مناقشة لمقال جوني و زينا: قصة حب من نوع آخر
الكاتبة هى فرح عبد المجيد من العراق وموضوع المقال حكاية كلب صغير كان سيموت وطفل متوحد تم علاجه بأخذ الكلب لمسكنه حيث أصبح صديقه
تحكى الكاتبة الحكاية حيث تقول :
"الطفل جوني نائم بأمان مع حيواناته الأثيرة
في سبتمبر سنة 2012, دخل شخص الى ملجأ (ديكالب) لخدمات الحيوانات حاملا بين يديه لفافة صغيرة. حين فتحها العاملون بتأني وجدوا منظرا صدمهم واحزنهم في ان واحد.
في اللفافة تلك رقدت جروة صغيرة ..
ليس عمر الجروة ما صدمهم بل الحالة التي كانت فيها, لقد كانت وببساطة جلد وعظم فقط, ضلوعها بارزة و وجهها وخطمها مخدوش وعلامات ضرب عليها. لقد اعتقدوا انها ميتة لولا حركة ذيلها الخفيفة. لقد كانت ترحب بهم!
قال الشخص الذي احضرها ان الكلبة قد انهارت في باحته الخلفية ولقد اعتقد انها ماتت حين اقترب منها و لكن لاحظ بأنها لا تزال تتنفس فهرع بها الى الملجأ.
سارع العاملون في الملجأ الى فحصها ولقد وجدوا بأنها قد تعرضت للتجويع والضرب و كانت تعاني من الجفاف الشديد و يبدوان احدهم قد حبسها و جوعها في قفص ثم رماها بعد ان اعتقد بأنها ستموت.
كان جسدها تملؤه الخدوش و هنالك جروح على انفها كما لوانها كانت تحاول الهروب من امر ما واصابت نفسها بتلك الخدوش و قدر عمرها بأربعة اشهر فقط و لكن وزنها لم يتجاوز الكيلوغرامين.
الكلبة الصغيرة وصلت الى الملجأ وهي على شفا الموت هز الطبيب البيطري رأسه و قال بأن حالتها صعبة جدا واحتمالية نجاتها و تعافيها لا تتجاوز الـ 1% واقترح قتلها قتلا رحيما لتخليصها من عذابها لكن صاحبة الملجأ ومؤسسته قررت ان تتمسك بهذه الـ 1% وان تعطي للكلبة المسكينة فرصة للحياة فأخذتها الى منزلها وبدأت برحلة طويلة استغرقت اكثر من 5 اشهر من العلاج والسوائل والمكملات الغذائية. لتسترد الكلبة عافيتها وبدأت جروحها بالالتئام و بدأ جسدها يكتسي بشعر جديد لامع لقد اسمتها صاحبة الملجأ (زينا) تيمنا بالمسلسل التلفزيوني عن المحاربة القوية (زينا) لأن تلك الكلبة الصغيرة لديها روح محاربة.
قامت صاحبة الملجأ بعمل صفحة على الفيسبوك وبدأت بنشر قصة (زينا الكلبة المحاربة) ليرى العالم تحولها العجيب من جروة شبه ميتة الى كلبة جميلة ذات نظرات تذيب القلوب وازداد عدد المعجبين لهذه المحاربة الصغيرة و بدأت تنهال على الملجأ عروض تبني لها.
كان جوني مصابا بالتوحد
في (جون كريك) في جورجيا ايضا كانت هنالك عائلة صغيرة تعاني معاناة من نوع اخر.
عائلة (هيكي) في جورجيا لديهم ولدين، ولديهم كلبين انقذوهما من ملجأ الحيوانات, انها عائلة صغيرة و متحابة ولكن هنالك ما يحرق قلب الوالدين ابنهما (جوني) ذو الـ 8 اعوام كان مصابا بالتوحد.
تقول والدة (جوني): "ولد ابني في 31 من شهر كانون الثاني عام 2005 و حين بلغ العامين لاحظت انه لا يتطور مثل بقية اقرانه او الاطفال في عمره و ظهرت عليه علامات التوحد, لقد عرفت العلامات و لكني لم استطع نطق هذه الكلمة.
ابني الصغير لا يملك المهارات اللغوية او الاجتماعية لتمكنه من الاقتراب من الاخرين او تكوين الصداقات مع غيره من الاطفال و كان يعاني في دراسته و كان يكره الطعام و لا يلمسه اطلاقا بل لا يرغب ان يكون بقرب الطعام اصلا و لم يكن يقترب من احد و كان يخاف من كل شيء حوله" وتستمر بكلامها لتقول:
"لقد كنت غاضبة على الله, كنت اقول له لماذا يا ربي ابتليتني بهذا الامر؟ لم اصاب ابني هذا الاضطراب اللعين؟ و لكن رغم غضبي الا اني كنت اصلي كل ليلة لحصول معجزة تنقذ ابني الصغير".
و لقد استجاب الله لدعائها حينما عثرت على صفحة الفيسبوك تلك لتأتيها المعجزة على شكل مخلوق يمشي على اربعة ارجل.
"لقد كنت اتصفح الانترنت والفيسبوك حين وقع نظري على تلك الكلبة و قرأت و تأثرت بقصتها و كفاحها للعيش, اجل يا سادة ,لقد وقعت بغرام كلبة على الانترنت".
زينا .. نجت من الموت واصبحت كلبة جميلة
قررت الوالدة ان تتبنى الكلبة رغم ترددها:
" لقد كنت مترددة في تقديم طلب لتبنيها, فأنا وزوجي لدينا طفلين واحداهما مصاب بالتوحد ويحتاج الى علاج واهتمام كبيرين, ولدينا كلبين اخرين في المنزل انقذناهما من ملاجئ الحيوانات, لقد كان منزلنا في حالة فوضى, ولكن هنالك صوتا خفيا دفعني لأتخاذ قراري النهائي بتبني (زينا) واعطاءها الحب الذي تستحقه"
بعد اتخاذ القرار واتفاق الاطراف, توجهت العائلة للقاء (زينا).
لنعد الى الملجأ و (زينا) , بعد ان فحص البيطري الكلبة و تأكد من انها تعافت بشكل كاف لتلتقي بمحبيها في حدث يقيمه الملجأ لجمع التبرعات للحيوانات, تقرر ان تخرج (زينا) في ذلك الحدث المقام في شهر تشرين الثاني من عام 2012 والذي حضرته عائلة (هيكي).
تقول والدة (جوني هيكي):
" لم يمضي على تواجدنا في الحدث اكثر من 4 دقائق حين وقع نظر الكلبة (زينا) على ابني (جوني) وزوجي لتهرع راكضة اليهم وليفتح ابني لها ذراعيه محتضنا اياها, لقد احببت هذه الكلبة حين رأيت صورتها على الانترنت والان انا متأكدة من حبي لها".
لا غرابة في ان تتبنى العائلة تلك الكلبة لكن قبل انهاء معاملات التبني النهائية, هنالك فترة تجريبية للتأكد من العائلة والكلب المتبنى متوافقين مع بعض, لهذا في الثاني من شهر شباط 2013 قامت والدة (جوني) بوضع الكلبة (زينا) في سيارتها والذهاب لاحضار (جوني) من المدرسة لترى ردة فعله.
جوني وزينا .. حب من النظرة الاولى
حين وقع نظر (جوني) على (زينا) ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة و ذاب تحت الحب والاهتمام الذي اغرقته به (زينا) التي ما ان رأته حتى اندفعت ناحيته وجلست في حضنه لتمطره بالقبلات "هنالك في حضن جوني, استقرت (زينا) للابد"
تستمر والدة (جوني) بالكلام "لقد كان جوني طفلا خجولا و لم يكن ينطق بأكثر من عدة كلمات غير مترابطة, و لم يكن يتحدث مع احد سوى عدة اشخاص من ضمنهم مدرسيه الذين يثق بهم في المدرسة و حتى كلامه معهم لا يتجاوز كلمات على عدد اصابع اليد, لم اعتد على سماع صوت ابني الصغير لاني بالكاد كنت اسمعه, الى ان جاء ذات يوم و قال لي: "امي هلا اعطيتني كوب ماء من فضلك؟ " و لقد تصرفت بدون وعي واعطيته الماء ثم ادركت امرا مهما, ابني نطق بجملة كاملة و بدون تلعثم او تأتأة, يا الله كيف ذلك؟ ".
لقد لاحظت الوالدة الفخورة بأن ابنها الصغير قد ارتبط بالكلبة الوفية و كون علاقة قوية معها منذ اليوم الاول, بدأ جوني الطفل الصامت المصاب بالتوحد بالتحدث و بالساعات مع كلبته (زينا) , كان يحدثها بكل ما حصل له في المنزل وفي المدرسة وفي الطريق وكل تفصيل صغير و كبير، "لقد سمعت ذات يوم صوت غناء طفولي عذب فتتبعته لارى ابني جوني يغني بصوته الطفولي لكلبته الوفية التي بدا بأنها تستمع بكل هذا الحب والاهتمام من صديقها العزيز, اجل ابني يغني! ابني الذي لم ينطق منذ سنوات سوى بعدة جمل متقطعة يغني الان! انها لمعجزة بالفعل".
جوني اصبح اكثر انفتاحا وثقة بنفسه ارادت الوالدة (ليندا) ان تجرب اخذ ابنها لوحده الى الحلاق ليقص شعره, لقد كان جوني يخاف هذه الرحلة و لا يستطيع ان يجلس بهدوء و يقوم بأي شيء لكي يخرج من ذلك المحيط الغير مألوف وهذا ما حصل يومها, فقامت في اليوم التالي بأخذ (زينا) مع زوجها وجوني وذهبوا للحلاق حيث وقفت ليندا خارج محل الحلاقة مع زينا في حين جلس جوني وعيناه مركزتان على صديقته وكانت (ليندا) تلوح بين الحين والاخر بكف (زينا) لجوني وهدأ الطفل وتمكن الحلاق من قص شعره بكل هدوء.
وايضا على الرغم من ان جوني لا يحب ان يقترب احد منه لمدة طويلة وعادة ما يتملص من اي شخص يريد البقاء قربه لعدة دقائق الا انه يسمح لزينا بأن تلتصق به لساعات و ساعات و بدون ان يتضايق او يتململ.
تقول (ليندا) "انا اعمل بدوام جزئي كمدرسة في مدرسة ابتدائية واعتني بجوني كذلك, فانا المدرسة والمعالجة لابني و لكن لم اتوقع في يوم من الايام بأني سأحصل على مساعدة من كلبة وانها لمساعدة لا تقدر بثمن".
"انا احلم بأن اوصل ابني للثانوية والجامعة واراه انسانا ناجحا و لكني اركز على ان اعيش يوما بيوم واساند واعلم ابني الصغير واحفزه وادفعه للامام".
تمكنت (زينا) الكلبة المحاربة من اظهار جانب (جوني) الثاني, الجانب اللعوب الشغوف بالتعلم والمحب للغناء والمرح والثرثرة و هي معه في كل خطوة يخطوها و لا تفارقه حتى وقت النوم , انهما لا يفترقان ابدا فهي كظله و هو لا يستطيع ان يكون بعيدا عنها."
الكلب إذا كان علاجا للتوحد وتناولت الكاتبة ارتباط الأطفال بالحيوانات الأليفة حيث قال :
"تأثير الكلاب المهدئ على البشر
الحيوانات تحفز السلوك الايجابي لدى الاطفال عموما .. وخصوصا المصابين بالتوحد هنالك دراسات محدودة عن تأثير الحيوانات المرافقة للبشر على الاطفال المصابين بالتوحد و لكنها تبشر بالخير. حيث نشرت دراسة قبل فترة تقول بان احتمالية قيام اطفال مصابين بالتوحد بالتحدث والضحك و وضع اعينهم بأعين الاخرين وان يبدو تصرفات اجتماعية ايجابية و ذلك بحضور حيوانات مثل الخنازير الغينية الحية اكثر مما لو كان هنالك حيوانات محشوة.
و كذلك هنالك دراسة نشرت عام 2006 تقول بأن الاطفال المصابين بالتوحد قد بدأوا بالتكلم والتفاعل بشكل كبير جدا حين سمح لهم بالتربيت على حيوانات اليفة كالكلاب والارانب او حين يلقون بالكرة للكلاب او حين يمتطون حيوانات اللاما او حين يتفاعلون مع حيوانات اخرى بطرق مختلفة اثناء جلسات علاجهم. حيث ان للحيوانات تأثيرا مهدأ على هولاء الاطفال مما يسمح لهم بتجاوز مخاوفهم والتواصل مع العالم الخارجي.
و لقد تم تدريب كلاب خصيصا للاشخاص المصابين بالتوحد (مثل الكلاب المرشدة لفاقدي البصر) و لقد تم تدريب هذه الكلاب ليكون لها تأثيرا مهدئا على الاطفال المصابين بالتوحد. حيث يستطيع هولاء الاطفال (و بتواجد كلبهم معهم) ان يقضوا ايامهم في المدرسة بدون قلق اوان يخرجوا مع عائلتهم في رحلات بسيطة."
بالطبع علاقة الأطفال الصغار بالطلاب ليست علاقة رائعة في كل الأحوال وإنما في كثير من الأحوال تكون علاقة سيئة حيث يعانى الكثير من الأطفال من رهاب وهو الخوف من الحيوانات وبعض أخر يعانى من قسوة مفرطة ضد الحيوانات فلا يرى حيوان إلا وقام بضربه