خواطر حول مقال قصص غريبة ومؤثرة من الحياة
الكاتب هو هشام بودرا وهو يحكى حكايات عن أن الخير ما زال موجودا في دنيانا الحالية حيث قال مبتدئا بقصة روسية حيث قال :
"قصص تثبت ان الحياة مازالت عامرة بالانسانية
1 - التضحية من أجل الآخرين (قصة من الاتحاد السوفياتي سابقا)
كان يوري ليلكوف ملازما سابقا في الجيش السوفياتي ومدرسا عسكريا في إحدى المدارس وذات صباح بينما كان يوري منهمكا في شرحه لتلامذته الصغار في القسم كيفية إبطال مفعول القنابل اليدوية .. (جزء من التدريب العسكري في المدارس في حقبة الإتحاد السوفياتي) .. خاطب الملازم يوري تلاميذته وهو يمسك بإحدى القنابل بين يديه: (كل ما يجب عليكم أن تفعلوه هو الضغط على صمام الأمان، ثم شد الحلقة إلى الخارج!)
راقبوني جيدا وأنا أقوم بهذه العملية البسيطة أمامكم!!
ضغط يوري على الصمام وشد الحلقة إلى الخارج ثم إسترسل كلامه: (والآن عندما أترك الصمام يعود إلى مكانه الأول سوف تسمعون صوتا يشبه دقات الساعة، لأن هذه القنبلة هي مجرد نموذج لقنبلة حقيقية، فالأمر يختلف مع الثانية، لأننا عندما نعيد الصمام إلى مكانه ينطلق عمود رفيع من الدخان، ثم يحدث الانفجار بعد لحظات من إلقاء القنبلة على الهدف!) وفيما كان يوري منهمك في الشرح لتلاميذته وأثناء عملية تجريب ما شرحه ولكنه ما كاد يفعل حتى شاهد عمودا رفيعا من الدخان يخرج من القنبلة، فهي لم تكن نموذج كما كان يتوقع بل كانت قنبلة حقيقية وضعت عن طريق الخطأ!
لم يكن أمام يوري متسع للتفكير فالقنبلة ستنفجر بعد ثواني معدودات فماذا عساه يفعل .. فكر يوري لو رماها من نافذة القسم إلى فناء المدرسة فهناك تلاميذ يلعبون .. كما لا يستطيع إلقائها من الباب فهناك أقسام دراسية أخرى على جانبي الممر الطويل الذي به الأقسام الدراسية على جانبيه ...فأمسك يوري بالقنبلة بكلتا يديه بقوة وابتعد حتى اقترب من الحائط تماما وادار ظهره لتلاميذته بعدها ألصق القنبلة بجسده من الأمام ..وفجأة انفجرت القنبلة ممزقة جسد يوري إلى أشلاء .. لكن لم يصب أحد من تلاميذته بسوء .. !فاستطاع بجسده أن يمنع الشظايا الصغيرة من الانتشار في قسمه الدراسي الذي كان يضم ما يقارب العشرين تلميذا بين الرابعة عشرة والسادسة عشرة ..
عندما علمت زوجة يوري بما قام به زوجها من تضحية لإنقاذ تلاميذته من موت محقق .. قالت بنبرة يعلوها الفخر: (لقد مات يوري بطلا .. وسوف أروي لابنه الصغير ما صنعه والده حتى يستطيع أن يمشي دائما مرفوع الرأس بين زملائه)
2 - وفاء العصافير (قصة من إيطاليا)
السيدة تريزا جيوشيلي ذات الثمانين عاما والتي تعيش لوحدها .. والتي لا يؤنسها في منزلها سوى عصفورين كناريين صغيرين هما كارلا وبولا واللذان يملأن المنزل بصفيرهما .. وبينما كانت تريزا في المطبخ إذ بها تفقد توازنها وتسقط بسبب عوامل الشيخوخة البادية عليها .. وبينما كانت تريزا في وضعها وقد خارت قوتها وبدت تحس بفقدان لوعيها .. حدثت نفسها لثواني .. ماذا سيكون مصير كارلا وبولا وأنا راقدة هنا لا أستطيع الحراك أوالإستغاثة؟
وظنت أن رحلة حياتها شارفت على النهاية .. وربما لا يكتشف وفاتها إلا بعد أيام طويلة فاستجمعت ما تبقى لها من قوى خائرة وزحفت رغم الآلام الشديدة التي تشعر بها .. إلى أن وصلت في اتجاه القفص الصغير الذي يعيش فيه صديقاها كارلا وبولا .. كان هدف تريزا هو فتح القفص لإخراجهم منه لأنها لا تريد لهما أن يموتا من الجوع والعطش!
