مناقشة لمقال حوادث الطيران .. هل تستدعي الذعر من الطائرة؟!
الكاتب هو وليد الشهري وموضوع المقال هو الانزعاج من السفر بالطيران وقد ابتدأ بالتساؤل عن وجود سبب للخوف من السفر بالطائرة حيث قال :
"هل الخوف من الطيران مبرر؟"
وتناول بداية اختراع الطائرات حيث قال :
"الطائرة .. ذلك الجسم المعدني الضخم الذي يقضي معظم وقته في السماء حاملًا في جوفه ما يدفعه إلى مزاولة عمله المتواصل .. ذلك الكائن الذي لم يكن وجوده على أرض الواقع سوى ضرب من المستحيل، لكنّ شغف الإنسان الجامح أبى إلّا أن ينتشله من ظلمات الاستحالة إلى نور الإمكان، ليصبح وجوده بيننا عادةً مألوفة بعد أن كان مجرد الحديث عن إمكانية تحقّقه أمرًا مثيرًا للسخرية والضحك."
وتناول الخوف من السفر بالطائرة حيث قال :
"بعد أن بدأت الطائرات عملها كوسيلة من وسائل المواصلات منذ بداية القرن المنصرم، ظهر مع مرور الوقت ما اصطلح علماء النفس على تسميته بـ "رهاب الطيران" أو "فوبيا الطيران"، وهو مرض نفسي يدفع صاحبه إلى الخوف من التواجد في الطائرة أثناء طيرانها، ورغم أنّ الطائرة تكون أحيانًا الوسيلة الأنسب، بل قد تكون الوسيلة الوحيدة للسفر، خصوصًا بين الأماكن المتباعدة بصورة تجعل وسائل المواصلات البرية والبحرية غير ذات جدوى مقارنةً بها، إلّا أن المصاب برهاب الطيران قد يرتضي السير مشيًا على أن يلجأ إلى الطائرة في تنقّلاته. "
وتناول اختلاف درجات الخوف بين المسافرين حيث قال :
"لا شك في أن درجات الخوف أو التوتر من الطيران تتفاوت بين ما يمكن أن يكون ضمن حدود الطبيعي، وبين ما يتجاوز ذلك ليصبح حالة مرضية، والتي بدورها تتفاوت بين الطفيفة والشديدة"
وتساءا مرة أخرى مبينا أن سبب الجهل هو بعمل الطائرات وأمنها العالى حيث قال :
"والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: ما الذي يجعل فكرة التنقل من خلال الطائرة أمرًا مثيرًا للخوف والتوتر لدى البعض، وكابوسًا مرعبًا مؤرّقًا لدى البعض الآخر؟!
أعتقد أنّ الجهل بآلية عمل الطائرة ومستوى الأمن والسلامة الذي تتمتّع به هو مصدر رئيسي للخوف منها، بالإضافة إلى دور الإعلام - عن قصد أو غير قصد- في تعزيز ذلك الخوف أو استحداثه من خلال الصحف ونشرات الأخبار والبرامج الوثائقية التي تسلّط الضوء على حوادث الطيران الشنيعة نظرًا لندرتها، حتى ليخيّل إلى المشاهد أنّ استقلال طائرة هو الانتحار بعينه، في حين أن مجموع حوادث الطيران بأكمله لا يكاد يُذكر أمام عشرات آلاف الرحلات اليومية التي تصل إلى وجهتها بسلام، وفيما يلي سأتطرق إلى بعض الحقائق التي أرجو أن تسهم في تصحيح بعض التصورات الخاطئة المتعلقة بذلك الكائن العجيب .. الطائرة!"
بالطبع الخوف من الطائرات له أسباب متعددة منها التجربة الأولى السيئة ومنها حكايات الناس وتصديقها ونادرا ما يكون سبب الخوف الجهل بعمل الطائرات
وتناول نسب الوفاة في تحطم الطائرات حيث قال :
"كم تبلغ نسبة وفاتك في تحطم طائرة؟!
