إضاءات حول كتاب السيف البتار في تحريم التشبه بالكفار
الكاتب هو أبو اسامة المغربى و قد ابتدأ بذكر الكاتب سؤال أحدهم له عن حكم لعب كرة القدم وأجاب الكاتب عليه حيث قال :
"فاعلم يا أبا عاصم قد سألتني عن عظيم وعن دعامة من أسس الدين مرجعها هو القران الكريم وسنة سيد المرسلين اعلم أن سؤالك عن لعب الكُرة وما حكم الشرع فيها؟
أقول: أن الأصل في الداء التشبه بالكافرين وإتباع أهواء المارقين من الزنادقة والملحدين ولقد عجِبْت من قوم ادعوا السُّنة ولبسوا عمامة الزهاد ونفروا نفوسهم للجهاد واتخذوها لهوا ومرحا ولا يدرون أنها غم وقرح وأنها أصبحت طاغوت ملكت من القلوب مكانا ونقص معها قرانا وبيانا نادينا:
يا قوم تشبه وحرام نادانا ... المتفيقهة ما بال الشيخ والإمام."
وهذا جواب مقتضب حرم المغربى فيه لعب كرة القدم بحجة التشبه بالكفار وأسهب في الكلام عن علماء السوء في ظنه حيث قال :
"فاعلم يا طالبي ومُعيني على الخير بجانبي لا بد من رد الفرع إلى الأصل حتى يتبين القول الفصل أن كثير من المسلمين ميعوا الدين ركبوا سفن الإفرنج المارقين وتشبهوا بهم في الهدْيِّ والكلام وأصبحت حياتهم طرب وهيام فقلنا:
أخي نزع القميص تشبه .... قالوا تشديد وتفوه
فعادنا بعضهم وسخر منا متفيقهتهم لكن نشكوا إلى الله غربتنا وقلة الإخوان وظهور البدع وقد ذكرني هذا الكلام بابن تيمية عليه رحمة الله لما أفتى بكفر التشبه بالكفار في هديهم وأعيادهم عُودِيَّ عليه رحمة الله فلا نستغرب أن يحصل هذا من رعاع المقلدة أصحاب العقول المتحجرة والعقائد المتبعثرة مريدي المشايخ وأتباع الروبيضة ظهر الفساد وتطاول الأقزام ونطق الروبيضة قال شيخ الإسلام: ثم بلغني بآخره أن من الناس من استغرب ذلك واستبعده لمخالفة عادة نشأوا عليها وتمسكوا في ذلك بعمومات واطلاقات اعتمدوا عليها. انتهى
قلت: فإذا حدث هذا مع ابن تيمية فما أجدرك أن يُفعل معي أنا طويلب العلم حتى جعل أحدهم كلامي مضيعة للوقت على سبيل التسلي والضحك وبعضهم يقول لي ما سمعنا بهذا من مشايخنا فقلت يا عبد الله "يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال"
وتناول التحذير من اتباع الكفار في أعمالهم حيث قال :
"فاعلم وفقني الله وإياك لطاعته أن النبي (ص) حذر أمته من اقتفاء سبيل المفسدين والتشبه بهم والسير على خطاهم وأن المسلم مطالب بمخالفة أصحاب الأهواء من المبتدعة كما قال الفضيل بن عياض: لا تجالسوا أهل الأهواء فاني أخاف أن يلبسوا عليكم دينكم.