تمكنت تريزا من فتح القفص وخرج الصديقان وانطلقا عبر نافذة المطبخ الصغيرة .. ثم أغمي عليها بعد ذلك المجهود الكبير الذي قامت به ..
ولكن الأمر العجيب هو أن كارلا وبولا لم يتركا تريزا بل وقفا فوق سور شرفة المنزل المطلة على الشارع وشرعا في الغناء والصفير وراحا يملآن الشارع بالغناء ..
ولفت هذا المنظر المبهم والغير المألوف أنظار الجيران .. فقد تعودوا على أن يروا كارلا وبولا داخل القفص وليس خارج منزل تريزا!!
وأشفق الجيران على العصفورين من الضياع في وسط بيئة لم يألفاها .. فتوجه الجيران إلى منزل تريزا واسترسلوا في طرق باب المنزل .. ولكن لا مجيب .. فشك الجيران في مصير تريزا .. فاتصلوا بالإسعاف والشرطة وفتح باب البيت أخيرا .. وقد كانت تريزا مغمى عليها ومصابة بكسور في ساقها .. وثم نقلها إلى المستشفى للعلاج بشكل عاجل ..
وحينما استفاقت تريزا من غيبوبتها .. قالت وهي تتطلع إلى عصفوريها الجميلين كارلا وبولا .. كنت أعرف أنهما كل ما تبقى لي في هذه الدنيا .. لقد أنقذا حياتي!
قال رجال الشرطة وهم يتطلعون في إعجاب إلى هذا الوفاء:
هل تعلمين يا سيدتي أن صديقيك قد عادا إلى القفص عندما أدركا أنك لم تعودي وحدك!
بمجرد وصولنا لعين المكان وأثناء حملك إلى المستشفى .. فوجئنا بهما يعودان إلى قفصهما .. فعدنا نغلق الباب عليهما .. وحملناهما إليك ليكونا بجوارك عندما تفتحين عينيك مرة أخرى على الحياة ..
3 - ايفانجليا وابنها الذئب (قصة من اليونان)
كانت السيدة ايفانجليا فراكا تعيش في إحدى القرى الصغيرة في اليونان .. وذات يوم من سنة 1976عثرت السيدة ايفانجليا على ذئب صغير مصاب بشكل خطير وربما تخلت عنه أمه في الغابة القريبة من القرية .. فقررت ايفانجليا بعد أن رق قلبها لهذا الكائن الضعيف أن تحمله وتأخذه معها لمنزلها التي تقطنه لوحدها والذي يقبع في سفح جبلي بقرية لانجاديا ..
في منزلها قامت السيدة بالاعتناء بطفلها الذئب وإطعامه وسرعان ما انتشر خبر الذئب الأليف الصغير في القرية .. وتحول منزل ايفانجليا مزارا لزيارة أطفال القرية الذين كانوا يتوافدون يوميا لزيارة الذئب الصغير واللعب معه ..
مرت الأيام والأعوام وتحول الكائن الصغير إلى ذئب كبير بدأت ملامح الشراسة تظهر في تصرفاته وعينيه الحادتين وعوائه المخيف .. فتوافد أهل القرية إلى ايفانجليا ينصحونها بإعادة الذئب إلى الغابة، حيث يجب أن يكون بعد أن كبر وأصبح قادر على الاعتماد على نفسه .. وحتى لا يصبح خطرا على الأطفال الذين يأتون للعب معه من ناحية أخرى ..
لكن السيدة ايفانجليا رفضت بشكل قاطع التخلي عن طفلها الذئب التي ربته واعتنت به لسنوات .. ما جعل سكان القرية يبتعدون عن منزل ايفانجليا ما تسبب بعزلتها بشكل تام ..
