خواطر حول بحث حالة الوعي المغايرة ASC
الكاتب هو كمال غزال وموضوع المقال الوعى المتبدل أو المغاير وقد ابتدأ البحث بتعريف الوعى المغاير حيث قال :
"إن حالة الوعي المغايرة Altered State Of Conscious أو ما يرمز لها اختصاراً بـ ASC هي حالة ذهنية يفقد معها المرء الإحساس بهويته سواء أكانت هويته الجسدية أو إدراكه الحسي الطبيعي حيث يمكن للشخص أن يدخل هذه الحالة من خلال تعطيل الإحساس أو الإفراط منه أو قد ينجم عن خلل في التوازن الكيماوي العصبي، حدوث الحمى، أو الصدمة النفسية. كما يمكن للشخص أن يصل لحالة الوعي المغايرة من خلال الاستغراق في ترديد الكلمات أو الأناشيد أو ممارسة التأمل أو الدخول في حالة نشوة أو تعاطي مواد مخدرة أو مؤثرة على الإدراك."
الوعى المغاير هى تعبير غامض فالمفترض هنا هو أنه غياب العقل أو الوعى لأن الفرد الغائب عقله لا يعرف ما يقول أو ما يفعل كما قال سبحانه :
"لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون"
فهنا الوعى غائب لأن الوعى يتطلب العلم بالشىء وتلك الحالة ليس فيها علم
وتناول الكاتب تكذيب العلماء للحالة بينما القلة تؤمن بهذا حيث قال :
"وغالباً ما يشكك معظم العلماء في الشهادات التي يصرح بها الصوفيون والمتأملون الذين يزعمون بأن دخولهم لحالة مغايرة للوعي يجلب لهم التنوير أو الإرتقاء، لكن باحثين آخرين وبالتحديد من يبحثون في الباراسيكولوجي (ما وراء النفس) يصرون على أهمية اعتراف العلم التقليدي بقيمة دراسة حالات الوعي المغايرة وبأن عليهم مواجهة حقيقة أن ما يعلمونه عن المفهوم الأساسي للوعي هو ليس كل شيء."
والمؤمنون بالوعى المغاير يطلبون من المكذبين به التخلى عن الوعى المعروف وهو ما ذكره الكاتب حيث قال :
"ويرى معظم الباحثين في الباراسيكولوجي أن على العلم أن يتخلى فكرة مفادها أن:" حالة اليقظة والوعي العقلاني هما الشكلان الوحيدان لأي دراسة ذات قيمة أما باقي الحالات الأخرى هي مجرد أشكال مرضية "
وتناول الكاتب الدراسات التى أجراها المؤمنون بالوعى المغاير حيث قسموا الوعى لست أنواع حيث قال نقلا عنهم:
"حتى أن الباحثين الذي درسوا مفهوم الوعي البشري يشيرون إلى أن المرء يمكن أن يمر بحالات متعددة من الوعي المغاير وذلك خلال يوم واحد، والبعض يقوم بتنظير ذلك على أن هناك 6 حالات من " الوعي اللاإنعكاسي " تتميز بغياب الوعي الذاتي ونذكرها كما يلي:
حالات الوعي اللا إنعكاسي1:
- أحاسيس جسدية، تسببها الوظائف الجسمية وتتميز بإدراك "لا إنعكاسي" في الأعضاء والأنسجة للجهاز الهضمي والغدد والجهاز التنفسي وأجهزة أخرى. وهذا الإدراك لا يصبح وعياً ذاتياً إلا بعد تنبيه ناجم عن الألم أو الجوع مثلاً مما يزيد من قوة تلك الأحاسيس الجسدية."
تلك الحالة لا تزيد عن كونها مرض ناتج من خلل فى الجسد وقالوا أيضا:
2 - الذكريات المخبأة، التي لا تتحول إلى وعي ذاتي إلا بعد أن يعيد المرء تفعيلها."
بالطبع الذكريات الخفية دوما تتعلق إما بذنوب ارتكبها الإنسان وإما بحادثة مؤلمة كالاغتصاب أو الضرب من قريب أو حبيب أو حتى غريب ومن رحمة الله أنه ينسى الإنسان الحوادث المؤلمة فى الغالب ولكنه لا ينسيه ذنوبه حتى يتوب منها
وقالوا أيضا:
3 - الغيبوبة، التي يتسبب بها المرض أو نوبات الصرع أو الإصابات المادية في الدماغ وتتميز بوعي "لا انعكاسي" يستمر ليشمل البنية العضوية بأكملها"
والغيبوبة هى نتاج أمراض متعددة والإنسان لا يعى الألم الناتج عنها ولا يعى نفسه حتى يفوق
وقالوا أيضا :
4 - خدر /إنشداه، ناجم عن هوس أو اختلال ذهاني أو تناول مفرط للمشروبات الكحولية ويتميز بنقص كبير في القدرة على إدراك الاحاسيس القادمة."
