إضاءات حول كتاب القول السديد فى بيان حكم التجويد
الكاتب هو محمد بن على بن خلف الحسينى الشهير بالحداد والكتاب موضوعه سؤال وجه للكاتب عن حكم قراءة القرآن بلا تجويد وعن حكم قراءة القرآن دون معلم من المصحف وقد أجاب الحداد عليهما حيث قال:
"قد وجه إلى سؤال عن حكم قراءة القرآن الكريم بدون تجويد وحكم الاكتفاء بأخذه من المصاحف بدون معلم "
إجابة السؤال ألأول هى :
"فأقول وبالله التوفيق والهداية ، إلى أقوم طريق
إعلم أن تجويد القرآن الكريم واجب وجوبا شرعيا يثاب القارىء على فعله ويعاقب على تركه ، فرض عين على من يريد قراءة القرآن لأنه نزل على نبينا صلى الله علية وسلم مجودا ووصل إلينا كذلك بالتواتر قال الأمام الشمس بن الجزرى فى مقدمته :
والأخذ بالتجويد حتم لازم من لم يجود القرآنا فهو آثم
لأنه به الإله أنزلا وهكذا منه إلينا وصلا
وفى النشر عن الضحاك قال قال عبد الله بن مسعود : ( جودوا القرءآن وزينوا بأحسن الأصوات وأعربوه فإنه عربى والله يحب أن يعرب به )
ولاشك أن الأمة كما هم متعبدون بفهم معانى القرأن وإقامة حدوده هم متعبدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة عن أئمة القراءة المتصلة بالحضرة النبوية الأفصحية العربية التى لا تجوز مخالفتها ولا العدول عنها إلى غيرها .
وقال الشيخ أبو عبد الله نصر الشيرازى بعد ذكره الترتيل والحدر ولزوم التجويد فيهما مانصه : حسن الأداء فرض فى القرآن ويجب على القارىء أن يتلو القرآن حق تلاوته صيانة للقرآن عن أن يجد اللحن إليه سبيلا لإنة لا رخصة فى تغيير لفظ القرآن وتعويجه واتخاذ اللحن سبيلا إلية قال الله تعالى (قرآنا عربيا غير ذى عوج) اهـ .
وقد نص الفقهاء على أن القارىء لو أفرط فى المد والإشباع حتى ولد حرفا أو أدغم فى غير موضع الادغام حرم عليك ذلك لأنة عدول به عن نهجه القويم ومراعاة نهج القرآن الذى ورد به واجبة وتركها حرام مفسق وقد نقل العلامة الشيخ عبد الباقى المالكى فى شرحه على متن الشيخ خليل أن العلماء اتفقوا على أن القراءة بالتلحين إن أخرجت القرآن إلى كونه كالغناء بإدخال حركة فيه أو إخراج حركة منة أو قصر ممدود أو مقصور أو تمطيط يخفى اللفظ أو يلتبس به المعنى حرام والقارىء0 بها فاسق والمستع لها آثم اهـ .
ونقل شراح الحديث مثله عن مذهب الإمام الشافعى رضى الله عنة فقد بان لك أن مراعاة تالى كتاب الله تعالى التجويد المعتبر عند أهل القراءة أمر واجب بلا امتراء وأن غير ذلك زور وإفتراء وأنه يجب تنبيه الغافلين وإرشاد الجاهلين فيما يقع لهم من اللحن والخطأ فى كلام رب العالمين ، ومما يدل لذلك قولة تعالى (ورتلناه ترتيلا) فقد فسر الإمام على الذى هو باب مدينة العلم الترتيل فى هذه الآية بمراعاة الوقوف وتجويد الحروف فمن قدر على تصحيح كلام الله تعالى باللفظ الصحيح العربى الفصيح وعدل عنه إلى اللفظ الفاسد العجمى أو النبطى القبيح استغناء بنفسه واستبدادا برأيه وحدسه واتكالا على ما ألف من حفظه أو استكبارا عن الرجوع إلى عالم يوقفه على تصحيح لفظه فإنه مقصر بلا شك وآثم بلا ريب وغاش بلا مرية فان القرآن أنزل بأفصح اللغات وهى لغة العرب العرباء فوجب أن يراعى فيه لغة العرب من حيث قواعدهم من ترقيق المرقق وتفخيم المفخم وإدغام المدغم إلى غير ذلك مما هو لازم فى كلامهم فإذا لم يراع القارىء ذلك فكأنه قرأ القرآن بغير لغه العرب والقرآن ليس كذلك فهو ليس بقارىء بل هادم وعدم قراءته خير له وهو بها داخل فى قوله صلى الله عليه وسلم ( رب قارىء للقرآن القرآن يلعنه )"
