مراجعة لكتاب الإعاقة والزواج
الكاتب هو زيد بن محمد الرماني وهو يتناول مسألة زواج المعاقين أو المعوقين وهم في كتاب الله أولى الضرر وقد تناول ظاهرة الاعاقة حيث قال:
"فإن ظاهرة الإعاقة معروفة منذ زمن طويل، كما أن ظاهرة التزاوج بين الأسوياء والمعاقين معلومة تاريخيا.
بيد أن هذه الظواهر وفي زماننا الحاضر أخذت منحى جديدا واهتماما خاصا.
ومن هنا، فيشرفني تقديم جهدي المتواضع من خلال بعض الوقفات الإرشادية المختصرة حول تلك الظواهر الاجتماعية.
آملا أن يجد فيها القارئ الحبيب الفائدة والتوجيه.
والله أسأل توفيق المساعي وإنجاح المقاصد فإلى ثنايا تلك الوقفات"
وقد ابتدأ بالتعريف اللغوى حيث قال:
" وقفة اصطلاحية:
الإعاقة جذرها اللغوي العين والواو والقاف، «عوق» أو العين والألف والقاف، «عاق»، ومن معانيها الحجب والمنع، فكأن الأعمى - مثلا - منع من الإبصار وحجب عن النظر.
ولذا، فإن الإعاقة لا تعني شكلا محددا، وإنما تتسع لأشكال كثيرة، فالأعمى معاق عن الإبصار، والأبكم معاق عن الكلام، والأصم معاق عن السماع، والأعور معاق عن اكتمال النظر، والأعرج معاق عن اكتمال المشي، والكسيح معاق عن المشي، والأبرص معاق عن حسن الصورة، والأقرع معاق عن شعر الرأس ... إلخ.
بل إن معاني الإعاقة تسري كذلك - في نظري القاصر - على أمور أخرى، فالجاهل معاق عن المعرفة، والأحمق معاق عن النباهة، والغبي معاق عن التعلم، والكذاب معاق عن الصدق، والنمام معاق عن سلامة الصدر، والبليد معاق عن الفهم ... إلخ.
ومن ثم، فإن الإعاقة مصطلح واسع وليس كما يتوهم بعض الناس أنه مفهوم ضيق محصور في فئات معينة أو حالات محددة.
وإذا سألنا المتخصصين في هذا المجال عن المفهوم الاصطلاحي عندهم لمصطلح الإعاقة أو المعاق، فإنهم يقولون: «الإعاقة تعني تعطل أو توقف جزء معين من الإنسان عن القيام بعمل معين (الوظائف الأساسية)».
ويستوحى من هذا التحديد قصر التعريف على حالات التوقف أو التعطل الإرادي أو غير الإرادي مع التركيز على الإعاقة الجسدية بالدرجة الأولى.
ومع تقديري لذلك، إلا أني أشارك مجموعة أخرى من الاجتماعيين أصحاب النظرة الواسعة للظواهر المجتمعية، إذ يفسحون المجال رحبا لكل شكل من أشكال التعطل أو العجز أو القصور أو الضعف.
ذلك لأن الإعاقة كلمة واسعة الدلالة، ومصطلح عريض المعاني، ومفهوم عام، حاول بعض الباحثين تحديده وتأطيره في شكل أو زاوية صغيرة، دون مستند علمي أو شرعي صحيح."
إذا الاعاقة الجسدية نقص في وظيفة من وظائف الجسم إما تشوه أو بتر أو حرق أو ما شابه
وتناول كون المعاق جسديا فردا كامل الأهلية حيث قال :
" وقفة شرعية:
المعاق في الشريعة الإسلامية فرد مسلم كامل الأهلية، له كامل الحقوق، تحتفي به الشريعة أيما حفاوة وترعى شؤونه الخاصة والعامة، وتوفر له المناخ المناسب لكي يعيش حياة مستقرة هانئة.
وقد حفلت آيات قرآنية عديدة وأحاديث نبوية شريفة بكثير من الأحكام والضوابط والقواعد للتعامل مع إخواننا المعاقين.
وما حديث القرآن عن الأعمى كما في سورة «النبأ»، وكذا عن أصحاب الأعذار والمرضى في آيات كثيرة، بحيث لا يلحقهم حرج، إضافة إلى حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الأعمى والأقرع والأبرص، مما يؤكد حرص شريعة الإسلام على أصحاب الإعاقات ورعاية شؤونهم.
والفقه الإسلامي مليء بالأحكام الفقهية والقواعد الشرعية والضوابط الأصولية الخاصة بكل شكل من أشكال الإعاقة، كما في أحكام الطهارة والصلاة والسفر والصوم والحج.
إن شريعتنا السمحة تنظر للمعاق نظرة احترام وتقدير، ومراعاة للأحوال، فلا تكلفه ما يشق عليه أو يوقعه في الحرج."
والحقيقة أنه ليس كل المعاقين جسديا كامل الأهلية فبعضهم نتيجة الخرس أو الصمم أو البكم أو الشلل الرباعى فاقد للأهلية ومن ثم ليس الكل له أهلية للتصرف إما بسبب عدم الحركة أم عدم العقل
وتناول بعض كتب التراث في المعاقين حيث قال :
"وقفة تراثية:
امتدادا لاهتمام الشريعة الإسلامية بإخواننا المعاقين وشؤونهم وأحوالهم.
كان اهتمام علمائنا وفقهائنا كبيرا، فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم الجوزية ، يفردان في كتبهما مباحث عديدة تختص بالمعاقين وحقوقهم.
فنجد ابن تيمية يفصل القول في أصحاب الأعذار وأحكامهم الفقهية المترتبة، وكيفية الوضوء والتيمم للمريض ومن في حكمه.
كمما أن ابن قيم الجوزية رحمه الله يبين كثيرا من أحكام المجذوم والأبرص والأقرع، وتحدث عن من أصيب في عقله أو رأسه أو عينه أو يده أو رجله، وما يترتب على ذلك من أحكام.
ولم يفت على ابن تيمية وابن قيم الجوزية أن يناقشا قضايا متنوعة للمعاقين ومن في حكمهم فيما يتصل بالأحكام الفقهية ذات العلاقة بالصلاة أو الصوم أو السفر ونحو ذلك."
وتناول كون المجتمع المسلم ينظر برحمة وشفقة للمعاقين حيث قال :
" وقفة اجتماعية:
إن علم الاجتماع الإسلامي ليس بدعا من علوم الشريعة، فامتدادا لاهتمام الشرع المطهر والفقه الإسلامي والعلماء المسلمين، كان اهتمام علماء الاجتماع قديما وحديثا بفئة المعاقين.
وساعدهم في ذلك تغير نظرة المجتمعات المعاصرة للمعاقين من نظرة رحمة وشفقة إلى نظرة تقدير وإعجاب خاصة أن بعض المعاقين فاق إخوانه في الابتكار والموهبة والإبداع والتميز.
فقد تغلب مجموعة من المعاقين على إعاقتهم ولم يستسلموا لها، وكافحوا وحاولوا فوفقهم الله عز وجل للنجاح والتألق، فمنهم من حفظ القرآن الكريم في زمن قياسي، ومنهم من أبدع في مجالات علمية، وبعضهم تفرد في حقل الرعاية الاجتماعية، وآخرون ابتكروا وسائل معينة فتحت لزملائهم المعاقين سبل إعانة ومساعدة.
إن علماءنا الاجتماعيين مدعوون إلى مزيد من العناية والاهتمام بمثل هؤلاء وغيرهم من المسنين والأرامل والمطلقات والأيتام، كي يكون مجتمعنا مجتمعا متماسكا متعاونا قويا."
وتناول أعمال المؤسسات في التعامل مع المعاقين حيث قال
"* وقفة مؤسسية:
إن مؤسسات الرعاية الاجتماعية والدور الخيرية والهيئات الإنسانية في هذا الزمن جيدة، هدفها العام رعاية فئات معينة من المجتمع فكريا وتربويا واجتماعيا وإنسانيا.
فهناك مؤسسات تعليمية، وأخرى اجتماعية، وثالثة خيرية، بل إن هناك نوادي وأنشطة رياضية ومؤسسات ثقافية.
وبعض الدول الإسلامية أنشأت وزارات وإدارات مخصصة للشؤون الاجتماعية والرعاية الاجتماعية والتأهيل والتدريب والتعليم لشرائح معينة من المجتمع.
وهذه المؤسسات وغيرها تستهدف معالجة أوضاع معينة من أبناء وطننا الكبير، سواء من ناحية التأهيل الصحي أو الرعاية الاجتماعية أو التدريب المهني أو التحصيل الدراسي.
وفي خليجنا مؤسسات اجتماعية ودور رعاية ومراكز إنسانية رائعة تشهد بحق أن ولاة الأمر وإخواننا المهتمين قد أولوا المجتمع بكافة شرائحه الاهتمام اللائق به."
وتناول مشكلة عدم موافقة الفتيات على الزواج من شباب معاقين والعكس حيث قال :
" وقفة إشكالية:
المشكلة: عزوف الفتيات عن الزواج من معاق؟
الأسباب: نفسية، داخل كيان الفتاة، حيث تخشى أن يعرف الناس أن زوجها معاق، ومن ثم تكون في موضع شفقة ورحمة.
