إضاءات حول رسالة النور الأسنى بمناجاة الله بأسمائه الحسنى
الكاتب محيي الدين بن عربى وق ابتدأ الرسالة بالبسملة والرسالة عبارة عن دعاء الله بالأسماء الواردة على أنها الأسماء الحسنى لله وهى تسمية مغلوطة لأنها الأسماء التى تطلق على الذات وأما الأسماء الحسنى فهى أحكام الله التى قال فيها :
"ومن أحسن من الله حكما"
وبداية الرسالة هى :
"بسم الله الرحمن الرحيم ... اللهم إني أسألك ... يا الله دلني بك عليك وارزقني من الثبات وجودك ما اكون به متأدبا بين يديك. ... يا رحمن ارحمني بسبوغ نعمك وآلائك وبلوغ الأمل في دفع شدائدك وبلوائك. ... يا رحيم ارحمني بدخول جنتك والتنعم بقربك ورؤيتك"
الغلط هو طلب رؤية الله وهو ما اعتبره الله عتوا كبيرا أى ذنبا عظيما والمقصود حيث قال :
"وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا وعتو عتوا كبيرا"
وهو تكذيب لقوله سبحانه:
" لن ترانى"
وقال أيضا:
. ... يا مالك الدنيا والآخرة ملكا تاما كاملا اجعلني في الوصول الى جنة النعيم والملك الكبير جادا عاملا. ... يا قدوس قدسني من العيوب والآفات وطهرني من الذنوب والسيئات. ... يا سلام سلمني من كل وصف ذميم واجعلني ممن يأتيك بقلب سليم. ... يا مؤمن آمني يوم الفزع الأكبر وارزقني من مزيد الإيمان الحظ الأكبر. ... يا مهيمن اجعلني لمهيمنتك شاهدا ورائيا ولأماناتك وعهدك حافظا وراعيا . ... يا عزيز اجعلني بعزتك من الأذلين بين يديك واستعملني بأعمال الآخرة لديك. ... يا جبار اجبر حالي بموافقة مرادك ولا تجعلني جبارا على عبادك. ... يا متكبر اجعلني من المتواضعين لكبريائك الخاضعين لحكمك وقضائك. ... يا خالق اخلق في قلبي توفيقا للطاعة واعصمني بين خلقك من كل ظلامة وتباعة. "
الغلط طلب العصمة من الظلم وهو طلب محال لأن الله بين أنه خير الإنسان بين الإيمان والكفر وهو الظلم حيث قال:
" " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"
وقال أيضا
"... يا بارىء اجعلني من خير البرية وخلقني بأخلاق حسنة مرضية. ... يا مصور صورني بصورة عبوديتك ونورني بأنوار معرفتك. ... يا غفار اغفر لي جميع الكبائر والصغائر وهوجم الغفلات وهموجس الضمائر. ... يا قهار اشهدني قهرك ولا تؤمني مكرك. ... يا وهاب هب لي من جزيل هبتك ما يبلغني إلى مرضاتك. ... يا رزاق ارزقني علما نافعا ورزقا حلالا واسعا. ... يا فتاح افتح لي أبواب السعادة وحققني بحقائق أهل الإرادة. ... يا عليم علمني من علمك ما ترضى به عني ولا تؤاخذني بما تعلمه مني. ... يا قابض يا باسط اقبضني عن مسابقة دواعي النفس وابسط علي نفحات الأنس. ... يا خافض يا رافع اخفض لي هوائي بموافقة كتابك وارفعني بقربك فهويتي إلى جنابك.
يا معز يا مذل اعزني بعز التوحيد والإيمان ولا تذلني بإتباع خطوات الشيطان. ... يا سميع اسمعني بلطائف اسماع من عملت فيه الخير واجعلني من الراغبين لسمعك وبصرك في كل نهي وأمر. ... يا بصير اجعلني بصيرا في دينك عند اشتباه الأمور ذا بصيرة تامة في اجتناب كل محظور. ... يا حكيم اجعلني لحكم ارادتك مسلما ولأحكام شريعتك معظما. ... يا عدل اجعلني ممن يقوم بالعدل في جميع عمله ويبلغ بالترقي في درجات الإحسان غاية أمله. ... يا لطيف الطف بي في قدرك وقضائك واقسم لي من جزيل برك وآلائك. ... يا خبير اجعلني خبيرا بخفيات عيوبي مستغفرا من جميع ذنوبي. ... يا حليم خلقني بخلق الحلم وحققني بحقائق العلم. ... يا عظيم بعظمة لا تحيط بها أوهام المتفكرين اجعلني عظيم الهمة في الترقي في مقامات المتمكنين أهل التمكين. ... يا غفور اغفر لي جميع الخطايا والذنوب وبلغني من رضوانك غاية المرغوب. ... يا شكور اجعلني شكورا لما أنعمت على من نعمائك ذكورا لإحسانك وآلائك. ... يا علي يا كبير اجعلني من عبادك المقربين في درجات الكمال يا من لا كبيرا إلا هو بالإضافة إلى كبريائه حقير اجعلني من الأكابر المختصين بالملك الكبير."
الغلط هو طلب محال وهو جعله من الأكابر المختصين بالملك الكبير فلا يوجد أحد مختص بالملك الكبير لأنه ملك الله وحده كما قال :
" لله ملك السموات والأرض "
وقال :
" لمن الملك اليوم لله الواحد القهار"
وكلمة الأكابر تطلق على الكفار وهم المتكبرين على طاعة الله
وقال أيضا:
" يا حفيظ احفظني من موافقة موجبات عذابك واجعلني حفيظا لما استحفظتني من كتابك. ... يا مقيت اقتني باطنا وظاهرا بأحسن الأقوات واعني على طاعتك في جميع الحالات. ... يا حسيب استعلمني بالمحاسبة قبل الحساب والسؤال وكن حسبي في جميع الأحوال. ... يا جليل فلا جليل إلا وهو في الجلالة له مستكين اجعلني من هيبتك وجلالك في مقام مكين. ... يا كريم اجعلني من المكرمين بطاعتك ومحبتك واكرمني بالنظر إلى وجهك الكريم في جوارك وجنتك. ..."
الغلط هو طلب رؤية وهو النظر لله وقد سبق الكلام عنه
وقال أيضا:
"يا رقيب ارزقني من مراقبتك ما يمنعني من العصيان ومن مشاهدة قربك ما يذهب عني الغفلة والنسيان. ... يا مجيب استجب لى دعائي بأسمائك الحسنى واجعلني ممن أجاب دعوتك واتبع رسول الهدى. ... يا واسع وسعت كل شيء رحمة وعلما أوسع لي من الرحمة والعلم أوفى حظ واوفر قسم.
يا حكيم حكمته لا يشذ شيء عنها هب لي حكمة تحملني على محاسن الأحوال والأفعال وترك القبائح منها. ... يا ودود يود أولياءه واصفياءه المقربين اجعل في قلبي ودا لك واجعل لي ودا في قلوب المؤمنين. ... يا مجيد بمعنى عظيم الشأن عميم الإحسان ارزقني من المجد ما هو غاية الإمكان في طاقة الإنسان. ... يا باعث ابعث لي خواطر الخير من خزائن السر وثبتني يوم البعث بجزيل الأجر وجميل البر. ... يا شهيد اجعلني لشهادتك متيقنا وبعلمك مكتفيا . ... يا حق حقق رجائي في بلوغي حقيقة من حقائق توحيدك واستعلمني للقيا بحقك والوقوف على جودك. ... يا وكيل اجعلني من المتوكلين عليك في الأمور كلها ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا أقل من ذلك. ... يا قوي قوني على العمل بكل طاعة وبر وقني شر نفسي وشر كل ذي شر. ... يا متين اجعل ديني متينا ويقيني قويا مكينا. ... يا ولي اجعلني بولايتك اياي وليا وبرعاية حقك وفيا . ... يا حميد اجعلني من الحامدين لك والشاكرين واحشرني تحت لواء الحمد في زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. ... "
الغلط هو وجود لواء الحمد في القيامة وهو ما يخالف أن الناس يأتون أفرادا ليس معهم أى شىء كالأعلام وفى هذا قال سبحانه :
"إن كل من فى السموات والأرض إلا أتى الرحمن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا"
وقال أيضا :
"يا محصي كل شيء عددا واحاطة وقدرا اجعلني من المحصين لأسمائك عقدا وطاقة وحصرا. ... يا مبدىء يا معيد اجعلني ممن يبدأ بمخالفة نفسه على مراده واختياره ويعود إلى بابك بصدق اجتهاده واعتماده وافتقاره. ... يا محي يا مميت احي قلبي بمعرفتك وأمت نفسي بشهود عظمتك. ... "
الغلط هو طلب موت النفس بشهود العظمة وهو طلب مجنون فالرجل يطلب الهلاك كما هلك طالبى رؤية الله في قوله سبحانه:
"واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم وإياى أتهلكنا بما فعل السفهاء منا إن هى إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدى من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين"
وقال أيضا:
"يا حي أحيني حياة طيبة واسقني من شراب محبتك أعذبه. ... يا قيوم هب لي من معرفة قيوميتك ما استريح به من كدر التدبير ومن مشاهدة لطائفك ما يتيسر لي به كل عسير. ... يا واجد اوجد لي من جودك وجدا بالغا وجودا وانلني من عرفان واجديتك عطاء سابغا وجودا. ... يا ماجد أوصافه مجد واسماؤه حسنى اعطني من الهمة ما ارقى به إلى المحل الأسنى. ... يا واحد اجعلني موحدا بوجود وحدانيتك مؤيدا بشهود فردانيتك. ..."
