مراجعة لفتوى تذكير الكرام بحكم الإضراب عن الطعام
الكاتب هو أبو اسامة المغربى وقد ابتدأ بالكلام عن اظهر الدين وتقسيم العلم لنوعين حيث قال :
"إن الله عز وجل قد أرسل نبيه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون، ولا يشك عاقل أن الإسلام قد أحاط بشؤون الحياة كلها الدنيوية والشرعية، فالعلم علمان علم: دنيوي وعلم أخروي ومن وجه آخر أن العلم علمان: علم في الخلق موجود وعلم في الخلق مفقود, فإنكار العلم الموجود كفر. ولا يستقيم إيمان العبد إلا بإثبات العلم الموجود وترك طلب العلم المفقود ومن هذه العلوم الفقه في الدين كما قال تعالى: " وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقه منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا لعلهم يحذرون" "
والغلط ألأول هو تقسيم العلم لدنيوى وأخروى فالعلم بالنسبة للإنسان واحد في الدنيا فهو يعلم في الدنيا من خلال الوحى ما في ألاخرة كما قال الله
وتناول انقسام العلم لمفقود وموجود وهو تقسيم بشرى فهو العلم بالوحى والعلم بالغيب وليبس المفقود والموجود
وتناول مأ سماه فقه النوازل وهى الأعمال التى لم تحدث في عصر النبى(ص) حيث قال :
"ومن الفقه الجهاد: ما يسمى عند العلماء بفقه النوازل، والنازلة هي الحدث الشرعي الذي لم يقع على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا عهد أصحابه كالبرلمان و كهيئة الأمم و غيرها من المنظمات الكفرية. فهذه نوازل قد حدد العلماء موقعها من الشرع ومن هذه النوازل كذلك ما يسمى بالامتناع عن الطعام أو الإضراب عن الطعام كما هو معروف وإن كان له أصل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لكنه بصورته هذه الجديدة أصبح نازلة على الأمة ولاسيما استعمال هذا الأمر من المسلم ومن غير المسلم على حد سواء، وبالأخص في صفوف المعتقلين السياسيين أو الإسلاميين كما حدث في سجون إسرائيل أخيرا، وسجن غوانتانامو الكوبي وهذا الحدث الأخير بالضبط كان لفت اهتمامي، حيث توفي بعض الإخوة بسبب الإضراب، فسمعت سلمان بن فهد العودة يترحم عليهم، وجعلهم شهداء وإن كان ليس على إطلاقه و إن كانوا أنهم أسرى حرب بخلاف حالنا نحن وكنت قد كتبت فيه كتابا لم أتممه تحت عنوان " فقه النوازل" وناقشت فيه مسألة الإضراب عن الطعام وغير ذلك من النوازل وإليك بعض الكلام حول الإضراب عن الطعام باختصار شديد."
وكلام الكاتب عن النوازل وهى الأمور المستحدثة لا علاقة له بما حدث في عصر النبى(ص)لأن العلاقة به إنما هى في الوحى المنزل والذى لم يترك موضوع من الممكن حوثه إلا وقال الله حكمه فيه كما قال سبحانه:
" ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
وتناول وجوب الحفاظ على النفس وغيرها حيث قال :
" إن الإسلام جاء لحفظ المال و النسل و العقل والدين والعرض وهذه تسمى عند الأصوليين بالحاجيات أو الضروريات، كما أشار إلى ذلك الإمام الشاطبي في الموافقات وهذا مذهب جمهور المتكلمين من أهل الأصول، وقد يمكن صرف هذه القاعدة حسب المصلحة والمفسدة الشرعية للعالم بها وبالأحكام الأصولية حسب النوازل، ومن ذلك أن الله عز وجل قد حرم قتل النفس وكل شيء يؤدي إلى ذلك سواء بالموت البطيء أو السريع كقوله تعالى :"
{ومن أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا و من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا} "
ورغم أنه حرم قتل الإنسان لنفسه بالاضراب عن الطعام في السجن لتحسين المعاملة أو لتحقيق طلب ما إلا أنه استثنى من ذلك حالة تحقيق مصلحة مستدلا برواية الملك والغلام والساحر حيث قال :
"فأصل هو تحريم قتل النفس، لكن قد يصرف هذا الأصل بقرينة شرعية إلى قتل النفس لتحقيق مصلحة شرعية كما في الحديث الذي رواه البخاري عن صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كان فيمن قبلكم ملك وله ساحر، فكِبر فقال للملك إني كبرت فابعث إلي غلاما أعلمه السحر فبعث إليه غلاما ... فقال للملك إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما أمرك به. فقال ? ما هو. قال ? أن تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع وتأخذ سهما من كنانتي و تضع السهم في كبد القوس وتقول باسم الله رب الغلام، فإنك إن فعلت ذلك قتلتني فجمع الملك الناس في صعيد واحد وصلبه على جذع وأخذ سهما من كنانته و وضع السهم في كبد القوس وقال باسم الله رب الغلام ثم رماه فوقع السهم صدره فوضع يده على صدره فمات فقال الناس آمنا بالله وكفرنا بدين الملك."
