مراجعة لمقال القصر الملعون..
الكاتبة هى هبة حسين من مصر وموضوع المقال هو حدوث حوادث غريبة داخل قصر أسبانى تمت ممارسة الرذية المحرمة داخله وإنجاب أطفال وقتل واحدة منهم وقد طلب أحدهم تقريرا عما يحدث في القصر ولكن التقرير رفض
تحكى الكاتبة الحكاية حيث تقول :
"في الساعة الثالثة صباحا ومع نسائم الفجر الأولى تلفتت فتاه سمراء جميله ونحيله بالعقد الثالث من العمر حولها يمينا ويسارا وكان القلق يبدو واضحا على محياها الجميل وبين الحين والآخر تضيء مصباح تمسكه بيدها لتدون بعض الملاحظات في مفكرتها الصغيرة , وكان الضوء الخافت للمصباح يلقى بظلال مرعبه على هذا المكان الكئيب مما جعلها ترتجف وهي تتذكر كلمات رجل كهل وهو يقول إليها بصوت عميق: " أنت في مهمة رسميه يا دكتورة كارمن .. لإيجاد تفسير مناسب للأحداث الغامضة التي تحدث بهذا القصر .. ولتكن إجابات منطقيه وعلميه تتماشى مع عصرنا الحديث ".
استفاقت الدكتورة من شرودها على صوت خفيض يناديها: "دكتورة" .. وكانت وكأنها قد نسيت أنها تصطحب معها حارسين ضخمين مفتولي العضلات ومجموعه من الكلاب المدربة القوية.
لكن من هذه السيدة وما الذي أتى بها إلى هذا المكان الملعون في هذا التوقيت الغريب؟ .
إنها الدكتورة كارمن سانشيز دى كاسترو, مؤرخه اسبانية تحمل العديد من الشهادات العلمية والجامعية , وقد جاءت إلى القصر بتكليف من عمدة مدريد للتحقيق في الظواهر الغريبة التي تحدث في أرجاء القصر وليس لها أي تفسير , فهذا القصر المهجور الخاوي على عروشه والذي لا يسكنه احد .. تجتاحه فجأة رياح عاتية تقوم بفتح الأبواب والنوافذ بعنف وخلع اللوحات الزيتية التي تملأ أرجاء المكان وتحرك الستائر بعنف , ويسمع خلال ذلك أصوات تصرخ , وهالات تضيء وتختفي , وطرقات على الحوائط والجدران والأبواب , ووقع أقدام ثقيلة بالأدوار العلوية , وتكتمل منظومة الرعب بسماع الموجودين لعزف نغمات موسيقية يصاحبها صوت بكاء طفلة وصراخ امرأة ..
لكن أين يحدث كل هذا الصخب والرعب والغموض؟ ..
انه في ذلك القصر المنيف .. تلك التحفه المعمارية النادرة والتي تقع في قلب مدريد وتعد من معالمها الشهيرة .. انه قصر لينار. ولقد كانت الدكتورة كارمن بحكم عملها تعرف قصه القصر جيدا , وان الماركيز دى لينار صاحبه قد عاش مأساة عائليه لا تخطر على قلب بشر , وان هذا القصر الملعون قد شهد من المآسي ما لا تمحيه القرون ولا تنساه الذاكرة مهما انطوت السنوات وتعاقبت الأجيال , وستظل هذه الذكريات الدرامية العنيفة حية للأبد. فمن المعروف أن العلاقات المحرمة بين الأقارب قد انتشرت في العصور الوسطى , خاصة بين العائلات الغنية الراقية , وذلك من اجل الحفاظ على الثروة وعدم تقسيمها على عائلات أخرى , لكن إذا تم إثبات الجريمة , فأن العقاب كان شديدا للمذنبين والمدانين بالجرم المشهود , فالقانون آنذاك كان يقضي بحرق الزاني والزانية أحياء على مرأى ومسمع من الجميع حتى تكون هذه النهاية عبرة لكل من تسول له نفسه العبث بالفطرة الإنسانية السليمة. لكن العقوبة كان تخفف إذا لم تكن هناك رابطه دم وثيقة بين المذنبين , فعلى سبيل المثال .. إذا تزوج الرجل بحماته , أو زوجة الابن من حماها , فالعقاب يكون بالجلد والوشم حتى تظل الخطيئة تلاحقهم مدى الحياة.
مأساة القصر بدأت في عام 1890 عندما وقع خوزيه دى مورجا ماركيز دى لينار , في غرام فتاه شقراء جميلة تفيض شبابا وحيوية , لكنها لم تكن من وسط النبلاء فلقد كانت مجرد بائعه سجائر , وبالطبع تصدى الماركيز الأب لرغبة ابنه خوزيه في الزواج من هذه الفتاة التي كانت تدعى رايموندا , وحاول ثني ابنه عن إتمام الزيجة بكافه الطرق. وفى محاوله منه لإبعاد أبنه عن رايموندا لكي ينساها فقد قام الماركيز بإرسال خوزيه إلى انجلترا ليكمل تعليمه هناك لكن بقاء خوزيه في لندن لم يدم طويلا , فبعد فترة تم استدعاءه على وجه السرعة إلى مدريد وذلك لوفاة والده , وبالطبع لم يعد هناك ما يمنع أو يعارض إتمام زواجه بحبيبته , فتزوج الاثنان وعاشا بسعادة وهناء في قصر الماركيز.
