مراجعة لمقال كاهنة فرعونية ولدت في لندن!!
الكاتب اياد العطار وموضوع المقال أن طفلة كانت تعشق قراءة كتب ما أسموه بالتاريخ الفرعونى حلمت أحلام متعددة أثناء طفولتها بحياة فرعونية وصدقت أنها فرعونية عاشت في عصوره سابقة ومن اجل التأكيد على أحلامها تزوجت مصرى ورجعت معه لمصر وعاشت فيها جتى ماتت وهى تظن أنها من عصر قديم
حكى الكاتب الحكاية حيث قال :
هل صادف عزيزي القارئ أن مررت يوما بشارع أو دخلت مبنى قديم لم تره في حياتك سابقا , ثم يخامرك فجأة إحساس غامض بأن المكان يبدو مألوفا بالنسبة لك , وكلما دققت النظر في أركانه وزواياه كلما اشتد شعورك بالألفة والانسجام مع تفاصيله بل ربما تراقصت أمامك أشباح وخيالات لذكريات باهتة ومشوشة تمر في عقلك كومضات ضوئية سريعة تحاول عبثا أن تتشبث بها لكنها تبتعد وتتلاشى قبل أن تستطيع اللحاق بها , انه إحساس يخامر اغلب الناس لمرة واحدة في حياتهم على الأقل وغالبا لا يجدون له تفسيرا فيعزوه إلى الخيال والهلوسة البصرية وهو رأي يوافقهم عليه العلماء أيضا , لكن هل هناك تفسير أخر لهذه الحالة؟.
كاهنة فرعونية ولدت في لندن بجسد امرأة انجليزية!!
كانت زينة احتفالات أعياد الميلاد لا تزال بادية على شوارع ومباني لندن عندما عم الفرح والسرور منزل لويس ايدي وزوجته بولادة طفلتهما دورثي (Dorothy Louise Eady) في كانون الثاني / يناير 1904 , كانت طفلة جميلة وذكية أحاطها أبواها بكل الحب والحنان , كيف لا وهي طفلتهم الوحيدة التي أتت لتشيع جوا من البهجة والسعادة التي افتقدها الأبوان لفترة طويلة في بيتهما الصغير الواقع في ضواحي لندن , ومثل جميع الأهل فقد شيد الزوجين صروحا من خيال حول مستقبل ابنتهما التي أرادا لها أن تنشا كفتاة انكليزية مثقفة ومتعلمة وان تكون ناجحة في حياتها , لكن يبدو ان القدر كانت له خطط أخرى حول مستقبل الفتاة تختلف كليا عن أحلام والديها الوردية , ففي سن الثالثة تعرضت دورثي لحادثة مؤلمة سيكون لها تأثيرا كبيرا على حياتها , اذ بينما كانت الفتاة تلعب في منزلها تعثرت فجأة وسقطت من فوق السلم فارتطم رأسها بالأرض بشدة وتمددت على الأرض بدون حراك حتى ان الطبيب الذي احضره والدها على وجه السرعة ظن أنها ميتة , لكن الفتاة فاجأت الجميع وفتحت عينها بعد ساعة من الزمن وسرعان ما استردت عافيتها خلال الأيام التالية حتى ظن أهلها بأن الحادثة لن يكون لها أي تأثير على سلامتها , لكنهم كانوا مخطئين , فقد أخذت الفتاة تشاهد أحلاما غريبة عن مدن ومباني لم ترى لها مثيلا من قبل وأناس يتكلمون لغة لا تفقه منها شيئا , وأخذت هذه الأحلام تداهمها حتى في اليقظة على شكل تخيلات لأماكن ووجوه بدت مألوفة لدورثي الصغيرة لكنها لم تكن تعلم أين ومتى شاهدتها في السابق.
