عطيه الدماطى
المساهمات : 2111 تاريخ التسجيل : 18/01/2023
| موضوع: مراجعة لرسالة سؤال وجوابه حول الاتباع والتقليد الجمعة فبراير 03, 2023 10:58 am | |
| مراجعة لرسالة سؤال وجوابه حول الاتباع والتقليد الكاتب هو سليمان بن ناصر العلوان والكتاب موضوعه بما يأخذ المسلم فى المسائل بقول إمام أو بالبحث عن الحق وقد ذكر العلوان أن سبب تأليف الكتاب هو سؤال سأله أحد الأخوة به حيث قال : " ... فقد سأل بعض الأخوة وقال : ما الحكم إذا تنازع اثنان في مسألة فقهية ؟ فهل يحق لكل واحد منهما أن يأخذ بما قال إمام مذهبه أم أنه يجب البحث عن الحق وما ينصره الدليل ؟ أفتونا وجزاكم الله خير الجزاء " وكان جواب العلوان قوله حيث قال : "فأجبته : إذا لم يكن في المسألة دليل ظاهر وكان مبني الحكم في المسألة على الاجتهاد فللمسلم أن يقتدي بمن يراه أعلم الناس وأورعهم ولا حرج عليه في ذلك . أما إذا كان في المسألة دليل فلا يجوز للمسلم أن يأخذ بما يقول إمامه إن كان مخالفا للدليل بل عليه أن يدع قول إمامه كائنا من كان إذا بلغه الدليل لأنه الواجب على جميع الخلق .وأقوال العلماء يحتج لها ولا يحتج بها ، ويستعان بها في فهم النصوص وتصوير المسائل ونحو وذلك ." ملخص جواب العلوان : أن عند عدم وجود نص فللمسلم أن يقتدى بمن شاء وعند وجود النص وهو الوحى يطيع النص والجواب معارض لكتاب الله فلم يترك الله مسألة إلا وأصدر حكمه فيها كما قال سبحانه: " ما فرطنا فى الكتاب من شىء" وقال: " وكل شىء فصلناه تفصيلا" وقال : " ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء" وأصل الأمر أن يقول : إذا جهل الناس الحكم اجتهدوا ولكن القول بعدم وجود نصوص فى مسائل هو اتهام لله بالكذب فى الأقوال القرآنية السابقة وهو ما لا يقوله مسلم وذكر الكاتب وجوب طاعة الله ورسوله(ص) حيث قال : "أما كونها حجة على كلام الله تعالى وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم – فلم يقل به أحد من الأئمة بل هو مخالف للكتاب والسنة والإجماع وقد أمر الله تعالى باتباع كتابه وطاعة رسوله –صلى الله عليه وسلم – في مواضع كثيرة من القرآن فقال تعالى { وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون } وقال تعالى { قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول } وقال تعالى { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم } وقال تعالى { ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون. إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون } " وذكرنا الكاتب أن الفقهاء طالبوا أصحابهم بالأخذ بالدليل وعدم التقليد حيث نقل عنهم ما قاله وهو : "وقد أوصى الأئمة أصحابهم بعدم التقليد وأوجبوا عليهم الأخذ بالدليل لأنه الفرض واللازم على جميع المسلمين فمن ظهر له الدليل وجب عليه اتباعه وترك ما عداه قال تعالى { اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون } وقد شهد الله تعالى بالهداية لمن أطاع رسوله –صلى الله عليه وسلم كما في سورة النور { وإن تطيعوه تهتدوا } " وأفتى الكاتب يأن تارك الأخذ بالدليل مخالف لسنة المسلمين حيث قال موردا نقولا عن أئمة المذاهب : "ومن ترك الدليل لقول أبي حنيفة أو مالك والشافعي أو أحمد فقد خالف الأصل الذي أجمع عليه المسلمون ،قال الإمام الشافعي – رحمه الله تعالى – " أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم – لم يكن له أن يدعها لقول أحد " وقال الإمام مالك –رحمه الله تعالى – " ليس أحد بعد النبي –صلى الله عليه وسلم – إلا ويؤخذ من قوله ويترك إلا النبي –صلى الله عليه وسلم - وما يفعله بعض الناس من التعصب لإمام مذهب من ينتسبون إليه فهذا مخالف