القعدات العرفية وكتابة الصكوك
الاخوة الذين يقيمون القعدات العرفية دأبوا على أمور ليست من الشرع فى شىء فى الغالب إن لم يكن دائما مع أنهم يستهلون الكلام عن أنهم سيحكمون بحكم الله ورسوله(ص) فهم يطلبون من الخصوم كتابة صكوك أمانة وهو ما يسمى بإيصالات الأمانة أو كتابة شيكات وهى صكوك الدين قبل القعدة
بالطبع هذا الكلام ليس من الإسلام فى شىء فالخصوم لم يودعوا عند القضاة وهو حكام القعدات أمانات حتى يكتبوا تلك الإيصالات والخصوم ليس عليهم ديون للقضاة أو لغيرهم حتى يكتبوا صك دين ومن صوره الشيك
إذا هذا الاختراع بكتابة صك دين هو عصيان لقوله سبحانه:
" يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين فاكتبوه"
والاختراع الأخر وهو كتابة صك أمانة لا وجود له فى الإسلام فالأصل فى الأمانة أنك تعطى فلان أو علان مال محدد القيمة أو المقدار يحفظه عنده على أن يرده لك عندما تطلبه
الأمانة إذا ليس فيها صك أى عقد أو إيصال أو وصل أمانة كما اخترع الناس وهى عملية قائمة على الثقة بين الطرفين حتى ولو كان أحدهم مسلم والأخر نصرانى أو يهودى كما قال سبحانه:
"ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما"
أعرف بالطبع حجة حكام القعدات وهى أن الإلزام المالى يجعل الناس يحجمون عن عدم الالتزام بحكم القعدات وهى ليست حجة لأنه لا يوجد ضمان على أن الصك المالى يمنع من يريد الاعتداء أو من يريد أخذ حقه من رد العدوان الأول كما أنه لا ضمان على أن حكام القعدات العرفية أو الرجل الذى ستوضع عنده الصكوك لن يقوم بعمل حرام ويستغل تلك الصكوك فى عقاب بعضهم أو أخذ مال منه دون أن يكون له حق فيه
المفترض فى المسلمين جميعا أنهم أهل ثقة أهل أمانة كما قال سبحانه:
" والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون"
ومن أجل تلك الثقة لا يوجد أخذ صكوك على أحد من أجل الإلتزام وإنما الأمر هو التزام بالعهود والمواثيق
الاختراع الأخر فى قعدات الصلح تتنازل يا فلان عن كذا من أجل خاطر الحاج فلان وتتنازل يا علان عن كذا مقابل خاطر الحاج أو الشيخ فلان والعفو الذى يسمى التنازل من أجل خاطر فلان أو علان لا وجود له فى الشرع وهو ما نهى القول المشهور :
أتشفع فى حد من حدود الله ؟
فى القضاء القاضى يقول الحكم فإذا كان الحكم فيه اختيارات أخبر القاضى صاحب الحق أن من حقه كذا وكذا فمثلا إن كان جريمة قتل أو جرح فهناك حكم القتل والجرح وهو القصاص وهناك حكم العفو بمقابل مالى وهناك حكم العفو دون مقابل
وليس من حق القاضى أن يطلب من صاحب الحق أن يعفو وإنما يبين له فقط الأحكام مخيرا إياه بينها طالبا منه التمهل قبل اختيار أحدها
بقيت كلمة المفترض فى أى قاضى عرفى أو غير عرفى هو الالتزام بمصالحة المتخاصمين وهم المتقاتلين من المسلمين حسب قوله سبحانه:
"وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التى تبغى حتى تفىء إلى أمر الله فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون"
فالمصالحين هنا شرطهم :
أن يكونوا من غير الفريقين المتخاصمين
أن يسعوا إلى مصالحة الفريقين بأنفسهم فلا ينتظرون ذهاب بعض الفريقين لهما كى يقوموا بالصلح وإنما الفريق المصالح إذا علم بالواقعة يذهب على الفور للفصل بينهما ويطلب من كل منهما الهدوء ويطلب منهما الاجتماع بعد ثلاثة أيام مثلا فى بيته أو بيت غير من الفريق المصالح ويستمعون لكل فريق على حدة ثم يصرفونهم إلى بيوتهم
بعدها يجلس الفريق المصالح مع بعضه للتشاور ثم يطلب حضور الشهود الذين ذكروا فى كلام فريقين ويفتش فى كل شهادة حتى يستقر فى قلب كل منهم صدق الشاهد أو كذبه ثم يحكمون فى كل جزئية ثم يطلبون من الفريقين الحضور لبيت أحد المصالحين وهناك يصدرون الحكم العادل أمام الفريقين وعلى كل فريق تنفيذ الحكم عليه أو له
بالطبع ما أتكلم عنه هو القضاء فالمصالحين لابد أن يكونوا قضاة البلدة وليس أى واحد من بقية المسلمين
بعد ذلك إذا حدث عودة للاعتداء على فريق كان على القاضى أن يأخذ بعض المسلمين لقتال الفريق الباغى فإن عادوا للصلح حكم القضاة فى القضية الجديدة وهى الاعتداء الثانى وأقاموا العدل مرة ثانية