مناقشة لمقال أساطير .. من الفلكور الشعبي اليمني
الكاتب هو يعقوب السفياني من اليمن وموضوع المقال حكايات خرافية شائعة بين اليمنيين وقد ابتدأ المقال بذكر أن كل شعب له خرافاته المتناقلة حيث قال :
"خرافات متوارثة عبر الأجيال
لكل الشعوب فلكور وأساطير وخرافات، تتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل، وعلى الرغم أن الإيمان والتصديق بهذه الخرافات والأساطير ينحسر مع تقدم الزمن والعلم والوعي بين أفراد المجتمع إلا أن كثير من الناس مازال يؤمن بهذه الخرافات، ومازالت تؤثر في حياته وسلوكه ومعتقداته، والمجتمع اليمني كغيره من المجتمعات العربية ومجتمعات العالم يملك فلكور شعبي واسع من الخرافات والأساطير والحكايات والقصص، منها ما سنورده في هذا المقال الذي اتمنى أن تحصلوا منه على النفع والفائدة والتسلية من جهة والحذر والاحتراز من جهة أخرى لأولئك الذين لا زالوا يؤمنون بهذه الأساطير!"
والحكاية الأولى عن صياد وهى جنية تصيب الناس بالصرع والجنون وهو قوله حيث قال:
"صياد:
الصياد .. جنية تسبب الصرع و الجنون وأحيانا الموت ملكة من ملكات الجن، دموية وبشعة الشكل وتصيد البشر ومنها اشتق اسمها، تملك حوافر بغل وأثداء تمتد إلى وراء الظهر!
تعيش في الجبال والشعاب والوديان أي في أماكن الخلاء، تظهر في الليل فقط وقد تهاجم الإنسان فتسبب له الموت أحياناً أو الصرع والجنون، وتعتبر خرافة "العفريتة صياد " من أكثر الخرافات شيوعاً وانتشاراً بين أوساط المجتمع اليمني وفي كثير من المناطق الريفية ما يزال الناس وخصوصاً القدامى يؤمنون بوجودها، بل ربما تصادف أحد الكهول يروي لك قصة لقائها ولها أسماء كثيرة أخرى منها " أم العلوب" و"دجيرة " وهذه الخرافة منتشرة أيضاً في كثير من الدول العربية تحت اسم " أم الصبيان""
الحكاية هي حكاية من تأليف النساء في الغالب لمنعهم من هجر الزوجة بالبحث عن زانية فهى تخويف للرجال فهم من يخرجون غالبا من البيوت ليلا أو تخويف للأطفال من الخروج من البيوت ليلا حتى لا يتعب الأهل في البحث عنهم في الظلام
وأما الحكاية الثانية فهى عن الحما نباش القبور الذى يتغذى على الجثث وهو قوله حيث قال :
"الحَمْل:
كائن مخيف ينبش القبور و يسرق الجثث
الحمل - بفتح الحاء وتسكين الميم واللام- كائن موحش يملك أضلاع ضخمة بارزة وعظام طويلة يعمل على حفر القبور ليلاً لأخذ الجثث التي دفنت مؤخراً ولم تتفسخ بعد، وهذا الكائن يتغذى على جثث الأموات وينشط في الليل في المقابر، وربما يلاحظه أحد في الليل وهو يحفر بساعديه العظميين المخيفين القبر ويأخذ معه الجثة حاملاً إياها فوق ظهره ومنطلق بها بسرعة خاطفة، وخرافة "الحمل" أيضاً خرافة منتشرة في اليمن في مناطق الريف خصوصاً، يكمن الخطر في هذا المخلوق أنه قد يهاجم الأحياء أيضاً في حال شاهده أحد، وفي الفلكور الشعبي اليمني قصص كثيرة لأناس شاهدوا الحمل ليلاً مما جعله يهاجمهم واختفوا ولا أحد يعلم عنه شيئاً، وقصص أخرى تحكي عن قبور جرى نبشها وأخذ الجثث منها يجدها الناس صباحاً."
والغرض الظاهر من الحكاية التي ألفها سراق القبور هو منع الناس من الذهاب للمقابر ليلا بتخويفهم من ذلك المخلوق الوهمى الذى هو في الحقيقة هو لص القبور البشرى الذى لا يريد أن يكتشف أحد من هو
وأما الحكاية الثالثة فهى حكاية تخويف للأطفال من الخروج ليلا بعد المغرب وهو قوله حيث قال :
"الوقت الذي يفصل بين المغرب والعشاء:
الوقت بين المغرب و العشاء خطر على الاطفال السائرين في الشوارع وهذه الخرافة مازال الكثيرون من الريفيين اليمنيين يعتقد بها ويؤمن بها، هذا الوقت الذي يفصل بين الغروب والظلام وقت مشؤوم في الفلكور الشعبي اليمني خصوصاً على الأطفال، فهو وقت تنشط فيه المخلوقات والجن والهوام والحيات، وقد يتعرض الطفل الذي يهمل في الشوارع والأسطح في هذا الوقت للصرع والموت والإعاقات الذهنية والجسدية، كالصمم وعدم القدرة على الكلام، ويزيد احتمال هذا الأمر أن يحمل الطفل أو حتى البالغ أطعمة يعتبرها الفلكور اليمني مفضلة لدى الجن مثل حساء الأغنام والدواجن ولبن الأبقار وغيرها، وتختلف هذه الأطعمة من منطقة لأخرى في اليمن إلا أن الريف اليمني عموماً يتفق على خطورة وشؤم هذا الوقت على الأطفال."
