عطيه الدماطى
المساهمات : 2102 تاريخ التسجيل : 18/01/2023
| موضوع: مراجعة لخطبة الصدقة فضلها وآدابها السبت مارس 04, 2023 7:26 pm | |
| مراجعة لخطبة الصدقة فضلها وآدابها الخطيب هو عبدالباري الثبيتي وقد ابتدأ الخطبة برواية أنفق بلال مستدلا بها على وجوب الانفاق حيث قال : "الحمد لله، الحمد لله الذي قوّى أواصر الأخوة بالحث على البذل والصدقة، أحمده سبحانه وأشكره، وأسأله التوفيق والبركة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جعل عدم الإنفاق سبيل الهلكة، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، القائل: ((أنفق يا بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالاً))، صلى الله عليه وعلى آله وصحبة صلاةً دائمةً مقرونةً حبًا وإجلالاً." بالطبع الرواية أنفق يا بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالاً تتعارض مع كتاب الله فلم يقلها النبى(ص) لأن معناها الانفاق دون حساب لعدم الخوف من تقليل الله للرزق فهى دعوة للإسراف الذى حرمه الله فقال : " الذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما" وهى تكذيب لقوله سبحانه "إن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر" فالله يقدر أى يقلل الرزق لمن يشاء وتناول وجوب تكافل المسلمين حيث قال : "إخوةَ الإسلام، فِي هذهِ الحياة الدّنيا متاعبُ وأعباء وفقرٌ أحداثٌ جسام، والإنسان لا غنى له عن أخيه؛ يشدّ عضدَه، ويقوِّي عزمتَه، ويخفِّف شِدّته، ويفرِّج كربَه، طمعًا في الأجر وطلبًا للفضَل، وبهذا يقوم المجتمعُ على أسُسٍ قويّة وقواعدَ متينة في نظامٍ من التّكافل والتّعاون. ومِن أبرزِ صوَر التّكافلِ صدقةُ التطوّع التي هي دليلُ صدقِ الإيمان، قال : ((والصّدقة بُرهان)) أخرجه مسلم." والرواية المنسوبة للنبى لم يقلها فما هو معنى أن الصدقة برهان ؟ إن الصدقة نافعة لدافعها وآخذها وليست دليل مبهم وتناول سبب تصدق المسلم وهى الرقة والرحمة حيث قال : إنّها رقّة القلب والرّحمة الفيّاضة التي تدفع المسلمَ لإسداء المعروفِ وإغاثةِ الملهوف ومعاونة المحتاج والبرِّ بالفقراء والمساكين والعطفِ على الأراملِ ومسحِ دموعِ اليتامى والإحسانِ إليهم وإدخالِ السرور على نفوسهم" وسبب تصدق المسلم هو أمر الله وليس الرقة والرحمة وإلا اعتبرنا أن الكافر الذى يتصدق هو الأخر مثاب لكونه رحيم وتناول أجر المتصدق حيث قال: "قال تعالى: إِنَّ الْمُصَّدّقِينَ وَالْمُصَّدّقَـاتِ وَأَقْرَضُواْ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَـاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ [الحديد:18] أيّ حافزٍ للصدقة أوقع وأعمقُ من شعورِ المعطي بأنّه يقرِض الغنيَّ الحميدَ، وأنّه يتعامل مع مالك الملك، وأنّ ما ينفِقه مخلَفٌ عليه مضاعفًا، وله بعدَ ذلك كلِّه أجرٌ كريما! قال تعالى: وَمَا أَنفَقْتُمْ مّن شَىْء فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ:39]، قال المفسّرون: يخلَف عليكم في الدّنيا بالبَدَل وفي الآخرةِ بالجزاء الثواب، وقال رسول الله : ((ما مِن يومٍ يصبح العبادُ فيه إلا ملكان ينزِلان، فيقول أحدهما: اللهمّ أعطِ منفِقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهمّ أعطِ مُمسكًا تلفًا)) أخرجه البخاري ومسلم." والرواية التى استدل بها لم يقلها النبى(ص) لأن لا أحد يسمع الملكان فما هى الفائدة والناس لا يسمعون؟ وأيضا الملائكة لا تنزل ألأرض بسبب خوفها من التواجد فيها كما قال سبحانه: " قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا" واستدل على حب الرب للمتصدقين بالروايات حيث قال : الصدقةُ ـ عبادَ الله ـ سبب لحبِّ الربّ كما جاء في الحديث القدسي: ((وما يزال عبدِي يتقرَّب إلي بالنّوافل حتّى أحبَّه)) أخرجه البخاري." ولا يوجد فى الرواية ذكر للصدقة كما أن من يقرأ القرآن بن يجد ذكرا للنوافل وإنما كل المذكور هو الفرائض وهى الأحكام الواجبة وتناول كون الصدقة تفقر الذنوب حيث قال : "هي كفّارة للذّنوب والخطايا كما جاء في حديثِ حذيفةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((فتنةُ الرّجل في أهله وولدِه وجارِه تكفّرها الصّلاة والصّدقة والمعروف)) أخرجه البخاري" والحقيقة أن الفتنة ليست ذنبا حتى تكفرها الأعمال الصالحة لأن الفتنة هى اختبار بالشر والخير كما قال سبحانه: "ونبلوكم بالشر والخير فتنة" وتناول رواية الظلال للسبع حيث قال : إذا حشِر الناس يوم القيامة واشتدَّ الكرب ودنَت الشّمس من رؤوس الخلائق فإنّ المتصدّقين يتفيّؤونَ في ظلِّ العرش، وتسترُهم صدقاتُهم من لفحِ جهنّم كما ثبت في الحديث: ((سبعةٌ يظلّهم الله في ظلّه يومَ لا ظلَّ إلا ظلّه))، وذكر منهم: ((ورجلٌ تصدّق بصدقةٍ فأخفاها، حتّى لا تعلمَ شماله ما تنفق يمينه))." والرواية لم يقلها النبى(ص) لأنها لا تعبر عن سبع مسلمين وإنما تعبر عن حالات قد يمر بها الكثير من المسلمين والظلال للمسلمين جميعا وليس بفاعلى تلك ألفعال فقط كما قال سبحانه : " وندخلهم ظلا ظليلا" وتناول عظمة ثواب الصدقة حيث قال : مِن فضل الصّدقة أنّها تربَّى لصاحبها حتى تكونَ كالجبل، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((من تصدَّق بعدل تمرةٍ من كسبٍ طيّب، ولا يقبَل الله إلا الطيّب، وإنّ اللهَ يتقبّلها بيمينِه، ثمّ يربّيها لصاحبِها، كما يربّي أحدُكم فَلوَّه حتّى تكونَ مثلَ الجبل)) مِن فضلِها أنّها تطفِئ الخطيئةَ وغضَب الربّ كما جاء في حديثِ معاذ الطويل: ((ألا أدلّك على أبوابِ الخيرِا! الصومُ جنّة، والصدقة تطفِئ الخطيئةَ كما يطفِئ الماء النّار)) أخرجه الترمذي وابن ماجه، وفي الحديثِ: ((صدقةُ السّرّ تطفئ غضبَ الربّ)) أخرجه الطبرانيّ من حديث أبي أمامة" والروايات ألأخيرة تناقض يعضها فقبل الخير الصدقة دون تحديد نوعها تطفىء غضب الرب والرواية الأخيرة تعطى ذلك لصدقة السر فقط وهو تناقض لا يقوله النبى(ص) وتناول منع التصدق النار عن صاحبه حيث قال : "الصدقةُ تقِي صاحبَها عن النار، فعن عديّ بن حاتم قال: سمعت رسول الله يقول: ((اتّق النارَ ولو بشقِّ تمرة)). الصدقة تطهِّر النفوسَ وتزكّيها، قال تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهّرُهُمْ وَتُزَكّيهِمْ بِهَا [التوبة:103]. في الصّدقة إدخالُ السرورِ على المساكين، وأفضلُ الأعمال إدخالُ السّرور على قلوبهم، قال : ((أفضل الأعمالِ أن تدخِلَ السرورَ على أخيك المؤمن، أو تقضيَ عنه دينًا، أو تطعِمه خبزًا)) أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة." والرواية الأخيرة فى أفضل الأعمال لم يقلها النبى(ص) لأنها تعارض كتاب الله فى أن أفضل الأعمال هو الجهاد كما قال سبحانه: " فضل الله المجاهدين بأموالهم ,أنفسهم على القاعدين درجة " وتناول أن الصدقة هى إرضاء للرب واغاظة للشيطان حيث قال : "في الصدقةِ إرضاءُ الله تعالى، النجاةُ من الهَلكة، تمام الإحسان، قال تعالى: وَأَنفِقُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [البقرة:195]. الصدقةُ تغيظ الشّيطان وتوجِب الغُفران، قال تعالى: الشَّيْطَـانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مّنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة:268]. وتناول ما أسماه آثار الصدقة حيث قال : "ومن آثارها العجيبةِ في الدّنيا ما روِي عن رسول الله أنّه قال: ((بينا رجل في فلاةٍ من الأرض، فسمِع صوتًا في سحابةٍ: اسقِ حديقةَ فلان، فتنحّى ذلك السحاب، فأفرغَ ماءه في حرَّة، فإذا شرجةٌ من تلك الشِّراج قد استوعَبَت ذلك الماءَ كلَّه، فتتبّع الماءَ، فإذا رجلٌ قائِم في حديقتِه، يحوّل الماءَ بمسحاته، فقال له: يا عبد الله، ما اسمك قال: فلان، بالاسم الذي سمع في السحابة، فقال له: يا عبد الله، لمَ تسألني عن اسمي فقال: إنّي سمعت صوتًا في السّحاب الذي هذا ماؤه يقول: اسقِ حديقةَ فلان لاسمك، فما تصنع فيها قال: أما إذ قلتَ هذا فإنّي أنظُر إلى ما يخرُج منها، فأتصدّق بثلثه، وآكل أنا وعيالي ثلثَه، وأردّ فيها ثلثَه)) أخرجه مسلم." والرواية باطلة فما علاقة السحاب بصاحب الأرض حتى يكلمه السحاب ومن المعروف أنه يسقى حتى أرض الكفار وهم يكفرون بالله ويظلمون عباده وتناول أن التصدق يبعد المسلم عن البخل حيث قال : "الصدقةُ تخلِّص المسلمَ من الشّحّ، إذ ليسَ في المروءَة من شيءٍ أن يرى الغنيّ أخاه الفقير يتضوّر جوعًا وتفتِك به الحاجة، ثمّ لا تتحرّك مشاعرُه ولا تهتزّ عواطفه لتخفيف ضائقةِ إخوانِه، ومِن أخلاقِ النبيّ الجودُ والكرم، بل كان يعطِي عطاءَ من لا يخشى الفقر، ويقول : ((أنفِق يُنفِق الله عليك)) الصدقة لا تنقص المالَ، بل تكون سببًا لزيادتِه ونمائِه وبركتِه، يرزق الله المتصدّقَ ويجبره وينصره، لحديث: ((ما نَقصت صدقةٌ من مال، وما زادَ الله عبدًا بعفوٍ إلاّ عِزّا، وما تواضَع أحدٌ لله إلاّ رفعه الله)) أخرجه مسلم" والرواية باطلة لأن الصدقة تنقص المال بالفعل ولكنها تزيد الثواب فإذا كان لديك مائة تصدقت بعشرة فحقا قد نقص المال عشرة وتناول أن من آثار