الكاتب يطلب نفس الطلب الذى هو ذني عظيم وهو شهود الله أى رؤية الله
وقال أيضا:
" يا صمد ارزقني صمدية تقتضي دوام الحصول واجعلني ممن يصمد اليك بهمته في جميع الامور.
يا قادر اخلق لي قدرة صالحة لاكتساب الطاعات وقوة مانعة عن إرتكاب المخالفات. ... يا مقتدر اجعلني بشهود اقتدارك وهيبته ممن يتقرب بين يديك في سكونه وحركته. ... يا مقدم يا مؤخر قدمني في حلبة السابقين إلى دار السلام ولا تؤخرني مع الهالكين باجترام الآثام. ... يا أول يا آخر اكتبني عندك في أوائل السابقين. ... يا ظاهر يا باطن احفظ باطني وظاهري مما لا ترضاه ولا ترضى به عن عبد أتاك. ... يا ولي تولني بهدايتك واجعلني من أهل ولايتك وخاصتك. ... يا متعالي ارزقني من شهود تعاليك ما ينور الظلمات ويوضح المشكلات. ... يا بر اجعلني عندك بارا نقيا وبمن نزل بي برا حفيا مرضيا . ... يا تواب ارزقني اليك توبة نصوحا لا تدع لي إلى المخالفة ميلا ولا جنوحا. ... يا منتقم لا تنتقم مني باقتراف الزلل ووفقني للقبول والعمل. ... يا عفو اعف عني بفضلك وإحسانك وعاملني بكرمك وإمتنانك. ... يا رؤف كن بي في الدارين رؤفا رحيما وأقسم لي من الرأفة بالمؤمنين قسما وافرا وحظا عظيما. ... يا مالك الملك والأملاك أعوذ بك من مسالك الهلاك. ... يا ذ االجلال والإكرام أعذني من الضلال والإجرام. ... يا مقسط استعلمني بالقسط في جميع الأحوال بفضلك ولا تعاملني بقسطك وعدلك."
الغلط التفرقة بين الفضل والعدل فعدل الله يتضمن فضله وهو رحمته وهو عفوه عن الذنوب التى تاب الإنسان منها وهو ما أوجبه الله على نفسه حيث قال:
"قل لله كتب على نفسه الرحمة"
وقال أيضا:
... يا جامع اجمع متفرقات كوني في جمع الجمع بين يديك وارزقني يوم الجمع قربك والنظر إليك. ... "
الغلط المتكرر وهو النظر لله
وقال أيضا:
"يا غني اجعلني غنيا بافتقاري إلى كرمك وافضالك وكن بي حفيا يوم ورودي عليك بإحسانك واجمالك. ... يا مانع امنعني عن العوالم كلها بانقطاعي إليك وأعني على أموري بصدق التوكل عليك. ... يا ضار يا نافع اجعلني ممن يضر بدنياه لطلب الآخرة ويذر هداه في مناه لشهود المنافع الفاخرة. ... "
الغلط طلب الكاتب أن يكون ضارا بدنياه ولو أضر ما في الدنيا من الخلق لكان كافرا لقوله سبحانه:
" ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين"
وقال أيضا:
"يا نور السماوات والأرض بمعنى الهداية لأهلها والإرشاد اجعل لي نورا أمشي به بين العباد. ... يا هادي اهدني لأحسن الأعمال. ... يا بديع السماوت والأرض عن غير قياس ولا مثال أظهر لي من بدائع حكمتك ما ينفي كل التباس ويوضح كل اشكال. ... يا باقي فلا انتهاء لنهايتك ولا آخر اسهم لي من مقام البقاء بك الحظ الوافر.
يا وارث خصني من وراثة خواصك بمقام كريم واجعلني بفضلك من ورثة جنة النعيم. ... يا رشيد ارشدني إلى طاعتك ومحبتك واجعلني مرشدا لعبادك إلى طريق توحيدك ومعرفتك. ... يا صبور صبرني على طاعتك واجعلني صبورا في بلواك وعافيتك. ... اللهم اني أسألك بمعاقد العز من عرشك وبمنتهى الرحمة من كتابك وبأسمائك الحسنى كلها ما علمت وما لم أعلم أن تصلي على سيدنا محمد وعلى وصحبه وسلم وأن تقضي حاجتي برحمتك يا ارحم الراحمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام المرسلين والحمد لله رب العالمين."
والغلط هو اختراع معاقد العز في العرش فهى أمور لا وجود لها في الوحى