بينما كانت دورثي في الخامسة من عمرها اصطحبها والداها إلى المتحف البريطاني وحين وصلت العائلة خلال جولتها داخل المتحف إلى قسم المصريات وقفت دورثي فجأة مشدوهة تحدق إلى الجداريات والتماثيل والنصب الفرعونية القديمة إذ أنها شبيهة بتلك الأشياء التي كانت تراها في أحلامها , لقد أحست دورثي أنها في بيتها ووسط دهشة الجميع انطلقت تجري كالمجنونة تقبل النصب والتماثيل وتركع للكتابات الهيروغليفية التي تطرز القطع الفرعونية المختلفة ثم جلست أخيرا القرفصاء أمام مومياء احد الملوك الفراعنة ورفضت أن تتزحزح من مكانها رغم محاولات أهلها الذين أصابهم الهلع وظنوا إن ابنتهم أصيبت بالجنون.
معبد ساتي الاول في أبيدوس
في سن الثامنة شاهدت دورثي في إحدى الجرائد صورة لخرائب معبد ستي الأول في أبيدوس (تسمى أيضا العرابة المدفونة وتقع غرب البلينا سوهاج في مصر) وفي الحال تعرفت على المكان إذ كان هو نفس المبنى الذي طالما شاهدته في أحلامها ولكنها تعجبت لأنه كان خربا وقد اختفى بهائه وجماله القديم وتلاشت الحدائق الغناء التي كانت تحيط به. ثم التفتت دورثي نحو والدها وأخبرته ببراءة الأطفال وهي تشير بيدها إلى صورة المعبد بأن هذا هو بيتها الحقيقي وأنها عاشت سابقا في هذا المعبد.
كان والدا دورثي يعتقدان انه بمرور الزمن ستنسى طفلتهم هذه الأمور الغريبة التي كانت تحدثهم عنها حول حياتها السابقة في المعبد الفرعوني , لكن لسوء حظهم فأن عشق دورثي لمصر الفرعونية وكل ما يتعلق بها كان يزداد يوما بعد آخر وقد تحول إلى هاجس يلازمها ودفعها بعد أن أكملت دراستها العليا إلى التعمق في دراسة علم المصريات , ومن حسن حظها فأن منزلها كان قريبا من المتحف البريطاني لذلك غدت إحدى زواره الدائمين وتعرفت هناك عن طريق الصدفة على السير ارنست واليس الذي كان مختصا في مجال الأشوريات والمصريات والذي بدء بتعليم دورثي على اللغة الهيروغليفية وعرفها على قصص وأساطير المصريين القدماء. رغم وجودها الدائم قرب آثار الفراعنة في المتحف البريطاني وإتقانها للغة الهيروغليفية إلا إن ذلك لم يعوضها عن تحقيق حلمها الأكبر وهو الذهاب إلى مصر أو"الذهاب إلى الوطن" كما كانت تقول لوالديها , وفي عام 1933 لاحت لدورثي فرصة ذهبية لتحقيق حلمها إذ تعرفت على شاب مصري كان يدرس في بريطانيا اسمه "إمام" سرعان ما توطدت العلاقة بينهما وتكللت بالزواج ثم رافقت دورثي زوجها عند عودته إلى مصر. ورغم ان زواجها لم يدم طويلا إذ حصلت على الطلاق بعد مرور عامين فقط على قدومها إلى مصر لكن هذا الزواج كان هو السبب الرئيسي في تحقيق حلمها القديم في العيش في مصر بالقرب من المعابد والإطلال التي زعمت أنها عاشت في كنفها في حياتها السابقة قبل آلاف السنين , كما أن هذا الزواج أثمر عن طفلها الوحيد الذي أصرت على تسميته بـ "ستي" تيمنا بأسم الفرعون ستي الأول الذي ادعت أنها كانت تعمل في حياتها السابقة ككاهنة في معبده المكرس للإله اوزيريس في أبيدوس , وبعد ولادة طفلها أطلقت دورثي على نفسها تسمية أم ستي (Omm Sety) تماشيا مع عادة المصريين (والشرقيين عموما) في مناداة المرأة المتزوجة بأسم ابنها البكر مثل أم محمد وأم علي .. الخ , أما عن سبب طلاقها السريع فتقول ام ستي: "كان زوجي عصريا جدا فيما كنت أنا قديمة جدا! ".
