خواطر حول مقال أشباح الفيرساي .. قصة اغرب من الخيال
الكاتب هو اياد العطار وموضوع المقال هو امكانية وجود الإنسان في عوالم مكتعددة في مكان واحد وهى خرافة فلا يمكن أن يحوى المكان الواحد أناس من عصور مختلفة في نفس الوقت
وقد ابتدأ المقال بذلك حيث قال :
"أحيانا في الأفلام والروايات , يحدث ان يتعرض البطل الى حادث ما اوان ينام في سريره ثم يستيقظ ليجد نفسه في مكان وزمان آخر , شوارع لم يألفها وأناس يرتدون ملابس قديمة الطراز ينظرون اليه والى ملابسه بتعجب وازدراء , وقد يجد اغلبنا هكذا قصص مسلية ويعتبرها ضربا من ضروب الخيال , لكن هل تساءلت يوما عزيزي القارئ حول إمكانية وقوع هكذا حوادث؟ هل يمكن ان تتداخل الأزمان حقا ليطل الماضي على الحاضر اوالعكس؟ تعال معنا لتتعرف على واحدة من اغرب الحوادث في هذا المجال."
بالطبع ألمر نفاه الله بنفى وجود الرسول الخاتم في عصور مختلفة فنفى وجود في عصر موسى(ص) حيث قال :
" وما كنت ثاويا في أهل مدينا " ونفى وجود في عصر مريم(ص) حيث اختلفوا في كفالتها فقال :
" وما كنت لديهم إذ يختصمون "
المقال يحاول اثبات خرافة من خلال أكاديمية انجليزية قضت اجازتها في أحد قصور فرنسا حيث قال حاكيا :
"الآنسة شارلوت موبرلي هي عانس انكليزية على مستوى عالي من التعليم والثقافة , وهي كذلك أكاديمية محترمة وأول امرأة تتقلد رئاسة إحدى الكليات في جامعة اوكسفورد , كانت في السادسة والخمسين من العمر عندما قامت برحلة استجمام الى فرنسا برفقة مساعدتها في الكلية الآنسة الينور جورديان , وهي امرأة عازبة أيضا في الثامنة والثلاثين من العمر وأكاديمية محترمة , وكجزء من برنامج الرحلة للإطلاع على مختلف الأماكن السياحية في فرنسا , قررت المرأتان زيارة قصر فيرساي الفرنسي الشهير , وهو قصر اتخذته العائلة المالكة الفرنسية مقرا لها خلال فترات متقطعة من التاريخ وتحيط به حدائق غناء واسعة وعدد من القصور والبيوت الفخمة التي كان ملوك فرنسا عادة ما يشيدونها لعشيقاتهم , وبعد الثورة الفرنسية تحول القصر وما يتبعه من حدائق وأبنية الى متحف يصور حياة الترف والبذخ التي كان ملوك فرنسا يعيشونها.
في 10 آب / أغسطس عام 1901 , توجهت الآنسة موبرلي وزميلتها , بواسطة القطار , صوب القصور الملكية في فيرساي التي كانت آنذاك تبعد عدة أميال عن العاصمة باريس (حاليا ضمن ضواحيها) , وكانت المرأتين تتوقعان رحلة جميلة وممتعة ولم يدر بخلدهما أبدا ما سيحدث معهما في حدائق القصر , والتجربة الغريبة التي سيخوضانها هناك والتي ستصبح موضوعا لكتاب مشترك سيصدر عام 1911 بعنوان (مغامرة " An Adventure ") , ستسرد فيه المرأتين القصة التي عاشتاها في فيرساي , طبعا تحت أسماء مستعارة , وما ستطالعه أدناه عزيزي القارئ هو مختصر لتلك الرواية.
