عطيه الدماطى
المساهمات : 2102 تاريخ التسجيل : 18/01/2023
| موضوع: عرض كتاب إميل أو تربية الطفل من المهد إلى الرشد الإثنين يناير 30, 2023 7:07 pm | |
| عرض كتاب إميل أو تربية الطفل من المهد إلى الرشد الكتاب من تأليف جان جاك روسو وترجمة د نظمى لوقا وتقديم أحمد زكى محمد وكيل وزارة التربية والتعليم المساعد فى خمسينات القرن العشرين الكتاب يتكون من خمسة كتب أو فصول تحت العناوين التالية: الطفولة الأولى وما تقتضيه من عناية الطفل تربيته الأخلاقية التربية الذهنية المراهقة والتعليم الدينى صوفى أو المرأة ويتناول الكتاب طريقة تربية الأطفال والتربية كلمة مأخوذة من الربو وهو النمو أى الزيادة والتربية على قسمين : 1- تربية البدن وهى تغذية وتقوية أعضاء الجسم 2- تربية النفس وهى تعليم الإنسان هدف التربية: المراد بالتربية عند روسو التغذية والتعلم وفى هذا قال : "إن دراستنا الحقة هى دراسة البيئة الإنسانية وبهذا تكون التربية الحقة بالممارسة أكثر مما هى بالتلقين فالإنسان يبدأ التعلم حين يبدأ الحياة فتربيتنا تبدأ معنا ومعلمنا الأول هو حاضنتنا وكان الأقدمون يعنون بالتربية التغذية " ص32 و الهدف وهو الغرض من التربية دراسة بيئة الإنسان والمراد التعامل مع البشر وهو تعريف خاطىء فالهدف هو التعامل العادل مع البيئة جميعها وليس مع البشر وحدهم وفى الكتاب أمر عجيب هو أن يتولى تربية الطفل مرشد واحد وهو كلام خاطىء فلو افترضنا وجود هذا المعلم الذى يرشد الطفل وحده كيف تكون معاملات المعلم هل المعلم لا يتزوج ولا يكون عائلة هل يقطع علاقته مع أصحابه وأقاربه ليتفرغ للطالب ومن سيقوم بدفع الأجر أجر التربية ليلا ونهارا للمعلم ؟ المعلم الوحيد هو أمر عجيب من روسو وروسو عارض نفسه فى المعلم الوحيد فى عدة فقرات كتربية الأم بالرضاعة بقوله: "إن لهذه المٍسألة أهمية أكثر مما يظن فإن أردت أن يلتزم كل إنسان بواجباته الأولى فابدأ بالأمهات "ص37 وقد وضح روسو أن تعليم الطفل عمليا الطريقة الأحسن للتربية وإن كان عامة الناس يرونها خطأ فى قوله : "وأسوأ ما فى هذه التربية الاستقلالية الأولى أن عقلاء الناس وحدهم هم الذين يقدرونها قدرها أما سواهم من الدهماء فلا يرون فى مثل ذلك الطفل إلا متشردا عديم التربية " ص150 وذكر أن على المعلم أن يجعل التلميذ يدرس الطبيعة دراسة عملية ويحل المسائل وحده ولا يتدخل المعلم إلا عند عجز التلميذ وفى هذا قال : "إن الطفل الذى يقرأ لا يفكر فهو يقرأ فحسب إنه لا يتعلم حقا بل هو يحفظ ألفاظا فحسب اجعل تلميذك يتنبه لظاهرات الطبيعة وسرعان ما يصبح متطلعا يملؤه الفضول إليها ولكن إياك أن تتعجل اشباع هذا الفضول الذى أيقظته عنده بل ضع المسائل فى متناول يده ثم دعه يتول حل كل مسألة منها بنفسه "ص152 وبين روسو أن الغرض من التربية ليس ملء عقل التلميذ بالمعلومات الكثيرة وإنما تعليمه الأفكار الواضحة ليعرف الصواب من الخطأ وهو قوله: "وتذكروا دائما أن هدفى من التعليم ليس الإكثار من المعلومات بل ألا أدع شيئا يتسرب إلى ذهن التلميذ سوى الأفكار الدقيقة "ص157 أنواع التربية: بين روسو أن التربية ثلاثة أنواع فقال: "والتربية تأتينا إما من الطبيعة أو من الناس أو من الأشياء فنمو وظائفنا وجوارحنا الداخلى ذلكم هو تربية الطبيعة وما نتعلم من الافادة من ذلك النمو ذلكم هو تربية الناس وما نكتسبه بخبرتنا عن الأشياء التى تتأثر بها فذلكم هو تربية الأشياء "ص26 1-تربية الطبيعة وهو يريد بتربية الطبيعة ما وضعه الله فى الجسم من قانون للنمو عن طريق التغذية 2-تربية الناس ويقصد بها ما يعلمه الناس للأطفال 3- تربية الأشياء ويريد بها ما يتعلمه الإنسان من تجاربه مع المخلوقات عدا الإنسان حية أو ميتة وروسو فى هذا الموضع يخلط الحابل بالنابل فتربية الطبيعة وهى تربية الغذاء هى بعض من تربية البشر للطفل فمن يرضعه أو يطعمه هو البشر ومن ثم فتربية الطبيعة وهى النمو الجسدى بعض من تربية البشر فالرضيع لا يرضع بمفرده ولا يأكل بمفرده وإنما ينظم البشر له الغذاء والذى سماه تربية الأشياء لا يحدث كثيرا مع الطفل و البشر هم من يخبرونه بطريقة التعامل مع الأشياء والاستنفاع بها أو البعد عن أذاها ومن ثم فالتربية عملية خاصة بالبشر فى طفولتهم أو فيما بعد الطفولة والمربون الأول هما الأم والأب وفى هذا قال المولى عز وجل : "وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا" وقد وضح روسو أن التربية النافعة يتوافق فيها الأساتذة الثلاثة الطبيعة والناس والأشياء فى تعليمهم والتربية الضارة هى التى لا يتفق الأساتذة فى تعليمهم وهو قوله : "كل امرىء منا إذن يتولى أمر تشكيله ثلاثة ضروب من الأساتذة والتلميذ الذى تتضارب فيه دروسهم المتباينة تسوء تربيته ولن يكون على وفاق مع نفسه أما من تتوافق فيه تعاليمهم فتنصب على أمور واحدة وتستهدف غايات واحدة فهذا هو الذى يصل إلى مبتغاه ويعيش فى وفاق مع نفسه وهذا هو من طابت تربيته "ص26 كلام عجيب فالأساتذة الطبيعة والناس والأشياء لا يوجد بينهم لغة للحوار حتى يتفقوا ووضح روسو أن تربية الطبيعة أمر خارج عن إرادة البشر وأما تربية الأشياء فلا سلطان لنا عليها إلا بقدر صغير وأما تربية الناس فمطوعة لنا بحق وهو قوله : "ومن بين ضروب التربية الثلاثة نلقى تربية الطبيعة خارجة عن إرادتنا أما تربية الأشياء فلا تدخل تحت سلطاننا إلا بمقدار وأما تربية الناس فتلك دون سواها مطوعة لنا بحق بيد أننا لسنا مسيطرين عليها إلا افتراضا فمن ذا الذى يتطاول فيطمع أن يهيمن الهيمنة كلها على أقوال كل من يحيطون بالطفل وأفعاله ؟"ص26 وكلامه عن كون تربية الطبيعة خارجة عن إرادتنا تماما هو نوع من الخطأ فالتغذية الخاطئة قد تجعل الطفل سمينا أو عليلا لديه سوء تغذية ومن ثم السبب فى فساد النمو الجسدى هو تغذية الناس المربين للطفل والقول بتوافق الأساتذة نظرة اعتنقها روسو فى قوله : "كل امرىء منا إذن يتولى أمر تشكيله ثلاثة ضروب من الأساتيذ والتلميذ الذى تتضارب فيه دروسهم المتباينة تسوء تربيته ولن يكون على وفاق مع نفسه أما من تتوافق فيه تعاليمهم فتنصب على أمور واحدة وتستهدف غايات واحدة فهذا هو الذى يصل إلى مبتغاه ويعيش فى وفاق مع نفسه وهذا هو من طابت تربيته "ص26 ونراه قد عارضها حيث وضح استحالة توافق الأساتذة الثلاثة فقال : "إلى هذه النزعات الأولية إذن ينبغى أن نرد كل شىء وهذا ميسور لو أن الضروب الثلاثة من تربيتنا كانت متباينة فحسب ولكن ما الحيلة فيها حين تتعارض؟ وحينما لا يكون المطلوب تربية شخص من أجل ذاته بل تربيته من أجل سواه فما أحرى أن يكون عسيرا أو ممتنعا فيتحتم أن نكافح فى تربيته إما الطبيعة وإما المقولات الاجتماعية فإما أن تجعله إنسانا أو تجعله مواطنا إذ يمتنع أن تجعله هذا وذاك فى آن واحد"ص27 ويرى روسو انه من المستحيل تربية إنسان يكون إنسانا ومواطنا معا فالطبيعة هى من تربى الإنسان والمقولات الاجتماعية هى من تربى المواطن والرؤية خاطئة فالإنسان هو إنسان فى أى موضع كان وهو فى نفس الزمان مواطن حسب الدين الذى تربى عليه وذكر روسو أن كتاب الجمهورية لأفلاطون هو كتاب تربوي وليس كتابا سياسيا وبناء عليه يجب محو كلمة الوطن والمواطن من اللغة وهو قوله : "وإذا أردت أن تعرف كيف تكون التربية العامة اقرأ جمهورية أفلاطون فما هو بكتاب فى السياسة كما يتوهمه من يحكمون على الكتب بعناوينها بل هو أجمل سفر فى التربية خرج من يد بشر إن الهيئة العامة لم يعد لها وجود وليس من الممكن أن توجد لأنه لم يعد للوطن وجود فلا يمكن إذن أن يوجد المواطنون فينبغى أن تمحى كلمة الوطن والمواطن من اللغات الحديثة وعندى مبررات هذا الرأى ولكنى لا أريد الإدلاء بها هنا لأنها لا تتصل بالموضوع الذى نحن بصدده "ص30 وذكر روسو أن الطفل يبذل جهودا لا جدوى منها تستنفد قواه وتعطل نموه بقوله: "ويبذل الطفل جهودا لا جدوى منها تستنفد قواه وتعطل نموه فيكاد يندم على أنه ولد لأنه لا يرى فائدة جناها من ولادته "ص34 وهو كلام عجيب فالنمو لا يقف وإنما يأخذ طريق غير طريق الحق المطلوب وهى طريق الباطل فالطفل إن لم يجد من يربيه على الحق ذهب للباطل بعلم أو بدون علم وذكر روسو أن السبب فى بكاء الطفل هو تكبيله بالقيود من قبل البشر فى قوله: "أتقولون أن أول صوت يصدر عن الطفل هو البكاء لا ريب عندى فى هذا فإنكم تكرهونه على ذلك بما تكبلونه به من قيود وتنزلونه به من عذاب فلا يجد شيئا لديه حرا إلا صوته فكيف لا يستخدمه ليجأر بالشكوى إنه يبكى من الأذى الذى تنالونه به ولو أنكم منيتم بمثل ذلك لكنتم أسرع منه إلى البكاء وأبرع"ص35 روسو كما يقول العلم الحديث هنا جاهل فالطفل لا يبكى عند ولادته لأنه لا يعرف أى شىء حتى يبكى وإنما الأمر طبيا سببه تعامل الجهاز التنفسى مع الهواء لأول مرة فتصدر تلك الأصوات التعامل مع الأطفال : بين روسو أن التربية السليمة تستهل بالأمهات فالحرمان من لبنهن سبب الشرور التى يقوم بها الأطفال فى الكبر وفى هذا قال : "إن لهذه المٍسألة أهمية أكثر مما يظن فإن أردت أن يلتزم كل إنسان بواجباته الأولى فابدأ بالأمهات وستعجب للتغير الذى ينجم عن ذلك فهذا الحرمان من لبن الأم هو الأصل الذى نبعت منه كل الشرور إذ خمدت فى القلوب جذوة الفطرة وقلت فى البيوت نسمة الحيوية ومنظر الرضعاء لم يعد يجتذب الأزواج فلا آباء ولا أمهات ولا أطفال ولا إخوة ولا أخوات منذ انحل رباط الأسرة"ص37 روسو جعل أهمية كبيرة للرضاعة الطبيعية فى تربية الجسم وهو كلام صادق ولكن كون الشرور ناتجة عن الحرمان من الرضاعة الطبيعية هو خطأ وهو ما أقر به فى فقرة بعيدة حيث جعل سبب الشر إرادة الأطفال الضعيفة وفى هذا قال : "إن الطفل لا يكون شريرا إلا بسبب ضعفه فإن أحب تحطيم الأشياء فليس ذلك عن سوء نية ولكن لأنه يشعر بالحاجة إلى الحركة والانفعال ص70 وذكر روسو أن الفروض متبادلة بين الوالدة والطفل وأن على الطفل أن يحب والدته قبل أن يعلم أن هذا فرض وهو قوله: "وإذا لم تكن هناك أم فليس هناك طفل فالواجبات بينهما متبادلة وحيث تكون الإساءة من جانب يكون الإهمال من الجانب الآخر فالطفل يجب أن يحب أمه قبل أن يعلم أن هذا واجب وما لم يجد نداء الدم تأييدا بالتعود والرعاية سرعان ما يخفت فى السنوات الأولى ويموت القلب قبل أن يولد " ص38 الحب بين الوالدة والطفل هو العادة الطبيعية ولكن فى الكثير من الحالات نجد الحب مفقود من واحد منهما أو من الاثنين بسبب المشاكل الأسرية أو بسبب المعاملة السيئة ورغم اعتقاد الرجل بالحب المتبادل بين الوالدة وطفلها فإنه يطلب من الوالدات والآباء القسوة على الأولاد فيتركوهم لأوجاع الأمراض وهو قوله : "فالأسنان لا تنبت لهم إلا بالحمى والسعال الطويل يكاد يخنقهم والديدان تعذبهم والخمائر الطفيلية تقسو عليهم وتعرضهم لكثير من الأخطار ويكاد يكون عهد الطفولة الأول مرضا وخطرا متصلين ونصف الأطفال الذين يولدون يهلكون قبل السنة الثامنة ولكن متى مرت المحنة يكون الطفل قد اكتسب مناعة هذه هى سنة الطبيعة فلماذا نخرج عليها ألا ترون أنكم إذ تفكرون فى تصحيحها تقوضون عملها أن التجربة تدل على أن الأطفال المرفهين عرضة للموت أكثر من غيرهم فمرسوا أطفالكم بالمتاعب التى سيكون من الحتم عليهم احتمالها يوما ما وقووا أجسامهم بالتعرض لاختلافات الفصول والأجواء والعناصر والجوع والعطش والتعب وثقوا أن الطفل أكثر احتمالا للتغيرات من الرجل "ص39 تقوية الطفل واجبة وأما تركه فريسة للعلل دون معالجة حتى يقوى فأمر مجنون لأن العلة ستضعفه أو تميته إن ترك بلا معالجة وذكر روسو أن التربية فرض أن تكون بملازمة الأم والأب للطفل دون مفارقة أبدا بقوله: "أفتريدون أن يحتفظ الطفل بصورته الفطرية ؟ احفظوها عليه إذن منذ قدومه إلى هذه الدنيا متى ولد الزميه أيتها الأم والزمه أيها الأب ولا تفارقيه مطلقا إلى أن يستوى رجلا ولن يكون فلاحه إلا من هذا الطريق "ص41 وهو كلام خاطىء لأن الطفل ليس وحيدا والوالدين لديهم التزامات أخرى كالعمل بوظيفة أو تنظيف المنزل أو الطبخ أو الكنس أو غسل المواعين فعدم المفارقة أبدا هو نوع من الجنون وذكر روسو أن المعلم الذى يريده هو مربى لطفل واحد فقط طوال عمره وأن التربية هى تعريفه علم واجبات الإنسان من خلال تمهيدات وعروض وليس بالأوامر والنواهى وهو قوله : "إن مربيكم يستطيع أن يستبدل تلميذا بتلميذ كل بضع سنوات أما المعلم الذى أعنيه فلن يتسع عمره إلا لتلميذ واحد فأنا لا أعرف تباينا فى مراحل التعليم والتأديب لأنى لا أعرف إلا علما واحدا ينبغى أن يلقنه الأطفال وذلك هو علم واجبات الإنسان وإنه لعلم واحد لا يقبل القسمة ولا يمكن أن يتجزأ ولهذا أفضل أن أسمى المعلم أو المؤدب مربيا لأنه سيكون معنيا بإرشاده أكثر من عنايته بتلقينه العلم ولا ينبغى له أن يقدم إليه الوصايا والنواهى بل ينبغى أن يمهد له ويوجهه إلى الكشف عنها بنفسه ص46 علم واجبات الإنسان هو الأمر المطلوب ونرى روسو يصطفى تلميذه من بين أبناء الأقاليم المعتدلة الجو فى قوله: "ولهذا نجد أن ابن الإقليم المعتدل حين يرحل إلى الأقاليم المتطرفة الأجواء يتمتع بمزية واضحة لأنه وإن تعرض للظروف التى يتعرض لها القادم من الجو المضاد إلا أنه لا يتكلف من الأثر إلا نصفه بسبب تكوينه فى بيئة وسطى ويبدو لى أن تكوين المخ فى الأقاليم المتحرفة أقل كمالا منه فى الأقاليم المعتدلة فالزنوج والاسكيمو أقل توقدا من الأوربيين فإذا فرضنا أنى أردت لتلميذى أن يكون صالحا لسكنى الأرض كافة فإنى اختاره من بين أهالى المنطقة المعتدلة من فرنسا مثلا فذلك أدنى لغرضى من أى مكان سواه"ص4 قطعا المربون لا يختارون تلاميذهم فى الغالب وإنما يفرض الطلاب على المعلمين سيان كانوا يعرفونهم أو لا يعرفونهم معرفة مسبقة وقد ذكر الله لنا قصة موسى عليه السلام التلميذ الذى فرض نفسه على المعلم وهو العبد الصالح عندما قال : " قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا" وقد بين روسو أن التربية يجب أن تكون تربية عادلة تنفع الفقير كما تنفع الغنى حيث تعود الاثنين على التأقلم على الأجواء المختلفة وفى هذا قال: "ومهما يكن من شىء فالتربية الطبيعية ينبغى أن تعد الرجل كى يكون لائقا للحياة فى جميع الظروف البشرية فما يستقيم أن نربى الفقير تربية من سيعيش فى الثراء ولا أن نربى الثرى تربية من سيعيش فى الفاقة ولكن تربية الفقير ليصلح لحياة اليسار قد تكون أحمق من تربية الثرى ليصلح لحياة الفاقة " ص48 وذكر روسو أن تربية التلميذ النحيف أو صاحب العاهة تربية ضارة خاسرة بقوله: "إن الذى يقبل رعاية تلميذ ذى عاهة أو هزيل إنما فى الواقع يغير مهنته فبعد أن كان مربيا يمسى ممرضا وهو الخاسر بالعناية بحياة لا جدوى منها يخسر على الأقل الوقت الذى ينفقه فى زيادة قيمة حياة مقضى عليها ويعرض نفسه لأن يرى أما منكودة تقرعه ذات يوم وتحمله ذنب موت ابن كان ينبغى أن يصون لها حياته طويلا"ص50 وكلام هنا يعارض مبدأ الإنسانية الذى نادى به روسو فى قوله: "أيها الناس كونوا أشد الإنسانية فهذا هو واجبكم الأول كونوا رحماء بجميع الطبقات وبجميع الأعمار وبجميع من ليسوا غرباء عن البشرية فأى حكمة أن تكون لكم عن خرجتم عن إنسانيتكم أحبوا الطفولة وارعوا فى مودة لهوها وملذاتها وطبيعتها الأليفة "ص80 فالمرضى وأصحاب الاعاقات تربيتهم واجبة كسواهم وصاحب الاعاقة أو المريض قد يكون أحسن من التلميذ المعافى وهو أمر طلب الله من نبيه(ص) أن يفعله مع الأعمى ابن مكتوم وذكر روسو أن النمو النفسى وهو الأخلاقى لا يتوافق مع النمو الجسمى وفى هذا قال: "إننا نعمل فى توافق مع الطبيعة وذكرما الطبيعة تكون الشخص المادى نحاول نحن أن نكون الشخص الأخلاقى ولكن سرعة التكوين فى الحالتين غير متساوية "ص219 وذكر روسو أهمية المرضعات اتكالا على أن تربية القدماء كانت ناجحة بسبب المرضعات فيقول : "وتزداد أهمية اختيار المرضع متى علمنا أن الوليد سيكون موكولا إليها كلية فى مدة الرضاعة كما سيوكل إلى المعلم كلية بعد ذلك وقد كانت هذه عادة الأقدمين أولئك الذين لم يحسنوا الكلام كما نحسنه ولكنهم كانوا يحسنون العمل كما لا نحسنه " ص57 وذكر روسو طريقة إطعام الرضيع فيقول: "النشويات تنتج من الدم أكثر من اللحم فلابد أنها كذلك مدرة للبن وأعتقد أن الطفل الذى لا تتعجل فطامه وإذا فطمناه فعلى أطعمة نباتية وكانت مرضعه تتغذى بأطعمة نباتية لا يمكن أن يصاب بديدان الأحشاءص58 وكون النشويات تنتج من الدم أكثر من اللحم أمر خاطىء فالتغذية الصحيحة هى التى تدر اللبن وليس نوع محدد كما أن أمر الأطعمة النباتية التى تمنع الإصابة بديدان الأحشاء وهو كلام غير علمى فالإصابة بالديدان تنتج من أسباب متعددة منها عدم طهى اللحم جيدا ومنها لعب الطفل على الأرض أو لعبه ولمسه لطفل مصاب أو عدم غسل الطعام وذكر روسو أن الطفل يجب تعويده على الاستحمام بالماء البارد وهو صغير حتى يتحمل جسده العلل وعندما يكبر يتم تعويده على الاستحمام بماء ساخن متدرج وماء بارد متدرج حتى لا يشعر فيما بعد بالألم عند وجوده فى أى جو وهو قوله : "ومتى تكونت عادة الاستحمام بالماء البارد عند الطفل فلا ينبغى العدول عنها مطلقا بل يجب أن يثابر عليها طول حياته وأنا لا أهتم بالحمام البارد لأسباب تتعلق بالنظافة والصحة الحالية فحسب بل لأنه يعود عضلات الجسم المرونة واحتمال الجهد والحرارة والبرودة وبعد أن يكبر الطفل سأعوده بالتمرين على الاستحمام بين الحين والحين فى ماء ساخن فى مختلف درجات الحرارة التى يطيقها ثم فى مختلف درجات البرودة" ص61 وذكر روسو أنه سيدرب طفله على عدم الرهبة من الثعابين وما إلى ذلك بقوله: فإذا تعود الطفل فى صغره ألا يفزع من منظر الثعابين وسرطان البحر وما إلى ذلك فثق أنه سيرى من غير فزع حين يكبر أى وحش كان فلا وجود للأشياء المفزعة لدى من يرى صنوفا وأشكالا منها فى جميع الأيام ص64 وذكر أنه سيدربه على عدم الرهبة من الأقنعة بالتدريج فى تعويده على الأقنعة الهادئة والمرعبة وكذلك عدم الرهبة من إطلاق الرصاص وفى هذا قال: "وجميع الأطفال يخافون الأقنعة وسأبدأ بأن أطلع اميل على قناع لطيف الشكل ثم يضع أحد الناس ذلك القناع أمامه على وجهه ثم آخذ فى الضحك ويضحك الحاضرون جميعا فيضحك الطفل مع الباقين وشيئا فشيئا أعوده رؤية أقنعة أقل جمالا ثم أقنعة شنيعة الشكل فإن كنت قد أحسنت التدرج فسوف لا يفزع من أخر قناع يراه بل سيضحك كما ضحك من أول قناع وبعد هذا لن أخشى أن يفزعه أحد بالأقنعة