مناقشة لمقال أشباح الماضي القصة العجيبة لأشهر منزل مسكون في انكلترا
الكاتب هو اياد العطار وموضوع المقال هو ظهور أشباح الموتى والقالى في أحد المنازل في بريطانيا
وبالطبع لا وجود للأشباح وهى أرواح الموتى لأن الموتى لا يعودون لدنيانا بعد موتهم كما قال سبحانه :
" وحرام على قرية اهلكناها انهم لا يرجعون "
وهم لا يقدرون على الركز وهو الكلام ولا يمكن للأحياء الاحساس بهم كما قال سبحانه :
"كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا"
وحكى لنا الكاتب حكاية المنزل وما دار عنه حيث قال :
"في إحدى المناطق القصية والمنعزلة من انكلترا انتصب يوما ما منزل قديم نسجت حوله الكثير من القصص المخيفة فتحول إلى قبلة للباحثين عن المغامرات الروحانية وكتبت عنه أشهر الجرائد الانكليزية آنذاك , منزل دار حول قصته جدل واسع بين فريقين احدهما مؤمن بصدق القصة ويقدم الكثير من الشهود والأدلة لدعم وجهة نظره وفريق أخر يكذبها جملة وتفصيلا وله أيضا حججه وأدلته , وقد تكون النهاية المأساوية التي انتهى إليها المنزل قد ساهمت في إسباغ المزيد من الغموض عليه ورفعت من حدة الجدل الدائر حوله مما جعله يستحق بجدارة لقب أشهر منزل مسكون في انكلترا.
منزل راعي الأبرشية في بورلي (Borley Rectory) هو منزل متوسط الحجم كان يستعمل لسكن راعي الأبرشية وعائلته وقد تم تشييده عام 1863 في بقعة من الأرض كانت يقوم عليها في السابق بناء أخر اندثر منذ زمن بعيد , والمنزل يقع بالقرب من كنيسة قديمة أنشئت في القرن الثالث عشر وتعتبر من ابرز معالم بلدة بورلي الصغيرة الواقعة في مقاطعة ايسكس الانكليزية , وتتألف البلدة الضاربة في القدم من عدة بيوت ريفية تفصل بينها مساحات خضراء واسعة وتنتشر في محيطها أطلال بعض القصور المهجورة والأديرة القديمة التي تعود الى حقبة العصور الوسطى , الحياة في البلدة هادئة ورتيبة حالها في ذلك حال اغلب البلدات النائية والمنعزلة في الريف الانكليزي وربما كان الشيء الوحيد الذي يكسر هذا الروتين في بلدة بورلي هو حكايات الأشباح والأماكن المسكونة الغامضة التي ترويها العجائز في ليالي الشتاء الباردة وإحدى أشهر تلك الحكايات تتحدث عن قصة قديمة ومأساوية وقعت في البلدة منذ قرون وهي تدور حول احد رجال الدين الذي كان يعيش يوما ما في البلدة وربطته علاقة حب مع إحدى الراهبات التي كانت تقيم في دير قديم يبعد سبعة أميال عن البلدة , ولأن علاقة من هذا النوع كانت تعتبر آثمة ومرفوضة في ذلك الزمان لذلك قرر العاشقان الفرار من البلدة بعد أن ذاع سر علاقتهما وخافا ان يتم معاقبتهما وقد حاول بعض أصدقاء القس تهريبهم ليلا بواسطة عربة تجرها الخيول لكن لسوء الحظ القي القبض على الجميع فحكم على القس بالموت شنقا وعلى أصدقائه الذين حاولوا تهريبه بقطع أعناقهم بالسيف , أما الراهبة فقد واجهت العقوبة الأشد إذ دفنوها وهي حية في جدار الدير , ومنذ ذلك الزمان حدثت عدة أمور غريبة وغامضة , من حين لأخر كان بعض السكان يقسمون على أنهم شاهدوا شبح راهبة تتجول مسرعة في أرجاء البلدة , في حين زعم البعض أنهم شاهدوا عربة تجرها الخيول تسير بسرعة جنونية في الطرقات ويقودها شخصان قطعت رؤوسهم!.