وربما كانت أسبابا اجتماعية، داخل كيان المجتمع، حيث ما زالت كثير من الأسر تنظر إلى المعاق نظرة خاصة معينة.
وقد تكون أسبابا اقتصادية، داخل كيان عش الزوجية، إذ ربما توهمت الفتاة أن زوجها المعاق غير قادر على إعالة الأسرة ماديا، وقد يكون غير قادر على توفير حياة كريمة وعيشة رضية من الناحية الاقتصادية.
وهناك الأسباب العرفية، داخل كيان الأعراف والتقاليد والعادات، إذ درجت كل فتاة على أن تحلم بزوج مثالي كامل الأوصاف والخلقة جاهز من الناحية المادية وافر القوى والعقل، حتى ولو كان مخلا ببعض السلوكيات والآداب.
بيد أن هناك بعض الاستثناءات موجودة في الآونة الأخيرة بكثرة تتمثل في زيجات عديدة بين أناس أسوياء ومعاقين أو مشتركي إعاقة وكانت حياتهم سعيدة ورزقهم الله سبحانه أولادا، وهيأ لهم دخلا وعيشة طيبة وفتح لهم أبواب خير وفلاح.
ومن الناحية الشرعية: فإن من شروط الزواج الرئيسة الرضا والقبول، إلى جانب (الإسلام، الحرية، العقل، البلوغ، الكفاءة ... ). فإذا قبلت الفتاة الزواج من معاق، ففي هذا خير كثير.
ولكن إذا رفضت، فذلك لأسباب خاصة، سبق بيان بعضها، والشرع يتيح لها ذلك، ولكن أختي الفاضلة ألا تقبلي به إذا كان قادرا على أمور كثيرة وإن كان معاقا في بعض الأمور، على سبيل الابتلاء والاختبار واحتساب الأجر من الله، وقد يهيئ الله سبحانه لك خيرا كثيرا، كما يسره لآخرين كثر.
واعلمي أن من أنبياء الله عز وجل من كان أعمى، وفي الصحابة رضي الله عليهم أعمى وأقرع وأبرص وأعرج، وسير السلف الصالح لا تخلو من ذلك، ولنا في رسول الله القدوة وفي أصحابه الأسوة.
خاصة أن الأطباء أثبتوا أن الإعاقة في العموم لا تمنع من الإنجاب، فكم من معاق أو معاقة رزقهم الله بأولاد أسوياء.
ثم إن الشكل الخارجي ليس مقياسا شرعيا، فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
«إن جاءكم من ترضون دينه وأمانته (خلقه) فزوجوه»."
مسألة زواج المعاقين فتيات وفتيان مسألة تحتاج إلى تغيير نظرات المجتمع للمعاقين أولا من خلال التعليم والإعلام كما تحتاج إلى وجود قدوات للزواج كزواج أصحاب المناصب والقضاة من معاقات كما تحتاج إلى تعليم المعاقين أن يتزوجوا من بعضهم لكم من معاق مختلف في الاعاقة بحيث يكمل بعضهم بعضا فلا يجوز زواج أعمى من عامية مثلا لأن ذلك سيؤدى إلى ضرر كبير لهما أو موتهما جوعا أو تحطما من على السلالم أو غير هذا وإنما يتزوج مبصر من عامية أو مبصرة من أعمى
وقدم الكاتب النصائح للناس حيث قال :
"الخاتمة
أقدم بعض النصائح والتوجيهات، علها أن تكون وسائل مناسبة لمواجهة تلك الظاهرة وأمثالها:
أولا: الرضا بالقضاء والقدر والتسليم به ركن ركين من أركان الدين الإسلامي، ولابد من الإيمان به والعمل بمقتضاه.
ثانيا: الدين والأمانة والخلق الحسن مقاييس شرعية ينبغي الأخذ بها عند الرغبة في الزواج وغيره.
ثالثا: العادات والتقاليد الاجتماعية ينبغي الحذر من بعضها، لكونها تخالف الشرع وكذا الفطرة، ومن ذلك رفض الزواج من معاق.
رابعا: الابتلاء والاختبار من الله عز وجل لا يكون إلا لمن اختصهم الله، فيبتلي الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، وقد يكون الزواج من معاق ابتلاء واختبارا من الله لامتحان إيمان الفرد.
خامسا: ينبغي أن لا نكره أمرا من أمور الله سبحانه أو قدرا شرعيا أو مصيبة دنيوية، إذ قد يكون فيها الخير الوفير."