وإذا أردت تعويد اميل على ضجة الأسلحة النارية أتدرج معه فى سماع الضوضاء ورؤية شرارات الانفجار شيئا فشيئا إلى أن يسمع طلقة البندقية من غير أن يهتز ثم عوده بعد ذلك على طلقات المدافع"ص65 ويكرر روسو تعويد الطلاب على عدم الرهبة من خلال صنع ألعاب تؤدى فى الظلام بقوله: " والأفضل فى نظرى أن أدعو مع تلميذى أطفالا من سنه يخرجون جماعات فى الليل للسمر والغناء واللعب بحيث لا تساورهم فكرة الفزع وقد اصطنع لهم ألعابا فى الظلام للبحث عن أشياء وإحضارها من أماكن منعزلة مظلمة واجعل للفائز جائزة شهية من الحلوى أو غيرها مما يجعل المسألة تنافسا محبوبا "ص140 وذكر أن الاستجابة الفورية لكل حاجات الطفل هى أمر غير صائب فيجب تعويد الطفل على الصبر من خلال الاستجابة عند الضرورة القصوى وليس عند أى صراخ أو بكاء وهو يقول : "إن الضيق الذى يشعر به الطفل بسبب احتياجاته يعبر عنه بإشارات وذلك عندما تكون مساعدات الاخرين له ضرورية كى يكفى تلك الاحتياجات ومن هنا صراخ الأطفال وبكاءهم الكثير فذلك شىء لابد منه ولما كانت احساساتهم انفعالية فعندما تكون تلك الإحساسات مرضية لهم يستمتعون بها فى صمت ص66 وذكر روسو وجوب تعويد الطفل على الحصول على ما يريد من خلال التفكير للوصول لما يريد وذكر وجوب تجاهل صراخ الطفل الذى يطلب الأشياء أو يأمر البشر حوله حتى يتعود على التفكير وعلى احترام من حوله وفى هذا قال : "وفى الحالة الأولى قرب منه الشىء الذى أخطا فى تقدير مسافته منه ببطء شديد كأن الشىء يقترب منه فعلا أما فى الحالة الثانية حيث ينقلب صراخه أمرا للشىء أو لبكاء فلا تتجاهل سماعك لصراخه فحسب بل كلما اشتد صراخه يجب أن تزيد فى تجاهلك لسماعه إذ يجب بأى ثمن أن تعوده منذ اللحظة الأولى ألا يأمر الناس فما هو عليهم بمسيطر وألا يأمر الأشياء فليست للأشياء أسماع وعقول وهكذا عندما يرغب الطفل فى شىء يراه وتريد أن تعطيه إياه فمن الخير أن تحمل الطفل إلى الشىء فذلك أفضل من أن تحمل الشىء إلى الطفل "ص70 وقال: "إن الوسيلة الوحيدة للشفاء من هذه العلة أو الوقاية من تلك العادة هى ألا تلقى بالا على الإطلاق إلى بكاء الطفل وما من إنسان حتى الأطفال يحب أن يجهد نفسه بغير طائل فالأطفال يصرون على محاولاتهم على أمل النجاح ولكن إذا كنت أشد صبرا وعنادا منهم سيفقدون ذلك الأمل ويكفون عن البكاء ولا يعودون إليه بعدها وبذلك نوفر عليهم جهوده البكاء فى الأمد الطويل ونعودهم ألا يذرفوا الدموع إلا تحت ضغط الألم الحقيقى ص72 وذكر روسو طريقة أخرى لإيقاف بكاء أو عناد الطفل وهى شغله بشىء أخر يجذب انتباهه نحوه فيقول : "وعندما يبكى الأطفال لنزوة أو عناد فهناك وسيلة فعالة لمنعهم من الاسترسال فى البكاء وهى تلهيتهم بشىء يجذب انتباههم وينسيهم أنهم كانوا شارعين فى البكاء "ص72 وذكر روسو أن الأطفال لا يميزون معانى سلوكهم إلا بالأثر المادى الظاهر فهم لا يبكون وهم وحدهم وإنما عندما يعلمون أن فرد بالقرب منهم وهو قوله: "فالأطفال لا يميزون معانى سلوكهم إلا بالأثر المحسوس لذلك السلوك وليست هناك وسيلة أخرى لديهم ودليل ذلك أنه مهما كان الألم شديدا على الطفل فمن النادر أن يبكى إن كان بمفرده إلا إذا وجد عنده الأمل فى أن يسمع بكاءه أحد من ذويه ص76 وكلامه خاطىء هنا نوعا ما فالأطفال يبكون وهم بمفردهم عندما يجوعون أو يتغوطون أو يخافون من شىء ما وذكر روسو وجوب تعويد الطفل على الصبر على ألم الجروح فيقول : "وبدلا من أن أوجه اهتمامى على تجنيب اميل الجروح سيسوؤنى جدا ألا يجرح نفسه مطلقا وأن يكبر قبل أن يعرف الألم فالعذاب هو أول شىء يجب أن يتعلمه بل أنه أحوج ما يحتاج على معرفته" ص77
عدل سابقا من قبل عطيه الدماطى في الإثنين يناير 30, 2023 7:09 pm عدل 1 مرات | |
|
عطيه الدماطى
المساهمات : 2102 تاريخ التسجيل : 18/01/2023
| موضوع: رد: عرض كتاب إميل أو تربية الطفل من المهد إلى الرشد الإثنين يناير 30, 2023 7:08 pm | |
| والكلام صحيح فى الطبقات التى لا تجد نقودا للذهاب للطبيب أو هى بعيدة المكان عن مكان وجود الطبيب وذكر روسو أن التدليل والدلع الكثير خاطىء فيقول : " وحينما لا تكون حرية الأطفال قد أفسدت بأخطائنا فى التدليل فلن يريدوا شيئا من غير أن تكون له منفعة ظاهرة أو خافية ص84 وذكر روسو أنه لا يجب عدم قول أقوال خاطئة علميا للطفل فيجب تعليمه معلومات عن البدن والمادة الظاهرة وفى هذا قال: "إن أول فكرة خاطئة تتسرب إلى رأس الطفل ستكون هى جرثومة الخطأ والشر والعيب فيجب الحذر كل الحذر من تلك الخطوة الأولى واعملوا على ألا يفطن فيما حوله من جميع النواحى إلا لما هو بدنى أو مادى" ص92 وذكر روسو أن ضرب الطفل مطلوب أحيانا كما أنه مطلوب تعليمه ما يفهمه ويتوافق معه وفى هذا قال : "ولذا أقول لكم استخدموا القوة مع الأطفال والعقل مع الرجال فهذا هو نظام الطبيعة وترتيبها والحكيم ليس بحاجة إلى قوانين علموا التلميذ بما يوافق عمره وضعوه أولا فى مكانه الطبيعى ولا تحاولوا إخراجه منه ولا تسمحوا له بالخروج منه" ص93 وذكر روسو أنه فى حالات ما يجب منع الطفل من عمل يريده بدون توضيح بالرفض القاطع كشرب مادة مميتة أو بالسماح له بعمله فى قوله: "أول ما يجب أن يمتنع عن إتيانه فلا تحرمه عليه بالكلام بل امنعه من عمله بغير إيضاح وبغير مجادلة وما تريد أن تسمح له به اسمح له به عند أول طلب من غير إلحاح أو توسل بل وعلى الأخص من غير شروط إذا سمحت فعن طيب خاطر وإذا رفضت فعلى مضض ولكن اجعل رفضك دائما قاطعا لا رجعة فيه "ص97 و منع الطفل من عمل دون توضيح خطأ فطالما يفهم يجب تعريفه المانع وذكر روسو أن على المربين تعويد الطلاب أو الطالبات طاعة أقوالهم حتى وهم فى أحلى أوقات الفرح فى اللعب لتعويدهم على تحمل الصدمات فيما بعد بقوله: "عودوهن على تلقى الأمر بالكف عن ملهى وهن فى ذروة النشوة به لينصرفن فورا إلى مهمة مختلفة عنه تماما من غير تردد ومن غير تذمر " ص251