وذُكر عنه أيضا أنه قال: "من زوج كريمته من مبتدع فقد منعه الله الحكمة" فإذا كان هذا في أهل البدع الذين هم من أهل القبلة فما بالك بالكفار من العجم والروم وغيرهم!. فقد جاء الوعيد الشديد في التشبه بدينهم ومنهجهم والسير على خطاهم فقد بيَّن النبي (ص) أنه سوف يكون في أمته مرضى القلوب وأحلام السباع وخفة الطير بسنن الإفرنج والذب على خطاهم وأخذ كل ما جاء عنهم قال (ص) كما روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة :" لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي مأخذ القرون شبرا بشبر وذراعا بذراع فقيل يا رسول الله كفارس والروم قال ومن الناس إلا أولئك"
وهذا الانحراف والإتباع في سنن الإفرنج أمر تنقضيه الطباع ويزينه الشيطان فلذلك أمر العبد بدوام دعاء الله سبحانه بالهداية والاستقامة التي لا سند فيها إلى اليهودية أو النصرانية وكذلك اخبر النبي صلى الله عليه و سلم:" لتأخذن كما أخذت الأمم من قبلكم ذراعا بذراع وشبرا بشبر وباعا بباع حتى لو أن احدهم دخل جحر ضب لدخلتموه" وفي زيادة في الحديث قال أبو هريرة اقرؤوا إن شئتم {كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة} قالوا يا رسول الله كما صنعت فارس والروم وأهل الكتاب قال فهل الناس إلا هم. وقال ابن عباس في تفسير الآية:"ما أشبه الليلة بالبارحة هؤلاء بنو إسرائيل شبهنا بهم". وقيل عن ابن مسعود أنه قال: انتم أشبه ببني إسرائيل سمتا وهديا تتبعون عملهم حذوة القذى بالقذة غير أنني لا أدري أتعبدون العجل أم لا قلت: والله يا أبا عبد الرحمن لقد عبدوا العجل وتمسحوا ببوله وبعره."
والروايات السابقة التى تقول بان المسلمون يكفرون فيتبعون كل أعمال اليهود والنصارى والكفار الآخرين وهو كلام ليس صحيح فهناك تشريعات خاصة باليهود لا يمكن للمسلمين عملها حاليا ولو كفروا كتحريم بعض أنواع اللحوم لأنها ليست واجبة في رسالة خاتم النبيين وكذلك هناك أعمال للنصارى كالرهبانية لا يمكن للمسلمين عصيانها لأنها ليست عليهم في كتابهم
ونلاحظ التعارض في الروايات بين القول "أخذت الأمم من قبلكم " فهنا الأمم كلها وهو ما يعارض تحديدهم مرة بالفرس والروم ومرة ومرة بالفرس والروم وأهل الكتاب ومرة بنى إسرائيل
وكعادة الكاتب كرر النقل من كتب ابن تيمية حيث قال :
"فانظر رحمك الله كيف حذر النبي (ص) من إتباع الكفار في هديهم ودينهم قال ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم": وهذا كله خرج منه مخرج الخبر عن وقوع ذلك والذم لمن يفعله كما أخبر عما يفعله الناس بين يدي الساعة من الاشراط والأمور والمحرمات فعلم أن مشابهة هذه الأمة اليهود والنصارى وفارس والروم مما ذمه الله ورسوله وهو المطلوب "
وتناول نقل الناس في عصرنا عن الغرب أمور كثيرة محرمة حيث قال:
"قلت: وهذا يدُلك على ما وصلت إليه الأمة في السير على آثار الغرب في التحليل والتحريم والتشريع والحكم والمعاملات والعبادات وغير ذلك فأصبحت تعرف وتنكر وللأسف حصل هذا وتسرب حتى في صفوف أصحاب العقائد فشربوا من عين الغرب الكافر فميعوا أمر الولاء والبراء في الإسلام وأظهروا الإعجاب والتحضر في مشابهة الغرب حتى اعتادوا هذا الأمر وسكنت إليهم نفوسهم وأنِست بما يفعلون به جوارحهم فأصبح المعروف منكرا والمنكر معروفا وعودي الصالحون وحبب المتفيقهون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وقد أخبر (ص) في قوله: ما من نبي بعثه الله من قبلي إلا كان له أنصار وحواريون يستنون بسنته ويقتدون بأوامره ثم تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون مالا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان في شيء. رواه البخاري فهذا إخبار منه (ص) إلى ما تؤول إليه الأمة من الفرقة والاختلاف وركوب سفن الماضي والعض على مناهجهم وكل ما جاء عنهم بالنواجد وحثَّ الشرع على مخالفة الغرب الكافر من اليهود ولو حتى في سفاسف الأمور لما في ذلك من كثرة التشبه وإتباع الهوى. قال (ص): إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم.
