خواطر حول مقال نصب جورجيا الغامض: ستونهنغ أمريكي
الكاتب هو كمال غزال وموضوع المقال هو وجود نصب تذكارى في الولايات المتحدة لم يعرف من أصدر الأوامر لبنائه
يحكى الكاتب الموضوع حيث قال :
"يقف في (إلبرت كنتري) الواقعة في الشمال الشرقي من ولاية جورجيا الامريكية نصب حجري غامض من الغرانيت يصفه البعض بـ "ستونهنغ أمريكا" نسبة إلى أحجار ستونهنغ القديمة في بريطانيا، ويرجع الغموض إلى الجهل بهوية من بناه وإلى سبب بنائه ومدى صلة فحوى الرسالة المتعددة اللغات والمحفورة عليه بطوائف أو منظمات سرية تعمل لإقامة نظام عالمي جديد، وربما يكون نصب جورجيا أكثر الصروح غموضاً في الولايات المتحدة الأمريكية فهو عبارة عن ألواح ضخمة من الغرانيت منقوش عليه توجيهات تهدف إلى إعادة بناء الحضارة بعد نهاية العالم كما نعرفه الآن.
وما زالت هوية من أمر ببناء النصب مجهولة وكل ما يعرف عنه أن له اسم حركي أو مستعار (آر. سي. كريستيان) حيث أوكل في شهر يونيو -1979 شركة (البرتون) لأعمال الغرانيت لبناء هذا النصب، وفقط يعلم هذا الشخص أو جماعة من الأشخاص ما ورائه ويلتزمون بالصمت.
قصة البناء
بدأت القصة في مساء يوم الجمعة في شهر يونيو، 1979 عندما ظهر شخص بمظهر أنيق محترم وأشيب الشعر في (إلبرت كنتري) ثم دخل مكاتب شركة (إلبرتون) لأعمال الغرانيت وقدم نفسه على أنه (روبرت. سي. كريستيان) فادعى أنه يمثل:" جماعة صغيرة من الأمريكيين المخلصين " يخططون لبناء نصب ضخم معقد وغير إعتيادي، وقد اختار (كريستيان) شركة (إلبرتون) لأنه يعلم جيداً مكانة هذه البلدة في صناعة الغرانيت، إذ توصف بأنها عاصمة غرانيت في العالم، كما يعلم أن الشركة تنتج أفخم أنواع الحجارة على وجه كوكب الأرض فأومأ (جو فندلي) وهو رئيس شركة (إلبرتون) بموافقته على المشروع بينما كان منشغلاً بإتمام جدول صرف الرواتب الأسبوعي للعمال، وأثناء ذلك كان (كريستيان) يصف البناء الذي يتصوره في عقله إلى (فندلي)، ومما استوقف (فندلي) عن متابعة عمله المنشغل به هو أن الرجل كان يطلب اقتطاع أضخم حجارة من أي حجارة جرى اقتطاعها في البلاد، كما طلب أن تقطع وتصقل وتوضع بحيث تكون نوعاً من أداة فلكية ضخمة.
وعندها سأل (فندلي): " ما هي الغاية من ذلك في العالم؟ "، شرح (كريستيان) بأنه بناء تصوره في عقله منذ زمن ليكون بوصلة وتقويم وساعة، وأوضح أنه يحتاج إلى نقوشات تتضمن مجموعة من التوجيهات مكتوبة بثمان لغات اختيرت من بين اللغات الرئيسية في العالم، كما طلب أن يتحمل البناء أشد الأحداث الكارثية لكي تتمكن بقايا البشرية من استخدام هذه التوجيهات لإعادة تأسيس حضارة أفضل من هذه الحضارة التي على وشك أن تدمر نفسها.
