عطيه الدماطى
المساهمات : 2102 تاريخ التسجيل : 18/01/2023
| موضوع: مراجعة كتاب روح التربية الإثنين فبراير 13, 2023 7:07 pm | |
| مراجعة كتاب روح التربية الكتاب من مؤلفات جوستاف لوبون وهو ترجمة طه حسين ولوبون -وهو طبيب عمل كمؤرخ وله كتب عدة كحضارة العرب وحضارات الهند وسيكولوجية الجماهير – هو كتاب يعتبر كالتقرير الأمريكى أمة فى خطر الذى صدر بعد كتاب لوبون بحوالى ستة عقود سنة1983 م فى هذا التقرير الذى هو نقد لتقرير أجراه مجلس النواب الفرنسى عن التعليم يبين لوبون أن الأمة الفرنسية فى خطر بسبب التعليم الفاشل فيها الغريب أن كثير مما ذكره لوبون ينطبق على الحالة المصرية الحالية فى التعليم والأغرب أن مصر كانت معظم بعثاتها التعليمية إلى فرنسا الفاشلة تعليميا فى زمن لوبون يعلن الرجل أن التعليم الفرنسى فى زمن كتابة الكتاب وهو العقد الأول والثانى من القرن العشرين وما قبله هو تعليم عقيم لكونه غير معقول وجنونى فيقول: "فمنذ زمن طويل ما برحت أصوات الثقات تعلن أن تعليمنا غير منتج وغير ملائم للمعقول، وقد بُذل كل جهد لإصلاح التعليم، فلم يُنتج كل تغيير إلا فسادًا، وستجد في هذا الكتاب أسباب هذا الفشل، وربما كان من أهمها جهلنا العميق بأسباب فساد التعليم في بلادنا، أليس هناك من سبيل إلى شفاء العلة إذا لم تتعرف أصولها؟ ص15 نفس حال التعليم المصرى الحالى فهو لا ينتج شىء وغير واقعى أى غير معقول فهو كما يقال يتعامل مع عالم خيالى فى أذهان المؤلفين والقائمين على التعليم وبين لوبون أن كل ما كتبه عن إصلاح التعليم ليس له أى صدى فى فرنسا خاصة رجال الجامعة فهم سبب الفساد كما قال هنا وفى مواضعه عدة من الكتاب وهذا هو قوله: "ولو أن من الممكن أن تتغير آراؤنا الوراثية لكان كتابي نافعًا، فأنا مضطرٌ إلى الاعتراف بأن كتابي مع نجاحه في السوق لم يستطع في فرنسا — على أقل تقدير — أن يرشد أو يقنع رجلًا واحدًا من رجال الجامعة، وما يزال أساتذة الجامعة عندنا يبحثون عن أسباب انحطاط التعليم، هذه الأسباب التي كنت أظن أني بيَّنتها وأرشدت إليها"ص16 وأظهر لوبون أن أساتذة الجامعات هم سبب تأخر التعليم فى فرنسا مرة أخرى فقال : "أن يؤلفوا؛ ليرضوا زعماء الجامعة الذين يملكون تقديمهم وتأخيرهم فلا يكتبون إلا ما يرضيهم، فالأستاذ الذي ينشر الآن كتابًا على نحو هذا الكتاب المتقن الذي نشره تندال في الضوء والصوت والحرارة، يفقد كل قيمة ويمضي حياته خاملًا في مدرسة من مدارس الأقاليم.ص19 ويكرر لوبون نفس الكلام عن أن تغيير التعليم يقف ضده رجال الجامعة فيقول: وإذن فيجب أن يُغيَّر التعليم العالي، ولكن كيف التفكير في هذا التغيير والمشرفون على هذا التعليم ليسوا هم البيروقراطيين، كما يريد أن يوهمنا عضو الأكاديمي الذي أشرت إليه آنفًا، وإنما هم رجال الجامعة؟ وكل ما يُكتب أو يقال في التعليم فليس له إلا قيمة فلسفية، فالإصلاح النافع حقٍّا في التعليم العالي مستحيل استحالة مطلقة في فرنسا، فقد يجب أن يكون هذا التعليم حرٍّا حرية مطلقة، وأن تُلغى ثلاثة أرباع النفقات المخصصة لكراسي التعليم العالي في الجامعة،ص24 ويكرر نفس الكلام متهما أساتذة الجامعات بالجهل وأنهم لا يعرفون ما المراد من التعليم ولا ماذا يعلمون فيقول: "ما عرضوا من طرق الإصلاح، والإصرار المتصل على تغيير البرامج، كل ذلك يدل دلالة واضحة على أننا لا ينبغي أن ننتظر من الجامعة نفعًا، فهي كالسفينة المعطلة تعبث بها الأمواج والرياح، فهي لا تعلم ماذا تريد ولا تعلم ماذا تستطيع، وهي تدور في ضروب من الإصلاح الكلامي دون أن تفهم أن طرائقها وروحها قد بليت بِلًى عظيمًا،وأصبحت لا تلائم أي فرعٍ من فروع الحياة في هذا الجيل، فهي لا تتقدم خطوة حتى تتأخر خطوات، فهي تقرر في يوم إلغاء درس الشعر اللاتيني ثم تصبح فتضع مكانه ص30 ما ذكره لوبون هو ما يتكرر حاليا فى مصر فالمؤلفون الذين يولفون المناهج هم أساتذة فى الجامعات أو جامعيون أو معهم شهادات عالية من الجامعة ويعملون فى وزارة التربية والتعليم وهمهم هو أن يرضوا من علموهم حتى ولو كان خطأ أو يسيروا فى ركاب الأساتذة حتى ولو نقلوا تعليم بلاد أخرى لا ينفعنا إلينا وهذا هو معنى القول : "إذا كان أعمى يقود أعمى فإنهما يسقطان فى حفرة" أساتذة الجامعات وعلى الأخص كليات التربية وظيفتهم نقل كل ما يكتب فى أمريكا أو فى الغرب إلى التعليم المصرى وكذلك التعليم فى بلاد المنطقة لاحظت هذا فى كتب أساتذة الجامعات الأردنية والخليجية وغيرها ونجد لوبون فى هذا الكتاب يرفض نقل التعليم الإنجليزى لفرنسا مع كونه تعليم ناجح فى رأيه على عكس التعليم الفرنسى وانه هو سبب تقدم انجلترا على فرنسا فى كل شىء فيقول: "عرض بعض المصلحين — ولكن في ضعفٍ واستحياء — إدخالَ التربية الإنجليزية في مدارسنا، وسكت عن هذا الاقتراح أنصار هذه التربية الذين أكثروا القول فيها والإعجاب بها، ومع أني من أشد الناس إعجابًا بهذه التربية، وقد تكلمت عنها كثيرًا في كتبي قبل أن يقوم بنصرها هؤلاء الأنصار، فأنا أعتقد أنها لا تلائم حالنا؛ لأنها تخالف مزاجنا وطبائعنا وإرادة الأسرة وما ورث التلاميذ عن آبائهم، وتقتضي قبل كل شيء تغيير نفوس الأساتذة والتلاميذ والأسر ص89وكرر هذا الكلام فقال ويقول أن المدارس التى طبق فيها النظام الإنجليزى فى فرنسا فشلت بسبب اختلافات العادات والطباع والاقتصاد ...وهذه هى الفقرة المثبتة : "والأدلة على ذلك قائمة، فقد فشلت كل المدارس التي حاولت تقليد المدارس الإنجليزية فأقامت مبانيها في الريف، واتخذت للتربية الريفية عدتها،فشلت هذه المدارس سواء أكانت من مدارس الدولة أم من المدارس الحرة أم من مدارس رجال الدين"ص90 وبين لوبون أن أساتذة الجامعات الفرنسية فى عصره هم مهرة فى معاملهم ومكاتبهم وأما الواقع وهو الذى يتعامل معه معلمو وزارة التربية والتعليم فهم جهلة به فقال فى الفقرة التالية: "أثبتُ جملًا من الخطب الرسمية التي ألُقيت حديثًا؛ لأبين إلى أي حدٍّ من الغور وصل جهل أساتذتنا فنَّ التعليم، كل هؤلاء الأخِصَّائيين النابهين مهرة مجودون كما قلت ما داموا في معاملهم أو مكاتبهم، فإذا تجاوزوها وهنت أسباب تفكيرهم وضعفت قوتهم على الحكم ضعفًا ظاهرًا.ص18 ونقل قولة المؤرخ تين عن كون الجامعات نكبة على التعليم فقال: "فقد قال هذا المؤرخ النابه تين" جامعتنا ليست إلا نكبة من النكبات وأنها تقودنا في رفقٍ إلى الانحطاط،ولم ير الجمهور في ذلك إلا تهكم فيلسوف، ولكن التحقيق أظهر أن هذا التهكم لم يكن إلا حقيقة مؤلمةص31 نفس ما نعانيه كمعلمين فى وزارة التربية والتعليم حاليا فى مصر فالوزارة تستورد من الخارج عبر أساتذة الجامعات التربوية مناهج أقل ما يقال عنها حاليا أنه مناهج أمريكية تقطع علاقة الطلاب بدينهم وتشتتهم فكريا مناهج مقطوعة الصلة ببعضها البعض فما يقوله مؤلفو مناهج اللغة العربية لا علاقة له بمناهج العلوم ومناهج العلوم لا علاقة لها بمناهج الدراسات وهكذا فى بقية المواد والمصيبة الأمر من ذلك أن كتب اللغة العربية مثلا أو الرياضيات ليس بين مؤلفى كل كتاب لصف منها علاقة بالصفوف الأخرى ومن ثم نجد تكرارا للموضوعات فى الصفوف المختلفة المفترض فى أى تخطيط أن يكون هناك تعاون بين مؤلفى مناهج الصفوف المختلفة وأن يكون هناك مراجعة من مؤلفى مناهج مادة ما لمناهج المواد الأخرى حتى يتم تصحيح الأخطاء اللغوية والأخطاء العلمية قبل طباعة الكتب التى هى سبة فى جبين وزارتى التربية فى مصر أو فى غيرها وكرر لوبون نفس القولة التى يكررها خبراء ووزراء التربية والتعليم أن التعليم القديم كان مجرد حفظ وانهم يريدون تغيير ارتباطه بالذاكرة فقال " "فهو كزميله يبتدئ بنقد التعليم وإعلان أنه لا يستطيع أن ينمي العقل؛ لأن الامتحان في جميع درجاته ليس إلا اختبارًا للذاكرة.ص17 وقال: "التربية بمعناها العام تشمل التعليم وتكوين الملكات الخلقية والعقلية، فأما التربية الخلقية فلا تعنى بها الجامعة بوجهٍ ما، فأما الملكات العقلية فلا تعنى منها إلا بواحدةٍ هي الذاكرة، فأما الحكم والتفكير وفن الملاحظة ومناهج البحث … فمُهملة إهمالًا تامٍّا لأنها لا تُلاحظ في الامتحان.ص21 وتناول لوبون مقولة الذاكرة من جهة أخرى فقال: "تنتهي النظرية النفسية التي قدمناها إلى نتيجةٍ واضحة وهي أن ليس في الاعتماد على الذاكرة خير، وإذا لم يكن الاعتماد على الذاكرة في التعليم فلا بد من الاعتماد على التجربة ليس » :Montaiene ذلك شيء معروف يردده العلماء منذ زمن بعيد، فقد قال مونتيني إذا لم يستعمل الطفل قاعدة من قواعد النمو » :Kant وقال كانط «. الاستظهار علمًافسواء علينا أحفظها أم لم يحفظها، وإنما يعلم بالقاعدة من استطاع أن ينتفع بها وإن إن أحسن طريقة للفهم إنما هو العمل » : وقال أيضًا «. عجز عن استظهارص123 وقال : وقد اختصر هذه الخطب مدير المجلة التي نشرتها فقال صحيحًا فليس يعنينا الموضوع الذي يُلقى على الطلبة، فقد أجمع الناس الآن على مقت «. التعليم القديم الذي كان يشحن الذاكرة بالألفاظ والجمل الأدبية والعلمية ص23 وقال: "هذا الرأي الأساسي الذي يقوم عليه التعليم في جامعتنا هو: أن الذاكرة وحدها هي الطريق التي تسلكها المعلومات إلى عقولنا لتستقر فيها، وإذن فيجب أن يعتمد على ذاكرة الطفل وحدها لتربيته وتعليمه، ومن هنا كانت أهمية البرامج المتقنة التي تنتج الكتب المدرسية المتقنة، فأساس التعليم يجب أن يكون استظهار الكتب والدروس "ص28 تلك المقولة الشائعة رغم تكرارها مقولة خاطئة فالذاكرة كانت وما زالت وستظل هى عماد التعلم فالذاكرة التى هى ذاكرة الفهم ومن هنا فهمت العامة معنى المثل: التكرار يعلم الحمار فالحمار لا أحد يعلمه من الناس ولكنه يفهم ومن خلال فهمه لتكرار المناظر التى يسير فيها يوميا يتعلم أن تلك المناظر التى تتكرر هى طريقه اليومى وهذا لا يمنع أن الحمار يفهم أنه لو بيع لفلاح أخر فسيعلمه طريق أخر ومع هذا يحفظ الطريق الأخر فلو كان الأمر ذاكرة دون فهم فالحمار سيظل يمشى فى الطريق الأول هذا مثال وهناك أمثلة أخرى اذكر منها : أن صبى النجار أو التلميذ الذى يعلمه المعلم النجارة فى المدرسة يفهم مثلا أن الشاكوش يدق المسامير ويخلعها فعندما يمسك المعلم مسمارا ويطرق عليه برأس الشاكوش فيدخل فى الخشب ويدخل كلما استمر فى الضرب ويطلب منه المعلم أن يفعل مثله فإنه يفعل مثله فإن طرق مرة أو مرتين خطأ وضرب أصابعه سيتعلم أن الطرق يكون بوسط رأس الشاكوش ومن ثم يثبت فى ذاكرته طريقة تثبيت المسامير لأنه فهم مثال أخر : معلم العلوم الذى يجرى تجربة مثلا يصنعها فى خطوات ولا يمكن أن يطبقها التلميذ إلا إذا عرف الخطوات التى تثبت فى ذاكرته وهذا هو الفهم ومن ثم فلو فهم فإنه سيعيد نفس الخطوات من الذاكرة ويفهم ما حدث كل ما يصنعه الإنسان له علاقة بالذاكرة مثال أخر الطفل الذى لسعته النار مرة يفهم أن النار تؤلم ومن ثم لا يقترب من النار لأن ذاكرته حفظت هذا المبدأ فالذاكرة شىء لابد منه فى أى تعلم إذا ما هى المشكلة التى يتحدثون عنها ويعبرون عنها خطأ؟ إنها التعليم النظرى أى حفظ الكتب دون أى جانب عملى فالمشكلة أنك تعلم أقوال دون أعمال وانظروا فى مدارسنا وكلياتنا ستجدون أن المعلمين فى الوزارتين إلا من رحم الله يخافون من إجراء التجارب ومن إجراء الأعمال العملية حتى لا تنقص العهدة الحكومية وفى خلال أكثر من ثلاثين عاما فى المدارس الابتدائية لم يتم إخراج عهدة معمل العلوم أمامى إلا مرة واحدة لاجراء تجربة حرق ورقة عن طريق عدسة الحكومات جننت موظفيها بسبب وضعها مواعيد لاستهلاك كل جهاز أو شىء فى العهدة ومن ثم فالموظف يستلم العهدة ويقفل عليها خوفا من أن يدفع ثمنها لو انكسرت أو فقدت فى مدرستى الأخيرة كانت عهدة المكتبة فى عهدة معلم تربية زراعية أقفل عليها عملا بمبدأ العديد من الموظفين لا تعمل لا تأخذ جزاء أى عقوبة والمبدأ المعروف الأخر من يعمل كثيرا يخطىء كثيرا يأخذ جزاء كثيرا ومن ثم تجد أخلص رجال التعليم هم أكثرهم أخذا للعقوبات مع أنهم لا يخطئون طبقا لشرع الله وإن كانوا يخطئون طبقا للقانون الوضعى الغريب أن مبلغ الاستهلاك فى عهدة المكتبة ظل لأكثرمن 70 سنة مائة جنيه ولم يتغير إلا أخيرا فأصبح على ما قيل لى مئتين من الجنيهات مع أن هناك فى المكتبة مئات الكتب ثمن الكتاب الواحد يتعدى المئتين من الجنيهات فكيف يتم استهلاك هذا الكتاب إذا فقد أو تقطع أو أصبح غير صالح للقراءة ؟ هذا شىء من ضمن الجنون الذى يعيشه الموظف الذى لا يجد فى وزارة التربية والتعليم قوت يومه هو وأسرته ومن ثم يقوم الموظفون بالقفل على العهد ومن ثم لا يتم إجراء تجارب أو ممارسة القراءة فى المكتبة أو الاستعارة قديما قالوا إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع وحكاية العهد لابد أن يكون حلها هو أن الموظف ليس عليه خصم من راتبه إذا فسدت العهدة أو فقدت بسبب العمل وأنه لا يوجد شىء اسمه المستهلك فى السنة قيمته كذا فقط بينما كما قلنا فى حكاية المكتبات الكتاب الواحد يتجاوز ثمنه قيمة الاستهلاك عذرا على هذا الاسترسال فى الكلام الذى قادنا لخارج موضوع الكتاب مع أنه له علاقة وقد كرر لوبون أن تعليم الذاكرة يمحى عقب أداء الامتحان فقال: "هناك ظاهرة أخرى ترافق عدم الميل إلى الاطلاع، وقد دهش لها رئيس لجنة التحقيق وإن كانت في نفسها واضحة، وهي ظاهرة النسيان الذي يعقب الامتحان، فهؤلاء التلاميذ الأشقياء الذين كانوا يستظهرون يوم الامتحان نَسبَ السانسنيين وبراهين الهندسة، يعجزون بعد ذلك بأيامٍ عن حل أيسر مسألة حسابية، ومن هنا هذه الحقيقة التي لاشك فيها وهي أن أصحاب الشهادة الثانوية يفشلون في المسابقات التي تعرضها بعض المصالح عن الذين يريدون الالتحاق بها، فإن نجحوا فمنزلتهم تلي منزلة تلاميذ المدارس الأولية"ص74 وما قاله فى هذه الفقرة هو واقع ليس بنسبة مائة فى المائة فالطلاب ينسون ما تعلموه لأن ليس له صلة بواقع حياتهم فالتعليم يجب أن يكون تعليما لما يحدث فى الحياة بالفعل وأما دروس اللغة ودروس الرياضيات غير حساب الشراء والمساحات فليس لها علاقة بالواقع وكذلك دروس الدراسات الاجتماعية والفلسفة والمنطق والجبر والفيزياء وغيرها ما يثبت من التعليم هو ما له صلة بالحياة حيث يتكرر ومن ثم لا ينسى وأما الذى ليس له علاقة بالواقع فينسى وقد قال لوبون كلمة حق وهى أن الوزارة قد تغير البرامج ومع هذا فإن تغييرها لن يجدى نفعا لأن المعلمين سيظلون يعملون بنفس طريقتهم القديمة والكلمة موجودة فى الفقرة التالية: "نعم سيقبلون طائعين كما فعلوا من قبل تغيير البرامج، وسينحنون متواضعين أمام المنشورات الوزارية، ولكنهم سيظلون يُعلِّمون كما كانوا يُعلِّمون من قبل؛ لأنهم لا يستطيعون أن يفعلوا غير هذا.ص36 وكرر لوبون نفس الفكرة فقال : "هذا قانون لا نستطيع التخلص منه، وإذن فكل هذه الاقتراحات التي ترمي إلى إصلاح التعليم جملة إنما هي ضرب من الثرثرة، فليس من سبيلٍ إلى إصلاح التعليم إلا إذا أصلحت نفس الأستاذ والتلميذ والأسرة، وإنما الخير في هذا وفي غيره من ضروب الإصلاح إنما هي هذه التغييرات الجزئية التفصيلية التي تقع شيئًا فشيئًا، وكأنها حبات الرمل يضاف بعضها إلى بعض فيتكون منها الجبل على مر الأيام، بل إن نفس هذاالتغيير الجزئية المتوالية لا تنتج إلا إذا لوحظت فيها الضرورات وتطورات الرأي العام،فإن إرادة الأسر وعقائدها ذات سلطان قوي على التربية، وسنحاول أن نختصر من هذه الاقتراحات الكثيرة التي قدمت إلى لجنة التحقيق طرقًا للإصلاح ربما كانت مفيدة بعد زمنٍ طويل؛ أي بعد أن يتغير الرأي العام،ص88 لوبون هنا وضع يده على جرح غائر وهو أن التغيير يحتاج لتغيير شامل فالتغيير من أعلى لا يجدى نفعا فلابد أن يكون الكل على استعداد للتغير كما قال سبحانه" إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " وقد أظهر لوبون أن التعليم الأمريكى هو الأنجح فى العالم لأنه يعتمد على التعليم العملى الواقعى فقال: " فإن الأمريكيين أساتذتهم وتلاميذهم يأنفون من النظريات المعدة، ومن التعريفات والتجريدات التي لا يوصل إليها العمل والتمرين.ويلاحظ الأستاذ أن التعليم لا قيمة له إذا لم يعوِّد الطالب — ولا سيما في البحث العلمي — أن يجد بنفسه حقائق العلم ونتائجها، ودرس العمل الخالص أوص48 ويقول: "فأما مذهب التربية فينظر إلى الأعمال اليدوية كما ينظر إلى الحساب والرسم والعلوم الطبيعية، من حيث هي وسائل إلى التثقيف والتعليم تنبه الالتفات والتصور والحكم الذي هو التربية « فروبل » وتنمي الملكات جميعًا تنمية صحيحة، وهو يعتمد على مبدأ الفنلندي، وقد وصلت « لكجنوس » بواسطة العمل والذي يرجع فيه إلى الآثار المدرسية في السويد، وانتشر « ناس » هذه المبادئ إلى شكل مذهب علمي في مدرسة المعلمين بمدينة هذا المذهب حتى عم البلاد المتحضرة، متغيرًا بمقتضى الاستعداد والأخلاق والنفسيات التي تختلف باختلاف الأجناس.ص54 وقد بين لوبون بعض مساوىء التعليم الفرنسى التى تذكرنا بمساوى التعليم فى بلادنا فبين أن طول اليوم الدراسى 12 ساعة هو ضرب من الجنون فقال : دون أن يشتغلوا كل هذا الوقت؛ لأن من المستحيل أن يشتغل العقل اثنتي عشرة ساعة متصلة، ولكن تحقيق هذا الإصلاح غير ميسور إن لم يكن مستحيلًا؛ لأن السبب الذي يدعو إلى بقاء التلاميذ في غرف الدرس هذه المدة الطويلة إنما هي الحاجة إلى التخلص من مراقبتهم، فالأسرة تريد أن تخلص من طفلها، ومدير المدرسة ومراقبها يريدان أن يخلصا من هذه المراقبة وكذلك الأستاذ، وإذن فليس هناك من سبيلٍ إلا حبس التلاميذ جلوسًا في غرف الدرس "ص89 كلام صحيح فاليوم الدراسى يجب أن يكون قليلا لا يتجاوز فترة الصباح لأن الظهيرة وقت الراحة كما قال تعالى " وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة" فلا عمل للطالب أو المعلم سوى فترة ثلاث أو أربع ساعات على الأكثر فقط ومقولة تخلص بعض الأهل من الأولاد صحيحة وتخلص بعض المعلمين من الأولاد صحيحة ولكن لكل ظروف فالمعلمون يريدون التخلص من الأولاد فى المدرسة لأن رواتبهم لا تكفيهم ويريدون العمل فى مكان أخر حتى يقدروا على إعالة أسرهم أو الزواج وبين سيئة أخرى فقال : "من المؤلم جدٍّا أن نرى قسمًا من أقسام فرنسا كانت فيه الصناعة قوية مزدهرة، فأصبحت الطبقات الوسطى فيه تنصرف عن هذه الصناعة وتعنى العناية كلها بالعمل في الدواوين، ذلك لسوء الحظ حال الشعوب التي لا ترى في التعليم إلا وسيلة توصل إلى دواوين الحكومة ومناصبها، كل امرئ يطلب عملًا في الحكومة"ص103 هذه سيئة ضرب العامة المثل فيها بقولهم " إن فاتك الميرى وهو الحكومى تمرمغ فى ترابه " فكله يريد العمل الحكومى الإدارى ويهربون من الأعمال الصناعية والزراعية وقد سمعت أو قرأت شىء هذه الأيام عن أن دول الخليج لا تقدر عن الاستغناء عن العمالة الأجنبية لأن الخليجيين لا يرضون أن يعملوا كزراع أو كناسين أو بنائين أو طباخين وغيرها من الوظائف التى تحتاج لجهد بدنى ورحم الله القائل : "اخشوشنوا فإن النعمة لا تدوم" وجاءنا لوبون بقولة جنونية وهى أن هدف التربية هو تنظيم الحركات اللاإرادية الموروثة فقال: "والغاية العظمى التي ترمي إليها التربية إنما هي تنظيم الحركات اللاإرادية الموروثة كثير من الناس لا يزالون كما كانت آباؤهم في العصور الأولى خاضعين لهذه الحركات اللاإرادية يستجيبون لها دون نظام ولا تفكير، فهم كالسوداني الذي يبيع غطاءه صباحًا بكأس من الخمر ليشتريه إذا أقبل الليل وأقبل معه البرد فلا بد إذن من تنظيم هذه الحركات تنظيمًا داخليٍّا نفسيٍّا، وقد وصل إلى هذا التنظيم ناس قليلون ولكن الكثرة المطلقة من النوع الإنساني لا تزال بعيدة عنه، فأما هؤلاء الذين يستطيعون تنظيم حركاتهم اللاإرادية فهم يكتفون بما لهم من بُعد النظر وحسن التدبر عن القوانين ص117 وعارض الهدف بقوله أن الغاية من التربية تقوية بعض الأخلاق والصفات فقال: "أكرر أن الغاية الصحيحة للتربية إنما هي تقوية بعض الأخلاق والصفات كالشخصية والابتكار والإرادة والشعور بالتضامن ومضار العزم وما يشبه ذلك،ص125 بالقطع هدف التربية عند أهل كل دين هو أن يعمل كل فرد بدينه فهو عندنا كمسلمين عبادة الله كما قال تعالى " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " وعند النصارى أن يصير التلميذ كمعلمه أى يصير النصرانى كالمسيح(ص)كما قال " ليس التلميذ أفضل من معلمه بل كل من صار كاملا يكون مثل معلمه" | |
|