خواطر حول خطبة منغصات الإجازة
ابتدأ الخطيب الحديث عن كون الإجازة وهى العطلة الصيفية للمدارس والكليات شىء يمكن أن يفيد ويمكن أن يضر حيث قال :
" الاجازة سلاح ذو حدين ، وكما أن لها فوائد وثمرات ، فإن لها منغصات ومكدرات "
وتناول منغصات الاجازة وأولها تضييع الصلوات المفروضة حيث قال :
"ومن أعظم هذه المنغصات :
ضياع الصلوات :
قال تعالى :
[ فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا إلا من تاب ...]
والإجازة يفترض أن تكون من أعظم أسباب الحرص على الصلوات والمحافظة عليها في بيوت الله كما أمر الله ، وذلك لتفرغ العبد عما يشغله عنها ، فكيف تصبح الإجازة سببا من أسباب تضييعها والتفريط فيها؟"
وتناول ما يضيع الصلوات وهو الالتهاء بمشاهدة الأفلام وما شابهها من المحرمات وممارسة الرياضة دون وعى حيث قال :
"ترى بعض الشباب يضيع صلاته لانشغاله بالتفاهات كمتابعة المباريات أو الأفلام والمسلسلات أو لكثرة النوم والجلسات ، وغير ذلك مما يندى له الجبين وينقطع له حبل الوتين .
وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - في البخاري أنه قال: "من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله" .. فكيف بمن يضيع الصلاة تلو الصلاة .
كيف يصل إلى السعادة من هجر محراب العبادة ؟! .. وكيف يتمتع بالإجازة من قطع صلته بالله سبحانه؟"
والحق أن تضييع اى صلاة دون عذر هو تضييع للدين بالكلية
وتناول المنغص الثانى وهو السفر لهدف محرم حيث قال:
"ومن منغصات الإجازة : السفر المحرم .
كالسفر إلى بلاد الكفار بلا حاجة .
فعن جرير بن عبد الله قال :
قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين " رواه الترمذي وصححه الألباني .
والرواية لا تصح لمخالفتها كتاب الله فالمسلم لا يتبرا من المسلم المقيم في بلاد الكفر كما قال سبحانه:
إن الذين أمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله والذين أووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين أمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شىء حتى يهاجروا وإن استنصروكم فى الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق"
فلو تبرأ منهم ما طالبه الله بنصرهم عند طلبهم النصر وتناول تحريم الفقهاء لسفر المسلمين لبلاد الكفر إلا لضرورة حيث قال :
"وقد أفتى أهل العلم بتحريم السفر إلى بلاد الكفار . واستثنوا من ذلك ما دعت إليه الحاجة كطلب علم دنيوي أو طب أو تجارة أو لدعوتهم إلى الإسلام ونشره بينهم "
وتناول أضرار السفر المحرم حيث قال :
"ولا شك ان السفر لبلاد الكفر له مفاسد كثيرة .. كم من مآس رجع بها جمع من المسافرين بلغت ببعضهم إلى درجة الردة عن الدين والكفر برب العالمين !
وكم عاد آخرون بالأمراض الفتاكة والأوبئة المهلكة أو بالإدمان على الخمور والمخدرات أو بالهزيمة النفسية والتردي المعنوي والكره للإسلام وأهله ودياره
ومن السفر المحرم السفر إلى البلاد المسلمة التي يكثر فيها الفساد فقد أصبحت الإجازة عند بعض الناس فرصة للتمرد على أوامر الله ، وموسما من مواسم تضييع فرائض الله وانتهاك حدود الله ، والتخلي عن كثير من المسئوليات ، والوقوع في عدد من المحرمات ، كالتفريط في الحجاب ، وتضييع الصلوات ، وحضور أماكن الرقص والفجور ، ومواطن الخلاعة والخنى والفواحش والزنى ."
وتناول المنغص الثالث وهو الألعاب المحرمة حيث قال :
" منغصات الإجازة :الألعاب المحرمة :
يكثر الناس في الإجازة الصيفية من ألعاب التسلية والترفيه ، ولا شك أن الترويح عن النفس وإجمامها ببعض المباحات أمر مطلوب .
لكن هذا الأمر قد يتحول إلى منغص وأمر سلبي ، من وجهين :
الأول: أن هذه الألعاب قد تستغرق الوقت آناء الليل وأطراف النهار ، وهذا من العبث الذي يضيع الأوقات ويهدر الطاقات .
ولهذا لا بد من ضبط الوقت وإعطاء كل أمر حقه .
الثاني: اشتمال بعض الألعاب على محظورات شرعية ، كالشطرنج ، أو القمار ، أو الموسيقى ، والصور المحرمة بل الخليعة كما في بعض ألعاب البلاي ستيشن ، وغيرها من المحظورات ."