حصلت أم ستي على فرصة عمل في منطقة الجيزة واشتغلت لعدة سنوات كمساعدة لأشهر المنقبين عن الآثار الفرعونية وقد أطرى الكثير من هؤلاء على موهبة أم ستي في مجال عملها واشتهرت أيضا في كونها أول امرأة تعمل في مجال التنقيب لكن رغم تواجدها وعملها في مصر إلا أنها لم تحصل على فرصة لزيارة خرائب معبد اوزيريس في أبيدوس إلا بعد سنوات طويلة في عام 1956 حيث حصلت على وظيفة هناك من الحكومة المصرية وفي أول زيارة لها للمعبد تراقصت أمامها الخيالات التي رافقتها منذ طفولتها وأصبحت هناك أكثر وضوحا من أي وقت مضى.
خلعت أم ستي نعليها عندما همت بدخول المعبد (من العادات الشرقية الموغلة في القدم هي خلع النعل أو الحذاء قبل الدخول إلى الأماكن المقدسة تعبيرا عن الاحترام) كما كان يفعل المصريين القدماء لدى دخولهم إلى المعابد وفي الداخل تحولت أحلام أم ستي إلى حقيقة ماثلة أمام عينها فهي لم تشاهد إطلال المعبد وخرائبه كما كانت تراه عيون الآخرين ولكنها رأتها بأبهتها القديمة كما كانت قبل آلاف السنين وكما شاهدتها دوما في أحلامها حيث الأروقة والدهاليز المعبقة برائحة البخور والجدران المزدانة بالنقوش والكتابات الهيروغليفية الزاهية وحيث الكهنة يتجولون بهدوء يرفلون بثيابهم البيضاء والكاهنات ينشدن بصوتهن الحزين الرخيم أعذب الترانيم التي تتحدث عن معاناة الإلهة ايزيس خلال رحلة بحثها الطويلة والمضنية عن جثمان زوجها المغدور الاله أوزيريس الذي قتله أخوه الأصغر الإله الشرير ست كانت أم ستي تؤمن بأنها في حياتها السابقة كانت فتاة يتيمة وجميلة اسمها بنتريشيت , كانت إحدى كاهنات معبد اوزيريس في أبيدوس وكانت وظيفتها الأساسية هي مشاركة بقية الكاهنات في إحياء الطقوس والشعائر المرتبطة بقصة موت الإله اوزيريس وبعثه من جديد , لكن نهاية حياة بنتريشيت كانت مأساوية حيث ان مؤسس المعبد وهو الفرعون الشاب ستي الأول شاهدها في احد الأيام في حديقة المعبد فأعجب بها ووقع في حبها وانتهت علاقة الغرام هذه بحملها منه ولهذا فضلت بنتريشيت ان تنتحر بالسم على أن تلطخ سمعة الفرعون الشاب بإقامته علاقة جنسية محرمة مع إحدى كاهنات المعبد.
أمضت أم ستي ما تبقى من حياتها في أبيدوس تعمل مع المنقبين وفي سنواتها الأخيرة أصبحت تعمل كمرشدة للسياح الأجانب. وقد عرفها الكثير من الناس واحترموها بغض النظر عن تصديقهم لقصتها أولا , واحد هؤلاء الذين عرفوها عن قرب هو زاهي حواس الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصرية الذي عمل في أبيدوس في شبابه وقد شدته بساطة هذه المرأة وعلاقتها الروحية مع الآثار الفرعونية حيث كانت تدخل إلى المعبد حافية القدمين ثم تجلس على الأرض العارية وتدخل في حالة تأمل روحية فتبدو كأنها تجسيد حي وحقيقي لكاهنة فرعونية قديمة , كما أعجب حواس بقدرتها الفائقة في قراءة الكتابات الهيروغليفية القديمة واطلاعها الواسع في مجال علم التنقيب وتاريخ مصر الفرعونية عموما. ويقول حواس عن ذكرياته عنها في إحدى المقالات التي نشرها في جريدة الأهرام الأسبوعي "في احد الأيام زارتنا ام ستي وتناولت الطعام معنا وحدثتنا عن قصة حياتها. كانت قد ولدت في انكلترا واسمها الحقيقي هو دورثي ولكنها بدئت منذ سن مبكرة بالحديث عن ابنها ستي. لقد اعتقدت بأنها كانت امرأة مصرية قديمة في حياتها السابقة. اعتقد والدها بأنها مجنونة وأرسلها إلى طبيب نفسي. غادرت انكلترا في شبابها وقدمت إلى مصر وعملت في الجيزة مع سليم حسن , عالم المصريات المشهور. لقد كانت مساعدة بارعة. أجادت تحبير الكتابات الهيروغليفية القديمة كما لو أنها حقا فنانة مصرية قديمة. أحبها وتزوجها رجل مصري اسمه إمام وكان له ولد منها أسمته ستي. وجراح القلب المصري المشهور عادل إمام هو ابن زوجها السابق وهو يشبه رمسيس الثاني ابن ستي الأول". في عام 1981 توفت أم ستي عن سبعة وسبعين عاما قضت معظمها في مصر ودفنت بالقرب من أبيدوس حيث تحقق حلمها القديم وتحولت أخيرا إلى اوزيريس. واليوم رغم مرور عدة عقود على وفاتها فأن قصتها مازالت مثارا للجدل , فالمشككين بقصتها يحتجون بأنه لا يوجد أي شيء حقيقي ومادي ملموس يثبت بأن دورثي لويس ايدي عاشت حقا حياة سابقة في مصر القديمة وأن تخيلاتها وأحلامها هي في حقيقتها مجرد هلوسات سببتها الضربة القوية التي تلقتها على رأسها في طفولتها أما المؤيدين والمؤمنين بصدق قصة أم ستي فيقولون بأنه لم يكن هناك أي شيء يجبر سيدة انكليزية متعلمة على القدوم إلى مصر والعيش في منطقة معزولة نسبيا لما تبقى من حياتها لولا صدق ما أمنت به , إضافة إلى ذلك فأن جميع الذين عملوا معها من منقبين وآثاريين أشادوا ببراعتها الاستثنائية في مجال عملها خصوصا في كتابة وقراءة الهيروغليفية القديمة وتحبير النقوش والرسوم الفرعونية وربما يكون الدليل الأقوى على صحة قصتها هو بعض الأمور التي لم تكن معروفة والتي أرشدت أم ستي المنقبين للكشف عنها , فقد أصرت مثلا على وجود حديقة كانت ملاصقة للمعبد في العهود القديمة , ورغم أن اغلب المعابد المصرية كانت تحتوي على حدائق , إلا أن أم ستي أخبرت المنقبين عن منطقة محددة ليحفروا فيها وقد دهش هؤلاء عندما عثروا بالفعل على آثار الحديقة كما تحدثت أم ستي عن وجود قناة أسفل الجزء الشمالي من المعبد وقد أثبتت التنقيبات صحة ذلك. لكن تبقى أهم معلومة قدمتها أم ستي للمنقبين بدون إثبات إذ إنها أصرت على وجود سرداب أسفل المعبد يحتوي على الكثير من الكتب التاريخية والدينية القديمة لكن المنقبون لم يستطيعوا العثور عليه حتى اليوم."
بالطبع لا يمكن لأن يكون لأحد مات سابقا أن يرجع للحياة مرة ثانية كما قال سبحانه :
" وحرام على قرية أهلكناها انهم لا يرجعون "