التصدق طول العمر حيث قال : "الصدقات سببٌ في بسطِ الرّزق وطول العمر، تدفَع البلاءَ والأمراضَ عن المتصدّق وأهلِ بيته، تمنَع ميتةَ السّوء ومصارعَ السوء، لما روى أنسٌ أنّ رسول الله قال: ((باكِروا بالصّدقة، فإنّ البلاءَ لا يتخطّى الصّدقة)) رواه البيهقي مرفوعًا، وقال : ((داوُوا مرضَاكم بالصّدقة)) أخرجه البيهقي، وعن عمرو بنِ عوفٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((إنّ صدقةَ المسلم تزيد في العمُر، وتمنَع ميتةَ السوء، ويذهِب الله بها الكبرَ والفقر)) رواه الطبرانيّ، وقال : ((صنائعُ المعروف تقِي مصارعَ السوء والآفاتِ والهَلَكات)) أخرجه الحاكم عن أنس رضي الله عنه." والروايات السابقة ليست صحيحة المعنى وعى تعارض القرآن فالتصدق لا يمنع إصابة المسلمين بالأضرار كما قال سبحانه: "ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات" كما أن العمر لا يطول وإنما هو كما هو وفى هذا قال سبحانه: "إن اجل الله إذا جاء لا يؤخر" كما أن الصدقة لا تشفى المرضى وإنما أثرها هو الثواب وحب الناس لأن الشافى هو الله كما قال : " وإذا مرضت فهو يسقين" واستدل بكتاب الله حيث قال : ب"الصّدقة يعين الله المتصدّقَ على الطاعة، يهيّئ له طرقَ السّداد والرشاد، يذلِّل له سبلَ السعادة، قال تعالى: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَى [الليل:5-7]" والعطاء فى الآية لا يعنى التصدق وإنما يعنى العمل الصالح ككل وتناول الخطيب كون التصدق يحل مشكلة الفقر حيث قال : "إخوةَ الإسلام، إنّ في بذلِ الصّدقات وإيجادِ المشاريع الخيريّة علاجًا لمشكلةِ الفقر التي وضع الإسلام لها حلولاً، وجعَل البرَّ والإحسان من بين تلك الحلول، والصدقة علاجُ حسَد الفقراءِ للأغنياء، تحمِي المجتمع من جرائم السّطوِ والانتقام، وقد حذّر النبيّ أمّتَه من خطورةِ سلوكِ الفقير حيث قال: ((إنّ الرجلَ إذا غرِم حدّث فكذَب ووَعد فأخلف)) رواه البخاريّ ومسلم." وتناول شروط التصدق وهى وجوب التصدق من الطيب وهو الصالخ من المال حيث قال: "وإذا كنّا نطمَع في هذا الفضل فعلينا أن نلتزمَ آدابَ الصّدقة التي من أجلِّها أن تكونَ من كسبٍ طيّب ومالٍ حلال، قال تعالى: ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيّبَـاتِ مَا كَسَبْتُمْ [البقرة:267]. لا تُقبل الصدقة إذا كانت من حرام لحديث النبيّ : ((من اكتسَب مالاً من مأثم فوصَل به رحمَه أو تصدّق به أو أنفقَه في سبيل الله جُمع ذلك كلّه، فقذِف به في جهنّم)) رواه أبو داود." والرواية لم يقبها النبى لأن من يدخل النار ليس المال وإنما الكفار والشرط الثانى هو عدم الرياء والسمعة وهو ما سماه الله المن حيث قال : "ومن آدابِها أن تكونَ خالصةً لوجهِ الله تعالى، لا يشوبها رياءٌ ولا سمعة، وأن يوجّه نيّتَه في الصّدقة إلى الله، قال رسول الله : ((إنّما الأعمال بالنّيات، وإنّما لكلّ امرئ ما نوى)). أن لا يستكثرَ بصدقته لقوله تعالى: وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ [المدثر:6]، وهنا يظهرُ جلالُ الإسلام وجماله الذي ينهَى عن المنّ الثقيلِ والرّياء الذّميم، قال تعالى: قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى [البقرة:263]" وتناول وجوب إحساس الأغنياء بآلام المحتاجين وعملهم الصدقات بناء على ذلك حيث قال : "ولو أنّ المحسِنين يعلمون ما يقاسِيه الفقراء عند السّؤال من عنتٍ وذلٍّ ولوعةٍ وحسرة ما قلّبوهم على جمراتِ المنِّ ولا جرّعوهم غضاضةَ الفقر ومرارةَ الرياء. ما أكثرَ الكرماءَ والمحسِنين، ولكن ينبغي أن لا نستذلَّ بأموالنا الرّجال ونستعبِد النّفوس فالعاقل يسابِق في ميدانِ الخيراتِ بالصّلة والبرّ والإحسان ينفق على الفقراء الذين عضّهم البؤس، تحسَبهم أغنياءَ من التعفّف، وهم يقاسون ألمَ الجوعِ والفَقر والشدّة والعُسر، ليس هم أولئك الذين اتّخذوا من التسوّلَ مِهنةً ومن الشحاذةِ حِرفة حتّى غدَا بعضُهم من الموسِرين الأغنياء، وفي صحيحِ البخاريّ أنّ رسولَ الله قال: ((ليسَ المسكينُ الذي يطوف على النّاس، تردّه اللّقمة واللّقمتان والتّمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجِد غنىً يغنيه، ولا يفطَن به فيتصدَّق عليه، ولا يقوم فيسأل النّاس)) أخرجه البخاري." وتناول أن الصدقة لها معنى أوسع من النفقة وهو كل عمل صالح حيث قال : "أمّا بعد: فيا عبادَ الله، الصّدقة لها معنًى واسع، فهِي تشمَل عملَ كلّ خير، إرشادُ الضالّ، إماطةُ الأذى، العدلُ بين اثنين، التبسّم في وجه أخيك المسلم، غرسُ شجرة، تعليمُ علمٍ نافع، إصلاح ذات البَين، الكلمَة الطيّبة صدقة، قال رسول الله : ((على كلّ مسلمٍ صدقة))، فقالوا: يا نبيَّ الله، فمن لم نجدا قال: ((يعمل بيده فينفَع نفسَه ويتصدّق))، قالوا: فإن لم يجدا قال: ((يعين ذا الحاجةِ الملهوف))، قالوا: فإن لم يجدا قال: ((فليعمَل بالمعروف وليمسك عن الشرّ، فإنّها له صدقة)) أخرجه البخاري. الإمساك عن الشرّ صدقةٌ، خاصّة في هذا الشّهر المبارك الذي تهفو فيه القلوب إلى بارئها خوفًا وخشيَة، يمسِك المسلم عن الشرّ طلبًا للأجرِ وابتغاءً للفضل. بينما يستمرِئ من لا خلاقَ لهم المعصية، وينتهِكون حرمةَ هذا الشّهر الذي تصفَّد فيه مردةُ الشياطين، وأفظعُ من ذلك الذين يتطاوَلون على ثوابتِ الدّين ومسلّماتِه، يجعَلون من هديِ المصطفَى مادّةَ سخريّة واستِهزاء، يشوّهون سنّة اللّحية وينفّرون من أحكام الدّين كالحجاب، ويميّعون الدّينَ مع الهمزِ واللّمز للصّالحين من المؤمنين، باسم التسليةِ والتّرفيه وتقويمِ المجتمع. وهل يقوَّم المجتمع بتسفيهِ الحجاب واحتقار المَحرَم ودغدَغة مشاعرِ المرأة بالتمرّد على قوامَة الرّجلا! إنّ هذا الفعلَ عواقبُه وخيمة، وضررُه عظيم في الدّنيا والآخرة. ندعو الجميعَ إلى التّوبة في شهر التّوبة والإنابة في شهر الأوبَة، حتى يرفعَ الله ما حلَّ بنا من قحطٍ وشدّة وجدب وما نزل بأمّتنا من ذلٍّ وهوان، قال تعالى: "وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً" [الإسراء:36]. | |
|