وذكر روسو أن التعليم بالتجربة هى أحسن من التعليم النظرى وفى هذا قال "لا ينبغى أن نلقن التلميذ دروسا لفظية فالتجربة وحدها هى التى يجب أن تتولى تعليمه وتأديبه "ص97 ويوضح روسو وجوب ضرب الطفل من المعلم أو الخادم أو غيرهم إذا تعدى حدود الأداب العامة فضربهم حتى يعرف أن البشر سواء وأن ضربهم حرام وهو قوله لا تسمحوا للطفل مطلقا أن يعامل الكبار كأنهم أقل منه أو أنداده فإذا تجاسر على ضرب أحدهم جادا حتى لو كان خادمه الخاص فاحرص على أن يرد له الصاع صاعين بحيث يتوب عن هذا الفعل ولا تحدثه نفسه بالرجوع إليه ص105 وهو كلام سليم فعندما يتوجع الطفل من ضرب الأخرين له سيعرف أنه تسبب للأخرين بالوجه بضربهم ومن سيتوقف عن إيلام غيره حتى لا يتوجع هو من ضربهم له وذكر روسو أن عقاب الطفل واجب عند الضرورة لتعريفه وذكر أن هناك أنواع من الكذب لا يجب ضرب الطفل عليها وفى هذا قال: "وأظننى قلت ما فيه الكفاية للافصاح عن دعوتى ألا يصب على الأطفال عقاب من حيث هو عقاب بل يجب أن يحدث العقاب لهم كما لو كانت نتيجة طبيعية لسوء فهمهم وبذلك يجب ألا تنددوا بالكذب ولا أن تعاقبوهم لأنهم كذبوا بل ترتبوا الأمور بحيث أن جميع الآثار السيئة للكذب تتجمع فوق رءوسهم كأن لا يصدقهم أحد حين يقولون نبأ وان يتهموا بذنوب لم يقترفوها وإن دافعوا عن أنفسهم بحرارة ولكن لنبين أولا ما هو الكذب عند الطفل هناك نوعان من الكذب كذب ينصب على الواقع أو على ما وقع فعلا وكذب ينصب على النية أو على ما سيقع مستقبلا والنوع الأول هو أن ينكر الطفل عملا قام به حقا أو يدعى عملا لم يقم به حقا أو بعبارة أخرى أن يقول الطفل خلاف الواقع قصدا وعن علم ودراية والنوع الثانى هو أن يعد الطفل بما فى نيته ألا يقوم به أو بعبارة أخرى أن يظهر الطفل خلاف نيته وقد يجتمع النوعان أحيانا فى عبارة واحدة كأن يتهم الطفل بخطأ معين فينفى أنه فعله ويدافع عن نفسه بأنه برىء شريف "ص106 ولهذا فهم لا يعتبرون كاذبين حين يعدون بشىء لأنهم لا يفكرون إلا فى الخلاص من الموقف الحرج حاليا "ص107 فالكذب الذى يجب الضرب فيه هو إنكار القول أو الفعل الخاطىء الذى يتكرر وذكر روسو أن على المعلم أن يعامله معاملة تجعله هو من يطرح الحلول الطيبة وينفذها لا أن يأمره أو ينهاه مباشرة وهو قوله: "وحينما تضطرنى طبيعته الشموس أن أعقد معه اتفاقا سأعد خطتى بحيث يصدر الاقتراح منه هو دائما لا منى إطلاقا لأنه عندئذ سيكون صاحب مصلحة فى البر بوعده إذا حدث أن حنث بوعده سيشعر أن ذلك جر عليه آثارا طبيعية لخطئه لا انتقاما جائرا من مربيه ص108 وذكر روسو وجوب تعويد الأطفال على العطاء دون انتظار الرد وليس على انتظار رد العطاء بمثله أو أكثر منه فيقول : "ولاحظت أيضا أنهم يردون بسرعة إلى الطفل ما أعطاه فيتعود ألا يعطى إلا ما هو واثق من رده إليه أو رد مثله إليه ولم أر أطفالا لا يسخون بما فى أيديهم فى هذين الضربين من السخاء إما بإعطاء ما لا حاجة بهم إليه أو ما يعلمون أنه مردود إليهم "ص110 وهو كلام سليم وذكر روسو أن كل خلق حسن يقوم على التقليد إنما هى خلق قرود بقوله : "وأنا أعلم أن كل فضيلة تقوم على التقليد إنما هى فضيلة قرود "ص111 ولكنه خالف نفسه فاعتبر أن التقليد ليس كله خطأ بل من التقليد طيب وفى هذا قال : "إن الإنسان مقلد وكذلك الحيوان مقلد وحب التقليد جعلته الطبيعة فى حدوده شيئا طيبا ولكنه يفسد فى المجتمع ويصبح شرا ورذيلة"ص112 ومع هذا عارض المقولتين فجعل القدوة الطيبة مطلوبة وفى هذا قال : "القدوة القدوة بغير القدوة لن تفلحوا فى تعليم الصغار أى شىء حتى ولا الدين" ص262 فالناتج عن القدوة هو التقليد سيان خير أو شر وذكر روسو أن الذاكرة ليست العقل لأن الصور ليست الأفكار وفى هذا قال: "ومع أن الذاكرة مباينة للعقل فهما ملكتان مختلفتان إلا أن إحداهما لا تنمو مستقلة عن الأخرى تمام الاستقلال وقبل سن التعقل يتلقى الطفل صورا لا أفكار "ص116 وذاكرة الإنسان ليست ذاكرة صورية فقط فالذاكرة تتذكر صورا وأقوال وأحداث وأفعال فمثلا فى الشهادة على الدين تتذكر حضور الفعل وهو كتابة الدين ووجود الدائن والمدين والكاتب والذاكرة جزء من العقل . الواجب تعليمه للأطفال والواجب عدم تعليمه لهم: ذكر روسو أن تدريس اللغات للأطفال فى الصغر أمر غير صائب إلا ان يكون الطفل ذكى ذكاء غير عادى وفى هذا قال : "وقد يدهشكم أنى اعتبر دراسة اللغات من بين تلك المواد التى لا نفع فيها للطفل ولكن تذكروا أنى لا أتكلم إلا عن دراسات فترة الطفولة الأولى ومهما قيل فى هذا الشأن لا أعتقد أنه إلى سن الثانية عشرة أو الخامسة عشرة يمكن لأى طفل أن يتعلم لغتين تعليما حقيقيا اللهم إلا إذا كان عبقريا"ص117 وهو كلام سليم تماما فلا يجب شغل الطفل بتعلم اللغات حتى يصل لرشده لأنه لن يحتاج اللغة الأخرى إلا إذا سافر لبلد يتحدثها وغالبا لن يسافر قبل أن يصل سن العقل لأنه مسئول من أبويه أو أقاربه الآخرين حتى يعقل وذكر روسو أن الدراسات التى يتعلمها الأطفال لابد أن تكون بصرية وفى هذا قال : "إنى أنادى بأن نشغل الأطفال بدراسات لا تحتاج إلا على النظر بالعين "ص119 وكلامه سليم فى بعضه فالدراسات تعتمد على الحواس جميعها وليس على حاسة البصر وحدها فدراسة اللغة الأم تحتاج للأذن واللسان ودراسة الظواهر الطبيعية بعض منها يحتاج للمس مع النظر وبعض منها يحتاج للشم مع النظر وقد ناقض نفسه فجعل الحواس مشتركة فى العملية التعليمية واقرأ قوله عن طريق العين والأذن والأصوات فى الفقرة التالية: " لست أرى أن تتبع الطريقة المقلوبة فى تعليم الهندسة بعرض منطوق النظرية ثم البحث بعد ذلك عن إثباتها ومن المرغوب فيه أيضا تنمية الملاحظة أثناء اللعب عن طريق العين والأذن والأصوات لتقدير المسافات ص144 وذكر روسو أن تعليم التاريخ للأطفال هو تضييع للوقت لأن الأطفال لن يفهموا المراد من حوادثه وفى هذا قال : "وإنه لخطأ سخيف أن يفرض على الأطفال دراسة التاريخ على زعم أن التاريخ فى متناول إدراكهم "ص120 و ذكر روسو أن التاريخ ناقص ومعيب والمؤرخون أنفسهم لا يفهمون المراد منهم فى الفقرة التالية: "إن التاريخ على العموم ناقص معيب لأنه لا يسجل إلا الوقائع المحسوسة البارزة التى يمكن إثباتها بالأسماء والأماكن والتواريخ أما الأسباب الكامنة لتلك الوقائع فتظل مجهولة خافية ...