مناقشة الادعاء بسرقة اللوح المحفوظ من اليهود
ادعى سنكلير تسدل فى كتابه الموسوم المصادر الأصلية للقرآن أن المسلمين وهو يقصد أخر النبيين(ص) أخذوا والمقصود سرقوا بعضا من كتاب الزبور المنسوب إلى داود(ص) والغريب أن القوم ليس عندهم كتاب اسمه الزبور فالموجود فى العهد القديم مزامير داود (ص) وهى ليست وحيا وإنما نوع من الشعر يغلب عليه الألفاظ الشهوانية والاعتراض على قضاء الله
وهناك أمران آخران اقتبسهما المسلمون من اليهود. فقد قال المسلمون إن القرآن كُتب في اللوح المحفوظ قبل إنشاء العالم »بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ« (سورة البروج 85: 21 و22).
وتناول أن أخر النبيين سرق آية من الزبور وهو يقصد المزامير حيث قال :
"وقبل الخوض في الكلام على اللوح المحفوظ ينبغي أن نسأل علماء الإسلام: هل كان الزَّبور قبل القرآن أم لا؟ وهل هو أقدم منه عهداً وأسبق زمناً أم لا؟
لأنه ذكر في الآية التي أوردناها من سورة الأنبياء أن ما اشتملت عليه هذه الآية بخصوص ميراث عبيد الله الصالحين كُتب قبلاً بأمر الله في الزبور.
ومما يؤيد هذه القاعدة المصطلح عليها أننا إذا عثرنا مثلاً في كلام »مثنوي« لمولانا الرومي على شطرة من بيت شعر ضمَّنها بعض عبارات مقتبسة من كتاب »شاه نامه« مثلاً أو عبارات القرآن، جزمنا جزماً أكيداً بأن الشاه نامه أو القرآن متقدم على تأليف »مثنوي«.
وعلى هذا القياس نقول إننا إن رأينا في القرآن آية من آيات مزامير داود النبي يتضح لنا جلياً أن القرآن لم يكن موجوداً قبل أيام النبي الذي أُوحي إليه الزبور. ولكن إذا أخذنا في البحث والتحري عن معلومات المسلمين التي استفادوها بخصوص اللوح المحفوظ وجدنا هذه البينات في مثل هذه الكتب وهي :
»قصص الأنبياء« (ص 3 و4) ونصها »ومن تحت العرش خلق (الله) لؤلؤة، ومن تلك اللؤلؤة خلق اللوح المحفوظ، وارتفاعه سَفَر سبعمائة سنة وعرض سَفَر ثلثماية سنة، وكان مرصَّعاً بالياقوت الأحمر. ثم بقوة الله تعالى ثم صدر الأمر إلى القلم: اكتب علمي في خلقي وما هو كائن إلى يوم القيامة – كتب أولاً في اللوح المحفوظ بسم الله الرحمن الرحيم، أنا الله لا إله إلا أنا. من يستسلم لقضائي ويصبر على بلائي ويشكر على نعمائي كتبتُه وبعثتُه مع الصديقين. ومن لم يرضَ بقضائي ولم يصبر على بلائي ولم يشكر على نعمائي فليطلب رباً سوائي، ويخرج من تحت سمائي. ثم كتب القلم علم الله في خلق الله تعالى كل شيء أراده إلى يوم البعث، حتى مقدار تحريك الشجرة أو نزولها أو صعودها وكتب كل شيء مثل هذا بقوله تعالى«.
الكاتب هنا لم يثبت أى شىء للتالى :
أولا أن الآية " أن الأرض يرثها عبادى الصالحون " ليست موجود فى كتاب المزامير وإلا كان قد ذكر موضعها
ثانيا النص المسروق ليس فى كتب الروايات ولا هو منسوب إلى النبى(ص) فكيف قد يكون سرق شيئا وهو ليس حتى فيما ينسب إليه زورا وإنما النص فى كتاب ألف بعد موته كما يقال بقرون
وتناول أصل القصة كما يقوا فى كتب اليهود حيث قال :
"وأصل هذه القصة موجود في كتب اليهود، غير أن المسلمين توسَّعوا وبالغوا فيما كتبه اليهود في هذا الصدد فقد ورد في توراة موسى أن الله لما أراد أن يسلِّم الوصايا العشر لبني إسرائيل (خروج أصحاح 20) سلَّمها لموسى كليمه، فكتب: »في ذلك الوقت قال لي الرب: انحت لك لوحين من حجر مثل الأوَّلين واصعد إليّ إلى الجبل، واصنع لك تابوتاً من خشب، فأكتب على اللوحين الكلمات التي كانت على اللوحين الأولين اللذين كسرتهما وتضعهما في التابوت. فصنعت تابوتاً من خشب السنط ونحت لوحين من حجر مثل الأولين وصعدت إلى الجبل واللوحات في يدي، فكتب على اللوحين مثل الكتابة الأولى الكلمات العشر التي كلمكم بها الرب في وسط النار في يوم الاجتماع، وأعطاني الرب إياها ثم انصرفت ونزلت من الجبل، ووضعت اللوحين في التابوت الذي صنعت فكانا هناك كما أمرني الرب« (تثنية 10: 1-5).