لهدي السلف ومخالف لما عليه أئمة المذاهب فإنهم متفقون على ذم التقليد وذم التعصب فالواجب على المسلم أن ينصر الدليل وأن يأخذ به سواء كان مع المالكي أو الحنفي أو الشافعي أو الحنبلي أوالظاهري أو مع غيرهم فلم يحصر الله تعالى الحق في هذه المذاهب فاصحابها بشر يخطئون ويصيبون وليسوا بمعصومين من الزلل والخطأ قال الإمام الشافعي – رحمه الله – " ما من أحد إلا وتذهب عليه سنة الرسول –صلى الله عليه وسلم – وتعزب عنه فمهما قلت من قول أو أصلت من أصل فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم – خلاف ما قلت فالقول ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم وهو قولي " ." وتناول الكاتب اختلاف الأئمة وغيرهم فى الكثير من المسائل حيث قال : "وقد تنازع الأئمة رحمهم الله تعالى في مسائل كثيرة في أحكام الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج والبيوع والطلاق والظهار وغيرها فلم يقل أحد من أهل المعرفة والتحقيق أنه يجوز لكل أحد أن يأخذ بما يشاء من هذه المذاهب دون رجوع للأدلة باستثناء المقلد العاجز عن معرفة الدليل . ولو جاز لكل مسلم أن يذهب إلى ما يهوى ويشتهي من هذه الأقوال والآراء لكان الدين هو هذه المذاهب ولم يكن حينها للكتاب والسنة كبير فائدة . نعوذ بالله من ذلك . وحينئذ أقول بما اتفق عليه المسلمون من وجوب رد المسائل المختلف فيها إلى الكتاب والسنة على فهم أئمة السلف والنظر في أقوالهم واجتهاداتهم وترجيح ما رجحه الدليل ." وأما فهم السلف الذى يقول به الكاتب فلا وجود له فى كتاب الله ولا حتى فى الروايات المنسوبة للنبى(ص) فالمفترض هو أن الفهم واحد لكون الأمة واحدة ليس بينها اختلاف كما قال تسبحانه: "وأن هذه أمتكم أمة واحدة" ونهى عن التفرق فى الفهم فقال : " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا" ومن ثم اختلاف فى الفقهاء لا يعنى أن الدين مختلف متناقض وإنما يعنى أنهم جاهلون بالنص الحقيقى فى المسألة ومن ثم أى خلاف بين الفقهاء إنما هو خلاف فيما أخذ به وصدقه من روايات أو تفسيرات وتناول الكاتب بعض مسائل الاختلاف حيث قال : "ومن أمثلة ذلك أن العلماء تنازعوا في أحكام نواقض الوضوء واختلفوا في أكل لحم الجزور ولمس النساء فيما دون الجماع وما يخرج من غير السبيلين في الجسد ويعبر عن ذلك بعض الفقهاء بقوله والخارج النجس من الجسد فكان لكل إمام قول في هذه المسألة ، فمذهب الأئمة الثلاثة مالك وأبي حنيفة والشافعي أن لحم الجزور لا ينقض الوضوء ، ومذهب أحمد – رحمه الله – أنه ينقض الوضوء ، واختاره ابن حزم . والصحيح في ذلك مذهب أحمد فقد صح في ذلك حديثان عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يدلان على أن لحم الجزور ينقض الوضوء أحدهما حديث جابر بن سمرة في صحيح مسلم والآخر حديث البراء عند أبي داود والترمذي وغيرهما . وأما لمس النساء باليد والقبلة ونحو ذلك فقد ذهب الشافعي إلى أن لمس المرأة ينقض الوضوء سواء كان بشهوة أم بغير شهوة . وذهب أبو حنيفة إلى أن اللمس لا ينقض الوضوء مطلقا . وذهب مالك وأحمد في رواية إلى أنه لا ينتقض الوضوء إلا بشهوة . والمتأمل للأدلة في هذه المسألة يجد أن الأحناف أقرب المذاهب للصواب وهو رواية عن أحمد اختارها شيخ الإسلام ، فإنه لم يرد دليل تقوم به حجة يدل على النقض لا بشهوة ولا بغيرها . والبراءة الأصلية دليل من الأدلة يجب اعتبارها فكان مذهب الأحناف أظهر من غيره في هذه المسألة ، وقد جاء عن النبي –صلى الله عليه وسلم - أنه يقبل ويخرج إلى الصلاة ولم يذكر أنه توضأ ولم يرد في الحديث أيضا أن ذلك بدون شهوة فدل على العموم إلا أن في صحة هذا الخبر نظرا فقد رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه من طريق وكيع عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة به وهو معلول لم يسمعه حبيب من عروة . وقد صح في الباب غير حديث والله أعلم وأما الذي يخرج من الجسد كالدم ونحوه فمذهب أحمد أن ذلك ناقض من نواقض الوضوء ومذهب الشافعي أنه لا ينقض الوضوء مطلقا وهذا الصحيح وهو قول مالك ورواية عن أحمد رجحها شيخ الإسلام وكثير من أهل العلم فإنه لم يرد دليل على أن ما يخرج من الجسد سوى السبيلين ينقض الوضوء والأصل عدم النقض ." وبالطبع لا يوجد اختلاف مع النص " أو لامستم النساء" فالنص واضح وهو أى لمس للنساء وهن البالغات من الإناث بمصافحة أو بقبلة أو بجس أو غيره ناقض للوضوء وأحيانا يستوجب الغسل إن كان بشهوة وتناول الكاتب كون الحق ليس فى مذهب معين وإنما الحق مع الدليل وهو النص حيث قال : "وهذه الأمثلة إنما ذكرتها ليعلم أن الحق ليس محصورا على عالم أو طائفة أو مذهب معين وأن المسلم ليس مأمورا باتباع أو التزام مذهب معين بل الحق ضالته ومطلبه وكل مذهب فيه خطأ وصواب . فالحنبلي معه كثير من الحق في كثير من المسائل والشافعي والمالكي والحنفي كلهم كذلك وقد تفرد الإمام ابن حزم عن الأئمة الأربعة ببعض المسائل وكان الحق معه فالأئمة يتفاوتون في بلوغ الأدلة لهم ومعرفة صحيحها من ضعيفها وناسخها من منسوخها ومطلقها من مقيدها ، والمحق يتبع من كان الحق معه دون تحيز ويرد الباطل دون تشنيع أو قدح في ذواتهم وتنتقص لمكانتهم لأنهم مجتهدون فهم دائرون بين الأجر والأجرين ومع ذلك فلا يجب على أحد اتباع واحد منهم ومن زعم ذلك فقد ضل سواء السبيل فإنه لا يجب اتباع أحد سوى النبي –صلى الله عليه وسلم لأن قوله الحق ولا ينطق عن الهوى . وأما غيره من العلماء وأئمة المذاهب وغيرهم فلا يؤخذ من أقوالهم إلا ما وافق الحق وهذه المسألة مسألة كبيرة مهمة لا تلج إلا قلب من الهمه الله رشده ووقاه شر نفسه . وكم من مدع للعلم مشتغل بالتصنيف وقع في التعصب المهلك والتقليد الأعمى ويغضب إذا خولف إمامه ما لا يغضب لكتاب الله ولا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . فالموفق من جعل كتاب الله وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم حكما على قول كل أحد . وإن خالفه من خالفه أو بدعه من بدعه فقد جرت عادة المقلدين والمتعصبين في تبديع مخالفيهم وتضليلهم وهذا شأن كل مبطل ومنحرف عن الحق والصراط المستقيم إذا عجز عن إقامة الحجة والدليل لجأ إلى مثل هذه الأفاعيل وقد دل الكتاب والسنة على أن الحق له أعداء كثيرون يصدون عنه وينهون عنه ويأتون بقوالب متنوعة على حسب أمزجتهم وما تهواه نفوسهم . وصاحب الحق يتعين عليه ألا يتزعزع عن الحق الذي عليه ويدعو إليه فإن الله ناصره ومؤيده ولا يزال منصورا ما دام يقوم بنصر الدين ونصر الحق مخلصا في ذلك لله ولا يزال معه من الله ظهير ما دام على تلك الحالة . قال تعالى { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين } . وقال تعالى { ياأيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم } .ومن نصره الله فقد كفاه شر أعدائه . ولكن لا يتم النصر إلا بأمرين . الإخلاص لله تعالى في القول والعمل ، وموافقة هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – فإذا توفر هذان الشرطان فلا غالب له وإن اجتمع عليه من بين المشرق والمغرب ، قال تعالى { إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون } والحمد لله رب العالمين .." وبناء على السابق فالواجب على المسلم هو ألأخذ بكلام الوحى الإلهى وليس قول أى بشر مهما كانت مكانته عند الإنسان لقوله سبحانه : " اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم"
| |
|