الحكايات ألفتها الأمهات واشاعتها لكى تجعل الأطفال يخافون من الخروج ليلا من البيوت لأنهن يتعبن من البحث عنهم هنا وهناك في الظلام والحكاية الرابعة عن الكلاب والقطط السود وهى خرافة منتشرة ف التراص وهى قوله حيث قال :
"القط والكلب ذات اللون الأسود:
القط الأسود، حاضر في أساطير كل الشعوب
ربما هذه الخرافة منتشرة بكثرة بين شعوب العالم وليس اليمن والعرب فقط لكنها في الفلكور الشعبي اليمني أكثر حضوراً ونسجاً للقصص حولها، وقد يكون معظم من يسكن الأرياف اليمنية مؤمنون تماماً بأن كل قط أو كلب أسود اللون هو في الحقيقة جان تشكل بهذه الهيئة، لذا فقتل هذه المخلوقات يعتبر أمراً عادياً ومنطقياً بالنسبة للكثير، وقد يكون مصادفة أحد هذه القطط والكلاب خصوصاً أوقات المساء شؤم وشر يستوجب التعوذ وقراءة القرآن، ويرتبط اللون الأسود أيضاً بالسحر في الفلكور الشعبي اليمني ليس فقط للقطط والكلاب بل وحتى الديوك السوداء تعتبر علاجاً ناجعاً للسحر كما يقول المعالج الشعبي "المشعوذ " الذي يوصي بذبح هذا الديك على المريض وإراقة الدم فوقه حتى يشفى، والسبب يعود لأن الديك يعتبر من الأطعمة المحببة لدى الجن الذين ما إن يذبح هذا الديك فوق المريض الذي يتلبسون به حتى يخرجون منه احتراما لهذا القربان."
وسبب إشاعة تلك الحكايات هم السحرة أو المشعوذين الذين يريدون أكل لحم الدجاج على حساب غيرهم
وأما القط والكلب الأسود فهو ليس جنيا لأن الجن لا يتصلون بعالم الإنس بأى صورة من الصور منذ سليمان(ص) الذى طلب ألا يعطى أحد معجزة الاتصال بالجن وظهورهم بعده حيث قال :
" رب اغفر لى وهب لى ملكا لا ينبغي لأحد من بعدى "
والحكاية التالية عن شجرة الأثب التي يقال عنها أنها مسكن الجن وهو قوله حيث قال :
"شجرة الاثب:
هل يسكن الجن في هذه الشجرة؟
شجرة الاثب أو الاثبة كما تسمى في أرياف اليمن الجنوبية تعتبر في الفلكور الشعبي اليمني بيت للجن، ولهذا فإن قطع أجزاء منها يعتبر تعدي على الأسرة التي تسكن هذا البيت مما يستوجب إنزال أذى بالغ بالفاعل قد يصل للجنون، يحذر الريفيون اليمنيون الأطفال من الاقتراب من هذه الشجرة، أو رميها بحجارة أو التعرض لها، ويحفل الفلكور الشعبي اليمني بقصص كثيرة لأناس قطعوا هذه الشجرة فأصابهم البلاء، كالقصة التي تقول أن حطاباً رمى بتحذيرات الناس عرض الحائط وقطع أجزاء من هذه الشجرة مما سبب مقتل طفلين من الجن كانوا يسكنون هذه الشجرة وبتر ساق الأم مما دفع بالجان الشرير والد الأطفال أن قام بخطف 2 من أطفال الحطاب انتقاماً لما حدث لأولاده، ولم يعد هؤلاء الأطفال أبداً، وغيرها الكثير من القصص. "
وبالطبع كما سبق الكلام لا وجود لاتصال بين الجن والإنس فالجن يعيشون فى مناطق بعيدة عن الإنس
والحكاية التالية عن نحس الزواج بين العيدين وهو قوله حيث قال :
"عقد الزواج فترة بين العيدين:
في كثير من مناطق اليمن الريفية تنتشر خرافة مضحكة عن شؤم الفترة التي تكون بين عيد الفطر وعيد الأضحى لمن يقوم بعقد الزواج بها، وأن هذه الفترة نذير شؤم يلاحق الزوجان حتى ينتهي بطلاقهما، وعلى الرغم من أن هذه الخرافة لم تعد تلقى قبولاً في أوساط الكثيرين في ريف اليمن إلا أن بعض الأناس من القدامى وكبار السن ما يزالون يؤمنون تماماً بهذه الخرافة ويرفضون العقد لأبناءهم وبناتهم في هذه الفترة طالبين انتظار مرورها حتى يتم عقد الزواج!"
وهى خرافة فالله لم يحرم الزواج في أي وقت عدا وقت الحج وحتى رمضان ليس فيه حرمة للزواج ولكن لأنه يمنع الجماع في النهار يستبعده الناس تماما من الزواج وهو الدخول فيه
وختم الكاتب مقاله بأن هناك الكثير من الحكايات الخرافية موجودة في التراث اليمنى وما زال هناك من يصدقونها حيث قال :
"هذه كانت بعض الخرافات في الفلكور الشعبي اليمني وأكثرها انتشاراً في أوساط الناس، وهذا غيض من فيض وقليل من كثير، فما يزال هناك العشرات بل المئات من الخرافات والأساطير وقد تتفرد بعض المناطق والأرياف بخرافات خاصة بها، الفلكور الشعبي اليمني يحفل بالكثير والكثير وبقدر ما كان التعرف على هذه الخرافات ممتعاً كما أظن كثير من القراء شعر به إلا أنه يجدر الإشارة أن الكثير من أبناء الريف اليمني ما يزال يؤمن بها ولو بأحدها على الأقل فهي ارتبطت بهم وجدانياً وثقافياً وتربوا ونشأوا عليها .."