وورد في 1ملوك 8: 9 وفي رسالة العبرانيين 9: 3 و4 أن هذين اللوحين حُفظا في تابوت العهد الذي صنعه موسى حسب أمر الله. وهذا هو معنى اللوح المحفوظ أو بالحري معنى اللوحين المحفوظين. وقد ورد في سورة البروج 85: 21 و22 ” بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ” ولم يقل في “اللوح المحفوظ” فوردت كلمة “لوح” نكرة بدون أداة التعريف. فمن الواضح إذاً أن قوله إن القرآن كُتب على لوح محفوظ ليس أنه كتب على اللوح الواحد المحفوظ، بل لابد من وجود لوح آخر أقل ما يكون. فإذا قيل: لماذا قال محمد إن القرآن كُتب على لوح محفوظ؟ قلنا: يجب أن نبحث في الكتب اليهودية لنرى ما قاله اليهود في عصر محمد وقبله عما كتب في اللوحين اللذين حُفظا في تابوت العهد. ومع أن التوراة صرحت بما لا يقبل الشك أن ما كُتب على اللوحين كان الوصايا العشر (تثنية 10: 4) أو العشر كلمات كما ورد باللغة العربية، إلا أن اليهود توهَّموا بعد مدة من الزمان أن جميع كتب العهد القديم وأيضاً كل التلمود كُتب عليهما أو على الأقل نزلت معهما. ولما سمع محمد من اليهود هذا القول عن شريعتهم حذا حذوهم، ونسب إلى شريعته ما نسبه اليهود إلى شريعتهم، فادَّعى أن القرآن كان مكتوباً في لوح من اللوحين المحفوظين، أو كما قال في سورة البروج »في لوح محفوظ«. ولما كان المسلمون لا يعرفون معنى قوله »لوح محفوظ« ابتدعوا هذه القصة التي تقدم ذكرها. وقال اليهود عما اشتمل عليه هذان اللوحان: قال الربي شمعون بن لاقيش: أما الذي كتب فهو »فأعطيك لوحي الحجارة والشريعة والوصية التي كتبتها لتعليمهم« (خروج 24: 12) واللوحان هما الوصايا العشر والتوراة هي التي تُتلى، والوصية هي »المشناة«، والتي كتبها هي »الأنبياء والكتب« ولتعلمهم »الجمارا«. ويُستفاد من هذا أنه أوحى جميعها لموسى من جبل سيناء."
بالطبع الكاتب هنا يستهبل فنصوص العهد القديم تتحدث عن لوحين بينما القرآن يتكلم عن لوح واحد وهو الكتاب المكنون وهو المبين كما قال سبحانه مفسرا ذلك :
"إنه لقرآن كريم فى كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون"
وهو ليس فى الأرض كاللوحين وإنما هذا الكتاب محفوظ فى السماء فيه كل شىء من مبدأ الخلق حتى نهايته كما قال سبحانه :
" وكل شىء فعلوه فى الزبر وكل صغير وكبير مستطر "
والنصين كل واحد يتكلم عن كتاب مخالف لأخر فهذا التوراة وهذا القرآن
"ويقول الكاتب ان المسلمين جهلة بما عند اليهود واليهود متوهمين حيث قال :
وكل يهودي ذكي يرى وجوب رفض التفسير الباطل لهذه الآية، لأنه يعرف إن كتاب “المشناة” كُتب نحو سنة 320م وكُتب “الجمارا الأورشليمي” نحو سنة 430م، وكُتب “الجمارا البابلي” نحو سنة 530م. ولكن لما كان المسلمون يجهلون هذا قبلوا ما قاله جهلة اليهود وطبَّقوه على قرآنهم. فنرى من هذا أن هذه الرواية مأخوذة من هذا المصدر كغيرها من الروايات والقصص المدوَّنة في الأحاديث.
ولم ينفرد المسلمون بالاعتقاد أن لوحهم المحفوظ كان قديماً، فقد توهَّم اليهود أن اللوحين المشتملين على الوصايا العشر كانا قديمين جداً. فقد ورد في فرقي أبوت (باب 5 وفصل 6) أن هذين اللوحين مع تسعة أشياء أخرى خُلقت وقت خلق الدنيا وقت غروب الشمس قبل يوم السبت."
بالطبع كل ما ذكره تسدل الكاتب هو :
أوهام فى نفسه زينها له شيطانه وهواه وكراهيته للمسلمين واليهود مها باعتباره نصرانيا
ولو كان عادلا فى نقده الظالم فى أن اللاحق ينقل عن السابق كما قال عن المثنوى لجلال الدين الرومى والقرآن لقال أن العهد الجديد الذى يسمونه الإنجيل ينطبق عليه نفس الأمر خاصة أن الكثير من جمله وفقراته بعضها منقول من العهد القديم رأسا