خواطر حول كتاب الأسانيد التي تدور عليها الأحاديث
الكاتب هو عبدالله بن عبدالرحمن السعد وقد ابتدأ الكاتب بذكر تعدد طرق كل حديث وذكر علم العلل حيث قال:
"الأسانيد التي تدور عليها الأحاديث هذه القضية مهمة جدا في علم الحديث ، وذلك أن الأحاديث لها طرق مسلوكة ، ويروى من كل طريق عشرات بل مئات الحديث ، وطالب العلم إذا أحاط بهذه الطرق المسلوكة ، وعرف هذه الأسانيد المشهورة يكون قد أحاط بكثير من السنة ، وكذلك علم العلل ، فيما يتعلق بالشذوذ والغرابة والتفرد ينبني على معرفة الطرق المسلوكة ، كما أنه - بعكس ذلك - معرفة الأحاديث الصحيحة تكون من خلال معرفة هذه الطرق المعروفة ."
وتناول أن الصحابة نقلوا السنة وتفسير القرآن فمنهم من لم يروى شيئا من الروايات ومنهم روى أحاديث قليلة أو كثيرة أو عدد متوسط وهو قوله حيث قال:
"- والصحابة نقلوا السنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، ونقل عن الصحابة أيضا ما يتعلق بتفسير كلام الله ، وبشرح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومنه فتاوى الصحابة - رضي الله عنهم - ، وهي - لا شك - مبنية على الكتاب والسنة ، والصحابة - رضي الله عنهم - ينقسمون قسمين :
1/ قسم ليس لهم رواية ، وهذا ذكرته من الناحية العقلية النظرية ، فإما أن يكونوا ماتوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحدثوا ، وإما أن يكونوا لم يلتقوا به صلى الله عليه وسلم إلا فترة قصير ، وإما أن يكون منعهم الورع أو أن هناك أعلم منهم ...
2/ قسم رووا عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، ونقلوا تفسير كلام الله ، وشرح أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعرفة الأحكام الشرعية ، وهؤلاء ينقسمون ثلاثة أقسام :
أ- منهم من هو مكثر جدا ، والمكثرون ليسوا بالكثير ، وعلى رأسهم أبو هريرة - رضي الله عنه - .
ب- ومنهم من هو متوسط ، ومنهم : عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وعبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهم - ، ولم يرو عن الواحد منهم أكثر من ألف حديث ، وإنما المنقول عنهم أقل من ألف حديث . وعبد الله بن عمرو كان مكثرا جدا من السماع من النبي صلى الله عليه وسلم ، والكتابة عنه ، وملازمته ، وبسبب اشتغاله بالعبادة - فقد كان يقوم كثيرا من الليل ... - ، وابتعاده عن الناس - فقد كان في الطائف بعيدا عن الناس وعن طلبة العلم - ، لم تنتشر عنه الرواية جدا ، وإن كان روي عنه مئات الأحاديث .
ج- ومنهم من هو مقل ، ومنهم : الصنابح الأحمسي ، قال البخاري : ليس له إلا حديثين ، وعثمان بن عفان ، والزبير بن العوام ، وجاء في صحيح البخاري الأمر الذي منعه من التحديث ، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم : «من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» ، فخشي الخطأ والغلط ، ومنهم : سعيد بن زيد ، ابن عم عمر ابن الخطاب ، وهو صاحب حديث : «عشرة في الجنة ...» ، حتى إن بعضهم من الصحابة من لم يرو عنه إلا حديث واحد - رضي الله عنهم جميعا - ."
وهذا الكلام هو استنباط خاطىء من خلال الروايات لأن ما قصه الله في القرأن يكذب هذا الاستنباط فالصحابة بعضهم كان معلما منذرا لم يتعلم سوى القرآن وتفسيره وهو ما سماه الله التفقه في الدين وفى هذا قال سبحانه:
"وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون"
والكثرة الكاثرة لم يتعلموا سوى ما يلزمهم من الحكام وكانوا يسألون هؤلاء العلماء على حد قوله سبحانه:
"فاسألوا اهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"
فلم يكونوا يروون روايات ولا سنة وغنما كانوا يجيبون بالقرآن وتفسيره وهو بيانه الذى بين كل الأحكام كما قال سبحانه :
" ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
وتناول الكاتب أن ابن حزم ألف كتابا في عدد ما رواه كل صحابى حيث قال :
"ولابن حزم رسالة في عدد مرويات كل صحابي ، أخذها من مسند بقي بن مخلد .
ولهذا أهمية ، فمثلا : أبو هريرة ذكر عنه أن أحاديثه 5374 حديثا ، وهذا عدد كبير ، وبعده ثلاثة : ابن عمر وأنس وعائشة - رضي الله عنهم - ، كل من هؤلاء روى أكثر من ألفي حديث ، وبعدهم : ابن العباس وجابر وأبو سعيد الخدري ، كل من هؤلاء روى أكثر من ألف حديث . ولو جمعت هذه الأعداد لبلغت قرابة خمسة عشر ألف حديث - بالمكرر - ، وهذا يقارب نصف السنة أو ثلثها ، وإذا أضفنا مثلا ابن مسعود ، وعمر بن الخطاب ، اجتمع عدد كبير من أحاديث السنة . فمعرفتهم مهمة ."
والغريب هو تصديق أن رجل مكث ثلاث سنوات حسب الروايات روى كل هذا العدد خمسة ألاف حديث فلو حسبنا أيام السنوات الثلاث لبلغ 1150 يوما ولو قسمنا الأحاديث لكان معناه أن كان يسمع كل يوم خمسة أحاديث وهو كلام محال باعتبار الحروب والغزوات والحج والعمرة وأسفار النبى(ص) في الثلاث سنوات زد على هذا فترات مرضه بينما من مكثوا مع النبى طوال 23 سنة كأبى بكر وعلى وعمر وعثمان وسعد ... لم يرووا سوى روايات قليلة جدا
وبالطبع لا نتهم أبو هريرة وإنما نتهم من افتروا عليه تلك الروايات ونسبوها له
وتناول الكاتب من رووا عن كل صحابى ضاربا المثل بأبى هريرة حيث قال:
"- ومن المهم : معرفة من أكثر عن هؤلاء الصحابة : قال البخاري : روى عن أبي هريرة أكثر من ثمانمئة راو ، ومنهم من هو مكثر عن أبي هريرة ، منهم أبو صالح السمان ، له بالمكرر عن أصحاب الكتب الستة نحو سبعمئة حديث ، ومنهم من هو مقل جدا ، فروى حديثا اثنين ثلاثة ... ، ومنهم من روى عن أبي هريرة ولم يسمع منه ، فالطريق إليه ضعيفة ، كالحسن بن أبي الحسن البصري ، وخلاس بن عمرو الهجري ، وللحسن نحو عشرين عن أبي هريرة ، وخلاس نحو عشر ، وروايتهما منقطعة ضعيفة . فمن المهم معرفة المكثرين عن أبي هريرة .
* ذكر المكثرين عن أبي هريرة إجمالا :
أبو صالح السمان .
سعيد بن المسيب .
محمد بن سيرين
عبد الرحمن بن هرمز الأعرج .
همام بن منبه .
عبد الرحمن بن يعقوب الجهني .
عطاء بن أبي رباح .
سعيد بن أبي سعيد الخدري ، له في الكتب الستة نحو مئة وأربعين حديث .
فلو اعتنى الإنسان بهؤلاء ، وجمع مروياتهم ، لعرف أكثر مرويات أبي هريرة - رضي الله عنه - .
…ثم ينبغي معرفة أصحاب هؤلاء ومن أكثر عنهم ، فمثلا أبو صالح ، من أصحابه : الأعمش ، له قرابة مئتي حديث في الكتب الستة . فلو عرفت هذه السلسلة : الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة ، لعرفت مئات الأحاديث ، وهي سلسلة صحيحة جدا . وينبغي عليك أن تعرف المكثرين عن الأعمش ، فمنهم : جرير بن عبد الحميد الضبي ، روى عنه عشرات الأحاديث ، وكثير من حديثه في الصحيحين وفي غيرهما ، ومثلا : شعبة بن الحجاج ، أكثر عن الأعمش ، ومنهم : وكيع بن الجراح ... فإذا عرفت هؤلاء عرفت مئات الأحاديث ، فمثلا جرير بن عبد الحميد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة ، وهذه سلسلة صحيحة جدا .