تحطم الطائرات يحدث .. لكن كم نسبته مقارنة بوسائل النقل الاخرى
هل تعلم أنّ نسبة وفاتك أثناء ذهابك بالسيارة لقضاء بعض الحاجيات تزيد بمئتي ضعف عن نسبة وفاتك في حادث تحطم طائرة؟! هل تعلم أنّ احتمال وفاتك بالتدخين أو السرطان تتجاوز بأضعاف احتمال وفاتك في حادث تحطم طائرة؟! بل قرأت في إحدى المقالات أنّ احتمال وفاتك إثر السقوط من سلّم أو الانزلاق في "بانيو" هي أعلى بسبع مرات من احتمال وفاتك في حادث تحطم طائرة! الطائرات هي وسيلة المواصلات الأكثر أمانًا، وحوادث تحطّمها نادرة جدًّا، ويؤكد ذلك دراسة أجراها الاتحاد الدولي للنقل الجوي ( IATA) قبل عدة سنوات، مفادها أن النقل الجوي هو الأكثر أمانًا بالمقارنة مع وسائل النقل الأخرى، حيث أظهرت الدراسة أنّ معدّل حوادث الطيران هو 1 إلى 2.4 مليون رحلة، بل أشارت بعض التقارير إلى أنّ احتماليّة التعرّض لحادث طيران هي 1 إلى 11 مليون رحلة، ما يعني أنّ نسبة وقوع حادث هي 0.000009%!"
بالطبع قلة حوادث الطائرات تعود إلى قلة عددها وخلو مساراتها من التزاحم المعروف في الطرق البرية
وتناول بالكلام كيفية عمل الطائرة حيث قال :
"آلية عمل الطائرة
بامكان الطائرة الاستمرار حتى بدون محركات! ..
بعيدًا عن الخوض في قوانين الديناميكا الهوائية، والدخول في تفاصيل المعادلات الرياضية، وباختصار فإنّ الطائرة تتمكن من الطيران -رغم ضخامتها- من خلال أجنحتها المصممة لتتمكن من دفع الهواء المعاكس لاتجاهها إلى الأسفل مولّدةً قوة ضغط هوائية في أسفلها أكبر من تلك التي تعلوها، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاعها عن سطح الأرض، وذلك وفق قانون نيوتن الثالث للحركة، والذي ينص على أنّ "لكل فعل (دفع الهواء إلى الأسفل لتوليد قوة ضغط عالية) رد فعل (رفع الطائرة عن سطح الأرض) مساوٍ له في الشدة، ومعاكس له في الاتجاه"، ويكمن دور المحرّكات بمختلف أنواعها وأعدادها في دفع الطائرة نحو الأمام.
حسنًا .. ماذا لو تعطّلت إحدى أو بعض محركات الطائرة؟!
والجواب: لا يمكن للطائرة أن تحصل على رخصة طيران دون أن تتمكّن من العمل بنصف محركاتها، فالطائرة التي تملك محركين، تستطيع العمل بمحرك واحد، والطائرة التي تملك أربعة محركات، يمكنها العمل بمحركين فقط، ولهذا فإنّ حالات الهبوط الاضطراري جرّاء عطل في المحركات نادرة جدًّا، وذلك نتيجة التقدّم الباهر في مجال هندسة الطيران.
دعونا نفترض الأسوأ، ماذا لو تعطّلت جميع محركات الطائرة؟!
هل تسقط؟!
وقد أجاب عن هذا السؤال أحد الطيارين ويدعى "سالم المهيري" قائلًا أن الطائرة لا تسقط في هذه الحالة، وإنما تدخل في وضع الانزلاق ( Gliding)، وتعني الهبوط التدريجي، وتختلف قدرة الطائرات على الانزلاق باختلاف أطوال أجنحتها، فكلما كان الجناح أطول، كانت قدرة الانزلاق أعلى، وأضاف أنّ الطائرة تظلّ تحت السيطرة حتى بعد تعطّل جميع محركاتها بالاستفادة من سرعة الرياح في توليد الطاقة الكهربائية والهيدروليكية من خلال مروحة متواجدة أسفل جسم الطائرة، وتدعى ( RAT)."
وفى النهاية ذكر احصاءات الوفاة عن حوادث السيارات فى العالم وحوادث الطيران للمقارنة حيث قال :
"في الختام ..
ذكرت منظمة الصحة العالمية أنّ حوادث السيارات تتسبّب بوفاة 1.25 مليون شخص سنويًّا، بالإضافة إلى إصابات غير مميتة -بما فيها الإعاقات- يتعرض لها 20 إلى 50 مليون شخص، وتُعد حوادث السيارات السبب الأول في وفاة من تتراوح أعمارهم بين 15 إلى 29 سنة، وقد تصبح السبب الرئيسي السابع للوفاة بحلول عام 2030، فإن كنت ممّن يخشون الطائرة هربًا من الموت، فاعلم أنّ الموت أقرب ما يكون إليك حين تستقلّ سيّارة .. دمتم بخير."
بالطبع المقارنة بين الطائرات والسيارات في نسب الوفاة ظالمة للسيارات لأن عدد السيارات بعشرات الملايين أو مئاتها بينما الطائرات في العالم لا تتعدى المائة ألف سواء عسكرية أو مدنية ومن ثم لا يمكن أن الاحصاءات تعبر عن نتيجة سليمة إلا إذا تقارب العدد بين الاثنين