ تَسْأَلَنِى غَيْرَهَا فَيَقُولُ لَعَلِّى إِنْ أَدْنَيْتُكَ مِنْهَا تَسْأَلُنِى غَيْرَهَا . فَيُعَاهِدُهُ أَنْ لاَ يَسْأَلَهُ غَيْرَهَا وَرَبُّهُ يَعْذِرُهُ لأَنَّهُ يَرَى مَا لاَ صَبْرَ لَهُ عَلَيْهِ فَيُدْنِيهِ مِنْهَا فَيَسْتَظِلُّ بِظِلِّهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا. ثُمَّ تُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ هِىَ أَحْسَنُ مِنَ الأُولَيَيْنِ. فَيَقُولُ أَىْ رَبِّ أَدْنِنِى مِنْ هَذِهِ لأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا وَأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا. فَيَقُولُ يَا ابْنَ آدَمَ أَلَمْ تُعَاهِدْنِى أَنْ لاَ تَسْأَلَنِى غَيْرَهَا قال : بَلَى يَا رَبِّ هَذِهِ لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا. وَرَبُّهُ يَعْذِرُهُ لأَنَّهُ يَرَى مَا لاَ صَبْرَ لَهُ عَلَيْهَا فَيُدْنِيهِ مِنْهَا فَإِذَا أَدْنَاهُ مِنْهَا فَيَسْمَعُ أَصْوَاتَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَقُولُ أَىْ رَبِّ أَدْخِلْنِيهَا.
فَيَقُولُ يَا ابْنَ آدَمَ مَا يَصْرِينِى مِنْكَ أَيُرْضِيكَ أَنْ أُعْطِيَكَ الدُّنْيَا وَمِثْلَهَا مَعَهَا قال : يَا رَبِّ أَتَسْتَهْزِئُ مِنِّى وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ». فَضَحِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَقال : أَلاَ تَسْأَلُونِّى مِمَّ أَضْحَكُ فَقال :وا مِمَّ تَضْحَكُ قال : هَكَذَا ضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. فَقال :وا مِمَّ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال : « مِنْ ضِحْكِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حِينَ قال : أَتَسْتَهْزِئُ مِنِّى وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ فَيَقُولُ إِنِّى لاَ أَسْتَهْزِئُ مِنْكَ وَلَكِنِّى عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ ».
فقال له أحمد :أنت تثبت جهلك فبعض الشجر ثماره مصدر لماء يشرب كما فى ثمار جوز الهند وبعض النباتات يوجد لداخلها ماء من الممكن شربه مثل الشمام