خواطر حول حكم كشف الفخذ للرجال
الكاتب هو عبد العزيز قاري محمد وموضوع البحث كون الفخذ من ضمن عورة الرجال وقد ابتدأ بالتعريف اللغوى للفخذ حيث قال :
"المعنى اللغوي
تعريف الفخذ
قال ابن منظور: الفخذ : وصل ما بين الساق والورك، أنثى، والجمع أفخاذ . قال سيبويه: لم يجاوزوا به هذا البناء، وقيل: فخذ و فخذ أيضا، بكسر الفاء.
قال الزبيدي: (الفخذ، ككتف وصل (ما بين الساق والورك، مؤنث، كالفخذ) ، بفتح فسكون، (ويكسر) ، أي مع السكون، فهي ثلاث لغات، وهي مشهورة في كل ثلاثي على وزان كهف، وزاد الزركشي في شرح البخاري أن فيه لغة فخذ، بكسرتين، قال الخليل بن أحمد: الفخذ: وصل ما بين الورك والساق، ويخفف فيقال: فخذ في لغة سفلى مضر، وهي مؤنثة، وكسرت الفاء على أعقاب كسرة الخاء حيث اسكنت، ومن فتحها مع سكون الخاء تركها على ما كانت، كما قالوا في العقب عقب فلزموا الفتحة، وفي الكتف كتف فلزموا الكسرة.وفخذ الرجل فهو مفخوذ أي كسرت فخذه.وفخذ الرجل، نفره من حيه الذين هم أقرب عشيرته إليه.وهي أفخاذ العرب يذكر وإذا أفرد قبل: هذا فخذ أي: هذا حي.
قال الجوهري: فخذ وفخذ وفخذ أيضا. يقال: رميته ففخذته، أي أصبت فخذه. والفخذ في العشائر: أقل من البطن، أولها الشعب، ثم القبيلة، ثم الفصيلة، ثم العمارة، ثم البطن، ثم الفخذ. والتفخيذ: المفاخذة. وأما الذي في الحديث: " بات يفخذ عشيرته " ، أي يدعوهم فخذا فخذا."
وبعد أن ذكر المعنى اللغوى تناول بالذكر الروايات التى ذكرت الفخذ كعورة حيث قال :
" (الأحاديث التي تدل على أن الفخذ عورة) مع النقد الحديثي لها إن وجد:
(الحديث الأول)
عن جرهد الأسلمي قال،( مر رسول الله (ص) وعلي بردة وقد انكشفت فخذي، فقال غط فخذك فإن الفخذ عورة")
قال الزيلعي: رواه أبو داود في "الحمام" من طريق مالك عن أبي النضر عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد عن أبيه، قال: كان جرهد من أصحاب الصفة أنه قال: جلس رسول الله (ص) عندنا، وفخذي منكشفة، فقال: "أما علمت أن الفخذ عورة؟"، انتهى. وأخرجه الترمذي في "الاستئذان" عن سفيان عن أبي النضر عن زرعة بن مسلم بن جرهد عن جده جرهد، قال: مر النبي (ص) بجرهد في المسجد، وقد انكشف فخذه، فقال: إن الفخذ عورة، انتهى. وقال: حديث حسن، وما أرى إسناده بمتصل، ثم أخرجه عن عبد الرزاق ثنا معمر عن أبي الزناد، قال: أخبرني بن جرهد عن أبيه أن النبي (ص) مر به - وهو كاشف عن فخذه - فقال له النبي (ص): غط فخذك، فإنها من العورة، انتهى. وقال أيضا: حديث حسن، ثم أخرجه عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن عبد الله بن جرهد الأسلمي عن أبيه عن النبي (ص)، قال: الفخذ عورة، انتهى. وقال: حديث حسن غريب من هذا الوجه، انتهى. وبسند أبي داود رواه أحمد في "مسنده"، وابن حبان في "صحيحه" في النوع الثامن والسبعين، من القسم الأول، وزرعة بن عبد الرحمن ابن جرهد الأسلمي وثقه النسائي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: من زعم أنه زرعة ابن مسلم بن جرهد فقد وهم، انتهى. ورواه الدارقطني في "سننه - في آخر الطهارة" من حديث سفيان بن عيينة عن أبي الزناد حدثني آل جرهد عن جرهد، ورواه الحاكم في "المستدرك - في كتاب اللباس" عن سفيان عن سالم أبي النضر عن زرعة بن مسلم بن جرهد عن جده جرهد، فذكره، وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"
وتناول الكاتب علل الرواية السابقة حيث قال :
"قال ابن القطان في "كتابه": وحديث جرهد له علتان: إحداهما: الاضطراب المؤدي لسقوط الثقة به، وذلك أنهم مختلفون فيه، فمنهم من يقول: زرعة بن عبد الرحمن، ومنهم من يقول: زرعة بن عبد الله، ومنهم من يقول: زرعة بن مسلم، ثم من هؤلاء من يقول عن أبيه عن النبي(ص)، ومنهم من يقول: عن أبيه عن جرهد عن النبي (ص)، ومنهم من يقول: زرعة عن آل جرهد عن جرهد عن النبي (ص)، قال: وإن كنت لا أرى الاضطراب في الإسناد علة، فإنما ذلك إذا كان من يدور عليه الحديث ثقة، فحينئذ لا يضره اختلاف النقلة عليه إلى مرسل ومسند، أو رافع وواقف، أو واصل، وقاطع، وأما إذا كان الذي اضطرب عليه الحديث غير ثقة، أو غير معروف، فالاضطراب يوهنه، أو يزيده وهنا وهذه حال هذا الخبر، وهي العلة الثانية أن زرعة، وأباه غير معروفي الحال، ولا مشهوري الرواية، انتهى كلامه
قال الألباني : وهذا سند صحيح . وأصله في صحيح مسلم والبيهقي
وقال في موضع آخر:صحيح "
والرواية الثانية هى :
"الحديث الثاني
عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا تبرز فخذك و لا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت ) رواه أبو داود وابن ماجه قال أبو داود: حديث فيه نكارة"
وأما علله فقد قال فيها حيث قال :
" وأخرجه ابن ماجه في "الجنائز" عن روح بن عبادة عن ابن جريج عن حبيب به، قال الشيخ في "الإمام": ورواية أبي داود تقتضي أن ابن جريج لم يسمعه من حبيب، وأن بينهما رجلا مجهولا، انتهى. وبسند ابن ماجه رواه الحاكم في "المستدرك في اللباس"، وسكت عنه، ورواه الدارقطني في "سننه " في آخر الصلاة"، وفيه أخبرني حبيب بن أبي ثابت، ويراجع، قال ابن القطان في "كتابه": وقد ضعف هذا الحديث أبو حاتم في "علله"، وقال: إن ابن جريج لم يسمعه من حبيب، ولا حبيب من عاصم، وعاصم وثقه العجلي، وابن المديني، وابن معين، وقال النسائي: ليس به بأس، وتكلم فيه ابن عدي، وابن حبان ، انتهى.
قال الشيخ الألباني: ضعيف جدا "
والرواية الثالثة هى :
"الحديث الثالث
عن ابن عباس قال رسول الله (ص) (الفخذ عورة) أخرجه الترمذي و قال حديث حسن غريب."