إن الحرب ليست إلا مظهرا معبرا عن أحداث قررتها أسباب معنوية يندر أن يفطن إليها المؤرخون" ص185 وكرر المقولة بأن أساطير التاريخ لا تنفع فى تعليم الأطفال وهو قوله: "إن الأساطير قد تجدى فى تعليم الكبار أما الأطفال فلابد لهم من الحقيقة العارية فإذا غطيناها لهم بقناع رقيق لم يجشموا أنفسهم عناء إماطته" ص124 وذكر روسو أن كتبة الأساطير مخطئون عند كتابة العبرة من الأسطورة وإنما المراد ترك الطالب يستخلصها بنفسه وهو قوله: "ولا يفوتنى أن أندد هنا بالقواعد الأخلاقية التى تختتم بها معظم الأساطير المنظومة فالحاسة الأخلاقية تتربى عند التلميذ بأن يستخلص هو العبرة بنفسه من الحادثة التى أوردتها الأسطورة أما إيراد العبرة بألفاظها فى ختام الأسطورة فبلاهة ..إن سر التربية كله فى أن ندع للتلميذ لذة تعليم نفسه عن طريق الموضوعات والوقائع فهذا هو ما يربى عنده ملكة التفكير والتمييز والقياس والضمير" ص189 ووجهة نظر روسو صحيحة فالطلاب لا يفهمون المراد من التاريخ ومنه الأساطير وهم يدرسونه للأسف من وجهة نظر المعلم أو الدولة التى وضعت المنهج وذكر روسو أن تعليم التلميذ القراءة والكتابة دون ضرورة تضييع للوقت وهو قوله: "ولا أظن أميل سيعرف ما معنى كلمة كتاب قبل الثانية عشر وقد يقال أن من الواجب تعليمه القراءة على الأقل وأنا أوافق على هذا وأرى أن يتعلم القراءة حين تكون القراءة مجدية له أما وهى لا تفيده قبل تلك السن إلا السأم والضيق فليس هذا أوانها ولكن تدريجيا يمكن تعليمه القراءة بواسطة الباعث الشخصى أى بمناسبة ما يصله من دعوات " ص127 وجهة النظر هذه ليست سليمة فالقراءة يجب تعليمها للأطفال فى سن السابعة أو السادسة لأنهم يحتاجونها فى عصرنا مثلا لقراءة أسعار البضائع وأنواعها وهم يشترونها كما يحتاجونها لمعرفة أسماء الشوارع فى بلدهم ومن ثم فالحاجة لتعلم القراءة قد تختلف من حكم لحكم أخر وذكر روسو أن المعلم عليه أن يصطفى لتلميذه الكتب النافعة وهى نادرة والأحسن عنده تعليمه فهم الطبيعة وهى المخلوقات التى يعيش معها وهو قوله: "ولئن كان قليل القراءة فى كتبنا على خلاف سواه من الأطفال فهو يحسن القراءة فى كتاب الطبيعة وعقله ليس فى لسانه بل فى دماغه ص147 وذكر روسو أن الكتب المختارة لتعليم التلميذ يجب أن تكون كتبا تدرس عمليا العلم ككتاب روبنسون كروزو وفى هذا قال : "إن الكتب ضارة لأنها تعلمه أن يخوض بالكلام فيما لا يعرف ولن أترك بيد اميل إلا كتاب روبنسون كرزو لأنه صورة رجل عمل بمفرده على حفظ حياته فهو جدير أن يرتفع بإميل فوق مستوى المزاعم المنقولة عن الغير ويعلمه الحكم السليم الصائب على العلاقات بين الأشياء" ص163 ويذكر روسو مقولة عدم إكراه الفتى والفتاة على تعلم القراءة فيقول: "ولئن كنت أنادى بعدم إجبار الفتى على تعلم القراءة فمن باب أولى أنادى بعدم إكراه الفتاة على ذلك قبل أن تقتنع وتحس بما القراءة من نفع لديها "ص250 ومقولة التعلم بالاقتناع خاطئة لو نفذت فإن كثير من الأطفال سيكونون جهلاء بالقراءة لأن الطفل لا يدرك منفعته ومن ثم فعند فشل الإقناع فالواجب تعليمه بالإكراه وذكر أن كل البنات يتعبن فى تعلم القراءة فقال: "إن كل الفتيات تقريبا يجدن غضاضة وعناء فى تعلم القراءة والكتابة" ص248 وهو قول خاطىء ففتيات كثيرات لا يتعبن فى التعلم إن جاز قول كلمة التعب على القراءة لأن الجميع بالفعل يتعب فى التعلم والفتيات حاليا أكثر استجابة من الفتيان لتعلم القراءة والكتابة فى المدارس ووجهة النظر هنا سليمة فالتلميذ بحاجة للتعلم النظرى خاصة أن البيئة المحيطة به لا تشمل كل النباتات والحيوانات والجمادات وحتى أنواع البشر ومن ثم يجب تعليمه بعض المعلومات النظرية فمثلا كل المعادن لا تتواجد فى بلدته ومع هذا يجب تعريفه ألوانها وصفاتها لأنه قد يقابلها فى حياته العملية فى المستقبل وذكر روسو أن المراد من القراءة هو الفهم وليس الحفظ كما وضح أن على المعلم أن يجعل التلميذ يحل المسائل بمفرده ولا يتدخل المعلم إلا عند عجزه وهو قوله : "إن الطفل الذى يقرأ لا يفكر فهو يقرأ فحسب إنه لا يتعلم حقا بل هو يحفظ ألفاظا فحسب ص152 وذكر روسو أن تعلم اللغة عند البنات أحسن من البنين وينبغى أن يفرق المعلم فى تعليمه اللغة حسب عادة الرجال وعادة النساء وفى هذا قال: "والفتيات أسرع إلى تعلم الكلام من الفتيان واشد منهم طلاقة بل إن الفتيات قد يتهمن بالثرثرة وهذا طبيعى وأقرب إلى المزية منه إلى النقص فللفم والعينين وظيفة واحدة عند الفتاة ولئن كان الرجل يقول ما يعرفه فإن المرأة تقول ما يثير الاعجاب فالرجل بحاجة إلى المعرفة كى يتكلم أما المرأة فبحاجة إلى الذوق كى تتكلم " ص259 وذكر روسو أن الطفل يجب أن يتعلم الرسم من البيئة كما وضح أن دراسة الهندسة لابد أن تكون عملية بالقياس وليس دراسة كلامية كما هو المطبق منذ عهود طويلة ممثلى فى منطوق النظرية والبرهان الكلامى وهو قوله: "ويجب أن يتعلم اميل الرسم ولن اجعل معلمه فى هذا الفن سوى الطبيعة ولم يكن النموذج الذى ينقل عنه سوى موضوعاتها أما دراسة الهندسة فستكون عن طريق القياس الدقيق للأشياء والأشكال ثم عليه بعد ذلك أن يبحث عن العلاقات التى بينها لست أرى أن تتبع الطريقة المقلوبة فى تعليم الهندسة بعرض منطوق النظرية ثم البحث بعد ذلك عن إثباتها ومن المرغوب فيه أيضا تنمية الملاحظة أثناء اللعب عن طريق العين والأذن والأصوات لتقدير المسافات" ص144 وذكر روسو أن تعليم العلوم علوم الكائنات يكون من خلال تنبيه الطلاب للظواهر وجعله يفكر فيها بمفرده وفى هذا قال: "ويكفى أن نوجه أنظار التلميذ بعد اكتشافه لحركة الشمس الدائرية ولشكل الأرض الكروى كى يكتشف أن جميع الحركات الظاهرية للأجرام السماوية قائمة على هذا المبدأ بعينه ولما كانت الشمس تدور حول الأرض على شكل دائرة ص154 وذكر روسو أن تعليم الحساب للفتيات أغضل من القراءة من خلال التعلم بالحافز المادى وفى هذا قال : "أما تعلم الحساب فقد يكون ألزم للفتاة من تعلم القراءة والكتابة لحاجتها على ذلك الفن قبل تعلم القراءة والكتابة وإذا رفضنا أن نعطى الصغيرة الفاكهة إلا جزاء على عملية حسابية