وكما هو معروف من سيف الحق على المبتدعة والضلال وله كلام بديع في تأصيل منهج التشبه سأنقله إن كان فيه شيئا من التطويل قال الإمام: وذلك يقتضي أن يكون جنس مخالفتهم أمرا مقصودا للشارع لأنه إن كان الأمر بالمخالفة المطلقة تنافي موافقة في بعض الأشياء أو في أكثرها على طريق التساوي لأن المخالفة ضد الموافقة المطلقة فيكون الأمر بأحدهما نهيا عن الآخر، ولا يقال إذا خالف في شيء ما فقد حصلت المخالفة كذلك لا يقال إذا وافقه في شيء ما فقد حصلت الموافقة وسِّر ذلك الفرق بين مفهوم اللفظ فإن اللفظ يُستعمل مطلقا ومقيدا فإذا أخذت المعنى المشترك بين جميع موارده مطلقها ومقيدها كان أعم من المعنى المفهوم منه عند إطلاقه "
وتناول وجوب مخالفة الكتابيين حيث قال :
"قلت: وهذا يدلك على أن مخالفتهم مطلب شرعي بل من واجبات الدين بغض الكافرين والتبرؤ منهم ومن مناهجهم ومعبوداتهم فلهذا حكى القرآن في مسائل التحاكم والتشريع في قوله {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله} فهذا الثالوث الذي يسيطر به الغرب على عقول أبناء المسلمين وأصبح شبان المسلمين يحفظون أسماء اللاعبين من مختلف البطولات الغربية ولا يعرفون عن الصحابي الفلاني أو كتاب الله عز وجل أي شيء. وإن سلمنا في حمل الثالوث الكرة على الإباحة كما يقول متفيقهيهم نقول الكيفية التي تلعب بها وطريقة التحكيم والتميز بالزي والحماس المندفع فيها عن اللزوم والشجار الذي يقع فيها أليس هذا من باب التشبه بالكفار والسير على خطاهم وقد يقول قائل إن جميع العلوم وغير ذلك مصدرها الغرب حتى الزي نقول: اعلم انه إذا تبين هذا فالمخالفة المطلقة لا تحصل بالمخالفة في جميع الأشياء أو في غالبها إذ المخالفة المطلقة ضد الموافقة المطلقة واعلم أن نفس المخالفة لهم في الهدي الظاهر مصلحة ومنفعة لعباد الله المؤمنين قال ابن تيمية فالمخالفة لهم فيها منفعة وصلاح لنا في كل أمورنا حتى ما هم عليه من إتقان أمور دنياهم قد يكون مضرا في حياتنا أو بما هو أهم منه من أمور دنياهم فالمخالفة فيه صلاح لنا وبالجملة فالكفر بمنزلة مرض القلب ومتى كان القلب مريضا لن يصح شيءمن أعضاء صحة مطلقة "
وتحدث عن أخذ الناس عن الغرب ما يلهى ويشغل عن الطاعات حيث قال:
"قلت: ويحصل هذا الأمر بتضييع الوقت ويلهي عن الصلاة والذكر وإذاية الغير وربما قد تؤديه بالضرب أو تكسر له بعض الأعضاء ولما في ذلك من اللغو ولذلك وصف الله عباد الرحمان بقوله {وإذا مروا باللغو مروا كراما} ثم لما في ذلك من تقوية سواد المشركين والكفار وإتباع سننهم والتشبه بهم ونحن مطالبون بالمخالفة في كل شيء صغيرا أو كبيرا وقد تكون مخالفتهم سببا لظهور الدين وتميز الصف وقد رأى عبد الله بن عمر رجلا يتكئ على يده اليسرى وهو قاعد في الصلاة فقال له: لا تجلس هكذا فإنها جلسة المعذبين. فنهاه على الجلسة مبالغة منه في مخالفتهم وقد نهى الشرع عن الدخول حتى إلى الأماكن التي عذبوا فيها كما في حديث جابر عن النبي [(ص)]:أنه لما مر بالحجر فقال لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين فان لم تكونوا باكين فلا تدخلوها عليهم أن يصيبكم ما أصابهم. - ثامنا لتعلق القلوب وقد تصير أحيانا ندا لله عز وجل.