وهذه ما قاله الله عن السكر
وقالوا أيضا :
5 - النوم خارج مرحلة حركة العين السريعة Non-REM ، ويحدث خلال جزء طبيعي من دورة النوم في الليل أو أثناء غفوات النهار ويتميز بكمية منخفضة من النشاط الذهني والتي يمكن إسترجاعها أحياناً بعد الاستيقاظ.
6 - النوم خلال مرحلة حركة العين السريعة REM Sleep ، وهي جزء طبيعي من دورة النوم في الليل وتتميز بنشاط ذهني يعرف باسم " الأحلام "."
والنوم بالطبع هو انفصال النفس عن الجسد لتنام فى مكان خارج الجسد
وتناول الكاتب ما أسماه حالات الوعى الانعكاسى حيث قال :
"حالات الوعي الانعكاسي (الذاتي)
1 - الوعي الناشط: وهي حالة وعي يقظة يومية وتتميز بالتنبه، المنطق والعقلانية، والتفكير بالسبب والنتيجة، وتوجيه الأهداف، في هذا المستوى من الوعي يشعر المرء بأنه متحكم بنفسه ولديه القدرة على التحرك بإرادته انطلاقاً من نشاط إدراكه الحسي الخاص وباتجاه تفكيره الخيالي، إلى طريقته في تكوين الفكرة، وإلى نشاطه الحركي.
2 - الوعي السباتي (المتكاسل)، ويتميز بخمول في النشاط الذهني ناجم عن إجهاد أو حرمان من النوم، مشاعر بالاكتئاب أو بسبب أدوية معينة.
3 - الوعي الزائد (المتنبه)، يحدث عند لحظات الحذر شديد، مثل مهمة حراسة أو مراقبة طفل مريض أو قد تسببه بعض الأدوية مثل أمفيتامين amphetamines"
وتلك الحالات هى حالة اليقظة والوعى فيها يختلف فى مداه فهناك وهى كبير وهناك وعى متوسط وهناك وهى قليل والوعى الزائد هو ليس وعيا بالمعنى المعروف وإنما هو يقظة دون إرادة الإنسان وغالبا ما تؤثر حالة الجسم على الوعى
وتناول حالات الوعى المغاير حيث قال :
"الحالات المغايرة للوعي
يمكن اعتبار مستويات أو أنماط من الوعي (على اختلاف درجاته) "حالة مغايرة" وذلك عندما تتضمن ما يلي:
1 - الوعي المنتشي، يتميز بأحاسيس قوية ومشاعر متأججة وهو ينجم عن الإثارة الجنسية أو اتقاد الحماسة الدينية أو بسبب تناول أدوية معينة.
2 - الوعي الهستيري، وناجم عن الغضب العارم، الغرور، الخوف، القلق العصبي، سلوك الغوغاء العنيف أو بسبب أدوية معينة، وعلى عكس "الوعي المنتشي" الذي يكون ساراً وإيجابياً يكون "الوعي الهستيري" مدمراً وسلبياً.
3 - الوعي المجزء، يحدد من خلال النقص في تكامل أجزاء الشخصية، وغالباً عن ينتج عنه هوس، اضطراب عصبي، فقدان الذاكرة أو شخصيات متعددة أو انفصام بها، ومثل هذه الحالة من الوعي تنجم عن إجهاد نفسي يدوم لفترة من الزمن. ويمكن كذلك أن يحدث مؤقتاً بسبب حادثة أو تعاطي مواد مؤثر على العقل كالمخدرات.
4 - الوعي المسترخي، ويتميز بانخفاض في النشاط الذهني والسلبية ونقص في النشاط الحركي، وهذه الحالة يمكن أن تحدث بسبب نقص في التنبيهات الخارجية مثل الاستحمام تحت أشعة الشمس، أو الطفو على الماء أو بسبب أدوية معينة.
5 - أحلام اليقظة، ناجمة عن الضجر والعزل الاجتماعي أو حرمان حسي.
6 - وعي الغشية، ينجم عن استغراق لمنبه وحيد مثل صوت المنوم الإيحائي، صوت دقات القلب، ترديد كلمات، أدوية معينة أو الغشية الناجمة عن الطقوس أو الرقص البدائي. وتتميز حالة الغشية بتركيز محوري على منبه محدد مع إهمال أي شيء آخر.
7 - الوعي الموسع: وهو يتألف من 4 مستويات وهي:
أ - المستوى الشعوري: يتميز بتقارير ذاتية عن المكان والزمان وصورة الجسد وعن تغيرات في الانطباعات.
ب- المستوى التحليلي الجماعي: يستدعي ذكريات من ماضي حياة المرء ويزوده ببصيرة تطال الذات والعمل والعلاقات الشخصية.
ج- المستوى الرمزي: يتميز ببصيرة جلية للرموز الدينية والتاريخية والأسطورية.
