البرىء الذى اتهم من كل الشعوب
خاتم النبيين (ص) الرجل الأمى الذى ظل أربعين سنة لا يعرف القراءة والكتابة كما قال سبحانه :
"وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون"
ثم تعلم بأمر من الله القراءة والكتابة ليقدر على قراءة القرآن فى صلواته ومنها قيام الليل كما قال سبحانه :
" إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرؤوا ما تيسر من القرآن"
هذا الرجل متهم فى عصره وفيما بعد عصره بأنه لص اللصوص الذى سرق الكتب المقدسة للأديان الأخرى ولم يكتف بالأديان فقط وإنما كما يزعمون سرق من القانون الرومانى وشريعة حمورابى وسرق كلمات اللغات
بالطبع فى عصر خاتم النبيين(ص) اتهمه كفار قريش بأنه يكتب أساطير الأولين وهى أديان السابقين عليه وهى فى التفسيرات حكايات السابقين وهو ما سجله الله سبحانه فى القول الذى حكاه حيث قال :
"وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا "
ومن ثم فما يدور منذ دهور أمرا ليس جديدا اتهامات خلف اتهامات والمصيبة الكبرى :
ان كل من يتهم لا يقول الأدلة التى تثبت السرقات المزعومة
مثلا يقول اليهود وأشباههم :
أن الرسول الخاتم(ص) سرق أحكام وقصص التوراة ونسبها لنفسه كما يزعمون
السؤال :
كيف يسرق كتاب عدد صفحاته 1936 صفحة فى الترجمة الكاثوليكية بينما كتابه هو 522 صفحة ؟
لكى أسرق كتاب وأكون لصا حقيقيا يجب أن يكون كتاب السارق أكثر أوراقا وأضخم حجما من كتاب المسروق أو على أقل تقدير مثله ولكن أن يكون السارق ربع المسروق فهذا دليل على عدم السرقة
لكى أسرق جوهرة وأضعها فى مكان أخر لابد أن تكون الجوهرة هى نفسها وليس غيرها ولكن من يراجع الكتابين لن يجد تلك الجوهرة أو حتى الجواهر
المتشابه بين الكتابين وهما القرآن والعهد القديم -لأن التوراة ليس لها وجود مع الناس - لا يتجاوز مئتى جملة من الجمل الصغيرة وهى متشابهة المعنى وليست متشابهة اللفظ
وهذا معناه أننا حتى لو قلنا بالسرقة ولا يمكن أن تكون سرقة فإن المسروق 5 صفحات من 522 صفحة فكيف يسرق لص أقل من 1% من بين 100% وكله موجود أمامه ؟
هذا على اعتبار أنها سرقة وما هى بسرقة لأن تلك الصفحات الخمس هى بقايا التوراة الحقيقية والرسالات الإلهية كلها تعتبر رسالة واحدة فالكتاب نزل على الكل بنفس المعانى كما قال سبحانه :
" ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك"
وفى كون الرسالات كلها كتاب واحد قال سبحانه:
"كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنـزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه"
ومثلا يقول بعض النصارى أن خاتم النبيين(ص) سرق الإنجيل ولا يوجد عندهم أساسا انجيل فى الحقيقة وهى باعترافاتهم فى العهد الجديد على حد ما قال لوقا فى أول سفر لوقا الذى يسمونه إنجيل :
1 إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا
2 كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداما للكلمة
3 رأيت أنا أيضا إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق، أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس"
فهذا اعتراف صريح بأن الرجل كتب كما كتب أخرون
بالطبع نقول كما قلنا سابقا العهد الجديد عدد صفحاته 896 صفحة بينما القرآن 522 صفحة فكيف يمكن أن يكون السارق أقل من المسروق فالطبيعى أن يكون مثله أو أكثر منه باعتباره يتضمنه
الغريب فى الأمر :
أن الرجل الأمى(ص) فى زعمهم قرأ حوالى ثلاثة آلاف صفحة فى العهدين بلغة لا يعرفها وهى العبرانية أو العبرية علما بأن اللغة العبرية اختفت من الوجود حسب اللغويين والمؤرخين قبل مولده بقرون طويلة وكان الموجود فى عصره ما يسمونه الترجمة السبعينية باللغة اليونانية فكيف عرف الرجل العربى تلك اللغات وهو لا يفقه سوى لغته ؟
تجد بعض المحدثين يقول مثلا :
أن النبى الخاتم(ص) سرق من شريعة حمورابى والتى كانت قبل وجود بعدة آلاف من السنوات
الغريب أن الشريعة الحمورابية مكتوبة باللغة المسمارية و قد تمت معرفتها من 3 قرون فقط على يد الألمان نيبور وهنكس وتالبوت ورولنسون ..