- تاسعا لما في ذلك من إحياء سنن الكفار والمشي عليها.
- عاشرا نقول بتحريمها من باب سد الذرائع لما تجر على المسلمين من التخلف وعدم الاشتغال بالمفيد.
- حادي عشر بناءا على القاعدة الأصولية كما قال ابن قدامة في "روضة الناظر" وإذا اختلطت أخته بأجنبية والميتة بمذكاة حرمنا الميتة بعلة الموت والأخرى بعلة الاشتباه و هذه المسألة هي المعروفة عند الأصوليين " ما لم يتم ترك الحرام إلا بتركه فتركه واجب".
- ثاني عشر اعتبار إجماع العصر حجة كما هو عند الأصوليين وقد أفتى بتحريمها الشيخ ناصر الدين الألباني في " الفتاوى الإماراتية" والشيخ ابن باز وابن عثيمين في " فتاوى اللجنة الدائمة" وأخونا محمد بن محمد الفزازي وغيرهم وبقي أمر التشبه في الهدي الظاهر فإليك البيان والتوضيح:
و من ذلك ما روى أبو داود في سننه في هذا الباب ووجه الدلالة من الحديث هي حرمة التشبه بالكافرين و لو في جزء يسير. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: و هذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله تعالى: " ومن يتولهم منكم فإنه منهم".
قلت: ومن حمله على الكفر من العلماء القاضي عياض في الشفا في باب:" إكفار المتأولين". وغيره من علماء المالكية.
قلت: وإن سلمنا بتحريمه على الأقل فهذا يدلك على جهل هؤلاء المتفيقهين الذين يتعبدون الله بتقليد أصحاب الأحلام الصغيرة و العقول المتسخة بأدران الإرجاء ورواسب الجاهلية لا يتعبدون الله بالعلم الشرعي المتأصل من كلام الله ورسوله (ص) و إنما مرادهم الرياء والسمعة والاجتماع على الباطل وطقوس المنحلين فهل يجرؤ أحد منهم على رد كلام شيخ الإسلام ابن تيمية فإنما يتكلمون من تحت أباطهم لا يجرؤ أحد منهم على رد قول الله ورسوله وإن كان لسان حاله ذلك وهذا هو دين أهل البدع و الأهواء في كل زمان ومكان كما قال الشاعر:
أفي السلم أعيار وغلظة *** وفي الحرب أمثال النساء العوارك
وفي الحائضات قليل في حقهم لأن الحائض قد تجرؤ على عدم الصلاة و الصوم إظهارا لحيضها، لكن خفافيش الظلام لا تخرج إلا بالليل، فاعلم رحمك الله أن التشبه بالكافرين محرم وإذا قرن معه تعظيم أو محبة كان كفرا و ردة عن دين الإسلام.
