عطيه الدماطى
المساهمات : 2104 تاريخ التسجيل : 18/01/2023
| موضوع: نظرات فى كتاب ألف ليلة وليلة الإثنين فبراير 27, 2023 7:14 pm | |
| نظرات فى كتاب ألف ليلة وليلة ترتبط ألف ليلة وليلة فى أذهان أهل مصر خاصة برمضان ومسلسل ألف ليلة وليلة منذ خمسين أو أربعين عاما فقد بدأ المسلسل فى مصر إذاعيا وبعد ذلك تحول إلى مسلسل تلفزيونى شاهده البعض فى الصغر من قرئوا بالفعل كتاب ألف ليلة وليلة قلة نادرة وهم يعلمون أن المسلسلات خاصة التلفزيونية لم تذكر من الحكايات إلا قليلا فالموجود فى المسلسل منها هو الحكاية الأولى خيانة زوجة شهريار وتزوجه كل ليلة بزوجة ثم قتلها وأما حكايات الليالى فلم تمثل إلا قليلا جدا وقد تكفل المؤلفون باختراع الحكايات التى مثلت قديما ومن ثم فالناس لا يعرفون حقا الموجود فى كتاب الليالى وهو كتاب قامت الدنيا ولم تقعد بسببه من أربعين سنة حيث دخل المحاكم المصرية 1985 م باعتباره كتاب خادش للحياء (قلة أدب) وبالفعل توجد عشرات الصفحات فيه تتعلق بالزنى ووصف الجماع وأسماء الأعضاء التناسلية والشهوانية وغيرها والحقيقة أن الكتاب نسخته الأصلية التى قرأتها منذ ما يقارب العشر سنوات مليئة بما يخدش الحياء العام وإن كانت الأفلام السينمائية فى أيام القضية وما قبلها وما بعدها تفوقه فى قلة الأدب وخدش الحياء العام وما زالت هذه النسخة أكثر من الف وأربعمائة صفحة من القطع الكبير بالطبع غير موجودة حاليا فى مصر ولا فى البلاد العربية إلا عند أفراد قلائل اشتروها قبل عام1985 م والنسخ المطبوعة من الكتاب حاليا خاليا تقريبا من تلك الصفحات وأما أصل الكتاب فقد قيلت فيه أقوال كثيرة أهمها : أنه كتاب فارسى وهو قول ساقط لأن كل حكايات الكتاب كلها تدور فى بلاد اسلامية وتناقش أمورا من الإسلام أو تمسه بل إن الحكاية التى قام عليها الكتاب وهى شهريار وشهر زاد تقول أنهما وأهل البلاد كانوا على الإسلام والقول الثانى أن كاتبه أبو حيان التوحيدى وهو واحد من أعظم الكتاب ولكنه لم يأخذ شهرة كافية فى عصره ولا حتى بعد موته رغم أن ما كتبه يفوق فى البراهين والأدلة كتاب عصره وغير عصره فقد كان كاتبا موسوعيا وكما يقول التاريخ أنه أحرق معظم كتبه نتيجة فقره وتجاهل الحكام له وهذا القول هو الأخر ساقط لأن الكثير من حكايات كتاب الليالى دارت فى القاهرة المملوكية وهناك فارق زمنى بينه وبين دولة المماليك يقدر بعدة قرون والقول الثالث يقول أن الوزير الجهشيارى هو من ألف نصفه تقريبا وهو قول بعيد عن الصحة لأن الفارق بينه وبين العصر المملوكى أكثر من خمسة قرون ومعظم الحكايات كما قلنا تدور فى اطار القاهرة المملوكية وبغداد العباسية ما يجب قوله : إن الكتاب برمته ينبغى إزالته من الوجود أو كتابة نقد علمى لما جاء فيه فالكتاب هو تشجيع لكل الموبقات تقريبا فى المجتمع السحر والدجل والخرافة والنصب والزنى بكل أنواعه كما أنه فيه أخطاء علمية وأيضا يشجع على