السباقات البشرية فى الإسلام
خلق الله الناس لهدف معين وهو عبادته وهى :
طاعة أحكام دينه حيث قال :
" وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"
ولكن الناس بدلا من التسابق فى رضا الله وحده جعلوا سعيهم وهو أعمالهم مختلفة كما قال سبحانه:
" إن سعيكم لشتى"
أصبحت القلة القليلة هى من تتسابق إلى رضا الله والأكثرية تسعى لرضا وهو هوى نفسها
طلب الله من المؤمنين التسابق وهو المسارعة إلى طاعة أحكامه التى هى الطريق إلى المغفرة والجنة حيث قال :
"سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله"
وفسر الله التسابق بأنه المسارعة حيث قال:
"وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين"
بالطبع ليس الغرض من هذا السباق هو التكاثر فى الأعمال الصالحة لأن كثرة من المؤمنين قد تعمل أعمال كثيرة جدا أكثر من باقى الناس ومع هذا يدخلهم الله الدرجة الأقل فى الجنة
هناك عمل واحد جعله الله هو الطريق إلى الدرجة العليا وهو الجهاد فى سبيله بالمال والنفس حيث قال :
" فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
إذا الأعمال ليست بالكثرة العددية ولكن بنوعية العمل والجهاد وهو التضحية بالنفس وهى الروح والمال لإعلاء كلمة الله هو العمل الوحيد الذى يدخل الدرجة الأعلى ومن ثم فالقاعدون عن الجهاد مهما زادوا من النوافل لن يصلوا إلى درجة المجاهد فى الجنة
وأما الكفار فيتسابقون بمعنى يلعبون ويلهون وبلفظ أخر يسعون إلى التكاثر فى متاع الدنيا سواء مال أو أولاد وهذا التكاثر يكون أحيانا بطرق شرعية أو طرق غير شرعية فهم مثلا ينجبون أولادا من الزواج وينجبون الأولاد من الزنى وهم مثلا يكثرون مالهم بتجارة محللة كبيع الطعام الحلال ويكثرون أموالهم أيضا بتجارة حرام كتجارة الخمور ولا مانع عندهم من أجل الزيادة أن يقتلوا المنافسين أو يحطموهم
وفى هذا قال سبحانه :
"اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر فى الأموال والأولاد"
من أشكال التسابق فى كتاب الله :
1-شكل اللعب الرياضى:
نجد أن اخوة يوسف (ص) فى شبابهم الأول طلبوا من والدهم يعقوب(ص) أن يأخذوا يوسف (ص) معهم لكى يلعب معهم ألعابا رياضية تنمى الجسم حيث قالوا :
" أرسله معنا غدا يرتع ويلعب"
واللعب الذى ذكروه كان تسابق أى تنافس فيمن يفوز فى تلك الألعاب وهى الحجة التى احتجوا بها فى تضييع يوسف (ص) حيث قالوا:
"إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب"
الألعاب التى تسمى رياضية تتخذ كصورة من صور التكاثر المالى وشغل الناس عن طاعة الله من خلال تضييع أوقاتهم فى مسابقات مختلفة حيث يشترى العبيد( اللاعبين) لإلهاء غيرهم من الناس وتضييع أوقاتهم فى الفرجة والعراك على اللاعب الأفضل أو النادى الأفضل أو المنتخب الأفضل والحكم العادل أو الظالم والأهم أخذ أموالهم من خلال بيع التذاكر والقمصان والتبان والجوارب والأحذية وبذلات التدريب وأدوات اللعب كالكرات وغيرها وبيه المباريات فى البث التلفازى وبيع الإعلانات
إنها تجارة هائلة لا يدرك حجم مدخولاتها العالية إلا تلك الشركات العالمية ورؤساء النوادى التى يملكونها
2- الشكل المالى وهو القمار وهو اللعب على نقود حيث يكون هناك كاسب للمال وخاسر له والعملية لا تقتصر على مجرد المكسب والخسارة وإنما هى تجارة فلا تجد قمار إلا وبجانبه بيع للخمور سواء سميت مشروبات أو مخدرات أو غير هذا ولا تجد قمار إلا وهناك دور متخصصة تكسب من الجالسين فيها من خلال دفع رسم الدخول ومن خلال بيع الخمور وأحيانا من خلال بيع متعة النساء
القمار يعتمد على خبرة من يمارسون ألعابه
وفى تحريم هذا الشكل قال سبحانه :"يا أيها الذين أمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون"