بنية النصب
يتكون النصب من 5 أعمدة من ألواح ضخمة من حجر الغرانيت ومسقوفة بلوح حجري سادس، يبلغ طول كل عمود حوالي 4.9 ويزن 20 طناً، في الوسط يتموضع لوح مركزي مربع الشكل ويحيط به من أربع جهات ألواح مستطيلة موزعة بشكل حرف x ولكنها غير متصلة، يزن السقف 11.3 طن وهو عبارة عن لوح حجري مستطيل ومحفور على كل من أوجهه الأربعة رسالة بلغة مختلفة قديمة وميتة وهي: البابلية والإغريقية اليونانية والسنسكريتية والهيروغليفية المصرية.
أما الأحجار الأربعة التي ترفع السقف فمنقوش على أوجهها الأمامية الخلفية الثمانية رسالة مترجمة بلغات حية مرتبة باتجاه عقارب الساعة ومن جهة الشمال: الإنجليزية -الإسبانية، السواحلية -الهندية، العبرية -العربية، الصينية -الروسية. التاريخ يعبدون مواقع وحركة الأجرام السماوية كجزء من طقوسهم الدينية.
وعلى مقربة من النصب يوجد بلاطة حجرية على الأرض نقش عليها معلومات عن النصب ومواصفاته أبعاده وأوزانه ونوع حجارته ودلالات ثقوبه:
اسم النصب The Georgia Guidestones أو "حجارة نصب جورجيا ".
- تاريخ الإنتهاء من بناء النصب في 22 مارس، 1980
- مربع مرسوم يشير إلى حجر السقف المربع المركزي وأسماء اللغات القديمة ومحاط من أضلاعه الأربعة بأسماء اللغات القديمة وهي البابلية (المسمارية)، الهيروغليفية المصرية، السنسكريتية، الإغريقية وفي مركز المربع عبارة: " لتكن حجارة هذا النصب السبيل إلى عصر الرشد " Let These Be Guidestones To An Age Of Reason - مواصفات حجارة النصب (أبعاد، أوزان، مواد، والثقب).
- شرح للثقوب في الحجارة التي تتطابق مع حركات الشمس والنجوم.
مضمون الرسالة
تتضمن الرسالة لائحة من 10 توجيهات أو مبادئ وهي بحسب ما نقشت على اللوح المخصص للغة العربية كالآتي:
1 - أبقوا عدد الجنس البشري أقل من 500,000,000 في توازن دائم مع الطبيعة.
2 - وجهوا التناسل بحكمة - مع تحسين اللياقة والتنوع.
3 - وحدوا الجنس البشري بلغة جديدة حيوية.
4 - تحكموا بالعاطفة - بالعقيدة - بالتقاليد وبجميع الأشياء بمنطق معتدل.
5 - احموا الناس والدول بواسطة قوانين عادلة ومحاكم منصفة.
محاولة فهم الرسالة
يبدو لدارس بعض التوجيهات المذكورة في الرسالة المنقوشة أنها تعكس أيديولوجية أو فكر العصر الجديد New Age ، بينما كان بعضها الآخر غامضاً فيما يخص مسألة تحسين النسل وجودة الحياة وما يخص بترشيد التكاثر. وتوجيهات أخرى تصف معايير نجدها عادة في التصوف الهيبي وهي أربعة مفاهيم: الحقيقة-الجمال-الحب-إلتماس الإنسجام مع اللانهاية.
ومما يلفت النظر أن أول بند مذكور في الرسالة يأمر بالإبقاء على سكان الجنس البشري عند حدود 500 مليون إنسان وذلك من أجل تحقيق رفاهية وجودة حياة ترضي الإنسان على كوكب الأرض، ولكنه لم يذكر كيف سيتم ذلك؟ هل من خلال التخلص من البقية؟ أو ترحيلهم إلى كوكب آخر؟ رغم أن عدد سكان الأرض وصل في عام 1980 إلى 4.5 بليون نسمة وهو العام الذي انتهى العمل ببناء هذا النصب.
ونلاحظ من التوجيهات ومن قصة البناء (بناء صرح يتحمل الكوارث وتراه الأجيال القادمة بعد الكارثة) دعوة إلى إقامة عالم جديد مختلف عن العالم الحالي الذي سينتهي بدمار كبير وفق رؤيا تنبؤية للجماعة التي ربما كانت وراء بناء نصب جورجيا وتبدو هذه الدعوة واضحة في النقش المكتوب على البلاطة:" لتكن حجارة هذا النصب السبيل إلى عصر الرشد "، كما يبدو في التوجيهات دعوة راديكالية للثورة على كل معتقد وتقليد لا يلائم البشر وربما يكون فيها نية للتخلص من الأديان. ومما يجدر بالذكر أن (توماس باين) (1737 - 1809) وهو كاتب وشاعر وسياسي وثوري إنجليزي-أمريكي وله دور بارز في بداية الثورة الأمريكية قد استخدم نفس عبارة " عصر الرشد " The Age Of Reason كعنوان لكتابه، كما كتب مقالاً عن جذور الماسونية مع أنه لا يتوفر دليل على أنه كان ماسونياً، و كان يقول في الأديان:" عقلي هو كنيستي، فكافة المعابد والكنائس سواء أكانت يهودية ومسيحية وتركية تبدو لي من اختراع الإنسان وأقيمت لترويع واستعباد البشرية وللإستئثار بالسلطة وإحتكار المنفعة ".
وهنا نتساءل: " ما هو مغزى الرسالة الحقيقي من وراء بناء هذا النصب؟ " و " هل وراء هذا النصب منظمات سرية وطوائف باطنية لها صلة بغايات ما "؟
يمكن تلخيص هذه الغايات كما يلي:
- تخفيض عدد سكان العالم بشكل كبير.
- الترويج لمواضيع بيئية.
- إنشاء حكومة عالمية.
- الترويج لنظام روحي جديد.
يرى البعض وخصوصاً أولئك الذين يؤمنون بنظريات المؤامرة ومعركة الصراع الأخير مع المسيح الدجال (معركة أرمجادون) وأولئك الذين يخشون تدمير العقائد الدينية أن الجماعة التي كانت وراء بناء نصب جورجيا هي إحدى جماعات مشابهة وعديدة تعمل معاً لإقامة "نظام عالمي جديد " New World Order وترى فيه نظام إقتصادي جديد ونظام روحي جديد، ويرون أن خلف تلك المخططات قوى روحية ظلامية وأنه من دون فهم واضح لطبيعة هذه القوى يستحيل فهم أحداث العالم التي لم يكشف عنها.
- ومؤخراً جرى تشويه حجارة هذا النصب بكتابات معارضين استخدموا طلاء البخ ومن بين هذه العبارات "الموت للنظام العالمي الجديد " و "يريدون أن يتخلصوا من 80% من الأمريكيين "، إذ يعتبرون رسالة هذا النصب بمثابة "الوصايا العشرة للمسيح الدجال " وترويج للنظام العالمي الجديد الذي يزعمون أنه مستند إلى أفكار الماسونيين الأحرار والمستنيرين Illuminati. لكن (يوكو أونو) أرملة (جون لينون) أحد أفراد فرقة البيتلز البريطانية الشهرية لا تشارك في هذه النظرة إلى ستونهنغ الأمريكي بل تشير إليه وتقول:
" أريد للناس أن يعلموا بأمر هذه الحجارة ... فنحن نتجه نحو عالم قد يدفعنا إلى تدمير أنفسنا وربما لن يكون هناك وجود لكوكب الأرض ... ولهذا فإنه وقت رائع لإثبات ذاتنا ومعرفة كل الأمور الجميلة في هذا البلد ومنها أحجار نصب جورجيا التي ترمز لها "."
بالطبع هذا النصب هو أحد أعمال الأغنياء الذين يريدون تصفية وجود الفقراء وهى معظم ما كتب هو أقوال غبية تتعارض مع كتاب الله الذى يمنع التخلص من الناس بالقتل أيا كان نوعه طالما لم يكونوا مفسدين في الأرض أو قتلة كما قال سبحانه :
"أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا"
وتتعارض مع أن الله جعل قانون البشر هو الاختلاف في الدين كما قال سبحانه :
"ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم"