عطيه الدماطى
المساهمات : 2111 تاريخ التسجيل : 18/01/2023
| موضوع: إضاءات حول مقال كيف تختار صديقا؟ الأحد يناير 22, 2023 4:49 pm | |
| إضاءات حول مقال كيف تختار صديقا؟ الكاتب هو هادي المدرسي وقد ابتدأ المدرسى مقاله ببيان أهمية الصديق حيث قال : "الصديق، رفيق الانسان، ليس في الدنيا فحسب، بل في الآخرة أيضا .. ومن هنا تأتي أهمية الأصدقاء، وخطورة إنتخابهم. إذا كان الصديق يكشف عن هوية صاحبه، وعن موقعه في الحياة، حتى قيل: ((قل لي من تصادق أقل لك من أنت)) " وطرح سؤالا عن من هم الجديرون بالصداقة حيث قال : "فإنه يأتي سؤال يقول: هل كان الناس جديرون بالصداقة؟ وهل الأصدقاء كلهم على قدر متساو في ضرورة تكوين العلاقة معهم؟ إن الاسلام يجيب على ذلك بتوضيح حقيقتين، هما: أولا: ليس كل الناس جديرين بالصداقة، بل يجب على الانسان أن يختار الأصدقاء من بين الناس، كما يختار الطير الحب الجيد من الحب الرديء ثانيا: يجب على الانسان أن يكون (معتدلا) في صداقته، فلا إفراط ولا تفريط حتى مع الجيدين. يقول الحديث الشريف: (أحبب حبيبك هونا ما، عسى أن يكون بغيضك يوما ما. وأبغض بغيضك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوما ما))." والمدرسى لم يوفق فى أجابته على السؤال الذى طرحه فكل الناس مشاريع أصدقاء وموضوع الكتاب نفسه وهو اختيار الصديق أمر يتعارض مع واقع حياتنا فالواقع يفرض علينا الصداقات فمثلا عندما نكون أطفالا يكون أصدقائنا من الجوار أو من أولاد أقاربنا لأننا نقضى معهم أوقاتا كثيرة والطفل لا يقرر وهو صغير من يكون صديقه ولكنه من خلال تعاملاته يظل يتعامل مع البعض ويطلق عليهم اسم أصدقائه أو أصحابه وفى المدرسة أو الحضانة نفس الأمر يحدث نفس الأمر وأما فى الكبر فهو قد يختار الاستمرار فى صداقة أصحابه فى الصغر وقد يختار الانقطاع عنهم أحيانا لظروف نقل السكن أو الوظيفة وفى العمل قد يصادق البعض وقد لا يصادق أحد الطفل بطبيعته فى الصغر يميل إلى من يرتاح لهم أو يفيدونه فى أمور طعام أو شرب أو لعب هذا هو ما يحدث فى أصدقاء الصغر فالظروف هى التى تجعلهم أصدقاء لنا وفى الغالب يكون الأصدقاء فى الكبر منهم وتناول المدرسى تغير الناس حيث قال : "وهذه حقيقة مهمة في الحياة لأن الناس ليسوا جدرانا، أو أحجارا، بل هم (بشر) تؤثر فيهم المؤثرات الاجتماعية، فمن كان منهم جيدا الآن فلا يعني انه سيبقى كذلك إلى الأبد .. ومن كان رديئا، فلا يعني انه سيبقى كذلك، إلى الأبد .. فلا يجوز أن تكون الصداقة (مطلقة)، وبلا حدود .. بل يجب أن تكون مسيجة بحدودها المعقولة، ومحدودة بمقاييسها الانسانية. ويتساءل المرء: كيف هم أصدقاء الخير؟ وكيف هم أصدقاء السوء؟" وتحدث عن تقسيم على بن أبى طالب الأصدقاء لنوعين حيث قال : "لقد صنف الإمام علي الإخوان إلى نوعين، فقال: ((الإخوان صنفان: إخوان الثقة. وإخوان المكاشرة)). ((فإخوان الثقة، كالكف والجناح، والأهل والمال. فإذا كنت في أخيك على ثقة فابذل له مالك، ويدك، وصاف من صافاه، وعاد من عاداه، وأكتم سره، وأظهر منه الحسن. والعم أنهم أقل من الكبريت الأحمر))!. ((وإما إخوان المكاشرة، فإنك تصيب منهم لذتك، ولا تقطعن ذلك منهم، ولا تطلبن ما وراء ذلك من ضميرهم، وابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه، وحلاوة اللسان)). وحسب هذا التصنيف، فإن الأصدقاء على نوعين: النوع الأول: الأصدقاء الذين تتبادل معهم أواصر الثقة ولا تشوب علاقتك معهم أية شائبة، وهؤلاء في الحقيقة، (كف) تضرب بهم العدو. و (جناح) تطير بهم في المجتمع، و (أهل) تأنس بهم في الحياة. و (رأسمال) في وقت الفاقة والحاجة. وقد تسأل: كيف أستعين بأصدقائي وأحولهم إلى كف وجناح وأهل ورأسمال؟ والجواب: بأن تبادر أنت إلى ذلك، وتساعد إخوانك وتكون لهم كالكف والجناح .. ولذلك يقول الإمام علي (ع): ((فابذل له مالك ويدك)) فلا تبحث عن الأخذ فقط، بل بادر في العطاء، وعن طريقه اصنع منهم أصدقاء جيدين. النوع الثاني: الأصدقاء الذين لا تربط بهم ثقة كاملة، فباستطاعتك أن تحصل منهم على المشرب والمأكل، ولكن ((لا تقطعن ذلك منهم))، فإذا لم تحصل على إخوان الثقة، فلا يعني ذلك أن تعيش وحيدا في هذه الحياة. بل تعامل مع هؤلاء، كمعاملة التاج ((وابذل لهم ما بذلوا لك)). فإذا ذهبوا معك في رحلة، فاذهب معهم في رحلة أخرى: وإذا بذلوا لك، فلا مانع في المقابل أن تبذل لهم، بشرط أن ((لا تطلبن ما وراء ذلك من ضميرهم)). كما يقول الإمام." وناقض المدرسى نفسه بنقل عن إمام أخر كونهم ثلاثة أنواع حيث قال: "والإمام الصادق يقسم الأصدقاء إلى ثلاثة أنواع ويقول: ((الإخوان ثلاثة: واحد كالغذاء الذي يحتاج إليه في كل وقت: وهو العاقل .. والثاني في معنى الداء: وهو الأحمق .. والثالث في معنى الدواء: وهو اللبيب)). فالنوع الأول: تحتاج إليه في كل وقت، وفي كل مكان. فكما لا يمكنك إلغاء حاجتك إلى الطعام، فإنك لا يمكن أن تلغي حاجتك إلى أخ عاقل تأخذ منه المشورة، وتشاطره الآراء. والنوع الثاني: الأصدقاء الذين يسببون لك دائما المشاكل، ويوقعونك في المواقف الحرجة، وهم (الحمقى) من الناس، فالأحمق حتى لو كان يحبك فهو يضرك فهو قد يتمتع بنية صادقة، ولكنه يضر حينما يريد أن ينفعك. والنوع الثالث: الأصدقاء الذين يتمتعون بالفهم، والإدراك، ولهم خبرة في الأمور .. ولكنهم ليسوا من أهل الثقة .. فهم كالدواء الذي لا يستعمله الانسان في كل وقت بل في وقت الحاجة فق إلا أن عليك أن تستفيد من رجاحة عقلهم، وخبرتهم في الأمور." بالطبع تصنيف الأصدقاء يختلف من أساس لأخر فى نفس الإنسان وقد أجملهم الله فى قوله: " أو صديقكم" فالمفروض أن الأصدقاء كلهم صنف واحد حسب الكلمة المشتقة منها لفظ الصديق وهو الصدق فالصديق هو صادق ومصدق والصدق جاء بمعنى الحق وهو العدل كما فى قوله سبحانه: " من جاء بالصدق" ومن ثم فالصديق هو عادل فى معاملة صديقه وتناول كيفية معرفة الصديق الجيد من الردىء حيث قال: "وهنا سؤال هام، وهو: كيف نعرف الصديق الجيد من الرديء؟ والجواب: عن طريق الامتحان! فلا يجوز أن نثق كل الثقة بالصديق إلا بعد امتحانه، فلا يكفي أن يضحك في وجهك شاب، لكي تتخذه صديقا فالنفوس مثل المغارات لا يمكن اكتشافها بمجرد لقاء عابر، فكما لا يمكن اكتشاف المغارة من بوابتها، بل لا بد من الدخول فيها، والغوص في أعماقها، وعندئذ سيكتشف الانسان، إما مناظر جميلة خلابة، أو ثعابين وعقارب كذلك النفوس لا تكشف إلا بالامتحان. يقول الإمام علي ( ((لا يعرف الناس إلا بالاختبار)) ويقول: ((لا تثق بالصديق قبل الخبرة)) ويقول: ((لا ترغبن في مودة من لم تكتشفه)) ويقول: ((من قلب الإخوان عرف جواهر الرجال)). إذن .. كما يقلب الناقد الذهب قبل اقتنائه، لا بد أن يقلب الانسان أصدقائه قبل اختيارهم شركاء الحياة. وهنا لا بد من الاشارة إلى نقطة هامة وهي، انه ليس الصديق من يحبك وتحبه فقط، أو يثق بك وتثق به