مناقشة لمقال أرض الحَكايا والأسرار
الكاتب هو قصي النعيمي من عمان وهو يحكى بعض الحكايات الشائعة فى عمان من الخرافات وقد ابتدأ بذكر جمال المظاهر الطبيعية فى عمان حيث قال :
"قد لا يعلم الكثير من العرب ان في بعض اجزاء سلطنة عمان طبيعة تفوق الوصف في جمالها ..
بعيدا هناك في أرض الحكايا والأسرار حيث توارت الحقائق خلف تلك الجبال الصماء والقلاع الشماء، في أرض عُمان القصية بين أفلاجها وعلى هضابها تناقل أهلها مئات بل آلاف القصص المحيرة حول الجان، علاقتهم بالإنس، مساكنهم و حتى معاركهم، حتى غدت هذه القصص أوالألغاز جزء من تراث أهل عُمان وارثهم، ليست تلك القصص خرافات سطرتها كتب السَّيَر و دفاتر الحكواتية بل واقع يلمسه العمانيون في كل مكان و رووه عن آبائهم في كل زمان."
وأول الحكايات هى حكاية عن داية أى قابلة تولد النساء الأطفال حيث قال فيها :
"صلالة .. جنة من جنان الارض ..
من تلك القصص واغربها ما قد روي عن داية كانت قد اتخذت مهنة التوليد مصدرا لرزقها و في إحدى الليالي المقمرة دقّ بابها رجل كبير السن قد بان على ملامحه معالم الحاجة الشديدة فطلب منها أن تلحق به لتولّدَ زوجَه، فسار لمسافة كبيرة وهي على ذلك تتبعه حتى دخلت معه لضيعة كثيرة النخل فسألته عن موضع داره فأشار إلى عريش صغير فدخلته، ولما انتهت من عملها طلبت أجرها فأعطاها هِميانا (كيس) وأمرها أن لا تفتحه حتى تبلغ دارها، فانصرفت المرأة وقد غمرها الفضول وحب المعرفة ففتحت الهميان ولما تبلغ دارها حتى وجدت كومة أوراقٍ لا غير فرمتها واحتسبت أجر عملها عند الله، إلاّ أنها حملت الهميان معها و لم تنسه، وهناك في دارها فتحت الهميان مجددا لتجد أن بقايا الورق الذي رمته قد انقلب ذهبا."
حكاية بالطبع كاذبة لأنها تحكى عن معجزة تحول الورق لذهب وقد منع الله ألايات المعجزات عن البشر حيث قال :
" وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
وأما الحكاية الثانية فهى عن جنية حيث قال عنها :
"كهف مجلس الجن .. لا يمكن الدخول إليه إلا عبر فتحة في سقفه ..
ومن عجيب ما قد حكوا أن جنيةً كانت تظهر لأهل بيت في حجرة الطَّبخ دون سابق إنذار، وفي ذات يوم قَدِم ليزورهم أحد أقاربهم وأحتاج لدخول المطبخ فما أن دخل حتى تمثلت أمامه امرأة طويلة القامة ضخمة الجثة فهلع لذلك وخاف أشد الخوف، فعاد يريد الخروج من المطبخ وكان بابه ثقيلا جداّ فكان من شدة جذبه لمصراعي الباب أن انخلعت ذراعاه من فوره، وهذه القصص أقل غرابة و فرادة من تلك القصة التي تحكي عن بضع نساء قد اجتمعن عند إحداهن في بستانها ليجدن نفس المرأة في بيتها وهي تنفي أنهن اجتمعن بها من قبل. و لا تتوقف حكايا الجن على علاقة بين إنسي و جني بل امتدت لتشمل الجدران والطرق، ففي عُمان تنتشر ظاهرة القرى والأحياء المسكونة، فغالبا ما تلمح عيناك في كل قرية نائية مجموعة من الأكواخ تلفها النخيل من جميع جوانبها وتعتنقها الظلمة من كل ثناياها لتتفجر الأساطير من آبارها الجافة وتروي قلوبنا حذرا و خوفا، وربما كان كل ذلك مقدمة لأمر اعتاد سماعه كبار السن هناك واستغربه كل غريب عنهم، نعم، فكثير منا يرى تلبس الإنسان بواسطة الجان أمر يستدعي جلب الرقاة والمواظبة على الأذكار، لكن الكثيرين من الشيوخ والعجائز في عُمان عاشوا مع هؤلاء المُتلبِّسينَ لهم حياة عادية بل أصبحت لديهم علاقة غريبة بينهم وهؤلاء الغرباء.
ومما بلغنا أن عجوزا مر عليها أحد أحفادها الذي أغضبها ببضع كلمات فتحرك "جنيّها" مستجيبا لها نحو حفيدها الذي بات يعاني عوارض المس الشيطاني.
قلعة بهلاء العملاقة .. تم ادراجها ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو .. يقال بأنها تعود إلى ما قبل الاسلام .. ومسكونة بالجن ..
ولعل من المدن التي اشتهرت بقصص الجان وخوارق العادات مدينة بهلاء، المدينة التي لم تخل يوما من حكاية تزيد فينا الشعور بارتباطها بالجان وحضاراتهم خصوصا قلعتها السامقة التي انتشر بين الناس ويقال أن الجن تسكنها فكلما رمم منها الأثريون والمختصون جزء وجدوه في اليوم التالي خرابا كما كان، وسوقها التراثي الذي عم صيت جنه عمان، بل واهلها الذين لم يسلموا من كل هذا أيضا، ومما حُكِيَ عنهم أن امرأة قد تركت ابنها الصغير مع ابنتها الكبيرة لتجدها قد أكلته!. وذلك الرجل الذي قاد سيارته ليرى شيخا كبير السن يمشي فتجاوزه ليراه مرة أخرى قد سبقه في موضع آخر و قصص تَنَقّلُ أهلها من خلال بضع كلمات من موضع لآخر بلمح البصر. ربما يكون كل ما سردت وحيا من نسج خيال العامة و ربما تكون واقعا لا مفر منه ولكن تظل لغزا في عقول المتفكرين وسؤالا في أذهان المتدبرين يُخلّفُ في قلوبنا فجوة مظلمة ترينا العالم بمنظار مختلف."
بالطبع كل حكايات اتصال الجن بالإنس هى مجرد خرافات لأن اتصال الجن بالإنس كان معجزة خص الله بها سليمان(ص) وقد طلب سليمان(ص9 من الله ألا يعطيها هى وغيرها مما أعطاه لأحد بعد وفاته حيث قال :
" رب اغفر لى وهب لى ملكا لا ينبغى لأحد من بعدى "