خواطر حول مقال الحاجز الرابع في البحث العلمي
الكاتب هو محمد جلال القصاص وموضوع البحث هو معوقات البحث العلمى في مصر وقد تناول أهم المعوقات حيث قال :
"تقدم "البحث العلمي" نقطة ارتكاز في عملية التقدم، وذلك في كل العلوم: العلوم الاجتماعية، وفي العلوم الإنسانية، وفي العلوم الطبيعية.
وباستعراض الحوارات والكتابات المنتشرة حول مشاكل "البحث العلمي"، نجد أن عامتها بكاء على الطاقات البحثية المهدرة في الخارج والداخل، وعن ضعف الميزانية المخصصة لعملية البحث. وقل منهم من يشير إلى البعد الثاني ـ وهو أهم من البعد الأول [ضعف الميزانيات]ـ في تخلف البحث العلمي، وهو القرار السياسي، المنوط بإنشاء المؤسسات البحثية وتطوير الموجود منها، وتفعيل ما قد أنجز بالفعل من أبحاث. فغياب الإرادة السياسية غياب للعملية البحثية، مهما كانت الإمكانات المتاحة."
والمعوقات هى :
1- ضعف ميزانية البحث
2- القرار السياسى
3- طبيعة تكوين النفس المصرية والتى تبحث عن المال والوجاهة الاجتماعية وهو قوله حيث قال :
"وعند التدبر في العملية البحثية، وكيف أنها تخلفت في مصر، نجد أن ضعف الميزانية، وغياب الإرادة السياسية سببان رئيسيان ولكنهما إن حضرا أو غابا لا يكفيان لتعليل تخلف "البحث العلمي"، فثمة بعد ثالث لا يقل عنهما أهمية، وهو طبيعة تكوين العقلية المصرية ـ والعربيةـ التي تجبر على التخصص بدوافع مادية أو اجتماعية، ولا تتخصص فيما تريد غالبا، ولا تدرب حال الدراسة على البحث. فنحتاج بجوار الإرادة السياسية، والميزانية، إعادة تكوين العقلية العربية من جديد، نعدل في مناهج الدراسة لنخرج بها من حيز التلقين إلى التدريب على البحث وحل المشاكل. ومن حيز الدراسة النظرية إلى التطبيق العملي."
ولا وجود لعقل مصرى او نفوس مصرية فكل نفوس الناس في العالم واحدة ولكن التعود على التمرغ في الميرى هو عادة ينقلها الآباء والأمهات للأولاد فهم يبحثون عن المكانة والمنصب والوجاهة ولا يهمهم البحث العلمى حتى ولو كان يرغب في البحث
وتناول الكاتب تطور البحث العلمى حيث قال :
"كيف يتطور البحث العلمي؟!
النقلة النوعية التي حصلت في العلم التقني على يد المسلمين، والنقلة النوعية التي حدثت في العلم التقني الحديث بدأت كلها من البعد الرابع في عملية البحث العلمي، وهو محاولة التعرف على المتاح والإفادة منه، إن كان معطى، أو التعامل معه وتفكيكه إن كان مشكلة."
وتناول ان القرآن رسخ البحث العلمى من خلال اعادة النظر مرات متعددة في الشىء حيث قال :
"فترسيخ القرآن الكريم لمبدأ النظر (المشاهدة، أو الرصد)، والتدبر (التفكير والتحليل) بالحث على السير في الأرض والتدبر في مخلوقات الله، وآياته الكونية
وتناول ما حدث في الغرب حيث قال:
"خلص "البحث العلمي" من سفسطة الحضارات القديمة ونقل الناس للعلوم الحديثة، فظهرت الجغرافيا، وظهرت الكيمياء، والفيزياء، والجيولوجيا، والطب، والصيدلة.
وقدوم أمريكا من خلف البحار بعد الحرب العالمية الثانية تائهة لا تعرف كثيرا عن ما كانت تحتله بريطانيا وفرنسا من دول الشرق، أوجد النظريات الحديثة في العلوم الاجتماعية وخاصة السياسية، فمن الحدث ... من المشاكل الاجتماعية ... من الحاجة التقنية تم تطوير عملية "البحث العلمي"، فكتب "ديفيد ايستن David Easton"، و"جبرائيل آلمند Gabriel A. Almond"، ونشطت العلوم الطبيعية بدوافع من الواقع ... الحرب العالمية الثانية، ثم الحرب الباردة، ثم رؤوس الأموال."
وتناول البحث العلمى في مصر وقرر أنه لا يوجد عند النظم الحاكمة المتوالية نية للتقدم من خلال البحث العلمى حيث قال :
"وفي مصر لم نبدأ المشوار بعد، فلا إرادة سياسية معقولة، ولا ميزانية تكفي، ولا توجه دراسي عام يخدم "البحث العلمي"، وما هو موجود أشبه ما يكون بالجهود الفردية. والسبب الرئيسي في تخلف "البحث العلمي" هو هذا البعد الرابع ... هو غياب الهوية، أو قل غياب الإرادة القومية، هو غياب الوعي بأننا أمة مستضعفة ... هو عدم وجود هدف كلي للأمة تشتد إليه وتركب البحث العلمي للحصول عليه. فقبل الحديث عن "البحث العلمي" علينا أن نصلح دائرة السياسة، ونصلح دائرة الهوية، ونعيد للأمة هويتها ... لتقرأ الواقع جيدا ثم تبدأ .. من الواقع ... إمكاناته وتحدياته تبدأ.
والحالة الإسلامية في مصر والعالم الإسلامي بخاطري متكئة، تحفر بحاد مؤلم في أعصابي .. تؤلمني: أين هي من البحث العلمي؟!
إنها بعيدة عن مشاكل القرار السياسي، وبعيدة عن مشاكل انخفاض الميزانية، وبعيدة عن مشاكل الجهل بالبحث العلمي، فقد عصت الطغاة وكتبت، ووجدت من يقرأ لها، ووجدت ربحا في كتابتها، وعندها طلبة يجلسون ويسمعون وينفذون ما يملى عليهم من أساتذتهم، ولكنها بعد لم تقفز الحاجز الرابع في عملية البحث العلمي، وهو الانطلاق من الواقع .. معطياته ومشكلاته."
وعدد الكاتب أن من عيوب الجماعات السلفية وأشباهها البعد عن المشاركة في البحث العلمى حيث قال :
"الساحة الإسلامية عموما والسلفية خصوصا، منكفئة ... منغلقة ... بقصد أو بدون قصد، فحالها أنها لا تتواجد في جميع مناحي الحياة باستثناء البعد الديني، فلا حضور في المجال الاقتصادي، ولا حضور في المجال الاجتماعي، ولا حضور في المجال العسكري، ولا حضور في المجال التقني. وقد كان هذا من مثالب سيطرة العلمانية على الحياة، فقد حرصت العلمانية على استضعاف الحالة الإسلامية. وحتى في المجال الديني الذي تخصصت فيه، وهو البحث الشرعي، اقتصرت الدراسات على الناحية الوصفية ... على التجميع والترتيب، والنقد الفكري. وهذا يكفي لرد المخالف وتحجيمه، ولكنه لا يكفي للتطور والرقي."
وتناول الكاتب وجوب البحث العلمى في كل المجالات حيث قال:
"واجب المرحلة أن نبدأ ـ كإسلاميين ـ من الواقع، من دراسة الظاهرة الإسلامية نفسها، هل تصلح بوضعها الحالي وهي في مجال واحد من مجالات الحياة (المجال الديني)، وهي في هذا المجال الوحيد تمارس النقد أو الدفاع أن تقود الأمة؟!، وكيف الخروج من ثقافة وأطر والمقاومة إلى البناء؟! ولعلي ـ بحول ربي وقوته ـ أقدم ورقة فيما أراه واجب المرحلة."