والإجابة لا تستند لأى دليل من كتاب الله فعلم التجويد نشأ بعد قرون من نزول القرآن فالمصاحف ألأولى حسب التاريخ لم يكن بها نقط على الحروف المعجمة وإنما كانت كل الحروف بلا نقط ثم تطور الأمر إلى وضع النقاط الدالة على الرفع والفتح والكسر والجزم من خلال الكتابة بحبر أحمر من خلال عمل الفراهيدى ثم بعد ذلك جاءت مرحلة وضع الاصطلاحات الكتابية مثل صلى ولا والألفات والواوات الصغيرة وأمثالها وأخيرا تم وضع الفتحة والكسرة والضمة وعلامة السكون فى المرحلة الأخيرة
ومن ثم الأصل فى قراءة القرآن هى القراءة العادية فالقرآن ليس كتاب لغة ولا نحو لأنه يخالف قواعد تلك العلوم المستحدثة بعده بقرون
ومن ثم علم التجويد لم يكن على عهد النبى(ص) ولا صحابته وإنما علم مستحدث حسب التاريخ
وما قاله الكاتب فى أخر الفقرة عن لعن القارىء المخطىء من خلال حديث منسوب للنيى(ص) زورا يتعارض مع قول الكاتب:
"أما ما قيل أن القارىء إن أخطأ فى قراءته فإن الملك يرفع القرآن صحيحا فهذا فى من يقرأ القرآن على غير صفته التى نزل بها وهو قادر على النطق بالصواب أما هو فقراءته غير مقبوله لأن الله لا يقبل عملا فاسدا فضلا عن كونه محرما بل هو آثم عاص هو ومن يعجبه شأنه "
فالرواية ألأخرى تقول أن المتعتع فى القراءة له أجر وأما من قصد قراءة القرآن بالخطأ المتعمد فهو آثم لا شط فى ذلك
وعرف الكاتب التجويد حيث قال:
" والتجويد هو إخراج كل حرف من مخرجه وحيزه مع إعطائه صفته اللازمة له من شدة وجهر واستعلاء واستفال ونحوها وما ينشأ عنها من تفخيم مستعل وترقيق مستفل وقلفلة مقلقل إلى غير ذلك وإلحاق اللفظ بنظيره والنطق به على حال صفته وكمال هيئته من غير إسراف ولا تعسف ولا إفراط ولا تفريط ولا تكلف حتى يقرأ القرآن على صفته التى نزل بها"
ولو اقتصر الكاتب على القول إخراج كل حرف من مخرجه وحيزه لأصاب لأن ألأمور التى قالها " شدة وجهر واستعلاء واستفال ونحوها وما ينشأ عنها من تفخيم مستعل وترقيق مستفل وقلفلة مقلقل إلى غير ذلك" فهى أمور لم تكن على أيام الرسول(ص) ولا الصحابة وإنما هى أمور اخترعها النحاة والدلاليون وغيرهم
واستدلاله على صحة كلامه بالرواية التالية خطأ:
"وإلى ذلك أشار النبى صلى الله عليه وسلم بقوله ( من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأ قراءة ابن أم عبد) يعنى عبد الله ابن مسعود وكان رضى الله عنه قد أعطى حظا عظيما فى تجويد القرآن وتحقيقه كما أنزله الله تعالى وناهيك برجل أحب النبى صلى الله عليه وسلم أن يسمع القرآن منه ولما قرأ أبكى رسول الله عليه وسلم كما ثبت فى الصحيحين وعن أبى عثمان النهدى قال صلى بنا ابن مسعود المغرب بقل هو الله أحد والله لوددت أنة قرأ سورة البقرة من حسن صوته وترتيله 0 وهذه سنة الله تبارك وتعالى فيمن يقرأ القرآن مجودا مصححا كما أنزل تلتذ الاسماع بتلاوته وتخشع القلوب عند قراءته حتى يكاد أن يسلب العقول ويأخذ بالألباب سر من أسرار الله تعالى يودعه من يشاء من خلقه اهـ مختصرا ."