فحسب، بل الصديق الجيد هو من يجمعك وإياه هدف واحد، فليس الحبيبان من ينظر أحدهما إلى عيني الآخر .. بل الحبيبان من ينظر كلاهما إلى هدف واحد .. فمن يجمعك معه الهدف الواحد أو الخلية الواحدة، في تنظيم رسالي، فهو صديق أساسي، حتى لو لم تكن أجواء المحبة سائدة بينكما من قبل، فطالما يجمعكم (المبدأ) والهدف فهو صديق له قيمته، لأن المحبة قد تزول ولكن المبدأ والهدف باقيان. إن الصديق (في الله) هو الذي لا يتغير أبدا، مهما تغيرت الظروف، لأن الله تعالى لا يتغير، ومبادئه لا تزول، وصديق المبدأ يبقى ببقائه. أما الصديق الذي يجمعك وإياه عمل محدود، أو مكسب مؤقت، أو تجارة عابرة، فإن علاقتكما ستنتهي حالما يبور العمل، وكذلك أيضا صديق الوظيفة، انه سوف ينساك حالما تتغير (الطاولة) الواحدة التي كانت تجمع بينكما." وكما سبق القول لا يوجد نوعين أو أكثر من الأصدقاء وإنما الأصدقاء نوع واحد فإن كان الفرد ليس صادقا مصدقا فهو ليس بصديق وأما امتحان الأصدقاء فهو أمر نتيجته خاطئة فى الغالب لأن الصديق قد لا يساعد صديقه لأنه ليس معه ولا أحد منا يدرى ما فى نفس الأخر أو ما عنده بالضبط ومن ثم الحكم قد يكون خاطىء فنبعد صديقا لأنه فقط لم يساعدنا وتناول طرق امتحان الأصدقاء حيث قال : "وهنا سؤال يقول كيف نمتحن الأصدقاء؟ والجواب: هنالك ستة طرق لذلك وهي كالتالي: أولا ـ الامتحان الروحي: إن المحبة مثل إشارة (التلغراف) فإذا شعرت بالمحبة في دقات قلبك، تجاه شخص، فاعرف انه ـ هو الآخر ـ يشعر بمثل ما تشعر به في قلبه. وهذه الحقيقة قد ينكرها (الماديون) ولكننا نؤمن بها، لأننا نؤمن ((إن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها إئتلف، وما تناكر منها إختلف)) ـ كما جاء في الحديث .. ولكن هذه العملية بحاجة إلى أن تتعرف على نفسيتك، وعواطفك، وضميرك بشكل جيد، لكي تميز بين إشارات الغريزة، وبين موجبات العاطفة الصادقة. وعلى أي حال، فإن التآلف بين الأصدقاء يبدأ من الائتلاف الروحي، والأرواح هي التي تكتشف بعضها، قبل أن تكتشفها الأجسام، ومن هنا فإنك قد تلتقي بإنسان لأول مرة، فتخال بأنك تعرفه منذ أمد طويل، وعلى العكس قد تجاور إنسانا مدة طويلة، ولكنك لا تشعر تجاهه بأي انسجام. وفي هذا الصدد يقول الله تعالى ـ مخاطبا رسوله الكريم ـ: (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد أنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد أن المنافقين لكاذبون) 1/ المنافقون. لأن القلوب لم تشهد على صدق شهادتهم .. ومن هنا كان كلامهم كذبا. ثانيا ـ الامتحان عند الحاجة: لا شك أن أصدقاء (الأخذ) كثيرون، أما أصدقاء (العطاء) فهم قلة .. وهم الجديرون بالصداقة، لأنهم أصدقاء الانسان، لا أصدقاء جيبه! ولكي تعرف أي إنسان، جربه عند الحاجة إليه، وانظر هل يقدر حاجتك أم لا؟ وهل يهتم بك، وأنت محتاج؟ إن الناس عادة على نوعين: الأول: الذين يقضون حاجات الناس، من دون أن يكونوا مستعدين للتضحية في سبيل ذلك، وإنما بمقدار ما يتيسر لهم من الأمر. الثاني: الذين يؤثرون على أنفسهم، ولو كان بهم خصاصة ـ حسب تعبير القرآن ـ والمطلوب ليس النوع الثاني دائما، بل الأول ـ على الأقل ـ، أما من كان يرفض الانسان عند الحاجة إليه، فهو غير جدير بالصداقة في هذه الحياة. يقول الحديث الشريف: ((ثلاثة لا تعرف إلا في ثلاثة، لا يعرف الحليم إلا عند الغضب .. ولا الشجاع إلا عند الحرب .. ولا الأخ إلا عند الحاجة)). فلكي تعرف الصديق، جربه، في الطلب منه، وحينئذ تعرف كيف يتصرف معك. ولا تنس حينما يحتاج إليك الناس، إنك ستحتاج إليهم يوما، ولا تبخل على نفسك بقضاء حوائجهم، لكي لا يبخلوا عليك، حين الحاجة إليهم. ثالثا ـ امتحانه في حب التقرب إليك: بإمكانك اختبار صديقك، عبر اختبار حبه للتقرب إليك في الأمور التالية: انظر: هل يحب أن يستمع إليك؟ هل ينشر الأعمال الصالحة التي تقوم بها؟ هل يرتاح إلى مجالستك؟ هل يحول كسب رضاك، وإدخال السرور إلى قلبك؟. يقول رسول الله (ص): ((صديق المحبة في ثلاثة: يختار كلام حبيبه على كلام غيره، ويختار مجالسة حبيبه على مجالسة غيره، ويختار رضى حبيبه على رضى غيره)). فإذا توفرت في صديقك هذه الصفات فهو حقا صديق المحبة. رابعا ـ الامتحان في الشدائد: الصديق الجيد من يكون موقفه منك جيدا، حينما تكون في شدة .. ويكون معك حينما يتبرأ منك الآخرون، ويصدقك حينما يكذبك الآخرون .. كما كانت خديجة مع رسول الله .. ومن هنا كثيرا ما كان رسول الله، يذكرها، بعد وفاتها وذات مرة قالت له عائشة: ـ إنك لا تفتأ تذكر خديجة، وقد عوضك الله خيرا منها.!. فقال لها رسول الله: ـ ((مه يا عائشة! إن الله لم يعوضني خيرا منها، فقد صدقتني حين كذبني الناس وأوتني حين طردني الناس، وآمنت بي حين كفر بي الناس)). فهي كانت صديقة (الشدة) .. لا الرخاء، ولذلك لم يفتأ رسول الله يذكرها ويستغفر لها الله تعالى. قد يتعرض انسان مؤمن للاعتقال، فيتبرأ منه أصدقاؤه، ويبررون ذلك بقولهم: إن صداقة (فلان) أصبحت (تكلف)!. إن هؤلاء ليسوا أصدقاء جديرين بالصداقة! لأنهم يبحثون عن صديق (يكلفوه) لا من يتكلفون له. يقول الحديث الشريف: ((يمتحن الصديق بثلاثة، فإن كان مؤاتيا فيها، فهو الصديق المصافي، وإلا كان صديق رخاء لا صديق شدة: تبتغي منه مالا، أو تأمنه على مال، أو مشاركة في مكروه)). فقبل أن تتخذ أي فرد صديقا حميما، اختبره في أية مصيبة تحل بك سواء كانت مصيبة إفلاس، أو غربة، أو سجن، أو مطاردة. خامسا ـ الامتحان في حالة الغضب: كل إنسان يظهر على حقيقته في حالة الغضب، فيبدو للآخرين في صورته الواقعية .. ويقول حينئذ ما يفكر به، لا ما يتظاهر به. فقد يكون هنالك إنسان يجاملك، ويقدم لك كلمات المحبة في كل وقت، فإذا أغضبته، قال الحقيقة التي طالما سترها عنك. يقول الحديث الشريف: ((إذا أردت أن تعلم صحة ما عند أخيك فأغضبه، فإن ثبت لك على المودة، فهو أخوك، وإلا .. فلا!)). سادسا ـ الامتحان في السفر: في السفر يخلع الانسان ثياب التكلف عن نفسه. فيتصرف بطبيعته ويعمل كما يفكر. ومن هنا فإنك تستطيع أن تمتحنه بسهولة. يقول الحديث الشريف: ((لا تسمي الرجل صديقا حتى تختبره بثلاثة خصال: حين تغضبه، فتنظر غضبه، أيخرجه من حق إلى باطل؟ .. وحين تسافر معه .. وحتى تختبره بالدينار والدرهم)) .." وكل هذه الامتحانات التى ذكرها المدرسى نتائجها فى الغالب خاطئة فالعملية متوقفة على شىء قد لا نعرفه ولو اعتبرنا الصديق لا يخطىء فهو أمر مستحيل وإنما يؤخذ كل صديق صديقه على عيوبه فليس هناك أحد معصوم من الخطأ فمثلا لا تتوقع من صديقك أن ينصرك مثلا على أخاه او أباه حتى لو كان المخطىء أحدهم لأنك ستفعل مثله ومثلا لا تتوقع مثلا أن يغضب لك إذا كنت تزوجت أخته وأغضبتها وأنت محق هناك أمور تتداخل فيه الصداقة والقرابة وغير هذا وكل منا بشر يخطىء ويصيب المهم هو أنه يعدل فى النهاية أى يتوب كلما أخطأ | |
|