الخلافات المذهبية بين السنة والشيعة ونذكر أمثلة بسيطة على ما جاء فيه فمن أمثلة الأخطاء العلمية: اختراعه شخصيات ليس لها وجود فى التاريخ المعروف مثل الملك عمر النعمان الذى كان بحسب كتاب الليالى قبل خلافة عبد الملك بن مروان فى دمشق وهو قوله : "قالت: بلغني أيها الملك السعيد أنه كان بمدينة دمشق قبل خلافة عبد الملك بن مروان ملك يقال له: عمر النعمان وكان من الجبابرة الكبار وقد قهر الملوك الأكاسرة والقياصرة وكان لا يصطلى له بنار ولا يجاريه أحد في مضمار وإذا غضب يخرج من منخريه لهيب النار وكان قد ملك جميع الأقطار ونفذ حكمه في سائر القرى والأمصار وأطاع له جميع العباد ووصلت عساكره إلى أقصى البلاد ودخل في حكمه المشرق والمغرب وما بينهما من الهند والسند والصين واليمن والحجاز والسودان والشام والروم وديار بكر وجزائر البحار وما في الأرض من مشاهير الأنهار كسيحون وجيجون والنيل والفرات وأرسل رسله إلى أقصى البلاد ليأتوا بحقيقة الأخبار فرجعوا وأخبروه بأن سائر الناس أذعنت لطاعته وجميع الجبابرة خضعت لهيبته وقد عمهم بالفضل والامتنان وأشاع بينهم العدل والأمان لأنه كان عظيم الشأن وحملت إليه الهدايا من الكل فكان واجبي إليه خراج الأرض في طولها وعرضها" ومن أخطائه العلمية أن الهند والصين عبارة عن جزائر فى الماء وهى أراضى متصلة باليابسة وهو قول كتاب الليالى فى حكاية شهريار وشاه زمان : "حكي والله أعلم أنه كان فيما مضى من قديم الزمان وسالف العصر والأوان ملك من ملوك ساسان بجزائر الهند والصين" وأما نشره للضلالات والخرافات فمثل ظهور العفاريت كما فى حكاية الملك شهريار حيث قال : "فلما كان بعد ساعة مضت من النهار وإذا هم بالبحر قد هاج وطلع منه عمود أسود صاعد إلى السماء وهو قاصد تلك المرجة. فلما رأيا ذلك خافا وطلعا إلى أعلى الشجرة وكانت عالية وصارا ينظران ماذا يكون الخبر، وإذا بجني طويل القامة عريض الهامة واسع الصدر على رأسه صندوق فطلع إلى البر وأتى الشجرة التي هما فوقها وجلس تحتها وفتح الصندوق وأخرج منه علبة ثم فتحها فخرجت منها صبية بهية كأنها الشمس المضيئة" وقال فى حكاية التاجر والعفريت: "فلما فرغ من أكل التمرة رمى النواة وإذا هو بعفريت طويل القامة وبيده سيف، فدنا من ذلك التاجر وقال له: قم حتى أقتلك مثل ما قتلت ولدي" ومثل تحول الناس لحيوانات من خلال السحر ففى حكاية التاجر مع العفريت قال كتاب الليالى : "اعلم يا أيها العفريت أن هذه الغزالة هي بنت عمي ومن لحمي ودمي وكنت تزوجت بها وهي صغيرة السن وأقمت معها نحو ثلاثين سنة فلم أرزق منها بولد فأخذت لي سرية فرزقت منها بولد ذكر كأنه البدر إذا بدا بعينين مليحتين وحاجبين مزججين وأعضاء كاملة فكبر شيئاً فشيئاً إلى أن صار ابن خمس عشرة سنة فطرأت لي سفرة إلى بعض المدائن فسافرت بمتجر عظيم وكانت بنت عمي هذه الغزالة تعلمت السحر والكهانة من صغرها فسحرت ذلك الولد عجلاً وسحرت