والألعاب شرطها أن تكون مفيدة للجسم أو لتعلم ما ينفع الإنسان مع اقتصارها على ساعة او اثنين على الأكثر وذلك حرصا على الطاعات الأخرى وتناول منغص أخر وهو الفرجة على الشاشات حيث قال :
"ومن منغصات الإجازة :
متابعة المسلسلات والأفلام والقنوات الفضائية :
إنها صورة محزنة لمن مضى عمره هباء ، وهو ينظر إلى المسلسلات والأفلام والبرامج الترفيهية المليئة بالمنكرات من صور بعض الرجال العصاة والنساء الفاسقات في أوضاع مزرية وصورة مخزية ومناظر مشينة ، يلين لها الحديد ، وتذوب بها الجلاميد ، ويتابعها المحروم في كل يوم ، متغافلا عن آثارها السيئة وثمارها المرة على الفرد خاصة والمجتمع بعامة
عجبا لمن يرى الفتنة أمامه فيلقي فيها أقدامه
عن عمران بن حصين أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :" في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف " فقال رجل من المسلمين : يا رسول الله ! ومتى ذلك ؟ . قال :" إذا ظهرت القيان والمعازف وشربت الخمور " "
والرواية لا تصح لأنها علم بالغيب المستقبلى وهو ما يعارض أنه لا يعلم الغيب كما قال سبحانه على لسانه:
ط ولا أعلم الغيب"
زد على هذا أن ألمور المذكورة كانت موجودة في عصر النبى0ص) وقبله ومع هذا لم يحدث في عهده الخسف والمسخ والقذف
وتناول خطورة الفضائيات حيث قال:
"لقد قادت الفضائيات الكثير من شبابنا وبناتنا إلى مسالك غير سوية.
فحدث عن شرخ التوحيد وتضليل الفكر والتلبيس على عقائد المسلمين .. وحدث عن الفجور وتأجيج الشهوات ، وتحريك الغرائز وظهور السافرات المتبرجات في التمثيليات والأفلام ونشرات الأخبار ، وإفساد الأزواج والزوجات والأبناء والبنات .. وحدث عن العنف وتعليم الجريمة والسرقة والمخدرات .
في تحقيق مع بعض المدمنات في الرياض قالت إحداهن: "رأيت فتيات يشربن كثيرا في الأفلام الأجنبية فحاولت التجربة" .
وتقول أخرى: "أشاهد الأفلام الأجنبية الجديدة وعندما أرى الأمريكيين يشربون ويضحكون أحس بأنهم هم الأشخاص الذين يعيشون حياة حقيقية " .
أيها الأحبة .. ماذا نتوقع من أبناء مراهقين وفتيات مراهقات يتسمرون طوال اليوم أمام طبق قيمته 400 ريال في الملاحق والاستراحات يضع بين أيديهم أكثر من 300 قناة ، تعرض الخزي والعار في بيوت المسلمين ."
وتناول منغص أخر وهو ذهاب السباب والشابات للمقاهى وتدخينهم فيها حيث قال:
"ومن منغصات الإجازة : الذهاب إلى المقاهي لشرب المحرمات كالشيشة والدخان :
فبعض الشباب تمضي عليه الساعات الطويلة وهو جالس على أريكته في هذه المقاهي والملاهي مع غيره ممن هم على شاكلته يلعبون البلوت ، ويشربون الشيشة أو المعسل ، إن نظروا نظروا إلى المحرمات في القنوات ، وإن استمعوا استمعوا بالمعازف المحرمة والكلمات الآثمة ، وإن تكلموا تكلموا في الغالب فيما لا ينفع ولا يرفع ، ويضر ولا يسر .
الذهاب للأماكن المحرمة كالحفلات الغنائية وأماكن الاختلاط :
فبعض الحفلات الصيفية يكون فيها شيء من المنكرات والمخالفات الشرعية ، كسماع المعازف المحرمة ، والأغاني الماجنة .
وهذه المجالس المحرمة يحرم على العبد المسلم أن يحضر إليها أو يشارك في إقامتها ."
وتناول منغص أخر وهو التسكع في الأسواق حيث قال:
"ومن منغصات الإجازة : التسكع في الأسواق :
لقد أصبحت الأسواق ـ وهي أبغض البقاع إلى الله ـ أفضل الميادين عند بعض الغافلين ليقتلوا فيها الوقت الثمين ، ويهدروا فيها العمر الغالي ، ويعرضوا أنفسهم لما لا قبل لهم به من البلايا والرزايا .
فعن أبي هريرة قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" أحب البلاد إلى الله مساجدها ، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها " رواه مسلم .
وفي صحيح مسلم أن سلمان الفارسي قال:" لا تكونن إن استطعت أول من يدخل السوق ، ولا آخر من يخرج منها ، فإنها معركة الشيطان ، وبها ينصب رايته "."
ورايات السوق الغلط بها كون شر البقاع الأسواق وهو ما يعارض مشى الرسل (ص) فيها كما قال سبحانه :
"وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون فى الأسواق "وقد بين الله أن الكفار عابوا على الرسول (ص)مشيه فى الأسواق حيث قال:
"وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق "
فلو كان بغيضة فلماذا مشى الرسل(ص) فيها
إنما البغيض هو ارتكاب محرم فيها
وتناول منغص أخر وهو الاستعمال السوء للشبكة العنكبوتية حيث قال :
"ومن منغصات الإجازة : الاستخدام السيء لشبكة الإنترنت :
الوقت وعاء العمر وإناء الحياة ، وهو أغلى من الدراهم والدنانير .
