إضاءات حول كتاب بدعة غدير خم
الكتاب موضوعه بطلان حديث خم وقد تناول المؤلف الرواية حيث قال :
"المطلب الأول : حديث غدير خم :
عن زيد بن أرقم قال : قام رسول الله (ص) يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة ، فحمد الله وأثني عليه ، ووعظ وذكر ، ثم قال : (( أما بعد ، ألا أيها الناس ! فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين : أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله ، واستمسكوا به ))
فحث على كتاب الله ورغب فيه . ثم قال : (( وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ..... )) الحديث .
وعن البراء بن عازب قال : كنا مع رسول الله (ص) في سفر، فنزلنا بغدير خم ، فنودي فينا الصلاة جامعة ، وكسح لرسول الله (ص) تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي فقال : (( ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ )) .
قالوا : بلى . قال : (( ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ )) . قالوا : بلى . قال : فأخذ بيد علي فقال :
(( من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه )) قال : فلقيه عمر بعد ذلك فقال له :
هنيئا يا ابن أبي طالب ! أصبحت وأمسيت ولي كل مؤمن ومؤمنة ))
وروى الحاكم في المستدرك عن زيد بن أرقم قال : خرجنا مع رسول الله (ص) حتى انتهينا إلى غدير خم ، فأمر بروح فكسح في يوم ما أتى علينا يوم كان أشد حرا منه ، فحمد الله وأثنى عليه وقال :
(( يا أيها الناس! إنه لم يبعث نبي قط إلا ما عاش نصف ما عاش الذي كان قبله ، وإني أوشك أن أدعى فأجيب ، وإني تارك فيكم ما لن تضلوا بعده : كتاب الله عز وجل )) ثم قام فأخذ بيد علي – فقال : يا أيها الناس !من أولى بكم من أنفسكم ؟)) قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : (( من كنت مولاه فعلي مولاه ))"
والجملة الأخيرة من كنت مولاه فعلي مولاه هى مناط الكتاب وهى جملة لا تعنى أى شىء كما يظن الشيعة لأن الرسول(ص) مولى كل مؤمن كما قال سبحانه :
"إنما وليكم الله ورسوله والذين أمنوا"
وتناول أول من احدث بدعة عيد غدير خم حيث قال:
"المطلب الثاني : أول من أحدث هذه البدعة :
أول من أحدث بدعة عيد غدير خم هو معز الدولة بن بويه ، وذلك في سنة هـ ببغداد .
قال ابن كثير في حوادث سنة هـ : ( وفي عشر ذي الحجة منها أمر معز الدولة بن بويه بإظهار الزينة في بغداد ، وأن تفتح الأسواق بالليل كما في الأعياد ، وأن تضرب الذبابات والبوقات ، وأن تشعل النيران في أبواب الأمراء ، وعند الشرط ، فرحا بعيد الغدير – غدير خم – فكان وقتا عجيبا مشهودا ، وبدعة شنيعة ظاهرة منكرة )ا.هـ .
وقال المقريزي : ( اعلم أن عيد الغدير لم يكن عيدا مشروعا ، ولا عمله أحد من سالف الأمة المقتدى بهم ، وأول ما عرف في الإسلام بالعراق أيام معز الدولة على بن بويه ، فإنه أحدثه في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة فاتخذه الشيعة من حينئذ عيدا) ا.هـ .
ويعتبر عيد ((غدير خم )) من الأعياد والمواسم التي كان العبيديون – ناصري البدعة – يقيمونها ويرعونها ، ويحافظون عليها ، وذلك لإثبات تشيعهم ومحبتهم لآل البيت ، الذي يدعون الانتساب إليهم !! .
وأول ما أقيم الاحتفال بهذا العيد المبتدع في مصر في الثامن عشر من ذي الحجة سنة هـ) "
وتناول حرمة الاحتفال بذلك العيد حيث قال:
"المطلب الثالث : حكم هذا العيد .
لا شك في أن جعل الثامن عشر من ذي الحجة عيدا وموسما من المواسم التي يحتفل الناس بها ، ويفرحون بقدومها ، ويخصونها بشيء من القرب كالإعتاق والذبح ونحو ذلك : بدعة باطلة ، وأساسها الذي اعتمدت عليه أمر باطل لا شك في بطلانه ، وهو زعمهم أن النبي (ص) في اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة سنة عشرة للهجرة ، وهو قافل – عليه الصلاة والسلام – من حجة الوداع ، أوصى بالخلافة لعلي بن أبي طالب بمكان يسمى غدير خم .
وهذا يدل دلالة واضحة على أن المبتدعين لهذا العيد ، والمعظمين له هم الشيعة ، فهم يفضلونه على عيدي الفطر والأضحى ، ويسمونه بالعيد الأكبر .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ، في كلامه عن أنواع الأعياد الزمانية المبتدعة ، والتي قد يدخل فيها بعض بدع أعياد المكان والأفعال :
(النوع الثاني :ما جرى فيه حادثة كما كان يجري في غيره ،من غير أن يوجب ذلك جعله موسما ، ولا كان السلف يعظمونه ، كثامن عشر ذي الحجة ، الذي خطب النبي (ص) فيه بغدير خم مرجعه من حجة الوداع ، فإنه (ص) خطب فيه خطبة وصى فيها باتباع كتاب الله ، ووصى فيها بأهل بيته ، كما روى ذلك مسلم في صحيحه عن زيد بن أرقم .
فزاد بعض أهل الأهواء في ذلك ، حتى زعموا أنه عهد إلى علي بالخلافة بالنص الجلي ، بعد أن فرش له ، وأقعده على فراش عالية ، وذكروا كلاما وعملا قد علم بالاضطراب أنه لم يكن من ذلك شيء ، وزعموا أن الصحابة تمالؤا على كتمان هذا النص ، وغصبوا الوصي حقه ، وفسقوا وكفروا إلا نفرا قليلا . والعادة التي جبل الله عليها بني آدم ، ثم ما كان القوم عليه من الأمانة والديانة ، وما أوجبته شريعتهم من بيان الحق ، يوجب العلم اليقيني بأن مثل هذا اليوم عيدا محدث لا صل له ، فلم يكن في السلف لا من أهل البيت ولا من غيرهم ، من اتخذ ذلك اليوم عيدا ، حتى يحدث فيه أعمالا ؛ إذ الأعياد شريعة من الشرائع ، فيجب فيها الاتباع لا الابتداع ، وللنبي (ص) خطب وعهود ووقائع في أيام متعددة : مثل يوم بدر ، وحنين ، والخندق ، وفتح مكة ، ووقت هجرته ، ودخوله المدينة ، وخطب له متعددة يذكر فيها قواعد الدين ، ثم لم يوجب ذلك أن يتخذ أمثال تلك الأيام أعيادا . وإنما يفعل مثل هذا النصارى ، الذين يتخذون أمثال أيام حوادث عيسى عليه السلام – أعيادا ، أو اليهود . وإنما العيد شريعة ، فما شرعه الله اتبع ، وإلا لم يحدث في الدين ما ليس منه ) وقد أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية بأن اتخاذ يوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة عيدا بدعة ، لم يفعلها السلف ، ولم يستحبوها ، وأن ذلك موسم غير شرعي ، وإنما هو من المواسم المبتدعة "