فالرواية والكلام بعدها ليس فيها أى ذكر لحرمة من الحركات التى قالها "شدة وجهر واستعلاء واستفال وتفخيم مستعل وترقيق مستفل وقلفلة مقلقل "
فكل هذا كلام تم اختراعه فيما بعد نزول الوحى بقرون
وبنى على ما سبق كلام لا أساس له من الوحى وهو وجوب تعلم القرآن على أيدى الحفاظ والقراء حيث قال:
"واذ قد علمت أن التجويد واجب وعرفت حقيقته علمت أن معرفة كيفية الأداء والنطق بالقرآن على الصفة التى نزل بها متوقفة على التلقى والأخذ بالسماع من أفواه المشايخ الآخذين لها كذلك المتصل سندهم بالحضرة النبوية لأن القارىء لا يمكنه معرفة كيفية الادغام والاخفاء والتفخيم والترقيق والامالة المحضة أو المتوسطة والتحقيق والتسهيل والروم والاشمام ونحوها إلا بالسماع والاسماع حتى يمكنه أن يحترز عن اللحن والخطأ وتقع القراءة على الصفة المعتبرة شرعا ، إذا علمت ذلك تبين لك أن التلقى المذكور واجب لان مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب كما هو معلوم ولأن صحة السند عن النبى صلى الله عليه وسلم عن روح القدس عن الله عز وجل بالصفة المتواترة أمر ضرورى للكتاب العزيز الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفة تنزيل من حكيم حميد ليتحقق بذلك دوام ما وعد به تعالى فى قوله جل ذكره ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وحينئذ فأخذ القرآن من المصحف بدون موقف لا يكفى بل لا يجوز ولو كان المصحف مضبوطا 0 قال الإمام السيوطى ( والأمة كما هم متعبدون بفهم معانى القرآن وأحكامه متعبدون بفهم معانى القرآن وأحكامه متعبدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة من الأئمة القراء المتصلة بالحضرة النبوية) اهـ .
فقوله على الصفة المتلقاة من الأئمة الخ صريح فى أنه لا يكفى الأخذ من المصاحف بدون تلق من أفواة المشايخ المتقنين ويدل له ما أخرجه سعيد بن منصور فى سننة والطبرانى فى كبيره بسند معتبر رجاله ثقات عن مسعود بن زيد الكندى قال كان ابن مسعود يقرىء رجلا فقرأ الرجل ـ إنما الصدقات للفقراء مرسلة ـ أى من غير مد فقال ابن مسعود ما هكذا أقرانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كيف أقرأكها يا أبا عبد الرحمن قال أقرأنيها – إنما الصدقات للفقراء- فمد الفقراء"."
والتعلم من النفس أو التعلم من المعلم سيان لأن الرسول(ص) لم يكن قادرا على تعليم كل الناس فى بيوتهم قراءة القرآن وإنما كان نساخ الوحى يكتبونه فى نسخ ويوزعونها على الناس فى البيوت لقراءتها
وحكاية تلقى كل تلك القراءات مع ما فيها من قراءات مناقضة لكتاب الله مثل قراءة ملكين" ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين " بفتح الميم على أنهم سيكونون من الملائكة مخالفة لقوله سبحانه:
"هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى"
فالآية الثانية فسرت ملكين من الملك أى يكونا من الملوك أصحاب الملك ومن ثم هذا القراءة بفتح الميم من المحال أن تكون متلقاة من فم الرسول(ص) لتعارضها مع الآية الأخرى المتحدثة عن الملك الذى لا يفنى ومع هذه فهى القراءة الأشهر والمتداولة مع مخالفتها لكتاب الله فالرسول(ص) لن يعلم القراء الخطأ
وتحدث عن حرمة القراءة من المصحف دون معلم حيث قال :
"والمد مقدر بحركات معلومة عند القراء لا يعرف إلا بتوقيف المعلمين ولو كان الأخذ من المصاحف كافيا لكان مقتضى الرسم العثمانى صحيحا فى القراءة فى كل موضع وليس كذلك بل قد يخل بها فى مواضع خالف فيها خط المصحف أصول الرسم العربى إخلالا بينا كما فى قولة تعالى – أو يعفوا الذى بيده عقدة النكاح – إذ رسم بعد واو يعفوا ألف ومقتضاه أنه بصيغة التثنية وكقوله ويدع الانسان – إذ رسم بلا واو فربما قرىء يدع بتحريك الدال وقوله تعالى – سندع الزبانية – كذلك قوله تعالى – ولا أوضعوا خلالكم – فقد كتب بألف بين لا وأوضعوا .