قد يقول قائل ولو بنزع القميص أو شدة الزنار أو ضرب الناقوس، نقول نعم كما قال القاضي عياض ، لكن مشكلة هؤلاء المتفيقهة لا يقرؤون شيئا ولا يعرفون شيئا عن أمثال هؤلاء الرجال الجهابدة، وإنما لسان حالهم (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على أثرهم مقتدون) ومما يؤيد موقفنا في تحريم التشبه بالكافرين ما روي عن عبد الله بن عمرو. أنه قال: (من بنى بأرض المشركين وصنع نيروزهم و مهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت حشر معهم يوم القيامة)
قال ابن تيمية تعليقا على الحديث: فقد حمل هذا على التشبه المطلق، فإنه يوجب الكفر، ويقتضي تحريم المتشبه بذلك. وقد يحمل على أنه صار منهم في القدر المشترك الذي شابههم أو شعارا للكفر أو للمعصية كان حكمه كذلك
قلت: وهذا يدلك على أن الشرع حرص حتى في جزئيات الظاهر أنها لا يجوز أن نتبع فيها الأعاجم والإفرنج. فإن كان كفرا وهذا يدلك على الحال الذي وصلت إليه الأمة بالتشبه بالكافرين في كل شيء حتى في المشي والكلام وغير ذلك. وهذا مدخل من مداخل الشيطان الذي دخل به على الأمة إلى استحسان أمور من دين اليهود والنصارى، حتى أن زعيم الأقباط بمصر اجتمع هو والطبل الطنطاوي و رئيس الجمهورية شتت الله شملهم في الاحتفال بأحد الأديان الأقباط وأدخل النجس إلى الأزهر بدعوى تقارب الديانات وتسامح الأديان وإن كان دينهم وزهدوا في الأمر، وما جاء هذا الداء للأمة إلا لما انسلخ المتأسلمون من تقاليد دينهم وزهدوا في قضايا الشريعة، فقالوا هذه قشور لا لباب فيها وبعضهم قال هذه جزئيات، تفرق الأمة وتشتت الشمل، فلا بد من التغير جذريا والمشي على ما سار عليه الأوائل والله يقول: (وليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم). وقال الإمام مالك: لا يصلح حال هذه الأمة إلا بما صلح بها أولها. وبين النبي (ص) أنه ليس من أمته من تشبه بغير هدي النبي (ص) ولم يكن من هديه بأبي هو و أمي أن يتفرنج وأن يتشبه بالروم وفارس وكذلك صحابته الكرام م وأرضاهم.
قال الترمذي حدثنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله (ص) قال: " ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى فإن تسليم اليهود، الإشارة بالأصابع، وتسليم النصارى، الإشارة بالأكف" وله شواهد منها حديث ابن عمر كما تقدم وله شاهد أيضا من حديث محمد بن علي بن ركانة عن أبيه ركانة أن ركانة صارع النبي (ص) فصرعه النبي (ص) قال ركانة سمعت النبي (ص) يقول " ما بيننا وبين المشركين العمائم و القلانس" والشاهد مما تقدم وجوب مخالفة الكفار في الهدي الظاهر، لما في ذلك من عزة للمسلمين وإظهار للدين وتميز وحدة صف المسلمين، وقد يقول، فإذا تشبهوا بها هم نقول هذا عز للإسلام والمسلمين ولكن قد ورد النهي في تشبههم بنا إذا كانوا أهل ذمة كما روى الخلال في أحكام أهل الذمة في الشروط العمرية: وألا نضرب بنواقيسنا إلا ضربا خفيفا في جوف كنائسنا، ولا نظهر عليها صليبا، ولا نرفع أصواتنا في الصلاة، ولا القراءة في كنائسنا فيما يحضره المسلمون، وأن لا نخرج صليبا ولا كتابا في سوق المسلمين، ولا نخرج باعوتا (والباعوت) أنهم يخرجون مجتمعين كما نخرج يوم الأضحى والفطر، و لا شعانينا، ولا نرفع أصواتنا مع موتانا ولا نظهر النيران معهم في أسواق المسلمين، وأن لا نتجاوزهم بالجنائز، ولا نبيع الخمور - إلى أن قال وأن نلزم زينا حيثما كنا، وأن لا نتشبه بالمسلمبن في لبس قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر، ولا في مراكبهم، ولا نتكلم بكلامهم، ولا نكتني بكناهم، وأن نجز مقادم رؤوسناّ، ولا نفرق نواصينا، و أن نشد الزنانير على أوساطنا".
قلت: وهذه الشروط أشهر شيء في كتب الفقه والعلم، فانظر رحمك الله إلى وجوب التميز المطلق على أهل الذمة. قال ابن تيمية: الصنف الأول: (ما مقصوده التمييز عن المسلمين في الشعور واللباس والأسماء والمراكب والكلام ونحوها ليتميز المسلم عن الكافر، ولا يشبه أحدهماالآخر في الظاهر، ولم يرض عمر والمسلمون بأصل التميز بل التميز في عامة الهدي على تفاصيل معروفة في غير هذا الموضع) انتهى.
وهناك شبهة قد عرضت لأصحاب الأحلام السخيفة الشهوانيين المتفيقهة المتشدقون فقد يحتجون بكلام ابن تيمية في التشبه بهم قال ابن تيمية (ولو أن المسلم بدار حرب أو بدار كفر غير حرب، لم يكن مأمورا بالمخالفة لهم في الهدي الظاهر لما عليه من ذلك من الضرر إلى أن قال إذا كان في ذلك مصلحة دينية من دعوتهم إلى الدين والإطلاع على باطن أمرهم لإخبار المسلمين بذلك، أو دفع ضررهم عن المسلمين ونحو ذلك من المقاصد الصالحة)
والجواب على هذا من وجه أن هذا اجتهاد من رواية ابن عمر وعبد الله ابن عمرو وغيرهم. والوجه الثاني أن كلام ابن تيمية محمول على حصول مقصد شرعي كما قال في كتاب الجهاد من مجموع الفتاوى وقوله كذلك عقب كلامه المتقدم ما نصه: (الوجه الثاني لو فرضنا ذلك لن ينسخ فالنبي (ص) و هو الذي كان له أن يوافقهم لأنه يعلم حقهم من باطلهم بما يعلمه الله إياه، و نحن نتبع، فأما نحن فلا يجوز لنا أن نأخد شيئا من الدين عنهم، ولا من أقوالهم، و لا من أفعالهم بإجماع المسلمين المعلوم بالاضطرار من دين الرسول (ص) و لو قال رجل: يستحب لنا موافقة أهل الكتاب الموجودين في زماننا لكان قد خرج عن دين الأمة).
قلت: وهذا يدلك على بطلان زعمهم في التشبه بهم، لأن التشبه بهم في الظاهر يورث المحبة في الباطن والتدرج في المعصية وكم من شباب المسلمين افتتنوا لما حلقوا اللحى ونزعوا القميص بدعوى العمل الجهادي بفتاوى المتفيقهة فوالله ما رأيناهم إلا زناة وعرابدة استدرجهم الشيطان بحباله من الجن والإنس {يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا}، ثم إن الهدي الظاهر في دار الكفر قد يكون شعيرة في إظهار الإسلام و التميز" انظر تذكير الأبرار بأحكام الديار" وعليه فإننا نرى بتحريم التشبه بالكفار في الهدي الظاهر وفي غيره وأن أقل أحوال المتشبه بهم التحريم, كما تقدم وإلا إن أضيف إليه محبة أو نصرة أو تولي كان كفرا بالله عز وجل وهذا ديننا واعتقادنا خلافا لخفافيش الظلام التي قد تظهر أحيانا في النهار ولا يعرف لها حال ولا يستقر لها قرار.
ونقول للمتفيقهة إن أجزتم التشبه فهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين و أنى لكم ذلك لأنكم تحومون حول الماء العكر كالبوم مع التشبه بهم فأما مذهب مالك وأصحابه ففيه ما هو أكثر من ذلك حتى قال مالك فيما رواه ابن القاسم في المدونة لا يحرم بالأعجمية ولا يدعوا بها ولا يخلف"
وكل هذا الكلام المنقول والمتكرر والذى يتكلم عن أمور قليلة كان ألأفضل للكاتب أن يتكلم عن حكم لعب كرة القدم فيقول مثلا :
أنها مباحة إذا كانت للحصول على القوة البدنية مع لعبها في وقت لا يضيع الصلاة ولا يشغل عن طاعات واجبة
,أن المحرم فيها هو ممارستها كمهنة وأن يكون لها دوريات وكئوس وملاعب تبنى بينما الناس لا يجدون مساكن
كان يمكن أن يحرمها بصورتها الحالية معتمدة على الإسراف في اعداد وبناء الملاعب واقعاد مجموعة من الناس عن العمل المفيد للأمة وهم اللاعبون والمدرب والجهاز الفنى والعاملون في الملاعب والحكام
كان من الممكن أن يحرمها لأنها تعمل على أعادة الرق والعبودية من خلال عقود شراء اللاعبين
كان من الممكن أن يحرمها بناء على أساس النظر المحرم
وكان من الممكن أن يحرمها بناء على تضييه أوقات الناس في الفرجة وصرف أموالهكم في السفر والانتقال للفرجة