مراجعة لمقال شبح سعاد
الكاتب هو نهى بن صالح من تونس هو شبح زوجة تم قتلها والكاتبة تحكى حكايات كلها من قبيل الشائعات الكاذبة عن ظهور شبح الزوجة
يحكى الكاتب الحكايات حيث قال :
"بعض الأحداث التي تمر بنا تبقى رغم مرور الوقت قابعة في ركن قصي من الذاكرة قد ننسى تاريخ وقوعها , قد ننسى أسماء أبطالها ,لكننا أبدا لا ننسى تسلسل الأحداث وستمر بنا من وقت لأخر كشريط مصور ,تماما كأحداث الجريمة التي سأسرد عليكم وقائعها ...
كان يوما من أيام الشتاء الباردة ,في تسعينات القرن المنصرم , استيقظنا صباحا على خبر مروع كتبت عنه أغلب الصحف التونسية آنذاك , على الصفحات الأولى بالخط العريض قرأت هذا العنوان "زوج يقتل زوجته بواسطة ساطور .. "
فما الذي حدث؟؟
الصحف لم تكن هي المصدر الوحيد لمعلوماتي عن وقائع هذه الجريمة, بل لا تعتبر مصدرا ,فأحداث الجريمة وما ترتب عنها عرفته من صديقتي المقربة فاطمة.
فاطمة قريبة لي تقطن في نفس القرية التي وقعت فيها هذه الجريمة وهي جارة للمجني عليها ,اتصلت بها فروت لي ما حدث.
وهذا هوما حدث,
سعاد زوجة شابة وأم لثلاثة أطفال أصغرهم رضيع لم يتم سنته الأولى , وأحد أطفالها كان يعاني من إعاقة بسيطة في رجله تتطلب متابعة طبية وكان يخضع للعلاج الطبيعي . الزوج الجاني ,كان عاملا يوميا , رجل بسيط يعيل ثلاثة أطفال وأمهم ..
ولسبب اختلف فيه الناس عمد إلى قتل زوجته ,وترك أطفاله أيتاما,
وإليكم تفاصيل الواقعة ,
في ليلة من ليالي الشتاء ,كان الزوج قد أخذ طفليه إلى بيت جدتهم فيما بقي الرضيع مع والدته مرت السهرة واستلقت الزوجة على فراشها لترضع طفلها وغفت, كان هو يراقبها وما إن لاحظ أنها أغمضت عيناها واستسلمت الى غفوتها حتى أحضر الساطور الذي كان قد تركه مسبقا تحت الفراش كان ساطورا لتقطيع لحم الخروف في عيد الأضحى لكنه في هذه الليلة أصبح أداة لتقطيع جسد الزوجة المغدورة.
انهال عليها ضربا بالساطور , وقد جاء في تقرير الطب الشرعي أنه أصابها بما لا يقل عن ثلاثين طعنة .. شيء مروع
بعد أن أفاق من حالة الجنون التي انتابته وهو يقطع جسد أم أبنائه دون أي رأفة برضيعها الذي كان نائما إلى جوارها, خرج من البيت متوجها إلى المدينة , مشى ومشى ولا شيء في ذهنه سوى الانتحار قصد السكة الحديدية منتظرا قدوم أول قطار ليرمي جسده تحت عجلاته , لكنه في اللحظات الأخيرة جبن , بكى وبكى فكر ماذا يفعل؟
لم يجد في نفسه الشجاعة كي يقدم على وضع حد لحياته ,ففضل أن يتوجه إلى أقرب مركز للشرطة ليبلغ عن جريمته النكراء في حق زوجته.
هناك في مركز الشرطة أخبرهم بتفاصيل جريمته ودلهم على عنوان بيته لتتوجه فرقة الشرطة العدلية بصفاقس إلى موقع الجريمة ,
المشهد هناك يفوق أي وصف, يدمي القلوب, لا أظن أن شخصا طبيعيا قادرا على مشاهدته بدون أن يعتصر الألم قلبه .. على حشية موضوعة على الأرض كانت جثة امرأة ,كلمة تنزف لا تفي بالغرض لأن الدماء كانت تتدفق أنهارا وسيولا منها وهي على وضعها نائمة على جنبها ثديها إلى الخارج وطفلها الرضيع الذي لا يفقه من الحياة سوى جرعة حليب دافئة من ثدي أمه الحنون ملتصقا بها ملتقما حلمتها في براءة منقطعة النظير ,ملاك نائم بين أحضان الموت , ولا يدري أن من تمنحه رحيق الحياة قد فارقتها وتركته ليعيش الحرمان بعدها ,أم توفيت وأب قابع في ظلمات السجون ..
أسباب الجريمة اختلف الناس في سردها البعض يقول أن الزوجة كانت ذات لسان سليط والزوج كان مغلوبا على أمره ولسبب ما قامت بعمل سحر له ترتب عنه إصابته بعجز جنسي صارت تعايره به يوميا حتى طفح به الكيل وعمد إلى قتلها بعد أن دبر لذلك وأبعد طفليه الآخرين عن البيت ..
وآخرون يقولون أن الزوج أصيب بالعجر الجنسي مما جعلها تنفر منه وتعايره بعجزه فقام يقتلها ..
وكلتا الروايتين تتفقان على أن الزوج مصاب بالعجز الجنسي وأن المجني عليها عايرته بعجزه بقولها "ماكش راجل " باللهجة التونسية ومعناها "لست رجلا "ولمن لا يعرف المجتمع التونسي سأخبركم بأن هذه الكلمة بالنسبة الى الرجل التونسي, أشد من القتل وكل امرأة تقولها لرجل لا بد أن يقتلها قبل أن تبرح مكانها أو أن يغتصبها حالا ليثبت لها زيف قولها , وفي أفضل الحالات سيتركها لكنها لن تسلم من انتقامه إن عاجلا أم آجلا , فما أدراك بزوجة ترمي بها زوجها ليلا نهارا وتذكره بعجزه وهو عاجز فعلا وها قد كان نصيبها أكثر من ثلاثين ضربة ساطور ..
هذا ما يخص تفاصيل الجريمة وأسبابها وإليكم ما ترتب عنها وكل ما سأقوله لكم الآن سمعته عن ثقات هم:
صديقتي فاطمة وعائلتها ,جدتي رحمها الله وخالتي .. كما أنني من خلال زياراتي لبيت صديقتي فاطمة أعرف المقبرة التي دفنت فيها سعاد وأعرف بيتها ومررت به بعد الحادثة لكنني لم أجرأ على الاقتراب منه ..
الجميع يتحدث عن شبح سعاد الذي حرمهم النوم ليال طوال, فقد كانت صرخاتها تخترق سكون الليل وترعب النائمين في بيوتهم, لم يكن احد من الجوار يجرأ على الخروج ليلا خاصة وأن المقبرة حيث دفنت سعاد كانت قريبة جدا .. كانت تقع خلف منازلهم ..
وسأقص عليكم بعض ما سمعته عن شبح سعاد:
القصة الأولى: روتها لي صديقتي فاطمة تقول أن الشرطة قبل أن تضع الشمع الأحمر على البيت طلبت من شقيق الزوج أن يأتي ليأخذ المؤونة من مخزن البيت وذهب الى هناك دخل الى المخزن وقبل أن يضع يده على اي شيء شعر بيد تمسك به من كتفه التفت ليجد سعاد أمامه تقول له بصوت حازم "ماذا تفعل هنا يا فتحي" ارتعدت فرائصه وغادر المكان بدون أن يأخذ شيئا ..
من عجائب الذاكرة أذكر اسم شقيق الزوج ولا أذكر اسم الزوج وهو الشخصية الرئيسية في الأحداث.
القصة الثانية: تقول فاطمة أن شبح سعاد يذهب إلى بيت والدتها كل ليلة حيث أن أبناءها قد أخذتهم جدتهم -والدة سعاد- لتقرع النافذة وتستعطف والدتها لتفتح لها لكن الأم , من شدة خوفها ورعبها, لم تكن تستجيب. القصة الثالثة: أيضا روتها لي فاطمة تقول أن ابن عمها وهو أيضا قريب سعاد كان قد خرج فجرا إلى المقبرة ليجمع الصبار فقد كانوا يطعمون الصبار للمواشي صيفا عندما يقل العلف ولأن المقبرة محاطة بسور من نبات الصبار فقد ذهب إلى هناك وأخذ معه عربة صغيرة ذات عجلة واحدة تعرف عندنا ب"البرويطة" ليضع داخلها الصبار وفيما كان منهمكا في جمع الصبار وتكديسه داخل العربة ظهر له خيط أبيض دخاني وبدأ يدور حوله ففزع وجر عربته هاربا لكن الخيط الدخاني لم يتركه وظل يلاحقه ويتلاعب به حتى وقع داخل العربة وسط نبات الصبار الذي جمعه وامتلأت مؤخرته شوكا. القصة الرابعة: روتها لي خالتي , حيث حلت ضيفة رفقة جدتي وخالتي الأخرى على بيت فاطمة ليبتن عندهم ليلة كانت حسب تعبير خالتي أطول ليلة مرت بها في عمرها, فبعد سهرة جميلة خلدن إلى النوم في غرفة الجلوس, وكانت الغرفة واسعة وبها فنار يفتح على السطح , وهي طريقة معمول بها في البناء عندنا حيث يوفر الفنار التهوية والإضاءة لغرف الجلوس الكبيرة اووسط البيت ويكون الفنار على شكل مربع يرتفع قليلا عن سقف الغرفة ويحتوي على نوافذ صغيرة من الجهات الأربع ,في تلك الليلة وبينما كانت خالتاي ,جدتي ,فاطمة وشقيقتها ,نائمات فجأة استيقظت خالتي على صوت صراخ مرعب هز أركان الغرفة نظرت فوجدت فاطمة تنظر إليها لتقول لا تخافي لقد اعتدنا على ذلك هذا صوت سعاد انها تصرخ كل ليلة على هذا النحو,وما إن أنهت فاطمة كلماتها تلك حتى سمعت خالتي صوت شيء يرتطم بنافذة الفنار نظرت فإذا بشيء يشبه الكرة يرتطم بالنافذة يبتعد قليلا ليعاود الارتطام وصوت الصراخ مستمر , انتفضت رعبا لتقول لها فاطمة لا بأس تجاهليها انه شبحها هذا ليس بجديد علينا انها على هذه الحال كل ليلة , هم اعتادوا على ذلك لكن خالتاي وجدتي امضين ليلة سوداء لم يستطعن النوم خلالها وما إن لاحت أولى خيوط الفجر حتى تهيأن للعودة إلى البيت.
وما زالت خالتي تحكي لي حتى اليوم هذه القصة وهي ترتعد خوفا كأنها تعيش تفاصيل تلك الليلة من جديد.
أخيرا,
نعود إلى زوج سعاد , تمت محاكمة الجاني فحكم عليه بخمسة عشر عاما سجنا , قيل أنه تمت مراعاة ظروفه العائلية حيث أنه أب لطفل لرضيع وآخر يعاني من إعاقة ويحتاج إلى العلاج وليس لهم من معيل غير والدهم لكنه وقبل أن تنقضي مدة عقوبته كتبت الصحف أنه توفي داخل زنزانته , أظن أنه مات جراء تأنيب الضمير المستمر وتحققت فيه عدالة السماء."
بالطبع الموتى لا يعودون للحياة بأى شكل من الشكال لقوله سبحانه :
"وحرام على قرية أهلكناها انهم لا يرجعون "
كما بين الله أنه لا يمكن للأحياء الشعور وهو الاحساس بالموتى أو سماع صوتهم وهو ركزهم كما قال سبحانه :
"وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا"