مهنة الحلاقة
المفترض فى أى مهنة فى مجتمعنا أن تتبع أحكام الوحى الربانى عند ممارستها ونتكلم اليوم عن معنى الحلاقة :
معنى الحلاقة:
الحلاقة هى مهنة تقصير وإزالة الشعر وقد اخذت اسمها من جزء مما أباح الله فعله فى الشعر وهو :
الحلق والتقصير حيث قال :
" محلقين رءوسكم ومقصرين"
فأطلق اسم الجزء على الكل
أنواع الحلاقين :
1 – حلاق الرجال وهو مختص بالرجال من حيث الحلق والتقصير
2- الماشطة وهو اسم يطلق على حلاقة النساء جوازا والنساء لا يحلقون كالرجال ومن هنا أتت تسمية الماشطة وهى التى تسرح الشعر بالمشط
3- حلاق الحيوانات وهى الأنعام حيث يتم حلاقة شعر وصوف ووبر الأنعام للاستفادة منه فى التصنيع وفى هذا قال سبحانه :
"وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين"
أحكام الحلاقة :
1-المباح فى الشعر هو التقصير وهو ما نسميه قص الشعر والحلق وهو إزالة الشعر كاملا
وفى هذا قال سبحانه :
"محلقين رءوسكم ومقصرين"
ومن ثم لا يجوز عمل أى شىء غير التقصير والحلق فى الشعر كما يجعلون شعرهم ضفائر أو يعملون على أشكال مختلفة كالمربعات أو يحلقونه من جانب أو جوانب ويبقون بعضه فى قطع أو قطعة معينة كالتسريحات التى يصنعها الحلاقون كالقزعة حيث يحلقون الجانبين ويبقون شعر أعلى الرأس أو يعملونه كذيل الحصان وما شابه ذلك من الأسماء التى يطلقونها على التسريحات
المباح إما حلق كامل أو تقصير كامل لمحيط الدماغ
2- شعر الحجاج لا يجب حلقه من أول الحج وحتى بلوغ الهدى محله وهو ذبح الأنعام فى المشعر الحرام إلا فى حالة واحدة وهى :
وجود مرض أو أذى أى ضرر من إطالة الشعر وفى هذا قال سبحانه :
"ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدى محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك"
وعلى الحالق فى حالة المرض أو الأذى وهو وجود الحشرات المؤذية الفدية وهى الكفارة وهى إما صوم عدد من الأيام وإما صدقة وهى إطعام عدة مساكين وإما نسك وهو ذبح شىء من الأنعام
3- لا يجوز تغيير الشعر الأصلى للإنسان رجل أو امرأة بعير الحلق والتقصير سواء كان ذلك بالتسريحات التى يسمونها تجميل وزينة أو بتغيير لونه عن طريق استعمال ألوان ترش أو تدعك فى الشعر لأن هذه التغيرات هى استجابة لقول الشيطان الذى حكاه الله على لسانه فقال :
" ولآمرنهم فليغيرن خلق الله"
4- غسل ومسح الشعر لتنظيفه سواء فى الوضوء أو فى الاستحمام وهو التطهر من الجنابة كما قال سبحانه :
"يا أيها الذين أمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا"
5- تمشيط الشعر وتسويته وهو من باب عدم إيذاء الناس بالمناظر القبيحة وفيه قال سبحانه:
" وما جعل عليكم فى الدين من حرج"
وكان من الممكن الاستشهاد بقوله :
"خذوا زينتكم على كل مسجد"
ولكنه لا يعنى الزينة بمعنى التجمل
6- عدم نقل الأذى أو المرض والمراد أن الحلاق إذا آتاه أحد يوجد مرض فى رأسه أو أذى كالقمل يجب عليه استعمال أدوات أخرى غير الأدوات العادية منعا لنقل العدوى وهو الحرج من باب قوله سبحانه:
"وما جعل عليكم فى الدين من حرج"
أدوات الحلاقة :
الثابت فى أى دكان للحلاقة هو وجود مرأة ومشط ومقص وموس والموس يطلق حاليا على الآلات المخترعة حيث لا يمكن أن تخلو أى آلة مستحدثة من الموس
وكان الكثير من الحلاقين فى الأيام الماضية يحملون الأدوات الأربعة فى شنطة ويدرون على البيوت لحلاقة شعر الأفراد فى بيوتهم
بعض الحلاقين قد يزيدون مواد إزالة كالنورة التى يسمونها البودرة وقد يزيدون معاجين حلاقة
الحلاق وأصحاب الأمراض والعاهات:
بالطبع الضرورة تحتم على الحلاقين الحلاقة فى الدكاكين وهى المحلات الخاصة بهم والحلاقة فى الدور لبعض الحالات كالمقعدين والمشلولين والعميان وكبار السن الذين لا يتحركون بصورة سليمة
والذهاب إلى أصحاب الأمراض والعاهات فى بيوتهم واجب على الحلاقين من باب التعاون على البر والتقوى وفيه قال سبحانه:
" وتعاونوا على البر والتقوى"
تنظيم الحلاقة :
المفترض فى المجتمع العادل أن تكون الحلاقة منظمة بمعنى :
أن يكون لكل مجموعة من الرجال يوم محدد فى الشهر للحلاقة بحيث لا يتعب الحلاق من كثرة الزبائن فى بعض الأيام وفى أيام أخرى يكون بلا زبائن
هذا التنظيم هو من أجل عدم تضييع وقت الزبائن الذين قد ينتظرون ساعات طويلة لمجىء دورهم فتتكسر أجسامهم من تلك الجلسة ومن أجل عدم إيذاء الحلاق من كثرة الوقوف طوال النهار والليل وهو ما يؤدى لدوالى فى الأرجل فى الغالب
وهذا التنظيم من باب منع الحرج وهو الأذى عن الناس وفيه قال سبحانه:
" وما جعل عليكم فى الدين من حرج"
وقت الحلاقة :
المفترض أن وقت عمل المسلم هو فى النصف الأول من النهار حتى الظهيرة لكونها وقت الراحة بتغيير ملابس العمل بملابس البيت كما قال سبحانه:
" وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة"
ومن ثم تكون الحلاقة فى هذا الوقت إلا أن يكون هناك حالة اضطرارية
ممارسات مرتبطة بالحلاقة :
ارتبطت الحلاقة فى عصرنا وبعض من العصور السابقة بعدة أمور :
1-النميمة والغيبة :
فالحلاق من خلال القعدات الطويلة ومن خلال لفه على البيوت ارتبط بكونه مذيع أخبار القرية أو الحى فهو يسمع فى الدور ما لا يسمعه غيره وهو يسمع شكوى فلان وعلان وهو يحلق لهم
ومن ثم يجب على الحلاق وعلى من يجالسه ألا يتذاكروا أخبار الناس حتى ولو كان أهل البيت المحلوق له ويجب على الحلاق الذى يذهب إلى البيوت أن يحفظ سمعه ونظره
2-شراء الحلاق لمجلات أو صحف مرتبطة بالتسريحات والتبرج وهذا أمر يجب البعد عنه تماما لأنه نشر للمحرمات أو الفواحش فى المجتمع ومن ثم يجب وضع كتب ثقافية بدلا من ذلك كما لا يجب وضع تلفاز لتضييع وقت الناس وشغل الحلاق عن عمله
3-عمل الحلاق بتوزيع ما يسمى بالمثيرات الشهوانية من دهانات وأدوية وخلافه وهو عمل محرم فهذا الأمر أذى له وللناس وهو ليست جهة اختصاص لعلاج الضعف الشهوانى
أمور التصقت بالحلاق :
ارتبط الحلاق فى أذهان العامة بالسقاعة والتلامة ويقصد بالسقاعة البرودة فى التعامل بمعنى أنه يأخذ وقتا طويلا فى العمل والتلامة مثلها وهى من الثلامة وثلامة المقص تعنى أن المقص يكون به عيب يقلل من سرعة الحلاقة ويؤخر الانتهاء منها
وبالطبع ليس كل الحلاقين فيهم تلك العيوب وإنما البعض منهم كما فى أى مهنة أخرى وكما سبق القول عدم تنظيم الحلاقة فى البلدة ككل هو السبب فى معظم العيوب التى تحدث فى دكاكين الحلاقة من الغيبة والنميمة ونشر الاشاعات والفواحش
روايات فى الحلاقة :
هناك عدد من الروايات فى أمور الحلاقة منها :
1- عليكم بالمشط فإنه يذهب بالغم والوباء والفقر "رواه الديلمى فى الفردوس
والغلط أن المشط يذهب الغم والوباء والفقر وهو يعارض أن المغنى هو الله وليس المشط الذى يمشط به كما قال سبحانه "حتى يغنيهم الله من فضله "
والله هو الذى يذهب الوباء بأمره بالذهاب للأطباء للعلاج أو غير هذا وليس المشط
2-لقيت رجلا صحب النبي صلى الله عليه وسلم كما صحبه أبو هريرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمتشط أحدنا كل يوم "رواه الترمذى
والغلط النهى عن التمشيط اليومى للشعر وهو ما يخالف أن التمشيط طبيا مفيد للإنسان فهو يعمل على تنبيه جلد الدماغ ويذهب قبح منظر تفرق الشعر
3-أنه(ص) لا يفارقه المشط في سفر ولا حضر وهى رواية ضعيفة السند كما يقولون وحمل المشط فى السفر خاصة عند الجهاد أمر صعب لأن المجاهد يكون مشغولا بالقتال أو الرصد
4- عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْقَزَعِ قَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ وَهِيَ الْقَزَعَةُ الرُّقْعَةُ فِي الرَّأْسِ (رواه أحمد)
والمعنى صحيح وهو حرمة حلق بعض الرأس وترك البعض الأخر