3- الأزلام وهى نوع أخر من المكسب والخسارة غير المبررة وهى لا تعتمد على خبرة وإنما على حظ والأزلام عند القدامى كانت عبارة عن أقداح مكتوب عليها من واحد إلى عشرة من الداخل يقوم القائم على اللعبة بتحريكها فى اتجاهات متعددة كى لا يعرف أحد أرقامها والتى لا تظهر لأحد ثم يطلب من العشرة أن يختار كل منهم قدح فمن يخرج له قدح من واحد إلى سبعة يكون فائز ومن يخرج له الأرقام ثمانية وتسعة وعشرة يكونون هم الخاسرون
القدامى كانوا يلعبون على ناقة أو ما شابه فيقوم الثلاثة الخاسرين بدفع ثمنها على حسب رقم كل منهم 8+9+10 = 27 جزء وأما الكاسبون فيأخذون لحوم ودهون الناقة على حسب رقم كل منهم حيث تقسم إلى 28 جزء يأخذ كل منهم أجزاء حسب القدح معه 1+ 2+3+4+5+6+7=28 جزء
وفى تحريم هذا الشكل قال سبحانه :
" حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام" والمقصود قوله:
"وأن تستقسموا بالأزلام"
بالطبع الكثيرون منا يمارسون القمار والأزلام فى حياتهم دون أن يدروا مثل دورات كرة القدم حيث تجمع الاشتراكات ويكسبها الفريق الأول وأحيانا معه الثانى وتخسر باقى الفرق اشتراكاتها ومثل تعالوا نلعب على حاجة ساقعة أو على مشروب ساخن أو بسكويت وأحيانا فى العمل تعالوا نشتغل ومن ينهى عمله الأخر يجلب الشراب أو الطعام للآخرين
هناك أشكال كثيرة من التسابق سواء التسابق المطلوب أو التسابق المحرم ومن تلك الأشكال :
1-تسابق الزوجين فى ارضاء بعضهم مثل أن يقوم الزوج بمساعدة زوجته فى المطبخ أو ينظف معها البيت ومثل أن تقوم الزوجة بجلب هدية لزوجها أو تقوم بعمل أشكال مختلفة للشعر أو اللبس له وهذا النوع من التسابق هو بعض أفعال المودة التى قال سبحانه فيها :
" وجعل بينكم مودة ورحمة"
2-التسابق الزوجى فى إرضاء الأولاد وهو نوع من التسابق المحرم حيث كل منهم يقوم باعطاء الأولاد نقود أو هدايا أو ملابس أو .... دون سبب إلا أن يحب الولد أو البنت الأب أو الأم أكثر من الأخر أو يقوم الولد أو البنت بالوقوف إلى جانب أحدهم فى المشاكل بينهما
النتيجة الطبيعية لهذا الشكل من التنافس هو :
أن تعامل الولد أو البنت فيما بعد يكون مع الأبوين تعامل ماديا فإذا أردت منه شىء عليك أن تدفع أو تهدى وإلا فلن تنال رضاه أو لن يقف إلى جوارك فى المشكلة مع الطرف الأخر
هذا التسابق هو نوع من التبذير التى نهى الله عنه واعتبر من يقوم به من اخوان الشياطين حيث قال :
"ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا"
3- التسابق فى العمل المهنى وهذا النوع من التسابق بعضه قد يكون من التسابق المحرم لأن الغرض منه هو الحصول على المنصب وغالبا ما يكون بالحصول على الشهادات الأعلى وهو الطبيعى حسب القانون أو بالتعرف على الكبار وجعلهم واسطة
وهذا التسابق محرم لأن المطلوب من المؤمن ألا يسعى إلى منصب " لا تسأل الإمارة فإنها أمانة ويوم القيامة تكون خزى وندامة"
وأما التسابق المحلل فهو السعى إلى خدمة الناس أو ما نسميه المجتمع بكل ما هو متاح أمام الساعى كأن يقوم بعمله ويشارك فى انجاز عمل الآخرين حتى يقضى كل واحد حاجته بسرعة وقد يكون بمجرد كلمات طيبة للناس كى يصبروا أو يكون بالتربيت على الأكتاف أو على الظهر وفى بعض الحالات كالمرض باحتضان المريض والتربيت عليه وفى بعض الحالات قد يكون بالقيام من على الكرسى واجلاس صاحب العاهة أو الكبير أو المريض عليه ...
وننهى الكلام بالقول :
أن التسابق فى الإسلام لا يعنى تنافسا فيه تحطيم للطرف الأخر وإنما هو قائم فى كثير من الأحيان على التعاون كما قال سبحانه :
" وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"