إضاءات حول مقال سبعة
المقال بقلم: nadir 14 من أوراس الجزائر
انتقم يناير من العجوز الراعية
عالمنا غني بالأساطير والروايات الخيالية التي يعجز العقل عن تصورها ولا تكاد منطقة تخلو منها وهي مقياس يعكس تطور الشعوب وتفكيرها ولكل منا الحق في تصديقها أو إنكارها إلا أن البعض لايزال يحيي ذكراها أما حول موقد الحطب الهادئ أو عن طريق العادات والتقاليد التي نمارسها رغم جهلنا حقيقتها.
وفي الجزائر يحتفل الناس بعيد يناير وهو بداية التقويم الامازيغي الذي يوافق الثاني عشر من شهر جانفي الذي يشارك فيه جميع سكان البلاد , وقد كان هذا العام هو الذكرى 2967 لانتصار الملك شوشناق او شيشنق بن نمرود بن شيشنق بن باثوت بن نبنشي بن ماواساتا بن بويو واوا الذي قدم من مدينة اهناسيا على مصر زمن الأسرة 21 وأسس الأسرة 22.
إلا أن هذا ليس ما يخص أسطورتنا , بل نحن نبحث عن سبب وضع أمهاتنا 7 أنواع من كل شيء ليلة الاحتفال والذي لم أعطه بال إلا هذا العام.
قمت ببحث طويل وسؤال الشيوخ في كل مكان لكن لم يحالفني الحظ , وبعد أن يئست طلب مني صديق أن أتوجه معه إلى جبل كرحلة ترفيهية فلم استطع الرفض.
أمضينا يوما جميلا وعند العودة رأيت عجوزا تملا قربة ماء من النهر فساعدتها وعند الوصول إلى كوخها وجدتها تضع به 7 شموعا و 7 أعواد بخور و 7 كؤوس فخارية على طاولة خشبية في 7 صحون مختلفة اللون , فلم ادري إلا وسألتها عن السبب , فلم تستطع أن ترفض طلبي لأني ساعدتها وطلبت مني الجلوس , فجلست على لحاف من صوف الماعز وقدمت لي شايا قالت إنها أعدته من أعشاب الجبل واني لن امرض لمدة طويلة.
حينها أردفت الحديث مبسملة ثم قالت:
" حدثتني جدتي التي أخبرتها جدتها والتي أخبرتها جدتها التي أخذتها عن القدماء أن الناس في أعالي جبال الاوراس كانوا يخشون شهر يناير بسبب برده الزائد وكانوا يدخرون له حتى لا يضطرون للخروج راجين من أوثانهم وآلهة الطبيعة وخاصة الإله أنزار اله المطر والسحاب أن يرحمهم من البرد.
في إحدى الأعوام كانت هناك عجوز راعية للأغنام , وكانت تنتظر قدوم فورار (فبراير) بفارغ الصبر لتخرج بأغنامها لتستخلص حليبهم الصافي. وعند إحساسها بالملل لطول الانتظار أخذت تنهر يناير وتلعنه وتشكوه عند الآلهة فاستشاط غضبه منها واخذ يتوعدها.
وفي أول يوم من فورار نهضت العجوز باكرا بكل نشاطها مستقبلة النسيم العليل الذي شرح صدرها ومليء وجدانها سرورا فأخذت تتجول في الحقول بقطيعها وتقطف الأزهار بسرور.
في هذه الأثناء , حينما كان يناير في طريق رجوعه إلى السماء للسبات , التقى فورار , فألقى التحية على غير عادته , وتعجب فورار كثيرا فهو معتاد على تجبره وسلوكه السيئ , حينها جاءت يناير فكرة , ألا وهي انه طلب من فورار أن يمهله مدة يومين ريثما ينتهي من عمل أخير نسيه , وبما أن فورار كان خجولا وكريما فقد أعطاه 7 ايام وهكذا عاد يناير إلى الأرض بعد أن اعتقد جميع الناس بأنه رحل وحل فورار مكانه , وتلبدت السماء منذرة بالخطر الوشيك لكن العجوز الراعية لم تعط للأمر أهمية , وفجأة تحول كل شيء إلى جليد , هي وأغنامها والأشجار والوادي ... لم يبق أي شيء .. واستمر الأمر لمدة 7 أيام.
حينها خاف سكان المنطقة ومنعوا أي أحد من إثارة غضب يناير وبدئوا بعادة الـ 7 من كل شيء لكي لا يعيد فعلته ..
ومع مرور الأجيال أصبحت الأسطورة منسية إلا من سكان الجبل الذين يحافظون عليها ويقدسونها.
يجري الاحتفال برأس السنة الامازيغية مع مائدة عامرة بصنوف الحلويات والطعام
انغمست فعلا مع الرواية ولم ادري إلا وقد حل الظلام , ودعت العجوز شاكرا وخرجت , فوجدت صديقي يبحث عني برفقة بعض الرجال الذين سألوني عن المكان الذي كنت فيه فأشرت إلى الكوخ ولكنني لم أجد سوى أنقاضا وأخبرتهم عن العجوز وما سردته فأجابوا أنها امرأة ملعونة تظهر في يناير ويسمع صرخاتها في بداية فورار .. حينها أصابتني قشعريرة مما حدث لي ولكن على الأقل استفدت منها."
الحكاية فيها أمور عدة تصبت كذبها :
أولها أن الشهور عند الله هى الشهور القمرية وليس الشمسية الآمازيغية أو غيرها كما قال سبحانه :
" إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا "
ثانيها أن من يبدل الشهور هم الكفار وليس الشهور كما قال سبحانه :
"إنما النسىء زيادة فى الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله"
الحكاية اخترعها كافر لتضليل الناس وأما حكاية السبعة فهى منتشرة فى الثقافات المختلفة وفى البلاد المختلفة كسبع حبوب ورش الملح سبع مرات فى السبوع فى مصر وغيرها وهى اختراعات كفرية هى الأخرى فلا وجود لتلك العادات
وأما حكاية الموت من الصقيه أو عيره كعقاب فيعود إلى تسخير الله الريح على قوم عاد سبع مرات كما قال سبحانه :
"وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية"
وحتى لو صدقنا الروايات التى تنسب للنبى الخاتم(ص) زورا عن اليوم السابع عن التضحية بشاة أو شاتين وكذلك روايات العهد القديمة عن ذبح زوجين حمام فهى تتعارض مع السبع فى كون العدد اثنين
ولكن السبعات كثيرة ولكن أيا منها لا يمنع ضررا دنيويا