د - المستوى المتكامل: وفيه يخضع المرء لتجارب قوية في التنوير الديني وفي تحليل ذاته يواجه فيها الله أو كائن رباني آخر.
قد ينجم كل مستوى من المستويات المذكورة أعلاه عن أدوية لمعالجة الاختلال الذهني أو التنويم الإيحائي أو التأمل أو الصلاة أو خلال جلسات التحليل النفسي، وربما تحققت نقاط التحول الكبيرة في تاريخ البشرية على مر العصور سواء على الصعيد المادي أو الروحي انطلاقاً من هذه المناطق الغير مدروسة والمجهولة من الدماغ."
والحالات السابقة كلها ليست وعيا إلا فى حالة أحلام اليقظة ووعى الغشية لأن الإنسان فيها عارف بما يحدث له أو يحدثه هو وأما البقية فهى جهل بما يجرى للمرء وبما يحدث منه فهو غائب عن العقل
الوعى يتطلب معرفة الإنسان يما يحدث منه أو يجرى له ولذا لا تتم معاقبة من يرتكب جريمة فى أثناء فقدان الوعى كعقاب الواعى المتعمد
وتناول الكاتب أسباب تكذيب الناس للوعى المغاير حيث قال :
"هناك أسباب متعددة وراء بقاء نظرة التشكك لدى غالبية الباحثين العلميين حول حقيقة مستويات الوعي المغايرة مثل سوء استخدام التنويم الإيحائي من قبل هواة أو جهل من قبل الأخصائيين (بمن فيه الجمهور) بالعمليات الإبداعية أو عائد إلى النتائج الكارثية عن استخدام حمض الليسرجيك ايثيلاميد LSD ( له مؤثرات نفسية مثل تفكير مغاير أو إحساس مغاير بالزمن وبالتجارب الروحانية) ومواد مخدرة أخرى مؤثرة على الإدراك، وغالباً ما تصبح أوصاف الإلهام الصوفي مبهرجة على لسان العرافين المتنبئين وطرقهم الصوفية حيث يترجمون تجارب حالات الغشية لديهم إلى لغة ذات توجه علمي في المجتمع.
وكثيراً ما ربط عباقرة الإبداع في الإلهام أوالوحي الذي أتاهم بـ " الجنون "، وحدث أن قارن الموسيقار بيتر إيليش تشايكوفسكي (1840 - 1893) سلوكه خلال فترات إبداعه مع "رجل مجنون". ومثل تلك المقارنات مؤسفة ولسوء الحظ لا يوجد لدى ثقافتنا في العصر الحالي إلا نماذج يسيرة العدد ولا تربط بين الإبداع والجنون. وقد كتب (ويليام جيمس) (1842 - 1910) وهو رائد كبير في دراسة الوعي: " نجد في تنوع الخبرات الدينية أمر نطلق عليه "الوعي المستيقظ" وهي ليس إلا نوعاً خاص من الوعي وفيه نماذج كامنة من الوعي المختلف كلياً وقد يعيش معظم الناس حياتهم من دون أن يشتبهوا بوجودها ... ولكن عند تطبيق الحوافز اللازمة وبلمسة واحدة يكونون رهن إشارتها بكليتهم مرة واحدة .. لكن هذه النماذج من الوعي مهملة"."
وتابع الكاتب ذكر رأى المكذبين للوعى المغاير حيث قال :
"رأي المتشككين
ما زال الباحثون النفسيون مستمرون بإطلاق وصف "تضليل" و"إنخداع/وهم" على كافة مزاعم "الوحي" و "التسامي" التي تحدث خلال حالة الوعي المغايرة، وآخرون منهم يرغبون بتقصي الحقائق عن مستويات متنوعة من الوعي ولهذا يطالبون بمزيد من البحوث لتعلم مدلول كل حالة على الكائن البشري، ويعتقد العديد من الباحثين في الباراسيكولوجي بأن البحث المستمر في حالات الوعي المغايرة قد يكشف عن أهم اكتشافات البشرية في تاريخها، وعندئذ ستكون أعلى قمة في النشوة وأعظم لحظات الإلهام في التفكير الخيالي وفي الاحلام والتي يهملها حالياً كلاً من الأخصائيين والجمهور حول العالم."
بالطبع أمل علماء ما وراء النفس هو أمل خائب لأنه لا يمكن لأحد دراسة شىء متعلق بنفس أخر لأنه لا يحضرها بنفسه ولا يراها ولا يسمعها فالحالة تحدث لأخر فكيف أعلم أنا الأخر بها ؟
الوحيد الذى يعلم هو الله كما قال سبحانه :
" ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد"
وقد عبر المسيح(ص)عن تلك الحالة بأنه لا يعلم ما فى نفس الله وهو الأخر ولكن الله يعلم ما فى نفسه حيث قال :
" تعلم ما فى نفسى ولا أعلم ما فى نفسك"