ورتب على الرواية التى لا تصح لمخالفتها كتاب الله في اعطاء المعجزات وهى ألايات لطفل كما يظنون بينما الآيات وهى المعجزات تعطى للرسل (ص) فقط كما قال سبحانه :
" وما كان لرسول أن يأتى بآية إلا بإذن الله"
وقد رتب كلاما بناء على الرواية ونقل كلام ابن تيمية حيث قال :
"فأنت ترى كيف أن هذا الغلام دل الملك على قتله. فهو قاتل نفسه لتحقيق مصلحة شرعية وهذا مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى في قاعدة الانغماس في العدو حيث يقول
"هذا جهاد في سبيل الله آمنت طائفة وهو لم يفتقد أي شيء إنه مات وسيموت آجلا أو عاجلا،"
وقد رأى ابن قدامة المقدسي في كتابه: "المغني" :
قتل النفس لحصول مقصد شرعي ولو ترتبت مفسدة بالقتل
وهذا مذهب شيخنا أبو عاصم المقدسي في كتابه "حسن الرفاقة في أجوبة أهل سواقة "
واستدل الكاتب بحديث ربط أبو لبابة نفسه في المسجد رضا النبى(ص) عنه حيث قال :
"و كذلك حديث أبي لبابة بن عبد المنذر لما قال ليهود خيبر وأشار عليهم بالذبح لما نقضوا العهد في غزوة الأحزاب فحاصرهم خمسا وعشرين يوما فالشاهد من هذه القصة أنه ربط نفسه إلى سارية في المسجد وقال لا أذوق طعاما ولا شرابا حتى يرضى عني رسول الله صلى عليه و سلم وقد بلغ به الجهد والجوع حتى خارت قواه وما استطاع القيام، فشق على الصحابة ذلك حتى نزلت توبته فبشروه بذلك، فقال ما أنا بفاعل حتى يفك رسول الله قيدي، ففك رسول الله قيده
قلت (أبو أسامة): والحديث فيه إقرار النبي صلى الله عليه وسلم على فعل أبي لبابة من امتناعه عن الطعام لتحقيق مصلحة شرعية وهو أن يرضى الله عنه ورسوله بعدما وقع في الخطأ من الوشاية إلى اليهود بفعل النبي صلى الله عليه و سلم كما هو معلوم عند الأصوليين أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ولو كان ما قام به أبو لبابة غير جائز لأنكر النبي الله صلى عليه و سلم عليه وما فك أسره, والأدلة كثيرة في ذلك."
وهذا الحدث لم يقع فالمسجد للصلاة وليس لهذا اللعب والله أظهر طريق التوبة وهو الاستغفار حيث قال :
ط ومن يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما"
فلم يقل الله أنه يتوب ويرضى عن العبد بربط نفسه في المسجد ممتنعا عن الطعام والإنسان يموت إذا قعد عشرة ايام دون اكل أو شرب كما أنه لابد أن يتأوه شاغلا المصلين أو يتبول أو يتبرز على نفسه ولو صدقنا هذا الهبل فمعناه أن الرجل لم يصلى طيلة الخمسة وعشرين يوما فهل تترك الصلاة وكيف يتقبل الله توبته وقد ترك طاعة لا زمة يومية ؟
واباح الكاتب الاضراب عن الطعام لتحقيق مصلحة مباحة حيث قال :
"لكننا نقول إن الامتناع عن الطعام لتحقيق مصلحة شرعية جائز بشرط أن لا يؤدي إلى عاهة مستديمة كالشلل أو موت بعض الأجزاء في الجسم أو الموت الكلي فإذا حصل هذا فهو حرام وهو من باب قتل النفس العمد كما هو مذهب ابن عثيمين فعلى المُضرب أن يكون طبيب نفسه متى أحس أنه يهلَك توقف وهذا يجوز إذا أفضى إلى تحقيق مصلحة شرعية كما تقدم من نحو الدفاع عن كرامة المسلم أو رد اعتبار أو تحقيق بعض المطالب التي تعود على المسلمين بالنفع"
والإضراب عن الطعام لا يجوز إلا إذا علم المضرب أنه نفع غيره سابقا وعليه إذا اشرف على الهلاك ان ينهى إضرابه فإنه لا يضر العدو وإنما يضر نفسه