إضاءات حول أسطورة جنية العقبة
الكاتب هو كمال غزال وموضوع المقال حكاية خرافية عن جنية سكنت منطقة فى عدن حيث قال :
"كان يوجد في عدن عاصمة الجنوب اليمني والتي كانت تعرف قديماً باسم كريتر مكان اشتهر بصلته بأسطورة عن جنية وذلك قبل عام 1850، كان المكان عبارة عن أرض ترابية وخلاء تربط عدن بمدينة المعلا وتسمى العقبة أو باب عدن وقيل أن الجنية كانت تظهر في هذا المكان وفي زمن لم يكن يضيء في ظلمة الليل سوى القمر والفوانيس.
وفي الستينيات من القرن الماضي انتشرت قصة " جنية العقبة " لتصبح رعباً في حياة السكان، حيث قالوا إنها امرأة جميلة جداً تسير في طريق العقبة في ساعة متأخرة من الليل، وقيل إن جمالها طاغياً مع أن لها سيقان حمار!، وكانت كل سيارة تمر بالعقبة ليلاً يشعر ركابها بالرعب، وبعضهم يجذبه الفضول ليخرج رأسه من نافذة السيارة لعله يراها، والبعض روى أنه شاهدها أو لمحها، والأكثر جرأة منهم يقول إنها لوحت له بيدها و يقسم اليمين على ذلك وقيل أيضاً أن أحدهم أخذها بسيارته وإنها أحبته وطلبت منه الرحيل معها إلى بيت أهلها في مدينة الجن الواقعة أسفل بحر "حقات"."
وبالطبع الكلام تخريف فلا يمكن ظهور أحد من الجن للبشر لأن هذا كان آية أى معجزة خاصة بسليمان(ص) حيث طلب ألا تعطى تلك المعجزات لأحد بعده حيث قال :
"ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات"
والدعاء المانع لظهورهم هو قوله :
" رب هب لى ملكا لا ينبغى لأحد من بعدى إنك أنت الوهاب"
وتناول الكاتب حكاية يبدو أنها سبب انتشار الأسطورة حيث قال :
"هناك قصة واقعية ربما كان لها شأن في إنتشار الأسطورة:
في عام 1962 وعندما كانت عدن مستعمرة بريطانية قرر الجنرال (وليشاير كمشنر) مسؤول الشرطة إلحاق أول مجموعة من الضباط الخريجين من الثانوية إلى قوة بوليس عدن البريطاني، كانت المجموعة تتكون من الملازم ثاني: محمد حسين باحبيب، نديم عبد الستار، عيديد أحمد شميله، عبد الله سالم الخضر، سعيد عذب، اسامه علي قاسم.
وصل الضباط إلى معسكر البوليس المسلح حيث تقع مدرسة تدريب للضباط وبجانب المدرسة كانت توجد فيلا مكونة من طابقين ومبنية على الطراز الهندي القديم، كانت من أكبر الفلل في المعسكر وفيها حديقة صغيرة. في الطابق الأرضي سكن بعض ضباط الصحف المرشحين لدورة الضباط، بينما سكن الضابط الذين ذكرت أسمائهم الطابق الأعلى ومن ضمنهم مؤرخ تاريخي من أبناء عدن يسرد قائلاً:
" كنت ضابطاً أبلغ من العمر 18 سنة، وفي يوم الأحد كان الجميع يذهب في عطلة فتبقى الفيلا فارغة إلا من الطباخ وهو شخصية ظريفة اسمه عبده وبرفقته ضابط نوبة، في تلك الليلة صادف أنني كنت ضابط النوبة، كنت جالساً في مكتب القائد أقرأ والساعة تشير إلى ما بعد منتصف الليل وجاء الطباخ يحمل فراشه وهو ينتفض من الخوف والرعب، وقال لي أنه سمع شيء ما في المطبخ أشعل النور وفتح صنبور الماء!، لم أكن أؤمن بتلك الخرافات وذهبت معه إلى الفيلا ودخلت المطبخ ولكن مما أثار إنتباهي بشدة أنني وجدت المواعين مبعثرة وكان النظام العسكري الصارم جدآ وعلى المطبخ أن يكون مرتبآ بدقة.
في كل ليلة كنت مناوبتي فيها أرى المواعين مبعثرة وأتساءل عن من قام بذلك وهذا الذي لم أستطع فهمه طوال السنيين حين أتذكر هذه القصة أمرت الطباخ النوم في عنبر الجنود وفي الصباح استدعيت العريف العبار مدرب العسكر، سألته في هذا الأمر الغريب، ضحك وقال لي هذه قصة غريبة عن الفيلا.