إحدى مناطق البلدة التي امن السكان بشدة على انها مسكونة كانت البقعة التي بني عليها منزل راعي الأبرشية , فرغم تحذيره من قبل العديد من أهالي البلدة , أصر هنري بول راعي الأبرشية الجديد على ان قصص الأشباح في المنطقة ليست سوى خرافات لا أساس لها من الصحة , وسرعان ما انتقل للسكن في المنزل بمجرد ان انتهت أعمال البناء تصحبه عائلته الكبيرة المكونة من زوجته وأطفاله الأربعة عشر , ولم تمض على العائلة سوى أيام معدودة حتى بدئت بعض الأمور الغريبة تحدث داخل المنزل , كان أفراد العائلة يسمعون صوت خطوات مجهولة لشخص ما يتحرك على السلم صعودا ونزولا ورغم أنهم فتشوا جميع أرجاء المنزل إلا أنهم لم يعثروا على مصدر الصوت , وأحيانا كانت أجراس اليد المستعملة لمناداة الخدم ترن ليلا بدون أن يحركها احد , وفي بعض الليالي كان أفراد العائلة يسمعون صوت أشخاص مجهولين يتهامسون بكلمات غير مفهومة في مكان ما من المنزل , لكن اغرب الحوادث على الإطلاق هي تلك التي وقعت في غروب احد الأيام وشاهدته أربعة من بنات العائلة, فبينما كن جالسات في الحديقة ظهر لهن فجأة شبح امرأة ترتدي ملابس راهبة وتقف على مسافة منهن تحت الأشجار , كانت تحدق إليهن وبدا وجهها شاحبا وباهتا بصورة مخيفة وكانت نظراتها باردة وغير مريحة , وعندما حاولت إحدى البنات التحدث إليها والاقتراب منها اختفت فجأة وتبددت دون ان تترك أي اثر خلفها.
في عام 1892 توفى راعي الأبرشية هنري بول فتولى ابنه منصبه واستمر بالسكن مع زوجته في المنزل واستمرت كذلك الأمور الغامضة والغريبة تحدث من حين لأخر حتى عام 1927 حيث توفى هنري بول الابن وأصبح المنزل خاليا لعدة أشهر , ثم تولى منصب راعي الأبرشية رجل دين جديد يدعى إيريك سميث وانتقل للسكن في المنزل مع زوجته وابنته الوحيدة , وسرعان ما أخذت تتكشف لهم الأبعاد المخيفة لمحل سكنهم الجديد , ففي احد الأيام كانت السيدة سميث تنظف خزنة ملابس قديمة داخل المنزل عندما عثرت داخلها على كيس ورقي يحتوي على جمجمة بشرية تعود لامرأة شابة , ولم تمض مدة طويلة على هذا الحادث حتى بدئت تتكرر نفس الأمور الغريبة التي واجهتها عائلة القس السابق , خطوات مجهولة على السلالم وأصوات هامسة مبهمة إضافة إلى طرق غامض على الأبواب والنوافذ , وفي إحدى الليالي زعمت السيدة سميث أنها شاهدت شبح عربة سوداء تجرها الخيول متوقفة أمام المنزل ويقودها سائق مقطوعة عنقه!
كل هذه الأحداث الغامضة والمخيفة دفعت العائلة للاتصال بجريدة الديلي ميرور من اجل إجراء ونشر تحقيق عن المنزل على أمل ان يقرأه احد المتخصصين بطرد الأشباح فيساعدهم في التخلص منها , وقد أرسلت الجريدة احد صحفييها عام 1929 لرؤية المنزل وقام بكتابة عدة مقالات عنه أدت إلى جذب اهتمام الكثير الناس , واحد هؤلاء الذين أثارت المقالات فضولهم بشدة هو هاري بريس المتخصص في قضايا الروحانيات وما وراء الطبيعة والذي سرعان ما توجه لزيارة المنزل واخذ يبحث في تاريخه وفي طبيعة الأمور الغريبة التي تحدث داخله. يبدو ان إيريك سميث وزوجته قد ضاقا ذرعا بالأشباح التي شاطرتهم سكنهم لعدة سنوات لذلك انتقلوا الى سكن ثاني في أواخر عام 1929 وأصبح منزل موبرلي خاليا مرة أخرى حتى عام 1930 حيث سكنه رجل الدين ليونيل فويستير وزوجته ماريانا , وما ان تجاوز الزوجان عتبة المنزل حتى أخذت الأحداث الغريبة داخله تأخذ بعدا جديدا فأصبحت لسبب ما أكثر حدة وشراسة وبدء أفراد العائلة وأحيانا ضيوفهم يتعرضون للحبس داخل الغرف حيث تقفل عليهم الأبواب فجأة وتضيع المفاتيح وبدئت بعض قطع الأثاث تختفي وأخرى تتحرك من تلقاء نفسها والنوافذ تتعرض للكسر وفي الليل كانت أصوات غريبة ومخيفة تتردد في جنبات المنزل , وكان أكثر الأشخاص تعرضا للحوادث هي الزوجة ماريانا حيث زعمت عدة مرات أن يدا خفية أسقطتها من فراشها وأنها تعرضت للرمي بالحجارة والقناني الفارغة كما بدأت فجأة تظهر كتابات وخربشات غريبة على جدران المنزل تطلب مساعدتها , ومع تزايد هذه الحوادث ازداد اهتمام الناس بما يجري داخل المنزل وأخذت اغلب الجرائد تكتب التحقيقات المطولة عنه وأصبح أشخاص مهتمون بالروحانيات من أمثال هنري بريس من زواره الدائمين , وكان السيد بريس يعتقد ويؤمن بشدة بأن المنزل تسكنه عدة أشباح وان احدها هو شبح راهبة تم قتلها في هذه البقعة من الأرض.