لكن في أحد الأيام , وبينما كان خوزيه يقلب في أوراق والده الراحل , فقد عثر عل خطاب موجه إليه , وقد حمل ذلك الخطاب مفاجأة ضخمة زلزلت كيانه وحطمت أحلامه .. كان نص الخطاب كالتالي:
" ولدى العزيز خوزيه .. هناك سبب هام رفضت من اجله زواجك من رايموندا , وهو أن هذه الفتاه هي ابنتي مثلك تماما , لقد أنجبتها من علاقة في الخفاء مع خادمة كانت تعمل لدي , وبالتالي فان ريموندا هي أختك من لحمك ودمك , وأي علاقة زواج بينكما تعتبر من المحرمات , فأبتعد عنها يا بني وإلا فستحرق في الجحيم ".
أصيب خوزيه بالذهول , وحكي لزوجته عن نص الخطاب المشئوم , فلم يكن أمامهم أي حلول سوى البكاء لحالهما , فكيف يستطيع زوجان متحابان مثلهما أن يعيشا منفصلين , وبعدما اسقط في أيديهم لم يجدوا حلا سوى استشارة البابا وطلب رأيه في هذه المأساة , فكان رده عليهم هو: " casti convivere " .
وهذه العبارة تعني العيش معا مع التمسك بالعفة , وبالفعل انتقل الماركيز إلى الإقامة بالطابق العلوي بينما ظلت ريموندا بالطابق الأول , وبالطبع حاولا التمسك بالعهد الذي قطعاه على نفسيهما أمام البابا. لكن يقال بأنه كانت توجد هناك فتاتان بالقصر لا يعرف احد نسبهما , البعض يقول إنهما نتاج هذا الزواج المحرم , والبعض الآخر يقول إن إحدى الفتيات أنجبها الماركيز من إحدى الخادمات , والفتاة الأخرى أنجبتها زوجته من خادم أيضا. بالطبع لا احد يعلم الحقيقة على وجه الدقة , لكن الأمر المثير للفزع هي الشائعات التي تتحدث عن إنجاب الماركيز لطفلة ثالثة , وقيام الماركيزة زوجته بإغراقها لإخفاء الفضيحة , مما جعل روح هذه الطفلة مسجونة داخل القصر , تظل تصرخ: " ماما .. ماما ".
نعود للدكتورة كارمن التي ما أن خطت بقدميها داخل القصر حتى أحست ببروده عجيبة في أوصالها وبارتعاشه في قدميها وهي تخطو على سلم الطابق الثاني , وفجأة انفتحت أبواب إحدى الصالات بعنف شديد وهبت رياح قوية ساخنة بالمكان لفحت وجهها وكادت تلقيها من أعلى السلم لولا تشبثها بالدرابزين بكل قوتها ذلك بالإضافة إلى صوت صفير شديد وحاد كاد يصيب إذنيها بالصمم , فوجدت الدكتورة كارمن نفسها وحيده بعد فرار الحارسين والكلبين المرافقان لها , وكما بدأ كل شيء بغتة اختفى بلمح البصر وعادت الأمور لسيرتها الأولى من الهدوء والغموض باستثناء ظهور هالة من الضوء في أعلى السلم تشكلت بالتدريج على شكل بشرى ثم اختفت بسرعة.
في اليوم التالي سلمت الدكتورة كارمن التقرير الذي روت فيه التفاصيل التي مرت بها داخل القصر بدقة , وكان رد المسئولين هو التشكيك في تقرير الدكتورة كارمن.
وبعد هذه الواقعة بعدة سنوات قام صحفيين شابين مغامرين بتكرار تجربه الدكتورة كارمن , لكنهم كانوا أكثر حظا إذ استطاعا الحصول على صوره واضحة للشبح الموجود داخل القصر , وتم نشر الصورة بالصحف , الأمر الذي أثار ضجة كبرى بين مؤيد ورافض , لكن الدكتورة كارمن سارعت بالتأكيد على حقيقة الصورة وصدقها."
بالطبع هذا التقرير وكلام الناس هو مجرد شائعات أطلقها من يعيش في القصر أو من يعيشون ولا يريدون ان يعرف أحدهم بنشاطهم السرى فيه ومن ثم هم من يقومون بعمل تلك الأشياء التى يصدقها البعض
بالطبع لا توجد أرواح موتى تعود للحياة مرة أخرى كما قال سبحانه :
" وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون"