خواطر حول كتاب رؤية الله تعالى يوم القيامة للإمام مالك بن أنس
الكتاب أو قل المقال الذى استغرقت هوامشه أكثر من ثلثى الكتاب متنه وهو نصه قصير جدا وكاتبه هو أبي عبد البر محمد كاوا وقد جمع فيه الكاتب الروايات التى رواها مالك بن أنس في موضوع رؤية الله في القيامة حيث قال :
"أما بعد:
فهذه مجموعة من أقوال امام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله في عقيدة أهل السنة والجماعة في رؤية الله عز وجل يوم القيامة خلافا للمبتدعة من الرافضة والمعتزلة وغيرهم. وسميته ب"رؤية الله تعالى يوم القيامة للإمام مالك بن أنس ""
والروايات هى :
1 - قال عبد الله بن وهب: قال مالك:" الناس ينظرون إلى الله تعالى يوم القيامة بأعينهم ".
2 - قال عمرو بن سلمة التنيسي ابو حفص: سمعت مالك بن أنس يقول: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة، قوم يقولون إلى ثوابه؟ فقال مالك: كذبوا فأين هم عن قوله تعالى: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون}.
3 - قال أشهب بن عبد العزيز صاحب مالك: قال رجل لمالك: يا أبا عبد الله هل يرى المؤمنون ربهم يوم القيامة؟ قال:" لو لم ير المؤمنون ربهم يوم القيامة لم يعير الله الكفار بالحجاب قال تعالى: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون}.
4 - قال أشهب بن عبد العزيز: وسئل مالك عن قوله عز و جل {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} أتنظر إلى الله عز و جل؟ قال: نعم. فقلت: إن أقواما يقولون تنظر ما عنده؟ قال: بل تنظر إليه نظرا وقد قال موسى رب أرني أنظر إليك فقال له لن تراني وقال الله عز و جل {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون}.
5 - عن مالك بن أنس قال: لم ير في الدنيا، لأنه باق ولا يرى الباقي بالفاني، فإذا كان في الآخرة ورزقوا أبصارا باقية رأوا الباقي بالباقي.
6 - قال أبو موسى الأنصاري: قيل لمالك: إنهم يزعمون أن الله لا يرى. فقال مالك: السيف السيف.
7 - عن ابن القاسم قال سأل أبو السمح مالكا فقال يا أبا عبد الله أيرى الله يوم القيامة؟ فقال: نعم، يقول الله عز وجل {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} وقال لقوم آخرين {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون}.
8 - قال يحيى بن سليمان: سئل مالك بن أنس عن هذه الآية:" وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة" فقال: لما حجب أعداءه فلم يروه تجلى لأوليائه حتى رأوه
9 - قال ابن نافع وأشهب وأحدهما يزيد على الآخر:
قلت: يا أبا عبد الله: {وجوه يومئذ ناضرة، إلى ربها ناظرة} ينظرون إلى الله؟ قال: نعم، بأعينهم هاتين.
قلت: فإن قوما يقولون: ناظرة: بمعنى منتظرة إلى الثواب. قال: بل تنظر إلى الله، أما سمعت قول موسى: {رب أرني أنظر إليك} أتراه سأل محالا؟ قال الله: {لن تراني} في الدنيا، لأنها دار فناء، فإذا صاروا إلى دار البقاء، نظروا بما يبقى إلى ما يبقى.
قال تعالى: {كلا، إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون}.
وفي الأخير نسألكم دعوة خالصة بالغيب."
والأقوال التى جمعها الكاتب كلها ليس فيها واحدة منسوبة للرسول(ص) وإنما هى روايات قالها مالك أو رواها عن غيره
ومن ثم فهى روايات لا تصح وقد ارتكزت على قولين في القرآن :
الأول "وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة"
والقول لا يدل على رؤية الله بالعين لأن الله لم يذكر عيونا ولا أبصارا ولا أنظارا وإنما قال وجوه والوجه لا ينظر وإنما تنظر العين هذا إن اعتبرنا أن المقصود بالوجوه هو ما فوق الرقاب
أن الله فسر الوجوه بالنفوس السعيدة المستبشرة فقال :
" وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة "
ومن ثم ناظرة لا تعنى مبصرة لأن النظر له معانى متعددة في كتاب الله منها التفكر كما في قوله سبحانه :
"أفلم يسيروا فى الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم"
فالنظر في عاقبة وهو جزاء الكفار وهو أمر غير مرئى هو فكر وليس نظر بالعين
الثانى قوله سبحانه" كلا، إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون"
القول ليس فيه أى لفظ يدل على الرؤية البصرية فالحجب كما يكون حجبا بصريا يكون حجبا أخر كحجب الرحمة وحجب النفس عن الأسلام كما في قوله سبحانه:
"وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا"
وقال أيضا :
"وقالوا قلوبنا فى أكنة مما تدعوننا إليه وفى أذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب"
فالحجاب بين الرسول(ص) والكافر هو حجاب الكفر القلبى وهو حجاب الشهوات أى الهوى الضال وهو نفسه الحجاب بين الكافر والقرآن
والإصرار على أن الله رؤية عيانا معناه هو أن يكون الله يشبه خلقه في النهاية فيكون له جسد وله حدود شكلية ويحل في الأماكن وبهذا يكون قد كذب نفسه في قوله سبحانه:
" ليس كمثله شىء"
وقوله :
"لن ترانى"