وذات أمسية، حينما اقتربت ايفانجليا من ابنها الذئب الذي بلغ سن العاشرة لتقدم له الطعام هاجمها بشكل عدواني مسببا لها عدة إصابات في جميع أجزاء جسمها!
نقلت ايفانجيا بشكل سريع إلى المستشفى .. وتمكن الأطباء من علاجها. . وقال أهل القرية: (لابد أنها اقتنعت الآن بضرورة التخلص من هذا الإبن المتوحش، ولكنهم فوجئوا بها عندما ذهبوا لزيارتها وقد رقدت على فراشها تبكي بحرقة!! فقد كانت ايفانجليا تتوسل الاطباء والمسؤولين بألا يتعرضوا لإبنها الذئب بالأذى .. قالت وهي تمسح دموعها: (لقد أخطأت .. فهو حيوان ذكي، ولابد أنه سمع جيراني وأصدقائي وهم يطلبون إلي التخلص منه!!
ايفانجليا كانت تبلغ من العمر الرابعة والخمسين ولم يسبق لها أن تزوجت أو أنجبت أي أطفال كما لم يكن لها أي خبرة في تربية الأطفال .. استمرت على رأيها طيلة مدة علاجها .. متوسلة المسؤولين قائلة (لا تنتزعوه مني، فقد أصبح بالنسبة لي ابنا تعبت كثيرا من أجل تربيته! وأعدكم أنني سأكون أكثر حرصا في المرة القادمة .. !
رأي الخبراء:
أكد أحد الخبراء في سلوك الحيوانات تأييده لكلام السيدة ايفانجليا وقال: إن الذئب حيوان غير مستأنس، ولكنه ذكي، وربما يكون قد أحس بأن صاحبته تفكر في التخلص منه فأراد أن يعاقبها!
4 - الحرية المسجونة (قصة من أمريكا)
ترك كالفين موس بيته وزوجته وطفله الصغير روبرت الذي لم يتجاوز بعد الخامسة من عمره بحثا عن الحرية التي افتقدها بعد زواجه كما سبق وأن أخبر أصدقاءه بأن الزواج سجن بلا أبواب، ولا بد من تحطيمه إذا كنت تريد الخروج منه!
اختفى موس بحيث لم يعد أحد يعلم عنه أي شيء، وابتلعته ولاية أوهايو الأمريكية .. وبعد اثنين وعشرين سنة من الغياب الطوعي .. اعتقلت شرطة أوهايوالأب موس وقدمته للمحاكمة بتهمة تعاطي المخدرات وبيعها وحكم عليه بالسجن لمدة خمسة عشر سنة!
أثناء تواجده بالسجن اكتشف موس أن زميله في الزنزانة الملاصقة له تماما يحمل نفس الكنية فتوجه نحوه وسأله من تكون أنت؟ وما جريمتك التي زجت بك في السجن؟
فقال أنا روبرت موس .. وقد دخلت السجن لأمضي به عشر سنوات بتهمة السرقة .. تفحص الاب وجه ابنه لأول مرة منذ سنوات طوال فاغرورقت عيناه بالدمع وهو يرى ما آل إليه مصير ابنه بسبب حريته التي تخلى بسببها عن كل شيء حتى ابنه .. فإسترسل الإبن حديثه:
لقد تركنا أبي ورحل منذ سنوات طوال مضت .. رحل، كما قالت أمي بحثا عن الحرية .. ولا بد أنه وجدها، لأنه لم يعد إلينا مرة واحدة منذ رحيله ..
وما كاد الابن يكمل حديثه حتى هوى الأب أرضا بعد أن عجزت ساقاه عن حمله ..
وفي اليوم التالي عرف الابن القصة من حارس السجن أن ذاك الذي كان يكلمه البارحة هوأباه الذي كان ينتظر عودته إلى المنزل منذ سنوات .. وانتهت القصة بوفاة الأب من هول الصدمة ..
5 - ليلى المحروقة ضحية القدر (قصة من المغرب)
ولدت ليلى في سنة 1971بمدينة بني ملال بالمغرب .. وحسب ما قيل لليلى قد هجر الأب الأم منذ كانت رضيعة بحيث لم يسبق لها أن رأته .. وبعد مدة قصيرة من ولادة ليلى توفيت الأم فانتقلت ليلى للعيش مع أقاربها .. وبعد معاناة طويلة من الانتقال من بيت إلى بيت قررت الهرب في سن المراهقة .. لم تتلقى ليلى أي تعليم يخول لها فرص عمل أو معرفة لكن حبها للرسم وولعها به جعلها شغوفة بهذا الفن النبيل فقد وجدت في الرسم وسيلة لإفراغ ما في كينونتها من مشاعر وطاقات سواء عبر الرسم على الورق أو عبر خربشات على الحيطان .. وفي سنة 1987 قررت ليلى الفرار بشكل مطلق من إحدى قرى بني ملال إلى مدينة الدار البيضاء بعد أن حملت بشكل غير شرعي من شاب من نفس القرية .. ومخافة العار أو التصفية الجسدية من أقربائها .. وفي إحدى الأحياء الصفيحية بالدار البيضاء تعرفت ليلى على إمرأة ساعدتها على إنجاب طفلها ومن ثم وهبه إلى إحدى الأسر التي حرمت من الأطفال .. وربما بمقابل مادي .. لم يكن هم ليلى ابنها المولود حديثا فهي كانت بحاجة للمال لدفع إيجار الغرفة الصفيحية والعيش ولعب الجهل دوره لتحويلها إلى فتاة هوى تقدم خدمات جنسية للمجرمين وأشباه المشردين مقابل دراهم معدودة ونتيجة معاشرتها للمتشردين والمجرمين فقد تحولت ليلى الجميلة إلى مدمنة مخدرات (الحشيش .. والمواد اللاصقة من الصنف القوي .. الحبوب المخدرة الصلبة وغيرها) .. فتحولت بدورها إلى متشردة تقضي جل وقتها بين الدعارة والرسم على جدران الأزقة وفي الليل تفترش الإسفلت وغطاءها علب الكارتون ..
ونظرا للخربشات التي كانت ليلى تخطها على جدران المنازل فقد ثم طردها من المكان .. فغادرت المدينة القديمة وتوجهت للإستقرار بين أزقة البرنوصي وعين السبع وسيدي مومن وهناك أصبحت معروفة من المتشردين وسكان المنطقة بالفنانة المتشردة .. وذات مرة رآها شاب يدرس في كلية الحقوق بالرباط وهي ترسم فأعجب بأعمالها وقدم لها مجموعة من أدوات الرسم وطلب منها أن تنجز أعمالا خاصة بها .. وبعد ذلك أخذ الأعمال وآراها لوالده الذي طلب منه أن يحضرها للعيش مع الأسرة في منزلهم ..
فرحت ليلى كثيرا لهذا الطلب .. فلم يسبق أن طلب منها أي شخص هكذا طلب إنساني ..
هنا تتكلم ليلى فتقول: تعودت أن أطرد من البيوت لا أن أدعى للدخول إليها توجهت ليلى واستقرت مع الأسرة وكانت تقدم خدمات منزلية تساعد بها ربة المنزل .. مقابل العيش معهم والنوم ليلا في المطبخ .. وذات ليلة ولأن القدر اللعين لا يمتحن إلا التعساء في هذا العالم .. وبينما كانت تسهر على إنضاج الخبز داخل الفرن .. وأثناء فتحها لباب الفرن إندلعت النيران بشكل مباغث وملتهب في جسد المسكينة ليلى فأصابها في وجهها وعنقها وجل أطراف جسدها .. ما تسبب لها في إصابات خطيرة ومحزنة ..
وبعد شفاءها .. لم تتحمل ليلى صدمة الحادث فتركت منزل الأسرة المستضيفة .. وتوجهت إلى درب السلطان حيث تعمل كعاملة نظافة بمقهى شعبي .. تسرد ليلى قصة حياتها وهي تدخن الحشيش بشراهة .. ولا تجد ما يشفي بعض غليلها نحو هذه الحياة اللعينة التي دمرتها سوى دفتر تحتفظ به بشكل دائم تخط وترسم فيه ما يختلجها بين الفينة والأخرى ..
ولي مقولة دائما أرددها .. الفن هو دين التعساء"
بالطبع الخير موجود في الناس مهما كفروا وتجبروا وهم يعملونه شفقة أو رحمة او حتى للتظاهر امام الاخرين بالخير