في عام 1937 تركت عائلة فويستير منزل موبرلي فأستغل هاري بريس الفرصة واقنع الجهة المالكة للبيت بمنحه مدة سنة كاملة ليجري تحقيقاته حول الأشباح التي تسكنه ثم قام بنشر إعلان في جريدة التايمز طلب فيه متطوعين للإقامة في مخيم قرب المنزل لغرض مراقبة الأشباح وسرعان ما تقدم المئات للمشاركة في هذا المخيم الا ان هاري بريس اختار منهم أربعين شخصا فقط , وبدء المتطوعين بمراقبة المكان على مدار الساعة مزودين بنواظير وكاميرات وقد تمكنوا فعلا من التقاط بعض الصور الغريبة تظهر فيها أشكال وأجسام غامضة تتجول داخل المنزل وحوله , ثم جاءت المفاجأة الكبرى عندما أعلن بريس ان إحدى المتطوعات وتدعى هيلين استطاعت التواصل روحيا مع شبحين من أشباح منزل موبرلي , كان الشبح الاول يعود لامرأة شابة ادعت ان اسمها هو ماري ليري وزعمت أنها كانت راهبة فرنسية تركت الدير وتزوجت من رجل انكليزي ثري وانتقلت للعيش معه في انكلترا وانه قتلها في عام 1667 وأخفى جثتها تحت قصره , وقد أثبتت السجلات التاريخية القديمة بأن شخصا ثريا اسمه هنري ويلدكراف كان حقا يسكن قصرا فخما في القرن السابع عشر في نفس البقعة التي بني عليها فيما بعد منزل موبرلي الا ان السجلات خلت من أي ذكر لأسم المرأة الشبح , وقد امن هنري بريس بأن هذا الشبح هو نفسه الذي رآه العديد من سكان البلدة وشاهدته أربعة من بنات هنري بول في حديقة المنزل واعتقد انه للتخلص من شبح الراهبة يجب العثور على بقايا جثتها ودفنها في قبر حقيقي حسب المراسيم والطقوس الدينية المتبعة , ولمدة الخمسة أشهر اللاحقة استمرت الاتصالات الروحانية عن طريق هيلين مع شبح الراهبة , لكن فجأة في ليلة 27 آذار / مارس 1938 ظهرت روح أخرى غاضبة , كانت الروح الجديدة تعود لرجل بدا في مزاج سيء وقال بأنه سيحرق المنزل في تلك الليلة من اجل أن تظهر عظام الراهبة المقتولة تحته , لكن المنزل لم يحترق تلك الليلة وإنما بعد سنة كاملة بالضبط أي في ليلة 27 آذار / مارس 1939 فعندما كان المالك الجديد للمنزل يحاول إفراغ بعض الصناديق سقط أرضا احد المصابيح النفطية فانتشرت النيران في أرجاء المنزل بسرعة والتهمته , وجاءت المفاجأة الكبرى عندما خمدت النيران حيث تمكن هنري بريس من العثور تحت خرائب المنزل المحروق على عظام بشرية قديمة تعود لفتاة شابة!. لعقود طويلة بعد احتراق واختفاء منزل موبرلي احتدم جدل واسع حول حقيقة وطبيعة الأحداث التي جرت داخله , فظهر فريق من المؤيدين المؤمنين بأن المنزل كان مسكونا حقا بالأشباح وهذا الفريق استند في ادعاءاته إلى شهادة العديد من ساكني المنزل السابقين وكذلك الى قصص سكان بلدة موبرلي إضافة إلى بعض صور الشبح المزعومة وغيرها من الأدلة كالكتابات او الخربشات التي كانت تظهر بصورة غامضة على جدران المنزل. "