وانتقدها الكاتب حيث قال :
"قال الزيلعي: وأخرجه الحاكم في "المستدرك"، ولفظه: قال: مر النبي (ص) على رجل فرأى فخذه مكشوفة، فقال: غط فخذك، فإن فخذ الرجل من عورته، انتهى. وسكت عنه، قال ابن القطان في "كتابه": وأبو يحيى القتات اختلف في اسمه، فقيل: زاذان، وقيل: دينار، وقيل: عبد الرحمن، وقيل: غير ذلك، ضعفه شريك، ويحيى في رواية، ووثقه في رواية أخرى، وقال أحمد: روى عنه إسرائيل أحاديث كثيرة، مناكير جدا، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال ابن حبان: فحش خطؤه، وكثر وهمه، حتى سلك غير مسلك العدول في الروايات، انتهى. ورواه أحمد في "مسنده"، والبيهقي في "سننه"، والطبراني في معجمه.
قال الشيخ الألباني: ( صحيح )"
والرواية الرابعة قالها حيث قال :
"الحديث الرابع
وعن محمد بن جحش قال: (كنت مع النبي صلى الله عليه و سلم فمر على معمر و هو جالس عند داره في السوق و فخذاه مكشوفتان فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : غط فخذك يا معمر فإن الفخذ عورة) رواه الحاكم والطبراني."
وانتقد الرواية حيث قال :
"قال الزيلعي: ورواه الطبراني في "معجمه" من ست طرق دائرة على العلاء قبل، ورواه الطحاوي، وصححه، ورواه الحاكم في "المستدرك الفضائل"، وسكت عنه، ورواه البخاري في "تاريخه الكبير"
قال الشيخ الألباني: وعلته أبو كثير هذا فإنه مجهول كما قال ابن حزم وقال الحافظ : ( لم أجد فيه تصريحا بتعديل )و أخرجه الطحاوي في ( الشرح ) وفي ( المشكل ) والحاكم والبيهقي وأحمد والبخاري أيضا في ( التاريخ ) كما في ( الفتح )
وقال في صحيح الجامع: انه (صحيح)"
وتناول الرواية الخامسة حيث قال :
"الحديث الخامس
عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله (ص) : " إذا زوج أحدكم عبده أو أمته أو أجبره فلا ينظر إلى شيء من عورته فإن ما تحت السرة إلى الركبة عورة " وفي لفظ " ما بين سرته وركبته من عورته "
وقد بينم عيوبها حيث قال :
"قال الشيخ الألباني: وروى الحاكم بسنده عن إسحاق بن راهويه قال : " إذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب ثقة فهو كأيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما " . قال : فهذا القول في طرف وقول يحيى بن سعيد فيما رواه ابن المديني عنه : " حديثه عندنا واه " في طرف آخر والحق الوسط وهو أنه حسن الحديث وقد احتج بحديثه جماعة من الأئمة المتقدمين كأحمد وابن المديني وإسحاق والبخاري وغيرهم كما بينته في " صحيح أبي داود "
وتناول الروايات المضادة التى تقول أن الفخذ ليس بعورة حيث قال :
"(الأحاديث التي تدل على أن الفخذ ليست عورة) مع النقد الحديثي لها إن وجد:
الحديث الأول
عن أنس: «أن رسول الله غزا خيبر فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس. فركب نبي الله ، وركب أبو طلحة، وأنا رديف أبي طلحة. فأجرى نبي الله في زقاق خيبر، وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله ثم حسر الإزار عن فخذه حتى إني أنظر إلى بياض فخذ نبي الله فلما دخل القرية قال: "الله أكبر خربت خيبر"...». أخرجه البخاري واللفظ له.
والبيهقي وأخرجه مسلم وأحمد إلا أنهما قالا : " وانحسر " بدل " وحسر " ، ولم يذكر النسائي في روايته ذلك كله .
قال الزيلعي في " نصب الراية " عقب رواية مسلم : " قال النووي في الخلاصة : وهذه الرواية تبين رواية البخاري ، وأن المراد انحسر بغير اختياره لضرورة الاجراء انتهى " .
الحديث الثاني
عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله (ص)مضطجعا في بيته كاشفا عن فخذيه ، فأستأذن أبو بكر ، فأذن له ، وهو على تلك الحال ، ثم استأذن عمر ، فأذن له وهو كذلك ، فتحدث ، ثم استأذن عثمان ، فجلس النبي (ص)يسوي ثيابه وقال محمد : - ولا أقول ذلك في يوم واحد - فدخل ، فتحدث ، فلما خرج قالت له عائشة : دخل عليك أبو بكر فلم تجلس ، ثم دخل عثمان ، فجلست وسويت ثيابك ؟ فقال : ألا استحيي ممن استحيى منه الملائكة "
أخرجه الطحاوي في " المشكل " من طريق محمد بن أبي حرملة عن عطاء بن يسار وسليمان بن يسار وأبي سلمة بن عبد الرحمن عنها .
قال الألباني : وهذا سند صحيح . وأصله في صحيح مسلم والبيهقي وابن شاهين في " شرح السنة " لكن بلفظ " كاشفا عن فخذيه أو ساقيه ) على الشك ، ورواية الطحاوي ترفع الشك . وتعين أن الكشف كان عن الفخذ . وله طريق أخرى بهذا اللفظ . أخرجه أحمد ورجاله ثقات غبرعبيد الله بن سيار أورده الحافظ في " التعجيل " رامزا له بأنه من رجال أحمد وقال : " قال الحسيني : مجهول .قال الألباني : ما رأيته في مسند عائشة رضي الله عنها من مسند أحمد هو فيه في الموضع الذي أشرنا إليه وله شاهد من حديث حفصة بنت عمر بن الخطاب نحو حديث عائشة وفيه : " فوضع ثوبه بين فخذيه " .أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " والبيهقي وأحمد ورجاله ثقات غير عبد الله بن أبي سعيد المزني الراوي له عن حفصة وقد ترجمه الحافظ في " التعجيل " وقال ملحقا : " وتلخص أن لعبد الله بن أبي سعيد راويين ، ولم يجرح ولم يأت بمتن منكر فهو على قاعدة " ثقات ابن حبان " ، لكن لم أر ذكره في النسخة التي عندي."
والرواية الأولى كانت في وقت الحرب والثانية كل من دخل عليه من أقاربه اثنين أحماء وصهر وزوجة وهؤلاء مسموح لهم بالنظر إلى بعض العورة
وتناول أراء الفقهاء في الموضوع حيث قال :
"الدراسة الفقهية
-…آراء العلماء في المسألة وسبب خلافهم.
أجمع العلماء أن السوأتين القبل والدبر عورة.
واتفقوا أيضا على أن الساق ليست عورة إجماعا قال الشوكاني : والساق ليس بعورة إجماعا.
واختلفوا في الفخذ هل هو عورة أولا على قولين قال ابن رشد: وسبب الخلاف في ذلك: أثران متعارضان، كلاهما ثابت: أحدهما: حديث جرهد أن النبي (ص) قال: الفخذ عورة.
والثاني حديث أنس: أن النبي (ص) حسر عن فخذه، وهو جالس مع أصحابه.
ذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في المشهور عنهم وهو قول عامة العلماء وجماهيرهم وهو قول القرطبي ورجحه جماعة من المعاصرين منهم الشيخ بن باز على أن الفخذ عورة
قال النووي: ذهب أكثر العلماء إلى أن الفخذ عورة
وإليك أقوالهم من كتبهم:
قال السرخسي: فأما الفخذ عورة عندنا
قال ابن همام: والفخذ عورة خلافا لأصحاب الظواهر
قال الإمام الكاساني: ولأن الركبة عضو مركب من عظم الساق والفخذ على وجه يتعذر تمييزه والفخذ من العورة
قال في الشرح الكبير: عورة الرجل ما بين السرة والركبة في ظاهر المذهب نص عليه في رواية الجماعة وهو قول مالك.
قال في حاشية الصاوي : قوله: (ما بين سرة وركبة): فعلى هذا يكون فخذ الرجل عورة مع مثله ومحرمه وهو المشهور، فيحرم كشفه.
قال الباجي: ومن جهة المعنى أن هذا موضع يستره المئزر غالبا فوجب أن يكون من العورة كالقبل والدبر.
قال ابن رشد: المسألة الثانية : و هو حد العورة من الرجل ، فذهب مالك و الشافعي إلى أن حد العورة منه ما بين السرة إلى الركبة ، و كذلك قال أبو حنيفة.
قال النووي : وعورة الرجل ما بين السره والركبة والسرة والركبة ليسا من العورة ومن أصحابنا من قال هما من العورة والاول أصح.
قال البيجرمي: الخامس ( عورة الرجل ) أي الذكر وإن كان صغيرا حرا كان أو غيره ، ويتصور غير المميز في الطواف ( مابين سرته وركبته )
قال الشيرازي في المهذب: وروي عن علي كرم الله وجهه أن النبي (ص) قال :" لا تبرز فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت " فإن اضطر إلى الكشف للمداواة أو للختان جاز ذلك لأنه موضع ضرورة . وهل يجب سترها في حال الخلوة ؟ فيه وجهان : أصحهما أنه يجب لحديث علي كرم الله وجهه.
قال في منتهى الإرادات : وعورة ذكر وخنثى" حرين كانا أو رقيقين أو مبعضين "بلغا" أي استكملا "عشرا" من السنين ما بين سرة وركبة لحديث علي مرفوعا " لا تبرز فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت "
قال في الإنصاف:
قوله " وعورة الرجل والأمة : ما بين السرة والركبة ".
الصحيح من المذهب : أن عورة الرجل ما بين السرة والركبة وعليه جماهير الأصحاب نص عليه في رواية الجماعة . وجزم به في الإيضاح والتذكرة لابن عقيل ، و الإفادات ، و الوجيز . و المنور ، و المنتخب .
قالوا: إن الفخذ ليست عورة وهي رواية عن مالك ورواية عن الإمام أحمد هو قول الظاهرية وهو قول سفيان الثوري وابن أبي ذئب وغيرهم.
قال في الإنصاف: . وعنه أنها الفرجان اختاره المجد في شرحه ، وصاحب مجمع البحرين ، و الفائق ، قال في الفروع : وهي أظهر وقدمه ابن رزين في شرحه وقال : هي أظهر وإليها ميل صاحب النظم أيضا.
قال الدردير: وروي عنه – أي مالك- أنها الفرجان نقله عنه مهنا.
قال ابن قدامة: وفيه رواية أخرى أنها الفرجان ، قال مهنا سألت أحمد ما العورة ؟ قال الفرج والدبر.
قال ابن رشد: : أما مالك وأحمد وابن حزم وجمهور المتقدمين فذهبوا إلى أن العورة هي القبل و الدبر فقط."
وبعد أن ذكر آراء الفقهاء في حد العورة تناول بالذكر أدلة كل فريق حيث قال :
"أدلة كلا الفريقين
أدلة القول الأول ( القائلين بأن الفخذ عورة)
1- عن جرهد الأسلمي قال، مر رسول الله (ص) وعلي بردة وقد انكشفت فخذي، فقال غط فخذك فإن الفخذ عورة". رواه مالك في الموطأ وأحمد وأبو داود والترمذي وقال حسن الحديث أخرجه أيضا ابن حبان وصححه.
2-عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا تبرز فخذك و لا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت رواه أبو داود و ابن ماجة.
3-عن ابن عباس قال رسول الله (ص) (الفخذ عورة) رواه الحاكم والترمذي و قال حديث حسن غريب.
4- وعن محمد بن جحش قال:
(كنت مع النبي صلى الله عليه و سلم فمر على معمر و هو جالس عند داره في السوق و فخذاه مكشوفتان فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : غط فخذك يا معمر فإن الفخذ عورة) رواه الحاكم واحمد.
5- عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله (ص) : " إذا زوج أحدكم عبده أمته أو أجبره فلا ينظر إلى شيء من عورته فإن ما تحت السرة إلى الركبة عورة " وفي لفظ " ما بين سرته وركبته من عورته " رواه أبو داود
7-لأن ما حول السوءتين من حريمهما و ستره تمام سترهما و المجاورة لها تأثير في مثل ذلك فوجب إن يعطى حكمهما
8-هذه الآثار وإن كانت بعضها ضعيفة إلا أن بعضها يشد بعضا.
أدلة القول الثاني
(القائلين بأن الفخذ ليست من العورة)
1.…عن أنس: «أن رسول الله غزا خيبر. فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس. فركب نبي الله ، وركب أبو طلحة، وأنا رديف أبي طلحة. فأجرى نبي الله في زقاق خيبر، وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله . ثم حسر الإزار عن فخذه حتى إني أنظر إلى بياض فخذ نبي الله . فلما دخل القرية قال: "الله أكبر خربت خيبر"...». أخرجه البخاري واللفظ له، ومسلم.
2.…عن عائشة "أن رسول الله (ص) كان جالسا كاشفا عن فخذه فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على حاله، ثم استأذن عمر فأذن له وهو على حاله، ثم استأذن عثمان فأرخى عليه ثيابه، فلما قاموا قلت يا رسول الله استأذن أبو بكر وعمر فأذنت لهما، وأنت على حالك فلما استأذن عثمان أرخيت عليك ثيابك، فقال يا عائشة ألا أستحيي من رجل والله إن الملائكة لتستحيي منه" رواه مسلم والبيهقي
3.…حديث زيد بن ثابت وفيه (أنزل الله على رسول الله (ص) وفخذه على فخذي ، فثقلت علي ، حتى خفت أن ترض فخذي) رواه البخاري
4.…: قوله سبحانه وتعالى–: لباسا يواري سوآتكم وقوله: بدت لهما سوآتهماوقوله –جل وعلى–: ليريهما سوءآتهما. والمراد بها في هذه الآيات القبل والدبر فقط.
5.…قال ابن حزم: فصح أن الفخذ ليست عورة ولو كانت عورة لما كشفها الله عز وجل عن رسوله المطهر المعصوم من الناس في حال النبوة والرسالة؛ ولا أراها أنس بن مالك ولا غيره، وهو تعالى قد عصمه من كشف العورة في حال الصبا وقبل النبوة؟"
وتناول نقد كل فريق لروايات الأخر حيث قال :
"(المناقشة)
(مناقشة أصحاب القول الأول لأصحاب القول الثاني)
ناقش أصحاب القول الأول القائلين بأن الفخذ عورة أصحاب القول الثاني القائلين بأن الفخذ ليست عورة بما يأتي:
1-…بالنسبة للآية فالمراد بالسوأة العورة الغليظة وبه نقول أن العورة الغليظة هي السوأة ولكن حكم العورة ثبت فيما حول السوأتين باعتبار القرب من موضع العورة فيكون حكم العورة فيه.
2- بالنسبة لحديث أنس فإنه يجاب عنه بأن حديث إنما ورد في قضايا معينة في أوقات مخصوصة يتطرق إليها من احتمال الخصوصية أو البقاء على أصل الإباحة.
وقوله في الحديث " وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله (ص) " ظاهره أن المس كان بدون الحائل، ومس العورة بدون حائل لا يجوز. وعلى رواية مسلم ومن تابعه فإن الإزار لم ينكشف بقصد منه (ص). وقوله ثم "حسرالإزار" عن فخذه فمحمول على أنه وقع بصره عليه فجأه ، لا أنه تعمده وكذلك مست ركبته الفخذ من غير اختيارهما بل للزحمة ، ولم يقل إنه تعمد ذلك ، ولا أنه حسر الإزار بل قال :إنحسر بنفسه.
ويحتمل أن يكون أراد حسر ضيق الزقاق الذي أجرى فيه مركوبه إزاره عن فخذه ، فيكون الفعل لجدار الزقاق لا للنبي (ص) ، ويكون موافقا لما مضى من الأحاديث في كون الفخذ عورة ، غير مخالف لها. وايضا وردت إحدى روايات هذا الحديث (وإن ركبتي لتمس ركبة رسول الله (ص) ولم يذكر انكشاف الفخذ.
3- أما حديث عائشة رضي الله عنها وراه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى و قتيبة وغيرهما بهذا اللفظ : (كاشفا عن فخذه أو ساقيه بالشك) ، ولا يعارض بمثل هذا الصحيح الصريح عن النبي (ص) في الأمر بتخمير الفخذ والنص على أن الفخذ عورة .
وقد رواه ابن شهاب الزهري وهو أحفظهم ، فلم يذكر في القصة شيئا من ذلك في الفخذ
وأيضا يجاب عنه من وجوه: أولا: أنه عارض وليس دائما، وثانيا: أن الذي انكشف هو أوائل الفخذ ومابعد الفخذ من أوائلها ثالثا: أن العلماء حملوا هذا الحديث بالنسبة للشيخ الذي لاتتعلق به فتنة فهذه ثلاثة أجوبة.
4-غالب ما ورد في هذه الأدلة أنها أحاديث فعل والمعارض لها أحاديث قول والقول مقدم على الفعل عند التعارض كما هو مبين في الأصول.
مناقشة أصحاب القول الثاني لأصحاب القول الأول
ناقش أصحاب القول الثاني القائلين بأن الفخذ ليست بعورة أصحاب القول الأول القائلين بأن الفخذ عورة بما يأتي:
1-…بالنسبة لحديث جرهد فقد ضعفه البخاري في تاريخه للإضطراب في إسناده وقد ذكر ابن القطان أن حديث جرهد فيه علتان ذكرنها في مقدمة البحث في المبحث الحديثي.
وعلى فرض صحته فقد قال الأوزاعي: إنما أمر النبي (ص) جرهدا لأنه كان في المسجد مريضا، وليس الفخذ عورة.
2-…بالنسبة لحديث علي ففيه ابن جريج عن حبيب. وفي رواية أبي داود من طريق حجاج بن محمد عن ابن جريج، قال أخبرت عن حبيب بن أبي ثابت. وقد قال أبو حاتم في العلل إن الواسطة بينهما هو الحسن بن ذكوان قال ولا يثبت لحبيب رواية عن عاصم. قال الحافظ فهذه علة أخرى. وكذا قال ابن معين إن حبيبا لم يسمعه من عاصم، وإن بينهما رجلا ليس بثقة. وبين البزار أن الواسطة بينهما هو عمرو بن خالد الواسطي. ووقع في زيادات المسند وفي الدارقطني ومسند الهيثم بن كليب تصريح ابن جريج بإخبار حبيب له، وهو وهم، كما قال الحافظ.
وقد ذكر العلماء ان الحدبث منقطع في موضعين:
الأول : بين ابن جريح وحبيب
والآخر : بين حبيب وعاصم
والخلاصة: أن هذا الحديث ضعيف ضعفه أبو حاتم في علله وأنكره أبو داود فالحديث لا ينهض للإحتجاج به.
3-…أما حديث ابن عباس ففيه أبي يحيى القتات وقد ضعفه شريك وابن معين وقال أحمد: روى عنه إسرائيل أحاديث كثيرة، مناكير جدا، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال ابن حبان: فحش خطؤه، وكثر وهمه، حتى سلك غير مسلك العدول في الروايات.