رحلة مع اشباح الماضي:
بسبب قلة معرفتهن بالتاريخ الفرنسي فأن القطع المعروضة لم تستوقفهن كثيرا وسرعان ما اكملن جولتهن داخل قصر الفيرساي وبما ان الوقت كان لا زال مبكرا للعودة الى باريس لذلك قررن القيام بزيارة الى البيتي ترينون (Petit Trianon) وهو بيت ريفي فخم يقع بالقرب من قصر الفيرساي , كان الملك لويس الخامس عشر قد شيده لعشيقته مدام دي بومبادور , ثم اتخذته الملكة ماري انطوانيت مسكنا لها خلال فترات متقطعة لخوض مغامراتها العاطفية بعيدا عن اعين المتطفلين وجواسيس البلاط وقد استعانت الانسة موبرلي ورفيقتها بكتيب سياحي قديم للوصول الى غايتهن , فمشين حتى وصلتا الى قصر فخم يدعى الكرانت ترينون , كان الملك لويس الرابع عشر قد بناه لأحدى عشيقاته , وبما ان القصر كان مغلقا لذلك فقد تجاوزتاه وصولا الى الطريق الرئيسي الذي يقود مباشرة الى البيتي ترينون , لكن بسبب قدم الخارطة التي معهن فقد دخلن عن طريق الخطأ الى طريق ضيق اشبه بالزقاق محاط بالاشجار وهنا حدثت اول الامور الغريبة , تقول الانسة موبرلي انها تعجبت لأن رفيقتها الانسة جورديان لم تستعلم عن الطريق الصحيح من امرأة كانت تنفض ملابس بيضاء من شباك احد الابنية المحاذية للطريق الضيق الذي دلفن اليه , ولظنها ان الانسة جورديان تعرف الطريق الصحيح فقد تبعتها من دون ان تنبس ببنت شفة , لكن الحقيقة المرعبة التي ستعرفها لاحقا هي ان الانسة جورديان لم ترى أي امرأة لأن الشباك كان مغلقا اصلا!! ثم بعد مسافة من المشي انتهى الطريق الى مفترق , حيث كانت هناك ثلاثة طرق تتفرع أمامهن ولأنهن شاهدن رجلين يسيران في الطريق الأوسط لذلك قررن اللحاق بهما , كان الرجلين يرتديان ستر خضراء طويلة ويعتمران قبعات قديمة الطراز ثلاثية الزوايا , وقد ظنت المرأتان أنهما مزارعان يعملان في الحديقة , وتقدمت الآنسة جورديان بالسؤال منهما عن الطريق إلى البيتي ترينون فأخبراها بأن تستمر بالسير إلى الأمام , وفي هذه الأثناء وقع بصرها على كوخ صغير ذو عتبة حجرية تقف على بابه امرأة تناول إبريقا إلى فتاة صغيرة , وهنا بدء إحساس مزعج بالكآبة وعدم الارتياح يسري في جسد المرأتين وكان يزداد سوءا كلما تقدمتا في الطريق , وفي النهاية وصلتا إلى حديقة تغطيها أشجار كثيفة لكنها بدت مسطحة وخالية من التأثيرات , لا أشعة او ظلال او حتى نسمة خفيفة من الهواء تداعب أوراق الأشجار , كان كل شيء ساكنا بصورة عجيبة وبدا كأنهما ينظران إلى لوحة جامدة , إلى اليسار كانت هناك عريشه مزينة بالنقوش وإلى جانبها وقف رجل يرتدي عباءة سوداء طويلة ويعتمر قبعة كبيرة داكنة , التفت الرجل نحوهما فشعرتا بشيء من الخوف , كان وجهه خشنا وبشرته قاتمة تغطيها بعض ندوب مرض الجدري وبدت نظرته غير مريحة , وفي هذه الأثناء تناهى إلى سمعهن صوت خطوات تقترب منهن , لكن عندما أدارا وجهيهما لم يريا شيئا خلفهن ثم ظهر فجأة رجل بدا كأنه خرج من العدم , كان وسيما ويرتدي ملابس شبيهة بزي فرسان العصور الوسطى , وقد اخبرهما بأنهما يسيران في الطريق الخاطئ وأن الطريق إلى البيتي ترينون يقع إلى يمينهما , فمشت المرأتين بسرعة في الاتجاه الذي أشار إليه وعندما أدارت الآنسة موبرلي وجهها لتشكر الفارس الوسيم كان قد اختفى كما ظهر فجأة إلا أن صوت خطواته كانت لاتزال تتردد في المكان , ثم وصلتا إلى قنطرة على جدول مائي صغير عبرتاها ولاح لهما خلفها بيت ريفي صغير في حديقته كانت هناك امرأة متوسطة العمر تجلس على كرسي خشبي وتنظر إلى صحيفة ممدودة على يدها , كانت ترتدي ملابس صيفية خفيفة وتغطي رأسها بقبعة بيضاء , كان شعرها كثيفا وناعما ووجهها جميلا رغم شحوبه , وعندما مررن قربها رفعت المرأة رأسها ونظرت إليهن , تقول السيدة موبرلي بأنها ظنت انها سائحة مثلهن ولكن ما لفت انتباهها هو طراز الملابس القديم جدا الذي ترتديه , وقد أحست ببرودة عجيبة تسري في جسدها عندما نظرت إلى عيني المرأة فأشاحت وجهها بسرعة , ثم ظهر فجأة رجل من داخل البيت وتقدم نحوهما , كان يرتدي ملابس قديمة أشبه بملابس الخدم واخبرهما بأن مدخل الترينون يقع في الجهة الأخرى للبيت فاستدارت المرأتين بسرعة وما أن خرجتا من الحديقة حتى بدء الإحساس بالكآبة والسوداوية يتلاشى وزالت حالة الجمود والسكون الغريبة التي كانت تلف المكان وعاد كل شيء إلى طبيعته وبدا المكان غاصا بالسياح والزائرين مرة أخرى.