…ثم إذا جئت إلى من أكثر عن هؤلاء ، وصلت الآن إلى طبقة أحمد وابن معين وابن المديني ، فهؤلاء رووا عن جرير بن عبد الحميد ، ثم : من أكثر عن هؤلاء : البخاري ومسلم وأبو داود ...
… فبهذا عرفت الطرق الصحيحة المشهور ، التي تسهل لك علم الحديث ، وينبني على ذلك معرفة المشهور والغريب ، والصحيح والضعيف ، والمحفوظ والشاذ ، وبالتالي معرفة العلة ... فيسهل الأمر . لكن لو جاء إنسان فبدأ من شيوخ أصحاب الكتب الستة ، فالبخاري له مئتا شيخ ، ثم مسلم ، ثم .... لصعب عليه الأمر .
…لكن يبدأ من المكثرين عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم المكثرين عنهم ...
- ومثل ذلك يقال في عائشة .
* بيان العلل في رواية خالد بن دريك عن عائشة ، لأن لها علاقة بمعرفة الطرق المشهورة المسلوكة :
- فالحديث الذي رواه هو : ( إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا) ، وأشار إلى وجهه وكفيه .
…وهذا الحديث مهم ، يتعلق بلباس المرأة ، فينبني عليه أحكام ،
فأولا : لم يرو هذا الحديث المهم إلا رجل لا يعرف بالرواية عن عائشة .
ثانيا : أين أصحاب عائشة المكثرين عنها ؟ والملازمين لها ؟ كابن أخته عروة بن الزبير ؟ ومن تربت في حجرها عمرة بنت عبد الرحمن ؟
ثالثا : أن خالد بن دريك مقل جدا ، روى حديثين عن ابن عمر وهو لم يدركه ...
……فهذا حديث منكر ، باطل .
…ولا يعتضد بغيره ، فهذه الطريق باطلة ، فخالد بن دريك لم يسمع من عائشة ، وأشد من هذا : أن خالدا لم يشتهر عن عائشة ، بل هو بعيد عنها في الشام ، وأين الذين في بلادها ، ويدخلون عليها ؟
…فهذا مما يستفاد من معرفة الأسانيد والسلاسل المشهورة .
مثال آخر : حديث : «الأذنان من الرأس» ، رواه الطبراني عن عبد الله بن أحمد عن أحمد عن وكيع عن ابن أبي ذئب عن قارض مولى شيبة عن أبي غطفان عن ابن عباس . قيل عن هذا الإسناد أنه أصح أسانيد هذا الحديث ، ولكن هذا الحديث منكر ، وهم .
- فعبد الله بن أحمد من أصحابه الطبراني ، والقطيعي من أكثر أصحاب عبد الله ولم يروه .
- وأحمد ، روى عنه عبد الله ، وغيره كصالح وحنبل وأبي داود ومسلم والأثرم وابن هانئ وغيرهم ، لم يرووه عن أحمد .
- وكيع ، روى عنه أحمد ، لا ابن معين ولا ابن المديني ولا إسحاق بن راهويه .
- ابن أبي ذئب ، روى عنه وكيع ، ولم يروه مثلا يحيى بن سعيد القطان .
- قارض ليس بالمكثر ، ولكن أين أصحاب ابن عباس ؟!
…فليس هذا الإسناد من أصح أسانيد الحديث ، بل هو خطأ ووهم .
ومن هذا الباب تعليل أبي حاتم - مثلا - لأحاديث ظاهر أسانيدها الصحة ، أن هذه الطريق غريبة ، ففلان ليس من أصحاب فلان ، ولا يعرف بالرواية عنه ، وبالتالي أصبحت هذه الطريق غريبة .
- وهناك مكثرون في طبقات عدة . ولو أحيط بالسلاسل المشهورة ، لأحيط بجزء كبير من السنة ."
وهذا الكلام لو عدنا لكتب الرجال لتبين أن 99 %وأكثر كلها روايات غير مقبولة لأن 99% من الرجال مجروحين متكلم فيهم ولا توجد سلسلة إلا فيها واحد منهم حتى أن كتاب كصحيح البخارى لو أخرجنا السلاسل التى فيها رجل متكلم فيه ما تبقى منه إلا اقل من خمسين رواية لم يقل منهم النبى(ص) واحدة وإنما هى اقوال للتابعين وقليل جدا منسوب للصحابة