وربما قرىء بصيغة النفى فينقلب المعنى انقلابا فاحشا من الاثبات المؤكد إلى النفى المحض إلى غير ذلك مما ضبطه أهل الرسم العثمانى وهو توقيفى كاللفظ لا يجوز إلا خلال به وإن خالف مشهور الرسم فالحاصل أنه لابد من التلقى من أفواه المشايخ الضابطين المتقنين على ما تقدم ولا يعتد بالأخذ من المصاحف بدون معلم أصلا ولا قائل بذلك ومرتكبة لاحظ له فى الدين لتركه الواجب وارتكابه المحرم هذا محصل ما كتبه فى هذا الموضوع من فطاحل الأئمة من يوثق بقولهم ومن جهابذة الأمة من يؤخذ برأيهم 0فى المعقول يرجع إليهم وفى المنقول يعتمد عليهم وهم المغفور لهم شيخ الإسلام الشيخ محمد الانبابى الشافعى وشيخ القراء والمقارىء خاتمة المحققين الشيخ محمد المتولى الشافعى ووراث علمه وفضله الشيخ حسين بن خلف الحسينى المالكى وشيخ المشايخ أحمد الرفاعى المالكى والعلامة الشيخ عبد الهادى نجا الأبيارى والعلامة الشيخ محمد البسيونى المالكى والعلامة الشيخ مصطفى القلتاوى المالكى والأستاذ الكبير عبد الرحمن البحراوى الحنفى والعلامة الشيخ أحمد الدين المرصفى الشافعى والعلامة الشيخ أحمد المنصورى المالكى والعلامة الشيخ عبد العاطى الخليلى الحنفى0 وأيضا أخرج البخارى عن مسروق عن عائشة عن فاطمة أنها قالت : أسرإلى النبى صلى الله عليه وسلم أن جبريل كان يعارضى ( أى يدارسى ) بالقرآن فى كل سنة مرة فعارضنى العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلى اهـ .
قيل كان النبى صلى الله عليه وسلم يعرض على جبريل القرآن من أوله إلى آخره بتجويد اللفظ وتصحيح إخراج الحروف من مخارجها ليكون سنة فى الأمة فتعرض التلامذة قراءتهم على الشيوخ "
وما قاله الكاتب وما استند إليه لا يفيد بأى شىء فى صحة كلام الكاتب فمدارسة جبريل (ص) القرآن مع النبى(ص) لا تعنى سوى دراسة المعانى والأحكام التى يجب أن تطاع والسؤال أين فى الروايات حركات المد أو الواو أو حذفها ؟
والسؤال له :
المصاحف الأولى فى التاريخ حسب الروايات كانت غير منقوطة وغير موجود بها التشكيل والوقفات والاتصالات فكيف يمكن تعلم تلك المدات والحركات وهى بالأساس لا وجود لها فى المصاحف الأولى ؟
إن قراءة القرآن تكون مبنية على صحة المعانى وهى الشىء المطلوب من المسلم فى القرآن وهو التدبر أو الفهم كما قال سبحانه:
" أفلا يتدبرون القرآن"
فالمطلوب من القراءة هو الفهم وليس التلفظ ومما لاشك فيه أن من تعلم القراءة والكتابة سيقرأ القرآن من المصحف قراءة صحيحة وقد أغنت عن المعلمين حاليا أشرطة التسجيل سواء كان من مسجل مسموع أو مسجل مرئى مسموع
واستدل الكاتب على مكانة القارىء حيث قال :
"وأخرج أحمد وأبو داود والترمذى والنسائى عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله وعليه وسلم ( يقال – أى عند دخول الجنة وتوجة العاملين إلى مراتبهم حسب مكاسبهم – لصاحب القرآن – أى من يلازمه بالتلاوة والعمل لا من يقرؤة وهو يلعنه- إقرأ وارق – أى إلى درجات أو مراتب القرب – ورتل – أى لاتستعمل فى قراءتك فى الجنة التى هى لمجرد التلذذ والشهود الأكبر كعبادة الملائكة – كما كنت ترتل – أى قراءتك وفيه إشارة إلى أن الجزاء على وفق الأعمال كمية وكيفية – فى الدنيا – من تجويد الحروف ومعرفة الوقوف الناشىء عن علوم القرآن ومعارف الفرقان – فان منزلتك عند آخر آية تقرؤها ) كذا ذكره على القارى فى شرح المشكاة ."
والكاتب بفسر الرواية على هواه فلا يوجد أى دليل على تجويد الحروف والوقوف أو غيره فالرواية اقرأ ورتل
والرواية نفسها تتعارض مع كتاب الله فى معناها فهى تقول لأن عدد درجات الجنة لعدد آيات القرآن أى أكثر من ستة آلاف بينما القرآن نفسه يقرر أن الجنة درجتين فقط واحدة للمجاهدين وهم السابقون المقربون وواحدة للقاعدين وهم أصحاب اليمين وفيها قال سبحانه:
" فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
والكاتب يخبرنا أن رسوم الحروف ومخارج الحروف والقراءات توقيفية عن الرسول(ص) ومن ثم عن جبريل(ص) عن الله حيث يقول :
"والحاصل أن تحرير رسوم الحروف والكلمات ومخارج الحروف والصفات وترتيب السور والآيات والقراءات المتواترات توقيفى لأن جبريل عليه السلام أخبروعلم النبى عليه الصلاة والسلام كل هذه الأحكام فى العرضة الأخيرة لتبقى العرضة على الشيوخ فى الأمة اتباعا له عليه الصلاة والسلام وليأخذوا القرآن بكمال الأخذ عن أفواة المشايخ المتصلة إلى الحضرة النبوية وليصل إليهم الفيض الإلهى والأسرار القرآنية والبركات الفرقانية فإنها لاتحصل إلا بتعلمهم القرآن من أفواة المشايخ المسلسلة وليكون كمال الثواب بعرضهم القرآن على المشايخ فإن الله تعالى لايكتب الثواب لقارىء القرآن بغير التعلم بل يعذبه.
فإن الإنسان يعجز عن أداء الحروف بمجرد معرفة مخارجها وصفاتها من المؤلفات مالم يسمعه من فم الشيخ فكيف لا نتعلم القرآن مع كثرة جهلنا وعدم فصاحتنا وبلاغتنا من المشايخ الماهرين فى علم التجويد فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كمال فصاحته ونهاية بلاغته تعلم القرآن عن جبريل عليه السلام فى جمع من السنين خصوصا فى السنة الأخيرة التى توفى فيها ومع أفضليته على جبريل عليه السلام والعجب من بعض علماء زماننا فإنه إذا وجد أهل الأداء فى أعلى المراتب تعلم منه وفى أدنى المراتب لا يتعلم منة إستكبارا عن الرجوع إليه كما قال صاحب تهذيب القرآن قد رأينا بعض من لا يقدر على قراءة القرآن قدر ما تجوز به الصلاة وهو قد يتصدى الفتوى وقد هدم الفتوى من أساسها ويتورع عن الشبهات ويفسد الصلاة كل يوم خمس مرات ويتخذ وردا من القرآن يريد أن يعبد الله تعالى بالسيئات ثم إنه يستحى من الناس أن يقعد بالعمامة الكبرى ورداء العلماء بين يدى معلم من أهل الأداء فإن ذلك من وظائف المبتدئين وهو قد صار من المدرسين الفضلاء وقال بعضهم إن أكثر علماء زماننا يشتغلون بعلوم غير نافعة ويتركون الأهم والألزم لهم كالذين يهتمون بالأشتغال بالعلوم الآلية مدة حياتهم بل يفنون أعمارهم فيها ثم يفتخرون ويتكبرون بسببها ويحسبون أنهم يحسنون صنعا فما ظنك فى حق العلم الذى تكون ثمرته ونتيجته عجبا وكبرا فنسأل الله تعالى لى ولكم أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه."
وكلام الكاتب ناتج من الجهل فلو كان رسم الحروف والكلمات توقيفيا فلماذا تم تغيير المصاحف ثلاث مرات :
ألأولى كانت فيها المصاحف ليس فيها حروف منقوطة ثم تم تمييز 14 حرف ب ت ث ج خ ذ ز ش ض ظ غ ف ق ن منقوطة من 14 حرف غير منقوطة أ ح د ر س ص ط ع ك ل م هـ و ى
الثانية كانت المصاحف خالية من أى شىء بدل على الرفع والكسر والفتح والسكون فوضع أبو ألسود الدؤلى وفى رواية على بن أبى طالب نقاطا ملونة بغير لوم الحروف طلالة على الحركات
الثالثة تم استبدال نقاط التشكيل بلون مخالف للحروف بحركات التشكيل المعروفة حاليا الفتحة والكسرة والضمة والسكون
وهناك مراحل أخرى كوضع اصطلاحات القراءة مثل صلى ولا وغيرها من الحروف الصغيرة وترقيم الآيات أو وضع فاصلة بدلا من رقم الأية
فلو كان المصحف توقيفيا فإما أن الناس تلاعبوا بكتاب الله وهو أمر مستحيل وإما أن ما حدث من تغيرات فى المصاحف تعنى أنه ليس توقيفيا وأن تلك التغيرات كانت لتسهيل القراءة والحفظ
واستدل الكاتب بغير دليل حيث قال :
"وأخرج البخارى عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال قال النبى صلى الله عليه وسلم لأبى إن الله يأمرنى أن أقرأ عليك القرآن ( أى أعلمك القراءة ) قال أ بى آ الله سمانى لك قال الله سماك فجعل أبى يبكى ويقال أن الله تعالى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم ليعلم أبيا أحكام التجويد من المخارج والصفات وأحكام القراءآت المتوترات كما أخذه نبى الله عن جبريل عليهما الصلاة والسلام ثم بذل جهده وسعى سعيا بليغا فى حفظ القرآن وما ينبغى له حتى بلغ من الإمامة فى هذا الشأن الغاية العظمى قال عليه الصلاة والسلام ( أقرؤكم أبى ) ثم أخذه على هذا النمط الآخر عن الأول والخلف عن السلف وقد أخذ عن أبى بشر كثيرون من الصحابة والتابعين فمن الصحابة أبو هريرة وابن عباس وعبد الله بن السائب ومن التابعين عبد الله ابن عياش بن أبى ربيعة وعبد الله بن حبيب أبو عبد الرحمن السلمى وأبو العالية الرياحى وكثيرون غيرهم ثم أخذ عنهم من بعدهم هكذا فسرى فيه سر تلك القراءة عليه حتى سرى سره فى الأمة إلى الساعة"
والرواية غير صحيحة فالرسول(ص) لم يعلم واحدا فقط ولا الله ذكر أبيا بن كعب فى الوحى فهذا المصحف بين أيدينا لا يوجد فيه اسم صحابى سوى زيد وقد علم الرسول (ص) الكثير من المسلمين من كل قبيلة أو شعب عدى أفراد فهل علمهم القراءات كما يدعى الكاتب وغيره أم غيرها ؟
نص الله على أنه علمهم الفقه وهو فهم الدين حيث قال :
"وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون"
فالغرض من تعليم القرآن هو الفق وهو تدبر القرآن وليس القراءات وأمثالها
وذك الكاتب من تعلموا القراءة دون معلم حيث قال :
ولذا قيل :-
من يأخذ العلم عن شيخ مشافهة
يكن عن الزيغ والتصحيف فى حرم
ومن يكن آخذا للعلم من صحف
فعلمة عند أهل العلم كالعدم
وقد انتهى إلى الإمام أبى أسانيد تسعة من الأئمة العشرة المتواترة قراءتهم إلى اليوم وهم نافع وأبو جعفر المدنيان وبن كثير الملكى وأبو عمرو ويعقوب البصريان وعاصم وحمزة والكسائى وخلف الكوفيون وكذلك سند الامام محمد بن محيصن الملكى والامام اليزيدى فى اختياره وهما من الأربعة الذين بعد العشرة اهـ
وقال بعض المشايخ من اتخذ وردا من القرآن أو الأسماء فعليه أولا أن يصحح مخارج الحروف والصفات فإنه لا يجد تأثيرا من قراءته ولا يصل إلى مطلوبه مالم يصحح المخارج والصفات لأن الخصائص الأسرار لا تحصل إلا بصحة المعانى والمعانى لا تحصل إلا بصحة الحروف والحروف لا تحصل إلا بصحة المخارج والصفات وكلما تغيرت الصفة اللازمة للحروف تغيرت اللغة وكلما تغيرت اللغة تغيرت المعانى والأسرار "
وقال ابن حجر اعلم أن كل ما أجمع القراء على إعتباره من مخرج ومد وإدغام وإخفاء وإظهار وغيرها وجب تعلمه وحرم مخالفته كذا ذكره على القارىء " وحكى عن ظهير الدين المرغينانى ان من قال لقارىء زماننا عند قراءته أحسنت يكفر ووجه جعل التحسين كفرا أن هذا الزمان قلما تخلوا قراءتهم فى المجالس والمحافل عن التغنى للناس وهو حرام قطعا بالإجماع وبذلك سماه صاحب الذخيرة وكذا الهداية حيث قال فيها ولا تقبل شهادة من يغنى للناس لأنه يجمعهم على إرتكاب كبيرة اهـ .
