قراءة فى كتاب البيولوجيا كإيدلوجيا
الكتاب تأليف ر س ليونتين وهذا الكتاب من أفضل ما قرأت فى العلم الغربى
1- استخدام العلم لمصلحة أصحاب المال:
رغم أن فى الكتاب العديد من الأخطاء لكن الكتاب يعرى العلم الغربى تعرية تامة فيقول أن النظريات والنتائج البحثية ليسوا سوى نتاج لقوة المال وليس نتاج للبحث العلمى فأصحاب المال يفرضون سيطرتهم على كل المؤسسات العلمية ويجعلون الخرافات والأكاذيب حقائق ويحولون بين الناس والاختراعات المفيدة المجانية أو التى لا تكلف الإنسان إلا قليل من المال
المؤلف يبين لنا أن القوى الاجتماعية والاقتصادية تسيطر على العلم ليخدم مصالحها وذلك بطرق تجعل من تلك القوى قوى شرعية أمام الناس ولكنها فى الحقيقة تخدم نفسها وليس الناس فيقول:
"وكنتيجة بذلك فإن القوى الاجتماعية والاقتصادية التى تهيمن على المجتمع هى التى تحدد إلى مدى كبير ما يفعله العلم وكيف يفعله وأكثر من هذا فإن تلك القوى لديها السلطة لأن تستولى من العلم على الأفكار التى تجعل على وجه الخصوص ملائمة لبقاء واستمرار البنيات الاجتماعية التى تكون هذه القوى جزء منها وهكذا فإن المؤسسات الاجتماعية الأخرى لها مدخل اصبع داخل العلم يتعلق معا بما يتم صنعه فى العلم وبطريقة التفكير فيها ثم هى تأخذ من العلم مفاهيم وأفكارا لا تلبث ان تدعم هذه المؤسسات وتجعلها تبدو كمؤسسات شرعية وطبيعية "ص11
ويبين الرجل أن النظريات التى تشيعها القوى المسيطرة على السلطة والمال هى بعيدة كل البعد عن العلم العملى المفيد فى الحياة فيقول:
"على أن من الملحوظ ان كثيرا من العلم العملى المهم هو جد مستقل عن النظرية" ص12
ويبين المؤلف أن تلك القوى تصيغ العلم بكلمات غامضة حتى لا يفهم أحد ولا يعترض أحد وتستخدم تلك القوى الإعلاميين العلميين فى إيصال هذا العلم الغامض للناس فيقول:
"وأخير فإن العلم يتحدث بكلمات غامضة ولا يستطيع إلا من كان خبيرا ان يفهم ما يقوله العلماء وما يفعلونه ونحن نحتاج إلى وساطة من اناس مخصوصين كالصحفيين العلميين مثلا او الأساتذة العلميين الذين يتحدثون فى الإذاعة حتى يفسروا غوامض الطبيعة ذلك أنه من غير ذلك لن يكون هناك إلا معادلات لا يمكن فك شفرتها بل إن العالم لا يفهم دائما معادلات عالم أخر وذات مرة سئل السير سولى زوكرمان عالم الحيوان الانجليزى المشهور عما يفعله عندما يقرأ ورقة بحث علمى وتمر به معادلات رياضية فأجاب إنى أهمهم بها "ص15
إذا نحن أمام علماء السلطان وهو ما يطلق عليه علماء الدين ولكن باسم أخر وهو العلم الغربى باسم علماء العلم التجريبى وفى هذا قال المؤلف:
"ورغم دعاوى العلم بأنه فوق المجتمع إلا أنه مثل الكنيسة من قبله مجرد مؤسسة اجتماعية فوقية تعكس وتقوى من قيم وآراء المجامع المهيمنة فى كل حقبة تاريخية "ص15
إذا استبدل الغرب سيطرة الكنيسة بسيطرة رجال الأعمال الذين يهيمنون على السياسة والاقتصاد وبين المؤلف أن العلم الطبيعى فى الغرب كان قائما فى القرون الماضية على أن الطبيعة كلها شىء واحد لا يتجزأ فقال:
"أما العلم الذى نشأ فى العصور الوسطى وعصر النهضة فقد كان يتميز بأنه يرى الطبيعة كلها كنوع واحد من كل غير قابل للتجزئة فالحى والميت يمكن أن يتحول أحدهما للأخر بشرط أن يعرف المرء المعادلة الخفية اللازمة ولا يمكن فهم الطبيعة بتناولها فى أجزاء لأننا لو فعلنا ذلك سوف ندمر ما هو جوهرى لها والأخر كما قال الكسندر بوي هو مثل محاولة تتبع الحياة فى المخلوقات وأنت تشرحها فأنت هكذا تضيع الحياة فى نفس لحظة الاكتشاف وكما كان ينظر للنظام الاجتماعى ككل لا يقبل التجزئة فإنه كان ينظر للطبيعة يمثل ذلك تماما "ص17
وبين المؤلف أن العلم الغربى قد تم استخدامه لاثبات أن الناس غير متساوين ولذلك لا يجب ان يتساووا فى كم المال فالفقراء يجب أن يظلوا هم وأولادهم فى نفس الوضع لأن الطبيعة لم تعطهم قدرات كقدرات اصحاب المال وفى هذا قال :
"ونظرة كهذه لا تهدد الوضع القائم بل إنها على العكس من ذلك تدعمه بأن تقول لمن لا سلطة لهم أن وضعهم هو النتاج المحتوم لأوجه النقص الفطرية فيهم هم أنفسهم وبالتالى فإنه لا يمكن فعل شىء بهذا الشأن وهناك مقولة حديثة عن هذا الزعم ....وقد ذكرها ريتشارد هرنشتين وهو عالم نفسى من هارفارد وواحد من أبرز المنظرين الجدد لأيدلوجية أن عدم المساواة هى امر طبيعى "ص23
وقد بين فى الفقرة السابقة أنه تم إثبات عدم التساوى فى علم النفس عن طريق ما سموه الفروق الفردية كما تم إثباته بنظرية الاختلاف الجينى فى الأحياء فقال :
"ولمجابهة هذا الاعتراض على عدم المساواة فى المجتمع تم إنشاء نظرية بيولوجية عن الطبيعة البشرية تقول بأنه فى حين أن ما بيننا من أوجه اختلاف موجود فى جيناتنا فإن هناك أيضا أوجه شبه فطرية معينة موجودة فيما بيننا جميعا وأوجه الشبه هذه فى الطبيعة البشرية تضمن ان الاختلاف فى القدرات يتحول إلى اختلاف فى الوضع الاجتماعى" ص25
إذا العلم تم تحويره وتم إثبات نتائج ليست هى النتائج الحقيقية حتى يتم تثبيت انقسام المجتمع لأغنياء وفقراء لكون هذا الانقسام قائم على العلم وبين المؤلف أن الروايات الغربية التقليدية تم استخدامها لأثبات نفس المقولة فالروايات كانت تثبت تلك النظرية الدونية التى ليست علمية وفى هذا قال :
"وأوليفر تويست رواية فيها سر وهذا هو سرها هى أن طعام أوليفر كان من العصيد إلا أن دمائه تنتمى للطبقة الوسطى العليا ..وثمة موضوع مماثل نجده فى المركز من رواية جورج إيليوت دانييل دبروندا ونحن نقابل دانييل لأول مرة متبنى لنبيل إنجليزى ..ولا تصيب القارىء الدهشة حين يعرف أنه ابن ممثلة يهودية لم يرها قط ولكن العرق دساس على ان هذه ليست تفانين جنون للإنجلو ساكسون وحدهم فهناك روايات روجون ماكا التى كتبها إميل زولا عن عمد كنوع من الأدب التجريبى ليصور اكتشافات الإنثرولوجيا فى القرن 19 ويخبرنا زولا فى المقدمة أن الوراثة لها قوانينها مثل الجاذبية وأفراد أسرة روجون ما كار ينحدورون أصلا من سلالة عاشقين اثنين لامرأة واحدة أحدهما كان فلاحا مجدا قويا بينما كان الأخر عاطلا منحلا ومن الفلاح الجدير بالثقة انحدرت سلالة قوية أمينة بينما انحدر عن السلف المنحل خطا طويلا من الخارجين على المجتمع والمجرمين.. وكان الوعى العام الموجود فى هذه الفترة فى أوربا وأمريكا الشمالية تنتشر فيه فكرة أن ما يوجد من اختلاف فطرى فى المزاج والجدارة هو الذى يطغى فى النهاية على أى تأثير من مجرد التعليم والبيئة " ص26
ويبين أن الطبقة المسيطرة لم تتورع عن عمل إثباتات مزورة ولا علاقة لها بالعلم من خلال العلماء المنتمين إليها ليظل الأغنياء فى مكانتهم والفقراء ومنهم الزنوج فى مكانتهم الوضيعة من خلال جماجم الأطفال ومن خلال ما سموه بالمد النوردى أى كون سلالة أوربا الشمالية هى أفضل السلالات وأن الفنانين والعلماء كانوا من أحفاد تلك السلالة فقال :
"إلا أن هناك رئيسا أخر للجمعية النفسية الأمريكية يقول إنه حيثما يحدث اختلاط فى التناسل مع الزنوج فإنه يحدث تدهور للمدنيات ويسجل لويس أجاسيز أحد أشهر علماء الحيوان فى القرن19 أن درزات جمجة الأطفال الزنوج تنسد فى وقت أكثر تبكيرا عن وقت انسداد الأطفال البيض وهكذا فإن أمخاخهم تنحبس وسيكون من الخطر تعليمهم تعليما أكثر مما ينبغى ولعل أكثر الإدعاءات غرابة هو ما ادعاه همرى فارفيلد أوسبورن رئيس المتحف التاريخى الطبيعى.....وقد كتب قائلا"غزت الأعراق الشكالية البلاد الجنوبية ليس هذا فحسب كفاتحين وإنما هم قد أدخلوا ايضا عناصر قوية من الأخلاق والذكاء أسهموا بها فى مدنية هى أحط مرتبة بدرجة أو اخرى من خلال المد النوردى الذى غمر إيطاليا أتى اجداد رافاييل وليوناردو وجاليليو وتيتانو وحسب ما يقول جونتر أتى ايضا اجداد جيونو وبوتشيللى وبترارك وتاسو و كولومبوس فيتضح من صور وجهه وتماثيله النصفية أنه من سلالة نوردية "ص27