4-… اما حديث محمد بن جحش فقد قال فيه الترمذي : حسن غريب . وفيه أبي كثير قال الحافظ ابن حجر: ( لم أجد فيه تصريحا بتعديل )
5-…بالنسبة لحديث عمرو بن شعيب فقد نقل ابن المديني قول يحيى بن سعيد في عمرو بن شعيب(حديثه عندنا واه )"
وحاول الكاتب أن يجمع بين الرأيين عند الترجيح حيث قال :
"(الترجيح)
بعد سرد أقوال العلماء في هذه المسألة ومناقشة الأدلة تبين أن الأحاديث الواردة في ذلك إما صريحة غير صحيحة وإما صحيحة غير صريحة فيمكن أن نقول أن الراجح في المسألة هو الجمع بين القولين وذلك بأن نقول أن العورة قسمان عورة مخففة وهما الفخذان وعورة مثقلة وهما السوءتان فيجوز كشف المخففة مع الذين تستلزم أنشطتهم كشفه في الغالب وكذالك يجب ستره في محاسن الأخلاق وأماكن تجمع الناس ولعل هذا أقرب إلى الصواب وهو أشبه ما يكون بالقول الوسط بين القولين وإلى هذا أشار البخاري بعد أن ساق حديث أنس قال ( وحديث أنس أسند وحديث جرهد أحوط) وهذا الجمع اختاره كثير من المحققين كابن قتيبة وابن رشد وابن القيم وغيرهم وإليك بعض ماقالوا:
يقول الإمام ابن رشد: «والأقرب إلى الصواب أن ما روي عن النبي في الفخذ، هل هو عورة أو ليس بعورة: معناه أنه ليس بعورة يجب سترها كالقبل والدبر، وأنه عورة يجب سترها في مكارم الأخلاق ومحاسنها. ولا ينبغي التهاون بذلك في المحافل والجماعات. ولا عند من يستحي من ذوي الأقدار والهيئات. فعلى هذا تستعمل الآثار كلها. واستعمالها أولى من طرح بعضها.
قال ابن القيم :
وطريق الجمع بين هذه الأحاديث ما ذكره غير واحد من أصحاب أحمد وغيرهم: أن العورة عورتان: مخففة ومغلظة، فالمغلظة السوءتان، والمخففة الفخذان، ولا تنافي بين الأمر بغض البصر عن الفخذين لكونهما عورة، وبين كشفهما لكونهما عورة مخففة
قال ابن قتيبة: ونحن نقول إنه ليس ههنا اختلاف ولكل واحد من الحديثين موضع فإذا وضع بموضعه زال ما توهموه من الاختلاف. أما حديث جرهد فإن رسول الله (ص) مر به وهو كاشف فخذه على طريق الناس وبين ملئهم فقال عليه السلام له: وار فخذك فإنها من العورة في هذا الموضع ولم يقل فإنها عورة لأن العورة غيرها والعورة صنفان أحدهما فرج الرجل والمرأة والدبر منهما وهذا هو عين العورة والذي يجب عليهما أن يستراه في كل وقت وكل موضع وعلى كل حال والعورة الأخرى ما داناهما من الفخذ ومن مراق البطن وسمي ذلك عورة لإحاطته بالعورة ودنوه منها. وهذه العورة هي التي يجوز للرجل أن يبديها في الحمام وفي المواضع الخالية وفي منزله وعند نسائه ولا يحسن به أن يظهرها بين الناس وفي جماعاتهم وأسواقهم وليس كل شيء حل للرجل يحسن به أن يظهره في المجامع."
والحقيقة أن جسم الرجل كجسم المرأة يعتبر كلاهما عورة فيما عدا ما أباح الله كشفه من الوجه واليدين ورأس الرجل
أما الدليل فهو أن الأبوين(ص) غطيا جسيميهما بورق الجنة عندما انكشفت أجسامها كما قال سبحانه :
"فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سواءتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة"
واما الدليل على كشف الرجل رأسه وهو شعره فهو قول هارون(ص) لموسى(ص):
" قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتى ولا برأسى"
فلو كان الرأس مغطى ما قدر على موسى(ص)امساكه منه لأن الغطاء سيمنعه