بالطبع المسألة لا تزيد على أن المنزل أو المنطقة كان يسكنها بعض المجرمين أو احد يريد شراء المنزل بسعر بخس فاطلق كل تلك الحكايات ونشرها بين الناس لكى يتركوا المنطقة لهم وحكايات السجلات التى يتحدثون عنها هو كلام فارغ فلم تكن في العصور التى تسمى الوسطى لدى القوم تلك السجلات
وتناول الكاتب آراء المكذبين لتلك الحكايات حيث قال :
"اما فريق المكذبين والمشككين بالقصة فقالوا ان اغلب الأحداث التي جرت داخل المنزل تعود بالأساس الى تخيلات وأوهام بسبب طبيعة المنزل المنعزلة وكذلك بسبب التصورات المسبقة التي تختلج في نفوس ساكنيه وسببها القصص التي سمعوها عن المنزل ولذلك فأنهم يفسرون كل حركة او صوت داخله اوفي محيطه على انها تعود للأشباح فعلى سبيل المثال الأصوات الغامضة التي كانت تصدر منه هي على الأرجح صادرة عن الأخشاب القديمة والمتهالكة التي استعملت في بناء المنزل , كما يؤمن فريق المشككين بأن الكثير من الشهادات حول المنزل تمت فبركتها على يد هاري بريس الذي وصفوه بالدجال الذي استغل أحداث المنزل ليجني الشهرة والمال فالسيدة سميث التي سكنت المنزل عام 1927 قالت في تحقيق صحفي ان الأصوات والكتابات على الجدران والأحجار التي كانت تقذف على المنزل كانت تزداد عندما يتواجد هنري بريس وتكاد تختفي تماما مع رحيله , ثم جاءت ضربة أخرى اعتبرها البعض قاصمة لقصة الأشباح وذلك عندما ادعت إذاعة البي بي سي البريطانية بأنها حصلت على اعتراف من السيدة ماريانا فويستير التي سكنت المنزل عدة سنوات حتى عام 1937 زعمت فيه بأنها فبركت اغلب الأحداث الغامضة في منزل موبرلي وذلك للتغطية على علاقة جنسية سرية جمعتها مع احد الجيران وانها قامت باستغلال قضية الأشباح لخداع زوجها وإخافته (المسكين تعرض عدة مرات لجروح بسبب ضربات قوية سببتها حجارة وأشياء أخرى كانت ترمى عليه أثناء سيره ليلا وكان المغفل يعتقد ان الأشباح هي التي ترجمه بها .. الله على دهاء وكيد النساء!). رغم الاعتراف المزعوم للسيدة ماريانا إلا أن ذلك لا يعطي تفسيرا مقنعا للأمور الغريبة التي حدثت داخل المنزل مع عدة عوائل سكنته على مدى ستة وسبعون عاما فلا يعقل ان يكون جميع هؤلاء الأشخاص كاذبون خصوصا وان الأحداث الغريبة بدئت تقع داخل المنزل قبل ان تنتقل السيدة فويستير إليه بأكثر من سبعين عاما , كما ان لغز احتراق المنزل بصورة غامضة والعظام البشرية التي وجدت تحت خرائبه ظلت بلا حل او تفسير حتى يومنا هذا فهل يعقل ان يكون هاري بريس قد فبرك الحريق ودس العظام تحت خرائب المنزل ليدعي فيما بعد بأنه وجدها هناك , جميع هذه الأسئلة بقيت بدون جواب وربما لن يعثر على جواب لها أبدا خاصة بعد احتراق المنزل واختفاء أثاره تماما , لكن الشيء المؤكد في هذه القصة هي أن أشباحه ستبقى تلهب خيال العديد من الناس وستظل أحداثه الغريبة تمد الكثير من أفلام الرعب المشهورة بمادة دسمة لجذب المشاهدين وبث الخوف في قلوبهم"
ووجهة النظر المعارضة مقبولة فتلك الحكايات تشيه للتغطية على جرائم معينة