يعنى لغة لم يعرفها أحد وعرفوها بعد موت النبى الخاتم(ص )بأحد عشر قرن أصبح الرسول (ص) سارق لها مع أنه لم يوجد فى عصره ولا بعده من كان يعرفها
عجيبة وغريبة
تجد نفس الأمر فى اتهام البعض للنبى(ص) أنه سرق من زارادشت وكتابه المقدس المعروف باسم الإفستا
الغريب ان الكتاب مكتوب بلغة ألابستاق أو الساسان وهى لغة اندثرت فى مواضعها من آلاف السنين ولم يتم ترجمة الكتاب المقدس للزرادشتية إلا من حوالى ربع قرن إلى اللغة العربية ومع هذا يتهمون خاتم النبيين(ص) بأنه سرق من هذا الكتاب الذى معظمه شريعة التطهر ببول الثور والماء والضرب بالسياط وعبادة البقر والكلاب والأحصنة
الغريب أن لا أحد يحدد لك ما هو المسروق بالضبط فمثلا فى شريعة زاردشت التطهر ببول الثور وتجد من يتكلمون أن الروايات فى حديث العرينيين أمرت بشرب أبوال الإبل أو البعر
ما هى السرقة ؟
هذا تطهر وهذا علاج
هذا بول ثور من ثيران البقر وهذا بول إبل
ما هى السرقة إذا ؟
بالطبع لا يوجد أى سرقة
اقول هذا كلام رغم أن رواية العرينيين لا تصح نسبتها للنبى(ص)لاحتواء رواياتها على أكثر من عشر تناقضات فضلا على تعارضاتها مع القرآن
كمثال يقولون أن الإسراء والصلاة مسروقة من كتاب زاردشت ومن يراجع الكتاب بكامله وهو سبعمائة صفحة لا يجد ذكر للاسراء ولا للصلاة المعروفة فى الروايات ولا حتى الصلاة فى القرآن
والموجود هو فى كتاب أخر للديانة وهو رحلة فيراف ولا توجد تشابهات فيها سوى فى بعض روايات الإسراء الموضوعة التى تتحدث عن الذنوب وأصحابها وعذاباتهم وهى ليست تشابهات بمعنى أن ما قيل فى ذنب هو نفسه ما قيل فى نفس الذنب فى الروايات وإنما المشترك فقط هو أسماء الذنوب
والغريب أن كتاب إسراء أو معراج فيراف يذكر صراحة أن الرحلة هى حلم حلمه بأنه أسكره الكهنة الستة الأخرون بالخمور والمسكرات فنام فى بيته وحلم وصحا بعد أسبوع
بعض أخر يقول لنا :
أن الرسول الخاتم(ص) سرق الكلمات من اللغة السريانية ويخصون بالذات لفظ القرآن
وهو كلام مجانين فكيف نسرق لغة؟
هل اللغة مثلا شىء مخفى ؟
هل اللغة موجودة فى خزانة ؟
اللغات موجودة أمام الكل والكل يأخذ منها ما يريد فمثلا فى عصرنا نجد الحاسوب وهو الكمبيوتر اسمه الشائع الكمبيوتر وهى كلمة مأخوذة من الانجليزية فهل هذه سرقة سرقتها دول العالم ؟
هل كلمة تلفزيون التى تم أخذها من جذر يوناني أو لاتيني والتى شاعت فى العالم كله يقال عنها أنها كلمة مسروقة ؟
ويبدو أن كفار العالم لو وجدوا أى دين من أديان العالم يقول كلمة أو جملة تتشابه فى المعنى مع معنى قرآنى سيقولون:
امسك حرامى
نبيكم سرق كذا من دين كذا
نعود إلى أمر أخر وهو :
أن الثقافات تحتوى على حكايات وأمثال متشابهة المعنى وهم يقولون على ذلك :
الثيمات
ومع هذا لا يمكن أن يقول هذا الشعب سرق من الشعب الأخر فثيمة ابنة الملك التى لا تريد الزواج ويأتى فتى فى ثياب عامة الشعب ليتزوجها بعد أن يحل ألغازها موجودة فى العربية والصينية والأوربية
ومثلا ابنة الزوجة الميتة وزوجة الأب التى تضطهدها موجودة فى حكايات كثيرة فى كل العالم
ومثلا ثيمة الحماة السوء موجودة فى كل الثقافات ولكن من خلال حكايات مختلفة كلها تتشابه فى اضطهاد الحماة وهى الكنة لزوجة ابنها
وكل التشابهات تلك وتشابه الأمثال وهى العبارات القصيرة فى الثقافة الشعبية ليس معناها السرقة وإنما الظروف الواحدة تجعل الناس يقولون نفس المعنى فى أى مكان من العالم
ومن ثم لا يمكن أن توجد سرقة من النبى(ص) البرىء المتهم من كل كفار العالك لأنه دينه ليس من عنده وإنما من عند الله