ماذا حدث بعد ذلك؟
في مساء نفس اليوم عادت الآنستان موبرلي وجورديان إلى باريس ولم تتحدثا أبدا حول ما جرى , لأنهما كانتا غير متأكدتين من حقيقة ما شاهدنه ظهيرة ذلك اليوم , وبعد أسبوع من الحادثة وبينما كانت الآنسة موبرلي تكتب رسالة لأختها في انكلترا , التفتت فجأة نحو الآنسة جورديان وأخبرتها بأنها تعتقد بأن البيتي ترينون مسكون بالأشباح , فأجابت الآنسة جورديان بأنها تعتقد ذلك ايضا , ثم أخذتا تناقشان ما شاهدنه أثناء بحثهن عن البيتي ترينون وعندما تحدثت الآنسة موبرلي عن المرأة ذات القبعة البيضاء التي كانت جالسة في الحديقة أبدت الآنسة جورديان استغرابها وأخبرتها بأنها لم ترى أي امرأة في الحديقة , وهكذا بدئت تتكشف لهن أبعاد التجربة الغريبة التي مررن بها , كانت هناك أشياء شاهدتها الآنسة موبرلي لم تشاهدها الآنسة جورديان مثل المرأة التي كانت تنفض ملابس بيضاء والمرأة التي كانت جالسة في حديقة البيتي ترينون , وفي المقابل , كانت هناك أمور رأتها الآنسة جورديان لم ترها الآنسة موبرلي , مثل الكوخ القديم والمرأة والفتاة أمام بابه , وهناك أشياء رأتها كلاهما مثل الرجلين ذوي الستر الخضراء والرجل المخيف قرب العريشة والفارس الوسيم في الحديقة والخادم الذي خرج من البيتي ترينون وأرشدهم نحو المدخل.
وعندما قامت المرأتين بزيارة الفيرساي مرة أخرى شعرتا بالصدمة , إذ لم يستطعن أبدا العثور على الطريق الذي سلكنه نحو البيتي ترينون ولم يكن هناك اثر للكوخ ذو العتبة الحجرية ولم يجدا أي عريشه في حدائق الفيرساي كلها ولا القنطرة الصغيرة قرب البيتي ترينون , كما صدمن عندما عرفن ان الباب الذي خرج منها الخادم في البيتي ترينون كان مقفلا بقواطع حديدية ولم يفتح منذ عشرات السنين , كما إن الحدائق كانت تغص بالزوار ولم تكن خالية كما في يوم الحادثة.
ماري انطوانيت عندما عادتا إلى انكلترا بعد ثلاثة أشهر , بدئن يبحثن في تاريخ الفيرساي وحدائقه , وفي العام التالي ذهبن إلى فرنسا للبحث عن خرائط قديمة للقصر وحدائقه , وبدئت الأمور تنجلي شيئا فشيئا , فخلال السنوات العشر التالية توصلت المرأتان إلى حقائق مذهلة.
فقد عرفن انه في يوم 10 آب / أغسطس عام 1792 , سيطر الثوار على القصر الملكي في باريس وشاهد الملك والملكة بأم أعينهم مقتل جميع أفراد الحرس الملكي , وفي ذلك اليوم ألغيت الملكية في فرنسا , وعلمتا أن الرجلين الذين كانا يرتديان سترا خضراء طويلة هم من خدم الملكة لأن هؤلاء فقط كان يسمح لهم بارتداء الزي الأخضر , وإن الرجل الذي كان ينتظر قرب العريشة هو من أعداء الملكة واسمه (Comte de Vaudreuil) , وان الفارس الوسيم الذي ظهر فجأة هو رسول كان قد أرسل إلى الملكة لتحذيرها من زحف الثوار نحو القصر , أما السيدة التي كانت تجلس في حديقة البيتي ترينون , فلم تكن سوى ماري أنطوانيت ملكة فرنسا , كما عثرن أثناء بحثهن في الخرائط القديمة على تصاميم قديمة للحدائق , واستطعن التعرف على الطريق الذي سلكنه في يوم الحادثة , كما استطعن تحديد مكان الكوخ ذو العتبة الحجرية والعريشة , وفي عام 1903 كانت المفاجأة الكبرى عندما وجدن خارطة قديمة ونادرة تظهر وجود قنطرة تؤدي إلى قصر البيتي ترينون وهو ما لم يكن مثبتا على أي خريطة أخرى حتى ذلك الزمان.
ماذا حدث حقا في البيتي ترينون؟
لسنوات عديدة وحتى بعد وفاة الآنسة جورديان المفاجئ عام 1924 ووفاة الآنسة موبرلي عام 1937 , ظل الجدل حول ما رأته المرأتان في حدائق الفيرساي قائما , البعض يعتقد ان ما شاهدنه في ذلك اليوم كانت حادثة حقيقة وان تجربتهن هذه تسمى تداخل الأبعاد والأزمان , حيث يطل الماضي على الحاضر او بالعكس , وهي نظرية لم تثبت علميا , وهذا البعض المؤيد يستند إلى شخصية الآنسة موبرلي وجورديان , فقد كانتا من الشخصيات الأكاديمية المثقفة والمحترمة مما يبعد عنهما شبهة تلفيق الحادثة , كما ان الأدلة والشواهد التي ذكرتاها حول ما رأينه في ذلك اليوم تثبت أنهن مررن حقا بتلك التجربة."
وتناول الكاتب اعتراضات المشككين على الحكاية حيث قال :
"في المقابل فأن فريق المشككين يوردون عدد من الحجج لدحض القصة , إحداها ان ما شاهدته المرأتان في ذلك اليوم لم يكن سوى أشخاص مشاركين في إحدى الحفلات التنكرية , حيث ان المنطقة القريبة من الحدائق كانت مأهولة بعدة ضياع يملكها الأغنياء ولم يكن غريبا او نادرا عمل هكذا حفلات , لكن العيب في هذه الحجة هي أنها لا تفسر تغير تصميم الحديقة , فاحتمال وجود حفلة تنكرية وارد طبعا لكن تغيير تصميم الحديقة في يوم واحد ثم إعادته لما كان عليه غير وارد أبدا.
حجة أخرى يوردها المشككون , هي ان ما رأته المرأتين في ذلك اليوم لم يكن سوى نوع من الهلوسة الجماعية ولهذا السبب فأن هناك أشياء رأتها الآنسة موبرلي ولم ترها الآنسة جورديان وبالعكس , وان الفترة الطويلة التي قضيناها في البحث حول الأدلة التاريخية قد حولت هذه الهلوسة في دماغهن إلى حقيقة , وهي حالة موجودة عند اغلب الناس , فأحيانا نرى أشخاص او أماكن للمرة الأولى ولكن يسيطر علينا إحساس قوي بأننا شاهدناها سابقا وتبقى الحجة الأخيرة للمشككين , وهي الأقوى , بأن المرأتين بينما كانتا معا في فرنسا او في حدائق الفيرساي قررتا تلفيق هذه القصة بالكامل , ربما لغرض التسلية ثم تحول الأمر بالتدريج الى ما يشبه النكتة او المزحة التي لا يمكن التراجع عنها , او ربما لغرض الشهرة , لكن ما يضعف هذه الحجة هي ان الكتاب الذي صدر حول هذه القضية كان بأسماء مستعارة ولم تكشف الأسماء الحقيقية الا عام 1930 أي بعد وفاة الآنسة جورديان بستة أعوام."
الحكاية بالطبع مجرد حكاية خيالية من قبل المرأتين العانستين الهدف منها الحصول على المال حتى ولو كان النشر من خلال أسماء مستعارة لأن القراء في أى زمان أكثر ما يشترونه هو كتب الغرائب والخرافات الغريبة