وينبغى أن يقيد قوله بكفر من قال أحسنت بما إذا أخرج القارىء القرآن عن حده والقارىء المعتمد ذلك أولى والحاصل أن القرآن وأسماء الله تعالى والأذان توقيفية لا تقبل الزيادة ولا النقصان ولا التغير وإنه يجب على السامع النكير وعلى التالى التعزير .
انتهى ببعض تصرف وإختصار من مصباح زادة وخزينة الأسرار0 وفى هذا القدر كفاية0"
والذى لم يذكره الحداد أن أصحاب الروايات أمصال حفص عن عاصم لا يوجد منهم إلا من هو مجروح عند أهل الحديث فكيف يتم إثبات القرآن اليقينى على أيدى القراء العشرة أو غيرهم وكلهم مظنون فيهم متكلم فيه من اهل الجرح والتعديل وننقل هنا كلام بعض كتب الجرح والتعديل فى بعضهم :
عاصم بن أبي النجود: (صدوق له أوهام،حجة في القراءة).كتاب الثقات الذيم ضعفوا فى بعضهم شيوحهم
نا عبد الرحمن قال سئل ابى عن عاصم بن ابى النجود وعبد الملك بن عمير فقال قدم عاصما على عبد الملك عاصم اقل اختلافا عندي من عبد الملك، نا عبد الرحمن قال سألت ابا زرعة عن عاصم بن بهدلة فقال ثقة، ثنا عبد الرحمن قال فذكرته لابي فقال ليس محله هذا ان يقال هو ثقة وقد تكلم فيه ابن علية فقال كأن كل من كان اسمه عاصما سيئ الحفظ، نا عبد الرحمن قال وذكر ابى عاصم بن ابى النجود فقال محله عندي محل الصدق صالح الحديث ولم يكن بذاك الحافظ." كتاب الجرح والتعديل ج 6ص340
نافه بن عبد الرحمن
ابن حنبل عن نافع (1059) بن عبد الرحمن قال كان يؤخذ عنه القراءة وليس في الحديث بشئ نا" كتاب الجرح والتعديل ج 8 ص456
5008 - نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم القاري امام أهل المدينة عن الأعرج وفاطمة بنت علي ونافع وطائفة وعنه عثمان بن سعيد ورش وعيسى بن ميناء قالون ثبت في القراءة وقد وثقه بن معين ولينه غيره" كتاب لسان الميزان لابن حجر ج7 ص408
أبو عمرو بن العلاء البصرى "حدثنا عبد الرحمن نا الحسين (2) بن الحسن أبو معين قال سمعت ابا خيثمة زهير بن حرب يقول: كان أبو عمرو بن العلاء رجلا لا بأس به ولكنه لم يحفظ كتاب الجرح والتعديل ج 3 ص616
"3339- قد فق , (صح) أبو عمرو بن العلاء المازني المقرىء الإمام الحجة.روى قليلا عن مجاهد وطبقته.وعنه جماعة.قيل : كان غير ماهر بالسرد (4: 556/10458)." لسان الميزان ج9 ص478