الجارية أمه بقرة وسلمتها إلى الراعي" وقال أيضا: "فقال الشيخ أيها السلطان ورئيس الجان إن هذه البغلة كانت زوجتي سافرت وغبت عنها سنة كاملة، ثم قضيت سفري وجئت إليها في الليل فرأيت عبد أسود راقد معها في الفراش وهما في كلام وغنج وضحك وتقبيل وهراش فلما رأتني عجلت وقامت إلي بكوز فيه ماء فتكلمت عليه ورشتني، وقالت اخرج من هذه الصورة إلى صورة كلب فصرت في الحال كلباً فطردتني من البيت فخرجت من الباب ولم أزل سائراً، حتى وصلت دكان جزار فتقدمت وصرت آكل من العظام" وفى حكاية الصياد والعفريت نجد السحر يعيد المتحول لصورته كما فى قول الكتاب : "وأخذت طاسة ملأتها ماء ثم تكلمت عليها فصار الماء يغلي بالقدر ثم رشته منها وقالت: بحق ما تلوته أن تخرج من هذه الصورة إلى صورتك الأولى: فانتفض الشاب وقام على قدميه" ومن خرافات الكتاب الشفاء بلا علاج ففى حكاية الملك يونان ووزيره رويان قال كتاب الليالى : "فلما سمع الملك يونان كلامه تعجب وقال له: كيف تفعل، فو الله لو برأتني أغنيك لولد الولد وأنعم عليك، ما تتمناه فهو لك وتكون نديمي وحبيبي. ثم أنه خلع عليه وأحسن إليه وقال له أبرئني من هذا المرض بلا دواء ولا دهان? قال نعم أبرئك بلا مشقة في جسدك" ومن الخرافات التى يشيعها فى المجتمع حكاية ظهور الغيلان فقد ذكرها فى حكاية الملك يونان حيث قال : "فقالت له الجارية: يا سيد أريد أن أزيل ضرورة فأنزلها إلى الجزيرة ثم تعوقت فاستبطأها فدخل خلفها وهي لا تعلم به، فإذا هي غولة وهي تقول لأولادها يا أولادي قد أتيتكم اليوم بغلام سمين" فالغولة وأولادها يأكلون البشر وفى حكاية السندباد قال المؤلف : "وقد صار عندي هم عظيم من شدة الخوف على نفسي من هؤلاء العرايا وقد تأملتهم فإذا هم قوم مجوس وملك مدينتهم غول وكل من وصل إلى بلادهم أو رأوه في الوادي أو الطرقات يجيئون به إلى ملكهم، ويطعمونه من ذلك الطعام ويدهنونه بذلك الدهن فيتسع جوفه لأجل أن يأكل كثيراً ويذهل عقله وتنطمس فكرته ويصير مثل الإبل فيزيدون له الأكل والشرب من ذلك الطعام والدهن حتى يسمن ويغلظ فيذبحونه ويشوونه ويطعمونه لملكهم. وأما أصحاب الملك فيأكلون من لحم الإنسان بلا شوي ولا طبخ." وهذه الأمثلة هى غيض من فيض وبالطبع كان الواجب هو ذكر بعض من قلة الأدب الموجودة فى الكتاب للاستدلال على ما جاء فيه ولكن لعدم خدش الحياء لم نذكر ذلك إن الكتاب وأمثاله مما يسمى بالأدب الشعبى كسيرة بنى هلال والزير سالم والظاهر بيبرس وهى كتب كبيرة فى عدد صفحاتها التى يتجاوز بعضها الألف كلها كتب تسير فى نفس الاتجاه مع اختلاف بسيط وهذا الاتجاه هو : نشر الخرافات ونشر الجهل فى المجتمع وتشجيعه على عدم الصلاح انتظارا للبطل المنتظر الذى يقود القطيع مع اتصافه بالصفات السيئة فى الغالب كالسلب والنهب واحتساء الخمور باختصار تلك الكتب تعيدنا لعصر ما قبل رسالة النبى(ص) الخاتم من حيث نشرها لكل ما يناقض الإسلام | |
|