شفوية بسيطة فسرعان ما تتعلم الحساب واعرف فتاة صغيرة تعلمت الكتابة قبل القراءة وبدأت تكتب بخيوط الإبرة قبل أن تكتب بالقلم واستعملت أشكال الحروف فى التطريز" ص250 وذكر روسو أن شغل الإبرة يجب تدريسه للبنات فى الصغر فيقول: "أما أشغال الإبرة فإنهن يتعلمنها عن طيب خاطر دائما لأنهن منذ الطفولة يتخيلن أنفسهن كبيرات ولأن هذا الفن يساعدهن على إتقان التزين والأناقة" ص249 وذكر أن نتيجة تعلم أشغال الإبرة يستتبعها تعلم البنات الرسم: "وهذا التدرج الاختيارى التلقائى ينتهى بسهولة إلى فن الرسم فليس الرسم غريبا عن أناقة الملبس والزينة ولست أعنى الرسم من حيث هو فن شامل يحاكى الطبيعة بل أقصد أنواع الرسم المتصلة مباشرة بزينة الثياب والأناقة بحيث تستطيع الفتاة أن تنهض يوما بتصميم زينة ثيابها بنفسها إن لم تجد نموذجا تحت يدها "ص249 وذكر روسو أن تدريس الرقص والغناء والفنون أمر حتمى للفتيات حتى يسعدن أزواجهن به فى حياتهن الزوجية وأيضا الأطفال بقوله: "وأنا أعلم أن أهل التشدد من المربين لا يريدون منا ألا نعلم الفتيات غناء أو رقصا أو أى فن من الفنون الجميلة التى تساعد على الفتنة وإنى لأعجب لمن نعلم هذه الفنون إن لم نعلمها للفتيات أن علمها للفتيان إذن وأى الجنسين أحرى باكتساب هذه المواهب وتنميتها ؟ لعلهم يرون الا نعلم تلك الفنون لأحد إطلاقا فالأغانى غير الدينية فى نظرهم جريمة أما الرقص فبدعة من الشيطان ولا ينبغى فى رأيهم أن يكون للفتاة ما يلهيها أو يسليها اللهم إلا العمل والصلاة ويا لها من حياة بهيجة لابنة العاشرة"ص257 وذكر روسو وجوب رغبة الفتيات فى الفنون وهو قوله: "وعلى كل حال يجب ألا نفرض الدروس والمعلمين على الفتيات بل ندع الفتاة تطلب تلك الدروس عند شعورها باحتياجها إليها "ص258 وذكر روسو أن تدريس الدين للفتاة يكون قبل الفتى بقوله: "ولئن كان الأطفال الذكور بعيدين عن تكوين فكرة صائبة عن الدين فمن باب أولى تكون هذه الفكرة فوق مستوى عقول الفتيات ولهذا أوصى بمفاتحة الفتاة فى الدين قبل الفتى " ص260 والقول بتعليم الدين دون فهم من الفتيان والفتيات تناقض القول بالتعليم بالإقناع فى قوله: "وعلى كل حال يجب ألا نفرض الدروس والمعلمين على الفتيات بل ندع الفتاة تطلب تلك الدروس عند شعورها باحتياجها إليها "ص258 وذكر روسو أن تعليم الدين للصغيرات يكون دون تعليم نظرى وإنما يكون عن طريق القدوة بقوله: "فلكى نعلم الدين للفتيات الصغيرات يجب ألا نجعل الديانة موضوعا للضيق أو الكآبة أو واجبا ثقيلا مفروضا ولهذا لا تعلمونهن إطلاقا شيئا عن ظهر قلب حتى ولا الصلوات ويكفى أن تؤدوا صلواتكم أمامهن بانتظام من غير أن تجبروهن على الاشتراك فيها " ص262 وذكر أن الواجب تعليمه للفتيات هو الفضائل وليس الخلافات المذهبية وفى هذا قال: "ويجب تحاشى الموضوعات المذهبية الجافة والخفية التى لا تعنى إلا ألفاظا بغير مفهومات ولنوجه العناية الكبرى للتعليم الدينى للبنت على المبادىء الدينية المتصلة بالأخلاق عن قرب "ص269 وذكر روسو أن طريقة تعليم الفضائل تكون بطريقة الأمر والنهى المباشرين وفى هذا قال: " وليس معنى تعليمها مبادىء الأخلاق أن يكون ذلك بطريق آراء مجردة وصيغ علمية فالحقائق المجردة ليست مما يوافق طبيعة المرأة بل ينبغى أن تكون جميع دراسات المرأة متصلة بالعمل مباشرة" ص272 وذكر روسو وجوب أن يعلم تلميذه مهنة يتعيش منها لأن كل أفراد المجتمع لابد ان يعملوا فى مهنة لأن العاطلين هم مجرد قطاع طرق وهو قوله: "إن من يأكل خبز البطالة الذى لم يكسبه بعمله يسرق ذلك الخبز والثرى الذى يتقاضى من المجتمع ما يعفيه من كل عمل لا يختلف فى نظرى إطلاقا عن قاطع الطريق الذى يعيش على حساب السابلة ص168 وروسو يفضل العمل اليدوى على غيره لتلميذه وهو قوله: "فالعمل إذن واجب لا مناص منه للشخص الاجتماعى وكل مواطن من أهل البطالة غنيا كان أو فقيرا وقويا كان أو ضعيفا فهو لص والعمل اليدوى هو أقرب الأعمال البشرية إلى حالة الطبيعة وخير طبقة من حيث الاستقلال عن عوادى الزمن هى طبقة الصناع فالصانع غير مرتبط إلا بعمله فهو حر فى حين نجد الزارع عبدا "ص169 زواج الطالب: استعرض روسو فى هذا الجزء ما يجب تعليمه للشاب كى يتزوج من خلال قص حكاية إميل وخطبته لصوفى حيث ذكر روسو أن الطالب نتيجة نموه الجسدى وبلوغه لابد أن يستفهم عن الجنس ومن ثم على المعلم أن يعلمه بما يريد بعد أن كان يمنه عنه معلومات الجنس عنه لأنه من الأحسن أن يتعلمها من المدرس بدلا من أن يتعلمها من الأصدقاء أو البشر السوء وهو قوله: "تذكر أن طريقة قيادة شخص بالغ تناقض تماما كل ما فعلته فى قيادته وهو طفل فلا تتردد إطلاقا فى إطلاعه على تلك الأسرار الخطيرة التى طالما اجتهدت فى اخفائها عنه فما دام من الواجب أن يعرفها فلا ينبغى أن يعرفها من أحد سواك ولا من نفسه بل منك أنت وما دام قد تعين عليه أن يقاتل فمن الخير أن تجنبه المفاجآت السيئة وأن تعرفه بحقيقة عدوه إن العادة جرت بأن يعرف الشبان هذه الحقائق الحيوية من أصحابهم لا من أساتذتهم ومؤدبيهم "ص221 ثم ذكر روسو أن الطفل قبل البلوغ الجنسى قد يستفهم عن الجنس قبل البلوغ وعند هذا يجب اسكاتهم إلا فى حالات الإلحاح الدائم فعنده يجل تعليمهم به فى حالة من الجد وليس الضحك وهو قوله "من المستحسن أن نؤخر ما استطعنا فضولهم فى هذا الخصوص وإذا وجهوا إلينا أسئلة فمن المستحسن أن نلزمهم الصمت خيرا من أن نكذب عليهم أما إذا قررنا تنوير الأطفال فى هذه المسائل فليكن كلامنا معهم مصطبغا بطابع الجد ولا ينبغى إطلاقا أن نتخذ سذاجتهم فيها وجهلهم بها موضوعا للمزاح فإن المزاح فى هذه الأمور يمهد للتهتك والإباحية فيما بعد" ص178 ثم ذكر روسو أن عليه كمعلم أن يفتح قلب طالبه على وجوب اختيار فتاة للزواج تماثله فى صفاته حتى يبعده عن الزنى من خلال المواعظ الطيبة وهو قوله: "إن قلبك أيها الشاب بحاجة إلى رفيقة فهيا بنا ننشد تلك التى تلائمك وربما لم يكن العثور عليها سهلا فالفضيلة الحقة نادرة دائما فلنبحث بأناة ولابد أن نعثر على ضالتنا فى النهاية أو على الأقل على أقرب فتاة إليها شبها وأظن هذا