قال لي العريف العبار أنه قبل 12 سنة كان يسكن في هذه الفيلا ضابط هندي يعمل في البوليس المسلح، كانت له زوجة شابة جميلة جدآ، وفي أحد الليالي وهو ينظف مسدسه انطلقت رصاصة بالخطأ واستقرت في صدر زوجته الجميلة فماتت في الحال فصدُم هذا الضابط صدمة شديدة ولم يستطع حتى العمل بعد ذلك الحادث الأليم فغادر عدن دون رجعة، بعده أُعطيت الفيلا لعدد من ضباط عرب وإنجليز في البوليس المسلح، كان الجميع يهرب من الفيلا في رعب من شبح تلك الزوجة الهندية الجميلة التي تظهر وتسير في الفيلا ليلا، وقد اضطر قائد البوليس المسلح في عدن آنذاك اللفتنانت كولونيل شيبرد أن يغلق الفيلا لتبقى مهجورة وعلى الرغم من فخامتها لم يسكنها أي ضابط عربي أو بريطاني.
وفي عام 1962 قرروا إعطائها لنا عند حضورنا الدورة التدريبية للضباط كان فكرتهم مستندة إلى إننا مجموعة والفيلا ستكون دوما مكتظة بالسكان مما لا يسمح لشبح تلك السيدة الهندية بالظهور، كانت روحها تهيم في نفس المكان التي ماتت فيه، وحلفني العريف العبار أن لا أخبر أحد في هذه القصة في ذلك الوقت حتى لا تحدث بلبلة.
استدعيت الطباخ في الصباح وطلبت منه عدم ذكر القصة مطلقا وأمرته في العطلة حين تكون الفيلا فارغة عليه أن ينام في عنبر الجنود مع الجنود، وكانت هذه الفيلا من أحسن الفلل في معسكر البوليس المسلح في عدن "."
الحكاية كلها إما أوهام وإما كذب مخترع فلا وجود لعفاريت قتلى فلا أحد يموت يرجع للحياة ليلا أو غيره هذا كما قال سبحانه :
"وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون"
وتناول الكاتب باب عدن حيث قال :
"نبذة عن باب عدن
باب عَدَن أو العقبة هو أحد المنافذ البرية الذي يربط مدينة عدن (أو كريتر التاريخية) بمدينة المعلا من ناحية الغرب، وتقع العقبة في نهاية النفق الكبير (البغدة الكبيرة)، ويقع باب عَدَن أسفل جبل التعكر ويسمى باب الب، وأطلقت عليه تسميات أخرى أيضًا مثل باب اليمن وباب السقايين والباب، وقد وصفه المؤرخ الهمداني بقوله:
" شصر مقطوع في جبل "، وتعيد بعض المصادر التاريخية بناء باب عَدَن إلى شداد بن عاد حيث تم نقب باب في الجبل وجعل عَدَن سجنًا لمن غضب عليه. وقد قام الملك الناصر الرسولي، بتوسعة في باب عَدَن البري كما تفيد رواية كتاب تاريخ الدولة الرسولية، وذلك ما أطلق عليه اسم باب الزيادة الذي شيد في سنة 809 هـ بالقرب من باب عَدَن القديم، ويشير الأستاذ المؤرخ حسن صالح شهاب إلى أن باب الزيادة السالف ذكره هو باب العقبة، ويحتل باب عَدَن (العقبة) موقعًا استراتيجيًا هامًا، وقد كانت بوابته في السابق تفتح صباحًا وتغلق مساء وقد بنى عليه الإنجليز جسرًا في يناير 1867، وهدم ذلك الجسر فينا بعد في عام 1963 بهدف توسعة الطريق وتمت في البوابة خلال عهود الأتراك والإنجليز الكثير من التوسعات والترميم والتمهيد."
والكلام هنا غير مرتبط بموضوع المقال وقد تناول أماكن مشهورة بخرافات الجان حيث قال :
"أماكن اشتهرت بأساطير الجن
كان يطلق على الجن أو العفاريت في جنوب اليمن اسم "الطاهوش"، وهناك أماكن كان يقال أنها مسكونة بهم مثل زغطوط بالكسح وزغطوط الحكمية وزغطوط باجنيد (زغطوط تعني زقاق باللهجة المحكية) وجزيرة العبيد وقلعة صيرة وساحل فقم وبحر معجلين والعقبة وجلي أبوسبعة وسبعين.
وكان يطلق على البئر في منطقة الخساف باسم بئر باهوت، حيث قيل أن " باهوت " كان جني من جان الملك سليمان لكنه عصى الأمر وهرب إلى عدن، وأن اسمه الحقيقي هو برهوت، ولهذا تسمع الأجداد يقولون: " يا باهوت "
وكل هذه الخرافات لا أصل فالجن لا يظهرون حسب نصوص القرآن للبشر