وقد بلينا بمن يتفنن في تضييع وقته الثمين ، ويبدع في وسائل إهداره ، ويبرع في أساليب تضييعه ، كحال أولئك الذين يمضون الساعات الطوال ، وهم عاكفون على الشبكة العنكبوتية [ الإنترنت ] وهم يتقلبون بين الصفحات والمواقع يدفعهم الفضول لاختراق الممنوع ، والبحث عن كل مثير ، فيقعون في شراك هذه الشبكة المليئة بالفتن في دينهم والمضيعة لثمرة أعمارهم دون حدود أو قيود .
تقول إحدى الأمهات :
لاحظت تغير سلوك ابنتي اللتين تبلغان من العمر الخامسة عشرة والسابعة عشرة ، وبدأتا تتساهلان في الحجاب ، وعندما راقبتهما اكتشفت أنهما يتحدثان مع بعض الشباب في الشات على الانترنت ، فلفما أنكرت عليهما ثارا وغضبا وقاطعاني لمدة أسبوعين .
وشاب متزوج يقول :
أنا شاب في بداية الثلاثينات من عمري متزوج منذ 8 سنوات، في بداية حياتي الزوجية كنت مضرب المثل في العفة وغض البصر، لكن مع الأسف الشديد في السنوات الثلاث الأخيرة اتخذت اتجاها آخر؛ حيث بدأت أنظر إلى الفواحش في التلفاز وعبر الإنترنت وأصبحت الآن مدمنا، وحاولت جاهدا أن أتخلى لكن هيهات .. لم أرتكب فاحشة الزنى، لكني أشاهد بالعين وأتصل عبر الشات، وكم من مرة أخرج من بيتي للقاء إحداهن وأتراجع في آخر لحظة وأندم عن اللقاء، ثم أعود .
أمام هذا السيل الجارف من الشهوات والشبهات على شبكة الانترنت يجدر بكل من يريد الدخول إلى الشبكة أن يراعي الآداب التالية :
اختيار المواقع السليمة والمفيدة ،وعدم تجاوز الساحات المفيدة المعينة على الخير إلى غيرها.
الحذر من إضاعة الأوقات ؛ فإن عددا من الناس يستزف معظم وقته في التصفح أو ساحات الحوار.
أن يتحلى المشارك في المواقع والمنتديات الإخلاص لله ، والبعد عن حب الثناء أو الإعجاب بالنفس ، أو الانتصار الشخصي .
لا بد أن يدرك الداخل إلى ساحات الحوار أنه يتعامل مع شخصيات كثيرة مجهولة ، ومن المعلوم عند أهل العلم أن المجهول لا يمكن أن يوثق حديثه ، فكن على حذر من أخبار المجاهيل .
الحذر من الفتوى بغير علم ، وخوض الشاب فيما لا يحسنه ، فقد قال الله تعالى (ولا تقف ما ليس لك به علم) ، وقال سبحانه: ( ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة) .
التزام الأدب الشرعي في المحادثة أو الرد أو النقد ، وعفة اللسان حتى مع المخالف ، وصدق الله تعالى حيث يقول:
(ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) .
تجنب المحادثة بين الجنسين من الذكور والإناث ،لأن الغالب أن يكون ذلك مثيرا لكوامن النفس وإثارة الغرائز والشهوة ، وربما أدى ذلك إلى الفتنة والمفسدة .
عدم الدخول في الغرف المريضة البعيدة عن الأخلاق والقيم الاسلامية ، مثل الغرف الإباحية التي تثير الفاحشة والرذيلة ، وتفسد الشباب عن طريق الشذوذ والانحراف الجنسي .
الابتعاد عن المواقع التي تبث السموم في أفكار الشباب وتزعزع عقيدتهم ، مثل مواقع أهل البدع والفرق المنحرفة ، أو مواقع التنصير . ولا يجوز الدخول على هذه المواقع بدافع حب الاستطلاع ، أو الدخول معهم في المناقشة بلا علم ."
والحقيقة المرة أن الحكومات التى شرعت الإجازات والعطلات أدخلت في الشرع ما ليس منه فلا وجود للعطلات في دين الله فحتى يوم الجمعة قبل الصلاة عمل وهو ترك البيع وهو العمل المهنى وبعد الصلاة عمل مهنى وهو الانتشار في الأرض بحثا عن فضل الله وهو رزقه كما قال سبحانه :
يا أيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون فإذا قضيت الصلاة فانتشروا فى الأرض وابتغوا من فضل الله"
فالمفروض هو استمرار الدراسة طوال العام عدا شهر واحد للامتحانات وذلك حتى لا ندع للطلاب فرصة أن يخالفوا شرع الله من خلال وجود وقت فراغ كبير يمتد لثلث العام وكى لا نعطل قوى المعلمين ثلث العام عن العمل المفيد