كافيا لفتح قلب الفتى لحياة المجتمع وسوف يكون من السهل لإقناعه بحسن السلوك والابتعاد عن الفسوق لا بالوعظ السقيم والارشاد العقيم بل بالمناقشة العقلية فما من شاب يرضى أن تكون أمه أو أخته هدفا للفسق الذى يريد أن يقترفه مع نساء آخرين"ص224 وذكر روسو أن حبس الفتيات غير المتزوجات فى المنازل خطأ وأن الواجب هو أن حبس المتزوجات فتذهب الفتيات للحفلات من أجل السرور وهو قوله : " إن العادة فى فرنسا أن تعيش الفتيات فى الديور وان تنطلق النساء المتزوجات فى عرض الدنيا وطولها أما الأقدمون فكان الأمر لديهم على العكس بل كانت الفتيات يتمتعن بحفلات عامة مرحة كثيرة العدد والنساء يعشن منطويات فى البيوت وهذا النظام أقرب للعقل وأحفظ للأخلاق ص273 وإن كان روسو يريد الذهاب للحدائق وحفلات الزواج وما شابه ذلك فهو أمر نافع للفتيات وذكر روسو أنه سيعلم فتاه صفات الفتاة التى يجب أن يتزوجها وأفضلها الحياء والاحتشام وهو قوله: "إنها ذات حياء فى ملبسها وهى متبرجة فى الوقت عينه فلئن كانت لا تبدى مفاتنها بمعنى أنها لا تكشف عنها بل تغطيها وتسترها إلا أنها تسترها بصورة تساعد المخيلة على إبداع تصورها فحينما يراها المرء يقول هذه فتاة حيية رزان "ص277 وذكر روسو الأطعمة التى تأكلها خطيبة إميل وهى صوفى وأنها قادرة عن الاستغناء عن الغنى فى أى وقت وفى هذا قال: "وصوفى تأكل مستخرجات الألبان وتحب المسكرات ولكنها لا تقبل كثيرا على أكل اللحوم ولم تذق فى حياتها كلها طعم النبيذ أو الخمور وما تأكل منه تأكل باعتدال والحقيقة أن جنسها أقل حاجة من جنسنا على تجديد قواه لأن جنس النساء اقل إهدارا لقوته منا وهى فى كل شىء ذات ذوق واعتدال وتعرف كيف تستغنى عن أى شىء تحت ضغط الظروف منن غير أن تجد فى ذلك عناء ص280 وذكر روسو أن الفتاة تقدر أن تجمل دارها بأقل الأمور إن هى درست الفنون الجميلة بقوله: "وبمراقبة اميل وتقليده استطاعت صوفى أن تتقدم فى فن الرسم محتذية به وكذلك تقدمت فى جميع الفنون الأخرى وتذكر والداها يسارهما القديم عندما وجدا الفنون الجميلة تحيط بهما روائعهما وجمل الحب دارهما فالحب وحده يستطيع ان يجمل من غير نفقات ولا عناء ما لا تستطيع الثروة الطائلة بكل متاعبها" ص303 وذكر روسو أن على أبوى الفتاة تعريفها واجباتها فى سنها تلك بقوله: "ونظرا لنضوج تفكيرها الذى يجعلها فى حكم ابنة العشرين مع أنها فى الخامسة عشر فلا يمكن ان تعتبر طفلة حتى فى نظر والديها ولذا بصراها بواجبات الشباب التى ينبغى أن تدركها الفتاة فى مثل مرحلتها من العمر وغنى أعتقد أنهما قالا لها شيئا من هذا القبيل" ص283 وذكر روسو أن الفتى يجب عليه أن يتزوج فتاة من نفس طبقته أو أقل منها وليس أكبر منها وفى هذا قال: "إنى أكرر ما قلته مرارا من أن الرجل لا يليق به أن يتزوج من طبقة أعلى منه بل يحسن أن يختار من هم دونه قليلا أو على شاكلته ومن المهم جدا مراعاة الكفاءة من حيث الثقافة والعقلية فإن المرأة الجاهلة السقيمة الفكر لا تصلح أن تكون مربية لأطفالها ولا شريكة لزوج ذى عقل وفطنة ولكن لا أحبذ أن تكون المرأة من صاحبات النبوغ "ص285 وهو كلام يتنافى مع الاخوة والمساواة بين البشر وإن كان يتعامل مع الواقع المرير الذى يوجد فى كل المجتمعات وذكر روسو أن مجتمع البشر يختلف عن مجتمع الحيوانات التى يشيع فيها كثرة الزوجات بينما البشر يشيع فيهم الزوجة الواحدة وفى هذا قال : "إن جميع الملاحظات فى مملكة الحيوانات تدل على ثورات الغيرة الجامحة لدى الذكور على الإناث أما لدى الإنسان فليس الأمر كذلك فما دام الزواج قائما على أساس الوحدانية لا تعدد الزوجات " ص307 وذكر أن الواجب هو كون أخلاقيات المرأة أحسن لأن النساء لا يفكرن دوما ويجب أن يكون التفكير فى القوانين العامة وفى نظام العالم وفى هذا قال : "والتفكير ليس غريبا على النساء ولكن لا ينبغى لهن عدم التعمق فى العلوم العقلية فها هى صوفى تدرك كل شىء ولكنها لا تعى فى ذاكرتها شيئا كثيرا وأعظم ما تحرزه تقدم فى الأخلاق والأمور المتصلة بالذوق أما الطبيعة فلا تحفظ منها إلا فكرة يسيرة عن القوانين العامة وعن نظام العالم وأحيانا أثناء نزهاتها كان يتأملان أعاجيب الطبيعة فيتجه قلباهما البريئان نحو الخالق" ص304 وطالب روسو طالبه أن يتمسك بالدين وأن يتوب للدين كلما أذنب وفى هذا قال : "وارتد إلى دين آبائك واخلص له ولا تنحرف عنه فلباب الأديان جميعها واحد ودين آبائك أحفل الأديان بالخلق الطاهر وأقربها للعقل أما نفقات السفر فسأدبرها لك ولا تخجل من العودة إلى أهلك "ص217 والكلام عن وحدة لب الأديان خطأ وإلا ما حدثت الحروب والصراعات والجدالات المعروفة وذكر روسو اختلاف الذكر والأنثى فى البنية النفسية والجسدية بوجب اختلاف أعمالهم وفى هذا قال : "إنهما من حيث الجانب المشترك بينهما متساويان أما من حيث جانب التباين فلا وجه للمقارنة بينهما وحين يجتمع الجنسان يسهم كل منهما فى الأمور العامة ولكن ليس بنفس الأسلوب ومن هذا التباين يتولد أول اختلاف فى الصلات الخلقية فيما بينهما فأحد الجنسين ينبغى أن يكون ايجابيا قويا والآخر يجب أن يكون سلبيا ضعيفا ولذا يجب ان يكون أحدهما مريدا قادرا فعالا فى حين يكفى أن يبدى الجنس الأخر مقاومة يسيرة "ص235 وذكر روسو أنه لابد من وجود رئاسة للأسرة هى رئاسة الرجل للمرأة وفى هذا قال : "ولئن كانت المرأة مجعولة كى تروق للرجل وكى تخضع له فيجب أن تسعى للفوز برضاه بدلا من أن تتحداه فعنفوانها الخاص بها قائم فى مفاتنها وبتلك المفاتن يجب أن ترغمه على شحذ قوته واستخدامها وخير وسيلة لايقاد جذوة تلك القوة هى استثارتها بالمقاومة فعندئذ تتحد الكرامة مع الرغبة ويكون انتصار إحداهما نصرا مؤزرا للأخرى "ص236 وذكر روسو إن حسن تكوين الأطفال أساسه حسن تكوين الأمهات وفى هذا قال: "إن تكوين الأطفال يتوقف على حسن تكوين الأمهات فعناية النساء هى الأساس الذى تقوم عليه التربية الأولى للرجال وعلى النساء كذلك تتوقف أخلاق الرجال وعواطفهم وأذواقهم وطباعهم ومسراتهم ولذاتهم بل وسعادتهم نفسها ولهذا يجب أن تكون تربية النساء برمتها مرتبطة بالرجال "ص244 | |
|