عطيه الدماطى
المساهمات : 2102 تاريخ التسجيل : 18/01/2023
| موضوع: مراجعة لكتاب البحث الأمين في حديث الأربعين السبت يناير 28, 2023 7:23 pm | |
| مراجعة لكتاب البحث الأمين في حديث الأربعين الكاتب هو عبد العزيز بن عمر الربيعان والكتاب موضوعه حديث "من صلى بمسجدي أربعين صلاة .. الخ" وقد تناول المؤلف أن الكتاب الذى ينتقده هو كتاب ألفه تلميذ للشنقيطى تكملة لمؤلفه فى التفسير حيث قال : "صدر الجزء الثامن من كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، وهو الجزء الأول من التكملة والذي قام بتأليفه فضيلة الشيخ عطية محمد سالم تلميذ مؤلف الكتاب أصلا، وهو العلامة بحر العلوم الزاخر محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله الذي اخترمته المنية قبل إتمام ذلك الكتاب النفيس والسفر العظيم الذي في اعتقادي لا يماثله كتاب في هذا الفن - تفسير القرآن الكريم - مما سبقه من كتب التفسير. وقد وصل فيه مؤلفه إلى آخر سورة الحديد فانتدب لإكماله فضيلة الشيخ عطية القاضي بمحكمة المدينة، وقد حرص أثابه الله على محاكاة خطة المؤلف والنسج على منواله بقدر الإمكان، فلما صدر الجزء الأول من التكملة وهو من أول سورة المجادلة حتى آخر سورة المرسلات تردد على ألسنة طلبة العلم وشاع بينهم أن فضيلة المؤلف قد وقع في بعض الأخطاء التقليدية التي في اعتقادي أنه لو تجرد أمامها من المؤثرات الخارجية واتجه في بحثها إلى علمه وعقله فقط لما وقع فيها، ونظرا لكوني لم أقرأ كل الكتاب وإنما قرأت بعضه فإني سوف أناقش فضيلة المؤلف في مسألتين هما فيما قرأت أولاهما مسألة تصحيحه لحديث "من صلى بمسجدي أربعين صلاة .. الخ" ، وثانيهما مسألة شد الرحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم." وتناول الربيعان بطلان حديث من صلى بمسجدى أربعين صلاة حيث قال : "وأبدأ بالأولى من المسألتين فأقول: إن فضيلته صحح هذا الحديث وقد ضعفه بعض اهل العلم ممن هم أعلم منه بهذا الشأن, وقد صححه الشيخ عطية دون أن يقدم أي حجة يرد بها دليل من ضعفه سوى كلمة بسيطة نقلها عن الشيخ حماد الأنصاري لا تغني في الموضوع شيئا، لذلك سوف نناقش فضيلة الشيخ حماد مع فضيلة الشيخ عطية إذ هو شيخه في ذلك التصحيح، فنقول: أيها الشيخان الكريمان أنظرا معنا أولا في متن الحديث وتأملا في أسلوبه بتجرد وإخلاص فربما وافقتمانا على أن أسلوبه ليس نبويا ولا عربيا بليغا وهذا نصه: "من صلى في مسجدي أربعين صلاة لا تفوته صلاة كتب له براءة من النار ونجا من العذاب وبرئ من النفاق" أليس النار هي العذاب؟.. أليس العذاب عند الاطلاق ينصرف إلى عذاب الآخرة؟.. مقتضى التعبير البليغ أن يكتفي بواحد من هذين إما النار أو العذاب، وبعد ذلك "وبرئ من النفاق" بعد أن ضمن له النجاة من النار والعذاب أخبر ببراءته من النفاق ومعلوم أن من ضمنت له النجاة من النار لا يكون منافقا لا في الحاضر ولا في المستقبل. ثم إن مقتضى هذا الحديث أن من صلى في المسجد النبوي الشريف ثمانية أيام تحقق له ما تحقق لأهل بدر حيث أخبر المصطفى عليه السلام أن الله قال لهم: "اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" ولو كان ذلك صحيحا لعرفه السلف الصالح وبادروا إليه وتناقلوه فيما بينهم وبلغوه إلى من بعدهم إذ هذا أمر ليس بالهين فكيف لم يرد إلا بخبر واحد عن صحابي واحد من طريق تابعي واحد غير معروف عند علماء الإسلام ولم يرد اسمه في حديث واحد غير هذا الحديث ولا في كتاب واحد من كتب الترجمة سوى كتاب ابن حبان، وهذا الذي قلناه عن متن الحديث مجرد وجهة نظر خاصة لا نلزم أحدا بقبولها ولا نلوم من خالفنا فيها. والآن إلى سند الحديث لنرى غير متعصبين لأحد ولا ضد أحد، إنما نريد الحق فقط رغبة منا بأن لا تبنى أعمال المسلمين على الظنون والأوهام ولا على مجاراة العواطف, يقول فضيلة الشيخ حماد الأنصاري وتبعه الشيخ عطية بأن هذا الحديث صحيح وانتقد من ضعفه بجهالة نبيط بن عمرو من أهل الاختصاص بهذا الفن، أما الشيخ عطية فقد اكتفى بنقل عبارة مختصرة عن الشيخ حماد ولم يكلف نفسه أي عناء في سبيل البحث ليقدم لقرائه من طلبة العلم خلاصة دراسة وافية وبحث عميق مقنع. وظن وفقه الله أن طلبة العلم يكتفون بهذا الجهد الخفيف وإن لم يكتف بذلك بعض منهم ففي البعض الآخر بركة - هذا ظني والعلم عند الله وإذا كان بعض الظن إثما فبعضه حق - ونقول لفضيلته: إننا من البعض الذي لا يكتفي بمثل هذا البحث الخفيف في المسائل المختلف فيها في سبيل الوصول إلى الحق والقول على الله ورسوله، أما فضيلة الشيخ حماد فقد احتج لتصحيحه هذا الحديث بما يلي: 1 – نبيط بن عمرو ذكره ابن حبان في الثقات. 2 – ابن حجر نقل ذلك عن ابن حبان ولم يعارضه. 3 – الهيثمي أورد هذا الحديث في الزوائد وقال بعد سياقه: "رواته ثقات". 4 – المنذري أورد هذا الحديث في الترغيب والترهيب وقال بعد سياقه: "رواته رواة الصحيح". وبهذا اعتبر الشيخ حماد هؤلاء العلماء الأربعة كلهم موثقين لنبيط بن عمرو الذي قرر غيره بأنه مجهول العين والحال. وهذه عبارة فضيلة الشيخ حماد بنصها حسبما نقل فضيلة الشيخ عطية: قال ابن حجر في تعجيل المنفعة في زوائد الأربعة: "نبيط بن عمرو ذكره ابن حبان في الثقات" انتهى المنقول عن ابن حجر. قال الشيخ حماد: "فاجتمع على توثيق نبيط كل من ابن حبان وابن حجر والمنذري والهيثمي ولم يجرحه أحد من أئمة هذا الشأن فمن ثم لا يجوز لأحد أن يطعن في من وثقه أربعة من أئمة هذا الشأن". ثم قال: "ولو فرض وقدر جدلا أن في السند مقالا فإن أئمة الحديث لا يمنعون إذا لم يكن في الحديث حلال أو حرام أو عقيدة بل كان في باب فضائل الأعمال لا يمنعون العمل به لأن باب الفضائل لا يشدد فيه هذا التشديد نقل السيوطي مثل ذلك عن أحمد وابن المبارك", ومن هنا نبدأ النقاش مع فضيلة الشيخ حماد فنقول: أما ذكر ابن حبان لنبيط في الثقات فأنت نفسك قد ذكرت وكررت أن توثيق ابن حبان لا يعتد به قبلك جماهير علماء المسلمين الذين لهم عناية بهذا الشأن وذلك لأمرين: الأول: تساهل ابن حبان في التوثيق فإنه يوثق المجروحين، والثاني: قاعدته الشاذة وهي توثيق المجاهيل من الرواة، وعلة هذا الحديث جهالة أحد رواته وهو نبيط الذي انفرد بذكره ابن حبان دون جميع من ألفوا تراجم رواة الحديث، والذي لم يرد له اسم في أي حديث صحيح ولا ضعيف ولا موضوع سوى هذا الحديث الذي نحن بصدد الكلام فيه، فذكر ابن حبان له في كتاب الثقات ما هو إلا جري على قاعدته في توثيق المجهولين، وإن قلت يا فضيلة الشيخ: إنني قد ذكرت عدم الاعتداد بتوثيق ابن حبان إذا عورض دون ما إذا لم يعارض. نقول جوابا على هذا: إنه لا فرق بين أن يعارض وبين أن ينفرد لأن العلة حاصلة في الحالين ألا وهي التساهل في التوثيق وفي توثيق المجاهيل، أما لو أن عدم المعارضة حاصل بجانب رجل معروف العين مشهور بين أهل العلم وحصل توثيقه من ابن حبان ولم يعارضه معارض بتضعيف ذلك الرجل فحينئذ يكون الاشتراط وجيها ومقبولا. أما والرجل مجهول لم تذكره كتب التراجم لا إجمالا ولا تفصيلا سوى ابن حبان، فلا ينبغي أن يقال أن ابن حبان لم يعارض في توثيقه لذلك الرجل، ونحن لا نشك في أن ابن حبان وجد اسم ذلك الرجل في سند ذلك الحديث ولم يجد له أي خبر ولا أثر فيما سواه فدون اسمه في كتاب الثقات جريا على قاعدته المعروفة. والآن انتهينا من مناقشتنا للشيخ حماد بشأن ابن حبان فلننتقل إلى مناقشته حول ادعائه أن ابن حجر وثق نبيطا فنقول: إن ابن حجر لم يزد على قوله: "ذكره ابن حبان في الثقات"، ولم يأت بشيء من عند نفسه بشأن نبيط يدل على رأيه الخاص, أما إن تعلقتم فضيلتكم بعدم معارضة ابن حجر لابن حبان كأنكم تقولون: السكوت دليل على الموافقة. فأولا: هذا الدليل في غاية من الضعف إن لم نقل إنه باطل. ثانيا: نحن نقول: إن سكوت ابن حجر وعدم معارضته لابن حبان بشأن توثيق هذا الرجل راجع إلى أمرين: الأول: عدم معرفته لذلك الرجل إذ لم يرد له ذكر في شيء من كتب الجرح والتعديل إلا في كتاب ابن حبان. والثاني: علم ابن حجر باشتهار ابن حبان بين أهل العلم بالتساهل من ناحية وبتوثيق المجاهيل من ناحية أخرى، فاكتفى بذلك عن بيان جهالة نبيط، علما بأن ابن حجر لم يقل في مقدمة كتابه (تعجيل المنفعة) أنه إذا نقل حكما من أحد على أحد ولم يعارضه كان ذلك دليلا على موافقته له، ولا يجوز إلزام أحد لما لم يلتزم. ونحن وفضيلة الشيخ حماد وغيرنا نعلم أن الزمان طويل جدا بين نبيط وهو تابعي - لأنه في هذا الحديث يروي عن صحابي - وبين ابن حجر وهو من أهل القرن التاسع فلا سبيل إلى معرفة رجل من التابعين إلى عن طريق الكتب التي ألفها السلف, والكتب التي اطلع عليها ابن حجر موجودة الآن فهل ذكر نبيطا شيء منها سوى كتاب ابن حبان، وقد فرغنا من الحديث عنه وبينا أنه لا حجة به كما قرر فضيلة الشيخ حماد نفسه. ثم نوجه هذا السؤال إلى فضيلة الشيخ حماد فنقول: من نقل شهادة غيره ولم يعارضه هل يعتبر شاهدا ثانيا له؟.. وهل يحكم عليه بأن موافق على مقتضى تلك الشهادة؟!! لا شك أن الجواب: لا، إذا كيف يسوغ لنا أن نحكم على ابن حجر بأنه موافق لابن حبان في توثيق نبيط بحجة أنه ذكر توثيقه له ولم يعارضه؟.. نقول: هذا لا يجوز ما دام الناقل لم يصرح بالموافقة ولم يبد ما يدل على رأيه الخاص. بل لو صرح ابن حجر نفسه بتوثيق هذا الرجل لاستغربنا وتساءلنا من أين عرف ابن حجر هذا الرجل مع عدم ورود اسمه في كتب الجرح والتعديل بل في كتب التراجم أجمع سوى ما ذكر؟ والآن إلى الهيثمي والمنذري لنرى هل يصح أن يقال: إن أربعة من أئمة هذا الشأن وثقوا نبيطا فلا يجوز لأحد بعدهم أن يطعن فيه، كما هي عبارة فضيلة الشيخ حماد، وهو يعني بأولئك الأربعة ابن حبان وبن حجر والهيثمي والمنذري. فنقول أولا: إن من تشير إليه يا فضيلة الشيخ لم يطعن في نبيط وإنما قرر أنه مجهول وجهالته أمر واقع لا مجال لانكاره. ثانيا: نقول للشيخ حماد: لا شك أنك توافقنا على أن كلا من الهيثمي والمنذري قد اعتمد في توثيقه لهذا الرجل على ذكر ابن حبان له في كتاب الثقات, وقد أوضحنا أنه لا اعتماد على توثيق ابن حبان، وأنه يوثق المجاهيل كما قررت ذلك يا فضيلة الشيخ حماد في مجلة صوت الجامعة التي تصدرها الجامعة السلفية ببنارس في الهند - السنة السابعة, العدد الأول, شعبان عام 1395هـ ص 58 - ولولا تقرير فضيلتكم المشار إليه لنقلنا من كلام أهل العلم ما يثبت ما ذكرنا. ثالثا: الذي يغلب على ظني أن فضيلة الشيخ حماد لا يخالف في أن كلا من الهيثمي والمنذري متساهل في التوثيق لا يعتمد عليه إلا بعد النظر والتحقيق. يعرف ذلك من نظر في كتابيهما الزوائد والترغيب، وانظر العبارة التي نقلناها عن مقدمة المنذري لكتابه الترغيب, وانظر ما كتبه الشوكاني في البدر الطالع ص424جزء2 ضمن ترجمته للهيثمي إذ يقول: "أراد ابن حجر أن يتتبع أوهامه فبلغه ذلك فعاتبه فترك التتبع". قال: "وهو كثير الاستحضار للمتون يسرع الجواب بحضرة الزين فيعجب الزين ذلك وكان من لا يدري يظن لسرعة جوابه بحضرة الزين أنه أحفظ منه وليس كذلك، بل الحفظ المعرفة". أليس في هذا الكلام تعريض بالهيثمي بعدم المعرفة؟.. وأخيرا نأتي إلى ما ذهب إليه الشيخ حماد من التفريق بين حديث في الحلال والحرام وبين حديث في فضائل الأعمال حيث يرى فضيلته أن التشدد في طلب صحة السند لازم ومطلوب في القسم الأول دون الثاني، وأن ذلك مذهب أهل الحديث اعتمادا منه على ما نسبه السيوطي للإمام أحمد وابن المبارك فنقول: إن أهل الحديث أكثر من هذين الإمامين، ثم يا صاحب الفضيلة هناك أمور ينبغي ملاحظتها: أولا: هل سمع السيوطي من هذين الإمامين؟ الجواب: "لا؛ لأن الزمن طويل بينهما وبينه فلا سبيل إلى سماعه منهما. هل كتبا ذلك في كتاب اطلع عليه السيوطي؟.. لو كان كذلك لرأينا ذلك الكتاب، أليست مكتبة فضيلتكم يندر أن يوجد كتاب باللغة العربية في أي علم الحديث لا تشتمل عليه؟.. فهل وجدت ذلك مكتوبا بأيديهما أو بيد أحد ممن عاصرهما أو عاش قريبا من عصرهما؟ وهل كل ما قيل يصدق وتبنى عليه أحكام؟ .. وهل السيوطي ثقة في النقل؟ .. الجواب عندنا: "لا", وكيف يكون ثقة وهو يورد أحاديث في كتاب اللآلئ المصنوعة ويحكم عليها بأنها موضوعة، وإذا دعته نفسه إلى إثبات حكم - غالبا ما يكون في الخرافات - أورد ذلك الحديث محتجا به على صحة ما ذهب إليه، وانظر في فتاواه ترى العجب العجاب في باب التصوف والشعوذة وأنواع الخرافة، فكيف يقال: نقل السيوطي عن الإمام أحمد وابن المبارك ويحتج بهذا في المسائل العلمية الأساسية؟!... ثم لو صح ذلك عن أحد أئمة الإسلام فمعلوم أن السلف إذا قالوا بالحديث الضعيف أو عدم التشدد في صحة الإسناد فهم يعنون ما سمى بعدهم بـ (الحسن) إذ أن اصطلاح السلف على الحديث قسمان صحيح وضعيف, فما لم يبلغ درجة الصحيح فهو ضعيف في اصطلاحهم وعلى هذا أنزلوا ما نقل عن الإمام أحمد وغيره من قولهم: الحديث ضعيف، أحب إلينا من القياس، وكذا قولهم: "إذا روينا في الحلال والحرام تشددنا وإذا روينا في فضائل الأعمال تساهلنا", فهو لا يعنون حديثا فردا من أول سنده إلى آخره وفي سنده راو مجهول العين والحال وحتى راويه ذلك المجهول وهو عبد الرحمن بن أبي الرجال قال فيه ابن حجر في التقريب: "صدوق يهم" فليس هو في الدرجة العليا من رواة الحديث. أما ما سمي ضعيفا في الاصطلاح الأخير فهو عند السلف متروك لا يلتفت إليه، انظر مقدمة مسلم لصحيحه. ثم لو فرض أن نقل السيوطي صحيح وأن الإمامين يعنيان مثل هذا الحديث لقلنا: كل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم إن الناس اليوم ينفقون أوقاتهم وأموالهم على أساس هذا الحديث فترى الحاج الفقير المسكين يقيم في المدينة ثمانية أيام، ولا بد أن يستأجر مسكنا بمبالغ باهظة وقد تنفد نفقته ويبقى يتسول بسبب ظنه صحة هذا الحديث بالإضافة إلى حرمانه نفسه من المقام هذا المدة في مكة يطوف بالبيت الحرام ويصلي بالمسجد الحرام الذي الصلاة فيه بمائة ألف صلاة. فالعامة وأشباههم يهتمون بالوصول إلى المدينة والإقامة فيها ما أمكن أكثر من حرصهم واهتماهم بالوصول إلى مكة والإقامة فيها لكثرة ما يسمعون هذا الحديث من بعض الوعاظ. وبعد أن فرغت من تحرير هذه الورقات واطلع عليها بعض طلبة العلم الذين يحبون التحقيق ويكرهون التلفيق قدمت لي ورقة فيها اثنان وأربعون اسما من رواة الحديث كل واحد منهم ذكره ابن حبان في الثقات, وذكر كذلك ابن حجر في التهذيب وسكت عليه, وفي التقريب ذكر أمام كل واحد منهم أنه ضعيف أو مجهول وغالبهم حكم عليهم بالجهالة, وإليك أيها القارئ الكريم أمثلة منهم لتكون على بصيرة في هذا الأمر, وحتى لا تغتر بقول أحد دون أن تقوم بنفسك بالمراجعة والتحقيق ما أمكن وحتى تعرف أن أكثر الناس يبنون أحكامهم على الوهم والظنون وقد تكون نياتهم حسنة ولكن حسن النية لا يكفي وخاصة بالأمور العلمية. 1 – غيلان بن عبد الله العامري - ذكره ابن حبان في الثقات وسكت عليه ابن حجر في التهذيب وبين في التقريب أنه لين. 2 – القاسم بن فياض الصنعاني - ذكره ابن حبان في الثقات وسكت عليه ابن حجر في التهذيب وبين في التقريب أنه مجهول. 3 – القاسم بن محمد بن عبد الرحمن- ذكره ابن حبان في الثقات وقال الذهبي: غير معروف. 4 – قدامة بن وبرة العجلي البصري ذكره ابن حبان في الثقات وسكت عليه ابن حجر في التهذيب وبين في التقريب أنه مجهول. 5 – كعب المديني أبو عامر - ذكره ابن حبان في الثقات وسكت عليه ابن حجر في التهذيب وبين في التقريب أنه مجهول" والمناقشة التى ناقشها الكاتب معظمها سليم فى مجال من يتعاطون علم الحديث وهم للأسف يتركون كتاب الله ويلجئون إلى الروايات فى اثبات الشىء ونفيه وهو كلام يتغافل عن حقيقة أن كلام الخالق هو الثابت وكلام البشر لا يثبت إلا أن يوافق كلام الخالق والله لم يحدد فى أى موضع من كتابه أن لكى يدخل الإنسان الجنة عليه أن يعمل عدد محدد من الطاعات كأربعين صلاة وإنما جعل الطاعة المستمرة حتى الموت هى مناط دخول الجنة لأن تحديد عدد الطاعات برقم معين معناه : أن من حق الإنسان أن يكفر ويفعل كل المعاصى بسبب عدد معين من الأفعال سواء كان واحدا كأهل بدر أو أربعين كما فى الحديث المناقش فى الكتاب أو غيره هذا ومع هذا يضمن دخول الجنة مع أنها محرمة على الكفار ومحرمة على من آمن ثم كفر كما قال سبحانه : "إن الذين أمنوا ثم كفروا ثم أمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا يهديهم سبيلا" إذا أى حديث يحدد عدد معين من العمل لدخول الجنة باطل وقد ضرب الله مثلا برجل آمن بآيات الله ثم كفر فشبهه بالكلب عند اللهاث حيث قال : "واتل عليهم نبأ الذى أتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث وإن تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون" | |
|